السادسة و الاربعون من حكمه عليه السّلام
(46) و قال عليه السّلام: احذروا صولة الكريم إذا جاع، و اللّئيم إذا شبع.
اللغة
(الصولة): السطوة، القهر الجولة و الحملة في الحرب، لؤم كان دني ء الأصل، شحيح النّفس مهينا فهو لئيم ج: لئام- المنجد.
الاعراب
صولة الكريم منصوب على الحذف و الايصال توسّعا أى من صولة الكريم، إذا جاع، جملة ظرفيّة متعلّق باحذروا، و تقيد الأمر المستفاد منه.
المعنى
قد فسّر الشرحان قوله: احذروا اصوله الكريم إذا جاع، على ثورته عند شدّة الحاجة و الاضطرار، أو الضيم و الامتهان، قال الشّارح المعتزلي: ليس يعنى بالجوع و الشبع ما يتعارفه النّاس، و إنّما المراد، احذروا صولة الكريم إذا ضيم و امتهن، و تبعه ابن ميثم فقال: و جوعه كناية عن شدّة حاجته، و ذلك مستلزم لثوران حميته.
أقول: الشرح الّذي علّقاها على الجملة الاولى لا يستقيم لوجهين: 1- أنّ الصّولة عند الاضطرار و الحاجة ليست مقصورة على الكريم و لا مدحا له، بل الصّولة من اللئيم عند مسيس الحاجة و الاضطرار أشدّ و أليق بالحذر.
2- أنّ ثوران الحمية و الغضب عند عدم التفات النّاس و طلب أمر كبير كما أفاده ابن ميثم لا يناسب مقام الكريم في نظره عليه السّلام و لا يتبع عملا للأنام بالنسبة إليه، فهل يكلّف النّاس باشباعه و رفع حاجته، فالمقصود من هذه الحكمة الحذر من اللئيم إذا شبع و حصلت له قدرة و سلطة، فتشير إلى المثل السّائر: عبد ملك عبدا فأخذ النّاس تلدا.
و الظاهر أنّ المراد من الجوع معناه الحقيقى و يشير إلى خصلة معروفة عند كرام الأبطال في ميادين القتال في هذه الأعصار و هي: أنّهم إذا خاضوا حربا هائلة أحسّوا منها بالخطر لا يأكلون شيئا حذرا من أن اصيبوا ببطونهم، و يظهر منهم ما يفضحهم و يشينهم، و قد نقل في ذلك قصّة عن بعض أيّام صفّين في شأن مالك الأشتر رضوان اللَّه عليه حيث أفلت من يده قرنا فسئل عن ذلك فأجاب بأنّى ما أكلت شيئا منذ يومين، فالمقصود الحذر من صولة البطل الكريم في المعركة إذا جاع و وطن نفسه على الموت أو الظّفر.
الترجمة
از حمله كريم در حذر باشيد چون گرسنه بجنگ آيند، و از لئيمان بهراسيد چون سير برايند.
- از حمله كريم حذر كن چه گرسنه است ليك از لئيم چون كه شود سير الحذر
( منهاج البراعه فی شرح نهج البلاغه(الخوئی) ج 21 ص89و90)
|