و من خطبة له عليه السّلام يجرى هذا المجرى و هى المأة و الواحدة من المختار فى باب الخطب
و ذلك يوم يجمع اللّه فيه الأوّلين و الآخرين لنقاش الحساب، و جزاء الأعمال، خضوعا قياما، قد ألجمهم العرق، و رجفت بهم الأرض فأحسنهم حالا من وجد لقدميه موضعا، و لنفسه متّسعا.
اللغة
(ناقشته) مناقشة استقصيته في الحساب
الاعراب
خضوعا قياما منصوبان على الحال من مفعول يجمع
المعنى
اعلم أنّ هذه الخطبة الشريفة تجرى مجرى الاخبار عن الملاحم أيضا كالخطبة السّالفة حيث إنها مشتملة على فصلين، و الفصل الثاني منها من هذا القبيل، و أمّا الفصل الأوّل فمتضمّن لبيان بعض أهوال يوم القيامة و شدايدها، و قد مضى الكلام فيها مفصّلا في الفصل الثّالث من فصول الخطبة الثانية و الثمانين و شرحه.
و قال عليه السّلام هنا (و ذلك يوم يجمع اللّه فيه الأوّلين و الآخرين) كما قال تعالى في سورة هود.
ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ. و في سورة الواقعة: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ و انما جمعهم (لنقاش الحساب و جزاء الأعمال) أى ليناقش في حسابهم و يستقصى فيه و يجزى كلّ جزاء عمله، إن خيرا فخيرا و إن شرّا فشرّا.
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ.
(خضوعا قياما) أى خاضعين خاشعين من هول المعاد، قائمين لربّ العباد (قد ألجمهم العرق) أى بلغ محلّ لجامهم من كثرة التزاحم و الاجتماع و شدّة الحرارة قال الطبرسى فى تفسير قوله تعالى: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ.
المعنى يوم يقوم النّاس من قبورهم لأمر ربّ العالمين و لجزائه أو حسابه، و جاء في الحديث انّهم يقومون في رشحهم إلى انصاف آذانهم، و في حديث آخر يقومون حتّى يبلغ الرشح إلى أطراف آذانهم.
و في الحديث عن سليم بن عامر عن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول إذا كان يوم القيامة ادنيت الشمس من العباد حتى تكون الشّمس بقدر ميل أو ميلين، قال سليم فلا أدرى أ مسافة الأرض أو الميل الذي تكحل به العين ثمّ قال صهرتهم الشّمس فيكونون في العرق بقدر أعمالهم، فمنهم من يأخذه إلى عقبه، و منهم من يلجمه إلجاما، قال: فرأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يشير بيده إلى فيه قال يلجمه إلجاما.
(و رجفت بهم الأرض) لعلّه اشارة إلى الرّجفة في النفخة الثّانية على ما اشير إليها فى قوله سبحانه: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها، وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها، وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها، يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها.
(فأحسنهم حالا) فى هذا اليوم (من وجد لقدميه موضعا و لنفسه متّسعا) و هو اشارة إلى شدّة الضيق على النّاس فيه هذا و الفصل الثاني الذى التقطه السيّد (ره).
|