خطبه 30 نهج البلاغه : پاسخ به شايعات دشمن

خطبه 30 نهج البلاغه : پاسخ به شايعات دشمن

موضوع خطبه 30 نهج البلاغه

متن خطبه 30 نهج البلاغه

ترجمه مرحوم فیض

ترجمه مرحوم شهیدی

ترجمه مرحوم خویی

شرح ابن میثم

ترجمه شرح ابن میثم

شرح مرحوم مغنیه

شرح منهاج البراعة خویی

شرح لاهیجی

شرح ابن ابی الحدید

موضوع خطبه 30 نهج البلاغه

پاسخ به شايعات دشمن

متن خطبه 30 نهج البلاغه

لَوْ أَمَرْتُ بِهِ لَكُنْتُ قَاتِلًا أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ لَكُنْتُ نَاصِراً غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ خَذَلَهُ مَنْ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ وَ مَنْ خَذَلَهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ نَصَرَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَ أَنَا جَامِعٌ لَكُمْ أَمْرَهُ اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الْأَثَرَةَ وَ جَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ الْجَزَعَ وَ لِلَّهِ حُكْمٌ وَاقِعٌ فِي الْمُسْتَأْثِرِ وَ الْجَازِعِ

ترجمه مرحوم فیض

30- از سخنان آن حضرت عليه السّلام است در باره كشتن عثمان:

(1) اگر به كشتن او امر داده بودم هر آينه كشنده او بودم، و اگر جلوگيرى كرده بودم هر آينه ياورش بودم (پس كشندگان او در اين باب با من شور نكردند تا آنان را امر يا نهى كرده باشم) (2) ليكن (مى دانم) كسيكه يارى كرد او را (مروان ابن حكم و جمعى از بنى اميّه) نمى تواند بگويد: من بهترم از كسيكه خوار كرد (يارى ننمود) او را، و كسيكه خوار كرد او را (گروهى از مهاجرين و انصار) نمى تواند بگويد: يارى نمود او را كسيكه از من بهتر است (غرض حضرت در اينجا نكوهش عثمان است) (3) پس من اكنون سبب كشته شدن او را (بطور اختصار) براى شما بيان ميكنم: عثمان خلافت را براى خود اختيار كرد و در آن استبداد بخرج داده خود سرى نمود (بى مشورت و ملاحظه رضاى امّت هر كارى مى خواست انجام مى داد) پس بد كرد كه چنين امرى را اختيار نموده و در آن استبداد بكار برد، و شما (از ظلم و جور او) بى تابى مى كرديد (شكيبائى نمى نموديد و باين جهت او را بقتل رسانيديد) پس شما هم در اين بيتابى بد كرديد (بايستى صبر مى نموديد تا اين امر به هموارى به اصلاح مى آمد و يا از دور او متفرّق مى شديد تا حقّ به صاحبش بر مى گشت) (4) و خداى را حكم ثابتست در باره كسيكه استبداد بخرج داده خود سرى نموده و كسيكه در كشتن او بيتابى كرده است (خداوند در روز قيامت ميان ايشان حكم خواهد فرمود و هر يك را باندازه جرم و تقصيرش كيفر خواهد داد).

ترجمه مرحوم شهیدی

30 و از سخنان آن حضرت است در باره كشتن عثمان

اگر كشتن عثمان را فرمان داده بودم قاتل مى بودم. و اگر- مردمان را- از قتل وى بازداشته بودم، يارى او كرده بودم. ليكن جز اين نيست: آن كه او را يارى كرد، نتواند گفت من از آن كه او را خوار گذارد بهترم، و آن كه او را خوار گذارد، نتواند گفت آن كه او را يارى كرد، از من بهتر است، در كوتاه سخن روش او را براى شما بگويم: بى مشورت ديگران به كار پرداخت، و كارها را تباه ساخت، شما با او به سر نبرديد، و كار را از اندازه به در برديد. خدا را حكمى است كه دگرگونى نپذيرد، و دامن خودخواه و ناشكيبا را بگيرد.

ترجمه مرحوم خویی

از جمله كلام بلاغت نظام آن امام عاليمقامست در معنى قتل عثمان و اظهار تبرى خود از مداخله آن مى فرمايد.

اگر امر مى كردم بقتل او هر آينه قاتل او مى شدم، و اگر نهى مى كردم از قتل او هر آينه ناصر مى شدم إلّا اين كه كسى كه نصرة نمود او را نمى تواند كه گويد خار نمود او را كسى كه من بهترم از او، و كسى كه خار نمود او را نمى تواند كه گويد يارى نمود او را كسى كه او بهتر است از من، و من بيان كننده ام به لفظ مختصر كار او را، سر خود نمود او امور عظيمه را بى مشاورت ديگران، پس بد نمود آن استقلال برأى را، و بيصبرى كرديد پس بد كرديد شما در بى صبرى، و مر خداوند راست حكم عدلى كه واقع مى شود در روز قيامت در حق مستقل برأى و در حق بى صبرى كننده، يعنى جزاى عملي كه شد از خطا يا صواب بصاحب عمل خواهد رسيد.

شرح ابن میثم

29- و من كلام له عليه السّلام فى معنى قتل عثمان

لَوْ أَمَرْتُ بِهِ لَكُنْتُ قَاتِلًا- أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ لَكُنْتُ نَاصِراً- غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ خَذَلَهُ مَنْ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ- وَ مَنْ خَذَلَهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ نَصَرَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي- وَ أَنَا جَامِعٌ لَكُمْ أَمْرَهُ اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الْأَثَرَةَ- وَ جَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ الْجَزَعَ- وَ لِلَّهِ حُكْمٌ وَاقِعٌ فِي الْمُسْتَأْثِرِ وَ الْجَازِعِ

اللغة

أقول: المستأثر بالشي ء: المستبدّ به

المعنى

و مقتضى هذا الفصل تبرّؤه عليه السّلام من الدخول في دم عثمان بأمر أو نهى كما نسبه إليه معاوية و غيره. و قوله: لو أمرت به لكنت قاتلا. قضيّة شرطيّة بيّن فيها لزوم كونه قاتلا لكونه آمرا. و هذا اللزوم عرّفي. إذ يقال في العرف للآمر بالقتل قاتل. و الآمر شريك الفاعل و إن كان القاتل في اللغة هو المباشر للفعل و الّذي صدر عنه. و كذلك بيّن في قوله: أو نهيت عنه لكنت ناصرا لزوم كونه ناصرا لكونه ناهيا. و هو ظاهر، و قد عرفت أنّ استثناء نقيض اللازم يستلزم نقيض الملزوم، و اللازمان في هاتين القضيّتين هما القتل و النصرة، و معلوم أنّ القتل لم يوجد منه عليه السّلام بالاتّفاق فإنّ غاية ما يقول الخصم أنّ قعوده عن نصرته دليل على إرادته لقتله. و ذلك باطل. لأنّ القعود عن النصرة قد يكون لأسباب اخرى كما سنبيّنه. ثمّ لو سلّمنا أنّ القعود عن النصرة دليل إرادة القتل لكن إرادة القتل ليس بقتل. فإنّ كلّ أحد يحبّ قتل خصمه لكن لا يكون بذلك قاتلا. و كذلك ظاهر كلامه يقتضى أنّ النصرة لم توجد منه، و إذا انتقى اللازمان استلزم نفى أمره بقتله و نهيه عنه. و يحتمل أن يريد في القضيّة الثانية استثناء عين مقدّمها لينتج تاليها: أى لكنّى نهيت عنه فكنت ناصرا. لا يقال: لا يخلو إمّا أن يكون مرتكب المنكر هو عثمان أو قاتليه و على التقديرين فيجب على عليّ عليه السّلام القيام و الإنكار إمّا على عثمان بالمساعدة عليه إن كان هو مرتكب المنكر، أو على قاتليه بالإنكار عليهم و نصرته. فقعوده عن أحد الأمرين يستلزم الخطأ، لكنّه لم يخطأ فلم يكن تاركا لأحد الأمرين.

فلا يثبت التبرّء. و الجواب البرى ء من العصبيّة في هذا الموضع: أنّ عثمان أحدث امورا نقمها جمهور الصحابة عليه، و قاتلوه أحدثوا حدثا يجب إنكاره: أمّا أحداث عثمان فلم ينته في نظر على عليه السّلام إلى حدّ يستحقّ بها القتل و إنّما استحقّ في نظره أن ينبّهه عليها. فلذلك ورد في النقل أنّه أنكرها عليه و حذّره من الناس غير مرّة كما سيجي ء في كلامه عليه السّلام. فإن صحّ ذلك النقل ثبت أنّه أنكر عليه ما أحدثه لكنّه لا يكون بذلك داخلا في دمه لاحتمال أنّه لمّا حذّره الناس و لم ينته اعتزله. و إن لم يثبت ذلك النقل فالإنكار ليس من فروض الأعيان بل هو من فروض الكفايات إذا قام به البعض سقط عن الباقين، و قد ثبت أنّ جمهور الصحابة أنكروا تلك الأحداث من عثمان فلا يتعيّن وجوب الإنكار على عليّ عليه السّلام، و أمّا حدث قاتليه فهو قتله. فإن ثبت أنّه عليه السّلام ما أنكر عليهم. قلنا: إنّ من جملة شروط إنكار المنكرات أن يعلم المنكر أو يغلب على ظنّه قبول قوله، أو تمكّنه من الدفع بيده فلعلّه عليه السّلام علم من حالهم أنّه لا يفيد إنكاره معهم. و ظاهر أنّ الأمر كان كذلك: أمّا عدم فائدة إنكاره بالقول معهم فلأنّه نقل عنه عليه السّلام أنّه كان يعد الناس بإصلاح الحال بينهم و بين عثمان و إزالته عمّا نقموه عليه و تكرّر منه وعده لهم بذلك و لم يتمكّن منه، و ظاهر أنّهم بعد تلك المواعيد لا يلتفتون إلى قوله، و أمّا إنكاره بيده فمعلوم بالضرورة أنّ الإنسان الواحد أو العشرة لا يمكنهم دفع الجمع العظيم من عوامّ العرب و دعاتهم خصوصا عن طباع ثارت و تألّفت و جمعها أشدّ جامع و هو ما نسبوه إليه حقّا و باطلا. ثمّ من المحتمل من تفرّقه مال المسلمين الّذي هو قوام حياتهم سواء كان ما نسبوه إليه حقّا أم لا أن يكون قد غلب على ظنّه أنّه لو قام في نصرته لقتل معه و لا يجوز للإنسان أن يعرض نفسه للأذى و القتل في دفع بعض المنكرات الجزئيّة. و أمّا إن ثبت أنّه أنكر عليهم كما نقلنا حملنا ذلك النهى على نهيه لهم حال اجتماعهم لقتله قبل حال قتله، و قوله: و لو نهيت عنه لكنت ناصرا. على عدم المنع من قتله حال قتله لعدم تمكّنه من ذلك و عدم إفادة قوله. قال بعض الشارحين: هذا الكلام بظاهره يقتضى أنّه ما أمر بقتله و لا نهى عنه. فيكون دمه عنده في حكم الامور المباحة الّتي لا يؤمر بها و لا ينهى عنها. قلت: هذا سهو لأنّ التبرّء من الأمر بالشى ء و النهى عنه غاية ما يفهم منه عدم الدخول فيه و السكوت عنه و لا يلزم من ذلك الحكم بأنّه من الامور المباحة لاحتمال أنّ اعتزاله هذا الأمر كان لأحد ما ذكرناه. و بالجملة فإنّ أهل التحقيق متّفقون على أنّ السكوت على الأمر لا يدلّ على حال الساكت بمجرّده و إن دلّ بقرينة اخرى.

و ممّا يدلّ على أنّه كان متبرّئا من الدخول في دم عثمان بأمر أو نهى ما نقل عنه لمّا سئل: أساءك قتل عثمان أم سرّك فقال: ما ساءنى و لا سرّنى. و قيل: أرضيت بقتله فقال: لم أرض. فقيل: أسخطت قتله. فقال: لم أسخط. و هذا كلّه كلام حقّ يستلزم عدم التعرّض بأمره فإنّ من أعرض عن شي ء و لم يدخل فيه يصدق أن يقول: إنّي لم أسخط به و لم أرض و لم أسأ به و لم أسرّ، فإنّ السخط و الرضا و الإساءة و السرور حالات تتوارد على النفس بأسباب تتعلّق بها فخالع تلك الأسباب عن نفسه في أمر من الامور كيف يعرض له أحد هذه الحالات فيه. فإن قلت: إن كان قتل عثمان منكرا كان مستلزما لسخطه عليه السّلام و مساءته منه و قد نقل عنه أنّه لم يسخط له و ذلك يقتضى أحد الأمرين: أحدهما أنّه عليه السّلام لا يسخط للمنكر و هو باطل بالاتّفاق، و الثاني أن قتل عثمان لم يكن عنده منكرا، و التقدير أنّه منكر.

قلت: إنّ قتل عثمان يستلزم سخطة لكن لا من حيث إنّه قتل عثمان بل من جهة كونه منكرا، و المنقول أنّه لم يسخط لقتل عثمان و لا سائه ذلك أى من جهة كونه قتل عثمان و ذلك لا ينافي أن يسوئه و يسخطه من جهة كونه منكرا. و في الجواب غموض. فليتفّطن. و لأجل اشتباه الحال خبط الجهّال. و فيها يقول شاعر أهل الشام:و ما في عليّ لمستعتبمقال سوى صحبة المحدثيناو ايثاره اليوم أهل الذنوب و رفع القصاص عن القاتليناإذا سئل عنه حدا شبهةو عمّى الجواب على السائليناو ليس براض و لا ساخطو لا في النهاة و لا الآمريناو لا هو سائه و لا [هو] سرّهو لا بدّ من بعض ذا أن يكونا

فأمّا تفصيل الاعتراضات و الأجوبة في معنى قتل عثمان و ما نسب إلى علىّ عليه السّلام من ذلك فمبسوط في كتب المتكلّمين كالقاضى عبد الجبّار و أبى الحسين البصريّ و السيّد المرتضى و غيرهم فلا نطول بذكرها، و ربّما أشرنا إلى شي ء من ذلك فيما بعد.

و قوله: غير أنّ من نصره لا يستطيع. إلى قوله: خير منّي. فأعلم أنّ هذا الفصل ذكره عليه السّلام جوابا لبعض من أنكر بحضرته قعود من قعد عن نصرة عثمان و جعلهم منشأ الفتنة، و قال: إنّهم لو نصروه و هم أكابر الصحابة لما اجترى ء عليه طغام الامّة و جهّالها، و إن كانوا رأوا أنّ قتله و قتاله هو الحقّ فقد كان يتعيّن عليهم أن يعرّفوا الناس ذلك حتّى يرتفع عنهم الشبهة، و فهم عليه السّلام أنّ القائل يعنيه بذلك. فأجابه بهذا الكلام تلويحا لا تصريحا. إذ كان في محلّ يلزمه التوقّى. فقرّر أوّلا أنّه ما أمر في ذلك بأمر و لا نهى ثمّ عاد إلى الاستثناء فقرّرها في هاتين القضيّتين: إنّ الّذين خذلوه كانوا أفضل من الناصرين له إذ لا يستطيع ناصروه كمروان و أشباهه أن يفضّلوا أنفسهم على خاذليه كعلىّ عليه السّلام بزعم المنكر و كطلحة و سائر أكابر الصحابة إذا العقل و العرف يشهد بأفضليّتهم، و كذلك لا يستطيع الخاذلون أن يفضّلوا الناصرين على أنفسهم اللّهمّ إلّا على سبيل التواضع. و ليس الكلام فيه. فكأنّه عليه السّلام سلّم تسليم جدل أنّه دخل في أمر عثمان و كان من الخاذلين له.

ثمّ أخذ في الردّ على المنكر بوجه آخر فقال: غير أنّى لو سلّمت أنّى ممّن خذله لكنّ الخاذلون له أفضل من الناصرين و أثبت المقدّمة بهاتين القضيّتين و حذف التالية للعلم بها، و تقديرها: و الأفضل يجب على من عداه اتّباعه و الاقتداء به، فينتج هذا القياس أنّه كان يتعيّن على من نصره أن يتبع من خذله. و هذا عكس اعتقاد المنكر. و قال بعض النقّاد: إنّ هذه كلمة قرشيّة، و أراد بذلك أنّه عمّى على الناس في كلامه. قال: و لم يرد التبرّء من أمره. و إنّما أراد أنّ الخاذلين لا يلحقهم المفضوليّة بكونهم خاذلين له، و إنّ الناصرين له لا يلحقهم الأفضليّة بنصرته. و الّذي ذكره بعيد الفهم من هذا الكلام. و يمكن أن يحمل على وجه آخر و ذلك أنّه إنّما قرّر أفضليّة الخاذلين على الناصرين ليسلم هو من التخصيص باللائمة في القعود عن النصرة فكأنّه قال: و إذا كان الخاذلون له أفضل ممّن نصره. تعيّن عليهم السؤال عن التخلّف، و أن يستشهد عليهم بحال الناصرين له مع كونهم مفضولين. فلم خصّصت باللائمة من بينهم و المطالبة بدمه لو لا الأغراض الفاسدة. و قوله: و أنا جامع لكم أمره. إلى قوله: الأثرة. أشار عليه السّلام في هذا اللفظ الوجيز إجمالا إلى أنّ كلّ واحد. من عثمان و قاتليه كانا على طرف الإفراط من فضيلة العدالة: أمّا عثمان فاستيثاره و استبداده برأيه فيما الامّة شركاء فيه و الخروج في ذلك إلى حدّ الإفراط الّذي فسد معه نظام الخلافة عليه و أدّى إلى قتله، و أمّا قاتلوه فلخروجهم في الجزع من فعله إلى طرف التفريط عمّا كان ينبغي لهم من التثبّت و انتظار صلاح الحال بينهم و بينه بدون القتل، حتّى استلزم ذلك الجزع ارتكابهم لرذيلة الجور في قتله. فلذلك كان فعله إساءة للاستيثار، و فعلهم إساءة للجزع، و قيل: أراد أنّكم أسأتم الجزع عليه بعد القتل. و قد كان ينبغي منكم ذلك الجزع له قبل قتله و قوله: و للّه حكم واقع في المستأثر و الجازع. المفهوم من ذلك أنّه يريد بالحكم الواقع للّه في المستأثر هو الحكم المقدّر اللاحق لعثمان بالقتل المكتوب بقلم القضاء الإلهىّ في اللوح المحفوظ، و في الجازغ هو الحكم اللاحق لقاتليه من كونهم قاتلين، أو قالين و جازعين. و في نسبة هذه الأحكام إلى اللّه تنبيه على تبرّئه من الدخول في أمر عثمان و قاتليه بعد الإشارة إلى السبب المعدّ لوقوعها في حقّهم و هو الاسائه في الاستيثار و الجزع، و يحتمل أن يريد الحكم في الآخرة اللاحق للكلّ: من ثواب أو عقاب عمّا ارتكبه. و باللّه التوفيق و العصمة.

ترجمه شرح ابن میثم

29- از گفتار آن حضرت است پيرامون كشته شدن عثمان

لَوْ أَمَرْتُ بِهِ لَكُنْتُ قَاتِلًا- أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ لَكُنْتُ نَاصِراً- غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ خَذَلَهُ مَنْ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ- وَ مَنْ خَذَلَهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ نَصَرَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي- وَ أَنَا جَامِعٌ لَكُمْ أَمْرَهُ اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الْأَثَرَةَ- وَ جَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ الْجَزَعَ- وَ لِلَّهِ حُكْمٌ وَاقِعٌ فِي الْمُسْتَأْثِرِ وَ الْجَازِعِ

ترجمه

«در ردّ تهمت معاويه كه على (ع) قاتل عثمان است، فرموده اند: اگر من فرمان به كشتن عثمان داده باشم، قاتل اويم و اگر مردم را از كشتن وى باز داشته باشم ياور او به شمار مى آيم. البتّه آن كه عثمان را يارى كرده، نمى تواند ادعا كند كه از قاتل عثمان بهتر است، و آن كه از يارى او خوددارى كرده نمى تواند بگويد كه يارى كننده عثمان از وى بهتر است.

من جريان كار او را به سخنى جامع براى شما توضيح مى دهم عثمان مردى خود رأى بود، و بر مردم ستم روا داشت، و شما نيز از ستم او به تنگ آمديد، بيتابى كرديد و بر او شوريديد، و [البته ] بد كرديد كه او را كشتيد.

براى خداوند حكمى است، كه بر ستمگر مستبد، و بيتابى كننده كم صبر در قيامت جارى گردد»

شرح

«از گفتار آن حضرت پيرامون تهمت و افتراى معاويه، كه نسبت به آن بزرگوار شايع كرده بود، كه على (ع) فرمان قتل عثمان را صادر كرده، آورده شده است.»

واژه «المستأثير بالشى ء»

به معنى استبداد كردن نسبت به چيزى است.

محتواى اين فراز از سخن امير مؤمنان (ع) بركنار بودن آن حضرت از دخالت داشتن در خون عثمان است. بدين توضيح كه نسبت به كشته شدن عثمان، امر و نهيى- چنان كه معاويه و ديگران ادّعا كرده اند- نداشته است.

اين جمله از بيان حضرت كه: لو أمرت به لكنت قاتلا

«اگر فرمان كشتن عثمان را داده بودم قاتل او بودم» بصورت قضيّه شرطيّه بيّن اللّزوم آمده، بدين توضيح كه اگر امر كننده باين كار بودم لزوما قاتل بودم. اين لزومى است كه عرف مردم مى فهمند، چنان كه بفرمان دهنده قتل كسى، قاتل مى گويند. امر كننده، شريك جرم انجام دهنده است هر چند در لغت قاتل به كسى گفته مى شود كه قتل را صورت داده است و كشتن را به عهده داشته است.

عبارت: لو نهيت لكنت ناصرا،

«اگر از كشتن عثمان مردم را باز مى داشتم، ياور او به شمار مى آمدم» نيز به صورت قضيّه شرطيّه لزوميّه ذكر شده است. نهى از كارى لزوما به معناى ياور بودن و حمايت كردن است. اين حقيقت در عرف مردم چنان روشن است كه نيازى به توضيح ندارد.

در شرح بيانات پيشين امام (ع) روشن شد كه استثناء نقيض لازم با نقيض ملزوم ملازمه دارد«» در كلام حضرت لازم دو قضيّه امر نكرده، تا قاتل باشد و نهى نكرده تا ياور عثمان به حساب آيد- كشتن و يارى كردن- استثنا شده پس ملزوم اين دو كه امر و نهى كردن باشد از ناحيه آن بزرگوار مستثناست. يعنى امام (ع) كه به اتّفاق مسلمانان قاتل نبوده، پس در باره اين موضوع خطبه 30 نهج البلاغه هم امرى نكرده است [يارى آشكار عثمان را جز نصايح ارشادى نداشته، پس مردم را نهى نكرده است ].

نهايت چيزى كه دشمن در اين مورد بگويد اين است كه: آن بزرگوار كناره گيرى كرده و اين به معنى اراده بر قتل عثمان بوده است.

چنين ادّعايى باطل و بيهوده است، زيرا كناره گيرى گاهى به دليل ديگرى است كه بعدا توضيح خواهيم داد. بر فرض كه كناره گيرى، اراده بر كشتن باشد، اراده بر كشتن، كشتن به حساب نمى آيد، چه اين كه هر دشمنى كشته شدن خصم خود را دوست دارد، ولى به صرف چنين اراده اى به وى قاتل نمى گويند.

ظاهر سخن حضرت اين است، كه يارى نكرده، و هر گاه دو لازم كه كشتن و يارى كردن باشد از ناحيه آن بزرگوار منتفى شد، امر و نهيى كه ملزوم آن دو لازم باشد، نيز منتفى است.

[اين توضيح بنا بر اين احتمال بود كه، نقيض دو لازم در عبارت امام (ع) استثنا شده باشد، يعنى اگر قاتل نباشم، كه نيستم امر هم نكرده ام، و اگر يارى نكرده باشم كه نكرده ام، پس نهى كننده نيز نيستم ] احتمال ديگرى در بيان امام (ع) داده شده است، و آن اين كه در عبارت دوّم: و لو نهيت لكنت ناصرا «اگر مردم را نهى مى كردم همدست و ياور عثمان به حساب مى آمدم» مقدّم استثنا شده باشد (ولى شورشيان را نهى كردم) تا لازم قضيّه را كه تالى است نتيجه بدهد بدينسان: «ولى شورشيان را نهى كردم، پس در حقيقت او را يارى كردم» [بر خلاف ادّعاى معاويه كه يارى عثمان نكرده ام ].

اعتراض نشود كه، انجام دهنده منكر يا عثمان، و يا كشندگان وى بوده اند به هر صورت واجب بود كه امام (ع) بپاخيزد، عثمان را از انجام منكرات باز دارد، اگر وى راه خلاف مى رفته است و يا كشندگان عثمان را از قتل، باز مى داشت اگر آنها راه، خلاف مى رفته اند. پس كناره گيرى آن حضرت، از انجام يكى از دو كار سبب خطا و اشتباه است، و چون امام (ع) خطا نمى كند، ناگزير يكى از دو كار را انجام داده، بنا بر اين ترك كننده يكى از دو كار نبوده، بدين دليل از گناه تبرئه نمى شود.

پاسخ چنين اعتراضى در بركنارى امام (ع) از گناه و عصبيّت در اين مورد اين است كه: عثمان امورى را در جامعه اسلامى به وجود آورد كه موجب خشم و غضب تمام صحابه شد. مردم نيز بر او شوريدند و وى را به قتل رساندند. البته مردم هم كار بدى انجام دادند، كه بايد جلوگيرى مى شد. بدين توضيح، عثمان، و شورشيان بر او، به نسبت، هر دو طرف مرتكب خلاف شدند. سنّتهاى بدى كه عثمان به وجود آورده بود، در نظر امام (ع) مجازات قتل را نداشت، و لازم بود، به عثمان تذكّر داده شود. بدين سبب چنان كه از روايت استفاده مى شود، حضرت، زشتى آن سنّتها و كارهاى نابجا را به عثمان اعلام داشت، و چندين بار (چنان كه در سخن امام (ع) خواهد آمد) از شورش مردم او را بيم داد. اگر اين روايت صحيح باشد. ثابت مى شود كه آن بزرگوار از سنّتهاى ايجاد شده به وسيله عثمان، ناخوشنود بوده، و به وى اعتراض مى كرده است. ولى اين اعتراض و ارشاد، دليل نمى شود، كه در قتل عثمان دخالت داشته باشد، بضرورت اين احتمال به نظر مى رسد كه عثمان را از شورش بر حذر داشته، و چون باصطلاح گوش عثمان بدهكار نبوده، حضرت او را به خود واگذاشته است و اگر اين روايت صحيح نباشد عثمان را امر بمعروف كردن واجب كفايى بوده و نه عينى، و چون تعداد زيادى از صحابه، عثمان را از انجام منكرات، بيم داده بودند لازم نبود كه شخصا امام (ع) عثمان را بر حذر داشته باشد.

در مورد كار ناپسند صحابه، و ايجاد سنّت غلط خليفه كشى آنان، اگر ثابت شود كه حضرت صحابه را از اين كار بد، باز نداشته است، مى گوييم: از شرايط نهى از منكر اين است كه نهى كننده علم و يا گمان قطعى داشته باشد، كه سخنش مورد قبول واقع مى شود، و يا قدرت داشته باشد كه انجام دهنده منكر را بزور از كار بد، باز دارد. شايد امام (ع) آگاه بوده است كه صحابه را نهى از منكر كردن در اين جريان مؤثر نيست، ظاهرا چنين نيز بوده است.

در مورد بى فايده بودن نهى صحابه و بازدارى آنان از شورش، چنان كه از آن حضرت روايت شده است. امام (ع) به مردم قول داده بود كه بين آنها و عثمان، آشتى برقرار كند، و اسباب نگرانى صحابه از رفتار عثمان را از ميان ببرد، با وجود اين كه، اين وعده چندين بار تكرار شده بود، نتوانست نقار و اختلاف را برطرف كند. روشن است كه صحابه بعد از آن همه وعده و انجام نگرفتن كار، توجّهى به فرمايش آن حضرت نمى كردند در باره اين كه چرا حضرت با زور از قتل عثمان جلوگيرى نكرد، پر واضح است كه يك نفر و يا حتّى ده نفر نمى توانستند چنين شورش بزرگى را جلو گيرند، چه رسد به يك فرد، آن هم رجّاله عرب و افرادى كه براى اين منظور فرا خوانده شده بودند. بويژه كه تفكرات گوناگونى در هم آميخته و شورش بزرگى را پديد آورده بود. بديهى است كه هم حق و هم باطل را به عثمان نسبت مى دادند.

در اين باره احتمال ديگرى نيز بود، و آن اين كه عثمان بيت المال مسلمانان را كه جانمايه و زندگى آنان بود به اقوام خود بخشيده بود. جدا از آنچه شورشيان حق يا باطل، به عثمان نسبت مى دادند حيف و ميل اموال مسلمانان واقعيت بود.

بعلاوه امام (ع) گمان قطعى داشت، كه اگر به يارى عثمان برخيزد، چون او، و با او كشته خواهد شد. براى هيچ انسانى جايز نيست كه خود را در معرض هلاكت و نابودى قرار دهد، بدين دليل كه مى خواهد از پاره اى منكرات جزئى جلوگيرى كند.

اگر ثابت شود كه آن حضرت مردم را از كشتن عثمان نهى كرده است. بايد گفت اين نهى پيش از قتل عثمان، در اوّلين مرحله شورش و اجتماع آنها بوده، و جمله لو نهيت لكنت ناصرا در هنگام به نهايت رسيدن شورش و قتل عثمان بوده است كه نهى نكرده، زيرا، نه قدرت برچينى نهيى داشته، و نه، نهى بدين هنگام فايده اى داشته است.

بعضى از شارحان گفته اند، ظاهر سخن حضرت «ع» كه نه امر بكشتن عثمان و نه، نهى از آن كرده، دلالت دارد كه قتل عثمان در نزد آن بزرگوار، از امور مباح بوده است، كه نه امر به مباح و نه نهى از آن مى شود. اين استدلال شارحان اشتباه است. زيرا نهايت چيزى كه از بركنارى آن حضرت، از امر و نهى كردن، در اين باره فهميده مى شود، دخالت نكردن در اين موضوع خطبه 30 نهج البلاغه و سكوت در آن باره است، و اين سبب نمى گردد كه حكم به مباح بودن قتل عثمان در نزد آن بزرگوار شود بلكه احتمال دارد كناره گيرى امام (ع) به يكى از وجوه ياد شده بوده باشد.

خلاصه سخن در اين مورد اين كه محقّقان اتّفاق نظر دارند، كه سكوت در باره موضوع خطبه 30 نهج البلاغهى، دليل نوع سكوت، سكوت كننده نيست هر چند با قرينه بتوان نوع سكوت را فهميد.

از چيزهايى كه بر دورى جستن آن حضرت از امر و نهى در باره قتل عثمان دلالت دارد روايتى است كه از وى نقل شده است. وقتى كه از امام (ع) سؤال شد، كشته شدن عثمان، سبب خوشحالى شما شد يا ناراحتى شما فرمود: نه خوشحال شدم و نه ناراحت عرض شد آيا بر كشتن عثمان رضايت داشتيد فرمود رضايت نداشتم. به عرض رسيد كه كشته شدن عثمان شما را خشمگين ساخت فرمود: غضبناك نشدم. تمام اين فرمايشات، بيان كننده اين حقيقت است كه آن بزرگوار، دخالتى در امر و نهى اين موضوع خطبه 30 نهج البلاغه نداشته، و كسى كه در موضوع خطبه 30 نهج البلاغهى دخالت نداشته و از آن كناره گيرى كند، بجاست كه بگويد: از آن خشمناك نشدم، راضى نبودم، ناراحت و خوشحال نگرديدم، زيرا خشم و رضا، بدحالى و خوشحالى، حالتهاى نفسانى هستند و به اسبابى كه وابستگى نفسانى دارند مربوط مى گردند، هنگامى كه اين اسباب در موضوع خطبه 30 نهج البلاغهى جداى از نفس باشند چگونه، بر نفس عارض مى شوند.

در باره پاسخ امير مؤمنان (ع) به سؤالهاى فوق اشكال شده است، كه اگر كشته شدن عثمان كار زشتى بوده لازمه آن خشم و ناراحتى آن بزرگوار است، با اين كه طبق روايت حضرت در اين مورد خشمگين نشده اند. غضبناك نشدن ايشان، به دو صورت زير مى تواند باشد: 1- امام (ع) بر امر زشت و منكر خشمگين نشده باشد و اين تصور به اتفاق نظر باطل است.

2- كشته شدن عثمان در نزد آن حضرت امر منكر و زشتى نبوده به همين جهت از قتل وى غضبناك نگرديده است. ولى فرض بر اين است كه كشته شدن عثمان به يقين منكر بوده و مورد رضايت امام نبوده است.

جواب اين اشكال اين است كه كشته شدن عثمان سبب خشم و غضب آن حضرت گرديد ولى نه از آن جهت كه قتل عثمان بود، بلكه از آن نظر كه كار زشت و منكرى صورت گرفته است مثلا به لحاظ كيفيت قتل و آب ندادن و جز اينها و اين كه در روايت آمده بود كه براى قتل عثمان ناراحت نشده است، با خشمگين شدن امام (ع) به لحاظ وقوع منكرى منافات ندارد [به نظر شارح بزرگوار] اين جواب پيچيدگى خاصى دارد و لازم است دقت بيشترى در مورد جواب صورت گيرد«». به دليل همين ظرافت خاص، نادانان موضوع خطبه 30 نهج البلاغه را اشتباه فهميده اند لذا در اين باره شاعرى از مردم شام چنين سروده است:

  • و ما فى على لمستعتبمقال سوى صحبه المحدثينا«»
  • و ايثاره اليوم اهل الذنوبو رفع القصاص عن القاتلينا
  • اذا سئل عنه حد اشبهةو عمّى الجواب عن السائلينا
  • و ليس براض و لا ساخطو لا فى النهاة و لا الآمرينا
  • و لا هو سائه و لا [هو] سرّهو لا بدّ من بعض ذا ان يكونا

شرح اعتراضها و جواب آنها در باره كشته شدن عثمان و آنچه كه در اين باره به امام (ع) نسبت داده شده است، در نوشتار متكلمانى چون قاضى عبد الجبّار معتزلى و ابى الحسين بصرى و سيد مرتضى و جز اينها بطور گسترده نقل شده است. بنا بر اين ما سخن را در اين باره طولانى نمى كنيم و در آينده به پاره اى از آنها اشاره خواهيم كرد.

فرمايش: غير انّ من نصر... خير منى،

در جواب اشكالى آورده شده است.

در اين فراز حضرت به اعتراض شخصى پاسخ مى دهد كه در حضور آن جناب اشكال كرد و، كسانى را كه از يارى عثمان خوددارى كردند عامل اصلى آشوب طلبى معرفى مى كرد: اگر آنها عثمان را يارى مى كردند با توجّه به اين كه بزرگان صحابه بودند، ستمگران و نادانان و رجالّه ها، بر كشتن عثمان جرأت نمى يافتند. و اگر هم كشتن عثمان را حق مى دانستند، لازم بود كه اين حقيقت را به مردم مى گفتند، تا در اين باره شبه اى براى خلق پيش نيايد.

امام (ع) به ذكاوت دريافت كه منظور اشكال كننده خود حضرت است، ولى چون جاى جواب صريح نبود، طىّ دو جمله به طور ضمن جواب داد.

در آغاز فرمود كه در باره كشتن عثمان نه امر كرده اند و نه نهى، سپس استثناى دوّمى را در دو جمله مى آورد و بيان مى دارد: آنان كه عثمان را يارى نكردند. از كمك كنندگان عثمان با فضيلت تر بودند، زيرا يارى دهندگان او مروان حكم و امثال او بودند ولى واگذار كنندگان عثمان به نظر اشكال كننده على (ع)، طلحه و بزرگانى از صحابه بودند البتّه فضيلت على (ع) و بزرگانى از صحابه، بر مروان حكم و مانند او روشن است، عقل و عرف نيز بر اين فضيلت و برترى گواهى مى دهد.

امّا اين عبارت حضرت كه واگذار كنندگان عثمان قدرت نداشتند يارى دهندگان او را بر خود فضيلت دهند به صورت تواضع و فروتنى ادا شده است و اين گفته امام (ع) موضوع خطبه 30 نهج البلاغه اشكال اعتراض كننده نيست، بلكه منظور از اين فرمايش گويا قضيّه جدلى باشد، بدين معنى، كه حضرت دخالت در قتل عثمان را به صورت فردى كناره گير قبول كرده، و اشكال اعتراض كننده را بگونه اى ديگر رد كرده است.

و فرموده است بر فرض كه من جزو واگذار كنندگان عثمان باشم، چنان كه پندار شما است، اشكالى نيست، زيرا واگذار كنندگان عثمان، بر يارى كنندگان وى برترى داشتند.

حضرت اين موضوع خطبه 30 نهج البلاغه را با مقدّمه دو قضيّه قسمت مقدّم فضيلت واگذار كنندگان و عدم فضيلت يارى دهندگان ثابت كرده و فهميدن مقدّمه دوم يا تالى را كه كدام گروه مورد ملامت و سرزنش بوده و بايد از گروه ديگر تبعيّت نمايند به دليل روشن بودن و علم شنونده، بر عهده وى گذاشته است. بدين شرح كه غير فاضل بايد از افضل پيروى و به وى اقتدا كند. از اين قياس بخوبى فهميده مى شود كه يارى كنندگان عثمان مى بايست از واگذار كنندگان وى پيروى مى كردند. بر خلاف عقيده اشكال كننده، كه وى معتقد بود، واگذار كنندگان بايد، از يارى دهندگان حمايت مى كردند.

يكى از محقّقان عقيده دارد كه اين بيان حضرت اصطلاح ويژه قبيله قريش است. با اين عبارت مى خواسته است مطلب را سر بسته و غير صريح بيان كند. از اين گفتار قصد نداشته است كه بركنارى و عدم دخالت خود، در اين موضوع خطبه 30 نهج البلاغه را روشن سازد، بلكه خواسته ثابت كند كه واگذارى عثمان، در ماجراى قتل نشانه عدم فضيلت واگذار كنندگان، به دليل اين كه واگذار كننده اند، نمى شود. چنان كه، يارى عثمان دليل فضيلت يارى دهندگان نمى شود. امّا فهميدن اين معنا از عبارت حضرت بعيد به نظر مى رسد.

اين فرمايش امام (ع) را بگونه اى ديگر نيز توجيه كرده اند، به صورت زير: اثبات برترى و فضيلت واگذار كنندگان بر يارى دهندگان. اشكال كننده را به تسليم وا مى دارد. كه چرا سؤال ملامت آميز خود را متوجّه واگذار كنندگان كرده است و به سراغ يارى دهندگان نمى رود.

بدين توضيح و بيان كه اگر واگذار كنندگان از يارى كنندگان برترند بايد از يارى دهندگان سؤال شود، كه چرا خلاف كرده و عثمان را يارى كرده اند عليه يارى دهندگان بايد اقدام، و از آنان، خواسته شود كه با وجود عدم فضيلت در يارى چرا از عثمان حمايت كردند و اگر سؤال كنندگان پيرو اغراض فاسدى نيستند چرا ملامت خود را متوجّه واگذار كنندگان كرده اند و تقاص خون عثمان را از آنان مى خواهند با اين كه يارى دهندگان عثمان بملامت سزاوارترند.

فرمايش آن حضرت: و أنا جامع لكم امره الى قوله الأثرة

امام (ع) در اين عبارت مختصر به اجمال اشاره به اين واقعيت دارد كه عثمان و كشندگان وى، هر كدام به گونه اى از فضيلت عدالت دور شده و به افراط و تفريط دچار شده اند. امّا عثمان به اين دليل از فضيلت دور شد كه خودرأيى نشان داد و در امورى كه بايد مردم را شركت مى داد، استبداد پيشه كرد و بدين سبب گرفتار افراط شد، و افراط چون خلاف عدالت است، نظام و خلافت را به فساد كشيد و سرانجام همه اينها قتل عثمان بود.

امّا كشندگان عثمان نيز راه خطا رفتند، بيش از حد بيتابى كردند، از حد اعتدال خارج شدند، گرفتار تفريط گرديدند، با وجودى كه شايسته بود خويشتن دار باشند و در اصلاح امر بكوشند، تا كار بدون قتل و خونريزى فيصله يابد، ولى جزع و بيتابى آنها شدّت يافت، به كار پست و زشتى دست زدند و مرتكب قتل شدند. بنا بر اين كار بد عثمان استبداد و خودكامگى، و كار زشت كشندگان بيتابى و ناشكيبايى بود.

بعضى از شارحان گفته اند: مقصود حضرت اين است كه شما پس از قتل عثمان دچار بيتابى و جزع شديد بهتر اين بود كه قبل از كشته شدن براى او بيتابى مى كرديد، و او را نمى كشتيد.

و للّه حكم واقع فى المستأثر و الجازع

آنچه از اين گفتار حضرت بر مى آيد اين است، كه حكم واقعى خداوند در باره شخص مستبد و خودرأى حكمى مقدّر بوده است كه در باره كشته شدن عثمان به اجرا در آمده، و به قلم قضاى الهى در لوح محفوظ چنين ثبت بوده است. و حكم مقدّر خداوند در باره بيتابى كنندگان اين بوده كه آنها قاتل عثمان باشند و بدين سان گرفتار جزع و در نتيجه رذيلت شوند.

امام (ع) در پايان كلام خود، حكم اين امور را به خداوند نسبت داده است، تا آيندگان را توجّه دهد، كه در جريان قتل عثمان از حمايت هر دو جناح بركنار بوده است. تا ضمن اشاره به علت وقوع قتل كه از ناحيه عثمان خودرأيى و از جانب شورشيان ناشكيبايى و شتابزدگى باشد عدم دخالت خود را ثابت كند.

ممكن است كه منظور از «حكم» حكمى باشد كه در آخرت براى تمام افراد از پاداش و كيفر به عنوان خطبه 30 نهج البلاغه سزاى عمل آنان خواهد بود.

شرح مرحوم مغنیه

الخطبة- 30- استأثر فأساء:

لو أمرت به لكنت قاتلا. أو نهيت عنه لكنت ناصرا غير أنّ من نصره لا يستطيع أن يقول: خذله من أنا خير منه. و من خذله لا يستطيع أن يقول: نصره من هو خير منّي. و أنا جامع لكم أمره: استأثر فأساء الأثرة. و جزعتم فأسأتم الجزع، و للّه حكم واقع في المستأثر و الجازع.

الإعراب:

غير بمعنى سوى، و تأتي بمعنى «لا» مثل فعلت هذا غير مكره، و عندئذ تنصب على الحال أي فعلته لا مكرها و أيضا تأتي بمعنى «الا» الاستثنائية، و يجري عليها من الاعراب ما يجري على الاسم الذي بعدها إذا وقع بعد أداة الاستثناء مثل جاء القوم غير زيد، فتنصب غير لأنك تقول: جاء القوم إلا زيدا، و مثله «غير ان» من إلخ في كلام الإمام (ع)، فقد نصبت «غير» لأن المصدر المنسبك من ان و ما بعدها لو وقع بعد إلا لكان منصوبا على الاستثناء.

المعنى:

(لو أمرت به لكنت قاتلا، أو نهيت عنه لكنت ناصرا). الضمير في «به» يعود الى قتل عثمان.. و ما كان الإمام (ع) آمرا بذلك، و لا ذابا عنه بسيفه، بل نهى عن قتله: ما في ذلك ريب.. لم يأمر لأنه لو أمر لكان من قاتليه، و ليس في قتله أية مصلحة للإسلام و المسلمين، و لو ذب عنه بالسيف لعمت الفتنة، و تكدست القتلى بالألوف أو المئات، و من أجل هذا و ذاك وقف الإمام عند النهي عن القتل، و التحذير منه ما استطاع، قال الشيخ محمد عبده: «أما نهيه عن قتله فهو ثابت، و قد أمر الحسن و الحسين أن يذبا الناس عنه».

(غير ان من نصره لا يستطيع أن يقول: خذله من إنا خير منه). حين قتل عثمان كانت المدينة تعج و تغص بالصحابة من المهاجرين و الأنصار، و فيهم الوجوه و أهل السابقة و المكانة، و قد خذلوا عثمان و تجاهلوه عن عمد، بل كان بعضهم يحرض عليه سرا أو علنا، و لو ان الصحابة ناصروه و وقفوا معه لما أقدم و تجرأ أحد على قتله.

أما الذين ناصروا عثمان فهم و زراؤه و أعوانه الذين اغتصب لهم أموال المسلمين، كمروان و أضرابه. و على هذا فمن نصر عثمان لا يجرؤ على الادعاء بأنه أفضل ممن خذله، بل العكس هو الصحيح. و نتيجة ذلك ان من خذل عثمان و هو قادر على الذب عنه- غير مسئول أمام اللّه. قال الشيخ محمد عبده: يريد الإمام ان القلوب متفقة على ان ناصري عثمان لم يكونوا في شي ء من الخير الذي يفضلون به على خاذليه». و قال ابن أبي الحديد: «أما قوله غير ان من نصره فمعناه ان خاذليه كانوا خيرا من ناصريه، لأن الذين نصروه كان أكثرهم فساقا كمروان ابن الحكم و أضرابه، و خذله المهاجرون و الأنصار».

(و من خذله لا يستطيع أن يقول: نصره من هو خير مني). بل العكس هو الصحيح لما بينّا.. و هل من أحد يجرؤ على الزعم بأن مروان خير ممن خذل عثمان من المهاجرين و الأنصار.. و لو ان منصفا تتبع سيرة عثمان، و أحصى عليه أعماله لوجد انها مقدمات طبيعية لما حدث.

(و انا جامع لكم أمره: استأثر فأساء، و جزعتم فأسأتم الجزع). أي ان كلا من القاتل و المقتول على خطأ.. لقد حكم عثمان فجار و أسرف، و كان عليه أن لا يتعدى حدود الكتاب و السنة، و بادر الناقمون الى تأديبه فتجاوزوا حد القصاص الذي شرع حقنا للدماء، و فتحوا باب القتل و القتال بين المسلمين، و كانوا سببا لسفك ما سفك من الدماء بسبب هذه الفتنة.

(و للّه حكم واقع في المستأثر و الجازع). بعد أن حكم الإمام (ع) بالإساءة على القاتل و المقتول قال، هذا حكمي، و للّه سبحانه في كل منهما حكم.. و هذا تعليم و تنبيه للجاهل أن يحجم عن الحكم، و للعالم ان يتثبت قبل أن يحكم، و قد جرت سنة المجتهدين منذ القديم أن يقولوا: «و اللّه أعلم» بعد ان يفتوا أو يحكموا.

شرح منهاج البراعة خویی

و من كلام له عليه السّلام في معنى قتل عثمان

و هو الثلاثون من المختار في باب الخطب لو أمرت به لكنت قاتلا، أو نهيت عنه لكنت ناصرا، غير أنّ من نصره لا يستطيع أن يقول خذله من أنا خير منه، و من خذله لا يستطيع أن يقول نصره من هو خير مني، و أنا جامع لكم أمره، استأثر فأساء الأثرة، و جزعتم فأسأتم الجزع، و للّه حكم واقع في المستأثر و الجازع.

اللغة

(الاستيثار) بالشّي ء الانفراد به و الاسم الاثرة بالتّحريك (و الجزع) الاضطراب و عدم الصّبر.

الاعراب

قوله: غير أنّ من نصره اه كلمة غير هنا للاستثناء فيفيد مفاد إلّا الاستثنائية، لكن لا بطريق الاصالة بل بطريق الحمل على إلّا، و تقريره على ما ذكره نجم الأئمة الرّضى هو أنّ أصل غير الصّفة المفيدة لمغايرة مجرورها لموصوفها إمّا بالذّات نحو مررت برجل غير زيد، و إمّا بالصّفات نحو قولك: دخلت بوجه غير الوجه الذي خرجت به، فانّ الوجه الذي تبين فيه أثر الغضب كانّه غير الوجه الذي لا يكون فيه ذلك بالذّات.

و ماهية المستثنى كما ذكر في حدّه هو المغاير لما قبل أداة الاستثناء نفيا و اثباتا فلما اجتمع ما بعد غير و ما بعد أداة الاستثناء في معني المغاير لما قبلهما حملت أم أدواة الاستثنا أى إلّا على غير في الصّفة و حملت غير على إلّا في الاستثناء في بعض المواضع.

و معنى الحمل أنّه صار ما بعد إلّا مغايرا لما قبلها ذاتا أو صفة كما بعد غير، و لا يعتبر مغايرته له نفيا و إثباتا كما كانت في أصلها و صار ما بعد غير مغايرا لما قبلها نفيا و إثباتا كما بعد إلّا و لا يعتبر مغايرته له ذاتا أو صفة كما كانت في الأصل إلّا أنّ حمل غير على إلّا أكثر من العكس، لأنّ غير اسم و التّصرف في الأسماء أكثر منه في الحروف، فوقع في جميع مواقع إلّا إلّا أنّه لا يدخل على الجملة كإلّا لتعذّر الاضافة إليها هنا.

و امّا إعرابه في الكلام الذي يقع فيه فهو إعراب الاسم التّالى إلّا في ذلك الكلام فتقول: جاء القوم غير زيد بالنّصب كما تقول: إلّا زيدا، و ما جائنى أحد غير زيد بالنّصب و الرّفع.

و سرّ ذلك على ما ذكره الرّضيّ هو أنّ أصل غير من حيث كونه اسما جواز تحمل الاعراب و ما بعده الذي صار مستثنى بتطفل غير على إلّا مشغول بالجرّ لكونه مضافا إليه في الأصل فجعل اعرابه الذي كان يستحقّه لو لا المانع المذكور أعنى اشتغاله بالجرّ على نفس غير عارية لا بطريق الأصالة.

و إعرابه في كلام الامام هو النصب لكونه استثناء منقطعا، و يجوز بنائه على الفتح لعدم الخلاف بين علماء الأدبيّة في جواز بنائه على الفتح إذا اضيف إلى ان، و نظيره فيه ما وقع في قوله غير أنّى قد استعين«» على الهمّ اذا خفّ بالثّوى النجاء، و قد صرّح الرّضيّ فيه بجواز الوجهين حسبما ذكرناه.

المعنى

قوله: (لو أمرت به) اى بقتل عثمان (لكنت قاتلا) لأنّ القاتل و ان كان موضوع خطبه 30 نهج البلاغها في اللغة للمباشر للقتل إلّا أنّه يطلق في العرف على الأعمّ من السبب و المباشر فيستلزم الأمر به له عرفا (أو نهيت عنه لكنت ناصرا) لاستلزام النّهى عنه النّصرة له و هو ظاهر.

و هاتان القضيّتان منتجتان لعدم مداخلته عليه السّلام في قتله بالأمر و النهى. إذ باستثناء نقيض تا لييهما يثبت نقيض المقدمين، و المقصود بهذا الكلام إظهار التبرّي من دم عثمان وردّ ما نسبه إليه معاوية و أتباعه من كونه دخيلا فيه، حيث إنّهم لم يستندوا في الخروج عليه و المحاربة معه إلّا بما شهروه بين النّاس من أنّه أمر بقتل عثمان هذا.

و ما ذكره الشّارح المعتزلي من أنّ هذا الكلام بظاهره يقتضى أنّه ما امر بقتله و لا نهى عنه، فيكون دمه عنده في حكم الأمور المباحة التي لا يؤمر بها و لا ينهى عنها.

فيه أنّ غاية ما يستفاد من كلامه هو عدم مدخليته فيه و أما أنّ جهة عدم المدخلية هل هي استباحة دمه أو ساير الجهات فلا دلالة في الكلام عليه.

لا يقال انّ قتله إمّا أن يكون واجبا عنده عليه السّلام، أو محرّما أو مباحا لا سبيل إلى الأوّلين إذ لو كان واجبا لكان آمرا به من باب الأمر بالمعروف، و لو كان محرّما لنهى عنه من باب النهى عن المنكر فحيث لم يأمر به و لم ينه عنه ثبت كونه مباحا عنده لأنا نقول أولا إنّ عدم الأمر به أعمّ من عدم الوجوب، لاحتمال أنّه لم يأمرلعلمه بما يترتب عليه من المفاسد، و يؤيّده ما سنحكيه من البحار و ما روى عنه عليه السّلام اللّه قتله و أنا معه.

و ثانيا انّ عدم نهيه عنه أعمّ من عدم كونه منكرا عنده، لاحتمال أنّه ترك النّهى لعلمه بأنّه لا يترتب على ذلك ثمرة، و وجوب إنكار المنكر إنّما هو إذا علم المنكر أو غلب على ظنّه تأثير إنكاره، و أما إذا علم أو غلب على ظنّه أنّ أنكاره لا يؤثّر و نهيه لا يثمر فيقبح حينئذ النّهى و الانكار، لأنه إن كان الغرض تعريف الفاعل قبح فعله، فذلك حاصل من دون الانكار و إن كان الغرض أن لا يقع المنكر فذلك غير حاصل.

و يؤيّد ذلك ما في البحار من أنّه جمع النّاس و وعظهم ثمّ قال: لتقم قتلة عثمان، فقام النّاس بأسرهم إلّا قليل و كان ذلك الفعل استشهادا منه عليه السّلام على عدم تمكنّه من دفعهم و يدلّ على ذلك بعض كلماته الآتية أيضا.«» و ثالثا لا نسلم أنّه لم ينه عنه فقد روى في البحار من الأمالي باسناده عن مجاهد عن ابن اعباس عنه قال: إن شاء النّاس قمت لهم خلف مقام إبراهيم فحلفت لهم باللّه ما قتلت عثمان و لا أمرت بقتله و لقد نهيتم فعصونى.

فان قلت: كيف الجمع بين هذه الرّواية و بين قوله عليه السّلام: أو نهيت عنه لكنت ناصرا.

قلت: يمكن الجمع بأن يكون المراد به استثناء عين المقدم فينتج عين التّالى أى لكنى نهيت عنه فكنت ناصرا و كيف كان، فقد تحصّل ممّا ذكرنا أنّ كلامه عليه السّلام مجمل متشابه المراد كإجمال ساير ما روى عنه في المقام و السرّ في الاجمال هو ابهام المقصود على السامعين.

و ذلك لما رواه في البحار من المناقب من أنّ أصحاب أمير المؤمنين كانوافرقتين احداهما اعتقدوا أنّ عثمان قتل مظلوما و يتولّاه و يتبرّء من أعدائه، و الاخرى و هم جمهور أهل الحرب و أهل العناء و البأس اعتقدوا أنّ عثمان قتل لأحداث أوجبت عليه القتل، و منهم من يصرّح بتكفيره و كلّ من هاتين الفرقتين تزعمّ أنّ عليّا موافق له على رأيه و كان عليه السّلام يعلم أنّه متى وافق إحدى الطائفتين باينته الاخرى و أسلمته و تولّت عنه و خذلته فكان يستعمل في كلامه ما يوافق كلّ واحدة من الطائفتين.

أقول: و لأجل اشتباه كلامه على السّامعين قال شاعر الشّام الأبيات التي منها:

  • أرى الشّام تكره اهل العراقو أهل العراق لهم كارهونا
  • و كلّ لصاحبه مبغضيرى كلّ ما كان من ذاك دينا
  • إذا ما رمونا رميناهمو دنّاهم مثل ما يقرضونا
  • و قالوا عليّ إمام لناو قلنا رضينا ابن هند رضينا
  • و قالوا نرى أن تدينوا لنافقلنا ألا لا نرى أن تدينا
  • و من دون ذلك خرط القتادو طعن و ضرب يقرّ العيونا
  • و كلّ يسرّ بما عندهيرى غثّ ما في يديه سمينا
  • و ما في علىّ لمستعتبيقال سوى ضمّه المحدثينا
  • و ايثاره اليوم أهل الذّنوبو رفع القصاص عن القاتلينا
  • اذا سئل عنه حذا شبهةو عمى الجواب على السّائلينا
  • فليس براض و لا ساخطو لا في النّهات و لا الآمرينا
  • و لا هو ساء و لا سرّهو لا بدّ من بعض ذا أن يكونا

هذا و قد تلخّص ممّا ذكرنا أنّه عليه السّلام كان بنائه على ابهام المرام فيّ تلك الواقعة للمصالح المترتّبة على ذلك إلّا أنّه غير خفى على أهل البصيرة و الحجى أنّ و جنات حاله عليه السّلام مع أفعاله و أقواله في تلك الواقعة يدلّ على أنّه كان منكرا لأفعاله و خلافته راضيا بدفعه.

قال المجلسي: و لم يأمر بقتله صريحا لعلمه بما يترتّب عليه من المفاسد أو تقيّة و لم ينه القاتلين أيضا لأنّهم كانوا محقّين، و كان يتكلّم في الاحتجاج على الخصوم على وجه لا يخالف الواقع و لا يكون للجهّال و أهل الضّلال ايضا عليه حجّة، و كان هذا ممّا يخصّه من فصل الخطاب و ممّا يدلّ على و فور علمه في كلّ باب، و يمكن استشمام ذلك من ترجيحه الخاذلين على الناصرين بقوله: (غير أنّ من نصره لا يستطيع أن يقول خذله من أنا خير منه، و من خذله لا يستطيع ان يقول نصره من هو خير منّى).

قال الشّارح المعتزلي معناه إنّ خاذليه كانوا خيرا من ناصريه لأنّ الذين نصروه كانوا فسّاقا كمروان بن الحكم و احزابه و خذله المهاجرون و الانصار.

أقول: كون ناصرى الرّجل منحصرا في مروان الفاسق و نظرائه و خاذليه وجوه الصّحابة من المهاجر و الأنصار غير خفىّ على العارف الأريب ما فيه من الاشارة الى حاله و رتبته، و إلى كون المنصور مثل النّاصر و العاقل يكفيه الاشارة (و أنا جامع لكم أمره) اى مبيّن له بلفظ و جيز.

قال الفيومى: و كان عليه السّلام: يتكلّم بجوامع الكلم أي كان كلامه قليل الألفاظ كثير المعاني (استأثر فأساء الأثرة) اي استبدّ برأيه في الخلافة و إحداث ما أحدث في الاستبداد و الاستقلال حيث ادّى إلى فساد نظم الخلافة حتّى انجرّ الأمر إلى قتله (و جزعتم) من افعاله (فأساتم الجزع) حيث قتلتموه و قد كان ينبغي عليكم التثبّت و إصلاح الأمر بينكم و بينه بدون القتل و بخلعه من الخلافة و إقامة غيره مقامه.

و قيل: أراد أنكم أسأتم الجزع عليه بعد القتل و قد كان ينبغي منكم ذلك الجزع قبل القتل (و للّه حكم واقع) اي ثابت محقّق في علمه تعالى يحكم به في الآخرة أو الاولى، أو سيقع أو يتحقّق خارجا في الآخرة أو الدّنيا لأنّ مجموعه لم يتحقّق بعد و إن تحقّق بعضه (في المستأثر و الجازع) و الأظهر انّ المراد خصوص الحكم الاخروي يعنى أنّ له سبحانه حكما واقعا فيهما يحكم به يوم القيامة بمقتضى عدله فيعاقب المذنب و يثيب المصيب.

تذييل

في الاشارة إلى كيفيّة قتل عثمان إجمالا على ما رواه في شرح المعتزلي من الواقدي و الطبري و هو أنّه أحدث أحداثا مشهورة نقمها النّاس عليه من تأمير بني اميّة و لا سيّما الفسّاق و أرباب السّفه و قلّة الدّين، و إخراج مال الفي ء إليهم و ما جرى في أمر عمّار و أبى ذر و عبد اللّه بن مسعود و غير ذلك من الامور التي جرت في أواخر خلافته، فلما دخلت سنة خمس و ثلاثين كاتب أعداء عثمان و بني اميّة في البلاد و حرّض بعضهم بعضا على خلعه من الخلافة و عزل عمّا له من الأمصار فخرج ناس من مصر و كانوا في ألفين، و خرج ناس من أهل الكوفة في ألفين، و خرج ناس من أهل البصرة و أظهروا انّهم يريدون الحجّ، فلما كانوا من المدينة على ثلث تقدّم أهل البصرة فنزلوا ذا خشب و كان هواهم في طلحة، و تقدّم أهل الكوفة فنزلوا الأعوص و كان هواهم في الزّبير، و جاء أهل مصر فنزلوا ذا المروة و كان هواهم في عليّ، و دخل ناس منهم المدينة يخبرون ما في قلوب النّاس لعثمان فلقوا جماعة من المهاجرين و الأنصار و لقوا أزواج النّبيّ و قالوا: إنّما نريد الحجّ و نستعفي من عما لنا.

ثم لقى جماعة من المصرّيين عليّا و هو متقلّد سيفه عند أحجار الزّيت فسلّموا عليه و عرضوا عليه أمرهم فصاح و طردهم و قال: لقد علم الصّالحون أنّ جيش ذي المروة و ذي خشب و الأعوص ملعونون على لسان محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فانصرفوا عنه، و أتى البصريّون طلحة فقال لهم مثل ذلك، و أتى الكوفيّون الزّبير فقال لهم مثل ذلك فتفرّقوا و خرجوا من المدينة إلى أصحابهم.

فلما أمن أهل المدينة منهم و اطمأنّوا إلى رجوعهم لم يشعروا إلّا و التّكبير في نواحي المدينة و قد نزلوها و أحاطوا بعثمان و نادى مناديهم: يا أهل المدينة من كفّ يده عن الحرب فهو آمن.

فحصروه في منزله إلّا أنّهم لم يمنعوا النّاس من كلامه و لقائه، فجاءهم جماعة من رؤساء المهاجرين و سألوهم ما شأنهم فقالوا: لا حاجة لنافي هذا الرّجل ليعتزلنا لنولّى غيره لم يزيد و هم على ذلك.

و خرج عثمان يوم الجمعة فصلى بالنّاس و قام على المنبر فقال: يا هؤلاء اللّه اللّه فو اللّه إنّ أهل المدينة يعلمون أنّكم ملعونون على لسان محمّد صلّى اللّه عليه و آله فامحوا الخطاء بالصّواب، فقام محمّد بن مسلمة الأنصاري فقال: نعم أنا أعلم ذلك فاقعده حكيم بن جبلة البصري، و قام زيد بن ثابت فأقعده قنيرة بن وهب المصري.

و ثار القوم فحصبوا النّاس حتّى أخرجوهم من المسجد و حصبوا عثمان حتّى صرع عن المنبر مغشيّا عليه فادخل داره و أقبل عليّ و طلحة و الزّبير فدخلوا على عثمان يعودونه من صرعته و عند عثمان نفر من بني اميّة منهم مروان بن الحكم فقالوا لعليّ أهلكتنا و صنعت هذا الذى صنعت و اللّه إن بلغت هذا الأمر الذى تريده ليمرن عليك الدّنيا فقام مغضبا و خرج جماعة الذين معه إلى منازلهم.

ثمّ إنّ أهل المدينة تفرّقوا عنه و لزموا بيوتهم لا يخرج أحد منهم إلّا بسيفه يمتنع به فكان حصاره أربعين يوما.

و في رواية الطبرى فما نزل القوم ذا خشب يريدون قتل عثمان إن لم ينزع عمّا يكرهون و علم عثمان ذلك جاء إلى منزل عليّ فدخل و قال: يابن عمّ إنّ قرابتي قريبة و قد جاء ما ترى من القوم و هم مصبحى و لك عند النّاس قدروهم يسمعون منك و أحبّ أن تركب إليهم و تردّهم عنّى فانّ في دخولهم علىّ و هنا لأمري و جرئة علىّ.

فقال عليه السّلام: على أىّ شي ء أردّهم قال: على أن أصير إلى ما أمرت به و رأيت فيّ، فقال عليّ إنّى قد كلّمتك مرّة بعد اخرى فكلّ ذلك تخرج و تقول و تعد ثمّ ترجع و هذا من فعل مروان و معاوية و ابن عامر و عبد اللّه بن سعد فانك أطعتهم و عصيتنى.

قال عثمان فانى أعصيهم و اطيعك، فأمر عليّ عليه السّلام النّاس أن يركبوا معه فركب معه ثلاثوررجلا من المهاجر و الأنصار فأتوا المصريّين فكلّموهم فكان الذي يكلّمهم عليّ عليه السّلام و محمّد بن مسلمة فسمعوا منهما و رجعوا بأصحابهم يطلبون مصر.

و رجع عليّ حتّى دخل على عثمان فأشار عليه أن يتكلّم بكلام يسمعه النّاس منه ليسكنوا إلى ما يعدهم به من النّزوع، و قال: إنّ البلاد قد تمحّصت عليك و لا امن أنّه يجي ء ركب من جهة اخرى فتقول لي يا على اركب إليهم فان لم أفعل رأيتنى قد قطعت رحمك و استخففت بحقّك.

فخرج عثمان فخطب الخطبة التي ينزع فيها و أعطى النّاس من نفسه التّوبة و قال لهم: أنا أوّل من اتعظ و استغفر اللّه و أتوب إليه فمثلى نزع و تاب فاذا نزلت فليأتني أشرافكم فليرون رأيهم، و ليذكر كلّ واحد ظلامته لأكشفها و حاجته لأقضيها فو اللّه لان ردّني الحق عبد الأسننّ سنّة العبيد، و لا ذلنّ ذلّ العبيد، و ما عن اللّه مذهب إلا إليه و اللّه لأعطينكم الرّضا و لا يحننّ مروان و ذريه و لا أحتجب عنكم.

فلما نزل وجد مروان و سعدا و نفرا من بني اميّة في منزله قعودا لم يكونوا شهدوا خطبته و لكنها بلغهم.

فلما جلس قال مروان: يا أمير المؤمنين أ أتكلم فقالت نائلة: امرأة عثمان: لابل تسكت، فأنتم و اللّه قاتلوه و موتموا أطفاله إنّه قد قال مقالة لا ينبغي أن ينزع عنها، فقال لها مروان: و ما أنت و ذلك و اللّه لقد مات أبوك و ما يحسن أن يتوضّأ، فقالت: مهلا يا مروان عن ذكر أبي إلّا بخير و اللّه لو لا أنّ أباك عمّ عثمان و أنّه يناله غمّه و عيبه لأخبرتك بما لا أكذب فيه عليه، فأعرض عنه عثمان.

ثمّ عاد فقال: ءأتكلّم أم أسكت فقال: تكلّم، فقال و اللّه لوددت أنّ مقالتك هذه كانت و أنت ممتنع أوّل من رضى بها و أعان عليها، و لكنك قلت و قد بلغ الحزام الطبيين و جاوز السّيل الزّبى، و اللّه لاقامة على خطيئة تستغفر اللّه منها أجمل من توبة تخوف عليها ما زدت على أن جرئت عليك النّاس.

فقال عثمان قد كان من قولي ما كان، و إنّ الفايت لا يردّ و لم آل خيرا فقال مروان: إنّ النّاس قد اجتمعوا ببابك أمثال الجبال قال: ما شأنهم قال: أنت دعوتهم إلى نفسك، فهذا يذكر مظلمة و هذا يطلب مالا و هذا سأل نزع عامل من عمّا لك و هذا ما جنيت على خلافتك.

و لو استمسكت و صبرت كان خيرا لك، قال: فاخرج أنت إلى النّاس فكلّمهم فانّى أستحى أن أكلّمهم و ردّهم فخرج مروان إلى النّاس و قد ركب بعضهم بعضا، فقال: ما شأنكم قد اجتمعتم كانّكم جئتم لنهب، شاهت الوجوه أ تريدون ان تنزعوا ملكنا من أيدينا، أعزبوا عنّا و اللّه ان رمتمونا لنمرّن عليكم ما حلا و لنحلن بكم ما لا يسركم و لا تحمدوا فيه رأيكم، ارجعوا إلى منازلكم، فانّا و اللّه غير مغلوبين على ما في أيدينا.

فرجع النّاس خايبين يشتمون عثمان و مروان و أتى بعضهم عليّا فأخبره الخبر، فأقبل عليّ على عبد الرّحمن بن الاسود بن عبد يغوث الزّهرى، فقال أحضرت خطبة عثمان قال: نعم قال أ فحضرت مقالة مروان للنّاس قال: نعم.

فقال عليه السّلام: اى عباد اللّه، ياللّه للمسلمين إنّى قعدت في بيتي، قال لي تركتنى و خذلتنى و إن تكلمت فبلغت له ما يريد جاء مروان و يلعب به حتّى قد صار سيقة له يسوقه حيث يشاء بعد كبر السّنّ و قام مغضبا من فوره حتى دخل على عثمان، فقال عليه السّلام له أما يرضى مروان منك إلّا أن يحرّفك عن دينك و عقلك فانت معه كجمل الظعينة يقاد حيث يسار به، و اللّه ما مروان بذى رأى في دينه و لا عقله، و انى لأراه يوردك ثمّ لا يصدرك و ما أنا عايد بعد مقامى هذا لمعا تبتك أفسدت شرفك و غلبت على رأيك ثمّ نهض.

فدخلت نائلة فقالت قد سمعت قول عليّ لك و أنّه ليس براجع إليك و لا معاود لك و قد أطعت مروان يقودك حيث يشاء قال فما أصنع قالت تتقى اللّه و تتبع سنّة صاحبيك، فانك متى أطعت مروان قتلك، و ليس لمروان عند النّاس قدر و لا هيبة و لا محبّة و إنّما تركك النّاس لمكانه، و إنّما رجع عنك أهل مصر لقول عليّ عليه السّلام، فأرسل إليه فاستصلحه، فانّ له عند النّاس قدما و أنّه لا يعص فأرسل إلى عليّ فلم يأته و قال: قد أعلمته أنّي غير عايد.

و في البحار من الامالى عن أحمد بن محمّد بن الصّلت عن ابن عقدة الحافظ عن جعفر بن عبد اللّه العلوىّ عن عمه القاسم بن جعفر بن عبد اللّه عن عبد اللّه بن محمّد بن عبد اللّه عن ابيه عن عبد اللّه بن أبي بكر عن ابي جعفر عليه السّلام قال حدثنى عبد الرّحمن بن أبي عمرة الانصارى: قال لمّا نزل المصريّون بعثمان بن عفّان في مرّتهم الثّانية، دعى مروان بن الحكم فاستشاره، فقال له: انّ القوم ليس هم لأحد أطوع منهم لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام، و هو أطوع النّاس في النّاس، فابعثه إليهم فليعطهم الرضا و ليأخذ لك عليهم الطاعة و يحذّرهم الفتنة.

فكتب عثمان إلى عليّ بن أبي طالب: سلام عليك، أمّا بعد قد جاز السّيل الزّبى«»، و بلغ الحزام الطبيين، و ارتفع امر النّاس بي فوق قدر، و طمع فيّ من كان يعجز عن نفسه، فاقبل عليّ و تمثل:

  • فان كنت ماكولا فكن خير آكلو إلّا فأدركني و لمّا امزّق و السّلام.

فجائه عليّ فقال: يا أبا الحسن ائت هؤلاء القوم فادعهم إلى كتاب اللّه و سنّة نبيّه فقال: نعم إن أعطيتني عهد اللّه و ميثاقه على أن تفى لهم بكلّ شي ء أعطيته عنك، فقال: نعم فأخذ عليه عهدا غليظا و مشى إلى القوم فلما دنى منهم قالوا وراءك قال: لا، قالوا: وراءك، قال: لا.

فجاء بعضهم ليدفع في صدره فقال القوم بعضهم لبعض: سبحان اللّه أتاكم ابن عمّ رسول اللّه يعرض كتاب اللّه، اسمعوا منه و اقبلوا، قالوا تضمن لنا كذلك، قال: نعم فأقبل معه أشرافهم و وجوههم حتّى دخلوا على عثمان فعاتبوه فأجابهم إلى ما أحبّوا فقالوا اكتب لنا على هذا كتابا و ليضمن علىّ عنك ما في الكتاب قال اكتبوا أنى شئتم فكتبوا بينهم: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم هذا ما كتب عبد اللّه عثمان أمير المؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين و المسلمين إنّ لكم عليّ أن أعمل بكتاب اللّه و سنّة نبيّه، و أنّ المحروم يعطى، و أنّ الخائف يؤمن، و أنّ المنفيّ يردّ، و أنّ المبعوث لا يجمر، و أنّ الفي ء لا يكون دولة بين الأغنياء، و عليّ بن أبي طالب ضامن للمؤمنين و المسلمين على عثمان الوفاء لهم على ما في الكتاب شهد الزّبير بن العوام و طلحة بن عبيد اللّه و سعد ابن مالك و عبد اللّه بن عمر و أبو أيوب بن زيد، و كتب في ذى القعدة سنة خمس و عشرين.

فأخذوا الكتاب ثمّ انصرفوا فلما نزلوا ايلة، إذا هم براكب فأخذوه فقالوا من أنت قال: أنا رسول عثمان إلى عبد اللّه بن سعد قال بعضهم لبعض: لو فتّشناه لئلّا يكون قد كتب فينا، ففتّشوه فلم يجدوا معه شيئا.

فقال كنانة بن بشر النجيبى: انظروا إلى أدواته فان للنّاس حيلا، فاذا قارورة مختومة بموم فاذا فيها كتاب إلى عبد اللّه بن سعد إذا جاءك كتابي هذا فاقطع أيدى الثلاثة مع أرجلهم فلما قرءوا الكتاب رجعوا حتّى أتوا عليّا، فأتاه فدخل عليه، فقال استعتبك القوم فاعتبتهم ثمّ كتبت هذا كتابك نعرفه الخط الخط و الخاتم الخاتم فخرج عليّ مغضبا و أقبل النّاس عليه فخرج سعد من المدينة فلقاه رجل فقال: يا أبا إسحاق أين تريد قال: إنى فررت بدينى من مكّة إلى المدينة و أنا اليوم أهرب بديني من المدينة إلى مكّة.

و قال الحسن بن عليّ لعليّ عليه السّلام حين أحاط النّاس بعثمان: اخرج من المدينةو اعتزل فانّ النّاس لا بدّ لهم منك و انّهم ليأتونك و لو كنت بصنعاء، و أخاف أن يقتل هذا الرّجل و أنت حاضره.

فقال يا بنىّ أخرج عن دار هجرتي و ما أظنّ يجترى على هذا القول كلمة، و قام كنانة بن بشر فقال: يا عبد اللّه أقم لنا كتاب اللّه فانا لا نرضى بالقول دون الفعل قد كتبت و اشهدت لنا شهودا و أعطيتنا عهد اللّه و ميثاقه، فقال ما كتبت بينكم كتابا.

فقام إليه المغيرة بن الأخنس و ضرب بكتابه وجهه و خرج إليهم عثمان ليكلّمهم فصعد المنبر و رفعت عايشة قميص رسول اللّه و نادت ايّها النّاس هذا قميص رسول اللّه لم يبل و قد غيّرت سنّته، فنهض النّاس و كسر اللغظ و حصبوا عثمان حتى نزل من المنبر، و دخل بيته.

فكتب نسخة واحدة إلى معاوية و عبد اللّه بن عامر: أمّا بعد فانّ أهل السّفه و البغى و العدوان من أهل العراق و مصر و المدينة أحاطوا بدارى و لن يرضيهم منّي دون خلعى أو قتلي، و أنا ملاقى اللّه قبل أن اتابعهم على شي ء من ذلك فأعينوني.

فلما بلغ كتابه ابن عامر قام و قال: أيّها النّاس إنّ امير المؤمنين عثمان ذكر أنّ شر ذمة من أهل مصر و العراق نزلوا بساحته فدعاهم إلى الحقّ فلم يجيبوا فكتب إلىّ أن ابعث إليه منكم ذوي الدّين و الرّأى و الصّلاح، لعلّ اللّه أن يدفع عنه ظلم الظالم و عدوان المعتدي فلم يجيبوه إلى الخروج.

ثم انّه قيل لعليّ إنّ عثمان قد منع الماء فأمر بالرّوايا فعكمت و جاء النّاس إلى عليّ عليه السّلام فصاح بهم صيحة انفرجوا فدخلت الرّوايا فلما رأى عليّ اجتماع النّاس دخل على طلحة بن عبد اللّه و هو متكى على و سائد، فقال: إنّ الرّجل مقتول فامنعوه فقال: أم و اللّه دون أن تعطى بنو أميّة الحقّ من أنفسها.

و في شرح المعتزلي عن الطبري عن عبد اللّه بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي قال: دخلت على عثمان فأخذ بيدى فأسمعني كلام من على بابه من النّاس فمنهم من يقول: ما تنتظرون به، و منهم من يقول: لا تعجلوا به فعساه ينزع و يراجع فبينا نحن إذ مرّ طلحة فقام إليه ابن عديس البلوى فناجاه ثمّ رجع ابن عديس فقال لأصحابه: لاتتركوا احدا يدخل إلى عثمان و لا يخرج من عنده، قال لي عثمان هذا ما امره به طلحة.

اللّهمّ اكفني طلحة فانّه حمل هؤلاء القوم و اكبّهم عليّ، و اللّه لأرجو ان يكون منها صفرا و ان يسفك دمه قال فأردت ان اخرج فمنعوني حتّى امرهم محمّد بن ابي بكر فتركوني اخرج.

قال الطبري: فلما طال الأمر و علم المصريّون انهم قد اجرموا إليه جرما كجرم القتل و أنّه لا فرق بين قتله و بين ما اتوا إليه و خافوا على نفوسهم من تركه حيّا راموا الدخول عليه من باب داره، فاغلقت الباب، و قام رجل من اسلم يقال له: نيار بن عياض و كان من الصّحابة فنادى عثمان و أمره أن يخلع نفسه، فبينا هو يناشده و يسوّمه خلع نفسه رماه كثير بن الصّلت الكندي و كان من أصحاب عثمان من أهل الدار نسبهم فقتله.

فصاح المصريّون و غيرهم عند ذلك: ادفعوا إلينا قاتل ابن عياض لنقتله به، فقال عثمان: لم اكن لأدفع إليكم رجلا نصرني و أنتم تريدون قتلي فثاروا إلى الباب فاغلق دونهم فجاءوا بنار فأحرقوه و أحرقوا السقيفة التي عليه.

و خرج مروان بسيفه يحاله النّاس فضربه رجل من بني ليث على رقبته فأثبته و قطع احد عيباوته فعاش مروان بعد ذلك اوقص، و قتل المغيرة بن الاخنس و هو يحامى عن عثمان بالسّيف.

و اقتحم القوم الدار و دخل كثير منهم الدّور المجاورة لها و تسوّروا من دار عمرو بن حزم اليها حتّى ملئوها و غلب النّاس على عثمان و ندبوا رجلا لقتله، فدخل إليه البيت فقال له: اخلعها و ندعك، فقال: و يحك و اللّه ما كشفت عن امرئة في جاهلية و لا اسلام و لا تغنيت و لا تمنيت و لا وضعت يميني على عورتى منذ بايعت رسول اللّه و لست بخالع قميصا كسانيه اللّه حتى يكرم اهل السّعادة و يهين اهل الشقاوة.

فخرج عنه فقالوا له ما صنعت قال: إنى لم استحلّ قتله فادخلو إليه رجلا من الصحابة فقال له: لست بصاحبي إنّ النبيّ دعا لك أن يحفظك يوم كذاو لن تصنع فرجع عنه، فادخلوا إليه رجلا من قريش فقال له: ان رسول اللّه استغفر لك يوم كذا فلن يقارف دما حراما فرجع.

فدخل عليه محمّد بن أبي بكر و في رواية الواقدي انّه أوّل من دخل عليه فقال له عثمان: و يحك أعلى اللّه تغضب هل لى إليك جرم إلّا أنّى أخذت حقّ اللّه منك، فأخذ محمّد بلحيته و قال: أخزاك اللّه يا نعثل، قال: لست بنعثل، و لكنّي عثمان و أمير المؤمنين فقال: ما أغنى عنك معاوية و فلان و فلان، فقال عثمان: يابن أخي دعها من يدك فما كان أبوك ليقبض عليها، فقال: لو عملت ما عملت في حياة أبى لقبض عليها و الذى اريد بك أشدّ من قبضي عليها، فقال: استنصر اللّه عليك و استعين بك فتركه و خرج.

و قيل: بل طعن جنبه بمشقص كان في يده فثار سودان بن حمران، و ابو حرب الغانقى و قنبرة بن وهب السكسكى فضربه الغانقى بعمود كان في يده و ضرب المصحف برجله و كان في حجره فنزل بين يديه و سال عليه الدّم، و جاء سودان ليضربه بالسّيف فاكبّت عليه امرأته نائلة و ألقت السّيف بيدها و هى تصرخ فنفح أصابعها فأطنها فولت فغمرت بعضهم إوراكها و قال إنّها لكبيرة العجز و ضرب سودان عثمان فقتله.

و قيل: بل قتله كنانة بن بشير النّجيبى، و قيل: بل قنبرة بن وهب، و دخل غلمان عثمان و مواليه فضرب أحدهم عنق سودان فقتله، فوثب قنبرة بن وهب على ذلك الغلام فقتله، فوثب غلام آخر على قنبرة فقتله، و نهب دار عثمان و اخذ ما على نسائه و ما كان في بيت المال.

و كان فيه غزارتان دراهم و وثب عمرو بن الحمق على صدر عثمان و به رمق فطعنه تسع طعنات و قال: أما ثلاث منها فانى طعنتهن للّه و أما ستّ منها فلما كان في صدرى عليه و أرادوا قطع رأسه فوقع عليه زوجتاه فضجن و ضربن الوجوه فقال ابن عديس: اتركوه.

و اقبل عمير بن الصّابى فوثب عليه فكسر ضلعين من أضلاعه و قال له سجنت أبي حتّى مات في السّجن.

و كان قتله يوم الثامن عشر من ذى الحجة سنة خمس و ثلاثين، و كان عمره ستّا و ثمانين سنة و دفن في حشّ كوكب«» بعد ثلاثة ايّام باذن عليّ على ما مرّ في شرح الخطبة الشّقشقّية.

شرح لاهیجی

الخطبة 31

و من كلام له (- ع- ) فى معنى قتل عثمان يعنى از كلام امير المؤمنين (- ع- ) است در مقصود قتل عثمان لو امرت به لكنت قاتلا او نهيت عنه لكنت ناصرا يعنى اگر امر كرده بودم بقتل عثمان هر اينه بودم مباشر قتل او و اگر نهى كرده بودم از قتل او هر اينه بودم ناصر و ياور يعنى قتل عثمان بى صلاح و شور من واقع شد و مباشرين قتل او در تحت امر و نهى من نبودند زيرا كه اگر مباشرين با من مشورت كرده و من امر كرده بودم البتّه با آنها موافقت مى كردم و مباشر قتال و قتل او مى شدم و اگر بعد از شور من نهى كرده بودم و انها نشنيده بودند البتّه يارى عثمان مى كردم و با مباشرين قتال و كوشش مى كردم و چون هيچ يك واقع نشده نه قتال بر او و نه قتال با او پس معلوم شد كه بشور و صلاح من نبودند مباشرين قتل او و هيچ قصد انها احقاق حقّ من و نصرت من نبود بلكه طمع مال و جاه از او داشتند و موافق خواهش انها عثمان با آنها رفتار نكرده و اموال و اقطاع باقوام و اقارب خود نداده و انها را محروم و از خود رنجانيده بود انها در مقام خصومة و هوا و هوس باطل خود او را بقتل رسانيدند و اگر عثمان انها را از خود راضى مى داشت باموال دنيوى البتّه مبادرت بنفاق و قتال و قتل او نمى كردند و چنانچه خلافت و تصرّف او در حكومت و بيت المال بخلاف حقّ بود مباشرت انجماعت بقتل او نيز بخلاف حقّ و باطل بود زيرا كه از روى هوا و هوس نفسانى و طمع مال و جاه بود نه احقاق حقّ و از براى رضاء خدا و مقتول و قاتل هر دو بخلاف حقّ و باطل بودند پس ايراد بر من كه اگر بر حقّ بود چرا ناصر او نشدى و اگر بخلاف حقّ چرا خاذل نگرديدى و معين قتله نشدى بيجا باشد زيرا كه او در منصب خود غاصب و باطل بود لكن در قتل او قتله را حقّى نبود زيرا كه بى اذن امام در حضور امام جهاد فى سبيل اللّه حرام است و حال آن كه اصلا و مطلقا قصد قتله جهاد فى سبيل اللّه و احقاق حقّ نبود بلكه غرض انها نبود الّا متابعت هواء نفس و شيطان و طمع مال و ثروت و سامان مثل آن كه بر كسى قصاصى باشد و غير صاحب حقّ قصاص او را بناحقّ بقتل رساند قاتل او مقصّر و گناه كار باشد زيرا كه بخلاف حقّ او را بقتل رسانيده اگر چه مقتول نيز گناهكار باشد و اگر چه صاحب حقّ را مقتول شدن او ناگوار نباشد لكن قاتل نيز گوارا او نبود و اين مطلب چه بسيار ظاهر و بديهى است و مطابق ماجراى عثمان است غير انّ من نصره لا يستطيع ان يقول خذله من انا خير منه و من خذله لا يستطيع ان يقول نصره من هو خير منّى يعنى اگر چه قتل عثمان بمشورت و بامر و نهى من نشده و قاتل و مقتول هر دو بخلاف حقّ و باطل بودند امّا كسى كه ناصر و ياور او است نمى تواند گفت كه يارى نكرد او را كسى كه من بهتر از او باشم بجهة آن كه ناصر و ياور او مثل مروان و قليلى از اراذل بنى اميّه نمى توانند خود را تفضيل داد بر انهائى كه يارى او نكردند از قبيل امير مؤمنان (- ع- ) و ساير اصحاب كبار بلكه افضليّت اصحاب كبار مسلّم است نزد كلّ انها و كسى كه يارى او نكرد نمى تواند گفت كه يارى كرد او را كسى كه بهتر از من بود و الّا اقرار بغلط و خذلان خود كرده باشد پس بنا بر اتّفاق ناصرين و خاذلين بهتر خواهند بود از ناصرين او و خيرى در نصرت او نبوده تا كسى اختيار كرده باشد پس ثابت شد خيريّت عدم نصرت او اگر چه در قتل او از براى قاتلين نيز خيريّتى نباشد فانا جامع لكم امره استأثر فاساء الاثرة و جزعتم فاسأتم الجزع يعنى پس من جمع كننده ام از براى شما امر و كار او را در اين كلام كه او مستبدّ و منفرد در خلافت شد يا اختيار كرد نفس خود را از براى خلافت پس بد كرد در اين استبداد و اختيار زيرا كه حقّ او و رتبه او نبود و ظلم و جور در دين و دنيا كرد و شما يعنى احزاب شما جزع از ظلم و جور او كرديد پس بد كرديد جزع را كه خود مباشر انتقام و قتل او شديد و انتقام و قتل باين نحو كه كرديد حقّ شما نبود بايست از او دورى و انحراف ورزيده باشيد تا حقّ بصاحبش قرار يابد و جبر شكستگى شما را كند و للّه حكم واقع فى المستأثر و الجازع يعنى مختصّ از براى خداست حكم واقع ثابت در جزاء مستأثر مستبدّ باطل و جازع باطل و در اخرت جزاء هر دو را بان نحو كه مستحقّ باشند خواهد داد اگر چه در بين جزائين بون بعيد باشد

شرح ابن ابی الحدید

30 و من خطبة له ع في معنى قتل عثمان

لَوْ أَمَرْتُ بِهِ لَكُنْتُ قَاتِلًا- أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ لَكُنْتُ نَاصِراً- غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ خَذَلَهُ مَنْ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ- وَ مَنْ خَذَلَهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ نَصَرَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي- وَ أَنَا جَامِعٌ لَكُمْ أَمْرَهُ اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الْأَثَرَةَ- وَ جَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ الْجَزَعَ- وَ لِلَّهِ حُكْمٌ وَاقِعٌ فِي الْمُسْتَأْثِرِ وَ الْجَازِعِ هذا الكلام بظاهره يقتضي أنه ما أمر بقتله و لا نهى عنه- فيكون دمه عنده في حكم الأمور المباحة التي لا يؤمر بها- و لا ينهى عنها- غير أنه لا يجوز أن يحمل الكلام على ظاهره- لما ثبت من عصمة دم عثمان- و أيضا فقد ثبت في السير و الأخبار- أنه كان ع ينهى الناس عن قتله- فإذن يجب أن يحمل لفظ النهي على المنع- كما يقال الأمير ينهى عن نهب أموال الرعية أي يمنع- و حينئذ يستقيم الكلام- لأنه ع ما أمر بقتله و لا منع عن قتله- و إنما كان ينهى عنه باللسان و لا يمنع عنه باليد- . فإن قيل فالنهي عن المنكر واجب- فهلا منع من قتله باليد- . قيل إنما يجب المنع باليد عن المنكر إذا كان حسنا- و إنما يكون الإنكار حسنا- إذا لم يغلب على ظن الناهي عن المنكر أن نهيه لا يؤثر- فإن غلب على ظنه أن نهيه لا يؤثر قبح إنكار المنكر- لأنه إن كان الغرض تعريف فاعل القبيح قبح ما أقدم عليه- فذلك حاصل من دون الإنكار- و إن كان الغرض ألا يقع المنكر فذلك غير حاصل- لأنه قد غلب على ظنه أن نهيه و إنكاره لا يؤثر- و لذلك لا يحسن من الإنسان الإنكار على أصحاب المآصر- ما هم عليه من أخذ المكوس- لما غلب على الظن أن الإنكار لا يؤثر- و هذا يقتضي أن يكون أمير المؤمنين ع- قد غلب على ظنه أن إنكاره لا يؤثر فلذلك لم ينكر- . و لأجل اشتباه هذا الكلام على السامعين- قال كعب بن جعيل شاعر أهل الشام الأبيات التي منها-

  • أرى الشام تكره أهل العراقو أهل العراق لهم كارهونا
  • و كل لصاحبه مبغضيرى كل ما كان من ذاك دينا
  • إذا ما رمونا رميناهم و دناهم مثل ما يقرضونا
  • و قالوا علي إمام لنافقلنا رضينا ابن هند رضينا
  • و قالوا نرى أن تدينوا لنافقلنا ألا لا نرى أن ندينا
  • و من دون ذلك خرط القتادو طعن و ضرب يقر العيونا
  • و كل يسر بما عندهيرى غث ما في يديه سمينا
  • و ما في علي لمستعتبمقال سوى ضمه المحدثينا
  • و إيثاره اليوم أهل الذنوبو رفع القصاص عن القاتلينا
  • إذا سيل عنه حذا شبهةو عمى الجواب على السائلينا
  • فليس براض و لا ساخطو لا في النهاة و لا الآمرينا
  • و لا هو ساء و لا سرهو لا بد من بعض ذا أن يكونا

- . و هذا شعر خبيث منكر و مقصد عميق- و ما قال هذا الشعر إلا بعد أن نقل إلى أهل الشام- كلام كثير لأمير المؤمنين ع في عثمان- يجري هذا المجرى نحو قوله ما سرني و لا ساءني- و قيل له أ رضيت بقتله فقال لم أرض- فقيل له أ سخطت قتله فقال لم أسخط- و قوله تارة الله قتله و أنا معه- و قوله تارة أخرى ما قتلت عثمان و لا مالأت في قتله- و قوله تارة أخرى- كنت رجلا من المسلمين أوردت إذ أوردوا- و أصدرت إذ أصدروا- . و لكل شي ء من كلامه- إذا صح عنه تأويل يعرفه أولو الألباب- . فأما قوله غير أن من نصره- فكلام معناه أن خاذليه كانوا خيرا من ناصريه- لأن الذين نصروه كان أكثرهم فساقا- كمروان بن الحكم و أضرابه- و خذله المهاجرون و الأنصار- . فأما قوله و أنا جامع لكم أمره إلى آخر الفصل- فمعناه أنه فعل ما لا يجوز و فعلتم ما لا يجوز- أما هو فاستأثر فأساء الأثرة- أي استبد بالأمور فأساء في الاستبداد- و أما أنتم فجزعتم مما فعل أي حزنتم فأسأتم الجزع- لأنكم قتلتموه- و قد كان الواجب عليه أن يرجع عن استئثاره- و كان الواجب عليكم ألا تجعلوا جزاءه عما أذنب القتل- بل الخلع و الحبس و ترتيب غيره في الإمامة- . ثم قال و لله حكم سيحكم به فيه و فيكم

اضطراب الأمر على عثمان ثم أخبار مقتله

و يجب أن نذكر في هذا الموضع ابتداء اضطراب الأمر- على عثمان إلى أن قتل- . و أصح ما ذكر في ذلك ما أورده أبو جعفر- محمد بن جرير الطبري في التاريخ- . و خلاصة ذلك أن عثمان أحدث أحداثا مشهورة- نقمها الناس عليه من تأمير بني أمية- و لا سيما الفساق منهم و أرباب السفه و قلة الدين- و إخراج مال الفي ء إليهم- و ما جرى في أمر عمار و أبي ذر و عبد الله بن مسعود- و غير ذلك من الأمور التي جرت في أواخر خلافته- ثم اتفق أن الوليد بن عقبة لما كان عامله على الكوفة- و شهد عليه بشرب الخمر- صرفه و ولى سعيد بن العاص مكانه- فقدم سعيد الكوفة و استخلص من أهلها قوما يسمرون عنده- فقال سعيد يوما إن السواد بستان للقريش و بني أمية- فقال الأشتر النخعي- و تزعم أن السواد الذي أفاءه الله على المسلمين بأسيافنا- بستان لك و لقومك- فقال صاحب شرطته أ ترد على الأمير مقالته و أغلظ له- فقال الأشتر لمن كان حوله من النخع- و غيرهم من أشراف الكوفة- أ لا تسمعون فوثبوا عليه بحضرة سعيد- فوطئوه وطأ عنيفا و جروا برجله- فغلظ ذلك على سعيد و أبعد سماره فلم يأذن بعد لهم- فجعلوا يشتمون سعيدا في مجالسهم- ثم تعدوا ذلك إلى شتم عثمان- و اجتمع إليهم ناس كثير حتى غلظ أمرهم- فكتب سعيد إلى عثمان في أمرهم- فكتب إليه أن يسيرهم إلى الشام- لئلا يفسدوا أهل الكوفة- و كتب إلى معاوية و هو والي الشام- أن نفرا من أهل الكوفة قد هموا بإثارة الفتنة- و قد سيرتهم إليك فانههم- فإن آنست منهم رشدا فأحسن إليهم- و ارددهم إلى بلادهم- فلما قدموا على معاوية- و كانوا الأشتر و مالك بن كعب الأرحبي- و الأسود بن يزيد النخعي و علقمة بن قيس النخعي- و صعصعة بن صوحان العبدي و غيرهم- جمعهم يوما و قال لهم- إنكم قوم من العرب ذوو أسنان و ألسنة- و قد أدركتم بالإسلام شرفا- و غلبتم الأمم و حويتم مواريثهم- و قد بلغني أنكم ذممتم قريشا و نقمتم على الولاة فيها- و لو لا قريش لكنتم أذلة- إن أئمتكم لكم جنة فلا تفرقوا عن جنتكم- إن أئمتكم ليصبرون لكم على الجور- و يحتملون منكم العتاب- و الله لتنتهن أو ليبتلينكم الله- بمن يسومكم الخسف و لا يحمدكم على الصبر- ثم تكونون شركاءهم فيما جررتم على الرعية- في حياتكم و بعد وفاتكم- .

فقال له صعصعة بن صوحان- أما قريش فإنها لم تكن أكثر العرب- و لا أمنعها في الجاهلية- و إن غيرها من العرب لأكثر منها كان و أمنع- . فقال معاوية- إنك لخطيب القوم و لا أرى لك عقلا- و قد عرفتكم الآن و علمت أن الذي أغراكم قلة العقول- أعظم عليكم أمر الإسلام فتذكرني الجاهلية- أخزى الله قوما عظموا أمركم- فقهوا عني و لا أظنكم تفقهون- إن قريشا لم تعز في جاهلية و لا إسلام إلا بالله وحده- لم تكن بأكثر العرب و لا أشدها- و لكنهم كانوا أكرمهم أحسابا- و أمحضهم أنسابا و أكملهم مروءة- و لم يمتنعوا في الجاهلية- و الناس يأكل بعضهم بعضا- إلا بالله- فبوأهم حرما آمنا يتخطف الناس من حوله- هل تعرفون عربا أو عجما أو سودا أو حمرا- إلا و قد أصابهم الدهر في بلدهم و حرمهم- إلا ما كان من قريش- فإنه لم يردهم أحد من الناس بكيد إلا جعل الله خده الأسفل- حتى أراد الله تعالى أن يستنقذ من أكرمه باتباع دينه- من هوان الدنيا و سوء مرد الآخرة- فارتضى لذلك خير خلقه ثم ارتضى له أصحابا- و كان خيارهم قريشا ثم بنى هذا الملك عليهم- و جعل هذه الخلافة فيهم فلا يصلح الأمر إلا بهم- و قد كان الله يحوطهم في الجاهلية و هم على كفرهم- أ فتراه لا يحوطهم و هم على دينه أف لك و لأصحابك- أما أنت يا صعصعة فإن قريتك شر القرى- أنتنها نبتا و أعمقها واديا- و ألأمها جيرانا و أعرفها بالشر- لم يسكنها شريف قط و لا وضيع إلا سب بها- نزاع الأمم و عبيد فارس و أنت شر قومك- أ حين أبرزك الإسلام و خلطك بالناس- أقبلت تبغي دين الله عوجا و تنزع إلى الغواية- إنه لن يضر ذلك قريشا و لا يضعهم- و لا يمنعهم من تأدية ما عليهم- إن الشيطان عنكم لغير غافل- قد عرفكم بالشر فأغراكم بالناس- و هو صارعكم و إنكم لا تدركون بالشر أمرا- إلا فتح عليكم شر منه و أخزى- قد أذنت لكم فاذهبوا حيث شئتم- لا ينفع الله بكم أحدا أبدا و لا يضره- و لستم برجال منفعة و لا مضرة- فإن أردتم النجاة- فالزموا جماعتكم و لا تبطرنكم النعمة- فإن البطر لا يجر خيرا اذهبوا حيث شئتم- فسأكتب إلى أمير المؤمنين فيكم- .

و كتب إلى عثمان- أنه قدم علي قوم ليست لهم عقول و لا أديان- أضجرهم العدل لا يريدون الله بشي ء- و لا يتكلمون بحجة إنما همهم الفتنة- و الله مبتليهم ثم فاضحهم- و ليسوا بالذين نخاف نكايتهم- و ليسوا بأكثر ممن له شغب و نكير- . ثم أخرجهم من الشام- . و روى أبو الحسن المدائني- أنه كان لهم مع معاوية بالشام مجالس- طالت فيها المحاورات و المخاطبات بينهم- و أن معاوية قال لهم في جملة ما قاله- إن قريشا قد عرفت- أن أبا سفيان كان أكرمها و ابن أكرمها- إلا ما جعل الله لنبيه ص- فإنه انتجبه و أكرمه- و لو أن أبا سفيان ولد الناس كلهم لكانوا حلماء- . فقال له صعصعة بن صوحان كذبت- قد ولدهم خير من أبي سفيان- من خلقه الله بيده و نفخ فيه من روحه- و أمر الملائكة فسجدوا له- فكان فيهم البر و الفاجر و الكيس و الأحمق- . قال و من المجالس التي دارت بينهم- أن معاوية قال لهم أيها القوم ردوا خيرا أو اسكتوا- و تفكروا و انظروا فيما ينفعكم و المسلمين- فاطلبوه و أطيعوني- . فقال له صعصعة لست بأهل ذلك- و لا كرامة لك أن تطاع في معصية الله- . فقال إن أول كلام ابتدأت به- أن أمرتكم بتقوى الله و طاعة رسوله- و أن تعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا- . فقالوا بل أمرت بالفرقة- و خلاف ما جاء به النبي ص- . فقال إن كنت فعلت فإني الآن أتوب- و آمركم بتقوى الله و طاعته و لزوم الجماعة- و أن توقروا أئمتكم و تطيعوهم- . فقال صعصعة إن كنت تبت فإنا نأمرك أن تعتزل عملك- فإن في المسلمين من هو أحق به منك- ممن كان أبوه أحسن أثرا في الإسلام من أبيك- و هو أحسن قدما في الإسلام منك- .

فقال معاوية إن لي في الإسلام لقدما- و إن كان غيري أحسن قدما مني- لكنه ليس في زماني أحد أقوى على ما أنا فيه مني- و لقد رأى عمر بن الخطاب ذلك- فلو كان غيري أقوى مني- لم يكن عند عمر هوادة لي و لا لغيري- و لم أحدث ما ينبغي له أن أعتزل عملي- فلو رأى ذلك أمير المؤمنين لكتب إلي بخط يده- فاعتزلت عمله- فمهلا فإن في دون ما أنتم فيه ما يأمر فيه الشيطان و ينهى- و لعمري لو كانت الأمور تقضى على رأيكم و أهوائكم- ما استقام الأمر لأهل الإسلام يوما و لا ليلة- فعاودوا الخير و قولوه فإن الله ذو سطوات- و إني خائف عليكم- أن تتتابعوا إلى مطاوعة الشيطان و معصية الرحمن- فيحلكم ذلك دار الهون في العاجل و الآجل- . فوثبوا على معاوية فأخذوا برأسه و لحيته- فقال مه إن هذه ليست بأرض الكوفة- و الله لو رأى أهل الشام ما صنعتم بي و أنا إمامهم- ما ملكت أن أنهاهم عنكم حتى يقتلوكم- فلعمري إن صنيعكم يشبه بعضه بعضا- . ثم قام من عندهم و كتب إلى عثمان في أمرهم- فكتب إليه أن ردهم إلى سعيد بن العاص بالكوفة- فردهم فأطلقوا ألسنتهم في ذمه و ذم عثمان و عيبهما- فكتب إليه عثمان أن يسيرهم إلى حمص- إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فسيرهم إليها- .

و روى الواقدي قال- لما سير بالنفر الذين طردهم عثمان عن الكوفة إلى حمص- و هم الأشتر و ثابت بن قيس الهمداني- و كميل بن زياد النخعي و زيد بن صوحان و أخوه صعصعة- و جندب بن زهير الغامدي- و جندب بن كعب الأزدي و عروة بن الجعد- و عمرو بن الحمق الخزاعي و ابن الكواء- جمعهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد- بعد أن أنزلهم أياما و فرض لهم طعاما- ثم قال لهم يا بني الشيطان لا مرحبا بكم و لا أهلا- قد رجع الشيطان محسورا- و أنتم بعد في بساط ضلالكم و غيكم- جزى الله عبد الرحمن إن لم يؤذكم- يا معشر من لا أدري أ عرب هم أم عجم- أ تراكم تقولون لي ما قلتم لمعاوية- أنا ابن خالد بن الوليد أنا ابن من عجمته العاجمات- أنا ابن فاقئ عين الردة- و الله يا ابن صوحان لأطيرن بك طيرة بعيدة المهوى- إن بلغني أن أحدا ممن معي دق أنفك فأقنعت رأسك- .

قال فأقاموا عنده شهرا كلما ركب أمشاهم معه- و يقول لصعصعة يا ابن الخطيئة- إن من لم يصلحه الخير أصلحه الشر- ما لك لا تقول كما كنت تقول لسعيد و معاوية- فيقولون سنتوب إلى الله أقلنا أقالك الله- فما زال ذاك دأبه و دأبهم حتى قال تاب الله عليكم- فكتب إلى عثمان يسترضيه عنهم- و يسأله فيهم فردهم إلى الكوفة- . قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى- ثم إن سعيد بن العاص قدم على عثمان- سنة إحدى عشرة من خلافته- فلما دخل المدينة اجتمع قوم من الصحابة- فذكروا سعيدا و أعماله- و ذكروا قرابات عثمان و ما سوغهم من مال المسلمين- و عابوا أفعال عثمان- فأرسلوا إليه عامر بن عبد القيس و كان متألها- و اسم أبيه عبد الله و هو من تميم ثم من بني العنبر- فدخل على عثمان فقال له- إن ناسا من الصحابة اجتمعوا و نظروا في أعمالك- فوجدوك قد ركبت أمورا عظاما فاتق الله و تب إليه- فقال عثمان انظروا إلى هذا- تزعم الناس أنه قارئ- ثم هو يجي ء إلي فيكلمني فيما لا يعلمه- و الله ما تدري أين الله- فقال عامر بلى و الله إني لأدري إن الله لبالمرصاد- . فأخرجه عثمان و أرسل إلى عبد الله بن سعد بن سرح- و إلى معاوية و سعيد بن العاص- و عمرو بن العاص و عبد الله بن عامر- و كان قد استقدم الأمراء من أعمالهم فشاورهم- و قال إن لكل أمير وزراء و نصحاء- و إنكم وزرائي و نصحائي و أهل ثقتي- و قد صنع الناس ما قد رأيتم- و طلبوا إلي أن أعزل عمالي- و أن أرجع عن جميع ما يكرهون إلى ما يحبون- فاجتهدوا رأيكم- .

فقال عبد الله بن عامر- أرى لك يا أمير المؤمنين أن تشغلهم عنك بالجهاد- حتى يذلوا لك- و لا تكون همة أحدهم إلا في نفسه- و ما هو فيه من دبر دابته و قمل فروته- . و قال سعيد بن العاص- احسم عنك الداء و اقطع عنك الذي تخاف- إن لكل قوم قادة متى يهلكوا يتفرقوا و لا يجتمع لهم أمر- . فقال عثمان إن هذا لهو الرأي لو لا ما فيه- و قال معاوية- أشير عليك أن تأمر أمراء الأجناد- فيكفيك كل رجل منهم ما قبله- فأنا أكفيك أهل الشام- . و قال عبد الله بن سعد إن الناس أهل طمع- فأعطهم من هذا المال تعطف عليك قلوبهم- . فقال عمرو بن العاص يا أمير المؤمنين- إنك قد ركبت الناس ببني أمية- فقلت و قالوا و زغت و زاغوا- فاعتدل أو اعتزل فإن أبيت فاعزم عزما و امض قدما- .

فقال له عثمان ما لك قمل فروك أ هذا بجد منك- . فسكت عمرو حتى تفرقوا- ثم قال و الله يا أمير المؤمنين- لأنت أكرم علي من ذلك- و لكني علمت- أن بالباب من يبلغ الناس قول كل رجل منا- فأردت أن يبلغهم قولي فيثقوا بي- فأقود إليك خيرا و أدفع عنك شرا- . فرد عثمان عماله إلى أعمالهم- و أمرهم بتجهيز الناس في البعوث- و عزم على أن يحرمهم أعطياتهم ليطيعوه- و رد سعيد بن العاص إلى الكوفة- فتلقاه أهلها بالجرعة- و كانوا قد كرهوا إمارته و ذموا سيرته- فقالوا له ارجع إلى صاحبك فلا حاجة لنا فيك- فهم بأن يمضي لوجهه و لا يرجع- فكثر الناس عليه فقال له قائل ما هذا- أ ترد السيل عن إدراجه- و الله لا يسكن الغوغاء إلا المشرفية- و يوشك أن تنتضى بعد اليوم- ثم يتمنون ما هم اليوم فيه فلا يرد عليهم- فارجع إلى المدينة فإن الكوفة ليست لك بدار- .

فرجع إلى عثمان فأخبره بما فعلوا- فأنفذ أبا موسى الأشعري أميرا على الكوفة- و كتب إليهم أما بعد- فقد أرسلت إليكم أبا موسى الأشعري أميرا- و أعفيتكم من سعيد- و و الله لأفوضنكم عرضي و لأبذلن لكم صبري- و لأستصلحنكم جهدي- فلا تدعوا شيئا أحببتموه لا يعصى الله فيه إلا سألتموه- و لا شيئا كرهتموه لا يعصى الله فيه إلا استعفيتم منه- لأكون فيه عند ما أحببتم و كرهتم- حتى لا يكون لكم على الله حجة- و الله لنصبرن كما أمرنا و سيجزي الله الصابرين- .

قال أبو جعفر فلما دخلت سنة خمس و ثلاثين- تكاتب أعداء عثمان و بني أمية في البلاد- و حرض بعضهم بعضا على خلع عثمان عن الخلافة- و عزل عماله عن الأمصار و اتصل ذلك بعثمان- فكتب إلى أهل الأمصار- أما بعد فإنه رفع إلي- أن أقواما منكم يشتمهم عمالي و يضربونهم- فمن أصابه شي ء من ذلك فليواف الموسم بمكة- فليأخذ بحقه مني أو من عمالي فإني قد استقدمتهم- أو تصدقوا فإن الله يجزي المتصدقين- . ثم كاتب عماله و استقدمهم فلما قدموا عليه جمعهم- و قال ما شكاية الناس منكم- إني لخائف أن تكونوا مصدوقا عليكم- و ما يعصب هذا الأمر إلا بي- فقالوا له و الله ما صدق من رفع إليك و لا بر- و لا نعلم لهذا الأمر أصلا- فقال عثمان فأشيروا علي- فقال سعيد بن العاص هذه أمور مصنوعة- تلقى في السر فيتحدث بها الناس- و دواء ذلك السيف- . و قال عبد الله بن سعد- خذ من الناس الذي عليهم إذا أعطيتهم الذي لهم- . و قال معاوية الرأي حسن الأدب- . و قال عمرو بن العاص- أرى لك أن تلزم طريق صاحبيك- فتلين في موضع اللين و تشتد في موضع الشدة- .

فقال عثمان قد سمعت ما قلتم- إن الأمر الذي يخاف على هذه الأمة كائن لا بد منه- و إن بابه الذي يغلق عليه ليفتحن- فكفكفوهم باللين و المداراة إلا في حدود الله- فقد علم الله أني لم آل الناس خيرا- و إن رحى الفتنة لدائرة- فطوبى لعثمان إن مات و لم يحركها- سكنوا الناس و هبوا لهم حقوقهم- فإذا تعوطيت حقوق الله فلا تدهنوا فيها- .

ثم نفر فقدم المدينة فدعا عليا و طلحة و الزبير- فحضروا و عنده معاوية فسكت عثمان و لم يتكلم- و تكلم معاوية فحمد الله و قال- أنتم أصحاب رسول الله ص و خيرته من خلقه- و ولاة أمر هذه الأمة لا يطمع فيه أحد غيركم- اخترتم صاحبكم عن غير غلبة و لا طمع- و قد كبر و ولى عمره- فلو انتظرتم به الهرم كان قريبا- مع أني أرجو أن يكون أكرم على الله أن يبلغه ذلك- و قد فشت مقالة خفتها عليكم- فما عبتم فيه من شي ء فهذه يدي لكم به رهنا- فلا تطمعوا الناس في أمركم- فو الله إن أطعتموهم لا رأيتم أبدا منها إلا إدبارا- . فقال علي ع و ما لك و ذاك لا أم لك- فقال دع أمي فإنها ليست بشر أمهاتكم- قد أسلمت و بايعت النبي ص و أجبني عما أقول لك- . فقال عثمان صدق ابن أخي- أنا أخبركم عني و عما وليت- إن صاحبي اللذين كانا قبلي ظلما أنفسهما- و من كان منهما بسبيل احتسابا- و إن رسول الله ص كان يعطي قرابته- و أنا في رهط أهل عيلة و قلة معاش- فبسطت يدي في شي ء من ذلك لما أقوم به فيه- فإن رأيتم ذلك خطأ فردوه فأمري لأمركم تبع- .

قالوا أصبت و أحسنت- إنك أعطيت عبد الله بن خالد بن أسيد خمسين ألفا- و أعطيت مروان خمسة عشر ألفا- فاستعدها منهما فاستعادها فخرجوا راضين- . قال أبو جعفر و قال معاوية لعثمان اخرج معي إلى الشام- فإنهم على الطاعة- قبل أن يهجم عليك ما لا قبل لك به- فقال لا أبيع جوار رسول الله ص بشي ء- و إن كان فيه قطع خيط عنقي- قال فأبعث إليك جندا من الشام- يقيم معك لنائبة إن نابت المدينة أو إياك- فقال لا أضيق على جيران رسول الله ص- فقال و الله لتغتالن فقال حسبي الله و نعم الوكيل- . قال أبو جعفر و خرج معاوية من عند عثمان- فمر على نفر من المهاجرين- فيهم علي ع و طلحة و الزبير- و على معاوية ثياب سفره- و هو خارج إلى الشام فقام عليهم فقال- إنكم تعلمون أن هذا الأمر كان الناس يتغالبون عليه- حتى بعث الله نبيه- فتفاضلوا بالسابقة و القدمة و الجهاد- فإن أخذوا بذلك فالأمر أمرهم- و الناس لهم تبع- و إن طلبوا الدنيا بالتغالب سلبوا ذلك- و رده الله إلى غيرهم و إن الله على البدل لقادر- و إني قد خلفت فيكم شيخنا- فاستوصوا به خيرا و كانفوه- تكونوا أسعد منه بذلك ثم ودعهم و مضى- فقال علي ع كنت أرى في هذا خيرا- فقال الزبير- و الله ما كان أعظم قط في صدرك و صدورنا منه اليوم- . قلت من هذا اليوم أنشب معاوية أظفاره في الخلافة- لأنه غلب على ظنه قتل عثمان- و رأى أن الشام بيده و أن أهلها يطيعونه- و أن له حجة يحتج بها عليهم و يجعلها ذريعة إلى غرضه- و هي قتل عثمان إذا قتل- و أنه ليس في أمراء عثمان أقوى منه- و لا أقدر على تدبير الجيوش و استمالة العرب- فبنى أمره من هذا اليوم على الطمع في الخلافة- أ لا ترى إلى قوله لصعصعة من قبل- إنه ليس أحد أقوى مني على الإمارة- و إن عمر استعملني و رضي سيرتي- أ و لا ترى إلى قوله للمهاجرين الأولين- إن شرعتم في أخذها بالتغالب و ملتم على هذا الشيخ- أخرجها الله منكم إلى غيركم و هو على الاستبدال قادر- و إنما كان يعني نفسه و هو يكني عنها- و لهذا تربض بنصرة عثمان- لما استنصره و لم يبعث إليه أحدا- . و روى محمد بن عمر الواقدي رحمه الله تعالى- قال لما أجلب الناس على عثمان و كثرت القالة فيه- خرج ناس من مصر- منهم عبد الرحمن بن عديس البلوي و كنانة بن بشر الليثي- و سودان بن حمران السكوني- و قتيرة بن وهب السكسكي- و عليهم جميعا أبو حرب الغافقي و كانوا في ألفين- و خرج ناس من الكوفة- منهم زيد بن صوحان العبدي و مالك الأشتر النخعي- و زياد بن النضر الحارثي و عبد الله بن الأصم الغامدي في ألفين- و خرج ناس من أهل البصرة- منهم حكيم بن جبلة العبدي و جماعة من أمرائهم- و عليهم حرقوص بن زهير السعدي- و ذلك في شوال من سنة خمس و ثلاثين- و أظهروا أنهم يريدون الحج- فلما كانوا من المدينة على ثلاث تقدم أهل البصرة- فنزلوا ذا خشب و كان هواهم في طلحة- و تقدم أهل الكوفة فنزلوا الأعوص- و كان هواهم في الزبير- و جاء أهل مصر فنزلوا المروة- و كان هواهم في علي ع- و دخل ناس منهم إلى المدينة يخبرون ما في قلوب الناس لعثمان- فلقوا جماعة من المهاجرين و الأنصار- و لقوا أزواج النبي ص- و قالوا إنما نريد الحج و نستعفي من عمالنا- . ثم لقي جماعة من المصريين عليا ع- و هو متقلد سيفه عند أحجار الزيت فسلموا عليه- و عرضوا عليه أمرهم فصاح بهم و طردهم- و قال لقد علم الصالحون أن جيش المروة و ذي خشب و الأعوص ملعونون- على لسان محمد ص- . فانصرفوا عنه- . و أتى البصريون طلحة فقال لهم مثل ذلك- و أتى الكوفيون الزبير فقال لهم مثل ذلك- فتفرقوا و خرجوا عن المدينة إلى أصحابهم- . فلما أمن أهل المدينة منهم و اطمأنوا إلى رجوعهم- لم يشعروا إلا و التكبير في نواحي المدينة- و قد نزلوها و أحاطوا بعثمان و نادى مناديهم- يا أهل المدينة من كف يده عن الحرب فهو آمن- فحصروه في منزله- إلا أنهم لم يمنعوا الناس من كلامه و لقائه- فجاءهم جماعة من رؤساء المهاجرين- و سألوهم ما شأنهم- فقالوا لا حاجة لنا في هذا الرجل- ليعتزلنا لنولي غيره لم يزيدوهم على ذلك- . فكتب عثمان إلى أهل الأمصار- يستنجدهم و يأمرهم بتعجيل الشخوص إليه للمنع عنه- و يعرفهم ما الناس فيه- فخرج أهل الأمصار على الصعب و الذلول- فبعث معاوية حبيب بن مسلمة الفهري- و بعث عبد الله بن سعد بن أبي سرح معاوية بن حديج- و خرج من الكوفة القعقاع بن عمرو بعثه أبو موسى- . و قام بالكوفة نفر- يحرضون الناس على نصر عثمان و إعانة أهل المدينة- منهم عقبة بن عمر و عبد الله بن أبي أوفى- و حنظلة الكاتب و كل هؤلاء من الصحابة- و من التابعين مسروق و الأسود و شريح و غيرهم- . و قام بالبصرة عمران بن الحصين و أنس بن مالك- و غيرهما من الصحابة- و من التابعين كعب بن سور و هرم بن حيان و غيرهما- .

و قام بالشام و مصر جماعة من الصحابة و التابعين- .

و خرج عثمان يوم الجمعة- فصلى بالناس و قام على المنبر- فقال يا هؤلاء الله الله- فو الله إن أهل المدينة يعلمون- أنكم ملعونون على لسان محمد ص- فامحوا الخطأ بالصواب- . فقام محمد بن مسلمة الأنصاري- فقال نعم أنا أعلم ذلك فأقعده حكيم بن جبلة- و قام زيد بن ثابت فأقعده قتيرة بن وهب- و ثار القوم فحصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد- و حصبوا عثمان حتى صرع عن المنبر مغشيا عليه- فأدخل داره و استقتل نفر من أهل المدينة مع عثمان- منهم سعد بن أبي وقاص و الحسن بن علي ع- و زيد بن ثابت و أبو هريرة فأرسل إليهم عثمان- عزمت عليكم أن تنصرفوا فانصرفوا- . و أقبل علي و طلحة و الزبير- فدخلوا على عثمان يعودونه من صرعته- و يشكون إليه ما يجدون لأجله- و عند عثمان نفر من بني أمية- منهم مروان بن الحكم- فقالوا لعلي ع أهلكتنا و صنعت هذا الذي صنعت- و الله إن بلغت هذا الأمر الذي تريده- لنمرن عليك الدنيا فقام مغضبا- و خرج الجماعة الذين حضروا معه إلى منازلهم- . و روى الواقدي- قال صلى عثمان بعد ما وثبوا به في المسجد شهرا كاملا- ثم منعوه الصلاة و صلى بالناس أميرهم الغافقي- . و روى المدائني- قال كان عثمان محصورا محاطا به- و هو يصلي بالناس في المسجد- و أهل مصر و الكوفة و البصرة الحاضرون له يصلون خلفه- و هم أدق في عينه من التراب- .

قال أبو جعفر في التاريخ- ثم إن أهل المدينة تفرقوا عنه و لزموا بيوتهم- لا يخرج أحد منهم إلا بسيفه يمتنع به- فكان حصاره أربعين يوما- . و روى الكلبي و الواقدي و المدائني- أن محمد بن أبي بكر و محمد بن أبي حذيفة- كانا بمصر يحرضان الناس على عثمان- فسار محمد بن أبي بكر مع من سار إلى عثمان- و أقام محمد بن أبي حذيفة بمصر- ثم غلب عليها لما سار عبد الله بن سعد بن أبي سرح- عامل عثمان عنها إلى المدينة في أثر المصريين- بإذن عثمان له- فلما كان بأيلة بلغه- أن المصريين قد أحاطوا بعثمان و أنه مقتول- و أن محمد بن أبي حذيفة قد غلب على مصر- فعاد عبد الله إلى مصر فمنع عنها- فأتى فلسطين فأقام بها حتى قتل عثمان- .

و روى الكلبي قال- بعث عبد الله بن سعد بن أبي سرح رسولا- من مصر إلى عثمان يخبره بنهوض من نهض من مصر إليه- و أنهم قد أظهروا العمرة- و قصدهم خلعه أو قتله- فخطب عثمان الناس و أعلمهم حالهم- و قال إنهم قد أسرعوا إلى الفتنة و استطالوا عمري- و الله إن فارقتهم ليتمنين كل منهم- أن عمري كان طال عليهم مكان كل يوم سنة- مما يرون من الدماء المسفوكة و الإحن- و الأثرة الظاهرة و الأحكام المغيرة- . و روى أبو جعفر قال- كان عمرو بن العاص ممن يحرض على عثمان و يغري به- و لقد خطب عثمان يوما في أواخر خلافته- فصاح به عمرو بن العاص اتق الله يا عثمان- فإنك قد ركبت أمورا و ركبناها معك- فتب إلى الله نتب- فناداه عثمان و إنك هاهنا يا ابن النابغة- قملت و الله جبتك منذ نزعتك عن العمل- فنودي من ناحية أخرى تب إلى الله- و نودي من أخرى مثل ذلك- فرفع يديه إلى السماء- و قال اللهم إني أول التائبين ثم نزل- .

و روى أبو جعفر قال- كان عمرو بن العاص شديد التحريض و التأليب على عثمان- و كان يقول و الله إن كنت لألقى الراعي- فأحرضه على عثمان فضلا عن الرؤساء و الوجوه- فلما سعر الشر بالمدينة- خرج إلى منزله بفلسطين- فبينا هو بقصره و معه ابناه عبد الله و محمد- و عندهم سلامة بن روح الجذامي- إذ مر بهم راكب من المدينة فسألوه عن عثمان- فقال محصور فقال عمرو أنا أبو عبد الله- قد يضرط العير و المكواة في النار- ثم مر بهم راكب آخر فسألوه- فقال قتل عثمان فقال عمرو أنا أبو عبد الله- إذا نكأت قرحة أدميتها- فقال سلامة بن روح يا معشر قريش- إنما كان بينكم و بين العرب باب فكسرتموه- فقال نعم أردنا أن يخرج الحق من خاصرة الباطل- ليكون الناس في الأمر شرعا سواء- .

و روى أبو جعفر قال- لما نزل القوم ذا خشب- يريدون قتل عثمان إن لم ينزع عما يكرهون- و علم عثمان ذلك جاء إلى منزل علي ع- فدخل و قال يا ابن عم إن قرابتي قريبة- و لي عليك حق- و قد جاء ما ترى من هؤلاء القوم و هم مصبحي- و لك عند الناس قدر و هم يسمعون منك- و أحب أن تركب إليهم فتردهم عني- فإن في دخولهم علي وهنا لأمري و جرأة علي- فقال ع على أي شي ء أردهم- قال على أن أصير إلى ما أشرت به و رأيته لي- فقال علي ع إني قد كلمتك مرة بعد أخرى- فكل ذلك تخرج و تقول و تعد ثم ترجع- و هذا من فعل مروان و معاوية- و ابن عامر و عبد الله بن سعد- فإنك أطعتهم و عصيتني- قال عثمان فإني أعصيهم و أطيعك- . فأمر علي ع الناس أن يركبوا معه- فركب ثلاثون رجلا من المهاجرين و الأنصار- منهم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل- و أبو جهم العدوي و جبير بن مطعم- و حكيم بن حزام و مروان بن الحكم- و سعيد بن العاص و عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد- . و من الأنصار أبو أسيد الساعدي و زيد بن ثابت- و حسان بن ثابت و كعب بن مالك و غيرهم- فأتوا المصريين فكلموهم- فكان الذي يكلمهم علي و محمد بن مسلمة- فسمعوا منهما و رجعوا أصحابهم يطلبون مصر- و رجع علي ع حتى دخل على عثمان- فأشار عليه أن يتكلم بكلام يسمعه الناس منه- ليسكنوا إلى ما يعدهم به من النزوع- و قال له إن البلاد قد تمخضت عليك- و لا آمن أن يجي ء ركب من جهة أخرى- فتقول لي يا علي اركب إليهم- فإن لم أفعل رأيتني قد قطعت رحمك- و استخففت بحقك- .

فخرج عثمان فخطب الخطبة التي نزع فيها- و أعطى الناس من نفسه التوبة- و قال لهم أنا أول من اتعظ- و أستغفر الله عما فعلت و أتوب إليه- فمثلي نزع و تاب- فإذا نزلت فليأتني أشرافكم فليروا رأيهم- و ليذكر كل واحد ظلامته لأكشفها- و حاجته لأقضيها- فو الله لئن ردني الحق عبدا لأستن بسنة العبيد- و لأذلن ذل العبيد- و ما عن الله مذهب إلا إليه- و الله لأعطينكم الرضا- و لأنحين مروان و ذويه و لا أحتجب عنكم- . فرق الناس له و بكوا حتى خضلوا لحاهم- و بكى هو أيضا- فلما نزل وجد مروان و سعيدا- و نفرا من بني أمية في منزله قعودا- لم يكونوا شهدوا خطبته و لكنها بلغتهم- فلما جلس قال مروان يا أمير المؤمنين- أ أتكلم أم أسكت- فقالت نائلة ابنة الفرافصة امرأة عثمان لا بل تسكت- فأنتم و الله قاتلوه و مميتو أطفاله- إنه قد قال مقالة لا ينبغي له أن ينزع عنها- فقال لها مروان و ما أنت و ذاك- و الله لقد مات أبوك و ما يحسن أن يتوضأ- فقالت مهلا يا مروان عن ذكر أبي إلا بخير- و الله لو لا أن أباك عم عثمان و أنه يناله غمه و عيبه- لأخبرتك من أمره بما لا أكذب فيه عليه- . فأعرض عنه عثمان ثم عاد فقال- يا أمير المؤمنين أ أتكلم أم أسكت- فقال تكلم فقال بأبي أنت و أمي- و الله لوددت أن مقالتك هذه كانت و أنت ممتنع- فكنت أول من رضي بها و أعان عليها- و لكنك قلت ما قلت و قد بلغ الحزام الطبيين- و جاوز السيل الزبى- و حين أعطى الخطة الذليلة الذليل- و الله لإقامة على خطيئة تستغفر الله منها- أجمل من توبة تخوف عليها- ما زدت على أن جرأت عليك الناس- .

فقال عثمان قد كان من قولي ما كان- و إن الفائت لا يرد و لم آل خيرا- . فقال مروان إن الناس قد اجتمعوا ببابك أمثال الجبال- قال ما شأنهم قال أنت دعوتهم إلى نفسك- فهذا يذكر مظلمة و هذا يطلب مالا- و هذا يسأل نزع عامل من عمالك عنه- و هذا ما جنيت على خلافتك- و لو استمسكت و صبرت كان خيرا لك- قال فاخرج أنت إلى الناس فكلمهم- فإني أستحيي أن أكلمهم و أردهم- . فخرج مروان إلى الناس و قد ركب بعضهم بعضا- فقال ما شأنكم قد اجتمعتم كأنكم جئتم لنهب- شاهت الوجوه- أ تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا اعزبوا عنا- و الله إن رمتمونا لنمرن عليكم ما حلا- و لنحلن بكم ما لا يسركم- و لا تحمدوا فيه غب رأيكم ارجعوا إلى منازلكم- فإنا و الله غير مغلوبين على ما في أيدينا- فرجع الناس خائبين يشتمون عثمان و مروان- و أتى بعضهم عليا ع فأخبره الخبر- فأقبل علي ع على عبد الرحمن بن الأسود- بن عبد يغوث الزهري- فقال أ حضرت خطبة عثمان قال نعم- قال أ حضرت مقالة مروان للناس قال نعم- فقال أي عباد الله يا لله للمسلمين- إني إن قعدت في بيتي- قال لي تركتني و خذلتني- و إن تكلمت فبلغت له ما يريد- جاء مروان فتلعب به حتى قد صار سيقة له- يسوقه حيث يشاء- بعد كبر السن و صحبته الرسول ص- و قام مغضبا من فوره حتى دخل على عثمان- فقال له- أ ما يرضى مروان منك إلا أن يحرفك عن دينك و عقلك- فأنت معه كجمل الظعينة يقاد حيث يسار به- و الله ما مروان بذي رأي في دينه و لا عقله- و إني لأراه يوردك ثم لا يصدرك- و ما أنا عائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك- أفسدت شرفك و غلبت على رأيك ثم نهض- .

فدخلت نائلة بنت الفرافصة فقالت- قد سمعت قول علي لك- و إنه ليس براجع إليك و لا معاود لك- و قد أطعت مروان يقودك حيث يشاء- قال فما أصنع قالت تتقي الله و تتبع سنة صاحبيك- فإنك متى أطعت مروان قتلك- و ليس لمروان عند الناس قدر و لا هيبة و لا محبة- و إنما تركك الناس لمكانه- و إنما رجع عنك أهل مصر لقول علي- فأرسل إليه فاستصلحه- فإن له عند الناس قدما و إنه لا يعصى- . فأرسل إلى علي فلم يأته و قال قد أعلمته أني غير عائد- . قال أبو جعفر فجاء عثمان إلى علي بمنزله ليلا- فاعتذر إليه و وعد من نفسه الجميل- و قال إني فاعل و إني غير فاعل- فقال له علي ع أ بعد ما تكلمت على منبر رسول الله ص- و أعطيت من نفسك ثم دخلت بيتك- و خرج مروان إلى الناس يشتمهم على بابك- فخرج عثمان من عنده و هو يقول- خذلتني يا أبا الحسن و جرأت الناس علي- فقال علي ع و الله إني لأكثر الناس ذبا عنك- و لكني كلما جئت بشي ء أظنه لك رضا- جاء مروان بغيره فسمعت قوله و تركت قولي- . و لم يغد علي إلى نصر عثمان- إلى أن منع الماء لما اشتد الحصار عليه- فغضب علي من ذلك غضبا شديدا- و قال لطلحة أدخلوا عليه الروايا- فكره طلحة ذلك و ساءه- فلم يزل علي ع حتى أدخل الماء إليه- . و روى أبو جعفر أيضا- أن عليا ع كان في ماله بخيبر لما حصر عثمان- فقدم المدينة و الناس مجتمعون على طلحة- و كان لطلحة في حصار عثمان أثر- فلما قدم علي ع أتاه عثمان- و قال له أما بعد- فإن لي حق الإسلام و حق الإخاء و القرابة و الصهر- و لو لم يكن من ذلك شي ء و كنا في جاهلية- لكان عارا على بني عبد مناف- أن يبتز بنو تيم أمرهم يعني طلحة- فقال له علي أنا أكفيك فاذهب أنت- .

ثم خرج إلى المسجد فرأى أسامة بن زيد- فتوكأ على يده حتى دخل دار طلحة و هي مملوءة من الناس- فقال له يا طلحة ما هذا الأمر الذي صنعت بعثمان- فقال يا أبا حسن أ بعد أن مس الحزام الطبيين- فانصرف علي ع حتى أتى بيت المال- فقال افتحوه فلم يجدوا المفاتيح- فكسر الباب و فرق ما فيه على الناس- فانصرف الناس من عند طلحة حتى بقي وحده- و سر عثمان بذلك- و جاء طلحة فدخل على عثمان فقال يا أمير المؤمنين- إني أردت أمرا فحال الله بيني و بينه و قد جئتك تائبا- فقال و الله ما جئت و لكن جئت مغلوبا- الله حسيبك يا طلحة- .

قال أبو جعفر كان عثمان مستضعفا طمع فيه الناس- و أعان على نفسه بأفعاله و باستيلاء بني أمية عليه- و كان ابتداء الجرأة عليه- أن إبلا من إبل الصدقة قدم بها عليه- فوهبها لبعض ولد الحكم بن أبي العاص- فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف- فأخذها و قسمها بين الناس و عثمان في داره- فكان ذلك أول وهن دخل على خلافة عثمان- . و قيل بل كان أول وهن دخل عليه- أن عثمان مر بجبلة بن عمرو الساعدي- و هو في نادي قومه و في يده جامعة فسلم فرد القوم عليه- فقال جبلة لم تردون على رجل فعل كذا و فعل كذا- ثم قال لعثمان و الله لأطرحن هذا الجامعة في عنقك- أو لتتركن بطانتك هذه الخبيثة- مروان و ابن عامر و ابن أبي سرح- فمنهم من نزل القرآن بذمه- و منهم من أباح رسول الله ص دمه- . و قيل إنه خطب يوما و بيده عصا- كان رسول الله ص و أبو بكر و عمر يخطبون عليها- فأخذها جهجاه الغفاري من يده و كسرها على ركبته- فلما تكاثرت أحداثه و تكاثر طمع الناس فيه- كتب جمع من أهل المدينة- من الصحابة و غيرهم إلى من بالآفاق- إن كنتم تريدون الجهاد- فهلموا إلينا فإن دين محمد قد أفسده خليفتكم فاخلعوه- فاختلفت عليه القلوب- و جاء المصريون و غيرهم إلى المدينة حتى حدث ما حدث- .

و روى الواقدي و المدائني و ابن الكلبي و غيرهم- و ذكره أبو جعفر في التاريخ- و ذكره غيره من جميع المورخين- أن عليا ع لما رد المصريين رجعوا بعد ثلاثة أيام- فأخرجوا صحيفة في أنبوبة رصاص- و قالوا وجدنا غلام عثمان بالموضع المعروف بالبويب- على بعير من إبل الصدقة- ففتشنا متاعه لأنا استربنا أمره- فوجدنا فيه هذه الصحيفة- مضمونها أمر عبد الله بن سعد بن أبي سرح- بجلد عبد الرحمن بن عديس و عمرو بن الحمق- و حلق رءوسهما و لحاهما و حبسهما- و صلب قوم آخرين من أهل مصر- . و قيل إن الذي أخذت منه الصحيفة أبو الأعور السلمي- و إنهم لما رأوه و سألوه عن مسيره و هل معه كتاب فقال لا- فسألوه في أي شي ء هو- فتغير كلامه فأخذوه و فتشوه و أخذوا الكتاب منه- و عادوا إلى المدينة- و جاء الناس إلى علي ع- و سألوه أن يدخل إلى عثمان فيسأله عن هذه الحال- فقام فجاء إليه فسأله- فأقسم بالله ما كتبته و لا علمته و لا أمرت به- فقال محمد بن مسلمة صدق هذا من عمل مروان- فقال لا أدري و كان أهل مصر حضورا- فقالوا أ فيجترأ عليك- و يبعث غلامك على جمل من إبل الصدقة- و ينقش على خاتمك- و يبعث إلى عاملك بهذه الأمور العظيمة- و أنت لا تدري قال نعم- قالوا إنك إما صادق أو كاذب- فإن كنت كاذبا فقد استحققت الخلع- لما أمرت به من قتلنا و عقوبتنا بغير حق- و إن كنت صادقا فقد استحققت الخلع- لضعفك عن هذا الأمر و غفلتك و خبث بطانتك- و لا ينبغي لنا أن نترك هذا الأمر- بيد من تقطع الأمور دونه لضعفه و غفلته- فاخلع نفسك منه- فقال لا أنزع قميصا ألبسنيه الله و لكني أتوب و أنزع- قالوا لو كان هذا أول ذنب تبت منه لقبلنا- و لكنا رأيناك تتوب ثم تعود- و لسنا بمنصرفين حتى نخلعك أو نقتلك- أو تلحق أرواحنا بالله- و إن منعك أصحابك و أهلك قاتلناهم حتى نخلص إليك- فقال أما أن أبرأ من خلافة الله فالقتل أحب إلي من ذلك- و أما قتالكم من يمنع عني- فإني لا آمر أحدا بقتالكم فمن قاتلكم فبغير أمري قاتل- و لو أردت قتالكم لكتبت إلى الأجناد فقدموا علي- أو لحقت ببعض الأطراف- و كثرت الأصوات و اللغط- فقام علي فأخرج أهل مصر معه و خرج إلى منزله- قال أبو جعفر و كتب عثمان إلى معاوية و ابن عامر- و أمراء الأجناد يستنجدهم- و يأمر بالعجل و البدار و إرسال الجنود إليه- فتربص به معاوية- فقام في أهل الشام يزيد بن أسد القسري- جد خالد بن عبد الله بن يزيد أمير العراق- فتبعه خلق كثير فسار بهم إلى عثمان- فلما كانوا بوادي القرى بلغهم قتل عثمان فرجعوا- . و قيل بل أشخص معاوية من الشام- حبيب بن مسلمة الفهري- و سار من البصرة مجاشع بن مسعود السلمي- فلما وصلوا الربذة- و نزلت مقدمتهم الموضع المسمى صرارا بناحية المدينة- أتاهم قتل عثمان فرجعوا- و كان عثمان قد استشار نصحاءه في أمره- فأشاروا أن يرسل إلى علي ع- يطلب إليه أن يرد الناس و يعطيهم ما يرضيهم- ليطاولهم حتى تأتيه الأمداد- فقال إنهم لا يقبلون التعليل- و قد كان مني في المرة الأولى ما كان- فقال مروان أعطهم ما سألوك و طاولهم ما طاولوك- فإنهم قوم قد بغوا عليك و لا عهد لهم- . فدعا عليا ع و قال له- قد ترى ما كان من الناس و لست آمنهم على دمي- فارددهم عني- فإني أعطيهم ما يريدون من الحق من نفسي و من غيري- . فقال علي إن الناس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك- و إنهم لا يرضون إلا بالرضا- و قد كنت أعطيتهم من قبل عهدا فلم تف به- فلا تغرر في هذه المرة فإني معطيهم عنك الحق- قال أعطهم فو الله لأفين لهم- . فخرج علي ع إلى الناس فقال- إنكم إنما تطلبون الحق و قد أعطيتموه- و إنه منصفكم من نفسه- فسأله الناس أن يستوثق لهم- و قالوا إنا لا نرضى بقول دون فعل- فدخل عليه فأعلمه- فقال اضرب بيني و بين الناس أجلا- فإني لا أقدر على تبديل ما كرهوا في يوم واحد- فقال علي ع أما ما كان بالمدينة فلا أجل فيه- و أما ما غاب فأجله وصول أمرك قال نعم- فأجلني فيما بالمدينة ثلاثة أيام- فأجابه إلى ذلك و كتب بينه و بين الناس كتابا- على رد كل مظلمة و عزل كل عامل كرهوه- فكف الناس عنه و جعل يتأهب سرا للقتال- و يستعد بالسلاح و اتخذ جندا- فلما مضت الأيام الثلاثة و لم يغير شيئا ثار به الناس- و خرج قوم إلى من بذي خشب من المصريين- فأعلموهم الحال فقدموا المدينة- و تكاثر الناس عليه- و طلبوا منه عزل عماله و رد مظالمهم- فكان جوابه لهم- أني إن كنت أستعمل من تريدون لا من أريد- فلست إذن في شي ء من الخلافة و الأمر أمركم- فقالوا و الله لتفعلن أو لتخلعن أو لنقتلنك- فأبى عليهم و قال لا أنزع سربالا سربلنيه الله- فحصروه و ضيقوا الحصار عليه- .

و روى أبو جعفر لما اشتد على عثمان الحصار- أشرف على الناس فقال يا أهل المدينة- أستودعكم الله و أسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي- ثم قال أنشدكم الله- هل تعلمون أنكم دعوتم الله عند مصاب عمر- أن يختار لكم و يجمعكم على خيركم- أ فتقولون إن الله لم يستجب لكم و هنتم عليه- و أنتم أهل حقه و أنصار نبيه- أم تقولون هان على الله دينه فلم يبال من ولى- و الدين لم يتفرق أهله بعد- أم تقولون لم يكن أخذ عن مشورة إنما كان مكابرة- فوكل الله الأمة إذ عصته- و لم يتشاوروا في الإمامة إلى أنفسها- أم تقولون إن الله لم يعلم عاقبة أمري- فمهلا مهلا لا تقتلوني- و إنه لا يحل إلا قتل ثلاثة- زان بعد إحصان أو كافر بعد إيمان أو قاتل نفس بغير حق- أما إنكم إن قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم- ثم لا يرفعه الله عنكم أبدا- فقالوا أما ما ذكرت من استخارة الناس بعد عمر- فإن كل ما يصنعه الله الخيرة- و لكن الله جعلك بلية ابتلى بها عباده- و لقد كانت لك قدم و سابقة و كنت أهلا للولاية- و لكن أحدثت ما تعلمه- و لا نترك اليوم إقامة الحق عليك مخافة الفتنة عاما قابلا- و أما قولك لا يحل دم إلا بإحدى ثلاث- فإنا نجد في كتاب الله إباحة دم غير الثلاثة- دم من سعى في الأرض بالفساد- و دم من بغى ثم قاتل على بغيه- و دم من حال دون شي ء من الحق و منعه و قاتل دونه- و قد بغيت و منعت الحق و حلت دونه و كابرت عليه- و لم تقد من نفسك من ظلمته و لا من عمالك- و قد تمسكت بالإمارة علينا- و الذين يقومون دونك و يمنعونك- إنما يمنعونك و يقاتلوننا لتسميتك بالإمارة- فلو خلعت نفسك لانصرفوا عن القتال معك- .

فسكت عثمان و لزم الدار و أمر أهل المدينة بالرجوع- و أقسم عليهم فرجعوا إلا الحسن بن علي- و محمد بن طلحة و عبد الله بن الزبير و أشباها لهم- و كانت مدة الحصار أربعين يوما- . قال أبو جعفر ثم إن محاصري عثمان- أشفقوا من وصول أجناد من الشام و البصرة تمنعه- فحالوا بين عثمان و بين الناس- و منعوه كل شي ء حتى الماء- فأرسل عثمان سرا إلى علي ع و إلى أزواج النبي ص- أنهم قد منعونا الماء- فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا ماء فافعلوا- فجاء علي ع في الغلس و أم حبيبة بنت أبي سفيان- فوقف علي ع على الناس فوعظهم- و قال أيها الناس- إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين و لا أمر الكافرين- إن فارس و الروم لتأسر فتطعم و تسقي- فالله الله لا تقطعوا الماء عن الرجل- فأغلظوا له و قالوا لا نعم و لا نعمة عين- فلما رأى منهم الجد نزع عمامته عن رأسه- و رمى بها إلى دار عثمان- يعلمه أنه قد نهض و عاد- . و أما أم حبيبة و كانت مشتملة على إداوة- فضربوا وجه بغلتها- فقالت إن وصايا أيتام بني أمية عند هذا الرجل- فأحببت أن أسأله عنها لئلا تهلك أموال اليتامى- فشتموها و قالوا أنت كاذبة- و قطعوا حبل البغلة بالسيف- فنفرت و كادت تسقط عنها- فتلقاها الناس فحملوها إلى منزلها- . و روى أبو جعفر قال أشرف عثمان عليهم يوما- فقال أنشدكم الله- هل تعلمون أني اشتريت بئر رومة بمالي أستعذب بها- و جعلت رشائي فيها كرجل من المسلمين قالوا نعم- قال فلم تمنعونني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر- ثم قال أنشدكم الله- هل تعلمون أني اشتريت أرض كذا- فزدتها في المسجد قالوا نعم- قال فهل علمتم أن أحدا منع أن يصلي فيه قبلي- .

و روى أبو جعفر عن عبد الله بن عياش- بن أبي ربيعة المخزومي قال- دخلت على عثمان- فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على بابه من الناس- فمنهم من يقول ما تنتظرون به و منهم من يقول لا تعجلوا- فعساه ينزع و يراجع- فبينا نحن إذ مر طلحة- فقام إليه ابن عديس البلوي فناجاه- ثم رجع ابن عديس فقال لأصحابه- لا تتركوا أحدا يدخل إلى عثمان و لا يخرج من عنده- قال لي عثمان هذا ما أمر به طلحة- اللهم اكفني طلحة- فإنه حمل هؤلاء القوم و ألبهم علي- و الله إني لأرجو أن يكون منها صفرا و أن يسفك دمه- قال فأردت أن أخرج فمنعوني- حتى أمرهم محمد بن أبي بكر فتركوني أخرج- . قال أبو جعفر فلما طال الأمر- و علم المصريون قد أجرموا إليه جرما كجرم القتل- و أنه لا فرق بين قتله و بين ما أتوا إليه- و خافوا على نفوسهم من تركه حيا- راموا الدخول عليه من باب داره فأغلقوا الباب- و مانعهم الحسن بن علي و عبد الله بن الزبير- و محمد بن طلحة و مروان و سعيد بن العاص- و جماعة معهم من أبناء الأنصار فزجرهم عثمان- و قال أنتم في حل من نصرتي فأبوا و لم يرجعوا- . و قام رجل من أسلم يقال له نيار بن عياض- و كان من الصحابة فنادى عثمان و أمره أن يخلع نفسه- فبينا هو يناشده و يسومه خلع نفسه- رماه كثير بن الصلت الكندي- و كان من أصحاب عثمان من أهل الدار- بسهم فقتله- فصاح المصريون و غيرهم عند ذلك- ادفعوا إلينا قاتل ابن عياض لنقتله به- فقال عثمان لم أكن لأدفع إليكم رجلا نصرني- و أنتم تريدون قتلي- فثاروا إلى الباب فأغلق دونهم- فجاءوا بنار فأحرقوه و أحرقوا السقيفة التي عليه- فقال لمن عنده من أنصاره- إن رسول الله ص عهد إلي عهدا فأنا صابر عليه- فأخرج على رجل يقاتل دوني- ثم قال للحسن إن أباك الآن لفي أمر عظيم من أجلك- فاخرج إليه أقسمت عليك لما خرجت إليه- فلم يفعل و وقف محاميا عنه- و خرج مروان بسيفه يجالد الناس- فضربه رجل من بني ليث على رقبته- فأثبته و قطع إحدى علباويه- فعاش مروان بعد ذلك أوقص- و قام إليه عبيد بن رفاعة الزرقي ليذفف عليه- فقامت دونه فاطمة أم إبراهيم بن عدي- و كانت أرضعت مروان و أرضعت له- فقالت له إن كنت تريد قتله فقد قتل- و إن كنت إنما تريد أن تتلعب بلحمه فأقبح بذلك- فتركه فخلصته و أدخلته بيتها- فعرف لها بنو ذلك بعد- و استعملوا ابنها إبراهيم و كان له منهم خاصة- . و قتل المغيرة بن الأخنس بن شريق- و هو يحامي عن عثمان بالسيف- و اقتحم القوم الدار- و دخل كثير منهم الدور المجاورة لها- و تسوروا من دار عمرو بن حزم إليها حتى ملئوها- و غلب الناس على عثمان و ندبوا رجلا لقتله- فدخل إليه البيت فقال له اخلعها و ندعك- فقال ويحك و الله ما كشفت عن امرأة في جاهلية و لا إسلام- و لا تعينت و لا تمنيت- و لا وضعت يميني على عورتي مذ بايعت رسول الله- و لست بخالع قميصا كسانيه الله- حتى يكرم أهل السعادة و يهين أهل الشقاوة- . فخرج عنه فقالوا له ما صنعت- قال إني لم أستحل قتله- فأدخلوا إليه رجلا من الصحابة- فقال له لست بصاحبي- إن النبي ص دعا لك أن يحفظك يوم كذا- و لن تضيع فرجع عنه- .

فأدخلوا إليه رجلا من قريش- فقال له إن رسول الله ص استغفر لك يوم كذا- فلن تقارف دما حراما فرجع عنه- .

فدخل عليه محمد بن أبي بكر فقال له عثمان ويحك- أ على الله تغضب هل لي إليك جرم- إلا أني أخذت حق الله منك- فأخذ محمد بلحيته و قال أخزاك الله يا نعثل- قال لست بنعثل لكني عثمان و أمير المؤمنين- فقال ما أغنى عنك معاوية و فلان و فلان- فقال عثمان يا ابن أخي دعها من يدك- فما كان أبوك ليقبض عليها- فقال لو عملت ما عملت في حياة أبي لقبض عليها- و الذي أريد بك أشد من قبضي عليها- فقال أستنصر الله عليك و أستعين به فتركه و خرج- . و قيل بل طعن جبينه بمشقص كان في يده- فثار سودان بن حمران- و أبو حرب الغافقي و قتيرة بن وهب السكسكي- فضربه الغافقي بعمود كان في يده- و ضرب المصحف برجله و كان في حجره- فنزل بين يديه و سال عليه الدم- و جاء سودان ليضربه بالسيف- فأكبت عليه امرأته نائلة بنت الفرافصة الكلبية- و اتقت السيف بيدها و هي تصرخ- فنفح أصابعها فأطنها فولت- فغمز بعضهم أوراكها- و قال إنها لكبيرة العجز و ضرب سودان عثمان فقتله- . و قيل بل قتله كنانة بن بشر التجيبي- و قيل بل قتيرة بن وهب- و دخل غلمان عثمان و مواليه- فضرب أحدهم عنق سودان فقتله- فوثب قتيرة بن وهب على ذلك الغلام فقتله- فوثب غلام آخر على قتيرة فقتله- و نهبت دار عثمان- و أخذ ما على نسائه و ما كان في بيت المال- و كان فيه غرارتان دراهم- و وثب عمرو بن الحمق على صدر عثمان و به رمق- فطعنه تسع طعنات- و قال أما ثلاث منها فإني طعنتهن لله تعالى- و أما ست منها فلما كان في صدري عليه- و أرادوا قطع رأسه فوقعت عليه زوجتاه- نائلة بنت الفرافصة- و أم البنين ابنة عيينة بن حصن الفزاري- فصحن و ضربن الوجوه- فقال ابن عديس اتركوه- و أقبل عمير بن ضابئ البرجمي فوثب عليه- فكسر ضلعين من أضلاعه- و قال له سجنت أبي حتى مات في السجن- و كان قتله يوم الثامن عشر من ذي الحجة- من سنة خمسين و ثلاثين- و قيل بل في أيام التشريق و كان عمره ستا و ثمانين سنة- .

قال أبو جعفر و بقي عثمان ثلاثة أيام لا يدفن- ثم إن حكيم بن حزام و جبير بن مطعم- كلما عليا ع في أن يأذن في دفنه ففعل- فلما سمع الناس بذلك قعد له قوم في الطريق بالحجارة- و خرج به ناس يسير من أهله- و معهم الحسن بن علي و ابن الزبير و أبو جهم بن حذيفة- بين المغرب و العشاء- فأتوا به حائطا من حيطان المدينة يعرف بحش كوكب- و هو خارج البقيع- فصلوا عليه- و جاء ناس من الأنصار ليمنعوا من الصلاة عليه- فأرسل علي ع فمنع من رجم سريره- و كف الذين راموا منع الصلاة عليه- و دفن في حش كوكب- فلما ظهر معاوية على الأمر- أمر بذلك الحائط فهدم و أدخل في البقيع- و أمر الناس أن يدفنوا موتاهم حول قبره- حتى اتصل بمقابر المسلمين بالبقيع- . و قيل إن عثمان لم يغسل و إنه كفن في ثيابه التي قتل فيها- .

قال أبو جعفر و روي عن عامر الشعبي أنه قال- ما قتل عمر بن الخطاب- حتى ملته قريش و استطالت خلافته- و قد كان يعلم فتنتهم فحصرهم في المدينة و قال لهم- إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة انتشاركم في البلاد- و إن كان الرجل ليستأذنه في الغزو- فيقول إن لك في غزوك مع رسول الله ص ما يكفيك- و هو خير لك من غزوك اليوم- و خير لك من الغزو ألا ترى الدنيا و لا تراك- فكان يفعل هذا بالمهاجرين من قريش- و لم يكن يفعله بغيرهم من أهل مكة- فلما ولي عثمان الخلافة خلى عنهم فانتشروا في البلاد- و خالطهم الناس و أفضى الأمر إلى ما أفضى إليه- و كان عثمان أحب إلى الرعية من عمر- . قال أبو جعفر- و كان أول منكر ظهر بالمدينة في خلافة عثمان- حين فاضت الدنيا على العرب و المسلمين- طيران الحمام و المسابقة بها و الرمي عن الجلاهقات- و هي قسي البندق- فاستعمل عثمان عليها رجلا من بني ليث- في سنة ثمان من خلافته- فقص الطيور و كسر الجلاهقات- . و روى أبو جعفر قال- سأل رجل سعيد بن المسيب عن محمد بن أبي حذيفة- ما دعاه إلى الخروج على عثمان- فقال كان يتيما في حجر عثمان- و كان والى أيتام أهل بيته و محتمل كلهم- فسأل عثمان العمل- فقال يا بني لو كنت رضا لاستعملتك- قال فأذن لي فأخرج فأطلب الرزق- قال اذهب حيث شئت- و جهزه من عنده و حمله و أعطاه- فلما وقع إلى مصر كان فيمن أعان عليه- لأنه منعه الإمارة- فقيل له فعمار بن ياسر- قال كان بينه و بين العباس بن عتبة بن أبي لهب كلام- فضربهما عثمان- فأورث ذلك تعاديا بين عمار و عثمان- و قد كان تقاذفا قبل ذلك- . قال أبو جعفر و سئل سالم بن عبد الله عن محمد بن أبي بكر- ما دعاه إلى ركوب عثمان فقال لزمه حق- فأخذ عثمان من ظهره فغضب- و غره أقوام فطمع- لأنه كان من الإسلام بمكان و كانت له دالة- فصار مذمما بعد أن كان محمدا- و كان كعب بن ذي الحبكة النهدي يلعب- بالنيرنجات بالكوفة- فكتب عثمان إلى الوليد أن يوجعه ضربا- فضربه و سيره إلى دنباوند- . و كان ممن خرج إليه و سار إليه و حبس- ضابئ بن الحارث البرجمي- لأنه هجا قوما فنسبهم إلى أن كلبهم يأتي أمهم- فقال لهم

  • فأمكم لا تتركوها و كلبكمفإن عقوق الوالدين كبير

فاستعدوا عليه عثمان فحبسه فمات في السجن- فلذلك حقد ابنه عمير عليه و كسر أضلاعه بعد قتله- . قال أبو جعفر- و كان لعثمان على طلحة بن عبيد الله خمسون ألفا- فقال طلحة له يوما قد تهيأ مالك فاقبضه- فقال هو لك معونة على مروءتك- فلما حصر عثمان قال علي ع لطلحة- أنشدك الله إلا كففت عن عثمان- فقال لا و الله حتى تعطي بنو أمية الحق من أنفسها- فكان علي ع يقول لحا الله ابن الصعبة- أعطاه عثمان ما أعطاه و فعل به ما فعل

شرح نهج البلاغه منظوم

(30) و من كلام لّه عليه السّلام: فى معنى قتل عثمان

لو امرت به لكنت قاتلا، او نهيت عنه لكنت ناصرا، غير انّ من نصره لا يستطيع ان يّقول: خذله من انا خير منه، و من خذله لا يستطيع ان يّقول: نصره من هو خير منّى، و انا جامع لكم امره، استأثر فأساء الأثرة، و جزعتم فاساتم الجزع، و للّه حكم واقع فى المستأثر و الجازع.

ترجمه

از سخنان آن حضرت عليه السّلام است (در پاكى دامان خويش از خون عثمان) اگر من فرمان دهنده مردم بكشتن عثمان بودم البتّه خود كشنده او بودم و اگر من مردم را باز دارنده از او بودم البتّه خود يارى كننده او بودم (پيداست كه هيچيك از اين دو بدستور و امر من نبوده ليكن آن كسى كه او را يارى كرده نمى تواند بگويد من بهترم از كسى كه او را يارى نكرده و كسى كه او را يارى نكرده نمى تواند بگويد من بهترم از كسى كه او را يارى كرده (نه بنو اميّه مانند مروان حكم و ديگران مى توانند ادّعا كنند كه ما از كشندگان عثمان بهتريم زيرا افضليّت مهاجر و انصار معلوم است نه مهاجر و انصار مى توانند بگويند ياران عثمان از ما بهتراند زيرا در اين صورت بغلط و خطاى خويش اقرار كرده اند) پس من امر او را (در كلامى كوتاه و جامع) براى شما جمع ميكنم عثمان مردى مستبّد و خود سر بود (بمردم ستم كرد) و بد كرد شما هم (از ستمش بتنگ آمده) بيتابى كرديد بد كرديد (كه او را كشتيد بايستى صبر كنيد تا حق بصاحبش قرار گيرد و شكستگيها جبران شود) و خداى را حكمى است در باره مستبد خود سر و جزع كننده بيتاب كه هر دو جارى واقع خواهد شد (خدا سزاى هر دو را از خير و شر در قيامت خواهد داد)

نظم

  • بامر من اگر شد كشته عثمانمرا اكنون نبودى باك از آن
  • ز خيل قاتلينش مى شمردمخود و زحمت ز تهمتها نبردم
  • و گر در ترك قتلش كردم اصراربر او مى گشتم از جان ناصر و يار
  • بامر و نهى من اين قتل واقعنگرديد و من از خويشم مدافع
  • و ليكن آنكه او را كرده يارىز قاتل نيست به در رتبه بارى
  • هر آن كس نيز او را خوار و مخذولنموده تا بدانسان گشت مقتول
  • ندارد حق كه گاه فكرت و ظنّبگويد بوده يارش بهتر از من
  • و ليكن امر او من بهرتان جمعنمايم روشن و واضح چنان شمع
  • خلافت خاصّ خود پنداشت عثمانبرخش خود سرى مى داد جولان
  • برأى خويش هر امرى كه مى خواستبدون شور مى افزود و مى كاست
  • رضاى خلق را ناظر نمى بودبر احكام خدا حاضر نمى بود
  • عزيزان را بكنج خانه بنشاندذليلان را بسوى خويشتن خواند
  • فتور افكند اندر كار اسلامبدورانش نبود از دين بجز نام
  • شما از ظلم و جورش گشته بيتاببناى عمر او داديد بر آب
  • جزع كرديد و صبر از دست داديدز بى حلمى كمين بروى گشاديد
  • چو خوش بود ار كه در اين قتل بارىنمى گرديد قدرى پافشارى
  • بدين تعجيل عثمان را نكشتيدبزحمتهاى من باعث نگشتيد
  • ولى يزدان براى شخص خود سرنموده حكم نيكوئى مقرّر
  • براى قاتل و مقتول حكمى استكه جارى كردنش در حشر حتمى است
  • دهد كيفر خداى حىّ اعلمبهر نيك و بدى از بيش و از كم

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

جدیدترین ها در این موضوع

No image

خطبه 236 نهج البلاغه : ياد مشكلات هجرت

خطبه 236 نهج البلاغه موضوع "ياد مشكلات هجرت" را مطرح می کند.
No image

خطبه 237 نهج البلاغه : سفارش به نيكوكارى

خطبه 237 نهج البلاغه موضوع "سفارش به نيكوكارى" را بررسی می کند.
No image

خطبه 238 نهج البلاغه بخش 1 : وصف شاميان

خطبه 238 نهج البلاغه بخش 1 موضوع "وصف شاميان" را مطرح می کند.
No image

خطبه 240 نهج البلاغه : نكوهش از موضع گيرى‏ هاى نارواى عثمان

خطبه 240 نهج البلاغه موضوع "نكوهش از موضع گيرى‏ هاى نارواى عثمان" را بررسی می کند.
No image

خطبه 241 نهج البلاغه : تشويق براى جهاد

خطبه 241 نهج البلاغه به موضوع "تشويق براى جهاد" می پردازد.

پر بازدیدترین ها

No image

خطبه 108 نهج البلاغه بخش 2 : وصف پيامبر اسلام (صلى‏ الله ‏عليه ‏وآله ‏وسلم)

خطبه 108 نهج البلاغه بخش 2 موضوع "وصف پيامبر اسلام (صلى‏ الله ‏عليه ‏وآله ‏وسلم)" را بیان می کند.
No image

خطبه 109 نهج البلاغه بخش 6 : وصف رستاخيز و زنده شدن دوباره

خطبه 109 نهج البلاغه بخش 6 موضوع "وصف رستاخيز و زنده شدن دوباره" را بیان می کند.
Powered by TayaCMS