المختار التاسع و الستون و من كتاب له عليه السّلام الى سهل بن حنيف الانصارى
و هو عامله على المدينة في معنى قوم من أهلها لحقوا بمعاوية.
أمّا بعد، فقد بلغني أنّ رجالا ممّن قبلك يتسلّلون إلى معاوية فلا تأسف على ما يفوتك من عددهم، و يذهب عنك من مددهم، فكفى لهم غيّا و لك منهم شافيا، فرارهم من الهدى و الحقّ، و إيضاعهم إلى العمى و الجهل، و إنّما هم أهل دنيا مقبلون عليها، و مهطعون إليها، قد عرفوا العدل و رأوه و سمعوه و وعوه و علموا أنّ النّاس عندنا في الحقّ أسوة، فهربوا إلى الأثرة، فبعدا لهم و سحقا إنّهم- و اللّه- لم يفرّوا من جور، و لم يلحقوا بعدل، و إنّا لنطمع في هذا الأمر أن يذلّل اللّه لنا صعبه، و يسهّل لنا حزنه، إن شاء اللّه، و السّلام [عليك و رحمة اللّه و بركاته ].
اللغة
(يتسلّلون): يخرجون إلى معاوية هاربين في خفية و استتار، (فلا تأسف): لا تحزن، (الغيّ): الضلال، (الايضاع): الاسراع، (مهطعين): مسرعين، (الاسوة): مستوين، (الاثرة): الاستبداد.
الاعراب
ممّن قبلك: الباء للتبعيض، غيّا: تميز، فرارهم: مصدر مضاف إلى الفاعل، فبعدا و سحقا: منصوبان على المفعول المطلق لفعل محذوف أى فابعدوا بعدا و اسحقوا سحقا، يفيد الدعاء عليهم.
المعنى
هذا الكتاب لهيب من لهبات قلبه المقدّس تشتعل من إصابات مخالفة رعاياه على قلبه الشريف حيث يرمونه بسهام نفاقهم و تخلّفهم عنه ساعون وراء آمالهم الدنيويّة الدنيّة، فقد قعد جمع من كبار الصحابة عن بيعته و تخلّف عنه جمّ ممّن بايعه بعد رحلته إلى البصرة لإخماد ثورة الجمل و إلى صفيّن لسدّ خلل خلاف معاوية.
فلمّا انتهى حرب صفيّن بأسوء العواقب من مقاومة أهل الضلال و قيام أهل النهروان على وجهه و هم جلّة أصحابه المخلصين الأبطال، و شاع هذه الأخبار الهائلة و أحسّ المتقاعدون عن البيعة و النفر معه نصرة معاوية عليه بمكائده و بذل الأموال الطائلة لمن مال عنه عليه السّلام إليه شرع المهاجرون و الأنصار المتخلّفون عنه في التسلّل إلى معاوية مثنى و فرادى و كان ذلك فتّا في عضد حكومته و ضربة شديدة على عامله في المدينة.
فكأنّه طلب منه عليه السّلام معالجة هذا الداء العضال بما رآه عليه السّلام.
فكتب إليه بعدم التعرّض لهم و صرف النظر عنهم و تفويضهم إلى سوء عاقبتهم الّتي اختاروها لأنفسهم من الغيّ و الضلال و هلاك الأبد.
و إن كان من جزائهم عند الحكومات بسط العقوبة عليهم بالحبس و بمصادرة أموالهم و هدم دورهم.
و لكنّه عليه السّلام عزّى عامله عن هذه المصيبة الهائلة بما نبّه عليه من أنّهم اناس يفرّون من العدل إلى الظلم و من الهدى إلى الضلالة و من الحقّ إلى الباطل و من الجنّة إلى النار بعد تمام الحجّة و وضوح البيان «و ما ذا بعد الحقّ إلّا الضلال».
الترجمة
از نامه اى كه آن حضرت به سهل بن حنيف أنصارى فرمانگزار خود در مدينه نگاشت در باره مردمى كه از اهل مدينه بمعاويه پيوستند: أمّا بعد، بمن رسيده كه مردانى از قلمرو فرمانگزارى تو نهانى بمعاويه پيوستند و عهد ما را گسستند، بر شماره آنان كه از دست مى دهى و از كمك آنان بى بهره مى شوى افسوس مخور، همين گمراهى و سرگردانى براى سزاى آنها و تشفّي خاطر تو بس كه از شاهراه هدايت و حقيقت گريخته اند و به كورى و نادانى شتافته اند (چه شكنجه از اين بدتر) همانا كه آنان اهل دنيايند كه بدان روى آورده و بسوى آن مى شتابند با اين كه بخوبى عدالت را شناخته و ديده و گزارش آنرا شنيده اند و باور كرده اند و دانسته اند كه همه مردم نزد ما و در آئين حكومت ما حقوق برابر دارند و از اين برابرى و بردارى گريخته و بدنبال خود خواهى و امتياز طلبى رفته اند گم باشند، نابود باشند.
براستى كه- سوگند بخدا- اينان از ستم نگريخته اند و بعدل و داد نپيوسته اند و ما اميدواريم كه در اين كار خداوند دشوارى ها را بر ما آسان سازد و سختى ها را هموار كند انشاء اللّه. و السّلام.
( . منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغه، ج17، ص 393-396)
|