| 
                     (و البخل) حبس ما يقدر على إنفاقه من مال أو معاونة بيد و لسان، فقد يصل إلى حدّ منع أداء الحقوق الواجبة كمنع النفقة على الأهل و الأقرباء الواجبة النفقة، أو منع حق الزكاة للفقراء و سائر مصارفه، أو الخمس عن أربابه فيوجب العقاب و المؤاخذة، و قد يكون سببا لمنع ذوي الحقوق العامّة فيبلغ إلى حدّ الوبال و النكال، و في الحديث أنّه لا يؤمن باللّه و اليوم الاخر من بات شبعانا و جاره جائع، فلذا قال عليه السّلام: انّه (عار). 
                    (و الجبن منقصة) لمضادّته مع الشجاعة الّتي هي ركن من أركان الإيمان و حلية لنفس الانسان، فالجبون لا يقوم بالدّفاع عن عرضه و دينه، و يخاف في كلّ موطن على نفسه. 
                    (و أمّا الفقر) قد ورد فيه الأخبار و كلمات الأخيار بالمدح تارة و الذّمّ اخرى، فقد ورد في الكافي في باب الكفر و الايمان «ج 3 ص 452» من المطبوع مع الشرح و الترجمة الفارسية بطهران عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفلي، عن 
                    السّكوني، عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله: كاد الفقر أن يكون كفرا، و كاد الحسد أن يغلب القدر. 
                    و قد وصف عليّ عليه السّلام الفقر في هذه العبارة بطبعه المؤثر في الفقير بالنظر إلى الاجتماع، فانّ النّاس عبيد الدينار و لا ينظرون إلى الفقير إلّا بعين الاحتقار و لا يتوجّهون إلى كلامه و حجته و إن كان حقّا و يؤثّر هذا الأمر في الفقير فلا نشاط له في إظهار حجّته عند المخاصمة حتّى كأنّه أخرس، و نعم ما قيل: 
                    فصاحة سحبان و خطّ ابن مقلة و حكمة لقمان و زهد ابن أدهم 
                    لو اجتمعت في المرء و المرء مفلس 
                    فليس له قدر بمقدار درهم 
                    و قد بيّن عليه السّلام سوء أثر الفقر بأبلغ بيان في الفقرة التالية و هي قوله عليه السّلام: (و المقلّ غريب في بلدته) و إن يمكن التفريق بين الفقير و المقلّ حيث إنّ الفقير من أظهر حاجته للنّاس، و المقلّ ربّما يظهر الغناء و الاستغناء و لكنّ النّاس لا يفرّقون بينهما، فانّهم غالبا كالذباب يدورون حول الحلوى، فإذا كان الانسان مقلّا لا يقدر على جلبهم ببذل المال يعرضون عنه و لا يتقرّبون إليه و لا يسألون عن حاله و لا يتوجّهون إليه، و بهذا النّظر يصير غريبا و إن كان في بلدته و بين عشيرته، فانّ الغريب من لا يتوجّه إليه و لا يسأل عن حاله، و نعم ما قال: 
                    لا تظن أنّ الغريب هو النائي و لكن الغريب المقلّ 
                    و تلحق الفقرة التالية و هو قوله عليه السّلام (و العجز آفة) بهاتين الفقرتين فانّ العجز في الانسان نوع من الفقر و الاقلال لأنّه عوز ما يحتاج إليه في العمل و إنفاد الامور الدّنيويّة أو الدّينية، فكما أنّ الفقر و عدم المال نوع من العجز حيث إنّ الفقير لا يقدر على إنفاد الأمر المحتاجة إلى بذل المال، فهو عاجز عن كثير من الأعمال أىّ عاجز، فكذا العاجز الجسمي مثل الأعمى و الزمنى و الأشل، و العاجز النّفساني كالسفيه و الكسلان لا يقدر على كثير من الأعمال، فهو كمن عراه مرض أو عاهة منعته عن العمل. 
                    (الشجاعة) هي المقاومة تجاه العدوّ المهاجم و دفع هجومه بما تيسّر، أو 
                    الهجوم على العدوّ اللّدود لدفعه، و كلّما لا يلائم عدوّ كالبلاء و هجران الأصدقاء و مفارقة الأقرباء و ترك التمتّع بما اشتهاه الانسان (و الصبر) هو المقاومة تجاه عدوّ المكاره و البلايا، فحقيقة الشجاعة هو الصّبر، و هو من الصفات الممدوحة الّتي ورد في الحثّ عليها آيات الكتاب و مستفيض السنّة بغير حساب. 
                    (و الثروة) المال و المتاع المصروفان في إنجاز الحوائج، و الزاهد هو الّذي ترك الحوائج العادية و رغب عنها و كرهها، فيتحصّل بالزهد للزاهد ما يحصّله غيره بصرف الثروة مضافا 
                    إلى أنّ الزاهد في راحة عن تحصيل الحاجة و عواقبها، فمن صرف الدّينار و الدرهم في تحصيل غذاء لذيذ تعب نفسه بتحصيله و تحمّل ألم ما يعقبه من البطنة و الكسل و الدّفع، و ربّما بعض الأمراض، و لكن الزاهد في راحة عن ذلك كلّه، فالزهد ثروة بلا تعب. 
                    (و الورع) هو التحرّز عما يضرّ عاجلا أو آجلا فهو (جنّة) دون أيّ بلية و عاهة في الدّنيا، و دون أيّ عذاب و عقوبة في الاخرة. 
                    ( منهاج البراعه فی شرح نهج البلاغه(الخوئی) ج 21 ص 11-13) 
                 |