موضوع

چهارم- آدم عليه السّلام و داستان بهشت

متن خطبه

ثُمَّ أَسْكَنَ سُبْحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرْغَدَ فِيهَا عيشته وَ آمَنَ فِيهَا«» مَحَلَّتَهُ وَ حَذَّرَهُ إِبْلِيسَ وَ عَدَاوَتَهُ فَاغْتَرَّهُ عَدُوُّهُ نَفَاسَةً«» عَلَيْهِ بِدَارِ الْمُقَامِ وَ مُرَافَقَةِ الْأَبْرَارِ فَبَاعَ الْيَقِينَ بِشَكِّهِ وَ الْعَزِيمَةَ بِوَهْنِهِ وَ اسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ وَجَلًا وَ بِالِاغْتِرَارِ نَدَماً ثُمَّ بَسَطَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ فِي تَوْبَتِهِ وَ لَقَّاهُ كَلِمَةَ رَحْمَتِهِ وَ وَعَدَهُ الْمَرَدَّ إِلَى جَنَّتِهِ وَ أَهْبَطَهُ إِلَى دَارِ الْبَلِيَّةِ وَ تَنَاسُلِ الذُّرِّيَّةِ

ترجمه مرحوم فیض

(31) پس (از آنكه شيطان فرمان الهىّ را مخالفت كرد و آدم را قبله خويش قرار نداد و مانند فرشتگان او را تعظيم ننمود) خداوند متعال آدم را در مكانى كه وسائل عيش و آزاديش فراهم بود جاى داد و جايگاه او را (از همه حوادث) ايمن گردانيده (چنانكه در قرآن كريم س 2 ى 35 مى فرمايد: وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما، وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ يعنى گفتيم اى آدم تو و همسرت حوّا بهشت را جاى خود قرار دهيد و از نعمتهاى آن با خوشحالى تمام هر چه خواهيد بخوريد و نزديك اين درخت نرويد كه اگر رفتيد از ستمكاران باشيد) و از شيطان و دشمنى او ترسانيدش (چنانكه در قرآن كريم س 20 ى 117 مى فرمايد: فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى يعنى گفتيم اى آدم اين ديو سركش با تو و همسرت دشمن است، پس ملتفت باشيد كارى نكند شما را از بهشت بيرون نمايد كه به بدبختى افتيد) (32) پس گول زد او را دشمنش (چنانكه در قرآن كريم س 20 ى 120 مى فرمايد: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ، قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلى يعنى شيطان سخنان نا مربوط و بى فايده براى آدم بيان كرد و گفت اى آدم آيا مى خواهى ترا به درخت جاويدى و ملك بى زوال راهنمائى كنم، باين نوع سخنان آدم را فريب داد) براى حسدى كه بر او مى برد از جهت اينكه آن بزرگوار در سراى جاودانى بود، و با نيكوكاران آميزش داشت، پس (آدم بر اثر وسوسه شيطان) يقين را از دست داده بشكّ و ترديد گراييد (با اينكه دستور داشت در نخوردن از ميوه آن درخت گمان كرد سود در خوردن است) و تصميمى را كه داشت (بر نخوردن از ميوه آن درخت) به سستى و كوتاهى (در اطاعت امر خداوند) تبديل نمود (و از آن ميوه خود) و بجاى فرح و شادى بخوف و ترس مبتلى گرديد، و (چون ديد از شيطان فريب خورده از كردار خود شرمنده شد و) اظهار پشيمانى نمود، (33) پس حقّ تعالى راه توبه را باو ياد داد و كلمه رحمت را بوى تعليم نمود (چون مى خواست توبه او را قبول كند كلمه رحمت را باو آموخت كه پروردگارش را بآن بخواند تا توبه اش قبول گردد) و وعده داد كه دوباره به بهشت (به آنجائى كه در اوّل بار بود) باز گردد، پس او را به دنياى پر محنت و بلاء و محلّ تناسل و زايشگاه فرزندان فرستاد.

ترجمه مرحوم شهیدی

پس خداى سبحان آدم را در خانه اى آرام داد، جايگاهى در امان و بى بيم، با زندگى فراخ و پر نعيم، و او را از شيطان بترسانيد كه دشمنى است لئيم. امّا دشمن او بر نمى تافت كه آدم با نيكوكاران در بهشت به سر برد، كوشيد تا او را از راه به در برد. او را بفريفت تا يقين را به گمان فروخت و آتش دو دلى بروبار عزم او را بسوخت. شادمانى بداد و بيم خريد، فريب خورد و پشيمانى كشيد. سپس خداى سبحان در توبه را به روى او گشاد، و كلمه رحمت بر زبان او نهاد، و بدو وعده بازگشت به جنّت داد، و او را بدين سراى فرود آورد كه خانه رنج و امتحان است و زادن فرزندان، و خداى سبحان از فرزندان او پيامبرانى گزيد،

ترجمه مرحوم خویی

پس بعد از اين كه جناب آدم از شجره منهيه اكل نمود، و بعمل خود نادم و پشيمان گشت و چهل شبانه روز و بروايتى يك صد سال و بروايت ديگر سيصد سال گريه و زاري كرد، بسط فرمود خداوند سبحانه و تعالى بجهت او بساط كرامت و رحمت خودش را در توبه او، باين نحو كه الهام توبه فرمود بر او و قبول كرد آنرا از او، و تلقين نمود بر او كلمه رحمت خود را كه بنا بر اشهر توسّل باسماء مباركه محمّد و آل محمّد سلام اللّه عليهم است كه در ساق عرش ديده بود و وعده فرمود بر او رجوع دادنش را ببهشت عنبر سرشت خود

شرح ابن میثم

ثُمَّ أَسْكَنَ سُبْحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرْغَدَ فِيهَا عَيْشَهُ وَ آمَنَ فِيهَا مَحَلَّتَهُ وَ حَذَّرَهُ إِبْلِيسَ وَ عَدَاوَتَهُ- فَاغْتَرَّهُ عَدُوُّهُ نَفَاسَةً عَلَيْهِ بِدَارِ الْمُقَامِ- وَ مُرَافَقَةِ الْأَبْرَارِ- فَبَاعَ الْيَقِينَ بِشَكِّهِ وَ الْعَزِيمَةَ بِوَهْنِهِ- وَ اسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ وَجَلًا وَ بِالِاغْتِرَارِ نَدَماً- ثُمَّ بَسَطَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ فِي تَوْبَتِهِ- وَ لَقَّاهُ كَلِمَةَ رَحْمَتِهِ وَ وَعَدَهُ الْمَرَدَّ إِلَى جَنَّتِهِ- وَ أَهْبَطَهُ إِلَى دَارِ الْبَلِيَّةِ وَ تَنَاسُلِ الذُّرِّيَّةِ ب ئ

اللغة

اغترّه أي استغفله و نفست عليه بالأمر نفاسة إذا لم تره مستحقّا له، و العزيمة الاهتمام بالشي ء، و الجدل السرور، و الإهباط الإنزال.

المعنی

و قوله: ثمّ أسكن سبحانه آدم دارا أرغد فيها عيشه كقوله تعالى «وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما»«» و قوله: و حذّره إبليس و عداوته كقوله «فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى » و قوله: فاغترّه إبليس نفاسة عليه بدار المقام و مرافقة الأبرار كقوله «فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ» الآية و قوله «فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ» و قوله فباع اليقين بشكّه و العزيمة بوهنه كقوله تعالى «فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً» و قوله: و استبدل بالجذل و جلا و بالاغترار ندما كقوله تعالى «قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ»«» و قوله: ثمّ بسط اللّه في توبته و لقّاه كلمة رحمته كقوله تعالى «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ» و قوله و وعده المردّة إلى جنّته ذلك الوعد في قوله تعالى «قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي... فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى »«» و قوله: فأهبطه إلى دار البليّة كقوله تعالى «اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً».

البحث الثاني- أنّ اللّه تعالى أشار في مواضع من كتابه الكريم إلى خلق آدم من تراب

فقال «إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ»«» و قال في موضع آخر «إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ»«» و قال في موضع آخر «وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ»«» قال المتكلّمون: و إنّما خلقه اللّه على هذا الوجه إمّا لمحض المشيئة أو لما فيه من دلالة الملائكة على كمال قدرته و عجيب صنعه لأنّ خلق الإنسان في هذه المراتب أعجب عندهم من خلقه من جنسهم. إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ كلامه عليه السّلام هاهنا يجري مجري التفسير لهذه الآيات فإنّه أشار أوّلا إلى كونه من تراب بقوله ثمّ جمع سبحانه من سهل الأرض و حزنها و عذبها و سبخها تربة، و نحو ذلك ما روى عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أنّه قال: إنّ اللّه خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر و الأبيض و الأسود و بين ذلك، و السهل و الحزن و الخبيث و الطيّب، و اعلم أنّ جمهور المفسّرين على أن الإنسان في قوله تعالى «وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ» هو أبونا آدم عليه السّلام و نقل عن محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام أنّه قال: قد انقضى قبل آدم الّذي هو أبونا ألف ألف آدم و أكثر قال بعض العلماء: و هذا لا ينافي حدوث العالم فإنّه كيف كان لا بدّ من الانتهاء إلى إنسان هو أوّل الناس فأمّا أنّ ذلك الإنسان هو أبونا آدم فلا طريق إلى إثباته إلّا من جهة السمع.

البحث الثالث أجمع المسلمون على أنّ سجود الملائكة لآدم لم يكن سجوده عبادة

لأنّ العبادة لغير اللّه كفر، ثمّ اختلفوا على ثلاثة أقوال. الأوّل أنّ ذلك السجود كان للّه و كان آدم كالقبلة و كما يحسن أن يقال سجدوا لآدم كذلك يحسن أن يقال سجدوا للقبلة بدليل قول حسّان بن ثابت:ما كنت أحسب أنّ الأمر منصرفعن هاشم ثمّ منها عن أبي حسن أ ليس أوّل من صلّى لقبلتكم و أعرف الناس بالآيات و السنن

فقوله صلّى لقبلتكم نصّ على المقصود. الثاني أنّ السجود كان لآدم تعظيما له و تحيّة كالسلام منهم عليه، و قد كان الامم السالفة تفعل ذلك كما يحيّى المسلمون بعضهم بعضا، و عن صهيب أنّ معاذا- رضى اللّه عنه- لمّا تقدّم من اليمن سجد للنبيّ صلى اللّه عليه و آله فقال له: يا معاذ ما هذا فقال: رأيت اليهود تسجد لعظمائها و علماءها و رأيت النصارى تسجد لقسّيسها و بطارقتها فقلت ما هذا فقالوا: تحيّة الأنبياء فقال صلى اللّه عليه و آله كذبوا على أنبيائهم. الثالث أنّ السجود في أصل اللغة عبارة عن الانقياد و الخضوع كمال قال الشاعر:ترى الاكم فيها سجّدا للحوافر

أي أنّ تلك الجبال الصغار كانت مذلّلة لحوافر الخيل، و منه قوله تعالى «وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ» و القول الثاني هو مقتضى كلامه عليه السّلام إذ فسّر السجود به فقال و الخضوع لتكرمته، و باللّه التوفيق.

البحث الرابع- اختلفوا في الملائكة الّذين امروا بالسجود لآدم

فاستعظم بعضهم سجود ملائكة السماء له، و قالوا المأمورون بذلك هم الملائكة الّذين اهبطوا مع إبليس إلى الأرض قالوا و ذلك أنّ اللّه تعالى لمّا خلق السماوات و الأرض و خلق الملائكة اهبط منهم ملاء إلى الأرض يسمّون بالجنّ رأسهم إبليس، و أسكنهم إيّاها و كانوا أخّف الملائكة عبادة فأعجب إبليس بنفسه و تداخله الكبر فأطلع اللّه عزّ و جلّ على ما انطوى عليه فقال له و لجنده «إنّى خالق بشرا من طين فإذا سوّيته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين»«» و قال بعضهم: إنّ المأمورين بالسجود لآدم هم كلّ الملائكة بدليل قوله تعالى «فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ» فأكّد جمعهم بأكمل وجوه التأكيد.

البحث الخامس- أكثر المتكلّمين لا سيّما المعتزلة على أنّ إبليس لم يكن من الملائكة

و قال جمهور المفسّرين و منهم ابن عبّاس: إنّه كان من ملائكة الأرض الّذين اهبطوا قبل آدم. حجّة الأوّلين قوله تعالى «إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ» و الجنّ لم يكونوا من الملائكة بدليل قوله تعالى للملائكة «أَ هؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ» و قول الملائكة «سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ»«» و احتجّ من قال إنّه منهم باستثناء إبليس من الملائكة في غير موضع من القرآن الكريم، و الاستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لدخل، و ذلك يدلّ على أنّ إبليس من الملائكة، و أجابوا عن حجّة الأوّلين من وجهين: أحدهما المعارضة بقوله تعالى «وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً» و ذلك الجعل هو قول قريش: الملائكة بنات اللّه بدليل قوله تعالى «وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً» فهذه الآية تدلّ على أنّ الملائكة من الجنّ. الثاني أنّ كون إبليس من الجنّ لا ينافي كونه من الملائكة يصدق عليهم اسم الجنّ لأنّ الجنّ مأخوذ من الاجتنان و هو الاستتار، و منه سمّى الجنين لاستتاره في بطن امّه و منه المجنون لاستتار العقل و الملائكة مستترون عن الأعين فوجب جواز إطلاق لفظ الجنّ عليهم، و اعلم أنّ الخلاف لفظيّ فإنّه إذا ثبت أنّ الملائكة الّذين اهبطوا إلى الأرض قبل آدم هم المسمّون بالجنّ و إبليس من الجنّ ثبت أنّ إبليس من الملائكة و ليس النزاع في أنّه من ملائكة الأرض أو من ملائكة السماء بل في كونه من الملائكة مطلقا فإذن ليس بينهم خلاف المعنى.

البحث السادس- اختلفوا في سبب عداوة إبليس لآدم

فقال بعضهم: إنّه الحسد و ذلك أنّ إبليس لمّا رأى ما أكرم اللّه به آدم من إسجاد الملائكة و تعليمه ما لم يطّلع عليه الملائكة حسده و عاداه، و قال آخرون: إنّ السبب تباين أصليهما و لمنافرة الأصلين أثر قويّ في منافرة الفرعين قالوا و تباين أصليهما هو منشأ القياس الفاسد من إبليس حين امر بالسجود و ذلك قوله «أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ»«» و كأنّه في خطابه يقول إنّ آدم جسمانيّ كثيف و أنا روحانيّ لطيف، و الجسمانيّ أدون حالا من الروحانيّ و الأدون كيف يليق أن يكون مسجودا للأعلى، و أيضا فإنّ أصل آدم من صلصال من حماء مسنون، و الصلصال في غاية الدناءة و أصلي من أشرف العناصر، و إذا كان أصلي خيرا من أصله وجب أن أكون خيرا منه و أشرف، و الأشرف يقبح أن يؤمر بالسجود للأدون. قالوا: فكان ذلك قياسا منه، فأوّل من قاس هو إبليس فأجابه اللّه تعالى جوابا على سبيل التنبيه دون التصريح اخرج منها مذؤما مدحورا، قال بعض الفضلاء: و تقريره أنّ الّذي قال تعالى نصّ بحكم الحكمة الإلهيّة و القدرة الربّانيّة، و الّذي قاله إبليس قياس و من عارض النصّ بالقياس كان مرجوما ملعونا.

البحث السابع- احتجّت الأشعريّة على أنّه تعالى قدير أن يلق الكفر في الكافرين من هذه القصّة

بوجهين أحدهما أنّه تعالى أنظر إبليس مع أنّه يعلم أنّه إنّما قصده إغواء بني آدم و لو أهلكه لاستراحوا و عدم الشرّ الحاصل منه و من ذرّيّته، الثاني قال أَغْوَيْتَنِي فنسب الإغواء إلى اللّه تعالى مع أنّه لم ينكر عليه هذا الكلام و هذا صريح في أنّه تعالى يفعل الإغواء أجابت المعتزلة عن الأوّل بأنّ اللّه تعالى خلق آدم و ذرّيته قادرين على رفع إبليس عن أنفسهم فهم الّذين اختاروا الكفر و الفساد. أقصى ما في الباب أن يقال إنّ الاحتراز عن القبيح حال عدم إبليس أسهل منه حال وجوده إلّا أنّ على هذا التقدير تصير وسوسته سببا لزيادة المشقّة في أداء الطاعات فيزداد المكلّف بتكلّفها ثوابا كما قال عليه السّلام: أفضل الأعمال أحمزها أى أشقّها و ذلك لا يمنع الحكيم من فعله كما أنّ إنزال المشاقّ و الآلام و إنزال المتشابهات صار سببا لزيادة الشبهات و مع ذلك لم يمتنع فعلها من اللّه تعالى و هذا الوجه قريب من قوله عليه السّلام استماما للبليّة، و عن الثاني أنّ المراد من قوله فَبِما أَغْوَيْتَنِي أي بما خيبّتني من رحمتك، و قيل معنى إضافة غوايته إلى اللّه تعالى أنّ اللّه تعالى لما أمره بالسجود لآدم عصى و غوى فكان الباري هو الأصل في حصول الإغواء له فلذلك نسبه إليه، و احتجّ أيضا من جواز الخطاء على الأنبياء عليهم السّلام من هذه القصّة بقوله تعالى «وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى » و أجاب من أوجب عصمتهم من حين الولادة بأنّه لمّا دلّ الدليل على وجوب عصمتهم وجب صرف هذا اللفظ و نحوه على ترك الأولى و هو في حقّهم سيّئة و معصية و إن كان في حقّ غيرهم حسنة كما قال حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين و من أوجب عصمتهم من حين الرسالة فله أن يحمل هذه المعصية على ما قبل الرسالة و المسألة مستقصاة في الكلام.

البحث الثامن

- قال القفّال أصل التلقّى في قوله «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ» و قوله عليه السّلام و لقّاه كلمة رحمته هو التعرّض للقادم وضع في موضع الاستقبال للمسي ء و الجاني ثمّ وضع موضع القبول و الأخذ قال تعالى «وَ إِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ» أي تلقّنه و يقال تلقّينا الحاجّ أى استقبلناهم و تلقيّت هذه الكلمة من فلان أى أخذتها منه، و إذا كان هذا أصل الكلمة و كان من تلقّى رجلا فتلاقيا لقى كلّ واحد منهما صاحبه و اضيف بالاجتماع إليهما معا فصلح أن يشتركا في الوصف بذلك فكلّ ما تلقيته فعد تلقاك فجاز أن يقال تلقّى آدم ربّه كلمات أى أخذها و وعاها و استقبلها بالقبول، و لقّاه اللّه إيّاها أي أرسلها إليه و واجهه بها، ثمّ ذكر المفسّرون في ذلك الكلمات أقوالا: الأوّل روى سعيد بن جبير عن ابن عبّاس- رضى اللّه- عنه أنّ آدم عليه السّلام قال يا ربّ أ لم تخلقنى بيدك بلا واسطة قال: بلى قال: أ لم تسكنّى جنّتك قال: بلى قال: أ لم تسبق رحمتك غضبك قال: بلى قال: إن تبت و اصلحت أ تردّني إلى الجنّة قال: نعم، و هو قوله تعالى «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ»، الثاني قال النخعيّ: أتيت ابن عبّاس فقلت: ما الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه قال: علّم اللّه تعالى آدم و حوّا أمر الحجّ و الكلمات الّتي يقال فيه فحجّا فلمّا أفرغا أوحى اللّه تعالى إليهما إنّي قد قبلت توبتكما، الثالث قال مجاهد و قتادة و في إحدى الروايتين عنهما: هي قوله، «رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ» الرابع قال سعيد بن جبير: إنّها قوله لا إله إلّا أنت سبحانك و بحمدك عملت سوءا و ظلمت نفسي فاغفر لي إنّك خير الغافرين لا إله إلّا أنت سبحانك و بحمدك عملت سواء و ظلمت نفسي فارحمنى إنّك أرحم الراحمين لا إله إلّا أنت سبحانك و بحمدك عملت سوءا و ظلمت نفسي فتب علىّ إنّك أنت التوّاب الرحيم. الخامس قوله عايشة: لمّا أراد اللّه تعالى أن يتوب على آدم طاف بالبيت سبعا و البيت حينئذ ربوة حمراء فلمّا صلّى ركعتين استقبل القبلة (البيت) و قال: اللهمّ إنّك تعلم سرّي و علانيتي فاقبل معذرتي، و تعلم حاجتي فاعطني سؤلي، و تعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي اللهمّ إنّي أسئلك إيمانا تباشر به قلبي، و يقينا صادقا حتّى أعلم أنّه لن يصيبني إلّا ما كتبت لي و رضّني بما قسمت لي، فأوحى اللّه تعالى إليه يا آدم قد غفرت لك ذنبك و لن يأتيني أحد من ذرّيتك فيدعوني بمثل ما دعوتني به إلّا قد غفرت ذنوبه و كشفت همومه و نزعت الفقر من بين عينيه و جاءته الدنيا و هو لا يريدها.

البحث التاسع- في حقيقة التوبة

قال الإمام الغزّالي: التوبة عبارة عن معنى مركّب من ثلاثة امور مترتّبة علم ثمّ حال ثمّ ترك، أمّا العلم فأن يعلم العبد ضرر الذنوب و كونه حجابا بينه و بين اللّه تعالى و قيدا يمنعه من دخول الجنّة فإذا علم ذلك بيقين غالب على قلبه فإنّ ذلك يوجب له تألّما نفسانيّا بسبب فوات الخير العظيم المطلوب لكلّ عاقل فيسمّى تأمّله بسبب فعله المفوّت لمحبوبه و مطلوبه ندما فإذا غلب هذا الألم على القلب أوجب له القصد إلى أمرين: أحدهما ترك الذنوب الّتي كان ملابسا لها أوّلا، و الثاني العزم على ترك الذنب المفوّت لمطلوبه في المستقبل إلى آخر العمر فهذه حقيقتها، و ينشأ من ذلك تلافي ما فات بالجبر و القضاء و إن كان قابلا للجبر، و العلم هو الأصل في إظهار هذه الخيرات فإنّ القلب إذا أيقن بأنّ الذنوب كالسموم المهلكة و الحجب الحائلة بينه و بين محبوبه فلا بدّ أن يتمّ نور ذلك اليقين فتشتعل فيه نيران الندم فيتألّم به القلب و حينئذ ينبعث من تلك النار طلب الانتهاض للتدارك فالعلم و الندم و القصد المتعلّق بالترك في الحال و الاستقبال و التلافي للماضي ثلاثة معان مترتّبة يطلق اسم التوبة على مجموعها، و ربّما اطلق اسم التوبة على الندم وحده و جعل العلم كالباعث و الترك كالثمرة المتأخّرة، و لهذا الاعتبار قال صلى اللّه عليه و آله: الندم توبة إذ الندم مستلزم لعلم أوجبه و لعزم يتبعه، و أمّا وجوبها فمن وجهين: أحدهما أنّ التوبة مرضاة للرحمن مسخطة للشيطان مفتّحة لأبواب الجنان معدّة لإشراق شموس المعارف الإلهيّة على ألواح النفوس مستلزمة للمواهب الربانيّة من الملك القدّوس. الثاني الأوامر الواردة بها في القرآن الكريم «يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبة نصوحا» و الوعد الصادق على فعلها «عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم و يدخلكم جنّات تجري من تحتها الأنهار» و الوعيد الحتم على تركها «و من لم يتب فأولئك هم الظالمون» و نحوه ممّا يدلّ على وجوبها فأمّا قبولها فمن وجهين: أحدهما قوله تعالى «وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ» و قوله تعالى «غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ» الثاني قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: أفرح بتوبة من العبد المذنب، و الفرح وراء القبول فهو دليل على القبول، و قال صلى اللّه عليه و آله: لو علّتم الخطايا إلى السماء ثمّ ندمتم عليها لتاب اللّه عليكم.

البحث العاشر- فيما عساه يبقى من المقاصد المشكلة في هذه القصّة.

الأوّل الوديعة و الوصيّة الّتي استأداها اللّه سبحانه من الملائكة في قوله عليه السّلام و استأدى اللّه سبحانه من الملائكة وديعته لديهم إشارة إلى قوله «فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ» فكان تعالى قد عهد إليهم بهذا القول و أوصاهم بمقتضاه ثمّ استأداه منهم بما ذكره عليه السّلام في قوله تعالى «اسْجُدُوا لِآدَمَ» الثاني قوله فاغتره إبليس فالاغترار طلب العزّة من آدم و التماسها منه بالوسوسة الّتي ألقاها إليه كما سنبّين معنى الوسوسة إنشاء اللّه. الثالث قوله دار المقام هي جنّة الخلد، و مرافقة الأبرار إشارة إلى مصاحبة الملائكة في مقعد صدق عند مليك مقتدر. الرابع قوله فباع اليقين بشكّه للشارحين فيه أقوال: أحدها أنّ معيشة آدم كانت في الجنّة على حال يعلمها يقينا ما كان يعلم كيف معاشه في الدنيا إذا انتقل إليها و لاحاله بعد مفارقة الجنّة ثمّ إنّ ابليس شكّكه في صدق مقاله إنّي لكما لمن الناصحين فنسى ما كان عنده يقينا مما هو فيه من الخير الدائم و شكّ في نصح إبليس فكأنّه باع اليقين بالشكّ بمتابعته، و هي استعارة حسنة على سبيل الكناية عن استبعاض آدم الشكّ عن اليقين. الثاني قالوا: لمّا أخبره اللّه تعالى عن عداوة إبليس تيقّن ذلك فلمّا وسوس له إبليس شكّ في نصحه فكأنّه باع يقين عداوته بالشكّ في ذلك. الثالث قول من نزّه آدم عليه السّلام: إنّ ذلك مثل قديم للعرب لمن عمل عملا لا يفيده و ترك ما ينبغي له أن يفعله تمثّل به أمير المؤمنين عليه السّلام هاهنا و لم يرد أنّ آدم عليه السّلام شكّ في أمر اللّه تعالى. الرابع قوله و العزيمة بوهنه قال ابن عبّاس في قوله تعالى «وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً»: أي لم نجده حفظا لما أمر اللّه به، و قال قتادة صبرا، و قال الضحاك ضريمة أمر، و حاصل هذه الأقوال يعود إلى أنّه لم يكن له قوّة على حفظ ما أمر اللّه فكأنّه باع العزم الّذي كان ينبغي له و القوّة الّتي كان ينبغي أن يتحفّظ بها عن متابعة إبليس بالضعف و الوهن عن تحمّل ما أمر اللّه به، الخامس قوله دار البليّة هي دار الدنيا إذ كانت دار المحنة و الابتلاء بمقاساة إبليس و مجاهدته، و سجن الصالحين كما قال عليه السّلام: الدنيا سجن المؤمن و جنّة الكافر، و اعلم أنّ في ذكر هذه القصّة تحذيرا عظيما عن المعاصي و ذلك من وجوه، أحدها أنّ من تصوّر ما جرى على آدم بسبب إقدامه على هذه الزلّة كان على و جل شديد من المعاصي قال الشاعريا ناظرا نورا بعيني راغدو مشاهدا للأمر غير مشاهدتصل الذنوب إلى الذنوب و ترتجى درك الجنان و نيل نور العابدأنسيت أنّ اللّه أخرج آدمامنها إلى الدنيا بذنب واحد

و عن فتح الموصلي أنّه قال: كنّا قوما من أهل الجنّة فسبانا إبليس إلى الدنيا فليس لنا إلّا الهمّ و الحزن حتّى نردّ إلى الدار الّتي أخرجنا منها، و ثانيها التحذير عن الاستكبار و الحسد و الحرص عن قتادة في قوله تعالى «أَبى وَ اسْتَكْبَرَ» قال: حسد عدوّ اللّه إبليس آدم على ما أعطاه اللّه تعالى من الكرامة فقال أنا ناريّ و هذا طينيّ ثمّ ألقى الحرص و الحسد في قلب ابن آدم حتى حمله على ارتكاب المنهي عنه، و ثالثها أنّه تعالى بيّن العداوة الشديدة بين ذريّة آدم و إبليس هذا تنبيه عظيم على وجوب الحذر و باللّه التوفيق،

الطريق الثاني و اعلم أنّ من الناس من سلّط التأويل على هذه القصّة

و قبل بيان تأويلها ذكروا مقدّمات،

المقدّمة الاولى في الإشارة إلى أجزاء التركيب الخارجيّ للإنسان و كيفيّة تركيبها

قالوا: إنّ العناصر الأربعة أجسام بسيطة و هي أجزاء أوّليّة لبدن الإنسان فمنها إثنان خفيفان، و هما النار و الهواء و إثنان ثقيلان و هما الأرض و الماء قالوا: و الموضع الطبيعيّ للأرض هو وسط الكلّ و هي باردة يابسة في طبعها و وجودها في الكائنات مفيد للاستمساك و الثبات و حفظ الشكل و الهيئة و الموضع الطبيعيّ للماء هو أن يكون شاملا للأرض و ثقله إضافيّ و طبعه بارد رطب و وجوده في الكائنات لتسهّل الهيئات الّتي يراد تكوينها من التشكيل و التخطيط و التعديل فإنّ الرطب كما أنّه سهل الترك للهيئات الشكليّة فإنّه سهل القبول لها كما أنّ اليابس عسر القبول للهيئات الشكليّة عسر الترك لها، و مهما تخمّر اليابس بالرطب استفاد اليابس منه قبول التمديد و التشكيل بسهولة و استفاد الرطب من اليابس حفظا لما حدث فيه من التعديل بقوّة فاجتمع اليابس بالرطب عن تشتّته، و استمسك الرطب باليابس عن سيلانه و الموضع الطبيعيّ للهواء فوق الماء و تحت النار و خفّته إضافيّة و طبعه حارّ رطب و وجوده في الكائنات ليتخلخل و يلطف و يسفل، و الموضع الطبيعيّ للنار فوق الأجرام العنصريّة كلّها، و مكانها الطبيعيّ هو مقعّر فلك القمر و خفّتها مطلقة و طبعها حارّ يابس، و وجودها في الكائنات ليصلح المركّبات و يجري فيها الجوهر الحيواني، و لتكسر من يرد العنصرين الثقيلين بردّهما عن العنصريّة إلى المزاجيّة، و الثقيلان أنفع في تكون الأعضاء و في سكونها، و الخفيفان أنفع في كون الأرواح و تحريكها و تحريك الأعضاء ثمّ قالوا: و المزاج كيفيّة تحدث من تفاعل الكيفيّات المتضادّة في هذه العناصر إذا تفاعلت بقواها بعضها في بعض فانكسر صورة كلّ واحد منها بالآخر حدثت عنها كيفيّة متشابهة في جميعها هي المزاج و القوى الأوليّة في تلك الأركان أربع الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة، و هي الّتي يكون عنها المزاجات في الأجسام الكائنة الفاسدة ثمّ إنّ واهب الوجود أعطى كلّ حيوان و كلّ عضو من المزاج ما هو أليق و أصلح لأفعاله بحسب احتمال الإمكان له، و أعطى الإنسان أعدل الأمزجة الممكنة في هذا العالم مع مناسبة لقواه الّتي بها يفعل و ينفعل و أعطى كلّ عضو ما يليق به من أفعاله فجعل بعض الأعضاء أحرّ و بعضها أبرد و بعضها أرطب و بعضها أيبس و أمدّها بالأخلاط و هي أجسام رطبة سيّالة يستحيل إليها الغذاء أوّلا، و هي منحصرة في أربعة أجناس: أحدها الدم و هو أفضلها، و الثاني البلغم و الثالث الصفراء، و الرابع السوداء، ثمّ قسّم الأعضاء إلى عظام و غضاريف و أعصاب و أوتار و جعل أوّل الأعضاء المتشابهة الأجزاء العظم و خلق صلبا لأنّه أساس البدن و دعامة الحركات ثمّ الغضروف و هو ألين من العظم و فائدته أن يحسن به اتّصال العظام بالأعضاء الليّنة فلا يتأذّى الليّن بالصلب عند الضعظة و الضربة بل متوسّط بينهما ما يناسب كلّا منهما و ليحسن به تجاوز المفاصل المحاكّة فلا تتراض لصلابتها، ثمّ العصب و هي أجسام تنبت من الدماغ و النخاع بيض لدنة في الانعطاف صلبة في الانفصال، و فائدتها أن تتمّ به الأعضاء للإحساس و الحركة، ثمّ الأوتار و هي أجسام تنبت من أطراف العضل شبيهة بالعصب تلاقي الأعضاء المتحرّكة فتجذبها تارة و تبسطها اخرى بحسب انبساط العضلة و انقباضها ثمّ الرباطات و هي أيضا أجسام شبيهة بالعصب و الحكمة فيها ظاهرة، و هي ارتباط بعض الأعضاء إلى بعض و استمساكها و ليس لشي ء منها حسّ لئلّا يتأذّي بكثرة ما يلزمه من الحركة و الحكّ، ثمّ الشريانات و هي أجسام نابتة من القلب ممتدّة مجوّفة طولا عصبانية رباطيّة الجوهر لها حركات منبسطة و منقبضة خلقت لترويح القلب و نقض البخار الدخانيّ عنه، و لتوزيع الروح إلى أعضاء البدن، ثمّ الأورده و هي تشبه الشريانات و نباتها من الكبد، و فائدتها توزيع الدم على أعضاء البدن، ثمّ الأغشية و هي أجسام منتسجة من ليف عصباني غير محسوس رقيقة مستعرضة تغشى سطوح أجسام اخرى، و لها فوائد: منها أن يحفظ جملتها على شكلها و هيئتها، و منها أن تعلّقها على أعضاء اخرى و تربطها بواسطة العصب، و منها أن يكون للأعضاء العديمة الحسّ في جواهرها سطح حساس بالذات لما تلافيه و بالعرض لما يحدث في الجسم الملفوف فيه كالرية و الطحال و الكبد و الكليتين، فإنّها لا تحسّ بجواهرها و إنّما يحسّ بالامور المصادمة لها الأغشية الّتي عليها بالذات و يحسّ أيضا بالعرض ما يحدث فيها مثلا الريح للتمدّد الّذي يحدث فيها، ثمّ اللحم و هو حشو خلل وضع الأعضاء في البدن فصار البدن مشتملا على ثلاثة ضروب من الأعضاء، أحدها آلات الغذاء و هي المعدة و الكبد و جداولها كالعروق و الطرق إليها كالفم و المري و عنها كالأمعاء، و الثاني آلات الحرارة الغريزيّة و حفظتها، و هي القلب و الرأس و الرية و الصدر و سائر آلات النفس، و الثالث آلات الحسّ و الحركة و الأفعال العقليّة و هي الدماغ و النخاع و العصب و العضل و الأوتار و نحوها ممّا يحتاج إليه في المعونة على تمام فعل العقل، ثمّ لمّا كان من ضرورة البدن أن يقع فيه أفعال مختلفة وجب في الحكمة أن يكون هناك استعداد لقوى متعدّدة هي مبادئ تلك الأفعال أحدها النفس الطبيعيّة و تخصّها قوى منها مخدومة و منها خادمة، أمّا المخدومة فجنسان.

أحدهما يتصرّف في الغذا و تحته نوعان: أحدهما القوّة المسمّاة بالغاذية، و غايتها أن تغذو الشخص مدّة بقائه بإحالة الغذاء إلى مشابهة المتغذي ليخلف بدل ما يتحلّل، و الثاني القوّة المسمّاة بالنامية، و غايتها أن تزيد في أقطار البدن على التناسب الطبيعيّ إلى تمام نشوه، و الجنس الثاني يتصرّف في الغذاء لبقاء النوع و تحته نوعان أحدهما القوّة المسمّاة بالمولّدة و هي المتصرّفة في أمر التناسل ليفصل من أمشاج البدن جوهر المني، و الثاني القوّة المسمّاة بالمصوّرة و هي الّتي تفيد المني بعد استحالته في الرحم الصور و القوى و الأعراض الحاصلة للنوع الّذي انفصل عنه المني، و أمّا الخادمة الصرفة في القوى الطبيعيّة فهي خوادم القوّة الغاذية و هي أربع، أحدها الجاذبة و هي خلقت لتجذّب النافع إلى محلّها و هي موجودة في المعدة و المري و الكبد و الرحم و سائر الأعضاء، و الثاني الماسكه و هي خلقت لتمسّك المنافع رثيما يتصرّف فيه القوى المغيّرة و المحيّلة، و الثالث الهاضمة و هي الّتي تخيّل ما امسكته الماسكة إلى قوام مهيّى ء لفعل القوّة المغيّرة فيه، و إلى مزاج صالح للاستحالة إلى الغذائيّة بالفعل، الرابع الدافعة و هي الّتي تدفع الفاضل من الغذاء الّذي لا يصلح للاغتذاء أو يفضل على الكافي أو يستغني عنه بعد الفراغ من استعماله كالبول، و لهذه الأربع أيضا خوادم أربع أعنى الكيفيّات الأربع، و هي الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة على تفصيل يعلم في مظانّه، الثاني النفس الحيوانيّه و تختص بها قوّتان محرّكة و مدركة، و المحرّكة إمّا باعثة أو فاعلة، و الباعثة هي القوّة النزوعية المذعنة للمدركات كالوهم و الخيال أو النفس فيحمل الإدراك لها على البعث إلى طلب أو هرب بحسب السوانح و لها شعبتان شهوانيّة و هي الباعثة على التحريك إلى جانب أشياء ضروريّة أو نافعة نفعا ما طلبا للّذّة و غضبيّة و هي الحاملة على دفع و هرب عما لا يلائم طلبا للغلبة، و تخدمها القوّة المسمّاة بالقدرة و هي قوّة تنبعث في الأعصاب و العضل من شأنها أن تشنّج الفضلات بجذب الأوتار و الرباطات و أرخائهما، و القوى المدركة قسمان ظاهرة و باطنة أمّا الظاهرة فالحواسّ الخمس، أحدها اللمس و هو قوّة منبثّة في جلد البدن كلّه تدرك ما تماسّه، و تؤثر فيه بالمضادّة كالكيفيّات الأربع و غيرها، و ثانيها الذوق و هو قوّة مرتّبة في العصب المفروش على سطح اللسان بها تدرك الطعوم من الأجرام المماسّة المخالطة للرطوبة العذبة الّتي في الفم، و ثالثها الشمّ و هي قوّة مرتّبة في زائدتي مقدّم الدماغ الشبيهتين بحلمتي الثدي بها تدرك الروائح بتوسّط الهواء المنفصل عن ذي الرائحة، و رابعها السمع و هي قوّة في العصب المفروش في باطن الصماخ و هو تدرك الأصوات و الحروف بواسطة الهواء، و خامسها البصر و هي قوّة مرتّبة في العصبتين المجوّفتين تدرك ما يتطبّع في الرطوبة الجليديّة من الصور بتوسّط جرم شفاف، و أمّا الباطنة من القوى فهي أيضا خمس، و هي إمّا مدركة فقط إمّا للصور الجزئيّة و هو القوّة المسمّاة حسّا مشتركا المرتّبة في التجويف الأوّل من الدماغ عندها تجتمع صور المحسوسات، ثمّ القوّة الموسومة خيالا، و هي خزانة الحسّ المشترك مودعة في آخر التجويف المقدّم من الدماغ تجتمع فيها مثل المحسوسات و تبقى فيها بعد الغيبة عن الحواسّ، و إمّا مدركة للمعاني الجزئيّة، و هي إمّا الوهم و هي قوّة مرتّبة في التجويف الأوسط من الدماغ تدرك المعاني الجزئية الغير المحسوسة الموجودة في المحسوسات كإدراك الشاة معنى في الذئب يوجب لها الهرب، و إمّا الحافظة و هي قوّة مرتّبة في التجويف الأخير من الدماغ تحفظ الأحكام الجزئيّة المدركة للوهم و هي خزانة له، و إمّا مدركة و متصرّفة و هي القوّة المسمّاة متخيّلة باعتبار استعمال الوهم لها، و مفكّرة باعتبار استعمال العقل لها و محلّها مقدم البطن الأوسط من الدماغ من شأنها التركيب و التفصيل لبعض الصور ببعض و عن بعض و كذا المعاني و المعاني بالصورة و هي الحاكية للمدركات و الهيئات المزاجيّة و الحكمة الإلهيّة اقتضّت أن تكون متوسّطة بين مقتضى الصور الجرمانيّة و المعاني الروحانيّة متصرّفة في خزائنهما بالحكم و الاسترجاع للأمثال المنمحيّة من الجانبين، ثمّ إنّ لكلّ واحد من هذه الآلات روح يختصّ به و هو جرم حارّ لطيف متكوّن عن لطافة الأخلاط على نسبة محدودة و هو حامل للقوي المدركة و غيرها، الثالث النفس الناطقة و نسبتها إلى هذا البدن نسبة الملك إلى المدينة و البدن و جميع أجزائه و قواه المذكورة آلات لها، و رسمها أنّها جوهر مجرّد يتعلّق بالأبدان تعلّق التدبير و هي المشار إليها بقوله تعالى «وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي»«» و بقوله عليه السّلام: الأرواح جنود مجنّدة ما تعارف منها ائتلف و ما تناكر فيها اختلف فيها، و لهذا الجوهر قوّتان يختصّ بهما نظريّة و عمليّة و قد سبقت الإشارة إليهما في مقدّمة الكتاب و تحقيق الكلام في هذا الجوهر و البرهان على وجوده و تجرّده و كمالاته من العلوم و الأخلاق مستقصى في مظانّه و باللّه التوفيق.

المقدّمة الثانية قد علمت أنّ الملك عندهم اسم مشترك يقع على حقائق مختلفة

فأمّا لفظ الجنّ فهو و إن صدق في أصل اللغة على كلّ الملائكة لكونه مأخوذا من الاجتنان و هو الاستتار، و كون الملائكة مستترين على الأعين فإنّهم يخصّون في عرفهم هذا اللفظ بالأرواح الّتي تخصّ عالم العناصر فتارة يطلقون عليها أنّها ملائكة باعتبار كونهم مرسلين من عند اللّه فاعلين لما أمر اللّه جارين على نظام العقل، و تارة يطلقون عليها أنّها جنّ باعتبار الاجتنان، و هم جنّ مسلمون باعتبار موافقة العقل و التصرّف على وفق مصلحة العالم و نظامه، و كفّار و شياطين باعتبار مخالفتها لذلك، فأمّا صدق اسم الجنّ على النفوس الناطقة الإنسانيّة فقد تعتبر من جهة اخرى، و هي كونها عالمة ترى بنور العلم من حيث لا ترى فهي مجتنّة محجوبة عن أبصار الجاهلين ثمّ هي إمّا أن تكون عالمة أو جاهلة و على التقديرين فإمّا أن يكون موافقة لظواهر الشريعة منقادة لها متمسّكة بها أو ليس كذلك فهذه أقسام أربعة، أوّلها النفوس العالمة العاملة بمقتضى الشريعة و هذه الطائفة هم الجنّ المسلمون و المؤمنون قالوا: و هم الّذين أمر اللّه تعالى نبيّه بالإخبار عنهم في قوله تعالى «قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ»«» إلى آخر الآيات قالوا: و ممّا يبيّن ذلك أنّ السماء الّتي أخبر الجنّ عنها أنّهم لمسوها هي سماء الحكمة و هي الشريعة الّتي استترت فيها قالوا: و لمسهم لها عبارة عن اعتبارهم أمر الشريعة في مبدء ظهورها هل يصحّ لهم معها إظهار الحكمة و يمكنهم أخذها و إعطاؤها بالتعلّم و التعليم كما كان يفعل قبل ذلك أم لا، و قولهم «فوجدناها ملئت حرسا شديدا و شهبا»«» إشارة إلى حفظة الشريعة و هم علماء الشريعة و الملوك الصالحون اللازمون لناموس الشريعة و قوانينها، و قولهم «و إنّا كنّا نقعد منها مقاعد للسمع»«» إشارة إلى أنّهم كانوا قبل ظهور الشرائع يتدارسون الحكمة و يتعلّمونها و لم يكن عليهم إنكار، و قولهم «فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا»«» إشارة إلى أنّ المظهر للحكمة بعد وجود الشريعة التارك لظواهر ما جاءت به الأنبياء يجد من حرسة الدين و حفظته شهابا يحرقه و يؤدّيه، و ثانيها النفوس العالمة المخالفة للشريعة و النواميس الإلهيّة التابعة لقواها في مقتضى طباعها و هؤلائهم من شياطين الجنّ و مردتها، و ثالثها النفوس الجاهلة إلّا أنّها متمسّكة بظواهر الشريعة منقادة لها، و هؤلائهم المسلمون من الإنس، و رابعها النفوس الجاهلة التاركة للشريعة و العمل بها التابعة لمقتضى الطبيعة، و هؤلائهم شياطين الإنس قالوا: و بهذا البيان لا يبقي بين قول اللّه سبحانه «إلّا إبليس كان من الجنّ» و بين استثنائه من الملائكة المقتضي لدخوله فيهم و كونه منهم فرق بل هو من الملائكة باعتبار من الجنّ باعتبار و من الشياطين باعتبار، و الشيطان قد يكون ملكا في أصله ثمّ ينتقل إلى الشيطانيّة باعتبار فسوقه عن أمر ربّه و كذلك الجنّي و اللّه أعلم.

المقدّمة الثالثة- قالوا: كلّ ما يتوالد فلا يستحيل في أصله أن يكون متولّدا

ثمّ ضربوا لذلك أمثلة فقالوا: إنّ العقرب تتولّد من البادروج و لباب الخبز، و النحل من العجل المحرق المكيس عظامه، و الفار من المدر و الطين و نحو ذلك ثمّ يتوالد عن هذا المتولّد أشخاص اخرى و يبقى نوعه متولدا فلا مانع إذن أن يكون الإنسان في أوّل خلقه كذلك فيحدث شخص من نوعه و يتكوّن من التراب ثمّ يحصل ما بعده من نوعه عنه بالتوالد إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ لفظ آدم إذا اطلق في عباراتهم فتارة يراد به أمر جزئيّ و تارة يراد به أمر كلّي أمّا الجزئيّ فيراد به أوّل شخص تكوّن من هذا النوع، و على ذلك يحملون قوله تعالى «إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ»«» و يحملون قوله تعالى «إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ» و ما في معناه على ما توالد منه، و قد يراد منه أوّل شخص استخلف في الأرض و أمر بنشر الحكمة و ناموس الشريعة، و أمّا الكلّي فتارة يراد بآدم مطلق نوع الإنسان، و على ذلك كلّه قوله تعالى «وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ»«» و قد يراد به صنف الأنبياء و الدعاة إلى اللّه كما نقل عن سيّد المرسلين صلى اللّه عليه و آله كلّ نبيّ فهو آدم وقته و قوله صلى اللّه عليه و آله: أنا و أنت يا عليّ أبوا هذه الامّة، و يمكن أن يكون قول الباقر محمّد بن عليّ عليهما السّلام: قد انقضى قبل آدم الّذي هو أبونا ألف ألف آدم و أكثر على هذا المعنى إذا ثبت هذا فنقول: إنّ لكلّ آدم بالمعاني المذكورة ملائكة تخصّه و هي مأمورة بالسجود له، و إبليس في مقابلته و معارضته أمّا آدم بالمعني الأوّل و الثاني فملائكته المأمورون بالسجود له هي قواه البدنيّة و نفوس أهل زمانه المأمورين باتّباعه المستمعين لقوله و سائر القوى في أقطار هذا العالم فإنّها بأسرها ملائكة مأمورة بالخضوع له و السعي في مهمّاته و حوائجه بين يديه و المعونة على مراده، و أمّا إبليس المعارض له القوّة الوهميّة منها المعارضة لمقتضى عقله العمليّ الساعية في الأرض فسادا و النفوس المتمرّدة عن قبول الحقّ و الاستماع لقوله الخارجة عن طاعته و هم شياطين الإنس و الجنّ الّذي يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا و كذلك ملائكة آدم و إبليس آدم الّذي هو صنف الأنبياء و الدعاة إلى اللّه تعالى بالحكمة و الموعظة الحسنة، و أمّا آدم الّذي هو نوع الإنسان فكلّ الملائكة الّذين ذكرناهم في هذا العالم هم المأمورون بالسجود له و إبليس كلّ شخص من هذا النوع هو و همه المعارض لعقله و جنوده ما تحته من القوى الشهويّة و الغضبيّة و غيرها

إذا عرفت هذه المقدّمات فليرجع إلى المتن فنقول: الأولى أن يحمل آدم فيما ذكره عليه السّلام هاهنا من هذه القصّة على مطلق النوع الإنسانيّ.

فقوله ثمّ جمع سبحانه من حزن الأرض و سهلها و عذبها و سبخها تربة سنّها بالماء حتّى خلصت و لاطها بالبلّة حتّى لزبت إشارة إلى أصل امتزاج العناصر، و إنّما خصّ هذين العنصرين و هما الأرض و الماء دون الباقيين لأنّهما الأصل في تكوّن الأعضاء، المشاهدة الّتي تدور عليها صورة الإنسان المحسوسة، و قوله حتّى خلصت و حتّى لزبت إشارة إلى بلوغها في الاستعداد الغاية الّتي معها تفاض صورة ما يتكوّن منها، و قوله فجبل منها صورة ذات أحناء و وصول و أعضاء و فصول إشارة إلى خلق الصورة الإنسانيّة و إفاضتها بكمال أعضائها و مفاصلها و ما تقوم به صورة، و قوله منها الضمير راجع إلى التربة و يفهم من ظاهر اللفظ أنّ الصورة الإنسانيّة هي المفاضة على كمال استعداد التربة من غير واسطة انتقالات اخر في أطوار الخلقة، و إنّما يتمّ ذلك إذا حملنا آدم على أوّل شخص يكون من هذا النوع فأمّا إذا حملنا على مطلق النوع كان المراد أنّه جبل منها الصورة الإنسانيّة بوسائط من صور ترددت في أطوار الخلقة كما قال تعالى «وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ»«» فالصورة الإنسانيّة جبلت من النطفة المتولّدة من فضل الهضم الرابع المتولّد من الأغذية، و هي إمّا حيوانيّة أو نباتيّة و الحيوانيّة تنتهي إلى النباتيّة و النباتيّة إنّما تتولّد من صفو الأرض و الماء و هي التربة المستعدّة للإنبات و ليس في ذلك مخالفة الظاهر فإنّ تلك التربة بعد أن تواردت عليها أطوار الخلقة و أدوار الفطرة صارت منيّا فصدق عليها أنّ الصورة الإنسانيّة جبلت منها، و قوله أجمدها حتّى استمسكت و أصلدها حتّى صلصلت الضمير في الجملتين راجع إلى الصورة و ما يتعلّق بها من الأعضاء فالإجماد لغاية الاستمساك راجع إلى بعضها كاللحم و الأعصاب و العروق و أشباهها، و الأصلاد لغايته راجع إلى بعض آخر كالعظام و الأسنان و إسناد ذلك إلى المدبّر الحكيم سبحانه لأنّه العلّة الاولى و إن كان هناك لهذه الآثار أسباب قريبة طبيعيّة كالحارّ الغريزي فإنّه المستعدّ لتحريك الموادّ و يتبعه البرد ليسكنه عند الكمالات من الخلق، و كالرطوبة فإنّها هي الّتي تتخلق و تتشكّل و يتبعها اليبوسة لحفظ الأشكال و إفادة التماسك، و قوله لوقت معدود و أجل معلوم يحتمل أن يراد به أنّ لكلّ مرتبة من مراتب تركيب بدن الإنسان، و انتقاله في أدوار الخلقة وقتا معدودا يقع فيه و أجلا معلوما يتمّ به، و يحتمل أن يراد بالوقت المعدود و الأجل المعلوم الوقت الّذي يعلم اللّه سبحانه انحلال هذا التركيب فيه كما قال تعالى «وَ ما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ»«» قوله ثم نفخ فيها من روحه.

أقول: الضمير المؤنّث راجع إلى الصورة و قد علمت أنّ هذه الإشارة جارية في القرآن الكريم كما قال تعالى «فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ»«» و المراد بالتسوية إفاضة تمام إعداد البدن و تهيّئه لقبول النقش، و المراد بالنفخ هاهنا هو إفاضة النفس عليه عند كمال ذلك الاستعداد، و استعمال النفخ هاهنا استعارة حسنة فإنّ النفخ له صورة و هو إخراج الهواء من فم النافخ إلى المنفوخ فيه ليشتعل فيه النار، و لمّا كانت حقيقة النفخ ممتنعة في حقّ اللّه تعالى وجب العدول إلى حمل لفظه على ما يشبهه، و لمّا كان اشتغال نور النفس في فتيلة البدن عن الوجود الإلهيّ المعطي لكلّ قابل ما يستحقّه يشبه بحسب محاكاة خيالنا الضعف ما نشاهد من اشتغال النار في المحلّ القابل لها عن صورة النفخ لا جرم حسن التعبير و التجوّز بلفظ النفخ عن إفاضة الجود الإلهيّ للنفس على البدن لمكان المشابهة المتخيّلة و إن كان الأمر أجلّ ممّا عندنا و أعلى، و أمّا نسبة الروح إلى اللّه فاعلم أنّ الروح يحتمل أن يراد به أحد ثلاثة معان، الأوّل جبرئيل عليه السّلام و هو روح اللّه الأمين و نسبته إليه ظاهرة و أمّا نسبة النفخ إلى اللّه حينئذ فلكونه العلّة الاولى و جبرئيل واسطة جعله اللّه تعالى مبدء في هذا اللفظ لنفخ النفس في صورة آدم منه، الثاني جود اللّه و نعمته و فيضه الصادر على آدم و غيره، و إنّما كان ذلك روح لأنّه مبدء كلّ حياة فهو الروح الكليّة الّتي بها قوام كلّ وجود و نسبته إليه ظاهرة و يكون من هاهنا للتبعيض، الثالث أن يراد بالروح النفس الإنسانيّة و يكون من زائدة و إنّما نسب إليه دون سائر مصنوعاته الطيفة لما علمت أنّ الروح منزّه عن الجهة و المكان و في قوّته العلم بجميع الأشياء و الاطّلاع عليها، و هذه مضاهاة و مناسبة بوجه ما مع العلّة الّتي ليست حاصلة لما عدا هذا الجوهر ممّا هو جسم أو جسمانيّ فلذلك شرّفها بالإضافة إليه و قوله فمثلث إنسانا إشارة إلى الصورة المجبولة، و فيه لطيفة و هي أنّها إنّما كانت إنسانا و ينفخ الروح فيها و لذلك رتّب و صيرورتها إنسانا بالفاء على نفخ الروح فيها، و قوله ذا أذهان يجيلها إشارة إلى ما للإنسان من القوى الباطنة المدركة و المتصرّفة و معنى إجالتها تحريكها و بعثها في انتزاع الصور الجزئيّة كما للحسّ المشترك و المعاني الجزئيّة كما للوهم، و قوله و فكر يتصرّف بها إشارة إلى القوى المفكّرة في آحاد النوع الإنساني و تصرّفها في تفتيش الخزانتين و تركيب بعض مودوعاتها ببعض و تحليلها، و قوله و جوارح تختدمها إشارة إلى عامّة الأعضاء الّتي بيّنا أنّها كلّها خدم للنفس و الأدوات الّتي تقلّبها من تلك يشبه أن يختصّ بالأيدي كقوله تعالى «وَ أُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى »«» و يمكن أن يكون أعمّ من ذلك كالبصر و القلب كقوله عليه السّلام: يا مقلّب القلوب و الأبصار فيصدق عليها اسم التقليب، و قوله و معرفة يفرق بها بين الحقّ و الباطل إشارة إلى استعداد النفس لدرك المعقولات الثانية المسمّى عقلا بالملكة بحسب مالها من المعارف الاولى أعني البديهيّات فإنّ الحقّ و الباطل امور كلّية و ليس للقوى البدنيّة في إدراك الامور الكلّية حظّ يحتمل أن يشير بالمعرفة إلى القوّة الاستعداديّة الاولى للإنسان المسمّاة عقلا هيولانيّا، و قوله و الأذواق و المشامّ و الألوان و الأجناس نبّه هاهنا على ثلاثة امور: أحدها أنّ للإنسان آلة بها يدرك المذوقات، و اخرى بها يدرك المشمومات، و اخرى بها يدرك الألوان، و قد بيّنا ذلك، الثاني نبّه على أنّ النفس مدركة للجزئيات بواسطة هذه القوى إذ عدّها في نسق ما تتصرّف فيه النفس و تفرّق بينه و بين غيره، الثالث أنّه أخرّ قوله و الأجناس تنبيها على أنّ النفس تنتزع الامور الكلّية من تصفّح الجزئيّات فإنّ الأجناس امور كلّية و النفس بعد إدراك الجزئيّات و تصفحها تتنبّه لمشاركات بينها و مباينات فتنتزع منها تصوّرات كلّية و تصديقات كلّية و كأنّه عنى بالأجناس هاهنا الامور الكلّية مطلقا لا بعضها كما هو في الاصطلاح العلمي، و قوله معجونا بطينة الألوان المختلفة النصب على الحال من قوله إنسانا أو الصفة له، و المراد الإشارة إلى أنّ اختلاف أبدان النوع بعضها من بعض بالألوان بسبب قوّة استعداداتها لذلك كما قال صلى اللّه عليه و آله: فجاء منهم الأحمر و الأبيض و الأسود كما سبق و طينة الألوان و أصلها، و عجنه بها مزجه بها و تهيّئه و إعداده لقبولها على اختلافها و كذلك الحال في البدن الواحد فإنّه ليس لجملة أجزائه لون واحد فإنّ امتزاج بعض الأعضاء يقتضي أن يكون أبيض كالعظام و الأسنان و بعضها أحمر كالدم و بعضها أسود كالحدقة و الشعر، و كذلك اختلاف الأشخاص في الصفات المكنّي بها عن الاختلاف الواردة في تمام الخبر من قوله: و السهل و الخزن و الخبيث و الطيّب يرجع إلى أنّ الأرض لمّا كانت أكثر العناصر شركة في هذه الأبدان كان لاختلاف بقاعها أثر تامّ في تفاوت الامتزاج لقبول الأخلاق بالسهولة و الحزونة و الخبيث و الطيّب، و قوله و الأشباه المؤتلفة و الأضداد المتعادية و الأخلاط المتبائنة من الحرّ و البرد و البلّة و الجمود و المساء و السرور أمّا الأشباه المؤتلفة فكالعظام و الأسنان و أشباهها فإنّها أجسام متشابهة ائتلف بعضها مع بعض، و بها قامت الصورة البدنيّة و امتزجت بطينتها، و أمّا الأضداد المتعادية فكالكيفيّات الأربع الّتي ذكرها عليه السّلام و هي الحرارة و البرودة و الرطوبة الّتي هي البلّة و اليبس الّذي هو الجمود، و عبّر عنه بلازمه و هو الجمود على أنّ الجمود في اللغة هو اليبس أيضا و أمّا الأخلاط المتبائنة فهي الأخلاط الأربعة كما عرفت من الدم و البلغم و الصفراء و السوداء، و أمّا المساءة و السرور فهما من الكيفيّات النفسانيّة و مهيّة. كلّ منهما ظاهرة، و أمّا أسبابهما فاعلم أنّ للسرور سببا جسمانيّا معدّا و هو كون حامله الّذي هو الروح النفساني على كمال أحواله في الكميّة لأنّ زيادة الجوهر في الكمّ يوجب زيادة القوّة في الكيفيّة و هي أن يكون معتدلا في اللطافة و الغلظ و أن يكون شديد الصفا، و أمّا السبب الفاعلي له فالأصل فيه تخيّل الكمال كالعلم و القدرة و الإحساس بالمحسوسات الملائمة و التمكّن من تحصيل المرادات و القهر و الاستيلاء على الغير و الخروج عن المولم و تذكر الملذّات، و أمّا أسباب الغم فمقابلات هذه أمّا السبب المعدّ الجسمانيّ فهو إمّا قلّة الروح كما للناقهين و المنهوكين بالأمراض و المشايخ، و أمّا غلظة فكما للسوداويين و أمّا رقّة كما للنساء و أمّا الفاعلي فمقابل أسباب السرور، و قد يشتدّ كلّ منهما بعد الأسباب المذكورة بتكرّره فيصير السرور أو الغم ملكة و يسمّى صاحبه مفراحا أو محزانا و مقصوده عليه السّلام التنبيه على أنّ طبيعة الإنسان فيها قوّة قبول و استعداد لهذه الكيفيّات و أمثالها، و تلك القوّة هي المراد بطينة المساءة و السرور و الفرق بينها و بين الاستعداد أنّ القوّة تكون على الضدّين و الاستعداد لا يكون إلّا لأحدهما. و قوله استأدى اللّه سبحانه الملائكة وديعته لديهم و عهد وصيّته إليهم إلى قوله إلّا إبليس.

أقول: لمّا كان الّذي يشير إليه كلّ إنسان بقوله أنا هو النفس الناطقة كان آدم عندهم عبارة عن النفس الناطقة ثمّ قالوا: المراد بالملائكة الّذين امروا بالسجود لآدم هي القوى البدنيّة الّتي امرت بالخضوع و الخشوع لتكرمة النفس العاقلة، و الانقياد تحت حكمها و هو الأمر الّذي لأجله خلقوا أمّا عهد اللّه لديهم و وصيّته إليهم فهو المشار إليه بقوله تعالى «إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ»«» و الخطاب هاهنا خطاب الحكمة الإلهيّة بالقضاء الأزلي قبل الوجود و الاستيذاء لذلك العهد و تلك الوصيّة هو طلب المأمور به أوّلا من الانقياد و الخضوع من تلك القوى بعد الوجود على ألسنة الرسل عليهم السّلام بالوحي المنزل و هو قوله اسْجُدُوا لِآدَمَ، قوله فسجدوا إشارة إلى القوى المطيعة لنفوسها العاقلة في أشخاص عباد اللّه الصالحين، قوله إلّا إبليس و قبيله إشارة إلى الوهم و سائر القوى التابعة له في معارضة العقل في أشخاص الكفّار و الفاسقين عن أوامر اللّه سبحانه، و قد عرفت أنّ الوهم رئيس القوى البدنيّة فهي إذن عند معارضته للعقل و متابعتها له جنود إبليس و قبيله، و أمّا قوله اعترته الحميّة و غلبت عليه الشقوة و تعزّر بخلق النار و استهون خلق الصلصال، فقالوا: إنّ المراد بكون إبليس و جنوده خلقوا من نار أنّ الأرواح الحاملة لهذه القوى كما عرفت أجسام لطيفة تتكوّن عن لطافة الأخلاط و هي حارّة حدّا مائلة في الإفراط و الناريّة و الهوائيّة عليها أغلب و تولّدها عنهما أسهل و هي آخر أجزاء البدن و كذلك القلب الّذي هو منبعها فكانت تلك الأرواح كالأبدان لهذه القوى فلذلك نسب إبليس إلى النار فقال تعالى حكاية عنه «خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ» و قال «وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ» أي قدّرنا قبل وجوده أن تكون الناريّة و الهوائيّة على وجود أغلب، و قال بعضهم: إنّه لمّا كانت النار ألطف العناصر و كانت هذه القوى و أرواحها ألطف الامور الجسمانيّة و تكّونها عن ألطف الأخلاط كانت نسبتها إلى النار أولى من سائر العناصر لمكان المشابهة في اللطافة فجاز أن يطلق على أصله أنّه نار.

لا يقال: إذا كان آدم هو النفس الناطقة فما معنى قول إبليس و خلقته من طين.

لأنا نقول: كما صدق أنّ إبليس مخلوق من نار بمعنى أنّ الغالب على الروح الحامل له هو عنصر النار كذلك يصدق أنّ آدم من طين بمعنى أنّ الغالب على بدنه الأرضيّة، و أيضا فإنّ الوهم لا يدرك إلّا المعاني الجزئيّة المتعلّقة بالمحسوسات فلا يصدق حكمه و مساعدته إلّا فيما كان محسوسا، و لمّا ثبت أنّ النفس جوهر مجرّد لم يكن إعتقاد إبليس أنّ الإنسان شي ء غير هذا البدن المتكوّن عن الطين. إذا ثبت ذلك فنقول: اعتراء الحميّة و التعزّز بالانتساب إلى عنصر النار نسبة مجازيّة إذا العادة جارية بأن يأنف الإنسان من الأصل الناقص و أن يفتخر و يتعزّز بالأصل الشريف و الانتساب إليه فكان لسان حال إبليس و القوى المتابعة له يقول على جهة الاستنكار أ أسجد لبشر خلقته من صلصال من حماء مسنون، و أنا مخلوق من النار الّتي هي أشرف العناصر قالوا: و لمّا علم اللّه ذلك من حال إبليس لعنه و طرده و أخرجه من الجنّة و ذلك قوله تعالى «قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَ إِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ»«» قالوا و ذلك أنّك علمت أنّ الجنّة تعود إلى معارف الحقّ سبحانه و الابتهاج بمطالعة أنوار كبريائه و درجات الجنّة هي المراتب الّتي ينتقل العقل فيها في مقامات السلوك إلى حظائر القدس و مجاورة الملاء الأعلى، و علمت أنّ حال الوهم قاصر عن الانتقال على تلك المراتب فطرده و لعنه و تحريم الجنّة عليه يعود إلى تكوينه على الطبيعة الّتي هو عليها القاصرة عن إدراك العلوم الكلّية الّتي هي ثمار الجنّة و قطوفها و القضاء عليه بذلك قالوا: و ممّا ينبّه على ذلك قوله «قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ»«» أي بما خلقتني على هذه الجبلة لا اهتدى لدخول الجنّة و لا أتمكّن منها لأجذبنّهم إلى المشتهيات و تزيين الملذّات الجاذبة لهم عن عبادتك حتّى لا يهتدوا إلى الجنّة الّتي لأجلها خلقتهم و لا يلتفتوا إليها إلّا من عصمته منّي و جعلت له سلطانا على قهري و غلبتي و هم عبادك المخلصون أي النفوس الكاملة المطهّرة عن متابعة قواها المسلّط على قهر شياطينها و قهرها و كذلك قوله: «قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» فإنّه لمّا كان البعث الأوّل هو مفارقة النفوس لأبدانها و انبعاثها إلى عالمها و كانت طبيعة الوهم قاضية بمحبّة البقاء في دار الدنيا إذ لا حظّ له في غيرها أحسن من لسان حاله أن يقول ربّ انظرني إلى يوم يبعثون، و قوله فأعطاه اللّه النظرة لمّا كان الوهم باقيا في البدن هو و جنوده إلى يوم البعث حسن من لسان الحكمة الإلهيّة أن يقول إنّك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم و ذلك معنى إعطائه النظرة، و قوله استحقاقا للسخطة و استتماما للبليّة و إنجازا للعدّة فقد عرفت أنّ البليّة نصب على المفعول له ثمّ إنّ فساد الوهم و ابتلاء الخلق به و الشرّ الصادر عنه امور داخلة في القضاء الإلهيّ بالعرض فيصدق عليه أنّه مراد و أنّ الإنظار و الإمهال له و كذلك استحقاق السحطة و إنجاز العدة و إطلاق لفظ السخطة استعارة فإنّ السخط لمّا كان عبارة عن حالة للإنسان يستلزم وجود مغضوب عليه غير مرضيّ بأفعاله و كان حال إبليس في إنظار اللّه إيّاه و فسوقه عن أمر ربّه مستلزما لإعراض اللّه سبحانه عنه و عمّن عصاه بمتابعته كان هناك نوع مشابهة، فحسن لأجلها إطلاق لفظ السخطة أمّا العدة فتعود إلى قضاء الحكمة الإلهيّة ببقاء الوهم إلى يوم البعث، و إنجازها يعود إلى موافقة القدر لذلك القضاء، و قال بعضهم: إنّه لمّا كان هاهنا صورة مطرود و مبعّد و ملعون حسن إطلاق لفظ السخطة و استحقاقها و أنّه إنّما انظر لأجلها و هو ترشيح للاستعارة. قوله ثمّ أسكن اللّه سبحانه آدم دارا أرغد فيها عيشه و آمن فيها محلّته و حذّره إبليس و عداوته. أقول: الدار الّتي أسكن فيها آدم هي الجنّة و الإشارة هاهنا إلى أنّ الإنسان من أوّل زمان إفاضة القوّة العاقلة عليه إلى حين استرجاعها ما دام مراعيا لأوامر الحقّ سبحانه غير منحرف عن فطرته الأصليّة و لا معرض عن عبادته و لا يلتفت إلى غيره فإنّه في الجنّة و إن كانت الجنّة على مراتب كما قال تعالى «لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ»«» و لذلك قال صلى اللّه عليه و آله: كلّ مولود يولد على الفطرة و إنّما أبواه هما اللذان يهوّدانه و ينصّرانه إذ كانت نفسه قبل الجواذب الخارجيّة عن القبلة الحقيقيّة غير مدّ نسبة بشي ء من الاعتقادات الفاسدة و الهيئات الرديئة، و إن كانت المرتبة السامية و الغرفة العالية إنّما تنال بعد المفارقة، و استصحاب النفس لأكمل زاد، و أمّا إرغاد العيش فيعود إلى ابتهاجه بالمعقولات و المعارف الكلّيّة و أمان المحلّة أمان مكانه في الجنّة أن يعرض له خوف أو حزن ما دام فيها، و أمّا تحذيره من

إبليس و عداوته فظاهر من الأوامر الشرعيّة و لسان الوحي ناطق كما قال تعالى «إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ»«» و وجه العداوة ظاهر ممّا قلنا فإنّ النفس لمّا كانت من عالم المجرّدات و كان الوهم بطبعه منكرا لهذا القسم من الممكنات كان منكرا لما تأمر به النفس من الامور الكلّيّة الّتي لا حظّ له في إدراكها و ذلك من مقتضيات العداوة و لأنّ نظام أمر النفس و مصلحتها لا يتمّ إلّا بقهر الوهم و القوى البدنيّة عن مقتضيات طباعها، و تمام مطالب القوى لا يحصل إلّا بانقهار النفس فكانت بينهما مجاذبة طبيعيّة و عداوة أصليّة إذ لا معنى للمعاداة إلّا المجانبة لما يتصوّر كونه موذيا. قوله فاغترّه عدّوه نفاسة عليه بدار المقام و مرافقة الأبرار. أقول: يقال: إنّ اللّه تعالى لمّا حذّره إبليس و عداوته كان قد نهاه عن أكل شجرة يقال إنّها شجرة البرّ، و أعلمه أنّه إن أكل منها كان ظالما لنفسه مستحقّا لسخط اللّه عليه و ذلك قوله تعالى «وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ»«» قالوا: و تلك الشجرة هي الشجرة الخبيثة الّتي اجتثّت من فوق الأرض مالها من قرار و هي عائدة إلى المشتهيات الدنيويّة الفانية و اللذّات البدنيّة الخارجة عن المحدودات في أوامر اللّه، و تناولها هو العبور فيها إلى طرف الإفراط عن وسط القانون العدل، و أمّا كونها شجرة البرّ فقالوا: إنّ البرّ لمّا كان هو قوام الأبدان و عليه الاعتماد في أنواع المطعومات و الملاذ البدنيّة حسن أن يعبّر به عنها فيقال هي شجرة البرّ كناية عن الفرع بالأصل، فأمّا اغترار إبليس له فاعلم أنّ حقيقة الغرور هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى و يميل إليه بالطبع عن شبهة و خدعة من إبليس فاغتراره يعود إلى استغفال النفس بالوسوسة الّتي حكى اللّه تعالى عنها بقوله «فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلى »«» و لنبحث حقيقة الوسوسة فنقول: إنّ الفعل إنّما يصدر عن الإنسان بواسطة امور مترتّبة ترتيبا طبيعيّا أوّلها تصوّر كون الفعل ملائما و هو المسمّى بالداعي، ثمّ إنّ ذلك الشعور يترتّب عليه ميل النفس إلى الفعل المسمّى ذلك الميل إرادة فيترتّب على ذلك الميل حركة القوّة النزوعيّة المحرّكة للقوّة المسمّاة قدرة المحرّكة للعضل إلى الفعل.

إذا عرفت ذلك فنقول: صدور الفعل عن مجموع القدرة و الإرادة أمر واجب فليس للشيطان فيه مدخل، و وجود الميل عن تصوّر كونه نافعا و خيرا أمر لازم فلا مدخل للشيطان أيضا فيه فلم يبق له مدخل إلّا في إلقاء ما يتوهّم كونه نافعا أو لذيذا إلى النفس ممّا يخالف أمر اللّه سبحانه فذلك الإلقاء في الحقيقة هو الوسوسة و هو عين ما حكى اللّه سبحانه عنه بقوله «وَ قالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي»«» إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ متابعة إبليس يعود إلى انقياد النفس لجذب الوهم و القوى البدنيّة الّتي هي الشياطين عن الوجهة المقصودة و القبلة الحقيقيّة و هي عبادة الحقّ سبحانه و فتنتها لها بتزيين ما حرّم اللّه عليها فأمّا ما يقال: إنّ إبليس لم يكن له تمكّن من دخول الجنّة و إنّما توسّل بالحيّة و دخل في فمها إلى الجنّة حتّى تمكّن من الوسوسة لآدم عليه السّلام و اغتراره فقالوا: المراد بالحيّة هي القوّة المتخيّلة، و ذلك أنّ الوهم إنّما يتمكّن من التصرّف و بعث القوى المحرّكة كالشهوة و الغضب الّتي هي جنوده و شياطينه على طلب الملاذ البدنيّة و الشهوات الحسّيّة الدنيّة، و جذب النفس إليها بتصوير كونها لذيذة نافعة بواسطة القوّة المتخيّلة، و وجه تشبيهها بالحيّة أنّ الحيّة لمّا كانت لطيفة سريعة الحركة تتمكّن من الدخول في المنافذ الضيّقة و تقدر على التصرّف الكثير و هي مع ذلك سبب من أسباب الهلاك بما تحمله من السمّ و كانت المتخيّلة في سرعة حركتها و قدرتها على التصرّف السريع و الإدراك ألطف من سائر القوى و هي الواسطة بين النفس و الوهم و كانت بما اشتملت عليه من تحمّل كيد إبليس و إلقاء الوسوسة بواسطتها إلى النفس سببا قويّا للهلاك السرمد و العذاب المؤبّد لا جرم كان أشبه ما يشبه به الحيّة لما بينهما من المناسبة فحسن إطلاق لفظ الحيّة عليها.

قوله نفاسة عليه ترشيح للاستعارة لأنّه لمّا كان جذب الوهم للنفس إلى الجنّة السافلة مانعا لها من الكرامة بدار المقامة و مستنزلا عن درجة مرافقة الملاء الأعلى، و كان ذلك أعظم ما تنفس به كما قال تعالى «وَ فِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ»«» و عرفت أنّ ذلك الجذب عن صورة معاداة كما سبق و كان من لوازم المعادة النفاسة على العدوّ بكلّ ما يعدّ كمالا لا جرم حسن إطلاق النفاسة هاهنا ترشيحا لاستعارة العداوة، و النصب على المفعول له. قوله فباع اليقين بشكّه و العزيمة بوهنه أي لمّا حصلت الوسوسة و الاغترار لآدم فانقاد لها كان قد بدّل ما تيقّنه من أنّ شجرة الخلد و الملك الّذي لا يبلى هو نور الحقّ و البقاء في جنّته و دوام مطالعة كبريائه بالشكّ فيه بواسطة وسوسة إبليس، و ذلك أنّ الامور الموعودة من متاع الآخرة و ما أعدّه اللّه لعباده الصالحين امور خفيت حقائقها على أكثر البصائر البشريّة، و إنّما الغاية في تشويقهم إليها أن يمثّل لهم بما هو مشاهد لهم من اللذّات البدنيّة الحاضرة فترى كثيرا منهم لا يخطر بباله أن يكون في الجنّة أمر زائد على هذه اللذّات فهو يجتهد في تحصيلها إذ لا يتصوّر وراءها أكثر منها، ثمّ إن صدّق بها على سبيل الجملة تصديقا للوعد الكريم فإنّه لا يتصوّر كثير تفاوت بين الموعود به و الحاضر بحيث يرجّح ذلك التفاوت عنده ترك الحاضر لما وعد به بل يكون ميل طبعه إلى الحاضر، و توهّم كونه أنفع و أولى به أغلب عليه، و أن تيقنّ بأصل عقله أنّ الأولى به و أنفع له و الأبقى هو متاع الآخرة فتارة يطرأ على ذلك اليقين غفلة عنه و نسيان له بسبب الاشتغال باللذّات الحاضرة و الانهماك فيها، و ذلك معنى قوله تعالى فَأَخْرَجَ، و تارة لا تحصل الغفلة الكلّيّة بل يكون الوهم المذكور قويّا فيعارض ذلك اليقين بحيث يوجب في مقابلته شبهة و شكّا و ذلك معنى قوله عليه السّلام فباع اليقين بشكّه و لا منافاة بين قوله تعالى فَأَخْرَجَ و بين الشكّ هاهنا.

و قوله و العزيمة بوهنه أي تعوّض من العزم و التصميم الّذي كان ينبغي له في طاعة الحقّ سبحانه بالضعف و التعاجز عن تحمّله كما قال تعالى «وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً» و إطلاق لفظ البيع هاهنا استعارة حسنة إذ كان مدار البيع على استعاضة شي ء بشي ء سواء كان المستعاض أجلّ أو أنقص، و مثله قوله تعالى «أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ». و قوله فاستبدل بالجذل وجلا و بالاغترار ندما إلى قوله و تناسل الذرّيّة فيه تقديم و تأخير و تقديره و العزيمة بوهنه فأهبطه اللّه إلى دار البليّة و تناسل الذريّة فاستبدل بالجذل و جلا بالاغترار ندما، ثمّ أناب إلى اللّه فبسط له في توبته و لقّاه كلمة رحمته و وعده المردّ إلى جنّته، و ذلك لأنّ الإهباط عقيب الزلّة و استبدال الجذل بالوجل بعد الإهباط من الجنّة و الإخراج منها، و قد ورد القرآن الكريم بهذا النظم في سورة البقرة و هو قوله «فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَ قُلْنَا اهْبِطُوا»«» ثمّ قال عقيبه «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ» و ورد أيضا على النظم الّذي ذكره عليه السّلام في سورة طه و ذلك قوله «وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى قالَ اهْبِطا»«» فقدم الاجتباء و التوبة على الإهباط و كلاهما حسن. قالوا: و معنى الإهباط له هو إنزاله عن دار كرامته و استحقاق إفاضة نعيم الجنّة، و ذلك أنّ النفس الناطقة إذا أعرضت عن جناب الحقّ سبحانه، و التفتت إلى متابعة الشياطين و أبناء الجنّ و موافقة إبليس بعدت عن رحمة اللّه و تسوّد لوحها عن قبول أنوار الإلهيّة، و أمّا دار البليّة و تناسل الذريّة فإشارة إلى الدنيا فإنّ الإنسان إذا التفت بوجهه إليها، و أقبل بكلّيته عليها هبط من أعلى عليّين إلى أسفل سافلين، و لم يزل ممنوّا ببلاء على أثر بلاء إذ لا يقدّم في كلّ لحظة و وقت فوت مطلوب أو فقد محبوب يطلب مالا يدرك و يجد ما لا يطلب و كفى بانقطاعه عن اللّه تعالى بالتفاته إليها بلاء و أعظم به شقاء إذ كان سبب البعد عن رحمته و الطرد عن أبواب جنّته.

فإن قلت لم ذكر تناسل الذريّة في معرض الإهانة لآدم مع أنّه في الحقيقة من الامور الخيريّة المندرجة في سلك العناية الإلهيّة فإنّ به بقاء النوع و دوام الإفاضة. قلت: إنّه و إن كان كذلك إلّا أنّه لا نسبة له في الحقيقة إلى الخير الّذي كان في الجنّة فإنّ تناسل الذريّة خير إضافيّ عرضيّ بالنسبة إلى الكمال الّذي يحصل لأبناء النوع و ذريّته، ثمّ النسبة إن حصلت فنسبة أخصّ إلى أشرف فإنّ إنزاله و إهباطه عن استحقاق تلك المراتب السامية و الإفاضات العالية إلى هذه المرتبة الّتي يشارك فيها البهيمة و سائر أنواع الحشرات نقصان عظيم و خسران مبين. قوله و استبدل بالجذل و جلا و بالاغترار ندما ظاهر فإنّ المقبل بوجهه على عبادة الحقّ سبحانه المستشرق لأنوار كبريائه المعرض عمّا سواه أبدا مسرور مبتهج فإذا أعرض عمّا يوجب السرور و الفرح و التفت إلى خسائس الامور بسبب شيطان قاده إليها و زيّنها لعينه فانكشف عنه ستر اللّه و بدت سوئته للناظرين بعين العاقبة من عباد اللّه الصالحين، ثمّ أخذت بضبعه العناية الإلهيّة و تداركته الرحمة الربّانيّة فانتبه من رقدة الغافلين في مراقد الطبيعة فرأى السلاسل و الأغلال قد أحاطت به و شاهد الجحيم مسعرّة عن جنبتي الصراط المستقيم، و تذكّر قوله تعالى «قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ»«» الآيات فلا بدّ و أن يصيح و جلا قلقا يقلّب كفّيه حسرة و ندما و جلا ممّا يلحقه من سخط اللّه نادما على ما فرّط في جنب اللّه، و قوله ثمّ بسط اللّه في توبته و لقّاه كلمة رحمته فالمراد الإشارة إلى أنّ الجود الإلهيّ لا بخل فيه و لا منع من جهته، و إنّما النقصان من جهة القابل و عدم استعداده فإذا استعدّت النفس لتدارك رحمة اللّه و جذبتها العناية الإلهيّة من ورطات الهلاك الأبدي فأيّدتها بالمعونة على إبليس و جنوده و بصّرتها بمقابح أحواله (أفعاله) و ما يدعوا إليه، فأخذت في مقاومته و الترصّد لدفع مكائده فذلك هو معنى إنابتها و توبتها، و أمّا كلمة رحمة اللّه الّتي لقّاها آدم فتعود إلى السوانح الإلهيّة الّتي تنسخ للعبد فتكون سببا لجذبه عن مهاوي الهلاك و توجيهه عن الجنّة السافلة إلى القبلة الحقيقيّة و إمداده بالملائكة حالا فحالا و رفعه في مدارج الجلال الّتي هي درجات الجنّة، و قوله و وعده المردّ إلى جنّته فإشارة إلى وعد القضاء الإلهيّ الناطق عنه لسان الوحي الكريم «فمن اتّبع هداى فلا يضلّ و لا يشقى- يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبة نصوحا عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم و يدخلكم جنّات تجري من تحتها الأنهار»«» و كذلك سائر أنواع و عد التائبين فهذا ما يتعلّق بهذه القصّة من التأويل و باللّه العصمة و التوفيق.

ترجمه شرح ابن میثم

ثُمَّ أَسْكَنَ سُبْحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرْغَدَ فِيهَا عِيشَتَهُ- عَيْشَهُ وَ آمَنَ فِيهَا مَحَلَّتَهُ وَ حَذَّرَهُ إِبْلِيسَ وَ عَدَاوَتَهُ- فَاغْتَرَّهُ عَدُوُّهُ نَفَاسَةً عَلَيْهِ بِدَارِ الْمُقَامِ- وَ مُرَافَقَةِ الْأَبْرَارِ- فَبَاعَ الْيَقِينَ بِشَكِّهِ وَ الْعَزِيمَةَ بِوَهْنِهِ- وَ اسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ وَجَلًا وَ بِالِاعْتِزَازِ بِالِاغْتِرَارِ نَدَماً- ثُمَّ بَسَطَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ فِي تَوْبَتِهِ- وَ لَقَّاهُ كَلِمَةَ رَحْمَتِهِ وَ وَعَدَهُ الْمَرَدَّ إِلَى جَنَّتِهِ- وَ أَهْبَطَهُ إِلَى دَارِ الْبَلِيَّةِ وَ تَنَاسُلِ الذُّرِّيَّةِ

معانی لغات

اغترّه: غافل ساخت او را و با او به رقابت پرداخت، زيرا او را سزاوار آن مقام نمى دانست.

عزيمة: به چيزى همت گماشتن اهباط: فرود آمدن

ترجمه

پس از آن خداوند آدم (ع) را در سراى بهشت كه زندگى برايش گوارا بود اسكان داد و جايگاه او را ايمن گردانيد و دشمنى ابليس را به او يادآور شد، امّا ابليس كه بر زندگانى آن حضرت در سراى جاودانى و همنشينى با نيكان حسد مى ورزيد، او را فريب داد.

آدم (ع) يقين خود را به شك تبديل كرد، و عزم و اراده را به سستى، شادمانى را به ترس و عزّت و بزرگوارى را به پشيمانى بدل ساخت (آدم از كرده خود پشيمان شد و توبه كرد). خداوند سبحان توبه او را پذيرفت و كلمه رحمت را به او آموخت و به او وعده بازگشت به بهشت داد و او را به دنياى پر بلا و جايگاه توالد و تناسل فرو فرستاد».

شرح

براى قصه آدم (ع) دو طريق نقل شده است طريق اوّل- همه مفسّران و متكلّمان مسلمان اين داستان را بر ظاهرش حمل كرده اند و در اين باره بحثهايى به ترتيب زير آورده اند:

بحث اوّل- اين داستان را خداوند متعال در هفت سوره از قرآن كريم تكرار كرده است:

سوره هاى بقره، اعراف، حجر، بنى اسرائيل، كهف، طه، ص. و اين تكرار به منظور تذكّر دادن خلق و آگاه ساختنشان از ويژگيهاى طبيعت، همان چيزى كه ابليس دل انسانها را بدان جذب مى كند انجام شده است. همچنين براى بر حذر داشتن مردم از فتنه ابليس و سپاهيانش و توجّه دادن مردمان به حضرت حق و مطالعه انوار كبريايى حق متعال چنان كه خداوند تعالى مى فرمايد: يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ«».

در هر فراز از كلام امام (ع) اشاره اى به آيه اى است مانند: «تربة» در سخنان آن بزرگوار كه اشاره به قول خداوند تعالى است كه فرمود: خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ.

سَنَّها بالماءِ. مانند اين سخن حق تعالى است: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا. لاطها بِالبلّه حتّى لَزَبَتْ، مانند اين سخن حق تعالى است: مِنْ طِينٍ لازِبٍ. حتّى صَلْصَلَتْ، مانند اين سخن حق تعالى است: مِنْ صَلْصالٍ. «ثمّ نفخ فيه من روحه مانند اين سخن حق تعالى است: «فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي» و «نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ. ذا اذهان يجبلها و فتر يتصرّف فيها و جوارح يختدمها، مانند اين سخن حق تعالى است: وَ اللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ.«» استأد اللَّه سبحانه... وصيّه اليهم، مانند اين سخن حق تعالى است: فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ. و اسْجُدُوا.

وَ إِذْ، مانند اين سخن حق تعالى است: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ«» اعترته الحميّة... و استهون خلق الصلصال، مانند اين آيه شريفه است كه از ابليس حكايت مى كند: قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ«» و اين سخن حق متعال كه از ابليس حكايت مى كند: قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ.

فاعطاه اللّه النّظره... الى يوم الوقت المعلوم، مانند اين سخن حق تعالى است: قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ«» توضيح اين كه جمله: اعطاه اللّه النّظره امام، جمله اى در تقدير دارد و آن اين است كه ابليس از خداوند تقاضاى مهلت كرد، خداوند به او مهلت داد. «ثمّ اسكن... ارغد فيها عيشه، مانند اين آيه شريفه است: وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما«».

و حذّره ابليس و عداوته مانند اين آيه شريفه است: فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى «». فاغترّه ابليس... مرافقة الابرار، مشابه اين آيه است: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ، و فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ.

فباع اليقين بشكّه و العزيمة بوهنه، مانند اين آيه شريفه است: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ. استبدل بالجزل و جلا و بالاغرار ندما، شبيه اين آيه است: قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ«».

ثمّ بسط اللّه فى توبته، شبيه اين آيه است: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ«». و وعده المردّه الى جنّته...، مانند اين آيه است: قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ«». فأهبطه الى دار البليّة، مانند اين آيه شريفه است. اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً.

بحث دوّم- خداوند متعال در موارد متعدّدى از قرآن كريم به خلقت آدم اشاره دارد

و در آيه اى مى فرمايد: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ«» و در جاى ديگر مى فرمايد: إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي«» و در آيه ديگرى مى فرمايد: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ«».

متكلّمان گفته اند كه خداوند آدم را بدين صورت آفريد يا به اين دليل كه مشيّت خداوند بدين طريق قرار گرفته بود و يا براى اين كه كمال قدرت و صنعت عجيب خود را به فرشتگان بنماياند، زيرا خلقت انسان در اين مراتب در نزد آنها شگفت انگيزتر بود از اين كه آدم از جنس آنها آفريده شود.

كلام امام (ع) در اين فراز از خطبه به منزله تفسيرى براى آيات فوق است.

زيرا امام (ع) اوّلًا اشاره دارد به اين كه آدم از خاك آفريده شده و سپس توضيح بيشترى در باره خاك داده و مى فرمايد: خداوند سبحان از خاك شور و شيرين دشت و كوه مقدارى برگزيد و زمينه خلقت آدم قرار داد و مانند اين كلام از پيامبر (ص) نيز روايت شده كه فرمود: «خداوند آدم را از يك قبضه خاك كه از جميع زمين برداشته شده بود آفريد«»». بنا بر اين فرزندان آدم به لحاظ قسمتهاى مختلف زمين تجلّى دارند. بعضى سرخ پوست، بعضى سياه پوست و بعضى سفيد پوست اند، بعضى نرم خوى، بعضى درشت خوى، گروهى پاك سرشت و بعضى بدسرشت اند.

جمهور مفسّران بر اين عقيده اند كه منظور از انسان در سخن حق تعالى كه فرمود: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ«» پدر ما آدم است. از امام باقر (ع) روايت شده است كه فرمود: «پيش از آدمى كه پدر ما است هزار هزار (يك ميليون) آدم و بيشتر از آن به دنيا آمده است«»». بعضى از دانشمندان گفته اند تعدّد آدمها منافاتى با حدوث عالم ندارد، زيرا به هر صورت كه فرض شود ناگزير سلسله انسان به انسانى ختم مى شود كه او اوّل انسان باشد، امّا اين اوّلين انسان پدر ما آدم است يا نه جز از طريق نقل راهى براى اثباتش وجود ندارد.

بحث سوّم- مسلمين اتفاق نظر دارند. بر اين كه سجود فرشتگان براى آدم سجود به معناى عبادت نبوده است، زيرا عبادت براى غير خدا كفر است. سپس در معناى سجده اختلاف نظر پيدا كرده و به سه طريق بيان كرده اند: 1- سجود براى خدا انجام گرفته و آدم به منزله قبله بوده است همان طور كه سجده كردن بر قبله صحيح است سجده كردن بر آدم نيز صحيح است. دليل صحّت اين استدلال شعر حسّان بن ثابت است.

«ما كنت احسب انّ الامر منصرفعن هاشم ثم منها عن ابى حسن

أ ليس اوّل من صلّى لقبلتكم

و اعرف النّاس بالآيات و السّنن«»»

در كلام حسّان شاهد مدّعا بر قبله شما نماز خواندند، مى باشد.

2- سجود براى آدم نوعى تعظيم و تحيّت بوده است، درست مانند سلامى از ناحيه فرشتگان بر آدم. آدمهاى گذشته نوع تحيّتشان تعظيم بوده است همچنان كه سلام در ميان مسلمين مرسوم است. از صهيب نقل شده است: وقتى كه معاذ رضى اللّه عنه از يمن بازگشت براى پيامبر سجده كرد، پيامبر فرمود اى معاذ اين چه كارى است كه كردى معاذ گفت من يهود را ديدم كه براى بزرگان علمايشان سجده مى كردند و نصارا براى قسّيسين، از آنها پرسيدم اين چه كارى است كه مى كنيد پاسخ دادند تحيّت انبياست. پيامبر فرمود: بر پيامبرانشان دروغ بسته اند.

3- سجود در اصل لغت به معناى انقياد و خضوع است. شاعر به همين معنى سجده را به كار برده است: ترى الاكم فيها سجّدا للحوافر (يعنى كوهها را مى بينى كه بر سم اسبها سجده مى كنند) منظور اين است كه سنگهاى سخت كوه در برابر سم اسبهاى تندرو نرم و انعطاف پذير شده اند و خداوند مى فرمايد: وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ، گياهان و درختان سجده مى كنند، يعنى خاضعند.

سخن امام (ع) با قول دوّم مناسبتر است، زيرا كلمه خضوع پس از سجود به كار رفته و فرموده است و الخضوع لتكرمته.

بحث چهارم- در باره فرشتگانى كه مأمور سجود براى آدم شده اند اختلاف است.

بعضى گفته اند فرشتگان آسمان مأمور اين كار نبوده اند و آنها كه به سجده آدم مأمور شدند همانهايى هستند كه با ابليس به زمين آمدند. و چنين توضيح داده اند كه چون خداوند آسمانها و زمين و فرشتگان را آفريد بعضى از آنها را به صورت گروهى به زمين فرستاد كه جنّ ناميده مى شدند و رئيس آنها ابليس بود.

در زمين اسكان يافتند و از ملائكه عبادت كمترى داشتند. ابليس به خود مغرور شد و كبر بر او غلبه يافت خداوند بر محتواى فكرى او آگاه بود، به او و سپاهيانش فرمود: إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ«».

به نظر بعضى ديگر مأموران سجده براى آدم تمام فرشتگان بوده اند به دليل اين آيه شريفه فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ و در اين آيه كاملترين صورت تأكيد وجود دارد كه دلالت كننده بر سجده تمام فرشتگان است.

بحث پنجم- بيشتر متكلّمان بويژه معتزله بر اين عقيده اند كه ابليس از فرشتگان نيست.

همه مفسّران از جمله ابن عبّاس بر اين باورند كه ابليس از فرشتگان زمين است كه پيش از آدم به زمين آمدند.

دليل متكلّمان سخن حق تعالى است كه فرمود: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا.

جنيان فرشته نيستند به دليل سخن حق تعالى به فرشتگان كه فرمود: وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ آنها پاسخ دادند: قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ«».

آنهايى كه ابليس را از فرشتگان دانسته اند استدلال كرده اند به اين كه در موارد زيادى از قرآن كريم ابليس از فرشتگان استثنا شده است، كه اگر استثنا نباشد مستثنا داخل در مستثنا منه مى شود. و همين استثنا دليل است كه ابليس از فرشتگان بوده است و به دو دليل قول كسانى را كه ابليس را از فرشتگان دانسته اند رد مى كند.

1- اين ادّعا كه ابليس جزو فرشتگان نبوده است با اين سخن حق تعالى كه: وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً«» سازش ندارد (در اين جا جنّه به معناى فرشته به كار رفته است). اين آيه بيان ادّعاى قريش است كه آنها فرشتگان را دختران خدا مى دانستند. خداوند متعال از آنها حكايت مى كند كه: وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً«». مفاهيم اين آيات دلالت دارد بر اين كه فرشتگان از جنّ هستند.

2- جن بودن ابليس با فرشته بودن منافاتى ندارد، زيرا بر فرشتگان نام جنّ صدق مى كند. به دليل اين كه جن از ريشه «اجتنان»، به معناى استتار، گرفته شده است. و به اين دليل به فرزند داخل رحم جنين گفته اند كه در شكم مادر پنهان است. و به اين دليل شخص را مجنون مى نامند كه عقلش نهفته است. و چون فرشتگان از رؤيت مردم پوشيده اند اطلاق لفظ جنّ بر آنها رواست.

به نظر ما (شارح) اين اختلاف لفظى است. زيرا هر گاه ثابت شود فرشتگانى كه پيش از آدم به زمين آمدند جنّ ناميده مى شده اند و ابليس از جنّ مى باشد ثابت مى شود كه ابليس از فرشتگان است. زيرا اختلاف بر سر اين نيست كه ابليس از فرشتگان زمين است يا آسمان بلكه اختلاف اين است كه به طور كلّى ابليس فرشته است يا خير بنا بر اين آنها در معنى اختلافى ندارند.

بحث ششم- دانشمندان در علّت دشمنى ابليس با آدم اختلاف نظر دارند.

بعضى علّت دشمنى را حسد دانسته اند و چنين استدلال كرده اند كه چون ابليس اكرام خدا را در باره آدم كه عبارت از سجده كردن فرشتگان براى آدم است مشاهده كرد و فهميد كه به آدم چيزهايى آموخته كه فرشتگان بدان آگاه نيستند، حسد ورزيد و دشمنى كرد. گروهى ديگر علت دشمنى ابليس با آدم را تباين اصالت آنها دانسته اند به اين دليل كه تباين اصالت اثرى قوى در تنفّر شخص دارد و چنين توضيح داده اند كه اصل آدم از خاك و اصل ابليس از آتش بود و همين منشأ قياس فاسدى براى ابليس شد هنگامى كه خداوند او را به سجده دستور داد، ابليس به همين برترى منشأ وجودى خود اشاره كرد و گفت: انا خير منه خلقتنى من نار و خلقته من طين معناى تحليلى اين گفته ابليس اين است كه خطاب به خداوند گفته باشد، آدم از جسمى كثيف و من از روحانيّتى لطيف به وجود آمده ام و شي ء جسمانى از شي ء روحانى پست تر است و آن كه ذاتا پست تر است چگونه مى تواند مورد سجده موجودى برتر قرار گيرد و به عبارتى ديگر مى توان گفته شيطان را توضيح داد.

اصل آدم از گل خشكيده بدبو است و گل بدبو در نهايت پستى است و اصل من از برترين عناصر است. وقتى كه اصل من از اصل او بهتر باشد، ايجاب مى كند كه من از او بهتر و اشرف باشم و زشت است كه بلند مرتبه براى دون مرتبه سجده كند.

اين عدّه گفته شيطان را قياسى از او دانسته و مى گويند اوّل كسى كه قياس كرد ابليس بود و خداوند تعالى به او جوابى تنبيهى داد، نه تصريحى و فرمود: قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً«».

بعضى از فضلا گفته اند آنچه خداوند به ابليس با حكم حكمت الهى و قدرت ربّانى امر فرمود صريح بود و آنچه كه ابليس به خداوند عرض كرد قياس بود و هر كس حكم صريح را با قياس رد كند رانده شده و ملعون است.

بحث هفتم- اشاعره با توجه به داستان آدم و ابليس به دو وجه استدلال كرده اند كه خداوند تعالى كفر را در ميان كافران القا كرده است.

1- خداوند ابليس را مهلت داد با اين كه مى دانست قصد او اغواى آدميان است و اگر او را هلاك مى كرد مردم راحت مى شدند و شرّى از ناحيه او و فرزندانش به مردم نمى رسيد.

2- ابليس با گفتن «اغويتنى» گمراهى را به خدا نسبت داد و خداوند اين نسبت را انكار نكرد پس روشن است كه اغوا به دست خدا انجام مى گيرد.

معتزله اشكال اوّل اشاعره را بدين طريق پاسخ داده اند كه خداوند آدم و فرزندان او را آزاد آفريده است. آنها قادرند كه ابليس را از خود برانند. بنا بر اين انسانها كفر و فساد را انتخاب مى كنند. نهايت چيزى كه در اين باب مى توان گفت اين است كه دورى از گناه با نبودن ابليس آسانتر ميسّر بود تا بودن او، و با همين فرض وسوسه او سبب سختى در اداى طاعت مى شود و مكلّف با اداى تكليف همراه با سختى ثواب بيشترى مى برد، چنان كه معصوم فرموده است: «برترين اعمال شاق ترين آنهاست«»». اين كه وسوسه ابليس سبب مشقّت در اداى تكليف مى شود حكيم را از انجام كارش باز نمى دارد همچنان كه مشقّتها، رنج و آلام و شبهات موجب زيادى شك و ترديد مى شود با اين حال نزول رنج و آلام از جانب خداوند جايز است. اين سخن معتزله در جواب اشاعره نزديك به سخن امام (ع) است كه فرمود: اشتماما للبليّه.

اشكال دوّم اشاعره را بدين طريق پاسخ داده اند كه منظور از كلام شيطان «بما اغويتنى» مأيوس ساختن خدا او را از رحمتش مى باشد.

اشكال دوّم اشاعره به گونه ديگرى نيز پاسخ داده شده است: نسبت دادن اغوابه خداوند تعالى در اين زمينه بوده است كه خدا ابليس را به سجده كردن براى آدم امر كرد، ابليس عصيان كرد و گمراه شد. بنا بر اين، اصل در حصول اغواى شيطان امر خدا به سجده بوده است و به همين دليل شيطان اغواى خود را به خدا نسبت داده است.

با توجّه به همين داستان استدلال به جواز خطاى انبيا كرده اند و آيه: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى «»، را دليل آورده اند. كسانى كه عصمت انبيا را از هنگام ولادت واجب مى دانند پاسخ داده اند كه چون دليل عقلى بر وجوب عصمت انبيا اقامه شده است، ظاهر لفظ اين آيه و مثل آن بر ترك اولى حمل مى شود. ترك اولى از انبيا هر چند سيئه و گناه به حساب مى آيد در باره غير انبيا حسنه به شمار مى آيد كه گفته اند: حسنات الابرار سيّئات المقرّبين.

كسانى كه عصمت انبيا را از هنگام رسالت واجب مى دانند اين آيه و امثال آن را به زمان قبل از بعث نسبت مى دهند. بحث كامل اين موضوع در كتب كلام آمده است.

بحث هشتم- قفّال گفته است. اصل كلمه «تلقّى» در كلام حق تعالى:

فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ و فرموده امام (ع) در اين خطبه: و لقّاه كلمة رحمته، توجه و تعرض به گناهكارى است، كه شرمسارى دارد و با حالت پشيمانى روى مى آورد. سپس اين كلمه به معناى دوّمى كه قبول و پذيرش است به كار رفته است چنان كه خداوند تعالى به پيامبر مى فرمايد: وَ إِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ«». مثلًا گفته مى شود: تلقّينا الحاجّ، «به پيشواز حاجيان رفتيم.» يا مى گويند: تلقّيت هذه الكلمة من فلان. اين كلمه را از فلانى ياد گرفتم، پس از دريافت معناى اصلى كلمه، هر گاه در مورد ملاقات با فردى به كار رود معناى طرفينى پيدا مى كند. بدين معنى كه هر يك با ديگرى ملاقات مى كند، پس به هر يك مى توان گفت كه با ديگرى تلقّى كرده است. به اين ترتيب جايز است كه گفته شود تلقّى آدم كلماتى از پروردگارش به معناى گرفتن، پذيرفتن، روبرو شدن با وجه قبول مى باشد. و معناى: لقّاه اللّه ايّاها اين است كه خداوند آياتى را بر او نازل كرد و او را مخاطب آنها قرار داد.

مفسّران در باره معناى «كلمات» اقوالى نقل كرده اند: 1- سعيد بن جبير از ابن عباس نقل كرده است كه: آدم (ع) عرض كرد پروردگارا آيا مرا بدون واسطه و با دست خود نيافريدى پاسخ شنيد چرا. عرض كرد آيا مرا در بهشت سكنى ندادى جواب شنيد چرا. عرض كرد رحمت تو بر غضبت سبقت نگرفته است جواب شنيد چرا. عرض كرد اگر توبه كنم و اصلاح شوم مرا مى پذيرى و به بهشت باز مى گردانى جواب شنيد بلى چنين است. ابن عبّاس مى گويد: اين است معناى آيه شريفه: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ.

2- نخعى گفته است كه من خدمت ابن عباس رسيدم و سؤال كردم كلماتى كه آدم از پروردگارش تلقّى كرد چيست ابن عباس گفت خداوند تعالى به آدم و حوّا امر حجّ و آداب و دستور آن را آموخت آدم و حوّا حج به جا آوردند.

پس از فراغت از حج خداوند تعالى به آنها وحى كرد كه توبه شما را پذيرفتم.

3- مجاهد و قتاده در يكى از دو روايتى كه از آنها نقل شده است گفته اند كلمات عبارتند از اين آيه شريفه: قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ.

4- سعيد بن جبير كلمات را عبارت از اين نيايش آدم (ع) دانسته: «خداوندا جز تو پروردگارى نيست ستايش شايسته تو است از هر بدى منزّهى بر خود ستم كردم و كار بد انجام دادم مرا بيامرز كه تو بهترين آمرزندگانى. خداوندا خبر تو الهى نيست. سپاس شايسته تو است و از هر عيبى مبرّايى بر خود ستم كردم و كار بد انجام دادم بر من رحم كن كه تو مهربان ترين مهربانانى. خداوندا جز تو خدايى نيست. حمد سزاوار تو است كه منزّهى، بر خود ستم كردم و كار بد انجام دادم توبه مرا بپذير كه تو پذيرنده رحيمى».

5- از عايشه روايت شده است كه چون خداوند تعالى خواست كه توبه آدم را بپذيرد، آدم (ع) هفت بار بر خانه كعبه طواف كرد و خانه در آن روزگار به صورت تلّى خاك قرمز بود. پس از آن كه دو ركعت نماز به جا آورد رو به قبله كرد و عرض كرد پروردگارا تو نهان و آشكار مرا مى دانى، عذر مرا بپذير، نياز مرا مى دانى خواست مرا برآورده ساز، آنچه بر نفس من مى گذرد آگاهى گناه مرا بيامرز.

خداوندا ايمانى از تو مى خواهم كه مباشر قلب من باشد و يقينى صادق به من عنايت كن كه مطمئن شوم آنچه به من مى رسد خواست تو است و مرا به نصيب و قسمت خودت راضى فرما.

خداوند تعالى به آدم وحى كرد كه گناهت را بخشيدم و هر يك از ذرّيه تو كه به چنين دعايى مرا بخواند گناهانش را مى آمرزم و غمهايش را برطرف مى كنم، فقر را از پيش چشمش برمى دارم تا آنجا مى رسد كه هر چند دنيا به او رو آورد دنيا خواه نمى شود.

بحث نهم- در حقيقت توبه است

و امام غزالى گفته است توبه عبارت از معنايى است كه از سه امر تركيب يافته ابتدا علم، بعد حال و در نهايت ترك.

علم يعنى بنده حق، زيان گناه را بداند و آن را حجابى ميان خود و ميان حق تعالى در نظر داشته باشد گناه را قيد و بندى بشناسد كه او را از دخول بهشت باز مى دارد. هر گاه اين حقيقت را بداند و از اين طريق يقين غالبى بر قلبش عارض شود، تأثير نفسانى شديدى در او به وجود مى آيد و اين تأثير نفسانى به سبب فوت خير عظيمى است كه مطلوب هر عاقلى است. اين تألّم را كه بر اثر فوت خواست مطلوب و محبوبش حاصل مى شود پشيمانى مى گويند و اين معناى حالى است كه در مرتبه دوّم توبه است. هر گاه تألّم و رنج بر قلب انسان غلبه كند موجب قصد انجام دو كار مى شود يكى ترك گناهى كه بالفعل در حال انجام است، دوّم تصميم بر ترك گناهى كه در آينده عمر، باعث ضايع شدن موضوع مطلوب و محبوب او مى شود. پس حقيقت توبه اين سه مرحله است كه بيان شد.

با تحقق اين سه مرحله انسان آمادگى پيدا مى كند براى تلافى آنچه از خيرات كه از او فوت شده و يا بديهايى كه از او سرزده است.

از توضيح فوق دانسته شد كه علم در تحقق اين خيرات اصل و اساس است به اين دليل كه اگر قلب يقين داشته باشد كه گناهان مانند زهرهاى مهلك و پرده هاى حايل ميان او و محبوبش مى باشند. طبعا براى كامل شدن اين نور يقين شعله آتش پشيمانى را در آن مى افكند و رنجش خاطر پديد مى آيد و از اين آتش پشيمانى آمادگى براى تدارك آنچه از دست رفته حاصل مى شود. بنا بر اين علم، پشيمانى، قصد بر ترك گناه در حال و آينده و تلافى امورى كه در گذشته از دست رفته است سه معناى مترتّبى هستند كه بر مجموع آنها توبه اطلاق مى شود.

گاهى توبه بر پشيمانى تنها اطلاق مى شود. در اين صورت علم به منزله انگيزه و ترك به منزله نتيجه بعدى آن است به همين اعتبار است كه امام (ع) فرموده است: النّدم توبة. بنا بر اين لازمه اش علمى است كه موجب پشيمانى شود و تصميمى است كه بر ترك گناه در آينده مفيد واقع شود.

توبه را از دو جهت واجب دانسته اند.

1- توبه موجب رضاى خدا و خشم شيطان است، درهاى بهشت را مى گشايد، نفس انسان را براى تابش خورشيد معارف الهى آماده مى كند، و او را آماده دريافت عطا و بخششهاى ربّانى مى گرداند.

2- به دليل اوامرى كه در قرآن كريم آمده است، چنان كه خداوند متعال مى فرمايد: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً«» و نيز به جهت وعده صادق خداوند كه توبه كنندگان را پاداش مى دهد چنان كه مى فرمايد: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ«» و نيز از جهت وعده عذابى كه خداوند بر ترك توبه داده است. آنجا كه مى فرمايد: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ«» مشابه اينها دلايل فراوان ديگرى است كه بر وجوب توبه دلالت مى كند.

امّا توبه به دو دليل مورد قبول واقع مى شود 1- آيات شريفه قرآن كه از آن جمله است اين آيه شريفه: وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ«» و اين آيه شريفه: غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ.

2- پيامبر (ص) فرموده است: «من به سبب توبه بنده گناهكار خوشحال مى شوم«»». چون خوشحالى بالاتر از قبول است مطمئناً دليل بر قبول مى تواند باشد. و نيز پيامبر (ص) فرمود: «اگر گناهان شما به بلندى آسمان باشد و پشيمان شويد خداوند بر شما مى آمرزد«».»

بحث دهم- در بيان امورى است كه ممكن است فهم آنها در داستان خلقت آدم مشكل باشد.

اوّل- وديعه و وصيّتى است كه در گفته امام (ع) آمده و اداى آنها را خداوند سبحان از فرشتگان خواسته است. اين فرموده امام (ع) در مورد وديعه و وصيّت اشاره دارد به آيه شريفه قرآن كه خداوند به فرشتگان فرمود: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ. خداوند تعالى با بيان اين عبارت از فرشتگان پيمان گرفته است و به انجام اين فرمان آنها را توصيه كرده و اداى آن فرمان را از آنها خواسته است همچنان كه امام (ع) به اين سخن حق تعالى «اسجدوا لادم» استناد جسته است.

دوّم- امام كه فرمود: فاغترّه ابليس منظور از اغتراء اين است كه ابليس به ظاهر براى آدم بزرگى مى خواست، او را با التماس به گناه وسوسه كرد و ما به خواست خداوند بزودى معناى وسوسه را توضيح خواهيم داد.

سوّم- امام كه فرمود «دار المقام» منظور بهشت جاويدان است و «مرافقه الابرار» اشاره به همنشينى با فرشتگان در محضر حضرت حق دارد.

چهارم- شارحان نهج البلاغه در باره اين جمله امام (ع): «فباع اليقين بشكّه» اقوالى را به طريق زير نقل كرده اند.

1- آدم (ع) به چگونگى زندگى خود در بهشت يقين داشت، ولى نمى دانست كه اگر به دنيا منتقل شود زندگيش چگونه و حالش چطور خواهد بود. ابليس با ادّعاى اين كه خير خواه آدم است او را به شك انداخت و آدم خير هميشگى را كه به آن يقين داشت فراموش كرد و سخنان به ظاهر خير خواهانه ابليس در او شك ايجاد كرد و يقين خود در اثر متابعت از شيطان به شكى كه او ايجاد كرده بود فروخت و اين جمله استعاره زيبايى است بر سبيل كنايه كه شك را جايگزين يقين كرده است.

2- گفته اند كه چون خداوند تعالى از دشمنى ابليس خبر داد برايش يقين حاصل شد اما وقتى ابليس او را وسوسه كرد بر اثر نصيحت او به شك افتاد، پس گويا يقين به دشمنى ابليس را با شكى كه در مورد خيرخواه بودن او پيدا كرد معامله كرد.

3- آنهايى كه آدم (ع) را از گناه منزّه مى دانند گفته اند كه: اين عبارت حضرت مثل قديمى است كه در ميان عرب معروف بوده است براى كسى كه كار بى فايده اى را انجام مى داد ولى آنچه كه انجامش لازم بوده، ترك مى كرده است.

امام (ع) در اين جا به اين مثل تمسّك جسته است، قصد حضرت اين نيست كه آدم در امر خدا شك كرده است.

4- ابن عبّاس در باره عبارت امام (ع) كه فرمود الغريمة بوهنه گفته است: اين سخن امام (ع) به آيه شريفه: لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً اشاره دارد، «من براى آدم چيزى كه امر خدا را حفظ كند نيافتم.» قتاده در اين باره گفته است: منظور صبر و شكيبايى است يعنى آدم بر امر خدا صبر نكرده ضحّاك در اين باره گفته است از خوردن ميوه ممنوعه خوددارى نكرد.

خلاصه اين اقوال به اين امر باز مى گردد كه آدم داراى مقاومتى كه او را بر انجام امر خدا پايدار دارد نبود. پس گويا تصميمى كه براى او شايسته بود و نيرويى كه با آن خود را از متابعت ابليس حفظ مى كرد به ضعف و سستى در انجام امرى كه خدا به او امر فرموده بود فروخت.

پنجم- منظور از اين سخن امام (ع): «دار البليّه» دار دنيا است. زيرا با توجه به وسوسه ابليس و كوشش او براى گمراه كردن فرزندان آدم دنيا دار بلا و زندان نيكوكاران است، چنان كه امام (ع) فرمود: «دنيا زندان مؤمن و بهشت كافران است«»».

در ذكر اين داستان هشدار بزرگى است براى پرهيز از گناهان، توضيح اين حقيقت به چند صورت زير است.

1- هر كس آنچه را بر آدم به خاطر لغزش وى گذشته است درك كند از انجام گناه بشدّت مى ترسد. شاعر در اين زمينه گفته است:

يا ناظرا نورا بعينى راغدو مشاهدا للامر غير مشاهد

تصل الذنوب الى الذنوب و ترتجى

درك الجنان و نيل نور العابد

انسيت انّ اللّه اخرج آدمامنها الى الدنيا بذنب واحد«»

از فتح موصلى نقل شده: ما مردمى بهشتى بوديم ابليس ما را اسير كرد و به دنيا آورد. بنا بر اين بهره ما جز غم و اندوه چيزى نيست تا زمانى كه به دنياى ديگر برگشته و به بهشتى رويم كه از آنجا رانده شده ايم.

2- بر حذر داشتن از استكبار و حسد و حرص. قتاده در تفسير اين سخن حق تعالى (وَ إِذْ قُلْنا) گفته است: ابليس اين دشمن خدا در باره آنچه خداوند تعالى به آدم داده بود حسد ورزيد و ادّعا كرد كه من از جنس آتشم و آدم از خاك و بدين طريق خود را برتر دانست و همين حرص و حسد را در قلب فرزندان آدم القا مى كند تا آنها را به كارهاى زشت وا دارد.

3- خداوند تعالى با بيان اين داستان دشمنى سختى كه ميان فرزندان آدم و ابليس است تذكّر مى دهد و اين تنبيهى بزرگ بر وجوب پرهيز از گناه مى باشد.

طريق دوّم- بعضى ديگر از دانشمندان داستان آدم و حوّا را تأويل كرده و پيش از تأويل براى فهم معناى تأويلى مقدّماتى را به شرح زير آورده اند: مقدّمه اوّل- در باره اجزاى تركيبى وجود خارجى انسان و چگونگى آن است. در اين مورد گفته اند عناصر چهارگانه، اجسام بسيطى هستند كه اجزاى اوّليّه بدن انسان را تشكيل مى دهند. دو عنصر از اين چهار عنصر سبك وزن و لطيف اند كه عبارتند از آتش و هوا. و دو عنصر سنگين وزن اند كه عبارتند از زمين و آب. گفته اند جايگاه طبيعى زمين ميان سبكى و سنگينى است و طبيعت آن سرد است و خشك و وجود آن در ثبات و حفظ شكل و هيأت موجودات مفيد است. خصلت طبيعى آب اين است كه زمين را در بر مى گيرد و وزن آن نسبى است. طبيعت آن سرد و مرطوب است. وجود آب در جهان براى سهولت شكل گيرى اشياء است. مانند اين كه اشياء به وسيله آب به آسانى آمادگى پذيرفتن شكل و نقوش و حالت تعادل را پيدا مى كنند. زيرا همچنان كه آب موجب مى شود كه هيأت تشكيل شده به آسانى از بين برود، سبب مى شود كه جسم به آسانى هيأت و شكل را قبول كند، چنان كه جسم خشك و تر با يكديگر در آميزند، جسم خشك از عنصر مرطوب كشش و شكل يافتن را مى پذيرد و جسم مرطوب از جسم خشك، تعديل يافته و بقا و استقامت را مى يابد. بنا بر اين جسم خشك با رطوبت از شكسته و پراكنده شدن محفوظ مى ماند و جسم مرطوب بوسيله جسم خشك از سيلان و حركت باز مى ماند. جايگاه طبيعى هوا بالاتر از آب و پايين تر از آتش است و سبك بودنش امرى نسبى است و طبيعت آن گرم و مرطوب است. فايده وجودى هوا در مخلوقات اين است كه اجسام را مشبك كرده، رقيق مى سازد. جايگاه طبيعى آتش بالاتر از همه اجرام عنصرى است. كيفيّت وجودى آن مقعّر و مانند فلك ماه است. به طور مطلق وزن آن سبك و طبيعت آن داغ و خشك است. فايده وجودى آتش در موجودات براى سهولت تركيبات است و جوهر وجودى حيوانات در آن جريان مى يابد و براى تجزيه دو عنصر به كار گرفته مى شود و آنها را به عناصر اوّليّه باز مى گرداند.

دو عنصرى كه از نظر وزن سنگين ترند در ايجاد اعضاء و استوارى آنها مفيدترند و دو عنصر سبك در ايجاد ارواح و به حركت در آوردن ارواح و اعضا مفيد است.

پس از اين توضيح، دانشمندان گفته اند مزاج كيفيّتى است كه از فعل و انفعالات اين عناصر چهارگانه پديد مى آيد. هر گاه بعضى از اين عناصر در بعضى ديگر اثر بگذارند صورت بسيط هر كدام به وسيله ديگرى شكسته مى شود و از آنها كيفيّت متشابه همه عناصر پديد مى آيد كه به آن مزاج و قواى اولى گفته مى شود و در اساس همه آنها چهار عنصر حرارت. برودت، رطوبت و يبوست وجود دارد و همين چهار چيز پديد آورنده انواع مزاجها در اجسام موجود فسادپذير مى باشند.

خداوند هستى بخش به هر عضوى و حيوانى آنچه را كه شايسته تر بوده به آن داده است. و به انسان معتدل ترين مزاج ممكن در اين عالم را با قواى مناسبى كه با آن كار انجام دهد و به وسيله آن تأثير بگذارد و يا تأثير بپذيرد بخشيده است و به هر عضوى از اعضاى انسان آنچه را كه براى انجام كار لازم داشته، داده است.

بنا بر اين بعضى اعضا را گرمتر و بعضى را سردتر و بعضى را مرطوب تر و بعضى را خشك تر آفريده است. و به وسيله اخلاط كه جسمهاى مرطوب سيّال اند اعضا را در كارشان مدد رسانده كه بدون وجود اخلاط محال است كه به اعضا غذا برسد. اخلاط در چهار چيز منحصر است: يكى از خون است كه از ديگر اخلاط برترى است. دوّمى بلغم، سومى صفرا و چهارمى سودا مى باشد. سپس اعضا را به استخوان و غضروف و اعصاب و پى ها تقسيم كرده است و استخوان را اولين عضو متشابه الاجزا قرار داده و آن را سخت آفريده است زيرا اساس بدن و استوانه حركت و استوارى جسم مى باشد.

در مرتبه دوّم غضروف را قرار داده كه از استخوان نرمتر است فايده غضروف متصل ساختن استخوانها به اعضاى نرم بدن است تا اعضاى نرم بدن به هنگام ضربه خوردن از استخوانها صدمه نبيند زيرا غضروفها واسطه ميان استخوانها و قسمتهاى نرم بدن اند و مفاصل را به يكديگر پيوند مى دهند و مانع درگيرى استخوانها با يكديگر مى شوند.

پس از غضروفها عصبها هستند كه جسم اند و از دماغ و نخاع نشأت مى گيرند، انعطاف پذيرند و به آسانى پاره نمى شوند. فايده آنها اين است كه اعضا به وسيله آنها احساس مى كنند و حركت انجام مى دهند.

پس از اعصاب تارهاى ارتباطى قرار دارند كه از اطراف عضلات نشأت گرفته و شبيه عصب اند و با اعضاى متحرّك برخورد دارند بر حسب انقباض و انبساط عضله اعضا را منقبض و منبسط مى كند. سپس رباطها قرار دارند و آنها نيز شبيه عصب هستند كار آنها برقرارى ارتباط ميان اعضا و حفظ آنهاست هيچ يك از آنها داراى حس نيستند تا بر اثر حركت و مالش آزرده و اذيّت شوند.

پس از رباط شريانات اند و آنها جسمهايى هستند كه از قلب سرچشمه گرفته به ديگر اندامها امتداد مى يابند. شريانات در طول ميان تهى اند و به موازات اعصاب به اعضا حيات مى بخشند و امتداد مى يابند، حركات انقباضى و انبساطى دارند، براى شادابى قلب و زدودن گازهاى مضرّ آن آفريده شده اند، كار ديگر آنها تقسيم ماده حياتى به اعضاى بدن است.

پس از شريانات، وريدها هستند كه شبيه شرياناتند و از كبد سرچشمه مى گيرند«». فايده آنها رساندن خون به اعضاى بدن است. سپس پرده هاى نازكى هستند كه از الياف عصبى نازك غير محسوس بافته شده اند و سطح اجسام ديگر را مى پوشانند و فوايدى دارند. بعضى از آنها حفظ شكل و هيأت جسم را انجام مى دهند و بعضى نقش ارتباط اعضا را بر عهده دارند و آنها را به وسيله اعصاب مرتبط مى سازند. بعضى براى اعضايى كه حس خود را از دست بدهند به صورت كار اصلى سطح حسّاس به وجود مى آورند و به صورت جنبى براى ريه و طحال و كبد و كليه ها پوشش ايجاد مى كنند. چون اين پرده هاى نازك ذاتا داراى حسّ نيستند ولى مى توانند جانشين حس اعضايى شوند كه حسّ خود را از دست مى دهند.

پس از پرده هاى نازك، گوشت قرار دارد و گوشت قسمت داخلى و متخللى است كه اعضاى اصلى بدن را تشكيل مى دهد. بنا بر اين بدن داراى سه قسم اعضاى اصلى است به شرح زير: 1- وسيله غذا رساندن به بدن مانند معده، كبد، عروق، و راه رسيدن غذا به معده و كبد مانند دهان، مرى. و مسير خروج غذا مانند امعا.

2- ابزار حرارت غريزى و حافظان آن مانند، قلب، سر، شش، سينه و ساير دستگاههاى تنفسى.

3- ابزار حسّ و حركت و كارهاى عقلى مانند دماغ، نخاع، عصب، عضلات و اوتار و مانند اينها كه كارهاى عقلى به كمك آنها نياز دارد.

چون بدن ضرورتا ايجاب مى كند كه كارهاى مختلفى انجام دهد مطابق حكمت حق تعالى واجب است كه آمادگى براى ويژگيهاى متعددى كه بتوانند منشأ افعال بدن باشند داشته باشد. يكى از آن ويژگيها نفس طبيعى است كه به آن دو قوّه خادم و مخدوم اختصاص يافته است.

امّا قوّه اى كه جنبه مخدومى دارد، دو قسم است: يكى در غذا تغيير مى دهد و دو نوع قوّه ديگر تحت پوشش آن است كه اوّلى غذا دهنده ناميده مى شود و فايده آن تغذيه شخص در طول عمر مى باشد كه غذا را تحليل مى برد تا جانشين شود آنچه را كه به تحليل مى رود. و دوّمى قوّه ناميده مى شود و فايده آن اين است كه حجم بدن را تا سر حدّ كمال تا اندازه طبيعى رشد مى دهد.

قسم دوّم از قوّه مخدومه براى بقاى نوع در غذا تصرّف مى كند و تحت پوشش خود دو نوع قوّه دارد: اوّل قوه اى كه مولّده ناميده مى شود و آن را در امر تناسل و زاد و ولد تصرّف مى كند تا از در آميخته بدن جوهر منى را جدا كند. دوّم قوّاى كه مصوّره ناميده مى شود و آن قوّه اى است كه پس از قرار گرفتن منى در رحم آن را شكل مى دهد و ويژگيهاى وراثتى را كه منى حامل آن است ظاهر مى سازد.

امّا قوّه اى كه خادم صرف است قوّه طبيعى است كه در خدمت قوّه غذا دهنده است و به چهار قسم تقسيم مى شود.

1- قوّه جاذبه براى اين آفريده شده است كه چيزهاى نافع را به جاى خودش جذب كند و آن در معده و كبد و مرى و رحم و ديگر اعضا وجود دارد.

2- قوّه ماسكه: براى حفظ منافع كليّه بدن آفريده شده است و تنها قوّه تدبير و تغيير در آن مؤثّرند.

3- قوّه هاضمه: قوّه اى است كه هر چه را قوه ماسكه نگهدارى مى كند براى آمادگى انجام فعل، در آنها تغيير به وجود مى آورد تا براى مزاج سالم، آمادگى غذا حاصل شود.

4- قوّه دافعه: فضولات غذا را كه شايستگى تغذيه ندارند يا بيشتر از نياز بدن هستند و يا بدن اصلًا نيازى به آنها ندارد دفع مى كند مانند بول و...

براى قواى چهارگانه فوق چهار خدمت گزار وجود دارد، يعنى چهار كيفيّت كه عبارتند از حرارت، برودت، رطوبت و يبوست. تفصيل هر يك در جاى خود روشن خواهد شد.

ويژگى دوّم نفس حيوانى اين است كه دو قوّه محركه و مدركه به آن اختصاص دارد و قوّه محرّكه يا برانگيزاننده است و يا انجام دهنده. قوّه برانگيزاننده، قوّه اى است كه مفاهيم را انتزاع و مدركات وهمى و خيالى و نفسى را در معرض باور قرار مى دهد. يعنى ادراكات را برمى انگيزاند تا امورى را بطلبند و يا از پيشامدها بترسند و بگريزند. قوّه برانگيزاننده داراى دو قوّه است: يكى شهوانى كه به سمت اشياى ضرورى يا داراى نفع كه لذّتى در آن است برمى انگيزد و تحريك مى كند و يكى غضبيّه است كه انسان را به دفاع و فرار از امور ناخوش آيند وا مى دارد و تا به پيروزى برسد و در خدمت قوّه برانگيزاننده قوّه ديگرى است كه قدرت، ناميده مى شود و در اعصاب و عضلات پديد مى آيد و ويژگى آن اين است كه ديگر اعضا را تحت تأثير قرار داده و تارهاى ارتباطى و رباطات را متأثّر مى سازد.

قواى مدركه به دو قسم تقسيم مى شود.

قسم اوّل، قوّه مدركه ظاهرى كه پنج نوع است و حواس پنجگانه ناميده مى شود.

الف- لامسه، قوّه اى است كه در تمام پوست بدن منتشر است و آنچه با بدن تماس پيدا كند درك مى كند و كيفيّات متضاد را (مانند نرمى، درشتى، سردى، گرمى) تشخيص مى دهد.

ب- ذائقه: قوّه اى است كه در اعصاب گسترده بر سطح زبان وجود دارد و به وسيله آن مزه هاى مختلف از چيزهايى كه با سطح زبان تماس پيدا مى كند و با آب شيرين دهان در مى آميزد فهميده مى شود.

ج- شامّه: قوّه اى است كه در دو زايده مقدّم دماغ كه شبيه سر پستان هستند وجود دارد. به وسيله آن دو زايده و هواى مجاور بوها تشخيص داده مى شوند.

د- سامعه: قوه اى است در عصب مفروش باطن صماخ، و با آن اصوات حرفها به وسيله هوا شنيده مى شود.

ه- باصره: قوّه اى است در دو عصب مجوّف و با آن صورتهايى كه به وسيله جرم شفاف«» در رطوبت عدسى چشم نقش مى بندد درك مى شود.

قسم دوّم قواى باطنى كه پنج دسته اند يا صرفاً درك كننده اند و يا هم درك مى كنند و هم تصرّف. آن كه صرفاً درك كننده است، يا درك كننده صورت جزئى است كه حسّ مشترك ناميده مى شود و در قسمت اول دماغ قرار دارد و در آن صور محسوسات جمع مى شود. پس از آن قوّه اى است كه خيال ناميده مى شود و آن خزانه حسّ مشترك است و در قسمت آخر تجويف جلو دماغ قرار دارد و در آن صورتهاى خيالى قرار دارد كه حتّى پس از غيبت حسّ مشترك در آنجا باقى مى ماند.

و يا درك كننده معانى جزئى است كه ممكن است واهمه يا حافظه باشد.

واهمه در قسمت خالى وسط دماغ قرار دارد و معانى جزئى غير محسوس موجود در محسوسات را درك مى كند، مانند اين كه گوسفند چيزى را گرگ درك مى كند كه موجب فرار او مى شود. حافظه در قسمت خالى آخر دماغ قرار دارد و احكام جزئى حاصل از وهم را درك مى كند و خزانه وهم است و يا قوّه اى است كه هم درك مى كند و هم تصرّف: اين قوه به اعتبار اين كه وهم را به كار مى گيرد متخيّله و به اعتبار اين كه عقل را به كار مى گيرد متفكّره ناميده مى شود و محل آن ابتداى حفره وسط دماغ است و كار آن تركيب و تفصيل بعضى از صورتها با بعضى صورتها، بعضى از معانى با بعضى از معانى و بعضى از معانى با بعضى صور مى باشد. و گاهى بعضى از صورتها را از بعضى، و بعضى از معانى را از بعضى تفكيك مى كند و در حقيقت مدركات را با يكديگر پيوند مى دهد و هيأت مزاجى را با حكمت الهى در مى آميزد كه اقتضاى آن اين است كه واسطه بين مقتضاى صور جسمانى و معانى روحانى باشد و در منشأ حكم آنها از دو طرف تصرّف كند، هر يك از اين قواى ادراكى روح مختص به خود دارد كه عبارت از جرم گرم لطيفى است كه به نسبت محدودى از لطافت اخلاط به وجود مى آيد كه حامل قواى مدركه و غير آن مى باشد.

ويژگى سوّم نفس ناطقه است: نسبت آن به بدن منزله نسبت پادشاه به كشور است كه بدن و تمام اعضا و قواى ياد شده فوق ابزار به نفس ناطقه اند.

نفس ناطقه را چنين تعريف كرده اند: جوهر مجردى است كه تعلّق تدبيرى به بدن دارد. و خداوند تعالى به اين حقيقت در آيه شريفه اشاره دارد: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي«». و معصوم (ع) در باره روح فرموده است: «ارواح سپاهيان منظّمى هستند از آنچه خوششان بيايد با آن رابطه برقرار مى كنند و از هر چه بدشان بيايد از آن فاصله مى گيرند.«»» براى اين جوهر نفسانى دو قوّه اختصاص دارد: قوه نظرى و قوّه عملى كه در مقدّمه كتاب به اين دو اشاره كرديم تحقيق كلام در جوهر نفسانى و استدلال بر وجود مجرّد و كمالات آن از علوم اخلاق و بحث آن بايد در جاى خود بطور مفصل صورت گيرد.

مقدّمه دوّم- معلوم شد كه فرشتگان در نزد دانشمندان نام مشتركى است كه بر حقايق مختلف اطلاق مى شود ولى لفظ جنّ هر چند در اصل لغت بر همه فرشتگان دلالت مى كند زيرا از ريشه اجتنان كه به معناى استتار است گرفته شده و با توجّه به اين معنى فرشتگان نيز از ديدگان پنهانند، ولى در عرف علما لفظ جنّ اختصاص به ارواحى دارد كه به عالم عناصر مربوط است. بنا بر اين گاهى بر آنها به اعتبار اين كه فرستاده خدا و انجام دهنده اوامر او مى باشند ملائكه گفته مى شود و كارشان بر نظام عقل جريان دارد و گاهى به اعتبار ريشه لغوى اجتنان به آنها جنّ اطلاق مى شود. جمعى از آنها به دليل مصلحت عقلى و عمل بر وفق مصلحت جهان و نظام آن، مسلمان و تسليم حق مى باشند. و گروهى به خاطر مخالفتشان با موازين عقلى و مصلحت نظام جهان، كافر و از شياطين اند.

گاهى صدق جنّ بر نفوس ناطقه انسانى، از جهت ديگر اعتبار مى شود و آن اين است كه نفس ناطقه انسانى به دليل مجهّز بودن به نور علم چيزهايى را مى بيند كه نادانان از آن بى اطلاعند.

جنّ را به لحاظى مى توان به چهار دسته تقسيم كرد و آن تقسيم عبارت از اين است كه جن يا عالم است يا جاهل و به هر حال يا موافق ظاهر شريعت و مطيع و متمسّك به آن است يا نيست. اوّلين دسته آنهايى هستند كه عالم و عامل به مقتضاى ظاهر شريعت اند و اين طايفه را جنّ مسلمان و مؤمن مى گويند.

علما گفته اند: اينانند آنهايى كه خداوند تعالى در قرآن، پيامبر خود را از آنها آگاه ساخته است. آنجا كه مى فرمايد: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ«».

دانشمندان گفته اند از چيزهايى كه اين حقيقت را بيان مى كند اين است:

آسمانى كه جنّ از آن خبر مى دهد و به آن دسترسى پيدا مى كند آسمان حكمت و شريعتى است كه در مفهوم آسمان مستتر است. مفسّران گفته اند منظور از نقل اين عبارت از جنّيان در قرآن «لمسّهم لها» اين است كه آنها امر شريعت را در آغاز ظهور متوجّه بوده اند، ولى صحّت اين كه حكمت را بياموزند و اظهار و تعليم و تعلّم كنند، چنان كه قبل از ظهور شريعت داشته اند، روشن نيست. و منظور از اين گفته جنّيان كه در قرآن نقل شده. فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَ شُهُباً«»، حافظان شريعت كه علماى شريعت و پادشاهان صالحى كه حقيقت شريعت و قوانين آن را نگهبانى مى كنند مى باشند و منظور از اين گفته جنيّان كه در قرآن نقل شده: وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ«»، اين است كه قبل از ظهور شرايع، حكمت را درس مى گفته و مى آموخته اند، و بر آنها ايراد و مانعى نبوده است. و اين سخن آنها كه: فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً«» اشاره به اين است كه هر يك از جنيّان كه از شريعت اعراض كند و در مقابل آن اظهار حكمت كند از دست نگهبانان دين و حافظان شريعت شهابى را دريافت مى كند كه او را ادب كند و بسوزاند.

دوّمين دسته جنّيانى هستند كه مخالف شريعت و نواميس الهى و تابع قوا و مقتضاى طبيعت خود مى باشند. اينان شياطين جنّ و پيروان شيطان هستند.

سوّمين دسته از جنّيان نادانانى هستند كه ظاهر شريعت را گرفته و به آن عمل مى كنند اينان مسلمانانى از انس هستند.

چهارمين دسته، نفوس نادانى هستند كه شريعت و عمل به آن را ترك كرده و تابع مقتضاى طبيعى خود هستند، اينان شياطين انس هستند.

با توجّه به توضيح فوق دانشمندان گفته اند: با اين بيان بين گفته خداوند تعالى كه فرمود: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا و بين استثناى ابليس از فرشتگان كه اقتضاى آن فرشته بودن ابليس است فرقى نمى ماند. فرشته بودن ابليس به اعتبار عبادت و تمسّك او به شريعت است و جنّ بودن ابليس به اعتبار ذات اوست.

ابليس به اعتبار عبادت فرشته بود. ولى بعد به اعتبار سرپيچى شيطان ناميده شده است. همچنين است جنيان [بنا بر اين ابليس به اعتبار ذات جنّ و به اعتبار عبادت فرشته و به اعتبار سرپيچى از فرمان پروردگار شيطان است ].

مقدّمه سوّم- دانشمندان مى گويند هر چه زاد و ولد مى كند لازم نيست كه در آغاز از مادرى متولّد شده باشد و در اين مورد مثالهايى آورده و گفته اند: مثلًا عقرب از بادروج (ريحان) و مغز نان پديد مى آيد و زنبور [چنان كه گفته اند] از سوخته استخوان گوساله نابالغ، و موش از ريگ ريزه و خاك آفريده شده و مانند اينها«».

سپس از اينها موجوداتى متولّد مى شوند و بر مبناى زاد و ولد نوع آن حيوان باقى مى ماند با توجّه به اينها، مانعى نيست كه انسان در اول خلقت چنين باشد. يعنى اوّلين شخص از خاك آفريده شده باشد و سپس نوع آن از زاد و ولد ادامه يابد با توجّه به توضيح فوق وقتى كه آدم به طور مطلق در عبارت دانشمندان به كار مى رود گاهى مقصود امر جزئى است و گاهى امر كلّى. مقصود از امر جزئى اوّل شخص است كه از اين نوع پديد آمده است و بر همين معناى چيزى حمل كرده اند سخن حق تعالى را كه فرمود: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ«» و اين آيه شريفه را: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ«»، به معناى زاد و ولد حمل كرده اند.

گاهى مقصود از مفاهيم جزئى آدم، اوّل شخصى است كه در زمين خليفه قرار گرفته است و مأمور به نشر حكمت و ناموس شريعت شده است. و امّا مفهوم كلّى گاهى مقصود از آن مطلق نوع انسان است و بر همين معانى حمل شده است، اين آيه شريفه: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ«».

گاهى مقصود از آدم صنف انبيا و دعوت كنندگان به سوى خداست.

چنان كه از سرور فرستادگان (ص) نقل شده است كه فرمود: «هر پيامبرى آدم روزگار خود مى باشد«»» و باز فرمود: «من و تو اى على پدران اين امّتيم«»».

ممكن است سخن حضرت باقر، محمد بن على (ع) را كه فرمود: پيش از آدمى كه پدر ماست هزار هزار آدم و يا بيش از آن گذشته اند«»» بر اين معنى حمل كرد.

پس از ثابت شدن مطلب فوق مى گوييم براى هر آدمى به معنايى كه ذكر شد، فرشته اى اختصاص دارد كه مأمور به سجده براى اوست و ابليسى كه در معارضه و مخالفت با اوست.

امّا آدم به معناى اوّل و دوّم [يعنى اوّل شخصى كه از خاك آفريده شده و يا اوّل شخصى كه در زمين خليفه خدا شده است ] فرشتگانى كه مأمور به سجود براى او هستند همان قواى بدنى و نفوس مردم زمانش هستند كه مأمورند از او پيروى كرده، سخنش را بشنوند و ديگر قوايى كه در اطراف عالم هستند همگى مأمورند در برابر او خاضع باشند و در حوائج و مهمات او كوشش و براى تحقّق مقصودش وى را يارى كنند.

امّا ابليس معارض آدم، قوّه وهميّه است كه با اقتضاى عقل عملى مخالفت كرده و در زمين فساد مى كنند و همچنين اند نفوس متمرّد از شنيدن و قبول حق، كه از طاعت عقل بيرون مى روند، و آنان شياطين انس و جن اند كه بعضى بر بعضى فخر كرده، گفتار بيهوده و غرور را به يكديگر تلقين مى كنند. و همين معناى توجيهى در باره ملائكه و ابليس از جنس آدم است، كه مقصود از آن صنف انبيا و دعوت كنندگان به سوى خداوند تعالى به حكمت و موعظه حسنه مى باشد، صدق مى كند.

امّا آدمى كه منظور از آن نوع انسان باشد تمام فرشتگانى كه در اين عالم هستند و ذكر كرديم مأمور به سجده كردن به او مى باشند و ابليس هر شخصى از اين نوع است كه قوّه واهمه او با عقلش در نزاع است و لشكريان ابليس نيروى شهوت، غضب و غير اينهاست كه زير فرمان قوّه واهمه مى باشد. پس از دانستن اين مقدّمات اينك به معناى متن خطبه باز مى گرديم و مى گوييم: شايسته است، آدمى كه در خطبه امام (ع) از آن ياد شده است بر مطلق نوع انسانى حمل شود.

بنا بر اين، سخن امام (ع): «ثمّ جمع سبحانه... تا حتى لزبت» اشاره به اصل آميختگى عناصر است. و اين كه امام (ع) دو عنصر زمين و آب را اختصاصاً آورده است براى اين است كه اساس ايجاد اعضاى قابل مشاهده و محسوس انسان بر آن دو استوار است. سخن امام (ع) كه فرمود: «حتّى خلصت و حتّى لزبت» اشاره به نهايت استعدادى است كه آدم به آن رسيده است و بر وجود آن افاضه صورت شده است. و اين كلام امام (ع) كه فرمود: فجبل منها صورة ذات احناء و وصول و اعضاء و فصول، اشاره به خلق صورت انسان و افاضه كمال اعضا و مفاصل و آنچه كه به صورت قوام مى بخشد دارد. و ضمير «منها» به تربت باز مى گردد و از ظاهر لفظ چنين فهميده مى شود كه صورت انسان كه خلق مى شود، در زمينه كمال استعداد خاك و بدون واسطه مراحل ديگر خلقت است. اين معنى كه براى كلام امام (ع) ذكر كرديم، در صورتى است كه آدم را بر اوّل شخصى كه از اين نوع پديد آمده است حمل كنيم، ولى اگر آدم را مطلق نوع انسان بدانيم مقصود از از جبل منها صورت انسانيّتى است كه دارد و از خلقت صور مكرر و پياپى پديد آمده است، چنان كه خداوند تعالى فرموده است: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ«».

بنا بر اين صورت انسانيّت از نطفه سرشته شده است، كه آن از فزونى هضم چهارم كه حاصل از تغذيه مى باشد فراهم آمده است. و اين صورت يا حيوانى است يا نباتى. صورت حيوانى به نبات منتهى مى شود و نبات از خلاصه زمين و آب كه همان خاك آماده رويش است تولّد مى يابد. اين معنى كه ذكر شد مخالف كلام امام (ع) نيست. زيرا تربت يا خاك پس از آن دوره هاى مختلفى از خلقت و فطرت بر آن بگذرد به صورت منى در مى آيد. و صحيح است كه گفته شود صورت انسان از خاك سرشته شده است.

امام (ع) كه فرمود: اجمدها حتّى استمسك... در هر دو جمله ضمير به صورت و اعضاى صورت باز مى گردد. بنا بر اين اجماد نهايت استوارى است كه به بعضى از اعضا مانند گوشت، عصب، عروق و نظير اينها اطلاق مى شود. و اصلاد به بعضى ديگر از اعضايى كه محكمى بيشترى دارند گفته مى شود مانند استخوان، دندانها و نظير اينها. علّت نسبت دادن مخلوقات به مدبّر حكيم به اين دليل است كه او نخستين علّت است، و گرنه در سلسله علّت و معلول طبيعى حرارت، مادّه را مستعد حركت، و برودت زمينه رشد خلقت، و رطوبت شكل پذيرى اجسام، و يبوست استوارى و استحكام شكل را، به صورت علتهاى نزديك، سبب مى شوند. فرموده امام (ع) كه فرمود: لوقت معدود و اجل معلوم، احتمال دارد كه مقصود هر مرتبه اى از مراتب تركيب بدن انسان باشد و اين كه انسان در وقت محاسبه شده اى از دوره اى به دوره ديگر خلقت انتقال مى يابد و در مدت معلومى به كمال مى رسد. احتمال ديگر اين كه مقصود از وقت معدود و اجل معلوم وقتى باشد كه خداوند سبحان براى انحلال اين تركيب مقدّر كرده است چنان كه در آيه اى از قرآن مى فرمايد: وَ ما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ«».

در اين فرموده امام (ع): ثمّ نفخ فيها من روحه، ضمير مؤنّث به صورت باز مى گردد. شبيه اين سخن امام (ع) در قرآن كريم آمده است. آنجا كه مى فرمايد: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ. مقصود از تسويه (استوارى) افاضه تمام استعدادها و آمادگى براى پذيرش صورت است. مقصود از نفخ (دميدن) در اينجا روح دادن به اوست وقتى كه استعدادش به كمال برسد. استعمال نفخ در اينجا استعاره اى زيباست. زيرا نفخ خارج شدن هوا از دهان دمنده است به شي ء مورد نفخ تا آتش در آن شعله ور شود. و چون حقيقت نفخ به اين معنى در حق خداوند تعالى ممتنع است. عدول از آن لازم و لفظ را بر معنايى شبيه آن بايد حمل كرد و چون شعله ور شدن نور نفس در فتيله بدن از جود خداوند بخشنده به هر قابل آن است، به حسب خيال ضعيف ما مشابهت پيدا مى كند با آنچه كه از بر افروختن آتش در محل قابل آن به وسيله نفخ مشاهده مى كنيم. بنا بر اين لفظ نفخ تعبير زيبايى است. و مجاز آوردن لفظ نفخ از افاضه جود الهى براى نفس در بدن به دليل مشابهت خيالى است، اگر چه موضوع در نزد ما از اين مهمتر است.

در باره نسبت روح به خداوند تعالى احتمال دارد كه روح به يكى از سه معناى زير باشد:

1- جبرئيل كه روح الامين است و روح به اين معنى نسبتش به خداوند متعال روشن است. با نظر به اين معنى روح، نسبت نفخ آن به خداوند به اين دليل است كه او علّت اولى است و جبرئيل واسطه اى است كه خداوند تعالى او را مبدأ براى لفظ نفخ روح در صورت آدم قرار داده است.

2- منظور از روح، جود و نعمت و فيض خداست كه به آدم و غير آدم بخشيده شده باشد دليل اين كه جود به روح تعبير شده است اين است كه روح منشأ حيات است. و آن روح كلّيى است كه قوام وجودى هر چيزى به آن بستگى دارد و نسبت روح، به اين معنى، به خداوند روشن است. نظر به معناى دوّم من در عبارت «من روحى» براى تبعيض آمده است.

3- مقصود از روح ممكن است نفس انسانى باشد، در اين صورت من زايده است. و از بين همه موجودات لطيف، نسبت روح به خداوند براى اين است كه از داشتن جهت و مكان منزّه است و در حقيقت روح از نظر وجودى به معناى اطلاع به همه اشياء و حقايق آنهاست. مناسبت و مشابهتى كه روح با حق تعالى دارد براى هيچ يك از جواهر جسمانى وجود ندارد و به همين دليل خداوند با نسبت دادن روح به خود آن را شرف بخشيده است.

امام (ع) كه فرمود: فمثلت انسانا اشاره به كيفيت سرشت شكل و اندام انسان دارد و در آن اين لطيفه وجود دارد كه سيماى انسانى داشته و شايسته نفخ روح است. و دليل اين مطلب عطف گرفتن جمله فوق است به نفخ روح به وسيله «فاء» [يعنى چون در او نفخ روح شده شايستگى انسان بودن را يافته است ].

امام (ع) كه فرمود: ذا اذهان يجيلها، اشاره به قوّه مدركه و متصرّفه انسان است و معناى اجاله تحريك و برانگيختن قواى باطنى در گرفتن صور جزئيّه مى باشد. چنان كه صور جزئيّه براى حسّ مشترك، و معانى جزئى براى وهم حاصل مى شود.

امام (ع) كه فرمود: و فكر يتصرّف بها، اشاره به قوّه انديشه در هر يك از افراد انسان و تصرّف آن در بررسى قوّه خيال و وهم و تركيب بعضى با بعضى و يا تجزيه بعضى از بعضى مى باشد.

كلام امام (ع) كه فرمود: و جوارح تختدمها، اشاره به اعضاى عمومى است كه قبلا توضيح داديم كه همه آنها خدمت گزار براى نفس و ابزار كار براى آن مى باشند و از آن جهت به «ايدى» (دستها) تعبير شده اند، چنان كه در آيه شريفه آمده است: وَ أُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى «». احتمال دارد كه منظور از جوارح اعمّ از اعضاى ظاهرى باشد و شامل چشم و قلب نيز بشود. چنان كه از معصوم نقل شده است: يا مقلّب القلوب و الابصار، در اين عبارت تغيير و دگرگونى براى قلب نيز به كار رفته است.

كلام امام (ع) كه فرمود: و معرفة يفرق بها بين الحقّ و الباطل، احتمال دارد كه اشاره به استعداد نفس براى درك معقولات ثانوى باشد كه بر حسب اين كه داراى معارف اولى، يعنى بديهيّات اوّليّه است، عقل بالملكه ناميده مى شود. زيرا حق و باطل امور كلى هستند و قواى بدن در ادراك امور كليّه بهره اى ندارند. و محتمل است كه مقصود معرفت قوّه استعدادى اولى براى انسان باشد كه عقل هيولانى ناميده مى شود.

در اين عبارت: الاذواق و المشام و الالوان و الاجناس، امام (ع) به سه موضوع اشاره فرموده است.

1- براى انسان وسيله اى وجود دارد كه با آن چشيدنيها، و وسيله ديگرى است كه با آن بوييدنيها، و ابزارى است كه با آن رنگها را درك مى كند. قبلًا همه اينها را توضيح داديم.

2- در اين عبارت بيان مى كند كه نفس به وسيله اين قوا جزئيّات را درك مى كند، زيرا اين ابزار را در رديف آنچه كه نفس در آن تصرّف مى كند و بين آنها فرق مى گذارد، شمرده است.

3- اجناس را پس از بر شمردن ابزار چشايى و بويايى ذكر كرده به اين دليل كه نفس امور كليّه را از بررسى جزئيّات انتزاع مى كند، زيرا اجناس امور كليّه اند و نفس پس از ادراك جزئيّات و بررسى آنها متوجّه موارد مشاركت و مباينت آنها مى شود و از آنها تصوّرات و تصديقات كلى انتزاع مى كند. به نظر مى رسد كه مقصود از اجناس در اين جا امور كلّى مطلق باشد نه بعضى از كليّات، چنان كه در اصطلاح علمى نيز چنين است.

در سخن امام (ع) كه فرمود: معجونا بطينت الالوان المختلفة، معجونا، به عنوان حال يا صفت براى انسان منصوب آورده شده است. و مقصود آن اشاره به اختلاف جسمى نوع انسانهاست به حسب رنگها كه به واسطه استعداد ذاتى آنها حاصل مى شود. چنان كه از پيامبر نقل شد كه بعضى انسانها قرمز و بعضى سفيد و بعضى سياه اند. و قبلًا: و طينة الالوان... داشتيم، و منظور از معجون كردن به الوان مخلوط كردن آنهاست، چنان كه انسانها داراى رنگهاى مختلفى هستند.

بدن يك شخص نيز رنگ واحدى ندارد. آميختگى اعضاى بدن با يكديگر ايجاب مى كند كه بعضى از آنها سفيد، مانند دندانها و استخوانها، بعضى قرمز، مانند خون و بعضى سياه باشند مانند سياهى چشم و مو. و همين طور اختلاف اشخاص در صفات كه امام (ع) به صورت كنايه: سهل، حزن، خبيث و طيّب بيان فرموده بود، به اين حقيقت باز مى گردد كه چون زمين داراى عناصر آميخته فراوانى است و همه آن عناصر به نسبتى در ساختمان جسمانى انسان شركت دارند، گوناگونى سرزمينهاى مختلف اثر كاملى در تفاوت تركيب براى قبول اخلاق مختلف سهل، حزن، خبيث، و طيّب دارند.

فرموده است: و الاشباه المؤتلفه و الاضداد المتعاديه... تا و المسائة و السّرور

امّا اعضاى بهم پيوسته، مانند استخوان و دندانها و مشابه آنهاست اجسام متشابه هستند كه بعضى با بعضى پيوسته شده و بدين وسيله صورت كلّى بدن قوام مى يابد و تركيب اندامها كامل مى شود.

اضداد متعاديه مانند كيفيّات چهارگانه اى كه امام (ع) از آنها به حرارت و برودت و رطوبت و يبوست ياد مى كند. امام (ع) به جاى يبوست لازم آن جمود را كه در لغت به معناى يبس نيز به كار رفته آورده است.

اخلاط متباينه: منظور اخلاط چهارگانه: خون، صفرا، بلغم و رسود است كه قبلًا توضيح داده شد.

مسائه و سرور: اين دو از كيفيّات نفسانى هستند و معناى آنها روشن است.

اسباب خوشحالى و بدحالى: سبب شادمانى، يا جسمانى است يا فاعلى در صورتى كه سبب جسمانى باشد، كه به هر حال مترتّب بر روح نفسانى است، به سه صورت ممكن است: يا فزونى كمّى دارد يا در لطافت و غلظت معتدل است و يا جنبه كاستى و كمتر از اعتدال را داراست. هر مقدار جنبه كمّى نفس فزون باشد تأثير كيفى آن در شادمانى بيشتر است. و امّا سبب فاعلى براى شادمانى: اساس آن يا تخيّل كمال است مانند تخيّل علم، قدرت، احساس محسوسات شادى آفرين، يا توانايى يافتن بر تحصيل مقصود و مراد مى باشد، مانند غلبه و پيروزى بر خصم، رهايى از مشكلات و يادآورى امور شادى بخش.

اسبابى كه موجب غم و غصّه مى شوند امور مقابل اسباب شادى بخشند، كه يا اسبابى هستند كه زمينه جسمانى دارند يا فاعلى. اسبابى كه زمينه جسمانى دارند يا مانند صفت روحى كه در افراد داراى نقاهت و خسته از بيمارى و پيران وجود دارد و يا از غلظت مزاج است همچنان كه در افراد سودايى وجود دارد. و يا از رقّت مزاج و روحيه، همچنان كه در زنان مشاهده مى شود. امّا اسباب فاعلى غم در برابر اسباب شادمانى است و گاهى هر يك از آنها شدّت مى يابد به دليل تكرار سببهاى ذكر شده كه در اين صورت غم يا شادى ملكه شخص مى شود و بنا بر اين شخص را خوشحال يا محزون مى نامند.

منظور امام (ع) آگاهى دادن بر اين است كه در طبيعت انسان قدرت و استعداد قبول اين كيفيّات و امثال آنها وجود دارد. و منظور از اين قدرتها روشن شدن حقيقت غم و شادى است و اين كه البته قدرت زمينه هر دو كيفيّت شادى و غم است، ولى استعداد جز براى يكى از اين دو نمى تواند باشد.

فرموده است: استأدى اللّه سبحانه... تا الّا ابليس

با توجه به گفته فلاسفه چون هر انسانى از خود به نفس ناطقه تعبير مى كند، انسان از نظر آنها عبارت است از نفس ناطقه و گفته اند مقصود از فرشتگانى كه مأمور سجده بر آدم شدند قواى بدنى هستند كه در برابر نفس عاقله مأمور به خضوع و خشوع شدند، تا فرمان او را اطاعت كنند و به همين منظور آفريده شده اند. منظور از عهد خداوند و وصيّت او به فرشتگان همان چيزى است كه در آيه شريفه: إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ«» آمده است. امر به فرشتگان در اين جا بر اساس حكمت الهى به قضاى ازلى پيش از وجود به منظور عهد و پيمانى است كه از قواى بدنى گرفته است و از قوا خواسته است كه وقتى نفس عاقله به زبان انبيا و به وسيله وحى هدايت شود منقاد و خاضع باشند و اين است معناى قول خداوند: اسْجُدُوا لِآدَمَ.

اين كه خداوند فرموده است «فَسَجَدُوا» اشاره به قواى بدنى است كه در بندگان صالح خدا موجود است و از نفس عاقله فرمان مى برد. اين كه فرموده است: الّا ابليس و قبيله اشاره به قوّه واهمه و ساير قوايى است كه تابع قوّه واهمه و در جهت تضاد با عقل در نزد اشخاص كافر و فاسق كه از اوامر خدا سرپيچى دارند مى باشد. پس معلوم شد كه رئيس قواى بدنى قوّه واهمه است و به هنگام معارضه با عقل و پيروى شخص از قواى واهمه به منزله پيروى از سپاهيان ابليس و مددكاران او مى باشد.

در باره اين جمله حضرت: اعترته الحميّة و غلبت عليه... خلق الصلصال، فلاسفه و حكما گفته اند كه مقصود از اين كه ابليس و سپاهيانش از آتش آفريده شده اند اين است كه ارواح حامل اين قوا چنان كه دانسته شد اجسامى لطيف هستند و از لطافت اخلاط كه بشدّت گرم است و هوا و آتش در آن غلبه دارد آفريده شده اند كه آفرينش از اين عناصر آسانتر و آخرين مرحله خلقت اعضاى بدن مى باشد و همچنين است قلب كه سرچشمه اجزاست. بنا بر اين آن ارواح به منزله بدن براى اين قوا هستند و به همين دليل است كه ابليس به آتش نسبت داده شده است. و خداوند متعال از قول وى فرموده است: قالَ ما مَنَعَكَ. و باز فرمود: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ، منظور اين است كه پيش از وجود جنّ و ابليس مقدّر كرديم كه عنصر آتش و هوا در وجود جنّ و ابليس غلبه داشته باشد.

بعضى از حكما گفته اند كه چون عنصر آتش لطيفترين عنصر، و قواى واهمه و زمينه هاى آن لطيفترين امور جسمانى است، بنا بر اين تكوّن آنها از لطيفترين اخلاط است و به همين دليل است نسبت دادن اين قوا به آتش از ديگر عناصر مناسبتر است، زيرا كه در لطافت مشابه يكديگرند، پس رواست كه در باره ابليس گفته شود كه اصلش از آتش است. نگوييد كه اگر منظور از انسان نفس ناطقه باشد پس معناى كلام ابليس كه گفت: خلقته من طين چيست چرا كه مى گوييم: همان گونه كه به دليل غلبه عنصر آتش در روح حامل ابليس صحيح است كه بگوييم ابليس از آتش است، همچنين به دليل غلبه عنصر خاك در وجود آدم صحيح است كه او را از خاك بدانيم.

پاسخ ديگر اين كه قوّه واهمه ابليس جز معانى جزئى مربوط به محسوسات را درك نمى كند پس حكمى كه صادر مى كند جز در موارد اشياء محسوس صادق نيست. هر چند ثابت شد نفس جوهر كه مجرّد است و از دسترس خرد بيرون، امّا ابليس انسان را چيزى غير از همين بدن محسوس آفريده شده از خاك نمى دانست.

پس از توضيح موضوع فوق در باره كلام امام (ع) مى گوييم: چيره شدن خود بزرگ بينى بر ابليس و اين كه خود را به آتش نسبت مى دهد نسبت مجازى است، زيرا عادت اين طور جارى است كه شخص از جنبه نقص خود روگردان بوده و به جنبه هاى مورد افتخار و انتساب خود به آن رو آورده و خو را عزيز مى داند. بنا بر اين زبان حال ابليس و قواى تابع آن اين است كه سجده بر آدم را با عبارت: قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ«» انكار كرد و خلقت خود را بهترين عنصر يعنى آتش دانست. حكما گفته اند چون خداوند متعال اين حال را از ابليس ديد او را لعنت و طرد كرد و از بهشت بيرون راند و فرمود: قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَ إِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ«».

حكما گفته اند پس از آن كه دانستى جنّت، معارف حق سبحانه و سرور و شادمانى عبارت است از مطالعه انوار كبريائى الهى و درجات بهشت مراتبى هستند كه عقل در مقام سلوك از مرتبه اى به مرتبه اى منتقل مى شود تا به باغهاى قدس و مجاورت ساكنان بلند مرتبه برسد. بنا بر اين روشن مى شود كه كيفيّت قوّه واهمه از پيمودن اين مراتب ناتوان است. بنا بر اين مطرود و ملعون شدن ابليس و تحريم بهشت بر او به سرشت وجودى قوّه واهمه بر مى گردد كه از ادراك علوم كليّه كه ميوه هاى بهشت و متنّعم شدن از آن است ناتوان مى باشد و تقدير الهى در باره قواى واهمه چنين است. از آياتى كه بر اين حقيقت دلالت دارند اين آيه است: قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ«»، يعنى چون خلقت مرا چنين سرشتى كه به بهشت راه نيابم و از نعمتهاى آن بهره مند نشوم، انسانها را به خواسته هاى مادّى و لذّتهاى فريبنده مى كشانم و از پرستش تو باز مى دارم، تا به بهشتى كه براى آنها آفريده اى هدايت نشوند و به آن توجه نكنند. مگر كسى را كه از اغواى من محفوظ بدارى و او را بر قهر و غلبه من مسلّط كنى و آنان بندگان مخلص تو هستند يعنى نفوس كاملى كه از پيروى نيروهاى شيطانى پاك باشند و بر شياطين و قهر آنان مسلّط مى باشند.

و معناى توجيهى آيه شريفه: قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ، اين است كه براى انسان دو مقطع وجود دارد، اولى جدا شدن جانها از بدن، دوّمى برانگيخته شدن انسانها و داخل شدن در عالم ديگر چون طبيعت قوّه واهمه دوست داشتن در بقاى در دنياست به اين دليل كه در عالم ديگر بهره اى ندارد بهترين زبان حال اين است كه بگويد: قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ«».

در باره سخن امام (ع) كه فرمود: فاعطاه اللّه النظرة، بايد گفت كه چون قوّه واهمه و سپاهيان او در بدن تا روز مرگ باقى هستند بهترين بيان در حكمت الهى اين است كه بگويد: قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ«» و معناى سخن امام (ع) همين است.

فرموده است: استحقاقا للسّخطة و استماعا لبليّة و انجازا للعدّه

پيش از اين معلوم شد كه بليّه به عنوان مفعول له منصوب است و فساد و قوّه واهمه و ابتلاى خلق به آن و شرى كه از ناحيه قوّه واهمه صادر مى شود امورى هستند كه بالعرض داخل در قضاى الهى اند. پس رواست كه بگوييم مقصود از ابليس قوّه واهمه، و انظار و مهلت و مستحق خشم خدا شدن و اعمال وعده هاى خدا در باره آن باشد. و سخطه در اين جا استعاره است. و چون سخط عبارت از حالتى است براى انسان، لازمه وجود سخط، فرد مورد خشمى است كه اعمال او مورد پسند نباشد و از طرفى لازمه حال ابليس هنگام سرپيچى از فرمان خدا و مهلت يافتن از جانب خدا، اعراض خداوند از او و پيروان اوست. بنا بر اين مشابهتى بين اين دو، وجود دارد و رواست كه لفظ سخط را براى قوّه واهمه استعاره بياورند.

امّا وعده اى كه خداوند براى بقاى آن تا روز معيّن داده است به قضاى حكمت الهى باز مى گردد، زيرا قوّه واهمه تا فرا رسيدن قيامت پا برجاست و قطعى بودن وعده خدا در باره مهلت به معناى مطابق بودن قدر با قضاست.

بعضى از حكما گفته اند: چون در اينجا صورتى مفروض است كه مطرود و ملعون است لذا اطلاق لفظ سخط و استحقاق خشم نيكوست و چون واهمه براى استحقاق سخط مهلت يافته است استعاره، استعاره ترشيحى است.

فرموده است: ثمّ اسكن اللّه سبحانه... و حذره ابليس و عداوته.

منظور از خانه اى كه آدم در آن جا ساكن شد بهشت بود. و در اين جا، «دار» اشاره به اين است كه انسان از آغازى كه قوّه عاقله بر او افاضه شده، تا زمان بازگشت به پيشگاه خداوند تا وقتى كه اوامر خداوند را رعايت كند و از فطرت اصلى خود منحرف نشود، و از عبادت خداوند روى برنگرداند و به غير او متوجه نشود، در بهشت است. هر چند بهشت داراى مراتبى است، چنان كه خداوند متعال مى فرمايد: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ«». و به همين دليل است كه پيامبر (ص) فرموده است: «هر مولودى بر فطرت خداشناسى متولّد مى شود و تحقيقا پدر و مادر آن طفل، وى را به دين يهودى يا نصرانى در مى آورند«»». زيرا نفس هر كس پيش از آن كه جاذبه هاى خارجى او را از قبله حقيقى باز گردانند، به اعتقادات فاسد و اخلاق پست آلوده نيست. البته رسيدن به مراتب بالا و غرفه هاى عالى بعد از مفارقت نفس از بدن حاصل مى شود و رسيدن به كمال بالاتر نياز به توشه بيشترى دارد.

ارغاد عيش در عبارت امام (ع) به معناى شادمانى به وسيله معقولات و معارف كليّه است و منظور از ايمنى در بهشت ايمن بودن در مكانى است كه تا در آن جا باشد خوف و حزنى بر او عارض نمى شود.

منظور از بر حذر داشتن آدم از ابليس از ظاهر اوامر شرعيّه و لسان وحى روشن است. چنان كه خداوند متعال فرموده است: فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ.

علّت دشمنى ابليس با آدم با آنچه كه قبلًا گفتيم روشن شد. براى توضيح بيشتر مى گوييم: چون نفس از عالم مجرّدات است و قوّه واهمه طبعاً منكر اين قسم از ممكنات است، پس امور كليّه اى را كه نفس به آن امر مى كند چون خود از ادراك آنها بهره اى ندارد منكر آنها مى شود و اين از مقتضيّات عداوت دشمنى است و باز چون نظام امر نفس و مصلحت آن جز با غلبه بر وهم و قواى بدنى و مقتضاى طبع آنها محقّق نمى شود و از طرفى خواست قوا با سركوب نفس ميسّر نمى شود، پس بين اين دو نزاع طبيعى و دشمنى ريشه اى است زيرا معناى دشمنى جز تصوّر اين كه هر كدام مخالف ديگرى است تحقّق نمى يابد.

فرموده است: فاغترّه عدوّه... مرافقة الابرار

در توضيح جمله بالا گفته اند چون خداوند آدم را از دشمنى ابليس بر حذر داشت او را از خوردن گندم نهى كرد و به آدم تذكّر داد كه اگر از آن بخورد به خود ظلم كرده و سزاوار خشم خدا مى شود. آيه كريمه قرآن در بيان اين موضوع مى فرمايد: وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ«». بعضى گفته اند درخت منع شده شجره ناپاكى بوده است كه از زمين برآمده و ثبات و قرارى برايش نيست و منظور از آن خواسته هاى دنياى فانى و خوشيهاى جسمانى است كه خارج از محدوده فرامين الهى است. و مقصود از خوردن آن گذشتن از اعتدال به سمت افراط است. بعضى در توجيه اين كه درخت گندم باشد گفته اند چون قوام بدن به گندم است و گندم در بيشتر از غذاها دخالت دارد و در حقيقت ثبات بدن به آن مى باشد. پس اگر منظور از شجره ممنوعه درخت گندم باشد بهتر خواهد بود. امّا كيفيت فريب دادن آدم به وسيله ابليس اين است كه حقيقت غرور، آرامش يافتن نفس به چيزى است كه مطابق هواى دل و خواست آن باشد، هر چند امرى شبهه ناك و فريبى از جانب ابليس باشد. بنا بر اين فريب خوردن آدم به وسيله ابليس به غفلت نفس برمى گردد كه به وسيله وسوسه اى كه خداوند تعالى از آن چنين حكايت مى كند بوده است: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلى «».

براى روشن شدن حقيقت وسوسه مى گوييم صدور فعل از انسان به واسطه امورى است كه به نظام طبيعى ترتيب يافته باشد. اوّل، تصوّر مناسب بودن فعل است. اين مرتبه را داعى مى نامند. پس از اين مرحله درك حقيقت فعل است كه نفس به انجام آن تمايل پيدا كند، اين مرتبه را ميل ارادى مى نامند. و بر اين ميل ارادى حركت قوّه اى كه عضلات را براى انجام كار به كار مى اندازد مترتّب مى شود، و اين را قدرت محرّكه مى نامند. بنا بر اين ناگزير صدور فعل از مجموعه قدرت و اراده است و شيطان در قدرت و اراده انسان دخالت ندارد. ميلى كه از تصوّر سودمند و خير بودن فعل ناشى مى شود براى انجام عمل لازم است و شيطان در اين مرحله نيز دخالت ندارد. پس براى شيطان جايى براى وسوسه كردن باقى نمى ماند، مگر در القاى توهّم سودمند بودن و خوشايندى فعل، هر چند فعل مخالف امر پروردگار باشد. و اين القا در حقيقت وسوسه است و عين آن چيزى است كه خداوند تعالى از آن حكايت كرده آنجا كه از قول شيطان مى فرمايد: وَ قالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ«».

پس از فهميدن معناى وسوسه روشن مى شود كه متابعت ابليس به معناى رام شدن نفس براى جذب قوّه واهمه و قواى بدنى است كه آنها شياطينى هستند كه انسان را از جهت مقصود و قبله حقيقى، يعنى عبادت حق، باز مى دارند. و فتنه آنها براى نفس زينت دادن محرّمات خدا براى نفس است.

در باره اين اشكال كه گفته اند ابليس قادر نبوده وارد بهشت شود و به مار متوسّل شد و در دهان مار رفته و وارد بهشت شد و به وسوسه آدم پرداخت. حكما گفته اند منظور از مار قوّه متخيّله است. توضيح اين كه قوّه واهمه براى تصرف و برانگيختن قواى محرّكه مانند شهوت و غضب توانايى دارد. و سپاهيان قوه واهمه و شياطين او كه همان قواى شهويّه و غضبيّه باشند در طلب خواسته هاى حسى بدنى هستند و جذب نفس به اين خواسته ها به تصوّر اين كه خوشايند و سودمند مى باشند به توسّط قوه متخيّله صورت مى گيرد. وجه تشبيه قوّه متخيّله به مار اين است كه مار موجودى لطيف و داراى حركت سريع است كه مى تواند در سوراخهاى تنگ وارد شود و به تصرّف بسيارى از امور تواناست، به علاوه داراى سمّ كشنده اى است كه سبب هلاك مى شود و قوّه متخيّله در سرعت و حركت و قدرتش بر تصرّف سريع و ادراك از ديگر قوا لطيفتر است و واسطه اى ميان نفس و قوّه واهمه مى باشد. و زمينه است براى فريب شيطان و القاى وسوسه به نفس و سبب نيرومندى است براى هلاك هميشگى و عذاب دائمى بنا بر اين شبيه ترين چيز به مار است و ميان اين دو مناسبت زيادى است، پس اطلاق لفظ مار بر قوّه متخيّله نيكو است.

«نفاسة عليه» در كلام امام (ع) استعاره ترشيحى است، زيرا جذب نفس به وسيله قوّه واهمه به بهشت دنيا، مانع از رسيدن نفس به كرامت اخروى و فرود آورنده آن از مرتبه همنشينى ساكنان ملأ اعلا مى شود و اين بزرگترين رقابت ميان قوه واهمه و نفس است چنان كه خداوند متعال فرموده است: «خِتامُهُ مِسْكٌ وَ فِي ذلِكَ»«».

قبلًا دانسته شد كه جذب نمونه دشمنى است و از لوازم دشمنى رقابت بر دشمن است، در باره آنچه كه كمال براى دشمن محسوب شود. بنا بر اين در اين جا حسن اطلاق نفاست استعاره ترشيحى است و نصب آن در اين جا به عنوان مفعول له مى باشد.

سخن امام (ع): فباع اليقين بشكّه و العزيمة بوهنه، يعنى چون براى آدم وسوسه و غرور پيدا شد و مطيع آن گرديد آنچه را كه براى او مانند نور حق و بقاء در بهشت و دوام مطالعه عظمت حق يقين بود با شكّى كه به وسيله ابليس القا شد و او را به دروغ به درخت جاويد و پادشاهى بى زوال دعوت مى كرد، مبادله كرد.

توضيح اين كه آنچه از متاع اخروى كه خداوند به بندگان صالح خود وعده داده است، امورى هستند كه حقايق آنها بر بيشتر مردم پوشيده است، نهايت امر با مثل آوردن چيزهاى قابل مشاهده از لذّتهاى دنيايى مردم را به نعمتهاى اخروى تشويق كرده است. به همين دليل بسيارى از مردم اين كه در بهشت چيز زايد بر اين دنيا وجود داشته باشد بر قلبشان خطور نمى كند. و چون بالاتر و بيشتر از نعمتهاى دنيوى تصوّر نمى كنند، در اين دنيا كوشش آنها به دست آوردن نعمتهاى دنيوى است.

هر چند انسان به طور اجمال وعده هاى خداوند كريم را تصديق دارد ولى تفاوت زيادى ميان نعمتهاى بهشتى و لذتهاى حاضر دنيوى تصوّر نمى كند تا موجب ترك لذّتهاى دنيوى براى رسيدن به وعده هاى اخروى شود. بلكه ميل طبيعى انسان به لذّتهاى اين دنيايى است و خيال مى كند لذتهاى دنيايى سودمند سزاوارترند و همين خيال بر او چيره مى شود هر چند به حكم عقل يقين دارد كه نعمتهاى اخروى سودمندتر و پايدارترند. بنا بر اين گاهى به سبب سرگرم شدن به لذتهاى اين دنيا و فرو رفتن در آنها غفلت و نسيان بر يقينش چيره مى شود. و همين است معناى سخن حق تعالى كه فرمود «فَأَخْرَجَ» و گاهى غفلت كلى حاصل نمى شود بلكه قوّه وهم به دليل نيرومنديى كه دارد با يقين معارضه مى كند و موجب شك و شبهه مى شود. و معناى كلام امام (ع) كه فرمود: فباع اليقين بشكّه همين است. و منافاتى بين فرمود حق تعالى «فنسى» و كلام امام (ع) وجود ندارد.

و خيال مى كند لذتهاى دنيايى سودمند سزاوارترند و همين خيال بر او چيره مى شود هر چند به حكم عقل يقين دارد كه نعمتهاى اخروى سودمندتر و پايدارترند. بنا بر اين گاهى به سبب سرگرم شدن به لذتهاى اين دنيا و فرو رفتن در آنها غفلت و نسيان بر يقينش چيره مى شود. و همين است معناى سخن حق تعالى كه فرمود «فَأَخْرَجَ» و گاهى غفلت كلى حاصل نمى شود بلكه قوّه وهم به دليل نيرومنديى كه دارد با يقين معارضه مى كند و موجب شك و شبهه مى شود. و معناى كلام امام (ع) كه فرمود: فباع اليقين بشكّه همين است. و منافاتى بين فرمود حق تعالى «فنسى» و كلام امام (ع) وجود ندارد.

منظور امام (ع) از «العزيمة بوهنه» اين است كه عزم و تصميمى كه سزاوار بود آدم در طاعت خدا به كار گيرد، به ضعف و ناتوانى فروخت، چنان كه خداوند تعالى مى فرمايد: وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً، به كار گرفتن لفظ بيع، در كلام امام (ع) استعاره زيبايى است، زيرا مدار بيع و فروش بر معاوضه چيزى به چيزى است، چه شي ء مورد معامله ارزان باشد يا گران، مانند سخن حق تعالى كه مى فرمايد: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ«».

فرموده است: فاستبدل بالجذل... و تناسل الذريّة

در اين فراز سخن امام (ع) تقديم و تأخيرى صورت گرفته است. بدين صورت كه بلافاصله پس از جمله «و العزيمة بوهنه» فاستبدل نبوده است و تقدير كلام چنين بوده است: فاهبطه اللّه الى دار البليّة و تناسل الذّريّة فاستبدل... پس از هبوط، آدم به خداوند تضرّع كرد و خداوند توبه او را پذيرفت و به او كلمه رحمت را آموخت. و به وى وعده بازگشت به بهشت را داد. اهباط آدم پس از لغزش و فروختن بهشت به دنيا صورت گرفت. و قرآن كريم در سوره بقره به همين ترتيب نقل كرده است: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَ قُلْنَا اهْبِطُوا«» و پس از آن مى فرمايد: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ.

به همان ترتيبى كه امام (ع) داستان آدم را بيان كرده است در سوره طه آمده است: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى قالَ اهْبِطا«».

امام (ع) اجتباء و توبه را بر اهباط مقدّم آورده است، و هر دو صورت (چه اهباط بر اجتباء و توبه مقدم شود و چه نشود) زيباست.

حكما گفته اند معناى اهباط آدم فرود آمدن او از جايگاه كرامت و استحقاق افاضه نعيم بهشت است. به اين شرح كه هر گاه نفس ناطقه از خداوند سبحان روگرداند و به پيروى شياطين و فرزندان جنّ و رضايت ابليس توجه كند از رحمت خدا دور مى شود و صفحه دلش سياه و از قبول انوار الهى ناتوان مى گردد. با توجّه به اين توضيح، دار بليّه و تناسل ذرّيه اشاره به دنياست. زيرا هر گاه انسان به دنيا توجّه كند و با تمام وجود بدان روى آورد از اعلا علّيين به اسفل السافلين هبوط كرده است و هميشه از بلايى به بلايى گرفتار مى شود. زيرا در هر لحظه مطلوب و محبوبى از دستش مى رود. آنچه را كه مى طلبد از دستش مى رود و آنچه را كه نمى خواهد به سراغش مى آيد. و اصولًا چه بدبختى و بلايى بزرگتر از بريدن از خدا و توجّه به دنياست اعراض از خدا موجب دورى از رحمت او و خارج شدن از بهشت است.

اگر اشكال شود كه امام (ع) عبارت: تناسل الذّريه را براى بيان اهانت به آدم آورده است. در حالى كه تناسل الذريّه از امور خيريّه و در رديف عنايت الهى قرار دارد، زيرا به وسيله آن نوع انسان بقا مى يابد و فيض استمرار پيدا مى كند.

در پاسخ مى گوييم: هر چند تناسل ذريّه خير است ولى هيچ تناسبى ميان اين خير و بودن در بهشت وجود ندارد. به اين دليل كه تناسل ذريّه نسبت به كمالى كه براى فرزندان آدم حاصل مى شود، خير اضافى و عرضى است و اگر اين نسبت حاصل شود نسبت اخس به اشرف است زيرا فرود آمدن آدم از بهشت و سقوط او از علوّ و محروم ماندن از افاضات عاليه حق و قرار گرفتن در مرتبه اى كه در آن حيوانات و حشرات شركت دارند خسران بزرگ و نقصى آشكار است.

معناى اين جمله امام (ع) كه فرمود: فاستبدل بالجذل و جلا و بالاغترار ندما روشن است زيرا كسى كه به عبادت خداوند سبحان رو آورد و از انوار كبريايى او كسب نورانيّت كند و از ما سواى او بكلّى روى گرداند، مسرور و شاد خواهد بود.

ولى هر گاه از آنچه كه موجب شادمانى و سرور است اعراض كند و به وسيله شيطانى كه او را به بديها دعوت مى كند و زشتيها را در نظرش مى آرايد، به امور پست و بى ارزش توجه كند، پرده عصمت خدا از او برداشته مى شود و بديهاى او براى بندگان صالحى كه بدو بنگرند آشكار مى شود، آن گاه كه عنايت الهى او را دريابد و رحمت ربانى به وى رو نمايد و از خواب غفلت سر بردارد خود را در زندان طبيعت مى بيند كه زنجيرها و غلها او را در برگرفته اند و جهنّم را مى بيند كه بر دو طرف صراط مستقيم برافروخته شده اين جا از گفته خدا يادش مى آيد: قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَ لا يَشْقى وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ«». در اين حالت ناگزير بر چنين آينده اى فرياد برآورد و از حسرت و پشيمانى دست بر دست بزند و از غضبى كه از جانب خدا متوجّهش شده هراسناك باشد زيرا در نافرمانى از خدا افراط كرده است.

مقصود از اين جمله امام (ع): ثمّ بسط اللّه فى توبته و لقّاه كلمة و رحمته، اين است كه در وجود خداوندى نه بخلى است و نه منعى. پس نقصى كه وجود دارد از ناحيه قابل (انسان) و عدم استعداد اوست، زيرا هر گاه نفس براى درك رحمت حق آماده شود عنايت الهى او را در مى يابد و از ورطه هلاك ابدى نجات مى بخشد و در برابر ابليس و سپاهيانش ياريش مى دهد و به زشتى افعالى كه شيطان او را به آنها دعوت مى كند بينايش مى سازد. با اين تأييدات الهى در برابر ابليس و جنودش مقاومت مى كند و مواظب فريب و حيله شيطانى خواهد بود اين است معناى تضرّع و توبه به سوى خدا.

معناى كلمه رحمتى كه خداوند به آدم تلقّى كرد اين است كه فيوضات الهى، آنچه را كه سبب گمراهى مى شود از انسان برطرف مى كند و همين رفع مانع وسيله در نيفتادن انسان به گودالهاى هلاكت مى شود و توجّه او را از بهشت كم ارزش به قبله حقيقى برمى گرداند و لحظه به لحظه به وسيله فرشتگان مدد مى شود و او را به درجات عالى بهشت بالا مى برد.

اين جمله امام (ع) وعده المردّ إلى جنّته، اشاره به وعده الهى است كه در لسان كريم چنين آمده است: قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ«» و همچنين ديگر وعده هايى كه خدا به توبه كنندگان داده است. اين بود آنچه كه در باره معناى تأويلى اين داستان وارد شده بود.

شرح مرحوم مغنیه

(ثم أسكن سبحانه آدم دارا أرغد فيها عيشه، و آمن فيها محلته). و كل نعيم دون الجنة فهو محقور (و حذره ابليس و عداوته). إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا- 6 فاطر.

(فاغتره عدوه). أي ان ابليس غرر بآدم. و قال الشيخ محمد عبده: انتهز ابليس من آدم غرة فأغواه، و كل من التفسيرين صحيح. و الغرة- بكسر الغين- الغفلة (نفاسة عليه بدار المقام). أي حسدا لآدم على الخلود في الجنة (و مرافقة الأبرار). و هم الملائكة.

(فباع اليقين بشكه). أي نقض اليقين بالشك. و المراد باليقين هنا علم آدم بالنهي عن الشجرة. و المراد بالشك ان آدم بعد أن كان على يقين من ان النهي حتم و إلزام- احتمل ان هذا النهي لغير الحتم و الإلزام، و ابليس هو الذي أوحى اليه بهذا الاحتمال.. هذا ما يدل عليه سياق الكلام و ظاهره، أو ما نفهمه نحن (و العزيمة بوهنه). أي ضعفه الذي أدى به الى نقض اليقين بالشك، و هو تفسير لقوله تعالى: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً- 115 طه.

(و استبدل بالجذل) الفرح (وجلا) الخوف (و بالاغترار ندما). و هكذا عاقبة التفريط (ثم بسط سبحانه له في توبته). و فتح باب التوبة حتم، و سده ظلم ما دام الانسان بطبعه غير معصوم (و لقاه كلمة رحمته، و وعده المرد الى جنته). و لكن جعل الطريق اليها محفوفا بالمكاره: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ الصَّابِرِينَ- 142 آل عمران.

(و أهبطه الى دار البلية، و تناسل الذرية). و عملية التناسل سهلة جدا، بل و لذيذة أيضا، و لكن عاقبتها كارثة بخاصة في هذا العصر الذي نعيش فيه.. و نشير الى هذه النكتة التي تخلط الجد بالهزل، قالها فيلسوف ظريف: أكل آدم من الشجرة عن قصد و عمد، لأنه مل حياة الفراغ و البطالة، و آثر المتاعب و الآلام مع الجد و العمل على الدعة و الرفاهية مع البطالة و الكسل.. و لما ذا العضلات و المقدرة على الأعمال ما دام الانسان بلا عمل. و هل هو في حاجة الى أكثر من معدة تمتلئ و تهضم، و لسان يهذر و يثرثر.

الإنسان و الخطيئة:

تتفق الأديان السماوية على أن آدم لم يستمع للّه في نهيه عن الأكل من الشجرة.. و تولد من فكرة هذه الخطيئة أو هذه المخالفة آراء مختلفة عن طبيعة الانسان أو عن الجنس البشري بالنظر الى أن آدم أبا البشر هو المثل لهذه الطبيعة أو لهذا الجنس.. فمن قائل: ان الانسان خيّر بطبعه. و قائل: هو شرير و ذئب.. و قال الماركسيون: لا يتصف الانسان بخير أو شر، لأنه صنيعة الطبيعة، و خاضع لقانون التطور كغيره من الكائنات الحية، و ليس هناك ما يمنع من أن يتحول في المستقبل الى شي ء آخر يبعد كل البعد عن مفهوم الانسان الحالي، و إذن، ليس ثمة طبيعة بشرية ثابتة كي نصفها بخير أو بشر.

و وقفت المسيحية في الجانب المقابل حيث اعتبرت الانسان مذنبا و مخطئا بطبعه، و انه لا خلاص له من الذنب و الخطيئة إلا بقوة عظمى خارجة عن طبيعته و ارادته، و تولد من هذه الفكرة فكرة الفداء أو القربان، و ان اللّه قد تمثل في صورة انسان، و أنه صلب و عذّب ليخلّص البشر، و يكفّر عنهم سيئاتهم.. و من أجل هذا يطلق المسيحيون على السيد المسيح (ع) لقب «المخلّص» و يعتبرون الخطيئة و الفداء من صميم الدين و العقيدة.. و قد وصف أحدهم هذا الوضع بقوله: «لقد أصبح الدين عندنا- أي عند المسيحيين- مجسدا في الخطيئة». و قال آخر: ان الكنيسة اخترعت فكرة الخطيئة، و فكرة الخلاص منها بالفداء كي تقنع من تسعى الى تحويلهم عن دينهم، تقنعم بأن الخلاص و العلاج موجود في جيبها.. و هو اعتناق المسيحية فقط لا غير.

و وجد المستعمرون و الصهاينة الشفيع و المبرر لطغيانهم و عدوانهم على الانسانية و قيمها، وجدوا هذا الشفيع عند الكنيسة التي تقول: ان الخطيئة غريزة في طينة الانسان و جبلته.. فإذا ما اعترض معترض على بغيهم و آثامهم قالوا: هذا من صنع اللّه، لا من صنعنا.. و كل من ملك استأثر، و ما كفّ أحد إلا لعلة العجز، و من أجل هذا ساندت قوى الشر و العدوان الكنيسة بكل ما تملك، بل و سخّرت لهذه الغاية بعض العمائم التي تقلبت في البلاد، و أكثرت فيها الفساد.

فمنذ عهد قريب خطب معمم، و نشر في الصحف: ان الأنبياء كغيرهم في الميول و الأهواء مستندا الى ما يظهر من بعض الآيات، و ما تنبه لأهدافه المأجورة إلا قليل.

و روي- و لا أستبعد هذه الرواية- ان إرساليات التبشير المسيحي أغرت دارا للنشر بإعادة طبع و نشر كتاب تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى، و اشترت من صاحب الدار العديد من النسخ، و وزعتها بطريق أو بآخر.. و القصد أن يتنبه الناس لقوله تعالى: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى . و قوله: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ و ما الى ذلك.. أما تأويل الشريف بخلاف الأولى، و بأن الأمر و النهي منه تعالى في هذا الباب هما للإرشاد فقط، أما هذا التأويل و نحوه فيتعقله، و يقتنع به الخاصة المؤمنون دون العامة الذين لا يفهمون من كلمة المعصية إلا المعنى الحقيقي الأصيل.

و الخلاصة ان الماركسية وقفت في أقصى اليسار حين نفت الطبيعة البشرية الثابتة من الأساس، و وقفت المسيحية في أقصى اليمين حين اعتبرت الخطيئة طبيعة و عقيدة، أما الاسلام فقد وقف موقفا وسطا بين الماركسية و المسيحية: و لم يربط العقيدة بهذه المسألة من قريب أو بعيد، بل أشار الى طبيعة الانسان من باب التعريف و الإرشاد الى الواقع، و ان كل مولود يولد على الفطرة الصافية، و التربية هي التي تكدره و تلوثه.. أما قوله تعالى: وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ- 34 ابراهيم. و نحوه من الآيات فقد أجابوا عنه بأن هذا الحكم على الانسان إنما هو بالنظر الى بعض أفراده، لا بالنظر الى طبيعته و جنسه، و قلنا في «التفسير الكاشف» ج 4 ص 213: ان الإسلام ينظر الى الانسان من خلال عقيدته و سلوكه بصرف النظر عن طبيعته، و على هذا الأساس وحده يحكم عليه بأنه صالح أو طالح، طيب أو خبيث.

و تسأل: إذا كان إبليس قد تولى غواية آدم، فمن، الذي تولى غواية إبليس.

الجواب: الحسد تولى غواية إبليس، و إلى ذلك أشار الإمام (ع) بقوله: «نفاسة عليه». و الحسد لا يحتاج الى من يتولاه.. حتى الأطفال يتحاسدون و يتغايرون.. و من هنا قال الرسول الأعظم (ص): «و إذا حسدت فلا تبغ» نهى عن آثار الحسد، و إظهارها في قول أو فعل، و لم ينه عن الحسد بالذات، لأنه تكليف بغير المقدور.

شرح منهاج البراعة خویی

الفصل الثاني عشر

ثمّ أسكن آدم دارا أرغد فيها عيشته، و آمن فيها محلّته، و حذّره إبليس و عداوته، فاغترّه عدوّه نفاسة عليه بدار المقام و مرافقة الأبرار، فباع اليقين بشكّه و العزيمة بوهنه، و استبدل بالجذل و جلا، و بالاعتزاز ندما.

اللغة

(السّكون) هو الاطمينان و المسكن المنزل و (الرغد) النفع الواسع الكثير الذي ليس فيه عناء، قال ابن دريد: الرّغد السعة في العيش و (العيشة) بكسر العين كالعيش بالفتح مصدر عاش يعيش و هو الحياة و ما يعاش به من الرزق و الطعام و الخبز و (محلّة) القوم منزلهم (فاغترّه) من الغرّة بالكسر و هو الغفلة و (نفس) الشي ء بالضم نفاسة كرم و نفست به مثل ضننت به لنفاسته لفظا و معنى و (المقام) بالفتح اسم مكان من قام بمعنى انتصب و بالضمّ اسم مكان من أقام و كلاهما صحيحان و عزم (عزيمة) و عزمة اجتهد وجد في أمره و (الجذل) بفتحتين مصدر جذل إذا فرح و (اعتزّ) بفلان عدّ نفسه عزيزة به

الاعراب

كلمة ثمّ في قوله عليه السّلام ثمّ أسكن حرف عطف مفيدة للتّعقيب فتفيد أنّ الاسكان في الجنّة بعد أمر الملائكة بالسجود و سجودهم و هو الظاهر من الترتيب الذكري في الآية الشريفة في سورة البقرة حيث قال سبحانه: «وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ» ثم قال: «وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ». الآية إلّا أنّ المستفاد من الأخبار و ظاهر بعض«» الآيات و التفاسير كون السجود حين السّكون في الجنّة و يمكن الجواب بانّ المراد بالسّكنى في الاية الشريفة و في قول الامام عليه السّلام هو المقام مع اللّبث و الاستقرار و هو لا ينافي كون آدم عليه السّلام في الجنّة قبل ذلك أيضا و كون سجود الملائكة له حين ما كان هو فيه كما هو ظاهر لا يخفى، و نصب إبليس في قوله و حذّره إبليس على نزع الخافض، و نفاسة منصوب على المفعول له، و الباء في قوله: بدار المقام للسّببية، و في قوله بشكّه باء الأثمان و هي الدّاخلة على الأعواض مثل بعت الكتاب بدرهم، و قد يطلق عليها باء المقابلة، و في قوله عليه السّلام: بالجذل و بالاعتزاز كذلك«»، و يحتمل كونها هنا بمعنى من بناء على كون الاستبدال بمعنى التبدل يقال تبدّله و تبدّل منه إذا اتخذه منه بدلا.

المعنى

(ثمّ) إنّه سبحانه بعد ما أمر الملائكة بالسّجود لآدم فسجدوا إلّا إبليس فجعله رجيما و أخرجه من جواره و (أسكن آدم) و أقرّه (دارا) أى في دار (أرغد فيها عيشته) أى جعله فيها في عيشة واسعة كما قال سبحانه في سورة البقرة: «وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما».

(و آمن فيها محلّته) نسبة الأمن إلى المحلّ من قبيل المجاز العقلي أى جعله فيها في أمن من الآفات و سلامة من المكاره و الصدمات، و هذه من صفات الجنّة لأنّ من دخلها كان آمنا كما قال سبحانه: «ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ».«» و هذا لاغبار عليه و إنّما الكلام في أنّ الجنة التي أسكنه اللّه فيها هل هي جنّة الدنيا.

و تفصيل ذلك ما ذكره الفخر الرّازي، قال: اختلفوا في أنّ الجنّة المذكورة في الآية هل كانت في الأرض أو في السّماء و بتقدير أنّها كانت في السّماء فهل هي الجنّة التي هي دار الثّواب أو جنّه الخلد أو جنّة أخرى.

فقال أبو القاسم البلخي و أبو مسلم الاصفهاني: هذه الجنّة كانت في الأرض و حملا الاهباط«» على الانتقال من بقعة إلى بقعة، كما في قوله تعالى: «وَ إِذْ» و احتجا عليه بوجوه.

أحدها أنّ هذه الجنّة لو كانت هي دار الثواب لكانت جنّة الخلد، و لو كان آدم في جنّة الخلد لما لحقه الغرور من إبليس بقوله: «هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلى » و لما صحّ قوله: «ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ».

و ثانيها أنّ من دخل هذه الجنّة لا يخرج منها، لقوله تعالى: «وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها».

و ثالثها أنّ إبليس لما امتنع من السّجود لعن، فما كان يقدر مع غضب اللّه على أن يصل إلى جنّة الخلد.

و رابعها أنّ الجنّة التي هى دار الثواب لا يفنى نعيمها، لقوله تعالى: «أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها» و لقوله تعالى: (وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها) الى أن قال: (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ).

أى غير مقطوع، فهذه الجنّة لو كانت هي التي دخلها آدم لما فنيت، لكنها تفنى لقوله تعالى: (كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ).

و لما خرج منها آدم و انقطعت تلك الرّاحات و خامسها أنّه لا يجوز في حكمته تعالى أن يبتدء الخلق في جنّة يخلدهم فيها و لا تكليف لأنّه لا يعطى جزاء العاملين من ليس بعامل، و لأنّه تعالى لا يهمل عباده بل لا بدّ من ترغيب و ترهيب و وعد و وعيد.

و سادسها لا نزاع في أنّ اللّه تعالى خلق آدم في الأرض و لم يذكر في هذه القصّة أنّه نقله إلى السّماء. و لو كان تعالى قد نقله إلى السّماء كان ذلك أولى بالذّكر، لأنّ نقله من الأرض إلى السّماء من أعظم النّعم، فدلّ ذلك على أنّه لم يحصل، و ذلك يوجب أنّ المراد من الجنّة التي قال اللّه له (اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ).

جنّة اخرى غير جنّة الخلد.

القول الثّاني و هو قول الجبائي أنّ تلك الجنّة كانت في السّماء السّابعة، و الدليل عليه قوله تعالى: اهبطوا منها، ثم انّ الاهباط الأوّل كان من السّماء السّابعة إلى السّماء الاولى، و الاهباط الثّاني كان من السّماء إلى الأرض.

القول الثالث و هو قول جمهور أصحابنا إن هذه الجنّة هي دار الثواب و الدّليل عليه أنّ الألف و اللّام في لفظ الجنّة لا يفيد العموم، لأنّ سكون جميع الجنان محال، فلا بدّ من صرفها إلى المعهود السّابق، و الجنّة التي هي المعهودة المعلومة بين المسلمين هي دار الثواب فوجب صرف اللّفظ إليها.

القول الرّابع إن الكلّ ممكن و الأدلة النّقلية ضعيفة و متعارضة، فوجب التوقّف و ترك القطع و اللّه أعلم انتهى.

أقول: و الأظهر من هذه الأقوال هو القول الأوّل، لقوّة أدلّته و إن كان يمكن تطرّق النّظر إليها.

أمّا الأوّل و الثّاني فلا مكان أن يقال: إنّ الخلود فيها و عدم الخروج إنّما يكون بعد استقرار أهل الجنّة فيها للثّواب، و هو المستفاد من أدلّة الخلود، و أمّا قبل ذلك فلا دليل عليه.

و أمّا الثّالث فلما قيل: من أنّ إبليس لم يدخل في الجنّة بل وسوس لهما من وراء جدار الجنّة أو من الأرض.

و فيه نظر لأنّ المستفاد من ظاهر الآيات كون مخاطبته معهما مشافهة، كما أنّ الموجود في أخبارنا دخوله إليها بوسيلة الحيّة حسبما يأتي الاشارة إليها.

و الأولى أن يقال: هذا الدّليل على تقدير تسليمه جار على غير هذا القول أيضا و ذلك، لأنّ غضب اللّه سبحانه كما هو مانع من دخول جنّة الخلد فكذلك مانع من دخول مطلق الجنّة و إن لم تكن دار خلد، لأنّ الجنّتين كلتيهما مشتركتان في كونهما دار رحمة و قرب، فلا يستحقّهما من غضب اللّه عليه و لعنه و طرده بقوله: (فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ).

فان قيل: فكيف التّوجيه بين ذلك و بين ما استظهرت من الآيات و دلت عليه الأخبار من دخوله في الجنّة بتوسط الحيّة.

قلت: يمكن التّوجيه بأن يقال: إنّه كان ممنوعا من دخولها بارزا بحيث يعرف، و قد دخلها مخفيّا ليدليهما بغرور، و قد ورد ذلك في بعض الأخبار، أو يقال: إنّ دخوله فيه على وجه التّقرب و التنعّم مناف لكونه مغضوبا عليه، و أمّا الدّخول للتّدليس و الازلال بعد اقتضاء الحكمة له فلا منافاة له معه كما لا يخفى.

و أمّا الرّابع فلما مر في الأولين.

و أمّا الخامس فلجواز أن يكون ذلك تفضّلا منه سبحانه، و ليست في ذلك منافاة للحكمة كما توهّم.

و أمّا السّادس فظاهر لأنّه استبعاد محض، هذا كلّه ما يقتضيه التصرّفات الفكرية و دقّة النّظر في الأدلة و القاطع للكلام إنّما هو الأخبار المأثورة عن العترة الطاهرة.

فقد روى في الكافى و العلل عن الصّادق عليه السّلام أنّها كانت من جنان الدّنيا يطلع فيها الشّمس و القمر و لو كان من جنان الخلد ما خرج منها أبدا.

و مثلهما«» عليّ بن ابراهيم القمي في تفسيره عن أبيه رفعه إليه عليه السّلام و قوله: (و حذّره ابليس و عداوته) إشارة إلى ما حكاه سبحانه في سورة طه بقوله: (وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى ) فوسوس اليه الشّيطان و قال: (يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلى ).

و (اغترّه عدوه نفاسة) و بخلا (عليه بدار المقام و مرافقة الأبرار) من الروحانيين و الملائكة المقرّبين.

(فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ).

و أمّا كيفية الاغترار فقد يأتي تفصيلا (فباع اليقين بشكه) قيل: إنّ بيع اليقين بالشك مثل قديم للعرب لمن عمل عملا لا يفيده و ترك ما ينبغي له أن يفعله، تمثل به أمير- المؤمنين عليه السّلام هاهنا و لم يرد أنّ آدم شكّ في أمر اللّه.

أقول: و يمكن اجراء الكلام على ظاهره بأن يراد باليقين اليقين بعداوة إبليس و بالشّك الشّك فيها، و المراد ببيعه به تبديله به و ذلك لأنّ إبليس لمّا أبى و استكبر عن السّجود و أظهر الفضيلة و الانيّة و جعل مطرودا تيقّن آدم بعداوته له، و قد أعلمه اللّه سبحانه به حينئذ أيضا كما قال: (فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى ).

و لمّا وسوس اليهما الشيطان: (وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ).

و لم يكن آدم و حوّا شاهدا قبل ذلك من يحلف باللّه كاذبا، و ثقا بقوله و شكّا في عداوته لمكان ذلك، و يمكن استنباط ذلك من رواية العيون و الاحتجاج الاتية«» للرّضا عليه السّلام مع المأمون، و ليس في ذلك منافاة لمرتبة الرّسالة كما توهّم، لأنّ ذلك ليس بأعظم من أكل الشجرة و ستعرف تحقيقه في مقامه إنشاء اللّه و قوله: (و العزيمة بوهنه) أى العزيمة التي كانت له في عدم القرب من الشّجرة و الأكل منها بالوهن الذي حصل له من النّسيان، قال سبحانه: (وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً).

قال في الكشّاف: و العزم التّصميم و المضيّ على ترك الأكل و أن يتصلّب في ذلك تصلّبا يؤيس الشّيطان من التّسويل له، و قال: فان قلت: ما المراد بالنّسيان قلت: لا يجوز أن يراد النّسيان الذي هو نقيض الذكر و أنّه لم يعن«» بالوصيّة العناية الصادقة و لم يستوثق منها بعقد القلب عليها و ضبط النّفس حتّى تولد من ذلك النّسيان، و أن يراد التّرك و انه ترك ما وصّي به من الاحتراس عن الشجرة و أكل ثمرتها انتهى.

و قال الطبرسي (ره) معناه أمرناه و أوصينا إليه أن لا يقرب الشّجرة و لا يأكل منها، فترك الأمر عن ابن عبّاس و لم نجد له عقدا ثابتا، و قيل معناه: فنسي من النّسيان هو السّهو و لم نجد له عزما على الذّنب، لأنّه أخطأ و لم يتعمد عن ابن زيد و جماعة، و قيل: و لم نجد له حفظا لما امر به عن عطيّة، و قيل: صبرا عن قتادة قال الشّارح البحراني: و حاصل هذه الأقوال يعود إلى أنّه لم يكن له قوّة على حفظه ما أمر اللّه سبحانه أنتهى.

و في الكافي عن عليّ بن إبراهيم باسناده عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى عهد إلى آدم أن لا يقرب هذه الشّجرة، فلمّا بلغ الوقت الذي كان في علم اللّه أن يأكل منها نسي فأكل منها، و هو قول اللّه تبارك و تعالى: (وَ لَقَدْ عَهِدْنا) الآية و فيه أيضا عن الصّادق عليه السّلام، قال في قوله تعالى: (وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ).

كلمات في محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ذرّيتهم عليهم السّلام فنسي هكذا و اللّه انزلت على محمّد صلّى اللّه عليه و آله.

أقول: و الظاهر أنّ المراد بتلك الكلمات حسبما يستفاد من الأخبار التي يأتي بعضها«» هو إقرار آدم بفضيلة محمّد و آله المعصومين عليهم السّلام و اعتقاده لشرافتهم و عدم تمنّيه منزلتهم، فنسي تلك الكلمات و تمنى منزلتهم فأخرجه اللّه سبحانه من الجنّة (و استبدل بالجذل) و السّرور خوفا و (وجلا و بالاعتزاز) أى العزّة التي طلبها من أكل الشّجرة بتدليس ابليس و قوله لهما:

(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَ قالَ ما نَهاكُما).

(ندما) و خيبة، و لذلك: (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ).

تذنيبات

الاول لقائل أن يقول: كيف تمكّن ابليس من وسوسة آدم مع كونه خارج الجنّة و كون آدم في الجنّة

فنقول: قد اختلفوا فيه على أقوال.

أحدها ما حكي عن القصاص و هو الذي روي عن ابن عبّاس انه لما اراد إبليس أن يدخل الجنّة منعته الخزنة فأتى الحية و هي دابة لها أربع قوائم كأنّها البختيّة و هي كأحسن الدّواب بعد ما عرض نفسه على ساير الحيوانات، فما قبله واحد منها فابتلعته الحيّة و أدخلته الجنّة خفيّة من الخزنة، فلمّا دخلت الحيّة الجنّة خرج إبليس من فمها و اشتغل بالوسوسة فلا جرم لعنت الحيّة و سقطت قوائمها و صارت تمشى على بطنها و جعل رزقها في التّراب و عدوا لبني آدم.

و ثانيها أنّه دخل الجنّة في صورة دابة.

و ثالثها ما قاله بعض الأصوليّين: إنّ آدم و حوّاء لعلّهما كانا يخرجان إلى باب الجنّة و إبليس كان يقرب و يوسوس إليهما.

و رابعها أنّ إبليس كان في الأرض و أوصل الوسوسة إليهما في الجنّة.

أقول: و الأظهر هو القول الأوّل، لبعد الرّابع من حيث إنّ الوسوسة عبارة عن الكلام الخفي و الكلام الخفي لا يمكنه ايصاله من بعد، و الثّالث و الثّاني لم يرد بهما خبر، و الموجود في أخبارنا أنّ ايقاع الشّيطان لهما فيما نهيا عنه قد كان بسبب الحيّة، و ذلك على ما حكاه المفسر الفيض في الصّافي و المحدّث الجزائري في الأنوار هو أنّ الشّيطان لمّا اخرج من الجنّة لم يقدر على الدّخول إليها بنفسه فأتي إلى جدار الجنّة و رأى الحيّة على أعلى الجدار، فقال لها ادخلينى الجنّة و أعلّمك الاسم الأعظم، فقالت له: الملائكة تحرس الجنّة فيرونك، فقال لها: ادخل في فمك و اطبقى علىّ حتّى أدخل، ففعلت، و من ثم صار السمّ في أنيابها و في فمها لمكان جلوس ابليس فيه، فلمّا أدخلته قالت له: أين الاسم الأعظم فقال لها: لو كنت أعلمه لما احتجت إليك في الدّخول، فأتى إلى آدم و بدء به فقال: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما).

ان تناولتما منها تعلمان الغيب و تقدران على ما يقدر عليه من خصّه اللّه بالقدرة.

(أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) لا تموتان أبدا (وَ قاسَمَهُما) حلف لهما (إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ).

و كان إبليس بين لحيي الحيّة و كان آدم يظنّ أنّ الحية هي الّتي تخاطبه و لم يعلم أنّ ابليس قد اختبي بين لحيي الحيّة فردّ آدم على الحيّة أنّ هذا من غرور إبليس كيف يخوننا ربّنا أم كيف تعظمين اللّه بالقسم به و أنت تنسبينه إلى الخيانة و سوء الظنّ و هو أكرم الأكرمين أم كيف أروم التّوصل إلى ما منعني منه ربي و أتعاطاه بغير حكمه، فلمّا آيس إبليس من قبول آدم فأتى إلى حوّاء و خاطبها من حيث يوهمها هي التي تخاطبها«»، و قال: يا حواء أرأيت هذه الشّجرة التي كان اللّه عزّ و جلّ حرّمها عليكما فقد أحلّها لكما بعد تحريمها، لما عرف من حسن طاعتكما له و توقير كما إيّاه و ذلك أنّ الملائكة الموكلين بالشّجرة الذين معهم الحراب يدفعون عنها ساير حيوانات الجنّة لا يدفعك عنها إذ رمتها فاعلمي بذلك أنّه قد أحلّ لك و ابشري بأنك إن تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلطة عليه الآمرة النّاهية فوقها، فقالت حوّاء سوف اجرّب هذا فرامت فأرادت الملائكة أن يدفعوها عنها بحرابها، فأوحى اللّه إليهم إنّما تدفعون بحرابكم من لا عقل له بزجره، فأمّا من جعلته ممكنا مميّزا فكلوه إلى عقله الذي جعلته حجّة عليه فان أطاع استحقّ ثوابي و جزائي، فتركوها و لم يتعرضوا لها بعد ما همّوا بمنعها بحرابهم، فظنت أنّ اللّه ما نهيهم، لأنّه قد أحلّها بعد ما حرمها، فقالت صدقت الحيّة و ظنّت أنّ المخاطب بها الحيّة، فتناولت منها و لم تنكر من نفسها شيئا، فاتت حواء إلى آدم فصارت عونا للشّيطان عليه، و قالت ألم تعلم أنّ الشّجرة المحرّمة علينا قد ابيحت لنا تناولتها و لم يمنعني منه أملاكها و لم انكر شيئا من حالي، و لذلك اغترّ آدم فقام آدم معها إلى الأكل من الشجرة فكانت أوّل قدم مشت إلى الخطيئة، فلما مدّ أيديهما إليها تطاير ما عليهما من الحليّ و الحلل و بقيا عريانين فأخذا من ورق التين فوضعاه على عورتيهما، فتطاير الورق فوضع آدم يده على عورته و الأخرى على رأسه كما هو شأن العراة.

و يستفاد من بعض الاخبار أنّ هذا هو العلّة في وجوب الوضوء، و هو ما رواه الصّدوق طاب ثراه في الفقيه قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فسألوه عن مسائل و كان فيما سألوه أخبرنا يا محمّد لأيّ علّة توضّأ هذه الجوارح الأربع و هي أنظف المواضع في الجسد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لمّا أن وسوس الشّيطان إلى آدم عليه السّلام دنا من الشّجرة فنظر إليها فذهب ماء وجهه، ثمّ قام و مشى اليها و هي أوّل قدم مشت إلى الخطيئة، ثمّ تناول بيده منها ما عليها فأكل فطار الحلّي و الحلل عن جسده، فوضع آدم يده على امّ رأسه و بكى فلمّا تاب اللّه عزّ و جلّ عليه فرض عليه و على ذريّته تطهير هذه الجوارح الأربع، فأمر اللّه بغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة، و أمره بغسل اليدين إلى المرفقين لما تناول بهما، و أمره بمسح الرّأس لما وضع يده على أمّ رأسه و أمره بمسح القدمين لما مشى بهما إلى الخطيئة و قد ذكر فيه علّة اخرى له رواها عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا عليهما السّلام و لا ربط لها بالمقام، و لا يذهب عليك أن توارد العلل المتعددة على معلول واحد في العناوين الشّرعية لا ضير فيه، لأنّها من قبيل المعرفات و ليست عللا حقيقية كما هو ظاهر الثاني قد اختلف الأخبار كالأقوال في الشّجرة المنهية

ففي رواية أنّها شجرة الحسد، و في اخرى أنّها شجرة الكافور، و في ثالثة أنّها شجرة الحنطة و عن تفسير الامام أنها شجرة علم محمّد و آل محمّد عليهم السّلام آثرهم اللّه بها دون ساير خلقه لا يتناول منها بأمر اللّه إلّا هم، و منها ما كان يتناوله النبيّ و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام بعد إطعامهم المسكين و اليتيم و الأسير حتّى لم يحسوا بجوع و لا عطش و لا تعب و لا نصب، و هي شجرة تميّزت من بين ساير الأشجار بأنّ كلا منها إنّما يحمل نوعا من الثمار، و كانت هذه الشجرة و جنسها تحمل البرّ و العنب و التّين و العنّاب و ساير أنواع الثمار و الفواكه و الأطعمة فلذلك اختلف الحاكون بذكرها، فقال بعضهم: برّة، و قال آخرون: هي عنبة، و قال آخرون: هي عنابة و هي الشجرة التي من تناول منها باذن اللّه الهم علم الأوّلين و الآخرين من غير تعلّم، و من تناول بغير اذن اللّه خاب مراده و عصى ربّه و عن العيون باسناده إلى عبد السّلام بن صالح الهروى قال: قلت للرّضا عليه السّلام يابن رسول اللّه أخبرنى عن الشجرة التي أكل منها آدم و حوّاء ما كانت فقد اختلف النّاس فيها، فمنهم من يروي أنّها الحنطة، و منهم من يروي أنّها العنب، و منهم من يروى أنّها شجرة الحسد، فقال عليه السّلام: كلّ ذلك حقّ قلت: فما معنى الوجوه على اختلافها فقال: يا أبا الصّلت إنّ شجرة الجنّة تحمل أنواعا، و كانت شجرة الحنطة و فيها عنب ليست كشجرة الدّنيا، و إنّ آدم لما أكرمه اللّه تعالى ذكره باسجاده ملائكته و بادخاله الجنّة قال في نفسه: هل خلق اللّه بشرا أفضل مني فعلم اللّه عزّ و جلّ ما وقع في نفسه فناداه ارفع رأسك يا آدم و انظر إلى ساق عرشي، فرفع رأسه فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا: لا إله الا اللّه محمّد رسول اللّه عليّ بن أبى طالب أمير المؤمنين و زوجته فاطمة سيّدة نساء العالمين و الحسن و الحسين سيّد اشباب أهل الجنّة، فقال آدم: يا ربّ، من هؤلاء فقال عزّ و جلّ: هؤلاء من ذرّيتك، و هم خير منك و من جميع خلقى و لولاهم ما خلقتك و لا خلقت الجنّة و النّار و لا السّماء و لا الأرض فايّاك أن تنظر إليهم بعين الحسد فاخرجك عن جواري فنظر إليهم بعين الحسد و تمنى منزلتهم فتسلط عليه الشّيطان حتى أكل من الشّجرة التي نهى عنها و تسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة بعين الحسد حتّى أكلت من الشّجرة كما أكل آدم، فأخرجهما اللّه عن جنّته و أهبطهما عن جواره إلى الارض هذا.

و قال بعض العارفين«»: كما أنّ لبدن الانسان غذاء من الحبوب و الفواكه، كذلك لروحه غذاء من العلوم و المعارف، و كما أنّ لغذاء بدنه أشجارا تثمرها، فكذلك لروحه أشجار تثمرها و لكلّ صنف منه ما يليق به من الغذاء، فانّ من الانسان من يغلب فيه حكم البدن على الرّوح، و منهم من هو بالعكس، و لهم في ذلك درجات يتفاضل بها بعضهم على بعض، و لأهل الدّرجة العليا كل ما لأهل الدرجة السّفلى و زيادة، و لكلّ فاكهة في العالم الجسماني مثال في العالم الرّوحاني مناسب لها، و لهذا فسّرت الشّجرة تارة بشجرة الفواكه، و اخرى بشجرة العلوم، و كان شجرة علم محمّد إشارة إلى المحبوبيّة الكاملة المثمرة لجميع الكمالات الانسانية المقتضية للتوحيد المحمدي الذي هو الفناء في اللّه و البقاء باللّه المشار إليه بقوله صلّى اللّه عليه و آله: لي مع اللّه وقت لا يسعني فيه ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل، فان فيها من ثمار المعارف كلّها، و شجرة الكافور إشارة إلى برد اليقين الموجب للطمأنينة الكاملة المستلزمة للخلق العظيم الذي كان لنبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و دونه لأهل بيته، فلا منافاة بين الرّوايات و لا بينها و بين ما قالها أهل التأويل إنّها شجرة الهوى و الطبيعة لأنّ قربها إنّما يكون بالهوى و الشهوة الطبيعية، و هذا معنى ما ورد أنّها شجرة الحسد: فانّ الحسد إنّما ينشأ منها، انتهى.

و قد تلخّص منه و من الرّوايات السّالفة أنّ آدم كما أكل من الشّجرة المنهية التي هي شجرة الفاكهة في عالم الظاهر، فكذلك أكل في عالم الباطن و الحقيقة من الشجرة المختصة بآل محمّد عليهم السّلام التي غرسها اللّه لهم بيد قدرته، فطابق ظاهره و باطنه في ارتكاب الخطيئة و كان ذلك سببا لاهباطه إلى دار البليّة.

و في بعض الأخبار أنّ ذلك أيضا سبب لوجوب غسل الجنابة و لزيادة حظّ الذّكر من الانثى في الميراث.

و هو ما رواه الصّدوق في الفقيه قال: جاء نفر من اليهود إلى النّبي صلّى اللّه عليه و آله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أن قال: لأيّ شي ء أمر اللّه تعالى بالاغتسال من الجنابة و لم يأمر بالغسل من الغائط و البول فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ آدم لمّا أكل من الشّجرة دبّ«» ذلك في عروقه و شعره و بشره، فاذا جامع الرّجل أهله خرج الماء من كلّ عرق و شعرة في جسده، فأوجب اللّه تعالى على ذرّيته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة، و البول يخرج من فضلة الشّراب الذي يشربه الانسان، و الغايط يخرج من فضلة الطعام الذي يأكله الانسان، فعليه في ذلك الوضوء، قال اليهودي: صدقت يا محمّد.

و في العيون باسناده عن الرّضا عن آبائه عليهم السّلام في حديث الشّامي مع أمير المؤمنين عليه السّلام و سأله لم صارت الميراث للذّكر مثل حظّ الانثيين فقال عليه السّلام: من قبل السّنبلة كانت عليها ثلاث حبّات، فبادرت إليها حوّاء فأكلت منها حبّة و أطعمت آدم حبّتين، فلذلك ورث الذّكر مثل حظّ الانثيين.

الثالث اعلم أنّ النّاس اختلفوا في عصمة الأنبياء عليهم السّلام على أقوال شتّى

و ينبغي أن نشير أوّلا إلى معنى العصمة.

فنقول: العصمة في اللّغة اسم من عصمه اللّه من المكروه يعصمه من باب ضرب أى حفظه و وقاه و منعه عنه، و في الاصطلاح هي ملكة اجتناب المعاصي مع التمكن منها.

و قيل هي ملكة تمنع الفجور و يحصل بها العلم بمعايب المعاصي و مناقب الطاعات.

و قال الرّاغب: هي فيض إلهيّ يقوي بها الانسان على تحرّي الخير و تجنّب الشّرّ حتّى تصير كمانع له و ان لم يكن منعا محسوسا.

و قال العلّامة في الباب الحادي عشر: العصمة لطف خفي يفعل اللّه تعالى بالمكلف بحيث لا يكون له داع إلى ترك الطاعة و ارتكاب المعصية مع قدرته على ذلك.

و قال المرتضى في كتاب الدّرر و الغرر: العصمة هي اللّطف يفعله اللّه تعالى فيختار العبد عنده الامتناع من فعل القبيح، فيقال على هذا: إنّ اللّه عصمه بأن فعل له ما اختار عنده العدول عن القبيح، و يقال: إنّ العبد معصوم، لأنّه اختار عند هذا الدّاعي الذي فعل له الامتناع من القبيح، و أصل العصمة في موضوع اللّغة المنع، يقال: عصمت فلانا من السّوء إذا منعت من حلوله به، غير أنّ المتكلمين أجروا هذه اللّفظة على من امتنع باختياره عند اللطف الذي يفعله اللّه تعالى به، لأنّه إذا فعل ما يعلم أنّه يمتنع عنده من فعل القبيح فقد منعه من القبيح فأجروا عليه لفظة المانع قهرا و قسرا و أهل اللغة يتعارفون ذلك أيضا و يستعملونه، لأنّهم يقولون فيمن أشار على غيره برأى فقبله منه مختارا، و احتمى بذلك من ضرر يلحقه و سوء يناله أنّه حماه«» من ذلك الضّرر و منعه و عصمه منه، و إن كان على سبيل الاختيار انتهى.

و قد ظهر ممّا ذكرنا كلّه أنّ العصمة ملكة مانعة عن ارتكاب المعاصي و موجبة لاتيان الطاعات على وجه الاختيار، فما ذهب إليه بعضهم من أنّ المعصوم مجبول عليهما و أنّه لا يمكنه الاتيان بالمعاصي باطل جدّا و إلّا لما استحقّ مدحا كما هو ظاهر.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ النّاس اختلفوا في عصمة الأنبياء على أقوال كثيرة قال الفخر الرّازي و ضبط القول فيه أن يقال: الاختلاف في هذا الباب يرجع إلى أقسام أربعة:

أحدها ما يقع فى باب الاعتقاد.

و ثانيها ما يقع في باب التّبليغ.

و ثالثها في باب الأحكام و الفتيا.

و رابعها ما يقع على أفعالهم و سيرتهم.

أمّا اعتقادهم الكفر و الضّلال فان ذلك غير جايز عند أكثر الامّة، و قالت الفضلية من الخوارج: إنّهم قد وقعت منهم الذّنوب و الذّنب عندهم كفر و شرك فلا جرم قالوا: بوقوع الكفر منهم، و أجازت الاماميّة عليهم إظهار الكفر على سبيل التقيّة.

أمّا النّوع الثّاني و هو ما يقع بالتّبليغ فقد أجمعت الأمّة على كونهم معصومين عن الكذب و التّحريف فيما يتعلّق بالتّبليغ، و إلّا لارتفع الوثوق بالأداء، و اتفقوا على أن ذلك كما لا يجوز وقوعه منهم عمدا لا يجوز أيضا سهوا، و من النّاس من جوّز ذلك سهوا قالوا: لأنّ الاحتراز عنه غير ممكن.

و أمّا النّوع الثّالث و هو ما يتعلّق بالفتيا فأجمعوا على أنّه لا يجوز خطاؤهم فيه على سبيل التّعمد، و أمّا على سبيل السّهو فجوّزه بعضهم، و أباه آخرون.

و أمّا النّوع الرّابع و هو الذي يقع في أفعالهم فقد اختلفت الامة فيه على أقوال خمسة: أحدها قول من جوّز عليهم الكبائر على جهة العمد و هو قول الحشويّة.

و الثّاني قول من لا يجوّز عليهم الكبائر لكنّه يجوّز عليهم الصّغائر على جهة العمد إلّا ما ينفر كالكذب و التّطفيف، و هذا قول أكثر المعتزلة.

القول الثّالث أنّه لا يجوز أن يأتوا بصغيرة و لا بكبيرة على جهة العمد ألبتّة، بل على جهة التّأويل و هو قول الجبائي.

القول الرّابع أنّه لا يقع منهم الذّنب إلّا على جهة السّهو و الخطاء، و لكنّهم مأخوذون بما يقع منهم على هذه الجهة و ان كان ذلك موضوعا عن امّتهم، و ذلك لأنّ معرفتهم أقوى و دلائلهم أكثر، و أنّهم يقدرون من التحفّظ على ما لا يقدر عليه غيرهم.

القول الخامس أنّه لا يقع منهم الذّنب لا الكبيرة و لا الصغيرة لا على سبيل القصد و لا على سبيل السهو و لا على سبيل التّأويل و الخطاء و هو مذهب الرّافضة.

و اختلف النّاس في وقت العصمة على ثلاثة أقوال: أحدها قول من ذهب أنّهم معصومون من وقت مولدهم، و هو قول الرّافضة.

و ثانيها قول من ذهب إلى أنّ وقت عصمتهم وقت بلوغهم و لم يجوزوا منهم ارتكاب الكفر و الكبيرة قبل النّبوة، و هو قول كثير من المعتزلة.

و ثالثها قول من ذهب إلى أنّ ذلك وقت النّبوة، أمّا قبل النّبوة فجائز و هو قول أكثر اصحابنا و قول أبي الهذيل و أبي علي من المعتزلة، انتهى ما اهمنا نقله من كلامه.

و قد ظهر منه أنّ الشيعة لا يجوّزون عليهم المعاصي مطلقا.

و أمّا ما ذكره من أنّ الاماميّة أجازت عليهم إظهار الكفر على سبيل التقية فهو افتراء عليهم، و إنّما هو شي ء ذكره صاحب المواقف، و كيف يجوّزون إظهار الكفر للأنبياء و الأئمة مع تأييدهم بالنّفوس القدسيّة و القوى الرّبانية، و ما هذه النّسبة إلّا فرية بيّنة و بهتان عظيم.

و أمّا ما ذكره من أنّ الشّيعة لا يجوّزون عليهم المعاصي مطلقا فهو حقّ و لهم على ذلك أدلة عقليّة و نقليّة ذكروها في كتبهم الكلاميّة و التفاسير القرآنية.

منها أنّ متابعة النّبي واجب لقوله: فاتّبعونى، فلو كان عاصيا وجب الاقتداء عليه في معصيته فيفضي إلى الجمع بين الحرمة و الوجوب و هو محال و إذا ثبت ذلك في حقّ النّبيّ ثبت في حقّ ساير الأنبياء لعدم القول بالفصل.

و منها أنّه لو أقدم على المعصية لوجب زجره عنها من باب النّهى عن المنكر مع أنّ زجرهم و ايذائهم محرّم لقوله:

(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ).

و منها أنّه لا شي ء أقبح عند العقل من نبي رفع اللّه درجته و ائتمنه على وحيه و جعله خليفة في بلاده و عباده يسمع نداء ربه أن لا تفعل كذا فيقدم عليه ترجيحا للذته و غير ملتفت إلى نهى ربّه و لا منزجر بوعيده هذا معلوم القبح بالضرورة.

و منها أنّه لو لم يكونوا معصومين لانتفت فايدة البعثة و اللّازم باطل فالملزوم مثله، بيان الملازمة أنّه إذا جازت المعصية عليهم لم يحصل الوثوق بصحة قولهم لجواز الكذب حينئذ عليهم، و إذا لم يحصل الوثوق لم يحصل الانقياد لأمرهم و نهيهم فينتفي فائدة بعثتهم و هو محال هذا.

و قد ذكروا أدلة كثيرة وراء ما ذكرنا عليك بمطالبتها من مواقعها.

فان قلت: غاية ما يستفاد من تلك الأدلة هو كونهم معصومين بعد البعثة على ما ذهب إليه الأشاعرة و طائفة من المعتزلة. و لا دلالة فيها على وجوب العصمة قبلها أيضا كما هو مذهب الشّيعة.

قلنا: إذا تمّت دلالتها على ما بعد البعثة فنقول فيما قبل البعثة: إنّ من الواضح أنّ القلوب تشمئز و لا ينقاد إلى طاعة من عهد منه في سالف عمره أنواع المعاصي و الكبائر و ما تنفر النّفس عنه، ألا ترى أن عالما لم يكن له مبالاة في أفعاله و أقواله قبل تحصيله و في أيّام صغره، لا يكون له وقع في القلوب بعد ما كمل و بلغ من العلم و الكمال غايته.

إذا مهدت هذا فنقول: ما ورد في الكتاب العزيز و الأخبار مما يوهم صدور الذّنب عنهم الذي جعله الخصم دليلا على مذهبه لا بدّ من حمله على ترك الأولى جمعا بينها و بين أدلة العصمة العقليّة و النّقليّة مع أنّ جميع الأدلة الموهمة لخلاف العصمة قد ذكر له وجوه و محامل في مواضعه و عليك في ذلك بمطالعة كتاب تنزيه الأنبياء الذي رتّبه علم الهدى المرتضى رضي اللّه عنه و غيره من الكتب المعدة لذلك، و لو لا خوف الاطالة لذكرنا نبذة منه إلّا أنّه لا بأس بذكر ما يوهم ذلك في قصة آدم عليه السّلام الذي تمسّك به الخصم و هو سبعة أوجه.

الأوّل أنّه كان عاصيا لقوله: و عصى آدم ربّه، و العاصي صاحب الكبيرة لأنّه قد توعد عليه بالعقاب، قال سبحانه: (وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ).

الثّاني أنّه كان غاويا لقوله: فغوى، و الغيّ ضدّ الرّشد يدلّ عليه المقابلة في قوله: (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ).

الثّالث أنّه تائب لقوله: (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ).

و التّوبة إنّما هو عن الذّنب.

الرّابع ارتكابه المنهي عنه كما يشهد به توبيخه بقوله: (أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ). و يدلّ عليه قوله: (وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ).

و مرتكب المنهي عنه مذنب.

الخامس أنّه ظالم لقوله: (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) و قوله حكاية عنهما (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا).

و الظلم ذنب بالضّرورة.

السّادس اعترافه بأنّه لو لا مغفرة اللّه إيّاه لكان خاسرا في قوله: (وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ).

و الخسران إنّما يكون عن الذّنب: السّابع أنّه أخرج من الجنّة بسبب إطاعته للشّيطان و قبوله لوسوسته و ازلاله و ذلك يقتضي كونه مذنبا هذا.

و الجواب عن الأوّل أنّ كون آدم عاصيا مسلّم، و أمّا أنّ كلّ عاص صاحب كبيرة فممنوع، لأنّ المعصية عبارة عن مخالفة الأمر واجبا كان أو مندوبا، فانّهم يقولون أشرت عليه في أمر ولده في كذا فعصاني، بل يطلق على مخالفة الاوامر الارشاديّة أيضا كما يقولون: أمرته بشرب الدّواء فعصاني، و قال عمر و بن العاص لمعاوية:

أمرتك أمرا جازما فعصيتنيو كان من التّوفيق قتل ابن هاشم

و قال ابن المنذر ليزيد بن المهلب أمير خراسان:

أمرتك أمرا جازما فعصيتنيفأصبحت مسلوب الامارة نادما

إذا عرفت ذلك فنقول: لا يمتنع اطلاق اسم العصيان على فعل آدم عليه السّلام، لا لكونه تاركا للواجب، بل لكونه تاركا للأولى من باب حسنات الأبرار سيئات المقرّبين و أمّا ما قيل في الاستدلال من أنّ العاصي قد توعد عليه بالعقاب في قوله: و من يعص اللّه الاية، فنقول: إنّ الآية و إن كانت مفيدة للعموم بدلالة لفظة من إلّا أنّها مخصوصة بالعاصي بترك الأوامر الواجبة، لا مطلق الأوامر ضرورة أنّ المندوب لا عقاب على تركه.

و يشهد بما ذكرنا من عدم كون الأمر في المقام إلزاميّا أنّه على تقدير كونه للالزام لزم استحقاق آدم للعقاب بنصّ الآية الشريفة أعني قوله: و من يعص اللّه الاية و كيف لأحد أن يجترى و يجسر على هذه الدّعوى و يجيز العقاب على الأنبياء الذين هم أعلام الهدى و العروة الوثقى إن هذا إلّا بهتان عظيم و افتراء.

و عن الثّاني سلّمنا أنّ الغىّ عبارة عن ضدّ الرّشد إلّا أنّ الرّشد هو أن يتوصل بشي ء إلى شي ء يوصل إلى المقصود، فمن توصّل بشي ء إلى شي ء فحصل له ضدّ مقصوده كان ذلك غيّا كما قال الشّاعر:

فمن يلق خيرا يحمد النّاس أمرهو من يغو لم يعدم على الغيّ لائما

و على ذلك فمعنى قوله سبحانه: فغوى، فخاب ممّا كان يطمع فيه بأكل الشّجرة من الخلود في الجنّة و الملك الدّائم.

و عن الثّالث أنّا نمنع من أنّ التّوبة لا يكون إلّا عن ذنب لأنّه عبارة عن النّدم على ما مضى فيجوز على ترك المندوب و سيأتي تحقيق له في الفصل الآتي.

و عن الرّابع المنع من كون مرتكب المنهيّ عنه مذنبا مطلقا و إنّما هو في ارتكاب المناهي التحريميّة، و أمّا مخالفة النّهي التّنزيهي فلا يكون ذنبا، و ذلك لأنّ آدم كان مندوبا إلى ترك التّناول من الشّجرة و كان بالتّناول منها تاركا نفلا و فضلا و لم يكن فاعلا للقبيح، لأنّ القبيح ما يستحقّ فاعله للعقاب و قد علمت أنّ العقاب منفي عن الأنبياء، و من أجاز العقاب عليهم فقد أساء عليهم الثّناء و أعظم الفرية على اللّه تعالى.

فان قيل: ألم يكن إخراج آدم و إهباطه إلى الأرض عقوبة له قلت: إنّ آدم لم يكن مخلوقا للجنّة و إنّما خلقه اللّه سبحانه ليكون خليفة في الأرض كما يشهد به إخباره سبحانه للملائكة قبل خلق آدم بقوله: (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً).

و إنّما كان إسكانه في الجنّة من باب التفضّل و الاكرام.

و عن الخامس بأنّ الظالم ربّما يقال على من بخس نفسه الثّواب، فنقول: لا شكّ انّه كان تاركا للأفضل مع القدرة على تحصيل الأفضل فكان ذلك ظلما على نفسه فالظلم هو النّقص و بخس الثّواب بترك المندوب.

و عن السّادس بأنّ الخسران عبارة عن عدم الرّبح، و من الواضح أنّه لو لم يقدم على أكل الشّجرة حصل له الثواب الموعود من اللّه سبحانه من الأكل الرّغيد و العيش السّعيد، و بالاقدام عليه حصل له الخسران و فوّت المنفعة على نفسه و حاصله منع أنّ الخسران لا يكون إلّا عن ذنب.

و عن السّابع بما ذكرناه سابقا من أنّ آدم خلق لأن يكون خليفة في الأرض و ليس في إهباطه إلى الأرض دلالة على كونه مذنبا، نعم يمكن أن يقال: إنّ تركه للأولى كان سببا لتعجيل الهبوط، لاحتمال تغيّر المصلحة في البقاء بحصول الأكل هذا.

و بقي الكلام في أنّ أكل آدم من الشّجرة هل كان على سبيل السّهو و النسيان أو على سبيل العمد و القصد.

المستفاد من بعض الأخبار هو الأوّل، و هو رواية عليّ بن ابراهيم عن أبي جعفر عليه السّلام التي سبقت عند شرح قوله عليه السّلام و العزيمة بوهنه.

و ربّما اورد عليه بأنّه لو كان ناسيا لما عوتب على ذلك الفعل، لعدم القدرة على التّرك مع النّسيان و تكليف الغافل قبيح عقلا.

و فيه أنّ العتاب يحتمل أن يكون على ترك التحفّظ لأنّ استقلال العقل بقبح المؤاخذة على النسيان مطلقا ممنوع لأنّ النّسيان الصّادر عن ترك التحفّظ لا يقبح المؤاخذة عليه، و لذلك صحّ دعاء النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و استيهابه لها من ربّه ليلة المعراج بقوله: (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا) الآية.

و هذه المؤاخذة هي التي منّ برفعها على امّة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و خصّت به من بين الامم كما يدلّ عليه حديث رفع التّسعة الذي رواه الصّدوق في الخصال و التّوحيد عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

و هو أنّه صلّى اللّه عليه و آله قال: رفع عن امّتي تسعة أشياء: الخطاء، و النّسيان، و ما

استكرهوا عليه، و ما لا يعلمون، و ما لا يطيقون، و ما اضطرّوا إليه، و الحسد، و الطيرة، و التفكّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الانسان بشفة، و بالجملة المؤاخذة على النّيسان مع التحفّظ قبيحة عقلا و اجماعا، و أما مع عدمه فليس فيها قبح، و لذلك استوهبها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ليلة المعراج و منّ اللّه على امّته برفعها منها من باب التفضّل و الانعام.

و أما الثّاني أعني إقدامه على الأكل مع العمد فقد ذهب إليه جمع من المفسّرين من العامة و الخاصّة، ثمّ اختلفوا فيه على أقوال أحدها أنّ ذلك النّهي كان نهى تنزيه لا نهى تحريم، و قد علمت أنّه مذهب الاماميّة.

الثاني أنّه كان عمدا من آدم و كان ذلك كبيرة و كان آدم نبيّا في ذلك الوقت و هو مذهب الفضلية من الخوارج خذلهم اللّه.

الثالث ما عزاه الفخر الرازي إلى أكثر المعتزلة، و هو أنّه أقدم على الأكل بسبب اجتهاد أخطأ فيه، و ذلك لا يقتضي كون الذّنب كبيرة، بيان الاجتهاد و الخطاء أنّه لمّا قيل له و لا تقربا هذه الشّجرة فلفظة هذه قد يراد بها الشّخص، و قد يشار بها إلى النّوع، فلمّا سمع آدم قوله: و لا تقربا هذه الشّجرة، ظنّ آدم أنّ المراد بها الشّجرة المشخّصة المعينة. فترك الأكل منها و تناول من شجرة اخرى من نوعها إلّا انّه كان مخطئا في ذلك الاجتهاد، لأنّ مراده سبحانه من كلمة هذه كان النّوع لا الشّخص، و الخطاء في الفروع إذا كان خطاء لا يوجب استحقاق العقاب، لاحتمال كونه صغيرة مغفورة كما في شرعنا أقول: و مثل هذه المقالة قد ورد في بعض أخبارنا، و هو ما رواه الصّدوق في العيون كالطبرسي في الاحتجاج عن عليّ بن محمّد بن الجهم، قال حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا عليه السّلام، فقال له المأمون: يابن رسول اللّه أليس من قولك إنّ الأنبياء معصومون قال: بلى، فقال: ما معنى قول اللّه عزّ و جلّ: (وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ).

فقال عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى قال لآدم (وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ).

و أشار لهما إلى شجرة الحنطة (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ).

و لم يقل لهما لا تأكلا من هذه الشّجرة و لا ممّا كان من جنسها فلم يقربا تلك الشجرة و إنّما أكلا من غيرها لما أن وسوس الشّيطان إليهما و قال: إنّما نهيكما ربّكما عن هذه الشّجرة و ما نهيكما أن تقربا غيرها و لم ينهكما عن الأكل منها: (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ، وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ).

و لم يكن آدم و حوّاء شاهدا قبل ذلك من يحلف باللّه كاذبا (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ... فَأَكَلا مِنْها).

ثقة بيمينه باللّه و كان ذلك من آدم قبل النّبوة و لم يكن ذلك بذنب كبير استحق دخول النّار به و إنّما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحى إليهم فلمّا اجتبيه اللّه و جعله نبيّا كان معصوما لا يذنب صغيرة و لا كبيرة قال اللّه: (وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى ) و قال: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) الحديث أقول: و هذا الحديث كما ترى مطابق لمذهب المعتزلة كما حكيناه عنهم، و مخالف لاصول الاماميّة لتصريح ذيله بجواز صدور الصغيرة على الأنبياء قبل نزول الوحى فلا بدّ إمّا من طرحه لضعف سنده من حيث الارسال كما في الاحتجاج، أو انتهاء سلسلة السند إلى تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي كما في العيون، فانّ السّند فيه حدثنا تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي، قال حدثني أبي عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن عليّ بن محمّد بن الجهم، و قد ضعّفه العلامة في الخلاصة حيث قال: تميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي الذي روى عنه أبو جعفر محمّد بن بابويه ضعيف أو حمله على التقيّة و إن بعدت، أو تأويله بما يطابق اصول المذهب، و قد أوّله الطبرسي على ما رأيته في حاشية بعض نسخ الاحتجاج بقوله: و لعلّ الرضا عليه السّلام أراد بالصّغاير الموهوبة ترك المندوبة و ارتكاب المكروه من الفعل دون الفعل القبيح و فيه أنّ ما ذكره و إن كان مقتضى أصول المذهب إلّا أنّ تأويل الرّواية به غير ممكن، لأنّ الصغائر بالمعنى الذي ذكره لا اختصاص لها بما قبل نزول الوحى حسبما ورد في الرّواية، و لا يجب العصمة عنها بعد النبوة أيضا كما يفهمه قوله عليه السّلام: فلمّا اجتبيه اللّه و جعله نبيّا كان معصوما لا يذنب صغيرة و مثل هذا الاشكال يلوح على رواية اخرى نظير تلك الرّواية، و هي ما رواه في العيون أيضا باسناده عن أبي الصّلت الهروى قال لمّا جمع المأمون لعليّ بن موسى الرّضا عليهما السلام أهل المقالات من أهل الاسلام و الدّيانات من اليهود و النّصارى و المجوس و الصّابئين و ساير أهل المقالات، فلم يقم أحد إلا و قد ألزمه حجّته كأنّه ألقمه حجرا، قام إليه عليّ بن محمّد بن الجهم، فقال له يابن رسول اللّه: أتقول: بعصمة الأنبياء عليهم السلام قال عليه السّلام: نعم، قال: فما تقول بقول اللّه: (وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ).

إلى أن قال: فقال الرّضا عليه السّلام: ويحك يا عليّ اتّق اللّه و لا تنسب إلى أنبياء اللّه الفواحش و لا تتأوّل كتاب اللّه برأيك فانّ اللّه عزّ و جل قد قال: (وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ).

و أمّا قوله عزّ و جلّ في آدم: و عصى آدم ربه فغوى فانّ اللّه عزّ و جلّ خلق آدم حجّة في أرضه و خليفة في بلاده، لم يخلقه للجنّة و كانت المعصية من آدم في الجنّة لا في الأرض و عصمته يحب أن يكون في الأرض ليتمّ مقادير أمر اللّه، فلمّا اهبط إلى الأرض و جعل حجّة و خليفة عصم بقوله عزّ و جلّ: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ).

الحديث، و عسى أن يكون للرّوايتين تأويل عند غيرى و فوق كلّ ذى علم عليم هذا و يلوح على الرّواية الاولى إشكال آخر و هو أنّه عليه السّلام قد ذكر أنّ المشار إليها بقوله و لا تقربا هذه الشّجرة شجرة الحنطة، و لم يقل لهما: لا تأكلا من هذه الشّجرة، و لا ممّا كان من جنسها فلم يقربا هذه و إنّما أكلا من غيرها بتدليس ابليس.

و حاصل الاشكال أن يقال: المشار إليها بهذه إمّا أن تكون شخص الشجرة، و إمّا أن تكون نوعها، فعلى الأوّل لا يكون أكله من غيرها ممّا هي من نوعها تركا للأولى على مذهبنا و ذنبا على مذهب غيرنا، فأىّ توبيخ كان من اللّه سبحانه عليه في فعله ذلك، و على الثّاني كيف يمكن تدليس الشّيطان لهما بقوله: انّما نهيكما ربّكما عن هذه الشّجرة و ما نهيكما أن تقربا غيرها حسبما ورد في الرّواية مضافا إلى أنّ اللّازم على اللّه سبحانه نصب القرينة على إرادة النّوع، بأن يقول: و لا تقربا هذه الشّجرة و لا غيرها ممّا كان من نوعها، لقبح الاغراء بالجهل و تأخير البيان عن وقت الحاجة.

و يمكن رفع الاشكال بأن يقال: إنّ المنهيّ عنه إنّما كان نوع الشّجرة، و كلمة هذه قد يشار بها إلى الشخص، و قد يشار بها إلى النّوع، فقوله: و لا تقربا هذه الشّجرة، مع عدم نصب القرينة من قبيل الخطاب بالمجمل لا أنّ الخطاب مجمل بل متعلّق الخطاب أعني المكلّف به مردّد بين الكلّي و الفرد، و نفس الخطاب أعني التّكليف بالاجتناب معلوم، فاللّازم على آدم عليه السّلام حينئذ هو الاحتياط بالاجتناب عن جميع الأفراد، و قد دلسه الشّيطان و أوقعه في خلاف الاحتياط المقتضي للاجتناب، و قال له إنّ اللّه حيث لم ينصب قرينة على ارادة النّوع فقد أباح النّوع إلّا الفرد الخاصّ فأكل من غير ذلك الفرد و استحقّ التّوبيخ، و هذا ليس من قبيل الاغراء بالجهل، و لا من قبيل تاخير البيان عن وقت الحاجة، إذ نفس التكليف قد كان معلوما بالعلم التّفصيلي لا جهالة فيه أصلا، و لا حاجة له إلى البيان غاية الأمر كون المكلف به مجملا مردّدا بين أمرين و العقل حاكم فيه بوجوب الاحتياط بترك المحتملات، هذا ما نقده الخاطر القاصر في المقام، و العلم بحقايق الأمور و الأحكام للّه و لاوليائه الكرام عليهم السّلام.

الترجمة

پس از آن ساكن گردانيد حق سبحانه و تعالى جناب آدم على نبينا و آله و عليه السلام را در سرائى كه وسيع نمود در آن عيش او را، و ايمن ساخت در آن محل او را از مكاره و آفات، و بترسانيد او را از ابليس لعين و دشمنى او، پس فريفته ساخت او را دشمن او بجهت بخل و حسد او بسكون او در سراى اقامت كه بهشتست و به رفيق شدن او با نيكوكاران كه ملائكه مقربين اند، پس بفروخت يقين بعداوت ابليس را بشك در عداوت بجهت قسم خوردن او بخداوند كه من از ناصحين هستم، و بفروخت عزيمت و اهتمامى كه داشت در نخوردن از شجره بوهن و سستى خود كه عارض شد او را بجهة تدليس ابليس، و استبدال كرد و بدل نمود فرح و سرور را بخشيت و ترس، و عزت و بزرگى را بندامت و پريشانى.

الفصل الثالث عشر

ثمّ بسط اللّه له في توبته، و لقّيه كلمة رحمته، و وعده المردّ إلى جنّته.

اللّغة

(التّوبة) الانابة و أصلها الرّجوع عمّا سلف و النّدم على ما فرط و (لقيه) ألقاه من باب تعب لقيا استقبله و كلّ شي ء استقبل شيئا أو صادفه فقد لقيه قال الطبرسي (ره) في تفسير: فتلقى آدم من ربه كلمات: التّلقي نظير التلقن يقال: تلقيت منه أى أخذت و قبلت، و أصله من لقيت خيرا فيعدى إلى مفعول واحد ثم يعدي إلى مفعولين بتضعيف العين، نحو لقّيت زيدا خيرا كقوله تعالى: «وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً» أقول: و مثله قول الامام عليه السّلام: و لقّيه كلمة رحمته، و حكى الفخر الرازى عن القفال قال: أصل التّلقي التعرض للقادم«» يوضع في موضع الاستقبال للشّي ء الجائي، ثم يوضع موضع القبول و الأخذ قال اللّه: (وَ إِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ).

عَلِيمٍ).

أى تلقّنه، و يقال: تلقينا الحاج أى استقبلناه، و يقال: تلقيت هذه الكلمة من فلان أى أخذتها منه، و إذا كان هذا أصل الكلمة و كان من تلقى رجلا فتلاقيا لقى كلّ واحد صاحبه فاضيف الاجتماع إليهما معا، صلح أن يشتركا في الوصف بذلك، فيقال: كلّ ما تلقيته فقد تلقاك، فجاز أن يقال: تلقى آدم كلمات أى أخذها و وعاها و استقبلها بالقبول، و جاز أن يقال تلقى كلمات بالرّفع على معنى جائته عن اللّه كلمات و (المردّ) كالردّ مصدر من ردّه إذا صرفه.

الاعراب

مفعول بسط محذوف، و التّقدير بسط اللّه له بساط رحمته و كرامته في توبته، بأن جعلها مقترنة بالقبول، و على ما في بعض النّسخ من انتفاء كلمة له يجوز جعل بسط بمعنى سرّ يقال: بسط فلانا، أى سره فالمفعول حينئذ الضّمير المحذوف الرّاجع إلى آدم عليه السّلام.

المعنى

(ثم) إنّ آدم عليه السّلام لمّا اغترّه عدوّه و أكل من الشّجرة و ارتكب خلاف الأولى و استبدل الاعتزاز بالندم (بسط اللّه له) بساط رحمته و كرامته (في توبته) بأن ألهمها إليه و تقبلها بقبول حسن (و لقّيه) أى لقنه (كلمة رحمته) التي اشير إليها في قوله سبحانه: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).

(و وعده المردّ) و الرّجوع (الى جنّته) كما قال سبحانه في سورة البقرة: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) و في سورة طه (قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا).

تنبيهات

الاول أنّ ظاهر كلام الامام عليه السّلام كون توبة آدم قبل الاهباط من الجنّة

حيث عطف الاهباط على بسط التّوبة، و هو مقتضى التّرتيب الذكري في الآية من سورة طه، قال سبحانه: (وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً). حيث جعل الأمر بالهبوط بعد التوبة قال الشّارح المعتزلي و ذلك أحد قولي المفسرين اه، و لكن الأشهر أنّ التّوبة كانت بعد الهبوط كما ورد في سورة البقرة قال سبحانه: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَ قُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).

و الأقوى عندي كون التّوبة بعد الاهباط على ما ورد في سورة البقرة، فيكون كلام الامام عليه السّلام من قبيل التقديم و التّأخير، و التقدير فاستبدل بالجذل و جلا و بالاعتزاز ندما فأهبطه اللّه إلى دار البليّة و تناسل الذّريّة، ثمّ بسط في توبته و لقّيه كلمة رحمته.

فان قلت: مقتضى النّظم حسبما ذكرت في إحدى الآيتين مخالف للاخرى ظاهرا فما الدّليل على ترجيح ما يستفاد من آية البقرة ثم على تقدير وجود الدّليل ما السّر في تقديم التّوبة على الاهباط في آية طه قلت: أمّا السّر فيما ذكر فلعلّه هو أنّه سبحانه لما نسب إلى آدم العصيان و الغيّ الظاهرين في صدور الذّنب الموهمين للافتضاح و سقوطه عن رتبة النّبوة و الاصطفاء كما سبق إلى ذوي الافهام القاصرة و العقول النّاقصة من العامة العمياء (ج 7) فانّهم و إن لم يقرّوا بذلك إلّا أنّه لازم كلامهم نظرا إلى أنّ المذنب لا يكون نبيّا كما عرفت في الفصل السّابق، اقتضى«» الحال و المقام أن يعقّبه بما يوجب دفع ذلك التّوهم و ينبه على أنّ صدور ذلك لم يوجب انحطاط رتبته بحيث يسلبه التّوفيق و الألطاف الخفيّة بالكلّية، و يكون موجبا للخذلان و الحرمان فعقّبه من دون فصل بما أفاد كونه مجتبى و مرتضى، و أن صدور ذلك الفعل لم يسقطه عن الاستعداد و القابليّة للعناية الرّبانية، كما قدم الاجتباء على التّوبة لذلك السر أيضا و هو زيادة إشعاره بدفع ذلك التّوهم فاقتضى الحال تقديمه و أمّا سورة البقرة فقد جرت الحكاية فيها على ما هو الأصل فيها من المطابقة للمحكى، و هذا السّر ممّا لم يسبق إليه أحد غيرى من العلماء و المفسرين و اللّه العالم.

و أمّا الدّليل على تقدّم الاهباط على التّوبة فهو الأخبار الكثيرة منها ما رواه عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسيره عن الصّادق عليه السّلام قال: فاهبط آدم على الصفا، و إنّما سميت الصفا لأنّ صفوة اللّه نزل عليها و نزلت الحوّاء على المروة «و انما سميت المروة ظ» لأنّ المرأة نزلت عليها، فبقي آدم أربعين صباحا ساجدا يبكي على الجنّة فنزل عليه جبرئيل فقال يا آدم: ألم يخلقك اللّه بيده و نفخ فيك من روحه و أسجد لك ملائكته قال: بلى، قال: و أمرك أن لا تأكل من الشّجرة فلم عصيته قال: يا جبرئيل إنّ إبليس حلف لي باللّه انه لي ناصح و ما ظننت أن أحدا من خلقه يحلف باللّه عزّ و جل كاذبا، فقال له جبرئيل: يا آدم تب إلى اللّه.

و منها ما رواه أيضا باسناده عنه عليه السّلام، قال: إنّ آدم بقي على الصّفا أربعين صباحا ساجدا يبكي على الجنّة، و على خروجه من جوار اللّه عزّ و جلّ، فنزل جبرئيل فقال: يا آدم مالك تبكي فقال: يا جبرئيل ما لي لا أبكي و قد أخرجني اللّه من جواره و أهبطني إلى الدّنيا، فقال: يا آدم تب إليه الحديث و يأتي بتمامه إنشاء اللّه في أواخر الخطبة«» عند شرح اعلام الحجّ و منها ما رواه في البحار عن معاني الأخبار عن العجلي عن ابن زكريّا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن محمّد بن سنان عن المفضّل قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام إنّ اللّه تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من بعدهم صلوات اللّه عليهم فعرضها على السّماوات و الأرض و الجبال، فغشيها نورهم فقال اللّه تبارك و تعالى للسماوات و الأرض و الجبال: هؤلاء أحبّائي و أوليائي و حججي على خلقي و أئمة بريّتي، ما خلقت خلقا هو أحبّ إلىّ منهم و لهم و لمن تولّاهم خلقت جنّتي، و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري، فمن ادّعى منزلتهم منّي و محلّهم من عظمتي عذّبته عذابا لا اعذبه احدا من العالمين، و جعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري و من أقرّ بولايتهم و لم يدّع منزلتهم منّي و مكانهم من عظمتي جعلته معهم (معى خ ل) في روضات جناني و كان لهم فيها ما يشاءون عندي، و أبحتهم كرامتي و أحللتهم جواري و شفعتهم في المذنبين من عبادي و إمائي، فولايتهم أمانة عند خلقي فأيّكم يحملها بأثقالها و يدّعيها لنفسه دون خيرتي فأبت السّماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها و أشفقن من ادّعاء منزلتها و تمنّى محلّها من عظمة ربّها، فلمّا أسكن اللّه آدم و زوجته الجنّة قال لهما: (كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ).

يعني شجرة الحنطة (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ).

فنظرا إلى منزلة محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من بعدهم عليهم السّلام فوجداها أشرف منازل أهل الجنّة فقالا: يا ربّنا لمن هذه المنزلة فقال اللّه جلّ جلاله: ارفعا رؤوسكما إلى ساق عرشي فرفعا رؤوسهما فوجدا اسم محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم صلوات اللّه عليهم مكتوبا على ساق العرش بنور من نور الجبّار جل جلاله، فقالا: يا ربّنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك، و ما أحبّهم إليك و ما أشرفهم لديك فقال اللّه جلّ جلاله: لولاهم ما خلقتكما فهؤلاء خزنة علمي و امنائي على سرّي إيّاكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد و تتمنيا منزلتهم عندي و محلّهم من كرامتي فتدخلا بذلك في نهيي و عصياني فتكونا من الظالمين، قالا ربّنا و من الظالمون قال: المدّعون لمنزلتهم بغير حقّ، قالا ربّنا فأرنا منازل ظالميهم حتّى نراها كما رأينا منزلتهم فى جنّتك، فأمر اللّه تبارك و تعالى النّار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النّكال و العذاب، و قال اللّه عزّ و جلّ مكان الظالمين لهم المدّعين لمنزلتهم فى أسفل درك منها: (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها) و كلما نضجت جلودهم بدلوا سواها ليذوقوا العذاب يا آدم و يا حوّاء لا تنظرا إلى أنواري (ابرارى خ ل) و حججى بعين الحسد فاهبطكما عن جواري و احل بكما هوانى ( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَ قالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ).

و حملهما على تمنّى منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتّى أكلا من شجرة الحنطة فعاد مكان ما اكلا شعيرا فاحمل الحنطة ممّا لم ياكلاه و أصل الشعير كلّه ممّا عاد مكان ما أكلاه فلمّا أكلا من الشّجرة طار الحلّي و الحلل عن اجسادهما و بقيا عريانين (وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ).

قال اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش، فلمّا أراد اللّه عزّ و جلّ أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل فقال لهما: إنّكما ظلمتما أنفسكما بتمنّي منزلة من فضّل عليكما، فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار اللّه عزّ و جلّ إلى أرضه فاسألا ربّكما بحقّ الاسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتّى يتوب عليكما، فقالا: اللهمّ إنّا نسألك بحقّ الأكرمين عليك: محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة إلا تبت علينا و رحمتنا، فتاب اللّه عليهما إنّه هو التّواب الرّحيم، فلم تزل أنبياء اللّه بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة و يخبرون بها

أوصيائهم و المخلصين من أممهم، فيأبون حملها و يشفقون من ادّعائها و حملها الانسان الذي قد عرف فأصل كلّ ظلم منه إلى يوم القيامة و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا).

قال المجلسي (ره) الانسان الذي عرف هو ابو بكر هذا و الأخبار في هذا الباب كثيرة، و الاستقصاء فيها موجب للاطالة و فيما ذكرناه كفاية إنشاء اللّه.

و بقي الكلام في مدة بكاء آدم على الجنّة و المستفاد من روايتي عليّ بن إبراهيم السالفتين أنّه بكى أربعين صباحا و في رواية الصّدوق في العيون عن الرّضا عن آبائه عليهم السّلام في أسألة الشّامي عن أمير المؤمنين عليه السّلام بالكوفة، قال: و سأله«» عن بكاء آدم على الجنّة و كم كانت دموعه التي خرجت من عينيه فقال عليه السّلام: بكى مأئة سنة و خرج من عينه اليمنى مثل الدّجلة و العين الاخرى مثل الفرات و في الأنوار للمحدّث الجزائري أخذا عن الأخبار، ثمّ إنّ آدم و حوّاء أنزلا من السّماوات على جبل في شرقي الهند، يقال له: باسم و في رواية اخرى يقال له: سر انديب، و هو في الاقليم الأوّل ممّا يلي معدّل النّهار، و قد كانت حوّاء ضفرت رأسها في الجنّة، فقالت: ما أصنع بهذه الضفيرة و أنا مغضوب علىّ، ثمّ إنّها حلّت ضفرتها و في خبر آخر أنّها حلّت عقيصة واحدة فأطارت الرّيح ذلك الطيب في بلاد الهند، فمن ثمّ كان أكثر الطيب منه.

ثمّ أتى جبرئيل فأخذ آدم إلى مكّة ليعلمه المناسك، فطوى له الأرض قصار موضع قدميه عمران، و ما بينهما خراب فأهبط آدم على الصّفا و به سمي لهبوط صفيّ اللّه عليه و حوّاء على المروة و به سمّيت لنزول المرأة و هي حوّاء عليها، فبكى آدم على ما وقع منه و على فراق الجنّة ثلاثمائة سنة من أيّام الدّنيا و في«» أيّام الآخرة يوم كألف سنة ما بين العصر إلى العشاء، و بكى حتّى صار على خدّيه كالنّهرين، فخرج من عينه اليمنى دموع مثل دجلة، و من عينه اليسرى مثل الفرات، ثمّ إنّ آدم رأى حوّاء يوم الثّامن من شهر ذي الحجّة فلم يعرفها ذلك اليوم لشعث أحوالهما و طول أحزانهما، فتروّى و تفكّر ذلك، ثمّ إنّه عرفها يوم التّاسع، فمن ثمّ سمّي يوم الثّامن يوم التّروية و التّاسع يوم عرفة، و لمّا لم تقبل توبته في تلك السّنين و الأعوام أتى إليه جبرائيل، فقال: يا آدم ادع اللّه بالأسماء التي رأيتها مكتوبة على ساق العرش بسطور النّور و قل: اللّهم بحقّ محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة الطاهرين أن تقبل توبتي و لعلّ المحدّث المذكور قد أخذ تقدير مدّة البكاء بما ذكره ممّا رواه الصّدوق في الفقيه فى باب علّة وجوب الصّلاة الخمس عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: و أما صلاة العصر فهى السّاعة التي أكل آدم فيها من الشّجرة فأخرجه اللّه من الجنّة فأمر اللّه ذريته بهذه الصّلاة إلى يوم القيامة.

و اختارها لامتي فهي من أحب الصّلاة الى اللّه عزّ و جلّ، و أوصاني أن أحفظها من بين الصّلوات، و أمّا صلاة المغرب فهي السّاعة التي تاب اللّه فيها على آدم، و كان ما بين ما أكل من الشجرة و بين ما تاب اللّه عليه ثلاثمأة سنة من أيّام الدّنيا، و في أيام الاخرة يوم كألف سنة ما بين العصر إلى العشاء، فصلّى آدم ثلاث ركعات ركعة لخطيئته و ركعة لخطيئة حواء و ركعة لتوبته الحديث، و يأتي بتمامه انشاء اللّه في شرح الخطبة المأة و التاسعة هذا.

و لا بأس باختلاف هذه الأخبار في مدّة أيام البكاء زيادة (الزائد خ) و نقصانا، (الناقص خ) لامكان حمل الأقلّ على الشّديد و الأكثر على الخفيف و المراد بالشديد هو ما يشتمل على النوح، و يقال له: البكاء بالمدّ و الثّاني بالقصر،

الثاني اختلف الأقوال كالأخبار في الكلمات التي تلقاها آدم من ربّه

التي أشار إليها الامام عليه السّلام بقوله: و لقاه كلمة رحمته.

فقيل إنّ المراد بها هي قوله: ربّنا ظلمنا أنفسنا الاية.

و قيل هي سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر.

و عن ابن عبّاس إنّ اللّه علّم آدم و حواء أمر الحج و الكلمات التي يقال فيه، فحجا، فلما فرغا أوحى اللّه تعالى إليهما أنّي قد قبلت توبتكما.

و في الكافي عن أحدهما عليه السّلام أنّ الكلمات: لا إله إلّا أنت سبحانك اللّهمّ و بحمدك عملت سوء و ظلمت نفسي فاغفر لي و أنت خير الغافرين، لا إله إلّا أنت سبحانك اللّهمّ و بحمدك عملت سوء و ظلمت نفسي فاغفر لي و ارحمني إنّك أنت أرحم الرّاحمين، لا إله إلّا أنت سبحانك اللّهمّ و بحمدك عملت سوء و ظلمت نفسي فاغفر لي و تب علىّ إنّك أنت التّوّاب الرّحيم.

و في أكثر أخبارنا أنّ المراد بها الأسماء المباركة لمحمد و آل محمّد سلام اللّه عليهم التي توسّل آدم بها إلى اللّه سبحانه في قبول توبته، و لا منافاة بينها لامكان تلقى الجميع و إن كان الأقوى الأخير لقوّة أدلّته عددا و سندا.

فمن تلك الأدلة رواية معاني الأخبار السّالفة فى التذييل الأوّل.

و منها ما عن تفسير الامام عليه السّلام لما زلت من آدم الخطيئة و اعتذر إلى ربّه عزّ و جلّ قال يا ربّ: تب علىّ و اقبل معذرتي فلقد تبين نقص الخطيئة و ذلّها بأعضائى و ساير بدنى، قال اللّه تعالى يا آدم: أما تذكر أمرى إياك بأن تدعوني بمحمد و آله الطيبين عليهم السلام عند شدائدك و دواهيك و في النّوازل تبهظك«»، قال آدم يا ربّ بلى، قال اللّه عزّ و جلّ: فهم محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام خصوصا فادعنى أجبك إلى ملتمسك و ازدك فوق مرادك، قال آدم: يا ربّ الهى و قد بلغ عندك من محلّهم أنك بالتّوسل بهم تقبل توبتي و تغفر خطيئتي و أنا الذي أسجدت له ملائكتك و أبحته جنّتك و زوّجته حوّاء أمتك و أخدمته كرام ملائكتك، قال اللّه تعالى: يا آدم إنّما امرت الملائكة بتعظيمك بالسّجود لك إذ كنت وعاء لهذه الأنوار و لو كنت سألتني بهم قبل خطيئتك أن أعصمك و أن افطنك لدواعي عدوّك إبليس حتّى تحترز منها لكنت قد جعلت ذلك، و لكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي فالان فبهم فادعني لاجيبك، فعند ذلك قال آدم: اللّهم بجاه محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الطيبين من آلهم لمّا تفضّلت بقبول توبتي و غفران زلتي و إعادتي من كراماتك إلى مرتبتي، قال اللّه عزّ و جلّ: قد قبلت توبتك و أقبلت برضواني عليك و صرفت آلائي و نعمائي إليك و أعدتك إلى مرتبتك من كراماتي و وفرت نصيبك من رحماتي، فذلك قوله عزّ و جلّ «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» و منها ما في البحار عن معاني الأخبار باسناده عن المفضّل عن الصّادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام، قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جل: «وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ».

ما هذه الكلمات قال عليه السّلام: هي الكلمات التي تلقّيها آدم من ربه فتاب عليه و هو أنّه قال: يا ربّ أسألك بحقّ محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين إلا تبت علىّ، فتاب اللّه عليه إنّه هو التّواب الرّحيم، فقلت: يابن رسول اللّه فما يعني عزّ و جلّ بقوله أتمهنّ، قال: يعني أتمّهنّ إلى القائم إثنا عشر إماما، تسعة من ولد الحسين عليه السّلام قال المفضّل: فقلت له: يا بن رسول اللّه، فأخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ:

(وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ).

قال: يعني بذلك الامامة جعلها اللّه في عقب الحسين عليه السّلام إلى يوم القيامة قال: فقلت له: يابن رسول اللّه فكيف صارت الامامة في ولد الحسين دون الحسن و هما جميعا ولدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سبطاه و سيّدا شباب أهل الجنّة فقال: إنّ موسى و هارون كانا نبيّين و مرسلين أخوين، فجعل اللّه النّبوة في صلب هارون دون صلب موسى و لم يكن لأحد أن يقول: لم فعل اللّه ذلك، فانّ الامامة خلافة اللّه عزّ و جلّ ليس لأحد أن يقول: لم جعلها اللّه في صلب الحسين دون صلب الحسن عليهما السّلام، لأنّ اللّه هو الحكيم في أفعاله لا يسأل عمّا يفعل و هم يسألون و منها ما فيه أيضا عن جامع الأخبار و أمالي الصّدوق بالاسناد عن معمر بن راشد، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أتى يهودي النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقام بين يديه يحدّ النظر إليه، فقال صلّى اللّه عليه و آله: يا يهودي حاجتك قال: أنت أفضل أم موسى بن عمران النّبيّ كلّمه اللّه و أنزل عليه التّوراة و العصا و فلق له البحر و أظلّه بالغمام فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّه يكره للعبد أن يزكي نفسه و لكنّي أقول: إنّ آدم لمّا أصاب الخطيئة كان توبته أن قال: اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا«» غفرت لي فغفرها اللّه له، و إنّ نوحا لمّا ركب في السّفينة و خاف الغرق، قال: اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا أنجيتني من الغرق فنجاه اللّه، و إنّ إبراهيم لمّا القي في النّار قال: اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا أنجيتني منها فجعلها اللّه عليه بردا و سلاما، و إنّ موسى لمّا ألقى عصاه و أوجس في نفسه خيفة قال: اللهمّ إنّى أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا أمنتنى، فقال اللّه جلّ جلاله: لا تخف إنّك أنت الأعلى يا يهودي إنّ موسى لو أدركنى ثمّ لم يؤمن بى و بنبوّتى ما نفعه ايمانه شيئا و لا نفعته النّبوة، يا يهودي و من ذريّتي المهدي عليه السّلام إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته فقدّمه و صلّى خلفه إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة، تركناها مخافة الاطناب، و قد عقد المحدث العلامة المجلسى طاب ثراه فى البحار بابا فى أنّ دعاء الأنبياء استجيب بالتّوسل و الاستشفاع بهم صلوات اللّه عليهم أجمعين

الثالث فى تحقيق توبة الأنبياء على وجه لا ينافي العصمة

فنقول: قد عرفت فى الفصل السّابق أنّ الأنبياء عليهم السّلام معصومون من أوّل عمرهم إلى آخره، و أنّه لم يصدر منهم ذنب قطّ لا صغيرة و لا كبيرة لا فى الصغر و لا فى الكبر و لا قبل البعثة و لا بعد البعثة لا على سبيل العمد و لا على سبيل السّهو و الخطاء، على ما ذهبت اليه أصحابنا رضى اللّه عنهم، و عند ذلك احتاجوا إلى تأويل ما ورد فى الكتاب العزيز من الآيات الدّالة على توبتهم، و كذلك ما ورد فى الأخبار فمن توبة النبي صلّى اللّه عليه و آله مثل ما رواه فى الكافى باسناده عن أبى عبد اللّه عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يتوب إلى اللّه عزّ و جلّ كلّ يوم سبعين مرّة و ما رواه الطبرسى فى مجمع البيان عن أمّ سلمة قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله باخره لا يقوم و لا يقعد و لا يجي ء و لا يذهب إلا قال سبحان اللّه و بحمده أستغفر اللّه و أتوب إليه فسألناه عن ذلك، فقال إنّى أمرت بها ثمّ قرء (إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ).

إلى آخر السّورة و كذلك ما ورد من توبة الأئمة عليهم السلام كما فى الأخبار الكثيرة و الأدعيّة المأثورة، و كفاك شاهدا أدعيّة الصّحيفة السّجادية و لا سيّما دعاء التّوبة و دعاء الاستقالة المتضمنة للاعتراف بالذنوب و المعاصى إذا عرفت ذلك فأقول: قد أجاب عنه أكثر الأصحاب بأنّ ترك المندوب و فعل المكروه ربّما يسمّى ذنبا فيجوز التوبة حينئذ قال الطبرسى (ره): و عندنا يصحّ التوبة إذا كانت من ترك المندوب و يكون ذلك على وجه الرّجوع إلى فعله، و على هذا يحمل توبة الأنبياء فى جميع ما نطق به القرآن و قد أجيب عن استغفار النّبيّ و الأئمة عليهم السّلام و توبتهم مضافا إلى ما مرّ بوجوه خاصّة أحدها أنّه لتعليم الأمة و تأديبهم و تنبيههم على كيفيّة الاقرار و الاعتراف بالتقصير و الذنوب و الاستغفار و التّوبة الثاني أنّه من قبيل التّواضع و الاعتراف بالعبودية و أنّ البشر مظنّة التقصير الثّالث أنّ الاعتراف بالذّنوب و الاستغفار منها إنّما هو على تقدير وقوعها، و المعنى إن صدر منّي شي ء من هذه الامور فاغفره لي، و قد تقرّر أنّه لا يلزم من صدق الشّرطيّة صدق كلّ واحد من جزئيها الرّابع أنّهم يتكلمون على لسان أمّتهم و رعيّتهم، فاعترافهم بالذّنوب اعتراف بذنوب امّتهم، لأنّ كلّ راع مسئول عن رعيّته و إنّما أضافوا الذّنوب إلى أنفسهم المقدسة للاتّصال و السّبب، و لا سبب أوكد ممّا بين الرّسول أو الامام عليه السّلام و بين امّته و رعيّته، ألا ترى أنّ رئيس القوم إذا وقع من قومه هفوة أو تقصير قام هو في الاعتذار منهم و نسب ذلك إلى نفسه و إذا اريد عتابهم و توبيخهم وجّه الكلام إليه دون غيره منهم، و إن لم يفعل هو ذلك بل و لا شهده و هذا في الاستعمال معروف أقول: و يؤيّد هذا الوجه ما رواه القمّي عن الصّادق عليه السّلام في قوله تعالى: «لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ» قال عليه السّلام: و اللّه ما كان له ذنب و لا همّ بذنب، و لكنّ اللّه حمله ذنوب شيعته ثمّ غفرها و في المجمع عنه أنّه سئل عنها، فقال عليه السّلام: و اللّه ما كان له ذنب، و لكنّ اللّه سبحانه ضمن له أن يغفر ذنوب شيعة علي ما تقدّم من ذنبهم و ما تأخّر، قال بعض أهل المعرفة: قد ثبت عصمته فلم يبق لاضافة الذّنب إليه إلّا أن يكون هو المخاطب و المراد امّته كما قيل: إيّاك أدعو و اسمعي يا جاره الخامس ما ذكره الشّيخ عليّ بن عيسى الاربلي (ره) في كشف الغمّة و استحسنه أكثر من تأخّر عنه كالمحدّث المجلسي (ره) و الشّيخ البهائي في شرح الأربعين و الطريحى و شارح الصّحيفة السيّد صدر الدين عليّ الحسيني و غيرهم من متصدّي الأخبار قال (ره) فائدة سنية كنت أرى الدّعاء الذي كان يقوله أبو الحسن عليه السّلام في سجدة الشّكر و هو«» «ربّ عصيتك بلساني و لو شئت و عزّتك لأخرستني و عصيتك ببصري و لو شئت و عزّتك لأكمهتني و عصيتك بسمعي و لو شئت و عزّتك لأصممتني و عصيتك بيدي و لو شئت و عزّتك لكنعتني و عصيتك بفرجي و لو شئت و عزّتك لعقمتني و عصيتك برجلي و لو شئت و عزّتك لجذمتني و عصيتك بجميع جوارحي الّتي أنعمت بها عليّ و لم يكن هذا جزاك منّي».

بخط عميد الرّوساء لعقمتني و المعروف عقمت«» المراة و عقمت و عقمت و أعقمها اللّه.

فكنت أفكّر في معناه و أقول: كيف يتنزّل على ما يعقده الشيعة من القول بالعصمة، و ما اتّضح لي ما يدفع التردّد الذي يوجبه، فاجتمعت بالسيّد السّعيد النّقيب رضي الدّين ابي الحسن عليّ بن موسى الطاوس الحسني رحمه اللّه و ألحقه بسلفه الطاهر، فذكرت له ذلك فقال: إنّ الوزير السّعيد مؤيد الدين القمي رحمه اللّه سألني عنه، فقلت: كان يقول هذا ليعلم النّاس، ثم إني ذكرت بعد ذلك فقلت: هذا كان يقوله في سجدته في اللّيل و ليس عنده من يعلّمه، ثم سألني الوزير مؤيد الدّين محمّد بن العلقمى ره فاخبرته بالسؤال و الجواب الأوّل الذي قلت و الذي أوردته عليه و قلت: ما بقي إلّا أن يكون يقوله على سبيل التّواضع، و ما هذا معناه، فلم يقع منّى هذه الأقوال بموقع و لا حلّت من قلبي في موضع، و مات السيّد رضي الدّين رحمه اللّه، فهداني اللّه إلى معناه و وقفنى على فحواه، فكان الوقوف عليه و العلم به و كشف حجابه بعد السنين المتطاولة و الأحوال المجرية و الادوار المكرّرة من كرامات الامام موسى عليه السّلام و معجزاته و لتصحّ نسبة العصمة إليه عليه السّلام و تصدق على آبائه و ابنائه البررة الكرام و تزول الشّبهة التي عرضت من ظاهر هذا الكلام.

و تقريره«» أنّ الأنبياء و الأئمة عليهم السّلام تكون أوقاتهم مشغولة باللّه تعالى و قلوبهم مملوّة و خواطرهم متعلّقة بالملأ الأعلى، و هم عليهم السلام أبدا في المراقبة كما قال صلّى اللّه عليه و آله: اعبد اللّه كأنّك تراه فان لم تكن تراه فانّه يراك، فهم أبدا متوجّهون إليه و مقبلون بكلهم عليه، فمتى انحطوا عن تلك الرّتبة العالية و المنزلة الرّفيعة إلى الاشتغال بالمأكل و المشرب و التّفرغ إلى النّكاح و غيره من المباحات، عدوّه ذنبا و اعتقدوه خطيئة و استغفروا منه.

ألا ترى أنّ بعض عبيد أبناء الدّنيا لو قعد و أكل و شرب و نكح و هو يعلم أنّه بمرئى من سيّده و مسمع، لكان ملوما عند النّاس و مقصرا فيما يجب عليه من خدمة سيّده و مالكه، فما ظنك بسيّد السّادات و ملك الاملاك.

و إلى هذا أشار صلّى اللّه عليه و آله: أنّه ليغان«» على قلبي و إني لأستغفر بالنّهار سبعين مرّة، و لفظة السّبعين إنّما هي لعد الاستغفار لا إلى الرّين«»، و قوله حسنات الأبرار سيئات المقرّبين.

و يزيده إيضاحا من لفظه ليكون أبلغ من التّأويل و يظهر من قوله عقمنى و العقيم الذي لا يولد له و الذي يولد من السّفاح لا يكون ولدا، فقد بان بهذه أنّه كان يعدّ اشتغاله في وقت ما بما هو ضرورة للأبدان معصية و يستغفر اللّه منها.

و على هذا فقس البواقي و كلّما يرد عليك من أمثالها، و هذا معنى شريف يكشف بمدلوله حجاب الشبه و يهدي به اللّه من حسر عن بصره و بصيرته رين العمى و العمه، و ليت السّيد (ره) كان حيّا لأهدي هذه العقيلة إليه و أجلو عرايسها عليه، فما أظنّ أنّ هذا المعنى اتّضح من لفظ الدعاء لغيري، و لا أنّ أحدا سار في ايضاح مشكله و فتح مقفّله مثل سيري. و قد ينتج الخاطر العقيم فيأتي بالعجائب، و قديما ما قيل: مع الخواطي سهم صائب انتهى كلامه رفع مقامه.

و قد اقتفى أثره القاضى ناصر الدّين البيضاوى في شرح المصابيح عند شرح قوله صلّى اللّه عليه و آله: إنّه ليغان على قلبي و إنّي لأستغفر اللّه في اليوم مأئة مرّة، قال: الغين لغة في الغيم و غان على كذا اى غطى، قال أبو عبيدة في معنى الحديث أى يتغشى قلبي ما يلبسه، و قد بلغنا عن الاصمعى أنّه سئل عن هذا، فقال للسائل: عن قلب من تروى هذا فقال: عن قلب النّبي صلّى اللّه عليه و آله، فقال: لو كان غير قلب النبي صلّى اللّه عليه و آله، لكنت افسره لك، قال القاضي و للّه درّ الاصمعى في انتهاجه منهج الأدب و إجلاله القلب الذي جعله اللّه موقع وحيه و منزل تنزيله.

ثمّ قال: لمّا كان قلب النبي صلّى اللّه عليه و آله أتمّ القلوب صفاء و أكثرها ضياء و أعرفها عرفانا و كان صلّى اللّه عليه و آله معنيا«» مع ذلك بتأسيس الملّة و تشريع السّنة ميسرا غير معسر، لم يكن له بدّ من النّزول إلى الرّخص و الالتفات إلى حظوظ النّفس مع ما كان ممتحنا به من أحكام البشرية، فكان إذا تعاطى شيئا من ذلك أسرعت كدورة إلى القلب لكمال رقّته و فرط نورانيّته، فانّ الشّي ء كلّما كان أرقّ و أصفى كان ورود المكدّرات عليه أبين و أهدى، فكان إذا أحسّ بشي ء من ذلك عدّه على النّفس دنبا فاستغفر منه انتهى ما حكى عنه ملخصا.

و قال المحدّث العلامة المجلسي طاب ثراه في المجلد السّابع من البحار: اعلم أنّ الاماميّة رضي اللّه عنهم اتفقوا على عصمة الأئمة عليهم السّلام من الذنوب صغيرها و كبيرها فلا يقع منهم ذنب أصلا لا عمدا و لا نسيانا و لا لخطاء في التّأويل و لا للاسهاء من اللّه سبحانه، و لم يخالف فيه الا الصدوق محمّد بن بابويه و شيخه ابن الوليد رحمة اللّه عليهما فانّهما جوزا الاسهاء من اللّه تعالى لمصلحة في غير ما يتعلق بالتّبليغ و بيان الأحكام، لا السهو الذي يكون من الشّيطان، و قد مرت الأخبار و الأدلة الدالة عليها في المجلد السّادس و الخامس و أكثر أبواب هذا المجلد مشحونة بما يدلّ عليها، فامّا ما يوهم خلاف ذلك من الأخبار و الأدعية فمأولة بوجوه.

الأوّل أنّ ترك المستحب و فعل المكروه قد يسمى ذنبا و عصيانا، بل ارتكاب بعض المباحات أيضا بالنسبة إلى رفعة شأنهم و جلالتهم ربّما عبروا عنه بالذّنب، لانحطاط ذلك عن ساير أحوالهم كما مرت الاشارة إليه فى كلام الاربلى (ره) الثّاني أنّهم بعد انصرافهم عن بعض الطاعات التي أمروا بها من معاشرة الخلق و تكميلهم و هدايتهم و رجوعهم عنها إلى مقام القرب و الوصال و مناجاة ذي الجلال، ربّما وجدوا أنفسهم لانحطاط تلك الأحوال عن هذه المرتبة العظمى مقصرين، فيتضرّعون لذلك و إن كان بأمره تعالى، كما أنّ أحدا من ملوك الدّنيا إذا بعث واحدا من مقربى حضرته إلى خدمة من خدماته التي يحرم بها من مجلس الحضور و الوصال، فهو بعد رجوعه يبكى و يتضرّع و ينسب نفسه إلى الجرم و التّقصير، لحرمانه عن هذا المقام الخطير.

الثالث أن كمالاتهم و فضائلهم و علومهم لما كانت من فضله تعالى، و لو لا ذلك لأمكن أن يصدر منهم أنواع المعاصى، فاذا نظروا إلى تلك الحال أقرّوا بفضل ربّهم و عجز نفسهم بهذه العبارات الموهمة لصدور السيئات، فمفادها إنى أذنبت لو لا توفيقك، و أخطأت لولا هدايتك.

الرّابع أنّهم لما كانوا فى مقام التّرقى فى الكمالات و الصّعود على مدارج الترقيات فى كلّ آن من الآنات فى معرفة الرّب تعالى و ما يتبعها من السعادات فاذا نظروا إلى معرفتهم السّابقة و عملهم معها، اعترفوا بالتّقصير و تابوا منه، و يمكن أن ينزل عليه قول النبي صلّى اللّه عليه و آله: و إنى لأستغفر اللّه فى كلّ يوم سبعين مرّة.

الخامس أنّهم عليهم السلام لما كانوا فى غاية المعرفة لمعبودهم فكلما أتوابه من الأعمال بغاية جهدهم ثم نظروا إلى قصورها عن أن يليق بجناب ربهم، عدوا طاعاتهم من المعاصى، و استغفروا منها كما يستغفر المذنب العاصى.

و من ذاق من كأس المحبّة جرعة شائقة لا يأبى عن قبول تلك الوجوه الرائقة و العارف المحب الكامل إذا نظر إلى غير محبوبه أو توجه إلى غير مطلوبه، يرى نفسه من أعظم الخاطئين، رزقنا اللّه الوصول إلى درجات المحبين.

أقول: هذا ما ذكره علماؤنا البارعون في التفصّي عن الاشكال المذكور، شكر اللّه سعيهم و أجزل مساعيهم رضوان اللّه عليهم، إلّا أنّ لي فى المقام وجها آخر و هو بحسب الظاهر قريب من بعض الوجوه السّابقة إلا أنّ نسبته إليها كنسبة الثّريا الى الثّرى كما هى غير خفيّة على صاحب الذوق السّليم و الطبع المستقيم و هو أنّك قد عرفت في التذييل الأوّل من تذييلات الفصل الثّامن من فصول هذه الخطبة، أنّ أوّل ما خلق اللّه سبحانه أنوار النبىّ و آله عليهم السّلام، كما عرفت أنّه سبحانه خلق تلك الأنوار من قبل أن يخلق العالم بالوف من السّنين، و مرّ هناك فى حديث أبى الحسن البكري أنّه سبحانه خلقها قبل إيجاد العالم بأربعة و عشرين و أربعمائة ألف عام إذا تذكرت ذلك فنقول: إنّهم قد كانوا حينئذ أنوارا بسيطة و جواهر مجرّدة عن التّعلق بالأجسام و الجسمانيّات، خالصة عن الكدورات، فارغة عن القيودات و العلاقات، مستغرقة فى تلك المدّة المتطاولة فى شهود جمال الحقّ سبحانه و تعالى مشتغلة فى جميع هذه المدّة بالتّسبيح و التّقديس و التنزيه، تارة فى حجاب القدرة و اخرى فى حجاب العظمة، و ثالثة فى حجاب العزّة، و رابعة فى حجاب الهيبة إلى غير هذه من حجب النّور المذكورة فى الحديث المذكور، ثمّ اقتضت الحكمة الرّبانيّة إهباطهم من عالم التجرّد إلى عالم التقيّد و التعلّق، فتصوّروا بالصّور الانسانيّة هداية للخلق و إرشادا للامّة، و حصلت لهم فى هذا العالم من القيودات و العلاقات ما هو مقتضى البشريّة و الجسمانيّة، و لمّا لم يتمكّنوا فى هذا العالم من الاستغراق التام و الفراغ الكامل، مثل تمكنهم فى ذلك العالم، لوجود التّعلّقات المانعة هنا و عدمها هناك، استغفروا اللّه سبحانه لذلك، و اعترفوا بالتقصير اعتراف المذنب المقصر، هذا ما خطر بالخاطر القاصر، و اللّه الهادي إلى المنهج القويم، و الصّراط المستقيم

شرح لاهیجی

ثمّ اسكن سبحانه ادم (- ع- ) دارا ارغد فيها عيشه و امن فيها محلّته يعنى جاى داد خداى سبحانه و (- تعالى- ) ادم (- ع- ) را بسرائى كه خوش گردانيد در ان سرا عيش و گذران او را و امن گردانيد در انسرا منزل او را از همه محذورات امّا اين سرا بهشتى بود از بهشتهاى دنيا كه ادم در زمين در آن تولّد يافت در وصف آن بهشت خداى (- تعالى- ) گفته است لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا و بهشت خلدى كه در قيامت وعده شده البتّه نيست زيرا كه بعد از دخول در ان بهشت خروج از آن ممكن نيست و آدم از اين بهشت خارج شد پس اين بهشت بهشت برزخ است كه مأواى ارواح مؤمنين است و در حديث است كه در سمت مغربست و آب فرات از آنجا ميايد و آفتاب بر ان بهشت طلوع و غروب ميكند لكن غير آفتاب شما و كسى كه در آنجا است آفتاب شما را نمى بيند و از آنجا كه بيرون ميايد آفتاب شما را مى بيند و حذّره ابليس و عداوته فاغترّه عدوّه نفاسة عليه بدار المقام و مرافقة الابرار يعنى خداى (- تعالى- ) ترساند ادم (- ع- ) را از دشمنى ابليس قوله (- تعالى- ) فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى پس فريب داد ادم را دشمن او از جهة ترغيب كردن ابليس بر ادم (- ع- ) بسراء برپا داشته شده يعنى هميشه و بمرافقة نيكو كاران قال اللّه (- تعالى- ) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلى و امّا حقيقت فريب و وسوسه وانمود كردن خيريّت و نفع چيزيست بر كسى و حال آن كه در واقع نافع و خير نبوده باشد و ابليس بوساطة حيّه كه نيكوترين حيوانات بهشت بود فريب داد ادم (- ع- ) را و حيّه اشاره بحياتست و چون ابليس از وراء حجاب بادم رساند كه در اكل شجره ممنوعه حيات ابديست و هر كه بخورد دائم در بهشت منعم خواهد بود و هرگز از براى او زوالى نيست و باين جهة ممنوع شده از اكل شجره و ادم بطمع حيات ابدى مرتكب اكل شجره شد پس بواسطه حيّه كه طبيعت حيات باشد فريب داد او را و ملك موكّل بحيات اسرافيلست و عالم او عالم ارواح است و باين جهة جميع ارواح جزئيّه راغب بحيات باشند و در طلب او باندك ترغيبى بدون تفكّر مى شتابند و باين جهة ادم فراموش كرد تحذير عداوت ابليس را و غافل شد و از وسوسه او فريب خورد فباع اليقين بشكّه و العزيمة بوهنه پس بسبب فريب ابليس فروخت و تبديل كرد يقين بمنفعت نخوردن شجره را بشكّ و تردّد خود در منفعت وهم تبديل كرد عزيمت و تصميم نخوردن را بر سستى و بى رغبتى خود در نخوردن و باين سبب اعتقاد كرد منفعت طرف ديگر را كه خوردن باشد و مصمّم شد بر آن و استبدل بالجذل وجلا و بالاعتزاز ندما يعنى بدل كرد بشادمانى ترس و خوف را يعنى خوف بعد از اكل را بجاى شادمانى و خرّمى كه داشت قبل از اكل گذاشت و همچنين پشيمانى و تاسّف را بجاى طلب عزّتى كه طمع داشت از گفته هاى ابليس گذاشت ثمّ بسط اللّه سبحانه له فى توبته و لقّاه كلمة رحمته يعنى بعد از آن كه خوف خداى (- تعالى- ) و پشيمانى از كرده خود در او پيدا شد پس قرار داد بساطى از براى او در توبه او يعنى او را متمكّن در توبه ساخت چه توبه نيست الّا پشيمانى و ندم و از براى قبول توبه او بخاطرش اورد كلمه رحمت و بخشش را كه در اوّل خلقت اشباح و تمثال انرا ديده بود در عرش و تحقيق كرده بود و خداى (- تعالى- ) گفته بود كه اينها را شفيع كن در وقتى كه از براى تو داهيه روى دهد و انها خمسة النّجباء بودند و وعده المردّ الى جنّته در اين مقام حذف و ايصالى است يعنى بعد از آن كه بخاطر اورد كلمه رحمت را و انها را شفيع خود ساخت قبول كرد خداى (- تعالى- ) توبه او را و وعده داد باو ردّ كردن بسوى جنّت او را يعنى جنّتى كه مماثل او باشد اگر چه بسيار بهتر از ان باشد يا جنّتى را كه بعد از توبه مالك و مستحقّ شد و الّا ردّ بجنّت اوّل كه در او بود البتّه نشد فاهبطه الى دار البليّة و تناسل الذّرّيّة يعنى پس بعد از آن كه وعده ردّ بهشت داد گردانيد و قرار داد هبوط از بهشت او را هبوط بسوى دار بليّه و امتحان يعنى دائم مبتلى و ممتحن باشد تا انجاز وعد را مستحق شود و همچنين گردانيد هبوط بسوى تناسل ذريّه و احفاد و اولاد او تا اين كه منشأ نسل انبياء و اوصياء و اولياء و اتقياء گردد يعنى بعد از آن كه هبوط او هبوط حرمان بود هبوط رحمة و غفران شد و الّا اصل هبوط پيش از توبه و عفو و وعد بود

شرح ابن ابی الحدید

ثُمَّ أَسْكَنَ آدَمَ دَاراً أَرْغَدَ فِيهَا عِيشَتَهُ- وَ آمَنَ فِيهَا مَحَلَّتَهُ وَ حَذَّرَهُ إِبْلِيسَ وَ عَدَاوَتَهُ- فَاغْتَرَّهُ عَدُوُّهُ نَفَاسَةً عَلَيْهِ بِدَارِ الْمُقَامِ- وَ مُرَافَقَةِ الْأَبْرَارِ- فَبَاعَ الْيَقِينَ بِشَكِّهِ وَ الْعَزِيمَةَ بِوَهْنِهِ- وَ اسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ وَجَلًا وَ بِالِاعْتِزَازِ نَدَماً- ثُمَّ بَسَطَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ فِي تَوْبَتِهِ- وَ لَقَّاهُ كَلِمَةَ رَحْمَتِهِ وَ وَعَدَهُ الْمَرَدَّ إِلَى جَنَّتِهِ- فَأَهْبَطَهُ إِلَى دَارِ الْبَلِيَّةِ وَ تَنَاسُلِ الذُّرِّيَّةِ أما

الألفاظ فظاهرة و المعاني أظهر- و فيها ما يسأل عنه- . فمنها أن يقال الفاء في قوله ع فأهبطه- تقتضي أن تكون التوبة على آدم قبل هبوطه من الجنة- . و الجواب أن ذلك أحد قولي المفسرين- و يعضده قوله تعالى- وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى - ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى قالَ اهْبِطا مِنْها- فجعل الهبوط بعد قبول التوبة- . و منها أن يقال- إذا كان تعالى قد طرد إبليس من الجنة- لما أبى السجود- فكيف توصل إلى آدم و هو في الجنة- حتى استنزله عنها بتحسين أكل الشجرة له- . الجواب أنه يجوز أن يكون إنما منع من دخول الجنة- على وجه التقريب و الإكرام كدخول الملائكة- و لم يمنع من دخولها على غير ذلك الوجه- و قيل إنه دخل في جوف الحية كما ورد في التفسير- . و منها أن يقال كيف اشتبه على آدم الحال- في الشجرة المنهي عنها فخالف النهي- . الجواب أنه قيل له لا تقربا هذه الشجرة- و أريد بذلك نوع الشجرة فحمل آدم النهي على الشخص- و أكل من شجرة أخرى من نوعها- . و منها أن يقال هذا الكلام من أمير المؤمنين ع- تصريح بوقوع المعصية من آدم ع- و هو قوله فباع اليقين بشكه و العزيمة بوهنه- فما قولكم في ذلك- . الجواب أما أصحابنا فإنهم لا يمتنعون من إطلاق العصيان عليه- و يقولون إنها كانت صغيرة- و عندهم أن الصغائر جائزة على الأنبياء ع- و أما الإمامية فيقولون- إن النهي كان نهي تنزيه لا نهي تحريم- لأنهم لا يجيزون على الأنبياء الغلط و الخطأ- لا كبيرا و لا صغيرا- و ظواهر هذه الألفاظ تشهد بخلاف قولهم

اختلاف الأقوال في ابتداء خلق البشر

و اعلم أن الناس اختلفوا- في ابتداء خلق البشر كيف كان- فذهب أهل الملل من المسلمين و اليهود و النصارى- إلى أن مبدأ البشر هو آدم الأب الأول ع- و أكثر ما في القرآن العزيز من قصة آدم- مطابق لما في التوراة- . و ذهب طوائف من الناس إلى غير ذلك- أما الفلاسفة فإنهم زعموا أنه لا أول لنوع البشر- و لا لغيرهم من الأنواع- . و أما الهند فمن كان منهم على رأي الفلاسفة- فقوله ما ذكرناه- و من لم يكن منهم على رأي الفلاسفة- و يقول بحدوث الأجسام لا يثبت آدم- و يقول إن الله تعالى خلق الأفلاك- و خلق فيها طباعا محركة لها بذاتها- فلما تحركت و حشوها أجسام لاستحالة الخلاء- كانت تلك الأجسام على طبيعة واحدة- فاختلفت طباؤعها بالحركة الفلكية- فكان القريب من الفلك المتحرك أسخن و ألطف- و البعيد أبرد و أكثف- ثم اختلطت العناصر و تكونت منها المركبات- و منها تكون نوع البشر- كما يتكون الدود في الفاكهة و اللحم- و البق في البطائح و المواضع العفنة- ثم تكون بعض البشر من بعض بالتوالد- و صار ذلك قانونا مستمرا- و نسي التخليق الأول الذي كان بالتولد- و من الممكن أن يكون بعض البشر- في بعض الأراضي القاصية مخلوقا بالتولد- و إنما انقطع التولد- لأن الطبيعة إذا وجدت للتكون طريقا- استغنت به عن طريق ثان- . و أما المجوس فلا يعرفون آدم و لا نوحا- و لا ساما و لا حاما و لا يافث- و أول متكون عندهم من البشر البشري- المسمى كيومرث و لقبه كوشاه أي ملك الجبل- لأن كو هو الجبل بالفهلوية- و كان هذا البشر في الجبال- و منهم من يسميه كلشاه أي ملك الطين و كل اسم الطين- لأنه لم يكن حينئذ بشر ليملكهم- .

و قيل تفسير كيومرث حي ناطق ميت- قالوا و كان قد رزق من الحسن- ما لا يقع عليه بصر حيوان- إلا و بهت و أغمي عليه- و يزعمون أن مبدأ تكونه و حدوثه- أن يزدان و هو الصانع الأول عندهم أفكر في أمر أهرمن- و هو الشيطان عندهم- فكرة أوجبت أن عرق جبينه- فمسح العرق و رمى به فصار منه كيومرث- و لهم خبط طويل في كيفية تكون أهرمن من فكرة يزدان- أو من إعجابه بنفسه أو من توحشه- و بينهم خلاف في قدم أهرمن- و حدوثه لا يليق شرحه بهذا الموضع- ثم اختلفوا في مدة بقاء كيومرث في الوجود- فقال الأكثرون ثلاثون سنة- و قال الأقلون أربعون سنة- و قال قوم منهم إن كيومرث مكث في الجنة- التي في السماء ثلاثة آلاف سنة- و هي ألف الحمل و ألف الثور و ألف الجوزاء- ثم أهبط إلى الأرض فكان بها آمنا مطمئنا- ثلاثة آلاف سنة أخرى- و هي ألف السرطان و ألف الأسد و ألف السنبلة- . ثم مكث بعد ذلك ثلاثين أو أربعين سنة- في حرب و خصام بينه و بين أهرمن حتى هلك- . و اختلفوا في كيفية هلاكه- مع اتفاقهم على أنه هلك قتلا- فالأكثرون قالوا إنه قتل ابنا لأهرمن يسمى خزورة- فاستغاث أهرمن منه إلى يزدان- فلم يجد بدا من أن يقاصه به- حفظا للعهود التي بينه و بين أهرمن- فقتله بابن أهرمن- و قال قوم بل قتله أهرمن في صراع كان بينهما- قهره فيه أهرمن و علاه و أكله- . و ذكروا في كيفية ذلك الصراع- أن كيومرث كان هو القاهر لأهرمن في بادئ الحال- و أنه ركبه و جعل يطوف به في العالم إلى أن سأله أهرمن- أي الأشياء أخوف له و أهولها عنده فقال له باب جهنم- فلما بلغ به أهرمن إليها جمح به حتى سقط من فوقه- و لم يستمسك فعلاه و سأله- عن أي الجهات يبتدئ به في الأكل- فقال من جهة الرجل لأكون ناظرا إلى حسن العالم مدة ما- فابتدأه أهرمن فأكله من عند رأسه- فبلغ إلى موضع الخصي و أوعية المني من الصلب- فقطر من كيومرث قطرتا نطفة على الأرض- فنبت منها ريباستان في جبل بإصطخر- يعرف بجبل دام داذ- ثم ظهرت على تينك الريباستين الأعضاء البشرية- في أول الشهر التاسع و تمت في آخره- فتصور منهما بشران ذكر و أنثى- و هما ميشى و ميشانه- و هما بمنزلة آدم و حواء عند المليين- و يقال لهما أيضا ملهى و ملهيانه- و يسميهما مجوس خوارزم مرد و مردانه- و زعموا أنهما مكثا خمسين سنة- مستغنين عن الطعام و الشراب- متنعمين غير متأذيين بشي ء- إلى أن ظهر لهما أهرمن في صورة شيخ كبير- فحملهما على التناول من فواكه الأشجار و أكل منها- و هما يبصرانه شيخا فعاد شابا- فأكلا منها حينئذ فوقعا في البلايا و الشرور- و ظهر فيهما الحرص حتى تزاوجا- و ولد لهما ولد فأكلاه حرصا- ثم ألقى الله تعالى في قلوبهما رأفة- فولد لهما بعد ذلك ستة أبطن- كل بطن ذكر و أنثى- و أسماؤهم في كتاب أپستا- و هو الكتاب الذي جاء به زرادشت- معروفة- ثم كان في البطن السابع سيامك و فرواك فتزاوجا- فولد لهما الملك المشهور الذي لم يعرف قبله ملك- و هو أوشهنج و هو الذي خلف جده كيومرث- و عقد له التاج و جلس على السرير- و بنى مدينتي بابل و السوس- . فهذا ما يذكره المجوس في مبدأ الخلق

تصويب الزنادقة إبليس لامتناعه عن السجود لآدم

و كان في المسلمين ممن يرمى بالزندقة- من يذهب إلى تصويب إبليس في الامتناع من السجود- و يفضله على آدم- و هو بشار بن برد المرعث- و من الشعر المنسوب إليه-

النار مشرقة و الأرض مظلمةو النار معبودة مذ كانت النار

و كان أبو الفتوح أحمد بن محمد الغزالي الواعظ- أخو أبي حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي- الفقيه الشافعي- قاصا لطيفا و واعظا مفوها- و هو من خراسان من مدينة طوس- و قدم إلى بغداد و وعظ بها- و سلك في وعظه مسلكا منكرا- لأنه كان يتعصب لإبليس و يقول إنه سيد الموحدين- و قال يوما على المنبر- من لم يتعلم التوحيد من إبليس فهو زنديق- أمر أن يسجد لغير سيده فأبى-

و لست بضارع إلا إليكمو أما غيركم حاشا و كلا

- . و قال مرة أخرى لما قال له موسى أرني فقال لن- قال هذا شغلك تصطفي آدم ثم تسود وجهه- و تخرجه من الجنة و تدعوني إلى الطور- ثم تشمت بي الأعداء هذا عملك بالأحباب- فكيف تصنع بالأعداء- . و قال مرة أخرى و قد ذكر إبليس على المنبر- لم يدر ذلك المسكين أن أظافير القضاء إذا حكت أدمت- و أن قسي القدر إذا رمت أصمت- ثم قال لسان حال آدم ينشد في قصته و قصة إبليس-

و كنت و ليلى في صعود من الهوىفلما توافينا ثبت و زلت

- . و قال مرة أخرى التقى موسى و إبليس عند عقبة الطور- فقال موسى يا إبليس لم لم تسجد لآدم- فقال كلا ما كنت لأسجد لبشر- كيف أوحده ثم ألتفت إلى غيره- و لكنك أنت يا موسى سألت رؤيته ثم نظرت إلى الجبل- فأنا أصدق منك في التوحيد- .

و كان هذا النمط في كلامه ينفق على أهل بغداد- و صار له بينهم صيت مشهور و اسم كبير- و حكى عنه أبو الفرج بن الجوزي في التاريخ- أنه قال على المنبر معاشر الناس- إني كنت دائما أدعوكم إلى الله- و أنا اليوم أحذركم منه- و الله ما شدت الزنانير إلا في حبه- و لا أديت الجزية إلا في عشقه- . و قال أيضا إن رجلا يهوديا أدخل عليه ليسلم على يده- فقال له لا تسلم- فقال له الناس كيف تمنعه من الإسلام- فقال احملوه إلى أبي حامد يعني أخاه ليعلمه لا- لا المنافقين- ثم قال ويحكم أ تظنون أن قوله لا إله إلا الله- منشور ولايته ذا منشور عزله- و هذا نوع تعرفه الصوفية بالغلو و الشطح- . و يروى عن أبي يزيد البسطامي منه كثير- . و مما يتعلق بما نحن فيه ما رووه عنه من قوله-

فمن آدم في البينو من إبليس لولاكا

فتنت الكل و الكل

مع الفتنة يهواكا

- . و يقال أول من قاس إبليس فأخطأ في القياس و هلك بخطئه- و يقال إن أول حمية و عصبية ظهرت عصبية إبليس و حميته

اختلاف الأقوال في خلق الجنة و النار

فإن قيل فما قول شيوخكم في الجنة و النار- فإن المشهور عنهم أنهما لم يخلقا- و سيخلقان عند قيام الأجسام- و قد دل القرآن العزيز- و نطق كلام أمير المؤمنين ع في هذا الفصل- بأن آدم كان في الجنة و أخرج منها- . قيل قد اختلف شيوخنا رحمهم الله في هذه المسألة- فمن ذهب منهم إلى أنهما غير مخلوقتين الآن- يقول قد ثبت بدليل السمع أن سائر الأجسام تعدم- و لا يبقى في الوجود إلا ذات الله تعالى- بدليل قوله كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ- و قوله هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ- فلما كان أولا- بمعنى أنه لا جسم في الوجود معه في الأزل- وجب أن يكون آخرا- بمعنى أنه لا يبقى في الوجود- جسم من الأجسام معه فيما لا يزال- و بآيات كثيرة أخرى- و إذا كان لا بد من عدم سائر الأجسام- لم يكن في خلق الجنة و النار- قبل أوقات الجزاء فائدة- لأنه لا بد أن يفنيهما مع الأجسام- التي تفنى يوم القيامة- فلا يبقى مع خلقهما من قبل معنى- و يحملون الآيات التي دلت على كون آدم ع- كان في الجنة و أخرج منها- على بستان من بساتين الدنيا- قالوا و الهبوط لا يدل على كونهما في السماء- لجواز أن يكون في الأرض- إلا أنهما في موضع مرتفع عن سائر الأرض- . و أما غير هؤلاء من شيوخنا فقالوا- إنهما مخلوقتان الآن- و اعترفوا بأن آدم كان في جنة الجزاء و الثواب- و قالوا لا يبعد أن يكون في إخبار المكلفين- بوجود الجنة و النار لطف لهم في التكليف- و إنما يحسن الإخبار بذلك إذا كان صدقا- و إنما يكون صدقا إذا كان خبره على ما هو عليه

القول في آدم و الملائكة أيهما أفضل

فإن قيل فما الذي يقوله شيوخكم في آدم و الملائكة- أيهما أفضل- . قيل لا خلاف بين شيوخنا رحمهم الله- أن الملائكة أفضل من آدم و من جميع الأنبياء ع- و لو لم يدل على ذلك إلا قوله تعالى في هذه القصة- إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ- لكفى- . و قد احتج أصحابنا أيضا بقوله تعالى- لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ- وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ- و هذا كما تقول لا يستنكف الوزير أن يعظمني- و يرفع من منزلتي و لا الملك أيضا- فإن هذا يقتضي كون الملك أرفع منزلة من الوزير- و كذلك قوله وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ- يقتضي كونهم أرفع منزلة من عيسى- . و مما احتجوا به قولهم- إنه تعالى لما ذكر جبريل و محمدا ع في معرض المدح- مدح جبريل ع بأعظم مما مدح به محمدا ع- فقال إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ- مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ- وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ وَ ما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ- فالمديح الأول لجبريل و الثاني لمحمد ع- و لا يخفى تفاوت ما بين المدحين- . فإن قيل فهل كان إبليس من الملائكة أم من نوع آخر- قيل قد اختلف في ذلك- فمن قال إنه من الملائكة احتج بالاستثناء في قوله- فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ- و قال إن الاستثناء من غير الجنس خلاف الأصل- و من قال إنه لم يكن منهم احتج بقوله تعالى- إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ- . و أجاب الأولون عن هذا فقالوا- إن الملائكة يطلق عليهم لفظ الجن- لاجتنانهم و استتارهم عن الأعين- و قالوا قد ورد ذلك في القرآن أيضا في قوله تعالى- وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً

- و الجنة هاهنا هم الملائكة- لأنهم قالوا إن الملائكة بنات الله بدليل قوله- أَ فَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَ اتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً- و كتب التفسير تشتمل من هذا- على ما لا نرى الإطالة بذكره

- . فأما القطب الراوندي- فقال في هذين الفصلين في تفسير ألفاظهما اللغوية- العذب من الأرض ما ينبت و السبخ ما لا ينبت- و هذا غير صحيح لأن السبخ ينبت النخل- فيلزم أن يكون عذبا على تفسيره- . و قال فجبل منها صورة أي خلق خلقا عظيما- و لفظة جبل في اللغة تدل على خلق- سواء كان المخلوق عظيما أو غير عظيم- . و قال الوصول جمع وصل و هو العضو- و كل شي ء اتصل بشي ء فما بينهما وصلة- و الفصول جمع فصل و هو الشي ء المنفصل- و ما عرفنا في كتب اللغة أن الوصل هو العضو- و لا قيل هذا- . و قوله بعد ذلك و كل شي ء اتصل بشي ء فما بينهما وصلة- لا معنى لذكره بعد ذلك التفسير- و الصحيح أن مراده ع أظهر- من أن يتكلف له هذا التكلف- و مراده ع أن تلك الصورة ذات أعضاء متصلة- كعظم الساق أو عظم الساعد- و ذات أعضاء منفصلة في الحقيقة- و إن كانت متصلة بروابط خارجة عن ذواتها- كاتصال الساعد بالمرفق و اتصال الساق بالفخذ- . ثم قال يقال استخدمته لنفسي و لغيري- و اختدمته لنفسي خاصة- و هذا مما لم أعرفه و لعله نقله من كتاب- .

ثم قال و الإذعان الانقياد و الخنوع الخضوع- و إنما كرر الخنوع بعد الإذعان- لأن الأول يفيد أنهم أمروا بالخضوع له في السجود- و الثاني يفيد ثباتهم على الخضوع لتكرمته أبدا- . و لقائل أن يقول إنه لم يكرر لفظة الخنوع- و إنما ذكر أولا الإذعان و هو الانقياد و الطاعة- و معناه أنهم سجدوا- ثم ذكر الخنوع الذي معناه الخضوع- و هو يعطي معنى غير المعنى الأول- لأنه ليس كل ساجد خاضعا بقلبه- فقد يكون ساجدا بظاهره دون باطنه- و قول الراوندي أفاد بالثاني ثباتهم على الخضوع له- لتكرمته أبدا تفسير لا يدل عليه اللفظ- و لا معنى الكلام- . ثم قال قبيل إبليس نسله- قال تعالى إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ- و كل جيل من الإنس و الجن قبيل- و الصحيح أن قبيله نوعه كما أن البشر قبيل كل بشري- سواء كانوا من ولده أو لم يكونوا- و قد قيل أيضا كل جماعة قبيل و إن اختلفوا- نحو أن يكون بعضهم روما و بعضهم زنجا و بعضهم عربا- و قوله تعالى إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبِيلُهُ- لا يدل على أنهم نسله- . و قوله بعد و كل جيل من الإنس و الجن قبيل- ينقض دعواه أن قبيله لا يكون إلا نسله- . ثم تكلم في المعاني فقال- إن القياس الذي قاسه إبليس كان باطلا- لأنه ادعى أن النار أشرف من الأرض- و الأمر بالعكس لأن كل ما يدخل إلى النار ينقص- و كل ما يدخل التراب يزيد و هذا عجيب- فإنا نرى الحيوانات الميتة- إذا دفنت في الأرض تنقص أجسامها- و كذلك الأشجار المدفونة في الأرض- على أن التحقيق أن المحترق بالنار و البالي بالتراب- لم تعدم أجزاؤه و لا بعضها- و إنما استحالت إلى صور أخرى- .

ثم قال و لما علمنا أن تقديم المفضول على الفاضل قبيح- علمنا أن آدم كان أفضل من الملائكة- في ذلك الوقت و فيما بعده- . و لقائل أن يقول- أ ليس قد سجد يعقوب ليوسف ع- أ فيدل ذلك على أن يوسف أفضل من يعقوب- و لا يقال إن قوله تعالى- وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً- لا يدل على سجود الوالدين- فلعل الضمير يرجع إلى الإخوة خاصة- لأنا نقول هذا الاحتمال مدفوع بقوله- وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ- و هو كناية عن الوالدين- . و أيضا قد بينا أن السجود إنما كان لله سبحانه- و أن آدم كان قبلة- و القبلة لا تكون أفضل من الساجد إليها- أ لا ترى أن الكعبة ليست أفضل من النبي ع

شرح نهج البلاغه منظوم

القسم السابع

ثمّ أسكن سبحانه آدم دارا أرغد فيها عيشته و امن فيها محلّته،و حذّره إبليس و عداوته، فاغترّه، عدوّه نفاسة عليه بدار المقام و مرافقة الأبرار، فباع اليقين بشكّه، و العزيمة بوهنه، و استبدل بالجذل و جلا، و بالاغترار ندما، ثمّ بسط اللّه سبحانه له فى توبته، و لقّاه كلمة رحمته، و وعده المردّ إلى الجنّة، فأهبطه إلى دار البليّة، و تناسل الذّريّة.

ترجمه

پس از سجده فرشتگان و نافرمانى شيطان، خداى سبحان آدم را در بهشت كه وسائل عيش و كامرانى در آن فراهم و بساط امن و شادمانى در آن گسترده بود ساكن ساخت، و او را از عداوت و شيطنت ابليس بترسانيد، شيطان بر آن مقام جاودان و آميزش با نيكوان رشك برد، و با سوگند دروغش بفريفت، صفىّ اللّه يقين را بشكّ بفروخت، از عزم و اراده بجانب دهن و سستى گرائيد، فرح و شادى را بخوف و ترس، و عزّت و بزرگى را بندامت و پشيمانى تبديل كرد، پس خداوند در توبه آدم بساط كرامت بگستريد، كلمه رحمت را بوى تلقين فرمود، بازگشت ببهشت را بوى وعده كرد، و او را بمحنت سراى دنيا كه محلّ تناسل و زايشگاه فرزندان بود فرود آورد.

نظم

پس از آن بو البشر را كرد ساكنبجنّت سر خوش و آرام و آمن

امور عيش از هر ره فراهم مهيّا بود بر حوّا و آدم

نه در گلزار آنجا بود خارىنه بر دلهايشان ز اندوه بارى

نه كس با كس نزاع و جنگ و كين داشت نه از آن ديگرى اين دل غمين داشت

دو يار مهربان با هم شب و روزبهم دمساز و شاد از بخت پيروز

بآدم وحى شد از حىّ ذو المنّ كه ابليس است با جان تو دشمن

وسيلت شد ترا آن حشمت و جاهكه شيطان رانده شد زين جا و درگاه

شد او را آتش خصمى ز تو تيزاز اين خصم قوى بازو بپرهيز

مباد اين دشمن بد خوى زشتت برون سازد بحيلت از بهشتت

بقلبى پر ز خون زان سوى ابليسهزاران دام در دستش ز تلبيس

كمندى محكمش بر كف ز وسواس بيامد جانب آن مهتر ناس

بذات اقدس يزدان قسم خوردبكذب و بو البشر از ره بدر برد

كه گر تو از درخت جاودانى خورى جاويد در جنّت بمانى

چو تا آن روز كس بر كذب سو كندنخورده بود بر ذات خداوند

ز حسن طينت آدم كرد باورز يادش رفت نهى حىّ داور

بتدليسات شيطان گشت مغروربزحمت يار و از رحمت بشد دور

يقين خويش را بفروخت با شكّ شد عزم ثابت از لوح دلش حكّ

از اوّل بر نخوردن داشت تصميمولى پيش قضا گرديد تسليم

چنان چالاكى اندر عزم و چستى مبدّل شد بكوتاهى و سستى

بخورد او سير مقدارى ز گندمكه جانش اوفتاد اندر تلاطم

لباس نور و رحمت از تنش ريخت بسر خاك پشيمانى همى بيخت

از آن جاه و مقام افتاد يك باربرآورد از جگر آهى شرربار

بسى بگريست در كوه سر انديب كه بگرفت از قبولى توبه اش زيب

بر او آورد رحمت حق تعالىكه تعليمش نمود اسماء حسنى

بدادش وعده از الطاف يزدان كه سوى خلدش آرد باز خندان

پس آن گاهش بدين دنيا فرستادكه از فرزند سازد گيتى آباد