حکمت 444 نهج البلاغه : علت انحراف زبیر

حکمت 444 نهج البلاغه : علت انحراف زبیر

متن اصلی حکمت 444 نهج البلاغه

موضوع حکمت 444 نهج البلاغه

ترجمه مرحوم فیض

ترجمه مرحوم شهیدی

شرح ابن میثم

ترجمه شرح ابن میثم

شرح مرحوم مغنیه

شرح شیخ عباس قمی

شرح منهاج البراعة خویی

شرح لاهیجی

شرح ابن ابی الحدید

شرح نهج البلاغه منظوم

متن اصلی حکمت 444 نهج البلاغه

444 وَ قَالَ عليه السلام« مَا زَالَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ حَتَّى نَشَأَ ابْنُهُ الْمَشْئُومُ عَبْدُ اللَّهِ»

موضوع حکمت 444 نهج البلاغه

علل انحراف زبير

(تاريخى، سياسى)

ترجمه مرحوم فیض

444- امام عليه السّلام (در نكوهش عبد اللّه ابن زبير) فرموده است 1 همواره زبير مردى از (خويشان) ما اهل بيت بود تا وقتى كه پسر شؤم او عبد اللّه پديد آمد (عبد اللّه خويشاوندى را با ما بريد زيرا او اگر چه از اصحاب رسول خدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بود ولى بعد از آن حضرت زنديق گشت يعنى در باطن كافر گرديده و آشكارا اظهار ايمان مى نمود چنانكه مرحوم مامقانىّ در كتاب تنقيح المقال فرموده، و از مرحوم مجلسىّ است در كتاب بحار الأنوار: عبد اللّه ابن زبير بنى هاشم را دشمن مى داشت، و علىّ عليه السّلام را لعن نموده دشنام مى داد، خلاصه اين فرمايش را كه نويسندگان سنّى و شيعه در كتابهاشان نقل نموده اند در نسخ نهج البلاغه نيست ما آنرا از نسخه ابن ابى الحديد نقل نموديم).

( . ترجمه وشرح نهج البلاغه(فیض الاسلام)، ج 6 ، صفحه ی 1294)

ترجمه مرحوم شهیدی

452 [و فرمود:] توانگرى و درويشى آن گاه آشكار شود- كه در قيامت- عرضه بر كردگار شود.

( . ترجمه نهج البلاغه شهیدی، ص 441)

شرح ابن میثم

ترجمه شرح ابن میثم

شرح مرحوم مغنیه

شرح شیخ عباس قمی

342-« ما زال الزّبير رجلا منّا أهل البيت حتّى نشأ ابنه المشئوم عبد اللّه.» عبد اللّه بن الزبير:« أمّه أسماء ذات النطاقين بنت أبي بكر». قيل: هو أوّل مولود ولد في الإسلام من المهاجرين بعد الهجرة، ففرحوا به فرحا شديدا، و ذلك لأنّه قيل لهم: إنّ اليهود سحرتكم فلا يولد لكم.

و شهد مع أبيه و خالته الجمل، و كان شديد البأس، و مبارزته مع الأشتر، و قوله: «اقتلوني و مالكا و اقتلوا مالكا معي» معروف. و كان أطلس لا لحية له و لا شعر في وجهه كقيس بن سعد الأنصاري، و أحنف بن قيس، و شريح القاضي، و يقال لهم: السادات الطلس.

و كان بخيلا، ضيّق العطن، سيّئ الخلق، حسودا كثير الخلاف، و أخرج محمد بن الحنفيّة من مكّة و المدينة، و نفى عبد اللّه بن عبّاس إلى الطائف، و الكلمات التي ردّت بينهما معروفة.

و كان عدوّا لأمير المؤمنين عليه السلام و كانت عائشة تحبّه شديدا حتّى قيل: لم يكن أحد أحبّ اليها بعد أبي بكر من عبد اللّه بن الزبير.

و كان لسنا، و هو الذي قال في جواب فضالة بن شريك الوالبيّ حيث قال له: لعن اللّه ناقة حملتني إليك، قال: إنّ«» و راكبها.«» و من اطّلع على هذه القضيّة يطّلع على شدّة بخله أيضا.

و قد ذكر المسعوديّ و غيره أنّ عبد اللّه بن الزبير جمع بني هاشم كلّهم و منهم محمّد بن الحنفيّة في سجن عارم، و أراد أن يحرقهم بالنار، فجعل في فم الشعب حطبا كثيرا إذ ورد أبو عبد اللّه الجدلي من جانب المختار في أربعة آلاف و قصد الشعب بإخراج الهاشميّين منه و هرب ابن الزبير فلاذ بأستار الكعبة.«» قال ابن أبي الحديد: قال المسعوديّ: و كان عروة بن الزبير يعذر أخاه عبد اللّه في حصر بني هاشم في الشعب، و جمعه الحطب ليحرقهم و يقول: إنّما أراد بذلك أن لا تنتشر الكلمة، و لا يختلف المسلمون، و أن يدخلوا في الطاعة، فتكون الكلمة واحدة، كما فعل عمر بن الخطّاب ببني هاشم لمّا تأخّروا عن بيعة أبي بكر، فإنّه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدّار.«» و روى أيضا عن المسعوديّ عن سعيد بن جبير، أنّ ابن عبّاس دخل على ابن الزبير، فقال له ابن الزبير: إلام تؤنّبني و تعنّفني قال ابن عبّاس: إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: «بئس المرء المسلم يشبع و يجوع جاره» و أنت ذلك الرجل، فقال ابن الزبير: و اللّه إنّي لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة. و تشاجرا، فخرج ابن عبّاس من مكّة، فأقام بالطائف حتّى مات.«» و بالجملة قتله الحجّاج الثقفيّ في أيّام عبد الملك بمكّة و صلب جسده، و به أخبر أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه في قوله: «خبّ ضبّ، يروم أمرا و لا يدركه، ينصب حبالة الدين لاصطياد الدنيا، و هو بعد مصلوب قريش».«» 343- ما لابن آدم و الفخر أوّله نطفة، و آخره جيفة. لا يرزق«» نفسه،

و لا يدفع حتفه.«» و قد أخذ الشاعر هذا الكلام في قوله:

ما بال من أوّله نطفة و جيفة آخره يفخر

يصبح ما يملك تقديم ما

يرجو و لا تأخير ما يحذر

«» قال بعض الحكماء: الفخر هو المباهاة بالأشياء الخارجة عن الإنسان، و ذلك نهاية الحمق لمن نظر بعين عقله، و انحسر عنه قناع جهله، فأعراض الدّنيا عارية مستردّة، لا يؤمن في كلّ ساعة أن ترتجع، و المباهي بها مباه بما في غير ذاته.«» 344- منهومان لا يشبعان: طالب علم و طالب دنيا.«» نهم فلان بكذا فهو منهوم، أي مولع به، و اقتبس عليه السلام هذه الكلمة من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «منهومان لا يشبعان: منهوم بالمال، و منهوم بالعلم».«» 345- ما المجاهد الشّهيد في سبيل اللّه بأعظم أجرا ممّن قدر فعفّ، لكاد العفيف أن يكون ملكا من الملائكة.«» في حكمة سليمان بن داود: إنّ الغالب لهواه أشدّ من الّذي يفتح المدينة وحده.«» و قال سليمان بن داود: يا بني إسرائيل، أوصيكم بأمرين أفلح من فعلهما: لا تدخلوا أجوافكم إلّا الطيّب، و لا تخرجوا من أفواهكم إلّا الطيّب.«»

( . شرح حکم نهج البلاغه، ص247 - 251)

شرح منهاج البراعة خویی

شرح لاهیجی

شرح ابن ابی الحدید

461 وَ قَالَ ع: مَا زَالَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ- حَتَّى نَشَأَ ابْنُهُ الْمَشْئُومُ عَبْدُ اللَّهِ ذكر هذا الكلام أبو عمر بن عبد البر في كتاب الإستيعاب- عن أمير المؤمنين ع في عبد الله بن الزبير- إلا أنه لم يذكر لفظة المشئوم

عبد الله بن الزبير و ذكر طرف من أخباره

و نحن نذكر ما ذكره ابن عبد البر- في ترجمة عبد الله بن الزبير- فإن هذا المصنف يذكر جمل أحوال الرجل دون تفاصيلها- ثم نذكر تفصيل أحواله من مواضع أخرى- . قال أبو عمر رحمه الله- يكنى عبد الله بن الزبير أبا بكر- و قال بعضهم أبا بكير- ذكر ذلك أبو أحمد الحاكم الحافظ في كتابه في الكنى- و الجمهور من أهل السير و أهل الأثر على أن كنيته أبو بكر- و له كنية أخرى أبو خبيب بابنه خبيب-

و كان أسن ولده- و خبيب هو صاحب عمر بن عبد العزيز- الذي مات من ضربه إذ كان واليا على المدينة للوليد- و كان الوليد أمره بضربه- فمات من أذية ذلك فوداه عمر بعد- . قال أبو عمر و سماه رسول الله ص باسم جده- و كناه بكنية جده عبد الله أبي بكر- و هاجرت أمه أسماء من مكة إلى المدينة و هي حامل به- فولدته في سنة اثنتين من الهجرة- لعشرين شهرا من التاريخ- و قيل ولد في السنة الأولى- و هو أول مولود ولد في الإسلام من المهاجرين بعد الهجرة- . و روى هشام بن عروة عن أسماء قالت- حملت بعبد الله بمكة فخرجت و أنا متم- فأتيت المدينة فنزلت بقباء فولدته بقباء- ثم أتيت رسول الله ص فوضعته في حجره- فدعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه- فكان أول شي ء دخل جوفه ريق رسول الله ص- ثم حنكه بالتمرة ثم دعا له و بارك عليه- و هو أول مولود ولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة- قال ففرحوا به فرحا شديدا و ذلك أنهم قد كان قيل لهم- إن اليهود قد سحرتكم فلا يولد لكم- . قال أبو عمر- و شهد عبد الله الجمل مع أبيه و خالته- و كان شهما ذكرا ذا أنفة و كان له لسن و فصاحة- و كان أطلس لا لحية له و لا شعر في وجهه- و كان كثير الصلاة كثير الصيام- شديد البأس كريم الجدات و الأمهات و الخالات- إلا أنه كان فيه خلال لا يصلح معها للخلافة- فإنه كان بخيلا ضيق العطن سيئ الخلق حسودا- كثير الخلاف- أخرج محمد بن الحنفية من مكة و المدينة- و نفى عبد الله بن عباس إلى الطائف- .

و قال علي ع في أمره ما زال الزبير يعد منا أهل البيت- حتى نشأ ابنه عبد الله

قال أبو عمر و بويع له بالخلافة- سنة أربع و ستين في قول أبي معشر- . و قال المدائني بويع له بالخلافة سنة خمس و ستين- . و كان قبل ذلك لا يدعى باسم الخلافة- و كانت بيعته بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية- على طاعته أهل الحجاز و اليمن و العراق و خراسان- و حج بالناس ثماني حجج- و قتل في أيام عبد الملك بن مروان- يوم الثلاثاء لثلاث عشرة بقين من جمادى الأولى- و قيل من جمادى الآخرة سنة ثلاث و سبعين- و هو ابن اثنتين و سبعين سنة- و صلب بمكة بعد قتله- و كان الحجاج قد ابتدأ بحصاره- من أول ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين و سبعين- و حج الحجاج بالناس في ذلك العام- و وقف بعرفة و عليه درع و مغفر- و لم يطوفوا بالبيت في تلك السنة- فحاصره ستة أشهر و سبعة عشر يوما إلى أن قتله- . قال أبو عمر فروى هشام بن عروة عن أبيه قال- لما كان قبل قتل عبد الله بعشرة أيام- دخل على أمه أسماء بنت أبي بكر و هي شاكية- فقال كيف تجدينك يا أمه قالت ما أجدني إلا شاكية- فقال لها إن في الموت لراحة فقالت لعلك تمنيته لي- و ما أحب أن أموت حتى يأتي على إحدى حالتيك- إما قتلت فأحتسبك- و إما ظفرت بعدوك فقرت عيني- . قال عروة فالتفت عبد الله إلي و ضحك- فلما كان اليوم الذي قتل فيه دخل عليها في المسجد- فقالت يا بني لا تقبل منهم خطة- تخاف فيها على نفسك الذل مخافة القتل- فو الله لضربة سيف في عز خير من ضربة سوط في مذلة- قال فخرج

عبد الله و قد نصب له مصراع عند الكعبة- فكان يكون تحته- فأتاه رجل من قريش فقال له- أ لا نفتح لك باب الكعبة فتدخلها- فقال و الله لو وجدوكم تحت أستار الكعبة- لقتلوكم عن آخركم- و هل حرمة البيت إلا كحرمة الحرم- ثم أنشد

و لست بمبتاع الحياة بسبة و لا مرتق من خشية الموت سلما

- . ثم شد عليه أصحاب الحجاج- فسأل عنهم فقيل هؤلاء أهل مصر- فقال لأصحابه اكسروا أغماد سيوفكم- و احملوا معي فإنني في الرعيل الأول- ففعلوا ثم حمل عليهم و حملوا عليه- فكان يضرب بسيفين- فلحق رجلا فضربه فقطع يده- و انهزموا و جعل يضربهم حتى أخرجهم من باب المسجد- و جعل رجل منهم أسود يسبه فقال له- اصبر يا ابن حام ثم حمل عليه فصرعه- ثم دخل عليه أهل حمص من باب بني شيبة- فسأل عنهم فقيل هؤلاء أهل حمص- فشد عليهم و جعل يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من المسجد- ثم انصرف و هو يقول-

لو كان قرني واحدا أرديته أوردته الموت و قد ذكيته

- . ثم دخل عليه أهل الأردن من باب آخر- فقال من هؤلاء قيل أهل الأردن- فجعل يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من المسجد- ثم انصرف و هو يقول-

لا عهد لي بغارة مثل السيل لا ينجلي قتامها حتى الليل - . فأقبل عليه حجر من ناحية الصفا فأصابه بين عينيه- فنكس رأسه و هو يقول-

و لسنا على الأعقاب تدمى كلومنا و لكن على أقدامنا تقطر الدما

- .

أنشده متمثلا و حماه موليان له- فكان أحدهما يرتجز فيقول-

العبد يحمي ربه و يحتمي

- . قال ثم اجتمعوا عليه فلم يزالوا يضربونه و يضربهم- حتى قتلوه- و مولييه جميعا- فلما قتل كبر أهل الشام- فقال عبد الله بن عمر- المكبرون يوم ولد خير من المكبرين يوم قتل- . قال أبو عمر و قال يعلى بن حرملة- دخلت مكة بعد ما قتل عبد الله بن الزبير بثلاثة أيام- فإذا هو مصلوب فجاءت أمه أسماء- و كانت امرأة عجوزا طويلة مكفوفة البصر تقاد- فقالت للحجاج أ ما آن لهذا الراكب أن ينزل- فقال لها المنافق قالت و الله ما كان منافقا- و لكنه كان صواما قواما برا- قال انصرفي فإنك عجوز قد خرفت- قالت لا و الله ما خرفت- و

إني سمعت رسول الله ص يقول يخرج من ثقيف كذاب و مبير

- أما الكذاب فقد رأيناه تعني المختار- و أما المبير فأنت- . قال أبو عمر و روى سعيد بن عامر الخراز- عن ابن أبي مليكة قال- كنت الآذن لمن بشر أسماء بنزول ابنها عبد الله من الخشبة- فدعت بمركن و شب يمان فأمرتني بغسله- فكنا لا نتناول منه عضوا إلا جاء معنا- فكنا نغسل العضو و ندعه في أكفانه- و نتناول العضو الذي يليه فنغسله- ثم نضعه في أكفانه حتى فرغنا منه- ثم قامت فصلت عليه و قد كانت تقول- اللهم لا تمتني حتى تقر عيني بجثته- فلما دفنته لم يأت عليها جمعة حتى ماتت- . قال أبو عمر- و قد كان عروة بن الزبير رحل إلى عبد الملك- فرغب إليه في إنزال عبد الله من الخشبة- فأسعفه بذلك فأنزل- .

قال أبو عمر و قال علي بن مجاهد- قتل مع ابن الزبير مائتان و أربعون رجلا- إن منهم لمن سال دمه في جوف الكعبة- . قال أبو عمر و روى عيسى عن أبي القاسم- عن مالك بن أنس قال- كان ابن الزبير أفضل من مروان- و أولى بالأمر منه و من أبيه- قال و قد روى علي بن المدائني عن سفيان بن عيينة- أن عامر بن عبد الله بن الزبير مكث بعد قتل أبيه حولا- لا يسأل الله لنفسه شيئا إلا الدعاء لأبيه- . قال أبو عمر و روى إسماعيل بن علية- عن أبي سفيان بن العلاء عن ابن أبي عتيق قال- قالت عائشة إذا مر ابن عمر فأرونيه- فلما مر قالوا هذا ابن عمر- فقالت يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري- قال رأيت رجلا قد غلب عليك- و رأيتك لا تخالفينه يعني عبد الله بن الزبير- فقالت أما إنك لو نهيتني ما خرجت- . فأما الزبير بن بكار- فإنه ذكر في كتاب أنساب قريش- من أخبار عبد الله و أحواله جملة طويلة- نحن نختصرها و نذكر اللباب منها- مع أنه قد أذنب في ذكر فضائله و الثناء عليه- و هو معذور في ذلك فإنه لا يلام الرجل على حب قومه- و الزبير بن بكار أحد أولاد عبد الله بن الزبير- فهو أحق بتقريظه و تأبينه- . قال الزبير بن بكار- أمه أسماء ذات النطاقين ابنة أبي بكر الصديق- و إنما سميت ذات النطاقين

لأن رسول الله ص لما تجهز مهاجرا إلى المدينة- و معه أبو بكر لم يكن لسفرتهما شناق- فشقت أسماء نطاقها فشنقتها به- فقال لها رسول الله

ص- قد أبدلك الله تعالى بنطاقك هذا نطاقين في الجنة

فسميت ذات النطاقين- قال و قد روى محمد بن الضحاك عن أبيه- أن أهل الشام كانوا و هم يقاتلون عبد الله بمكة- يصيحون يا ابن ذات النطاقين- يظنونه عيبا فيقول ابنها و الإله- ثم يقول إني و إياكم لكما قال أبو ذؤيب-

و عيرني الواشون أني أحبها و تلك شكاة ظاهر عنك عارها

فإن أعتذر عنها فإني مكذب

و إن تعتذر يردد عليك اعتذارها

- . ثم يقبل على ابن أبي عتيق- و هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر- فيقول أ لا تسمع يا ابن أبي عتيق- .

قال الزبير و زعموا أن عبد الله بن الزبير- لما ولد أتي به رسول الله ص فنظر في وجهه و قال- أ هو هو ليمنعن البيت أو ليموتن دونه

- . و قال العقيلي في ذلك

بر تبين ما قال الرسول له و ذو صلاة بضاحي وجهه علم

حمامة من حمام البيت قاطنة

لا تتبع الناس إن جاروا و إن ظلموا

- . قال و قد روى نافع بن ثابت- عن محمد بن كعب القرظي أن رسول الله ص دخل على أسماء حين ولد عبد الله- فقال أ هو هو- فتركت أسماء رضاعه فقيل لرسول الله ص- إن أسماء تركت رضاع عبد الله لما سمعت كلمتك- فقال لها أرضعيه و لو بماء عينيك- كبش بين ذئاب عليها ثياب- ليمنعن الحرم أو ليموتن دونه

- . قال و حدثني عمي مصعب بن عبد الله قال- كان عبد الله بن الزبير يقول- هاجرت بي أمي في بطنها- فما أصابها شي ء من نصب أو مخمصة- إلا و قد أصابني-

قال و قالت عائشة يا رسول الله أ لا تكنيني- فقال تكني باسم ابن أختك عبد الله- فكانت تكنى أم عبد الله

قال و روى هند بن القاسم عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال احتجم رسول الله ص ثم دفع إلي دمه- فقال اذهب به فواره حيث لا يراه أحد- فذهبت به فشربته فلما رجعت قال ما صنعت- قلت جعلته في مكان أظن أنه أخفى مكان عن الناس- فقال فلعلك شربته فقلت نعم

- . قال و قال وهب بن كيسان- أول من صف رجليه في الصلاة عبد الله بن الزبير- فاقتدى به كثير من العباد و كان مجتهدا- . قال و خطب الحجاج بعد قتله- زجلة بنت منظور بن زبان بن سيار الفزارية- و هي أم هاشم بن عبد الله بن الزبير- فقلعت ثنيتها و ردته و قالت- ما ذا يريد إلى ذلفاء ثكلى حرى- و قالت

أ بعد عائذ بيت الله تخطبني جهلا جهلت و غب الجهل مذموم

فاذهب إليك فإني غير ناكحة

بعد ابن أسماء ما استن الدياميم

من يجعل العير مصفرا جحافله مثل الجواد و فضل الله مقسوم

- . قال و حدثني عبد الملك بن عبد العزيز- عن خاله يوسف بن الماجشون قال- قسم عبد الله بن الزبير الدهر على ثلاث ليال- فليلة هو قائم حتى الصباح- و ليلة هو راكع حتى الصباح- و ليلة هو ساجد حتى الصباح- . قال و حدثنا سليمان بن حرب بإسناد- ذكره و رفعه إلى مسلم المكي قال- ركع عبد الله بن الزبير يوما ركعة- فقرأت البقرة و آل عمران و النساء و المائدة- و ما رفع رأسه- .

قال و قد حدث من لا أحصيه كثرة من أصحابنا- أن عبد الله كان يواصل الصوم سبعا- يصوم يوم الجمعة فلا يفطر إلا يوم الجمعة الآخر- و يصوم بالمدينة فلا يفطر إلا بمكة- و يصوم بمكة فلا يفطر إلا بالمدينة- . قال و قال عبد الملك بن عبد العزيز- و كان أول ما يفطر عليه إذا أفطر لبن لقحة بسمن بقر- قال الزبير و زاد غيره و صبر- . قال و حدثني يعقوب بن محمد بن عيسى- بإسناد رفعه إلى عروة بن الزبير قال- لم يكن أحد أحب إلى عائشة- بعد رسول الله ص و بعد أبي بكر- من عبد الله بن الزبير- . قال و حدثني يعقوب بن محمد- بإسناد يرفعه إلى عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال- ما كان أحد أعلم بالمناسك من ابن الزبير- . قال و حدثني مصعب بن عثمان قال- أوصت عائشة إلى عبد الله بن الزبير- و أوصى إليه حكيم بن حزام- و عبد الله بن عامر بن كريز و الأسود بن أبي البختري- و شيبة بن عثمان و الأسود بن عوف- . قال الزبير و حدث عمر بن قيس عن أمه قالت- دخلت على عبد الله بن الزبير بيته فإذا هو قائم يصلي- فسقطت حية من البيت على ابنه هاشم بن عبد الله- فتطوقت على بطنه و هو نائم- فصاح أهل البيت الحية الحية- و لم يزالوا بها حتى قتلوها- و عبد الله قائم يصلي ما التفت و لا عجل- ثم فرغ من صلاته بعد ما قتلت الحية- فقال ما بالكم فقالت أم هاشم إي رحمك الله- أ رأيت إن كنا هنا عليك أ يهون عليك ابنك- قال ويحك- و ما كانت التفاتة لو التفتها مبقية من صلاتي- .

قال الزبير و عبد الله أول من كسا الكعبة الديباج- و إن كان ليطيبها حتى يجد ريحها من دخل الحرم- قال و لم تكن كسوة الكعبة من قبله إلا المسوح و الأنطاع- فلما جرد المهدي بن المنصور الكعبة- كان فيما نزع عنها كسوة من ديباج مكتوب عليها- لعبد الله أبي بكر أمير المؤمنين- قال و حدثني يحيى بن معين- بإسناد رفعه إلى هشام بن عروة- أن عبد الله بن الزبير أخذ من بين القتلى يوم الجمل- و به بضع و أربعون طعنة و ضربة- قال الزبير و اعتلت عائشة مرة- فدخل عليها بنو أختها أسماء عبد الله و عروة و المنذر- قال عروة فسألناها عن حالها- فشكت إلينا نهكة من علتها- فعزاها عبد الله عن ذلك فأجابته بنحو قولها- فعاد لها بالكلام فعادت له بالجواب فصمت و بكى- قال عروة فما رأينا متحاورين من خلق الله أبلغ منهما- قال ثم رفعت رأسها تنظر إلى وجهه- فأبهتت لبكائه فبكت ثم قالت- ما أحقني منك يا بني ما أرى- فلم أعلم بعد رسول الله ص و بعد أبوي- أحدا أنزل عندي منزلتك- قال عروة و ما سمعت عائشة و أمي أسماء- تدعون لأحد من الخلق دعاءهما لعبد الله- قال و قال موسى بن عقبة- أقرأني عامر بن عبد الله بن الزبير- وصية عبد الله بن مسعود إلى الزبير بن العوام- و إلى عبد الله بن الزبير من بعده- و إنهما في وصيتي في حل و بل- . قال و روى أبو الحسن المدائني عن أبي إسحاق التميمي- أن معاوية سمع رجلا ينشد-

ابن رقاش ماجد سميدع يأبى فيعطي عن يد أو يمنع

- .فقال ذلك عبد الله بن الزبير- و كان عبد الله من جملة النفر- الذين أمرهم عثمان بن عفان- أن ينسخوا القرآن في المصاحف- . قال و حدثنا محمد بن حسن عن نوفل بن عمارة قال- سئل سعيد بن المسيب عن خطباء قريش في الجاهلية- فقال الأسود بن المطلب بن أسد و سهيل بن عمرو- و سئل عن خطبائهم في الإسلام فقال- معاوية و ابنه و سعيد بن العاص و ابنه- و عبد الله بن الزبير- . قال و حدثنا إبراهيم بن المنذر عن عثمان بن طلحة قال- كان عبد الله بن الزبير لا ينازع في ثلاث- شجاعة و عبادة و بلاغة- . قال الزبير و قال هشام بن عروة- رأيت عبد الله أيام حصاره- و الحجر من المنجنيق يهوي حتى أقول كاد يأخذ بلحيته- فقال له أبي أيا ابن أم و الله إن كاد ليأخذ بلحيتك- فقال عبد الله دعني يا ابن أم- فو الله ما هي إلا هنة حتى كان الإنسان لم يكن- فيقول أبي و هو يقبل علينا بوجهه- و الله ما أخشى عليك إلا من تلك الهنة- . قال الزبير فذكر هشام قال- و الله لقد رأيته يرمى بالمنجنيق- فلا يلتفت و لا يرعد صوته- و ربما مرت الشظية منه قريبا من نحره- . و قال الزبير و حدثنا ابن الماجشون- عن ابن أبي مليكة عن أبيه قال- كنت أطوف بالبيت مع عمر بن عبد العزيز- فلما بلغت الملتزم تخلفت عنده أدعو ثم لحقت عمر- فقال لي ما خلفك- قال كنت أدعو في موضع رأيت عبد الله بن الزبير فيه يدعو- فقال ما تترك تحنناتك على ابن الزبير أبدا- فقلت و الله ما رأيت

أحدا أشد جلدا على لحم- و لحما على عظم من ابن الزبير- و لا رأيت أحدا أثبت قائما- و لا أحسن مصليا من ابن الزبير- و لقد رأيت حجرا من المنجنيق جاءه فأصاب شرفة من المسجد- فمرت قذاذة منها بين لحيته و حلقه فلم يزل من مقامه- و لا عرفنا ذلك في صوته- فقال عمر لا إله إلا الله لجاد ما وصفت- . قال الزبير و سمعت إسماعيل بن يعقوب التيمي يحدث- قال قال عمر بن عبد العزيز لابن أبي مليكة- صف لنا عبد الله بن الزبير- فإنه ترمرم على أصحابنا فتغشمروا عليه- فقال عن أي حاليه تسأل أ عن دينه أم عن دنياه- فقال عن كل- قال و الله ما رأيت جلدا قط ركب على لحم- و لا لحما على عصب و لا عصبا على عظم- مثل جلده على لحمه و لا مثل لحمه على عصبه- و لا مثل عصبه على عظمه- و لا رأيت نفسا ركبت بين جنبين- مثل نفس له ركبت بين جنبين- و لقد قام يوما إلى الصلاة- فمر به حجر من حجارة المنجنيق- بلبنة مطبوخة من شرفات المسجد- فمرت بين لحييه و صدره- فو الله ما خشع لها بصره و لا قطع لها قراءته- و لا ركع دون الركوع الذي كان يركع- و لقد كان إذا دخل في الصلاة خرج من كل شي ء إليها- و لقد كان يركع في الصلاة- فيقع الرخم على ظهره و يسجد فكأنه مطروح- . قال الزبير و حدث هشام بن عروة قال- سمعت عمي يقول- ما أبالي إذا وجدت ثلاثمائة يصبرون صبري- لو أجلب علي أهل الأرض- . قال الزبير و قسم عبد الله بن الزبير ثلث ماله و هو حي- و كان أبوه الزبير قد أوصى أيضا بثلث ماله- قال و ابن الزبير أحد الرهط الخمسة- الذين وقع اتفاق أبي موسى الأشعري- و عمرو بن العاص على إحضارهم- و الاستشارة بهم في يوم التحكيم-

و هم عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عمرو- و أبو الجهم بن حذيفة و جبير بن مطعم- و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام- . قال الزبير و عبد الله هو الذي صلى بالناس بالبصرة- لما ظهر طلحة و الزبير على عثمان بن حنيف بأمر منهما له- قال و أعطت عائشة- من بشرها بأن عبد الله لم يقتل يوم الجمل- عشرة آلاف درهم- . قلت الذي يغلب على ظني أن ذلك كان يوم إفريقية- لأنها يوم الجمل كانت في شغل بنفسها عن عبد الله و غيره- . قال الزبير و حدثني علي بن صالح مرفوعا- أن رسول الله ص كلم في صبية ترعرعوا- منهم عبد الله بن جعفر و عبد الله بن الزبير- و عمر بن أبي سلمة- فقيل يا رسول الله- لو بايعتهم فتصيبهم بركتك و يكون لهم ذكر- فأتي بهم فكأنهم تكعكعوا حين جي ء بهم إليه- و اقتحم ابن الزبير فتبسم رسول الله ص و قال إنه ابن أبيه و بايعهم- . قال و سئل رأس الجالوت- ما عندكم من الفراسة في الصبيان- فقال ما عندنا فيهم شي ء- لأنهم يخلقون خلقا من بعد خلق غير أنا نرمقهم- فإن سمعناه منهم من يقول في لعبه من يكون معي- رأيناها همة و خب ء صدق فيه- و إن سمعناه يقول مع من أكون كرهناها منه- قال فكان أول شي ء سمع من عبد الله بن الزبير- أنه كان ذات يوم يلعب مع الصبيان- فمر رجل فصاح عليهم ففروا منه- و مشى ابن الزبير القهقرى- ثم قال يا صبيان اجعلوني أميركم و شدوا بنا عليه- قال و مر به عمر بن الخطاب و هو مع الصبيان- ففروا و وقف فقال لم لم تفر مع أصحابك- فقال لم أجرم فأخافك و لم تكن الطريق ضيقة فأوسع عليك- .

و روى الزبير بن بكار- أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح- غزا إفريقية في خلافة عثمان- فقتل عبد الله بن الزبير جرجير أمير جيش الروم- فقال ابن أبي سرح إني موجه بشيرا إلى أمير المؤمنين بما فتح علينا- و أنت أولى من هاهنا- فانطلق إلى أمير المؤمنين فأخبره الخبر- قال عبد الله فلما قدمت على عثمان- أخبرته بفتح الله و صنعه و نصره- و وصفت له أمرنا كيف كان- فلما فرغت من كلامي قال- هل تستطيع أن تؤدي هذا إلى الناس- قلت و ما يمنعني من ذلك- قال فاخرج إلى الناس فأخبرهم- قال عبد الله فخرجت حتى جئت المنبر فاستقبلت الناس- فتلقاني وجه أبي فدخلتني له هيبة عرفها أبي في وجهي- فقبض قبضة من حصباء و جمع وجهه في وجهي- و هم أن يحصبني فأحزمت فتكلمت- . فزعموا أن الزبير لما فرغ عبد الله من كلامه قال- و الله لكأني أسمع كلام أبي بكر الصديق- من أراد أن يتزوج امرأة- فلينظر إلى أبيها و أخيها فإنها تأتيه بأحدهما- . قال الزبير- و يلقب عبد الله بعائذ البيت لاستعاذته به- . قال و حدثني عمي مصعب بن عبد الله قال- إن الذي دعا عبد الله إلى التعوذ بالبيت شي ء- سمعه من أبيه حين سار من مكة إلى البصرة- فإن الزبير التفت إلى الكعبة- بعد أن ودع و وجه يريد الركوب- فأقبل على ابنه عبد الله و قال- تالله ما رأيت مثلها لطالب رغبة أو خائف رهبة- . و روى الزبير بن بكار قال- كان سبب تعوذ ابن الزبير بالكعبة- أنه كان يمشي بعد عتمة في بعض شوارع المدينة- إذ لقي عبد الله بن سعد بن أبي سرح متلثما- لا يبدو منه إلا عيناه- قال فأخذت بيده و قلت ابن أبي سرح- كيف كنت بعدي- و كيف تركت أمير المؤمنين يعني معاوية- و قد كان ابن أبي سرح عنده بالشام- فلم يكلمني فقلت ما لك أمات أمير المؤمنين- فلم يكلمني فتركته و قد أثبت معرفته- ثم خرجت حتى لقيت الحسين بن علي رضي الله عنه- فأخبرته خبره و قلت ستأتيك رسل الوليد- و كان الأمير على المدينة- الوليد بن عتبة بن أبي سفيان- فانظر ما أنت صانع- و اعلم أن رواحلي في الدار معدة- و الموعد بيني و بينك أن تغفل عنا عيونهم- ثم فارقته فلم ألبث أن أتاني رسول الوليد- فجئته فوجدت الحسين عنده- و وجدت عنده مروان بن الحكم فنعى إلي معاوية- فاسترجعت فأقبل علي و قال هلم إلى بيعة يزيد- فقد كتب إلينا يأمرنا أن نأخذها عليك- فقلت إني قد علمت أن في نفسه علي شيئا- لتركي بيعته في حياة أبيه- و إن بايعت له على هذه الحال توهم أني مكره على البيعة- فلم يقع منه ذلك بحيث أريد و لكن أصبح و يجتمع الناس- و يكون ذلك علانية إن شاء الله- فنظر الوليد إلى مروان- فقال مروان هو الذي قلت لك إن يخرج لم تره- فأحببت أن ألقي بيني و بين مروان شرا نتشاغل به- فقلت له و ما أنت و ذاك يا ابن الزرقاء- فقال لي و قلت له حتى تواثبنا فتناصيت أنا و هو- و قام الوليد فحجز بيننا فقال مروان أ تحجز بيننا بنفسك و تدع أن تأمر أعوانك- فقال قد أرى ما تريد و لكن لا أتولى ذلك منه و الله أبدا- اذهب يا ابن الزبير حيث شئت- قال فأخذت بيد الحسين و خرجنا من الباب- حتى صرنا إلى المسجد و أنا أقول-

و لا تحسبني يا مسافر شحمة تعجلها من جانب القدر جائع

- . فلما دخل المسجد افترق هو و الحسين- و عمد كل واحد منهما إلى مصلاه يصلي فيه- و جعلت الرسل تختلف إليهما- يسمع وقع أقدامهم في الحصباء حتى هدأ عنهما الحس- ثم انصرفا إلى منازلهما- فأتى ابن الزبير رواحله فقعد عليها- و خرج من أدبار داره و وافاه الحسين بن علي- فخرجا جميعا من ليلتهم و سلكوا طريق الفرع حتى مروا بالجثجاثة- و بها جعفر بن الزبير قد ازدرعها- و غمز عليهم بعير من إبلهم فانتهوا إلى جعفر- فلما رآهم قال مات معاوية فقال عبد الله نعم- انطلق معنا و أعطنا أحد جمليك- و كان ينضح على جملين له- فقال جعفر متمثلا-

إخوتي لا تبعدوا أبدا و بلى و الله قد بعدوا

- . فقال عبد الله و تطير منها بفيك التراب- فخرجوا جميعا حتى قدموا مكة- قال الزبير

فأما الحسين ع- فإنه خرج من مكة يوم التروية- يطلب الكوفة و العراق- و قد كان قال لعبد الله بن الزبير- قد أتتني بيعة أربعين ألفا- يحلفون لي بالطلاق و العتاق من أهل العراق

- فقال أ تخرج إلى قوم قتلوا أباك و خذلوا أخاك- قال و بعض الناس يزعم أن عبد الله بن عباس- هو الذي قال للحسين ذلك- قال الزبير و قال هشام بن عروة- كان أول ما أفصح به عمي عبد الله و هو صغير السيف- فكان لا يضعه من فيه- و كان أبوه الزبير إذا سمع منه ذلك يقول- أما و الله ليكونن لك منه يوم و يوم و أيام- . فأما خبر مقتل عبد الله بن الزبير- فنحن نورده من تاريخ أبي جعفر- محمد بن جرير الطبري رحمه الله- قال أبو جعفر- حصر الحجاج عبد الله بن الزبير ثمانية أشهر- فروى إسحاق بن يحيى عن يوسف بن ماهك قال- رأيت منجنيق أهل الشام يرمى به- فرعدت السماء و برقت- و علا صوت الرعد على صوت المنجنيق- فأعظم أهل الشام ما سمعوه فأمسكوا أيديهم- فرفع الحجاج بركة قبائه فغرزها في منطقته- و رفع حجر المنجنيق فوضعه فيه- ثم قال ارموا و رمى معهم- قال ثم أصبحوا فجاءت صاعقة يتبعها أخرى- فقتلت من أصحاب الحجاج أثنى عشر رجلا- فأنكر أهل الشام- فقال الحجاج يا أهل الشام لا تنكروا هذا- فإني ابن تهامة هذه صواعق تهامة- هذا الفتح قد حضر فأبشروا- فإن القوم يصيبهم مثل ما أصابكم- فصعقت من الغد- فأصيب من أصحاب ابن الزبير عدة ما أصاب الحجاج- فقال الحجاج أ لا ترون أنهم يصابون و أنتم على الطاعة- و هم على خلاف الطاعة- فلم تزل الحرب بين ابن الزبير و الحجاج- حتى تفرق عامة أصحاب ابن الزبير عنه- و خرج عامة أهل مكة إلى الحجاج في الأمان- . قال و روى إسحاق بن عبيد الله- عن المنذر بن الجهم الأسلمي قال- رأيت ابن الزبير و قد خذله من معه خذلانا شديدا- و جعلوا يخرجون إلى الحجاج- خرج إليه منهم نحو عشرة آلاف- و ذكر أنه كان ممن فارقه- و خرج إلى الحجاج ابناه خبيب و حمزة- فأخذا من الحجاج لأنفسهما أمانا- .

قال أبو جعفر فروى محمد بن عمر عن ابن أبي الزناد- عن مخرمة بن سلمان الوالبي قال- دخل عبد الله بن الزبير على أمه- حين رأى من الناس ما رأى من خذلانه- فقال يا أمه خذلني الناس حتى ولدي و أهلي- و لم يبق معي إلا اليسير ممن ليس عنده من الدفع- أكثر من صبر ساعة- و القوم يعطونني ما أردت من الدنيا- فما رأيك فقالت أنت يا بني أعلم بنفسك- إن كنت تعلم أنك على حق و إليه تدعو فامض له- فقد قتل عليه أصحابك- و لا تمكن من رقبتك يتلعب بك غلمان بني أمية- و إن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت- أهلكت نفسك و أهلكت من قتل معك- و إن قلت قد كنت على حق فلما وهن أصحابي وهنت و ضعفت- فليس هذا فعل الأحرار و لا أهل الدين- و كم خلودك في الدنيا- القتل أحسن فدنا ابن الزبير فقبل رأسها- و قال هذا و الله رأيي- الذي قمت به داعيا إلى يومي هذا- و ما ركنت إلى الدنيا و لا أحببت الحياة فيها- و لم يدعني إلى الخروج إلا الغضب لله أن تستحل محارمه- و لكني أحببت أن أعلم رأيك فزدتني بصيرة مع بصيرتي- فانظري يا أمه فإني مقتول من يومي هذا- فلا يشتد حزنك و سلمي لأمر الله- فإن ابنك لم يتعمد إتيان منكر و لا عملا بفاحشة- و لم يجر في حكم و لم يغدر في أمان- و لم يتعمد ظلم مسلم و لا معاهد- و لم يبلغني ظلم عن عمالي فرضيت به بل أنكرته- و لم يكن شي ء آثر عندي من رضا ربي- اللهم إني لا أقول هذا تزكية مني لنفسي أنت أعلم بي- و لكنني أقوله تعزية لأمي لتسلو عني- فقالت أمه- إني لأرجو من الله أن يكون عزائي فيك حسنا إن تقدمتني- فلا أخرج من الدنيا حتى أنظر إلى ما يصير أمرك- فقال جزاك الله يا أمه خيرا- فلا تدعي الدعاء لي قبل و بعد قالت لا أدعه أبدا- فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق- ثم قالت اللهم ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل- و ذلك النحيب و الظمأ في هواجر المدينة و مكة- و بره بأبيه و بي- اللهم إني قد سلمته لأمرك فيه و رضيت بما قضيت- فأثبني في عبد الله ثواب الصابرين الشاكرين- . قال أبو جعفر و روى محمد بن عمر- عن موسى بن يعقوب بن عبد الله عن عمه قال- دخل ابن الزبير على أمه و عليه الدرع و المغفر- فوقف فسلم ثم دنا فتناول يدها فقبلها- فقالت هذا وداع فلا تبعد فقال نعم إني جئت مودعا- إني لأرى أن هذا اليوم آخر يوم من الدنيا يمر بي- و اعلمي يا أمه- إني إن قتلت فإنما أنا لحم لا يضره ما صنع به- فقالت صدقت يا بني أتمم على بصيرتك- و لا تمكن ابن أبي عقيل منك- و ادن مني أودعك فدنا منها فقبلها و عانقها- فقالت حيث مست الدرع ما هذا صنيع من يريد ما تريد- فقال ما لبستها إلا لأشد منك فقالت إنها لا تشد مني- فنزعها ثم أخرج كميه و شد أسفل قميصه- و عمد إلى جبة خز تحت القميص- فأدخل أسفلها في المنطقة- فقالت أمه شمر ثيابك فشمرها- ثم انصرف و هو يقول-

إني إذا أعرف يومي أصبر إذ بعضهم يعرف ثم ينكر

- . فسمعت العجوز قوله فقالت تصبر و الله- و لم لا تصبر و أبوك أبو بكر و الزبير- و أمك صفية بنت عبد المطلب- . قال و روى محمد بن عمر عن ثور بن يزيد- عن رجل من أهل حمص قال- شهدته و الله ذلك اليوم و نحن خمسمائة من أهل حمص- فدخل من باب المسجد لا يدخل منه غيرنا- و هو يشد علينا و نحن منهزمون و هو يرتجز-

إني إذا أعرف يومي اصبر و إنما يعرف يوميه الحر

و بعضهم يعرف ثم ينكر

- . فأقول أنت و الله الحر الشريف- فلقد رأيته يقف بالأبطح لا يدنو منه أحد- حتى ظننا أنه لا يقتل- . قال و روى مصعب بن ثابت عن نافع مولى بني أسد قال- رأيت الأبواب قد شحنت بأهل الشام- و جعلوا على كل باب قائدا و رجالا و أهل بلد- فكان لأهل حمص الباب الذي يواجه باب الكعبة- و لأهل دمشق باب بني شيبة- و لأهل الأردن باب الصفا- و لأهل فلسطين باب بني جمح و لأهل قنسرين باب بني سهم- و كان الحجاج و طارق بن عمرو في ناحية الأبطح إلى المروة- فمرة يحمل ابن الزبير في هذه الناحية- و لكأنه أسد في أجمة ما يقدم عليه الرجال- فيعدو في أثر الرجال و هم على الباب حتى يخرجهم- ثم يصيح إلى عبد الله بن صفوان يا أبا صفوان- ويل أمه فتحا لو كان له رجال- ثم يقول

لو كان قرني واحدا كفيته

- . فيقول عبد الله بن صفوان إي و الله و ألفا- . قال أبو جعفر فلما كان يوم الثلاثاء- صبيحة سبع عشرة من جمادى الأولى سنة ثلاث و سبعين- و قد أخذ الحجاج على ابن الزبير بالأبواب- بات ابن الزبير تلك الليلة يصلي عامة الليل- ثم احتبى بحمائل سيفه فأغفى ثم انتبه بالفجر- فقال أذن يا سعد فأذن عند المقام- و توضأ ابن الزبير و ركع ركعتي الفجر- ثم تقدم و أقام المؤذن- فصلى ابن الزبير بأصحابه فقرأ ن و القلم حرفا حرفا- ثم سلم ثم قام فحمد الله و أثنى عليه- ثم قال اكشفوا وجوهكم حتى أنظر- و عليها المغافر و العمائم فكشفوا وجوههم- فقال يا آل الزبير لو طبتم لي نفسا عن أنفسكم- كنا أهل بيت من العرب اصطلمنا لم تصبنا مذلة- و لم نقر على ضيم- أما بعد يا آل الزبير فلا يرعكم وقع السيوف- فإني لم أحضر موطنا قط ارتثثت فيه بين القتلى- و ما أجد من دواء جراحها أشد مما أجد من ألم وقعها- صونوا سيوفكم كما تصونون وجوهكم- لا أعلم امرأ كسر سيفه و استبقى نفسه- فإن الرجل إذا ذهب سلاحه فهو كالمرأة أعزل- غضوا أبصاركم عن البارقة- و ليشغل كل امرئ قرنه- و لا يلهينكم السؤال عني و لا تقولن أين عبد الله بن الزبير- ألا من كان سائلا عني فإني في الرعيل الأول- ثم قال أبى لابن سلمى أنه غير خالد يلاقي المنايا أي وجه تيمما

فلست بمبتاع الحياة بسبة

و لا مرتق من خشية الموت سلما

- . ثم قال احملوا على بركة الله- ثم حمل حتى بلغ بهم إلى الحجون- فرمي بحجر فأصاب وجهه فأرعش و دمي وجهه- فلما وجد سخونة الدم تسيل على وجهه و لحيته قال-

و لسنا على الأعقاب تدمى كلومنا و لكن على أقدامنا تقطر الدما

- . قال و تقاووا عليه و صاحت مولاة له مجنونة- وا أمير المؤمنيناه و قد كان هوى- و رأته حين هوى فأشارت لهم إليه- فقتل و إن عليه لثياب خز- و جاء الخبر إلى الحجاج- فسجد و سار هو و طارق بن عمرو فوقفا عليه- فقال طارق ما ولدت النساء أذكر من هذا- فقال الحجاج أ تمدح من يخالف طاعة أمير المؤمنين- فقال طارق هو أعذر لنا و لو لا هذا ما كان لنا عذر- إنا محاصروه و هو في غير خندق و لا حصن و لا منعة- منذ ثمانية أشهر ينتصف منا- بل يفضل علينا في كل ما التقينا نحن و هو- قال فبلغ كلامهما عبد الملك فصوب طارقا- . قال و بعث الحجاج برأس ابن الزبير- و رأس عبد بن صفوان- و رأس عمارة بن عمرو بن حزم إلى المدينة- فنصبت الثلاثة بها ثم حملت إلى عبد الملك- . و نحن الآن نذكر بقية أخبار عبد الله بن الزبير- ملتقطة من مواضع متفرقة- رئي عبد الله بن الزبير في أيام معاوية- واقفا بباب مية مولاة معاوية- فقيل له يا أبا بكر مثلك يقف بباب هذه- فقال إذا أعيتكم الأمور من رءوسها فخذوها من أذنابها- . ذكر معاوية لعبد الله بن الزبير يزيد ابنه- و أراد منه البيعة له فقال ابن الزبير- أنا أناديك و لا أناجيك إن أخاك من صدقك- فانظر قبل أن تقدم و تفكر قبل أن تندم- فإن النظر قبل التقدم و التفكر قبل التندم- فضحك معاوية و قال- تعلمت يا أبا بكر الشجاعة عند الكبر- . كان عبد الله بن الزبير شديد البخل- كان يطعم جنده تمرا و يأمرهم بالحرب- فإذا فروا من وقع السيوف لامهم و قال لهم- أكلتم تمري و عصيتم أمري- فقال بعضهم

أ لم تر عبد الله و الله غالب على أمره يبغي الخلافة بالتمر

- . و كسر بعض جنده خمسة أرماح في صدور أصحاب الحجاج- و كلما كسر رمحا أعطاه رمحا فشق عليه ذلك- و قال خمسة أرماح لا يحتمل بيت مال المسلمين هذا- . قال و جاءه أعرابي سائل فرده فقال له- لقد أحرقت الرمضاء قدمي- فقال بل عليهما يبردان- . جمع عبد الله بن الزبير محمد بن الحنفية- و عبد الله بن عباس في سبعة عشر رجلا من بني هاشم- منهم الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ع- و حصرهم في شعب بمكة يعرف بشعب عارم- و قال لا تمضي الجمعة حتى تبايعوا إلي- أو أضرب أعناقكم أو أحرقكم بالنار- ثم نهض إليهم قبل الجمعة يريد إحراقهم بالنار- فالتزمه ابن مسور بن مخرمة الزهري- و ناشده الله أن يؤخرهم إلى يوم الجمعة- فلما كان يوم الجمعة- دعا محمد بن الحنفية بغسول و ثياب بيض- فاغتسل و تلبس و تحنط لا يشك في القتل- و قد بعث المختار بن أبي عبيد من الكوفة- أبا عبد الله الجدلي في أربعة آلاف- فلما نزلوا ذات عرق تعجل منهم سبعون على رواحلهم- حتى وافوا مكة صبيحة الجمعة ينادون يا محمد يا محمد- و قد شهروا السلاح حتى وافوا شعب عارم- فاستخلصوا محمد بن الحنفية و من كان معه- و بعث محمد بن الحنفية الحسن بن الحسن ينادي- من كان يرى أن الله عليه حقا فليشم سيفه- فلا حاجة لي بأمر الناس إن أعطيتها عفوا قبلتها- و إن كرهوا لم نبتزهم أمرهم- . و في شعب عارم و حصار ابن الحنفية فيه- يقول كثير بن عبد الرحمن-

و من ير هذا الشيخ بالخيف من منى من الناس يعلم أنه غير ظالم

سمي النبي المصطفى و ابن عمه

و حمال أثقال و فكاك غارم

تخبر من لاقيت أنك عائذ بل العائذ المحبوس في سجن عارم

- . و روى المدائني قال- لما أخرج ابن الزبير عبد الله بن عباس- من مكة إلى الطائف مر بنعمان فنزل فصلى ركعتين- ثم رفع يديه يدعو فقال اللهم إنك تعلم- أنه لم يكن بلد أحب إلي من أن أعبدك فيه من البلد الحرام- و إنني لا أحب أن تقبض روحي إلا فيه- و أن ابن الزبير أخرجني منه ليكون الأقوى في سلطانه- اللهم فأوهن كيده و اجعل دائرة السوء عليه- فلما دنا من الطائف تلقاه أهلها فقالوا- مرحبا بابن عم رسول الله ص- أنت و الله أحب إلينا و أكرم علينا ممن أخرجك- هذه منازلنا تخيرها فانزل منها حيث أحببت- فنزل منزلا- فكان يجلس إليه أهل الطائف بعد الفجر و بعد العصر- فيتكلم بينهم كان يحمد الله و يذكر النبي ص و الخلفاء بعده- و يقول ذهبوا فلم يدعوا أمثالهم و لا أشباههم- و لا من يدانيهم- و لكن بقي أقوام يطلبون الدنيا بعمل الآخرة- و يلبسون جلود الضأن تحتها قلوب الذئاب و النمور- ليظن الناس أنهم من الزاهدين في الدنيا- يراءون الناس بأعمالهم و يسخطون الله بسرائرهم- فادعوا الله أن يقضي لهذه الأمة بالخير و الإحسان- فيولي أمرها خيارها و أبرارها- و يهلك فجارها و أشرارها- ارفعوا أيديكم إلى ربكم و سلوه ذلك- فيفعلون- فبلغ ذلك ابن الزبير فكتب إليه- أما بعد فقد بلغني أنك تجلس بالطائف العصرين- فتفتيهم بالجهل تعيب أهل العقل و العلم- و إن حلمي عليك و استدامتي فيئك جرأك علي- فاكفف لا أبا لغيرك من غربك و اربع على ظلعك- و اعقل إن كان لك معقول و أكرم نفسك- فإنك إن تهنها تجدها على الناس أعظم هوانا- أ لم تسمع قول الشاعر-

فنفسك أكرمها فإنك إن تهن عليك فلن تلقى لها الدهر مكرما

- . و إني أقسم بالله لئن لم تنته عما بلغني عنك- لتجدن جانبي خشنا- و لتجدنني إلى ما يردعك عني عجلا- فر رأيك- فإن أشفى بك شقاؤك على الردى فلا تلم إلا نفسك- فكتب إليه ابن عباس- أما بعد فقد بلغني كتابك- قلت إني أفتي الناس بالجهل- و إنما يفتي بالجهل من لم يعرف من العلم شيئا- و قد آتاني الله من العلم ما لم يؤتك- و ذكرت أن حلمك عني و استدامتك فيئي جرأني عليك- ثم قلت اكفف من غربك و اربع على ظلعك- و ضربت لي الأمثال أحاديث الضبع- متى رأيتني لعرامك هائبا و من حدك ناكلا- و قلت لئن لم تكفف لتجدن جانبي خشنا- فلا أبقى الله عليك إن أبقيت- و لا أرعى عليك إن أرعيت- فو الله أنتهي عن قول الحق و صفة أهل العدل و الفضل- و ذم الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا- و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا و السلام- . قدم معاوية المدينة راجعا من حجة حجها- فكثر الناس عليه في حوائجهم- فقال لصاحب إبله- قدم إبلك ليلا حتى أرتحل ففعل ذلك- و سار و لم يعلم بأمره إلا عبد الله بن الزبير- فإنه ركب فرسه و قفا أثره- و معاوية نائم في هودجه فجعل يسير إلى جانبه- فانتبه معاوية و قد سمع وقع حافر الفرس- فقال من صاحب الفرس قال أنا أبو خبيب- لو قد قتلتك منذ الليلة يمازحه- فقال معاوية كلا لست من قتلة الملوك- إنما يصيد كل طائر قدره- فقال ابن الزبير إلي تقول هذا- و قد وقفت في الصف بإزاء علي بن أبي طالب- و هو من تعلم- فقال معاوية لا جرم- أنه قتلك و أباك بيسرى يديه- و بقيت يده اليمنى فارغة يطلب من يقتله بها- فقال ابن الزبير أما و الله ما كان ذاك- إلا في نصر عثمان فلم نجز به- فقال معاوية خل هذا عنك- فو الله لو لا شدة بغضك ابن أبي طالب- لجررت برجل عثمان مع الضبع- فقال ابن الزبير أ فعلتها يا معاوية- أما إنا قد أعطيناك عهدا و نحن وافون لك به ما دمت حيا- و لكن ليعلمن من بعدك- فقال معاوية أما و الله ما أخافك إلا على نفسك- و لكأني بك و أنت مشدود مربوط في الأنشوطة- و أنت تقول ليت أبا عبد الرحمن كان حيا- و ليتني كنت حيا يومئذ فأحلك حلا رفيقا- و لبئس المطلق و المعتق و المسنون عليه أنت يومئذ-  دخل عبد الله بن الزبير على معاوية- و عنده عمرو بن العاص فتكلم عمرو- و أشار إلى ابن الزبير فقال- هذا و الله يا أمير المؤمنين الذي غرته أناتك- و أبطره حلمك- فهو ينزو في نشطته نزو العير في حبالته- كلما قمصته الغلواء و الشرة- سكنت الأنشوطة منه النفرة- و أحر به أن يئول إلى القلة أو الذلة- فقال ابن الزبير أما و الله يا ابن العاص- لو لا أن الإيمان ألزمنا بالوفاء و الطاعة للخلفاء- فنحن لا نريد بذلك بدلا و لا عنه حولا- لكان لنا و له و لك شأن- و لو وكله القضاء إلى رأيك و مشورة نظرائك- لدافعناه بمنكب لا تئوده المزاحمة- و لقاذفناه بحجر لا تنكؤه المراجمة- فقال معاوية أما و الله يا ابن الزبير لو لا إيثاري الأناة على العجل- و الصفح على العقوبة و أني كما قال الأول-

أجامل أقواما حياء و قد أرى قلوبهم تغلي علي مراضها

- . إذا لقرنتك إلى سارية من سواري الحرم- تسكن بها غلواءك و ينقطع عندها طمعك- و تنقص من أملك- ما لعلك قد لويته فشزرته و فتلته فأبرمته- و ايم الله إنك من ذلك لعلى شرف جرف بعيد الهوة- فكن على نفسك ولها- فما توبق و لا تنفذ غيرها فشأنك و إياها- . قطع عبد الله بن الزبير في الخطبة- ذكر رسول الله ص جمعا كثيرة- فاستعظم الناس ذلك فقال- إني لا أرغب عن ذكره- و لكن له أهيل سوء إذا ذكرته أتلعوا أعناقهم- فأنا أحب أن أكبتهم- . لما كاشف عبد الله بن الزبير بني هاشم- و أظهر بغضهم و عابهم و هم بما هم به في أمرهم- و لم يذكر رسول الله ص في خطبة- لا يوم الجمعة و لا غيرها عاتبه على ذلك قوم من خاصته- و تشاءموا بذلك منه و خافوا عاقبته- فقال و الله ما تركت ذلك علانية- إلا و أنا أقوله سرا و أكثر منه- لكني رأيت بني هاشم إذا سمعوا ذكره- اشرأبوا و احمرت ألوانهم و طالت رقابهم- و الله ما كنت لآتي لهم سرورا و أنا أقدر عليه- و الله لقد هممت أن أحظر لهم حظيرة- ثم أضرمها عليهم نارا- فإني لا أقتل منهم إلا آثما كفارا سحارا- لا أنماهم الله و لا بارك عليهم- بيت سوء لا أول لهم و لا آخر- و الله ما ترك نبي الله فيهم خيرا- استفرع نبي الله صدقهم فهم أكذب الناس- . فقام إليه محمد بن سعد بن أبي وقاص فقال- وفقك الله يا أمير المؤمنين- أنا أول من أعانك في أمرهم- فقام عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي فقال- و الله ما قلت صوابا و لا هممت برشد- أ رهط رسول الله ص تعيب- و إياهم تقتل و العرب حولك- و الله لو قتلت عدتهم أهل بيت من الترك مسلمين- ما سوغه الله لك- و الله لو لم ينصرهم الناس منك لنصرهم الله بنصره- فقال اجلس أبا صفوان فلست بناموس- . فبلغ الخبر عبد الله بن العباس- فخرج مغضبا و معه ابنه حتى أتى المسجد- فقصد قصد المنبر فحمد الله و أثنى عليه- و صلى على رسول الله ص ثم قال- أيها الناس إن ابن الزبير- يزعم أن لا أول لرسول الله ص و لا آخر- فيا عجبا كل العجب لافترائه و لكذبه- و الله إن أول من أخذ الإيلاف و حمى عيرات-  قريش لهاشم- و إن أول من سقى بمكة عذبا- و جعل باب الكعبة ذهبا لعبد المطلب- و الله لقد نشأت ناشئتنا مع ناشئة قريش- و إن كنا لقالتهم إذا قالوا و خطباءهم إذا خطبوا- و ما عد مجد كمجد أولنا و لا كان في قريش مجد لغيرنا- لأنها في كفر ماحق و دين فاسق- و ضلة و ضلالة في عشواء عمياء- حتى اختار الله تعالى لها نورا و بعث لها سراجا- فانتجبه طيبا من طيبين لا يسبه بمسبة- و لا يبغي عليه غائلة- فكان أحدنا و ولدنا و عمنا و ابن عمنا- ثم إن أسبق السابقين إليه منا و ابن عمنا- ثم تلاه في السبق أهلنا و لحمتنا واحدا بعد واحد- . ثم إنا لخير الناس بعده و أكرمهم أدبا- و أشرفهم حسبا و أقربهم منه رحما- . وا عجبا كل العجب لابن الزبير يعيب بني هاشم- و إنما شرف هو و أبوه و جده بمصاهرتهم- أما و الله إنه لمسلوب قريش- و متى كان العوام بن خويلد يطمع في صفية بنت عبد المطلب قيل للبغل من أبوك يا بغل فقال خالي الفرس- ثم نزل- . خطب ابن الزبير بمكة على المنبر- و ابن عباس جالس مع الناس تحت المنبر- فقال إن هاهنا رجلا قد أعمى الله قلبه كما أعمى بصره- يزعم أن متعة النساء حلال من الله و رسوله- و يفتي في القملة و النملة- و قد احتمل بيت مال البصرة بالأمس- و ترك المسلمين بها يرتضخون النوى- و كيف ألومه في ذلك- و قد قاتل أم المؤمنين و حواري رسول الله ص- و من وقاه بيده- . فقال ابن عباس لقائده سعد بن جبير بن هشام- مولى بني أسد بن خزيمة- استقبل بي وجه ابن الزبير و ارفع من صدري- و كان ابن عباس قد كف بصره- فاستقبل به قائده وجه ابن الزبير- و أقام قامته فحسر عن ذراعيه- ثم قال يا ابن الزبير-

قد أنصف القارة من راماها إنا إذا ما فئة نلقاها

نرد أولاها على أخراها

حتى تصير حرضا دعواها

- . يا ابن الزبير أما العمى فإن الله تعالى يقول- فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ- و أما فتياي في القملة و النملة- فإن فيها حكمين لا تعلمها أنت و لا أصحابك- و أما حملي المال فإنه كان مالا جبيناه- فأعطينا كل ذي حق حقه- و بقيت بقية هي دون حقنا في كتاب الله فأخذناها بحقنا- و أما المتعة فسل أمك أسماء إذا نزلت عن بردي عوسجة- و أما قتالنا أم المؤمنين- فبنا سميت أم المؤمنين لا بك و لا بأبيك- فانطلق أبوك و خالك إلى حجاب مده الله عليها- فهتكاه عنها- ثم اتخذاها فتنة يقاتلان دونها- و صانا حلائلهما في بيوتهما- فما أنصفا الله و لا محمدا من أنفسهما- أن أبرزا زوجة نبيه و صانا حلائلهما- و أما قتالنا إياكم فإنا لقينا زحفا- فإن كنا كفارا فقد كفرتم بفراركم منا- و إن كنا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم إيانا- و ايم الله لو لا مكان صفية فيكم و مكان خديجة فينا- لما تركت لبني أسد بن عبد العزى عظما إلا كسرته- . فلما عاد ابن الزبير إلى أمه سألها عن بردي عوسجة- فقالت أ لم أنهك عن ابن عباس و عن بني هاشم- فإنهم كعم الجواب إذا بدهوا- فقال بلى و عصيتك- . فقالت يا بني احذر هذا الأعمى- الذي ما أطاقته الإنس و الجن- و اعلم أن عنده فضائح قريش و مخازيها بأسرها- فإياك و إياه آخر الدهر- فقال أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي-

يا ابن الزبير لقد لاقيت بائقة من البوائق فالطف لطف محتال

لاقيته هاشميا طاب منبته

في مغرسيه كريم العم و الخال

ما زال يقرع عنك العظم مقتدرا على الجواب بصوت مسمع عال

حتى رأيتك مثل الكلب منجحرا

خلف الغبيط و كنت الباذخ العالي

إن ابن عباس المعروف حكمته خير الأنام له حال من الحال

عيرته المتعة المتبوع سنتها

و بالقتال و قد عيرت بالمال

لما رماك على رسل بأسهمه جرت عليك بسيف الحال و البال

فاحتز مقولك الأعلى بشفرته

حزا وحيا بلا قيل و لا قال

و اعلم بأنك إن عاودت غيبته عادت عليك مخاز ذات أذيال

- . و روى عثمان بن طلحة العبدري قال- شهدت من ابن عباس رحمه الله مشهدا- ما سمعته من رجل من قريش- كان يوضع إلى جانب سرير مروان بن الحكم- و هو يومئذ أمير المدينة- سرير آخر أصغر من سريره- فيجلس عليه عبد الله بن عباس إذا دخل- و توضع الوسائد فيما سوى ذلك- فأذن مروان يوما للناس- و إذا سرير آخر قد أحدث تجاه سرير مروان- فأقبل ابن عباس فجلس على سريره- و جاء عبد الله بن الزبير فجلس على السرير المحدث- و سكت مروان و القوم- فإذا يد ابن الزبير تتحرك فعلم أنه يريد أن ينطق- ثم نطق فقال إن ناسا يزعمون- أن بيعة أبي بكر كانت غلطا و فلتة و مغالبة- ألا إن شأن أبي بكر أعظم من أن يقال فيه هذا- و يزعمون أنه لو لا ما وقع لكان الأمر لهم و فيهم- و الله ما كان من أصحاب محمد ص أحد أثبت إيمانا- و لا أعظم سابقة من أبي بكر- فمن قال غير ذلك فعليه لعنة الله- فأين هم حين عقد أبو بكر لعمر فلم يكن إلا ما قال- ثم ألقى عمر حظهم في حظوظ و جدهم في جدود- فقسمت تلك الحظوظ فأخر الله سهمهم و أدحض جدهم- و ولي الأمر عليهم من كان أحق به منهم- فخرجوا عليه خروج اللصوص على التاجر خارجا من القرية- فأصابوا منه غرة فقتلوه ثم قتلهم الله به قتلة- و صاروا مطرودين تحت بطون الكواكب- . فقال ابن عباس- على رسلك أيها القائل في أبي بكر و عمر و الخلافة- أما و الله ما نالا و لا نال أحد منهما شيئا- إلا و صاحبنا خير ممن نالا- و ما أنكرنا تقدم من تقدم لعيب عبناه عليه- و لو تقدم صاحبنا لكان أهلا و فوق الأهل- و لو لا أنك إنما تذكر حظ غيرك- و شرف امرئ سواك لكلمتك- و لكن ما أنت و ما لا حظ لك فيه اقتصر على حظك- و دع تيما لتيم و عديا لعدي و أمية لأمية- و لو كلمني تيمي أو عدوي أو أموي- لكلمته و أخبرته خبر حاضر عن حاضر- لا خبر غائب عن غائب- و لكن ما أنت و ما ليس عليك- فإن يكن في أسد بن عبد العزى شي ء فهو لك- أما و الله لنحن أقرب بك عهدا و أبيض عندك يدا- و أوفر عندك نعمة ممن أمسيت- تظن أنك تصول به علينا و ما أخلق ثوب صفية بعد- و الله المستعان على ما تصفون- .  أوصى معاوية يزيد ابنه لما عقد له الخلافة بعده- فقال إني لا أخاف عليك- إلا ممن أوصيك بحفظ قرابته و رعاية حق رحمه- من القلوب إليه مائلة و الأهواء نحوه جانحة- و الأعين إليه طامحة- و هو الحسين بن علي- فاقسم له نصيبا من حلمك- و اخصصه بقسط وافر من مالك- و متعه بروح الحياة و أبلغ له كل ما أحب في أيامك- فأما من عداه فثلاثة- و هم عبد الله بن عمر رجل قد وقذته العبادة- فليس يريد الدنيا إلا أن تجيئه طائعة- لا تراق فيها محجمة دم- و عبد الرحمن بن أبي بكر رجل هقل- لا يحمل ثقلا و لا يستطيع نهوضا- و ليس بذي همة و لا شرف و لا أعوان- و عبد الله بن الزبير و هو الذئب الماكر- و الثعلب الخاتر- فوجه إليه جدك و عزمك و نكيرك و مكرك- و اصرف إليه سطوتك و لا تثق إليه في حال- فإنه كالثعلب راغ بالختل عند الإرهاق- و الليث صال بالجراءة عند الإطلاق- و أما ما بعد هؤلاء فإني قد وطئت لك الأمم- و ذللت لك أعناق المنابر- و كفيتك من قرب منك و من بعد عنك- فكن للناس كما كان أبوك لهم- يكونوا لك كما كانوا لأبيك- . خطب عبد الله بن الزبير أيام يزيد بن معاوية- فقال في خطبته يزيد القرود يزيد الفهود- يزيد الخمور يزيد الفجور- أما و الله لقد بلغني أنه لا يزال مخمورا يخطب الناس- و هو طافح في سكره- فبلغ ذلك يزيد بن معاوية فما أمسى ليلته حتى جهز جيش الحرة- و هو عشرون ألفا- و جلس و الشموع بين يديه و عليه ثياب معصفرة- و الجنود تعرض عليه ليلا- فلما أصبح خرج فأبصر الجيش و رأى تعبيته فقال-

أبلغ أبا بكر إذا الجيش انبرى و أخذ القوم على وادي القرى

عشرين ألفا بين كهل و فتى أ جمع سكران من القوم ترى

أم جمع ليث دونه ليث الشرى

- . لما خرج الحسين ع من مكة إلى العراق- ضرب عبد الله بن عباس بيده على منكب ابن الزبير و قال-

يا لك من قبرة بمعمر خلا لك الجو فبيضي و اصفري

و نقري ما شئت أن تنقري

هذا الحسين سائر فأبشري

. خلا الجو و الله لك يا ابن الزبير- و سار الحسين إلى العراق- فقال ابن الزبير يا ابن عباس- و الله ما ترون هذا الأمر إلا لكم- و لا ترون إلا أنكم أحق به من جميع الناس- فقال ابن عباس إنما يرى من كان في شك- و نحن من ذلك على يقين- و لكن أخبرني عن نفسك بما ذا تروم هذا الأمر- قال بشرفي قال و بما ذا شرفت إن كان لك شرف- فإنما هو بنا فنحن أشرف منك لأن شرفك منا- و علت أصواتهما فقال غلام من آل الزبير- دعنا منك يا ابن عباس- فو الله لا تحبوننا يا بني هاشم و لا نحبكم أبدا- فلطمه عبد الله بن الزبير بيده- و قال أ تتكلم و أنا حاضر- فقال ابن عباس لم ضربت الغلام- و الله أحق بالضرب منه من مزق و مرق- قال و من هو قال أنت- . قال و اعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما- . دخل عبد الله بن الزبير على معاوية فقال- اسمع أبياتا قلتها عاتبتك فيها- قال هات فأنشده-

لعمري ما أدري و إني لأوجل على أينا تعدو المنية أول

و إني أخوك الدائم العهد لم أزل

إن أعياك خصم أو نبا بك منزل

أحارب من حاربت من ذي عداوة و أحبس يوما إن حبست فأعقل

و إن سؤتني يوما صفحت إلى غد

ليعقب يوم منك آخر مقبل

ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني يمينك فانظر أي كف تبدل

إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته

على طرف الهجران إن كان يعقل

و يركب حد السيف من أن تضيمه إذا لم يكن عن شفرة السيف معدل

و كنت إذا ما صاحب مل صحبتي

و بدل شرا بالذي كنت أفعل

قلبت له ظهر المجن و لم أقم على الضيم إلا ريثما أتحول

و في الناس إن رثت حبالك واصل

و في الأرض عن دار القلى متحول

إذا انصرفت نفسي عن الشي ء لم تكد إليه بوجه آخر الدهر تقبل

- . فقال معاوية لقد شعرت بعدي يا أبا خبيب- و بينما هما في ذلك دخل معن بن أوس المزني- فقال له معاوية إيه هل أحدثت بعدنا شيئا قال نعم- قال قل فأنشد هذه الأبيات- فعجب معاوية و قال لابن الزبير- أ لم تنشدها لنفسك آنفا- فقال أنا سويت المعاني و هو ألف الألفاظ و نظمها- و هو بعد ظئري فما قال من شي ء فهو لي- و كان ابن الزبير مسترضعا في مزينة- فقال معاوية و كذبا يا أبا خبيب- فقام عبد الله فخرج- . و قال الشعبي فقد رأيت عجبا بفناء الكعبة- أنا و عبد الله بن الزبير و عبد الملك بن مروان- و مصعب بن الزبير- فقام القوم بعد ما فرغوا من حديثهم- فقالوا ليقم كل واحد منكم فليأخذ بالركن اليماني- ثم يسأل الله تعالى حاجته- فقام عبد الله بن الزبير فالتزم الركن و قال- اللهم إنك عظيم ترجى لكل عظيم- أسألك بحرمة وجهك و حرمة عرشك و حرمة بيتك هذا- ألا تخرجني من الدنيا حتى ألي الحجاز- و يسلم علي بالخلافة و جاء فجلس- . فقام أخوه مصعب فالتزم الركن و قال- اللهم رب كل شي ء و إليك مصير كل شي ء- أسألك بقدرتك على كل شي ء ألا تميتني حتى ألي العراق- و أتزوج سكينة بنت الحسين بن علي- ثم جاء فجلس- . فقام عبد الملك فالتزم الركن و قال- اللهم رب السموات السبع و الأرض ذات النبت و القفر- أسألك بما سألك به المطيعون لأمرك- و أسألك بحق وجهك و بحقك على جميع خلقك- ألا تميتني حتى ألي شرق الأرض و غربها- لا ينازعني أحد إلا ظهرت عليه- ثم جاء فجلس- . فقام عبد الله بن عمر فأخذ بالركن و قال- يا رحمان يا رحيم أسألك برحمتك التي سبقت غضبك- و بقدرتك على جميع خلقك- ألا تميتني حتى توجب لي الرحمة- . قال الشعبي فو الله ما خرجت من الدنيا- حتى بلغ كل من الثلاثة ما سأل- و أخلق بعبد الله بن عمر أن تجاب دعوته- و أن يكون من أهل الرحمة- . قال الحجاج في خطبته يوم دخل الكوفة- هذا أدب ابن نهية أما و الله لأؤدبنكم غير هذا الأدب- . قال ابن ماكولا في كتاب الإكمال- يعني مصعب بن الزبير و عبد الله أخاه- و هي نهية بنت سعيد بن سهم بن هصيص- و هي أم ولد أسد بن عبد العزى بن قصي- و هذا من المواضع الغامضة- . و روى الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش قال- قدم وفد من العراق على عبد الله بن الزبير- فأتوه في المسجد الحرام فسلموا عليه- فسألهم عن مصعب أخيه و عن سيرته فيهم- فأثنوا عليه و قالوا خيرا- و ذلك في يوم جمعة فصلى عبد الله بالناس الجمعة- ثم صعد المنبر فحمد الله ثم تمثل-

قد جربوني ثم جربوني من غلوتين و من المئين

حتى إذا شابوا و شيبوني

خلوا عناني ثم سيبوني

- . أيها الناس إني قد سألت هذا الوفد من أهل العراق- عن عاملهم مصعب بن الزبير فأحسنوا الثناء عليه- و ذكروا عنه ما أحب- ألا إن مصعبا اطبى القلوب حتى لا تعدل به- و الأهواء حتى لا تحول عنه- و استمال الألسن بثنائها و القلوب بنصائحها- و الأنفس بمحبتها و هو المحبوب في خاصته- المأمون في عامته- بما أطلق الله به لسانه من الخير- و بسط به يديه من البذل- ثم نزل- . و روى الزبير قال- لما جاء عبد الله بن الزبير نعي المصعب- صعد المنبر فقال-  الحمد لله الذي له الخلق و الأمر- يؤتي الملك من يشاء و ينزع الملك ممن يشاء- و يعز من يشاء و يذل من يشاء- إلا و إنه لم يذلل الله من كان الحق معه و لو كان فردا- و لم يعزز الله ولي الشيطان و حزبه- و إن كان الأنام كلهم معه- إلا و إنه قد أتانا من العراق خبر أحزننا و أفرحنا- أتانا قتل المصعب رحمه الله- فأما الذي أحزننا- فإن لفراق الحميم لذعة يجدها حميمه عند المصيبة- ثم يرعوي بعدها ذو الرأي إلى جميل الصبر و كرم العزاء- و أما الذي أفرحنا فإن قتله كان عن شهادة- و إن الله تعالى جعل ذلك لنا و له ذخيرة- ألا إن أهل العراق أهل الغدر و النفاق- أسلموه و باعوه بأقل الثمن- فإن يقتل المصعب فإنا لله و إنا إليه راجعون- ما نموت جبحا كما يموت بنو العاص- ما نموت إلا قتلا قعصا بالرماح- و موتا تحت ظلال السيوف- ألا إنما الدنيا عارية من الملك الأعلى- الذي لا يزول سلطانه و لا يبيد- فإن تقبل الدنيا علي لا آخذها أخذ الأشر البطر- و إن تدبر عني لا أبكي عليها بكاء الخرف المهتر- و إن يهلك المصعب فإن في آل الزبير لخلفا- ثم نزل- . و روى الزبير بن بكار قال- خطب عبد الله بن الزبير بعد أن جاءه مقتل المصعب- فحمد الله و أثنى عليه ثم قال- لئن أصبت بمصعب فلقد أصبت بإمامي عثمان- فعظمت مصيبته ثم أحسن الله و أجمل- و لئن أصبت بمصعب فلقد أصبت بأبي الزبير- فعظمت مصيبته فظننت أني لا أجيزها- ثم أحسن الله و سلم و استمرت مريرتي- و هل كان مصعب إلا فتى من فتياني- ثم غلبه البكاء فسالت دموعه و قال- كان و الله سريا مريا- ثم قال هم دفعوا الدنيا على حين أعرضت كراما و سنوا للكرام التأسيا

- . و روى أبو العباس في الكامل- أن عروة لما صلب عبد الله- جاء إلى عبد الملك فوقف ببابه و قال للحاجب- أعلم أمير المؤمنين أن أبا عبد الله بالباب- فدخل الحاجب فقال رجل يقول قولا عظيما- قال و ما هو فتهيب فقال قل- قال رجل يقول قل لأمير المؤمنين- أبو عبد الله بالباب- فقال عبد الملك قل لعروة يدخل فدخل فقال- تأمر بإنزال جيفة أبي بكر فإن النساء يجزعن- فأمر بإنزاله- قال و قد كان كتب الحجاج إلى عبد الملك يقول- إن خزائن عبد الله عند عروة فمره فليسلمها- فدفع عبد الملك إلى عروة و ظن أنه يتغير- فلم يحفل بذلك كأنه ما قرأه- فكتب عبد الملك إلى الحجاج ألا يعرض لعروة- . و من الكلام المشهور في بخل عبد الله بن الزبير- الكلام الذي يحكى أن أعرابيا أتاه يستحمله- فقال قد نقب خف راحلتي- فاحملني إني قطعت الهواجر إليك عليها- فقال له ارقعها بسبت و اخصفها بهلب- و أنجد بها و سر بها البردين- فقال إنما أتيتك مستحملا لم آتك مستوصفا- لعن الله ناقة حملتني إليك- قال إن و راكبها- . و هذا الأعرابي هو فضالة بن شريك- فهجاه فقال

أرى الحاجات عند أبي خبيب نكدن و لا أمية بالبلاد

من الأعياص أو من آل حرب

أغر كغرة الفرس الجواد

- . دخل عبد الله بن الزبير على معاوية فقال- يا أمير المؤمنين لا تدعن مروان- يرمي جماهير قريش بمشاقصه و يضرب صفاتهم بمعوله- أما و الله إنه لو لا مكانك- لكان أخف على رقابنا من فراشه- و أقل في أنفسنا من خشاشة- و ايم الله لئن ملك أعنة خيل تنقاد له- لتركبن منه طبقا تخافه- . فقال معاوية إن يطلب مروان هذا الأمر- فقد طمع فيه من هو دونه- و إن يتركه يتركه لمن فوقه- و ما أراكم بمنتهين- حتى يبعث الله عليكم من لا يعطف عليكم بقرابة- و لا يذكركم عند ملمة- يسومكم خسفا و يسوقكم عسفا- . فقال ابن الزبير- إذن و الله يطلق عقال الحرب بكتائب تمور- كرجل الجراد تتبع غطريفا من قريش- لم تكن أمه راعية ثلة- . فقال معاوية أنا ابن هند أطلقت عقال الحرب- فأكلت ذروة السنام و شربت عنفوان المكرع- و ليس للآكل بعدي إلا الفلذة- و لا للشارب إلا الرنق- . فسكت ابن الزبير- . قدم عبد الله بن الزبير على معاوية وافدا- فرحب به و أدناه حتى أجلسه على سريره- ثم قال حاجتك أبا خبيب فسأله أشياء- ثم قال له سل غير ما سألت- قال نعم المهاجرون و الأنصار ترد عليهم فيئهم- و تحفظ وصية نبي الله فيهم- تقبل من محسنهم و تتجاوز عن مسيئهم- . فقال معاوية هيهات هيهات- لا و الله ما تأمن النعجة الذئب و قد أكل أليتها- . فقال ابن الزبير مهلا يا معاوية- فإن الشاة لتدر للحالب و إن المدية في يده- و إن الرجل الأريب ليصانع ولده الذي خرج من صلبه- و ما تدور الرحى إلا بقطبها- و لا تصلح القوس إلا بمعجسها- . فقال يا أبا خبيب- لقد أجررت الطروقة قبل هباب الفحل هيهات- و هي لا تصطك لحبائها اصطكاك القروم السوامي- فقال ابن الزبير العطن بعد العل و العل بعد النهل- و لا بد للرحاء من الثفال- ثم نهض ابن الزبير- . فلما كان العشاء أخذت قريش مجالسها- و خرج معاوية على بني أمية فوجد عمرو بن العاص فيهم- فقال ويحكم يا بني أمية- أ فيكم من يكفيني ابن الزبير- فقال عمرو أنا أكفيكه يا أمير المؤمنين- قال ما أظنك تفعل- قال بلى و الله لأربدن وجهه- و لأخرسن لسانه و لأردنه ألين من خميلة- . فقال دونك فاعرض له إذا دخل- فدخل ابن الزبير و كان قد بلغه كلام معاوية و عمرو- فجلس نصب عيني عمرو- فتحدثوا ساعة ثم قال عمرو-

و إني لنار ما يطاق اصطلاؤها لدي كلام معضل متفاقم

- . فأطرق ابن الزبير ساعة ينكت في الأرض- ثم رفع رأسه و قال-

و إني لبحر ما يسامى عبابه متى يلق بحري حر نارك يخمد

- . فقال عمرو و الله يا ابن الزبير- إنك ما علمت لمتجلبب جلابيب الفتنة- متأزر بوصائل التيه- تتعاطى الذرى الشاهقة و المعالي الباسقة- و ما أنت من قريش في لباب جوهرها- و لا مؤنق حسبها- . فقال ابن الزبير أما ما ذكرت من تعاطي الذرى- فإنه طال بي إليها وسما ما لا يطول بك مثله- أنف حمي و قلب ذكي و صارم مشرفي- في تليد فارع و طريف مانع- إذ قعد بك انتفاخ سحرك و وجيب قلبك- و أما ما ذكرت من أني لست من قريش في لباب جوهرها- و مؤنق حسبها- فقد حضرتني و إياك الأكفاء العالمون بي و بك- فاجعلهم بيني و بينك- . فقال القوم قد أنصفك يا عمرو قال قد فعلت- . فقال ابن الزبير أما إذ أمكنني الله منك- فلأربدن وجهك و لأخرسن لسانك- و لترجعن في هذه الليلة- و كان الذي بين منكبيك مشدود إلى عروق أخدعيك- ثم قال أقسمت عليكم يا معاشر قريش- أنا أفضل في دين الإسلام أم عمرو- فقالوا اللهم أنت قال فأبي أفضل أم أبوه- قالوا أبوك حواري رسول الله ص و ابن عمته- قال فأمي أفضل أم أمه- قالوا أمك أسماء بنت أبي بكر الصديق و ذات النطاقين- قال فعمتي أفضل أم عمته- قالوا عمتك سلمى ابنة العوام صاحبة رسول الله ص- أفضل من عمته- قال فخالتي أفضل أم خالته- قالوا خالتك عائشة أم المؤمنين- قال فجدتي أفضل أم جدته- فقال جدتك صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله ص- قال فجدي أفضل أم جده- قالوا جدك أبو بكر الخليفة بعد رسول الله ص- فقال

قضت الغطارف من قريش بيننا فاصبر لفصل خصامها و قضائها

و إذا جريت فلا تجار مبرزا

بذ الجياد على احتفال جرائها

- . أما و الله يا ابن العاص- لو أن الذي أمرك بهذا واجهني بمثله- لقصرت إليه من سامي بصره- و لتركته يتلجلج لسانه و تضطرم النار في جوفه- و لقد استعان منك بغير واف و لجأ إلى غير كاف- ثم قام فخرج- . و ذكر المسعودي في كتاب مروج الذهب- أن الحجاج لما حاصر ابن الزبير لم يزل يزحف- حتى ملك الجبل المعروف بأبي قبيس- و قد كان بيد ابن الزبير- فكتب بذلك إلى عبد الملك- فلما قرأ كتابه كبر و كبر من كان في داره- حتى اتصل التكبير بأهل السوق فكبروا- و سأل الناس ما الخبر- فقيل لهم إن الحجاج حاصر ابن الزبير بمكة- و ظفر بأبي قبيس- فقال الناس لا نرضى حتى يحمل أبو خبيب إلينا- مكبلا على رأسه برنس راكب جمل- يطاف به في الأسواق تراه العيون- . و ذكر المسعودي أن عمة عبد الملك- كانت تحت عروة بن الزبير- و أن عبد الملك كتب إلى الحجاج يأمره بالكف عن عروة- و ذلك قبل أن يقتل عبد الله- و ألا يسوءه إذا ظفر بأخيه في ماله و لا في نفسه- قال فلما اشتد الحصار على عبد الله- خرج عروة إلى الحجاج فأخذ لعبد الله أمانا و رجع إليه- فقال هذا عمرو بن عثمان- و خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد- و هما فتيا بني أمية يعطيانك أمان عبد الملك- ابن عمهما على ما أحدثت أنت و من معك- و أن تنزل أي البلاد شئت و لك بذلك عهد الله و ميثاقه- فأبى عبد الله قبول ذلك- و نهته أمه و قالت لا تموتن إلا كريما- فقال لها إني أخاف إن قتلت أن أصلب أو يمثل بي- فقالت إن الشاة بعد الذبح لا تحس بالسلخ- .

و روى المسعودي- أن عبد الله بن الزبير بعد موت يزيد بن معاوية- طلب من يؤمره على الكوفة- و قد كان أهلها أحبوا أن يليهم غير بني أمية- فقال له المختار بن أبي عبيد- اطلب رجلا له رفق و علم بما يأتي و تدبر قوله إياها- يستخرج لك منها جندا تغلب به أهل الشام- فقال أنت لها فبعثه إلى الكوفة- فأتاها و أخرج ابن مطيع منها- و ابتنى لنفسه دارا و أنفق عليها مالا جليلا- و سأل عبد الله بن الزبير- أن يحتسب له به من مال العراق فلم يفعل- فخلعه و جحد بيعته و دعا إلى الطالبيين- . قال المسعودي- و أظهر عبد الله بن الزبير الزهد في الدنيا- و ملازمة العبادة مع الحرص على الخلافة و شبر بطنه- فقال إنما بطني شبر فما عسى أن يسع ذلك الشبر- و ظهر عنه شح عظيم على سائر الناس- ففي ذلك يقول أبو حمزة مولى آل الزبير-

إن الموالي أمست و هي عاتبة على الخليفة تشكوا الجوع و الحربا

ما ذا علينا و ما ذا كان يرزؤنا

أي الملوك على ما حولنا غلبا

- . و قال فيه أيضا-

لو كان بطنك شبرا قد شبعت و قد أفضلت فضلا كثيرا للمساكين

ما زلت في سورة الأعراف تدرسها

حتى فؤادي مثل الخز في اللين

- . و قال فيه شاعر أيضا- لما كانت الحرب بينه و بين الحصين بن نمير- قبل أن يموت يزيد بن معاوية-

فيا راكبا إما عرضت فبلغن كبير بني العوام إن قيل من تعني

تخبر من لاقيت أنك عائذ

و تكثر قتلى بين زمزم و الركن

- . و قال الضحاك بن فيروز الديلمي-

تخبرنا أن سوف تكفيك قبضة و بطنك شبر أو أقل من الشبر

و أنت إذا ما نلت شيئا قضمته

كما قضمت نار الغضا حطب السدر

فلو كنت تجزي أو تثيب بنعمة قريبا لردتك العطوف على عمرو

- . قال هو عمرو بن الزبير أخوه- ضربه عبد الله حتى مات و كان مباينا له- .

كان يزيد بن معاوية- قد ولى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان المدينة- فسرح الوليد منها جيشا إلى مكة- لحرب عبد الله بن الزبير عليه عمرو بن الزبير- فلما تصاف القوم انهزم رجال عمرو و أسلموه- فظفر به عبد الله فأقامه للناس بباب المسجد مجردا- و لم يزل يضربه بالسياط حتى مات- . و قد رأيت في غير كتاب المسعودي- أن عبد الله وجد عمرا عند بعض زوجاته- و له في ذلك خبر لا أحب أن أذكره- . قال المسعودي ثم إن عبد الله بن الزبير- حبس الحسن بن محمد بن الحنفية في حبس مظلم و أراد قتله- فأعمل الحيلة حتى تخلص من السجن- و تعسف الطريق على الجبال حتى أتى منى- و بها أبوه محمد بن الحنفية- . ثم إن عبد الله جمع بني هاشم كلهم في سجن عارم- و أراد أن يحرقهم بالنار- و جعل في فم الشعب حطبا كثيرا- فأرسل المختار أبا عبد الله الجدلي في أربعة آلاف- فقال أبو عبد الله لأصحابه ويحكم- إن بلغ ابن الزبير الخبر- عجل على بني هاشم فأتى عليهم- فانتدب هو نفسه في ثمانمائة فارس جريدة- فما شعر بهم ابن الزبير إلا و الرايات تخفق بمكة- فقصد قصد الشعب فأخرج الهاشميين منه- و نادى بشعار محمد بن الحنفية و سماه المهدي- و هرب ابن الزبير فلاذ بأستار الكعبة- فنهاهم محمد بن الحنفية عن طلبه و عن الحرب- و قال لا أريد الخلافة إلا إن طلبني الناس كلهم- و اتفقوا علي كلهم و لا حاجة لي في الحرب- . قال المسعودي- و كان عروة بن الزبير يعذر أخاه عبد الله- في حصر بني هاشم في الشعب- و جمعه الحطب ليحرقهم- و يقول إنما أراد بذلك ألا تنتشر الكلمة- و لا يختلف المسلمون و أن يدخلوا في الطاعة- فتكون الكلمة واحدة- كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم لما تأخروا عن بيعة أبي بكر- فإنه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار- . قال المسعودي- و خطب ابن الزبير يوم قدم أبو عبد الله الجدلي- قبل قدومه بساعتين- فقال إن هذا الغلام محمد بن الحنفية قد أبى بيعتي- و الموعد بيني و بينه أن تغرب الشمس- ثم أضرم عليه مكانه نارا- فجاء إنسان إلى محمد فأخبره بذلك- فقال سيمنعه مني حجاب قوي- فجعل ذلك الرجل ينظر إلى الشمس- و يرقب غيبوبتها لينظر ما يصنع ابن الزبير- فلما كادت تغرب- حاست خيل أبي عبد الله الجدلي ديار مكة- و جعلت تمعج بين الصفا و المروة- و جاء أبو عبد الله الجدلي بنفسه- فوقف على فم الشعب- و استخرج محمدا و نادى بشعاره- و استأذنه في قتل ابن الزبير فكره ذلك و لم يأذن فيه- و خرج من مكة فأقام بشعب رضوى حتى مات- .

و روى المسعودي عن سعيد بن جبير- أن ابن عباس دخل على ابن الزبير فقال له ابن الزبير- إلام تؤنبني و تعنفني-

قال ابن عباس إني سمعت رسول الله ص يقول بئس المرء المسلم يشبع و يجوع جاره

- و أنت ذلك الرجل فقال ابن الزبير- و الله إني لأكتم بغضكم أهل هذا البيت- منذ أربعين سنة- و تشاجرا فخرج ابن عباس من مكة- خوفا على نفسه فأقام بالطائف حتى مات- . و روى أبو الفرج الأصفهاني قال- أتى فضالة بن شريك الوالبي- ثم الأسدي من بني أسد بن خزيمة- عبد الله بن الزبير فقال- نفدت نفقتي و نقبت ناقتي- فقال أحضرنيها فأحضرها- فقال أقبل بها أدبر بها ففعل- فقال ارقعها بسبت و اخصفها بهلب- و أنجد بها يبرد خفها- و سر البردين تصح- فقال فضالة إني أتيتك مستحملا- و لم آتك مستوصفا- فلعن الله ناقة حملتني إليك- فقال إن و راكبها فقال فضالة-

أقول لغلمة شدوا ركابي أجاوز بطن مكة في سواد

فما لي حين أقطع ذات عرق

إلى ابن الكاهلية من معاد

سيبعد بيننا نص المطايا و تعليق الأداوي و المزاد

و كل معبد قد أعلمته

مناسمهن طلاع النجاد

أرى الحاجات عند أبي خبيب نكدن و لا أمية بالبلاد

من الأعياص أو من آل حرب

أغر كغرة الفرس الجواد

- . قال ابن الكاهلية هو عبد الله بن الزبير- و الكاهلية هذه هي أم خويلد بن أسد بن عبد العزى- و اسمها زهرة بنت عمرو- بن خنثر بن روينة بن هلال- من بني كاهل بن أسد بن خزيمة- قال فقال عبد الله بن الزبير لما بلغه الشعر- علم أنها شر أمهاتي فعيرني بها و هي خير عماته- . و روى أبو الفرج قال- كانت صفية بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفي- تحت عبد الله بن عمر بن الخطاب- فمشى ابن الزبير إليها- فذكر لها أن خروجه كان غضبا- لله عز و جل- و لرسوله ص و للمهاجرين و الأنصار- من أثرة معاوية و ابنه بالفي ء- و سألها مسألة زوجها عبد الله بن عمر أن يبايعه- فلما قدمت له عشاءه- ذكرت له أمر ابن الزبير و عبادته و اجتهاده- و أثنت عليه و قالت إنه ليدعو إلى طاعة الله عز و جل- و أكثرت القول في ذلك فقال لها- ويحك أ ما رأيت البغلات الشهب التي كان يحج معاوية عليها- و تقدم إلينا من الشام قالت بلى- قال و الله ما يريد ابن الزبير بعبادته غيرهن

( . شرح نهج البلاغه (ابن ابی الحدید) ج 20، ص 102 - 149)

شرح نهج البلاغه منظوم

[443] و قال عليه السّلام:

ما زال الزّبير رجلا منّا أهل البيت حتّى نشأ ابنه المشئوم عبد اللّه.

ترجمه

زبير هميشه مردى از ما اهل بيت بشما مى رفت تا اين كه پسر ميشوم و نانجيبش عبد اللّه پيدا شد (با پيدايش فرزندى خبيث مانند عبد اللّه زبير از جرگه ما خارج و در سلك دشمنان ما جاى گرفت تا عاقبت جنگ بصره را سر پاى كرد، و سزاى دشمنى خويش را ديد و چشيد و شرح حال عبد اللّه زبير و دشمنيهاى او و سبّ و دشنامش حضرت امير را و محاورات او با عبد اللّه بن عبّاس و محمّد حنفيّه در تواريخ مسطور است).

نظم

  • زبير ار چه گرفتار هوا بودهميشه در شمار و يار ما بود
  • بهر پيكار و هر جنگى نخستينبدستش تيغ بد درياى دين
  • چو عبد اللّه بر او آمد پديدارزبير از ما بديگرگون شدش كار
  • بهر كارى بمن ما و منى كردبجاى دوستيها دشمنى كرد
  • تو شرح حال عبد اللّه ميشومبخوان تاريخ از آنجا دار معلوم

( . شرح نهج البلاغه منظوم، ج 10، صفحه ی 222)

این موضوعات را نیز بررسی کنید:

جدیدترین ها در این موضوع

No image

حکمت 17 نهج البلاغه : ضرورت رنگ كردن موها

حکمت 17 نهج البلاغه موضوع "ضرورت رنگ كردن موها" را مطرح می کند.
No image

حکمت 2 نهج البلاغه : شناخت ضدّ ارزش‏ها

حکمت 2 نهج البلاغه موضوع "شناخت ضدّ ارزش‏ها" را مطرح می کند.
No image

حکمت 31 نهج البلاغه : ارزش و والايى انجام دهنده كارهاى خير

حکمت 31 نهج البلاغه به تشریح موضوع "ارزش و والايى انجام دهنده كارهاى خير" می پردازد.
No image

حکمت 16 نهج البلاغه : شناخت جايگاه جبر و اختيار

حکمت 16 نهج البلاغه به موضوع "شناخت جايگاه جبر و اختيار" می پردازد.
No image

حکمت 1 نهج البلاغه : روش برخورد با فتنه ها

حکمت 1 نهج البلاغه موضوع "روش برخورد با فتنه‏ ها" را بررسی می کند.

پر بازدیدترین ها

No image

حکمت 306 نهج البلاغه : روش برخورد با متجاوز

حکمت 306 نهج البلاغه موضوع "روش برخورد با متجاوز" را بیان می کند.
No image

حکمت 436 نهج البلاغه : ارزش تداوم کار

حکمت 436 نهج البلاغه به موضوع "ارزش تداوم کار" اشاره می کند.
No image

حکمت 74 نهج البلاغه : دنيا شناسى

حکمت 74 نهج البلاغه به موضوع "دنيا شناسى" می پردازد.
No image

حکمت 61 نهج البلاغه : غفلت دنيا پرستان

حکمت 61 نهج البلاغه موضوع "غفلت دنيا پرستان" را بررسی می کند.
No image

حکمت 420 نهج البلاغه : شناخت روز عید

حکمت 420 نهج البلاغه به موضوع "شناخت روز عید" اشاره می کند.
Powered by TayaCMS