موضوع

دوّم- شگفتى خلقت فرشتگان

متن خطبه

ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ الْعُلَا فَمَلَأَهُنَّ أَطْوَاراً مِنْ مَلَائِكَتِهِ مِنْهُمْ سُجُودٌ لَا يَرْكَعُونَ وَ رُكُوعٌ لَا يَنْتَصِبُونَ وَ صَافُّونَ لَا يَتَزَايَلُونَ وَ مُسَبِّحُونَ لَا يَسْأَمُونَ لَا يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ«» وَ لَا سَهْوُ الْعُقُولِ وَ لَا فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ وَ لَا غَفْلَةُ النِّسْيَانِ وَ مِنْهُمْ«» أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ وَ أَلْسِنَةٌ إِلَى رُسُلِهِ وَ مُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَ أَمْرِهِ وَ مِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ وَ السَّدَنَةُ لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ«» وَ مِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فِي الْأَرَضِينَ السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ«» وَ الْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا أَعْنَاقُهُمْ وَ الْخَارِجَةُ مِنَ الْأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ وَ الْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ نَاكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصَارُهُمْ مُتَلَفِّعُونَ تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ وَ أَسْتَارُ الْقُدْرَةِ لَا يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْوِيرِ وَ لَا يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعِينَ وَ لَا يَحُدُّونَهُ بِالْأَمَاكِنِ«» وَ لَا يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ«»

ترجمه مرحوم فیض

آنگاه ميان آسمانهاى بلند را باز نمود، و به انواع مختلفه از فرشتگان خود پر كرد، (قسم اوّل از آنان فرشتگانى هستند كه) (19) بعضى از ايشان در حال سجودند، ركوع نمى كنند، و برخى در ركوعند، بر پا نمى ايستند، و گروهى در صفّ ايستاده اند، از جاى خود بيرون نمى روند، و بعضى تسبيح گوينده اند كه خسته نمى شوند (همه اصناف ملائكه غير مادّى هستند كه) آنان را نه خواب در چشمها و نه سهو در عقلها مى آيد، و نه سستى و نه غفلت فراموشى فرا مى گيرد، (20) و دسته اى از آنان (قسم دوّم از فرشتگان) امين بر وحى خداوند متعال هستند و براى پيغمبران او زبانها و ترجمانانند، و براى رساندن حكم و فرمانش آمد و رفت كنندگان مى باشند، (21) و جماعتى از اينان (قسم سوّم از ايشان) نگهبان بندگان و دربان براى بهشتهاى او هستند، (22) و عدّه اى از آنان (قسم چهارم فرشتگان) قدمهاشان در طبقات زيرين زمين ثابت و گردنهاشان از آسمانهاى زبرين در گذشته، و اعضاء ايشان از اطراف جهان بيرون رفته، و دوشهاى آنان موافق با پايه هاى عرش مى باشد (و از هيبت و عظمت انوار الهىّ) (23) در برابر عرش چشمهايشان به زير افتاده 0 و در زير آن خود را به بالهايشان پيچيده اند (در علم و معرفت خود فرو رفته اند تا بحدّى كه مى توانند در عوالم بى پايان معارف خدائى سير كنند، مانند طايرى كه بتوسّط دو بال خويش تا اندازه اى كه مى تواند در هوا پرواز ميكند) ميان آن فرشتگان و كسانيكه فروترند از ايشان حجابهاى عزّت و پرده هاى قدرت زده شده (كه كسى به پشت آن پرده ها راه علمى ندارد مگر انبياء و اوصياء ايشان و خوّاص از بندگان خداى تعالى و معرفت و خدا شناسى آن فرشتگان بطورى است كه) (24) پروردگارشان را در وهم و خيال به صورتى در نياورند، و نه اوصاف خلائق را بر او جارى سازند، و نه او را به مكانهايى محدود كنند، و بنظائر و امثال به جانبش اشاره نمى كنند (زيرا فرشتگان شناسايند و دانا، پس كسيكه پروردگارش را به صورتى در آورد و اوصاف خلائق را بر او جارى سازد و او را بحدّى محدود كند و به جانبش اشاره نمايد نادان است، چنانكه پيش از اين در باب معرفت و خدا شناسى بيان شد).

ترجمه مرحوم شهیدی

سپس ميان آسمانهاى زبرين را بگشود و از گونه گون فرشتگانش پر نمود: گروهى از آنان در سجده اند و ركوع نمى گزارند، و گروهى در ركوعند و ياراى ايستادن ندارند. گروهى ايستاده و صف ناگسسته، و گروهى بى هيچ ملالت لب از تسبيح نابسته. نه خواب دارند و نه بيهوشى، نه سستى گيرند و نه فراموشى، و گروهى از آنان امينان وحى اويند، كه كلام خدا را به پيامبرانش مى رسانند، و قضاى الاهى را بر مردمان مى رانند، و گروهى نگاهبان بندگان اويند و دربانان درهاى جنان او، و گروهى از آنان پايهاشان پايدار در زمين است، و گردنهاشان برگذشته از آسمان برين. تنومندى و ستبرى شان از حد برون است، و دوشهاشان براى برداشتن عرش متناسب و موزون. ديده ها از هيبت برهم و پرها به خود فراهم. در پس حجاب عزّت و پرده هاى قدرت مستور- و دست نامحرمان از ساحت قدس آنان دور- . نه براى پروردگار در وهم خود صورتى انگارند، و نه صفتهاى او را چون صفتهاى آفريدگان پندارند. نه او را در مكانى دانند، و نه وى را همانندى شناسند و بدان اشارت رانند.

ترجمه مرحوم خویی

پس منشق كرد و گشود خداوند سبحانه و تعالى ميان آسمانهائى كه بلند هستند، پس پر كرد آن طبقات را با أصناف مختلفة از ملائكه و فرشتگان خود، پس بعضى از ايشان ساجدانند كه ركوع نمى كنند، و بعضى راكعانند كه راست نمى ايستند، و بعضى ديگر صف زدگانند كه از صفوف و مكانهاى خود زايل نمى شوند، و طائفه تسبيح كنندگانند كه ملال و پريشانى نمى آورند، عارض نمى شود بايشان خواب چشمها و نه سهو عقلها و نه سستى بدنها و نه غفلت فراموشى، و بعضى ديگر امينانند بر وحى او و زبان هاى صدقند در رسانيدن فرمايشات او به پيغمبران و تردّد كنندگانند بقضاء و امر او، و بعضى ديگر از ايشان حافظانند بندگان خدا را از مكاره و مهالك، و طايفه ديگر دربانان و خازنانند از براى درهاى بهشت هاى او، و بعضى ديگر از ايشان آنانند كه ثابت است در زمين هاى زيرين قدم هاى ايشان و بيرون رفته از آسمان بلند گردنهاى ايشان و خارج است از أطراف زمين و آسمان أعضا و جوارح ايشان، و مناسبست با قائمه هاى عرش دوشهاى ايشان و پائين افتاده در زير عرش چشمان ايشان، پيچيده شده اند در زير عرش ببالهاى خودشان، زده شده ميان آنها و ميان فروتر از آنها پرده هاى عزت و سترهاى قدرت و عظمت در حالتى كه توّهم نمى كنند پروردگار خودشان را بصورت در آوردن، و اجراء نمى كنند بر او صفات مخلوقات را و تحديد نمى كنند او را بمكان ها و اشاره نمى كنند بسوى او بنظاير و أمثال و نعم ما قيل:

  • برتر است از مدركات عقل و وهملا جرم گم گشت در وى فكر و فهم
  • چون بكلى روى گفت و گوى نيستهيچكس را جز خموشى روى نيست

شرح ابن میثم

ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ الْعُلَا- فَمَلَأَهُنَّ أَطْوَاراً مِنْ مَلَائِكَتِهِ- مِنْهُمْ سُجُودٌ لَا يَرْكَعُونَ وَ رُكُوعٌ لَا يَنْتَصِبُونَ- وَ صَافُّونَ لَا يَتَزَايَلُونَ وَ مُسَبِّحُونَ لَا يَسْأَمُونَ- لَا يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ وَ لَا سَهْوُ الْعُقُولِ- وَ لَا فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ وَ لَا غَفْلَةُ النِّسْيَانِ- وَ مِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ وَ أَلْسِنَةٌ إِلَى رُسُلِهِ- وَ مُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَ أَمْرِهِ- وَ مِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ وَ السَّدَنَةُ لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ- وَ مِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فِي الْأَرَضِينَ السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ- وَ الْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا أَعْنَاقُهُمْ- وَ الْخَارِجَةُ مِنَ الْأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ- وَ الْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ- نَاكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصَارُهُمْ مُتَلَفِّعُونَ تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ- مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ- وَ أَسْتَارُ الْقُدْرَةِ- لَا يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْوِيرِ- وَ لَا يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعِينَ- وَ لَا يَحُدُّونَهُ بِالْأَمَاكِنِ وَ لَا يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ ب ئ

اللغة

الأطوار الحالات المختلفة و الأنواع المتبائنة قال الكسائي: أصل الملائك مئالك بتقديم الهمزة من الألوك و هى الرسالة ثمّ قلّبت و قدّمت اللام، و قيل ملأك ثمّ تركت همزته لكثرة الاستعمال فقيل ملك فلمّا جمعوه ردّوها إليه فقالوا ملائكة و ملائك، و السأم الملال، و السدنه جمع سادن و هو الخازن، و مرق السهم من الرمية إذا خرج من الجانب الآخر، و القطر الناحية، و الركن الجانب، و تلفع بثوبه التحف به، و النظائر الأمثال،

المعنی

قوله ثمّ فتق ما بين السماوات و العلى إلى قوله و لا يشيرون إليه بالنظائر

قوله ثمّ فتق ما بين السماوات و العلى إلى قوله و لا يشيرون إليه بالنظائر، و فيه أبحاث.

البحث الأوّل- هذا الفصل أيضا من تمام التفسير

لقوله فسوّى منه سبع سماوات إذ كان ما أشار إليه هاهنا من فتق السماوات إلى طبقاتها و إسكان كلّ طبقة منها ملاء معيّنا من ملائكته هو من تمام التسوية و التعديل لعالم السماوات فإن قلت: لم أخّر ذكر فتق السماوات و إسكان الملائكة لها عن ذكر إجراء الشمس و القمر فيها و تزيينها بالكواكب، و معلوم أنّ فتقها متقدّم على اختصاص بعضها ببعض الكواكب. قلت: إنّ إشارته عليه السّلام إلى تسوية السماوات إشارة جمليّة فكأنّه قدّر أوّلا أنّ اللّه خلق السماوات كرة واحدة كما عليه بعض المفسّرين لقوله تعالى«أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا» ثمّ ذكر علياهنّ و سفلاهنّ لجريانهما مجرى السطحين الداخل و الخارج لتلك الكرة، ثمّ أشار إلى بعض كمالاتها و هى الكواكب و الشمس و القمر جملة، ثمّ بعد ذلك أراد التفصيل فأشار إلى تفصيلها و تمييز بعضها عن بعض بالفتق، و إسكان كلّ واحدة منهنّ ملاء معيّنا من الملائكة ثمّ عقّب ذلك بتفصيل الملائكة، و لا شكّ أنّ تقديم الإجمال في الذكر و تعقيبه بالتفصيل أولى في الفصاحة و البلاغة في الخطابة من العكس. إذا عرفت ذلك فنقول: قوله عليه السّلام ثمّ فتق ما بين السماوات العلى كقوله تعالى«أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما»«» و قوله: فملأهنّ أطوارا من ملائكته منهم سجود لا يركعون كقوله تعالى«وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ» و قوله: وَ لَهُ يَسْجُدُونَ و نحوه و قوله: و صافّون لا يتزايلون كقوله تعالى«وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا» و قوله: و مسبّحون لا يسأمون كقوله تعالى«يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ هُمْ لا يَسْأَمُونَ» و قوله: و لافتراة الأبدان كقوله تعالى«لا يَفْتُرُونَ» و قوله: و منهم امناء على وحيه كقوله تعالى«نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ» و قوله: و ألسنة إلى رسله كقولة تعالى«جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا» و قوله: مختلفون بقضائه و أمره كقوله«تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ»«» و قوله تعالى «تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها... مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ» و قوله: و منهم الحفظة لعباده كقوله تعالى«يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً»«» و قوله:«وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ»، و قوله:«لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ»، و قوله: و السدنة لأبواب جنانه كقوله تعالى«وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها» و قوله: و المناسبة لقوائم العرش أكنافهم كقوله تعالى«وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ»«» و قوله: بأجنحتهم كقوله تعالى«الْحَمْدُ لِلَّهِ»

البحث الثاني

اعلم أنّ للناس في تفسير قوله«أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما» أقوالا: أحدها قال ابن عبّاس و الضحّاك و عطاء و قتادة: إنّ السماء و الأرض كانتا شيئا واحدا ملتزمتين ففصّل اللّه بينهما في الهواء، الثاني قال كعب: خلق اللّه السماوات و الأرض بعضها على بعض ثمّ خلق ريحا توسّطها ففتحها بها، الثالث قال مجاهد و السدي: كانت السماوات طبقة واحدة ففتقها و جعلها سبع سماوات و كذلك الأرض، الرابع قال عكرمة و عطيّة و ابن عبّاس برواية اخرى عنه: إنّ معنى كون السماء رتقا أنّها كانت لا تمطر و كانت الأرض رتقا أي لا تنبت نباتا ففتق اللّه السماء بالمطر و الأرض بالنبات، و يؤيّد ذلك قوله تعالى بعد ذلك«وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ» و نظيره قوله تعالى«فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ» و قوله:«وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ» و قوله تعالى«أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا» الآية، الخامس قال بعض الفضلاء: إنّ معنى قوله كانَتا رَتْقاً أي كانت امورا كليّة في علم اللّه تعالى و في اللوح المحفوظ، و قوله فَفَتَقْناهُما إشارة إلى تشخّصاتها في الوجود الخارجيّ و تمييز بعضها عن بعض، و هذا القول مناسب للأقوال الثلاثة الاول و يصحّ تحقيقا لها و يحمل الريح الّتي ذكرها كعب على أمر اللّه تعالى استعارة لما بينهما من المشابهة في السرعة، السادس قال بعضهم: إنّ معنى الرتق في هذه الآية هو انطباق دائرة معدّل النهار على ذلك البروج ثمّ إنّ الفتق بعد ذلك عبارة عن ظهور الميل قالوا: و ممّا يناسب ذلك قول ابن عبّاس و عكرمة فإنّهم لمّا قالوا إنّ معنى كون السماء رتقا أنّها لا تمطر و معنى كون الأرض رتقا أنّها لا تنبت كان الفتق و الرتق بالمعنى الّذي ذكرناه إشارة إلى أسباب ما ذكروه إذ انطباق الدائرتين و هو الرتق يوجب خراب العالم السفلى و عدم المطر، و ظهور الميل الّذي هو الفتق يوجب وجود الفصول و ظهور المطر و النبات و سائر أنواع المركّبات. إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ قوله عليه السّلام ثمّ فتق ما بين السماوات العلى إنّما هو موافق للأقوال الثلاثة الاول مع القول الخامس و التحقيق به أليق، و أمّا القول السادس فهو بعيد المناسبة لقوله عليه السّلام و بيان ذلك أنّ قوله ثمّ فتق ما بين السماوات العلى إنّما هو في معرض بيان كيفيّة تخليق العالم الأعلى و لذلك أردفه و عقّبه بالفاء في قوله فملأهنّ أطوارا من ملائكته، و الرتق و الفتق في هذا القول متأخّر عن كلام الأجرام العلويّة بما فيها و ما يتعلّق بها و لا يقبل تقدّم ظهور الميل بوجه ما على وجود الملائكة السماويّة و إسكانها أطباق السماوات و باللّه التوفيق.

البحث الثالث- الملائكة على أنواع كثيرة و مراتب متفاوتة

فالمرتبة الاولى الملائكة المقرّبون كما قال تعالى«لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ»«» الثانية الملائكة الحاملون للعرش كقوله«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ» و قوله«وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ» الثالثة الحافّون حول العرش كما قال تعالى«وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ»«» و قوله «و من حوله» الرابعة ملائكة السماوات و الكرسيّ، الخامسة ملائكة العناصر، السادسة الملائكة الموكلّون بالمركّبات من المعدن و النبات و الحيوان، السابعة الملائكة الحفظة الكرام الكاتبين كما قال تعالى«وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ» و يدخل فيهم المعقّبات المشار إليه بقوله تعالى«لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ»، الثامنة ملائكة الجنّة و خزنتها كما قال تعالى«وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ»، التاسعة ملائكة النار كما قال تعالى«عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ» و قال«عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ» و قال وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً» إذا عرفت ذلك فنقول اتّفق الكلّ على أنّ الملائكة ليس عبارة عن أشخاص جسمانيّة كثيفة تجى ء و تذهب كالناس و البهائم بل القول المحصّل فيها قولان: الأوّل هو قول المتكلّمين إنّها أجسام نورانيّة إلهيّة خيّرة سعيدة قادرة على التصرّفات السريعة و الأفعال الشاقّة ذوات عقول و أفهام و بعضها أقرب عند اللّه من البعض و أكمل درجة كما قال تعالى حكاية عنهم«وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ»«»، و القول الثاني قول غيرهم و هي أنّها ليست بأجسام لكنّ منها ما هو مجرّد عن الجسميّة و عن تدبير الأجسام، و منها من له الأمر الأوّل دون الثاني، و منها من ليس بمجرّد بل جسمانيّ حالّ في الأجسام و قائم بها و لهم في تنزيل المراتب المذكورة على قولهم تفصيل، أمّا المقرّبون فإشارة إلى الذوات المقدّسة عن الجسميّة و الجهة و عن حاجتها إلى القيام بها و عن تدبيرها، و أمّا حملة العرش فالأرواح الموكّلة بتدبير العرش، و قيل هم الثمانية المذكورة في القرآن الكريم «و يحمل عرش ربّك فوقهم يومئذ ثمانية» و هم رؤساء الملائكة المدّبرين للكرسيّ و السماوات السبع، و ذلك أنّ هذه الأجرام لها كالأبدان فهى بأبدانها أشخاص حاملون للعرش فوقهم، و أمّا الحافّون حول العرش هى الأرواح الحاملة للكرسي، و الموكّلة و المتصرّفة فيه، و أمّا ملائكة السماوات فالأرواح الموكّلة بها و المتعرّفة فيها بالتحريك و الإرادة بإذن اللّه عزّ و جلّ، كذلك ملائكة العناصر و الجبال و البحار و البراري و الغفار و سائر المركّبات من المعدن و النبات و الحيوان المسخّر كلّ منها لفعله المخصوص على اختلاف مراتبها، فأمّا الملائكة الحافظون الكرام الكاتبون فلهم فيها أقوال. أحدها قال بعضهم: إنّ اللّه تعالى خلط الطبائع المتضادّة و مزّج بين العناصر المتنافرة حتّى استعدّ ذلك الممتزج بسبب ذلك الامتزاج لقبول النفس المدبّرة و القوى الحسيّة و المحرّكة، فالمراد بتلك الحفظة الّتي أرسلها اللّه هى تلك النفوس و القوى الّتي يحفظ تلك الطبائع المقهورة على امتزاجاتها و هى الضابطة على أنفسها أعمالها، و المكتوب في ألواحها صور ما تفعله لتشهد به علي أنفسها يوم القيامة كما قال تعالى«قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَ شَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ»«» و هى المعقّبات من بين يدي الإنسان و من خلفه الحافظون له من أمر اللّه، و قيل: الحفظة للعباد غير الحفظة على العباد و الكاتبين لأعمالهم، و سنشير إلى ذلك. و الثاني قال بعض القدماء: إنّ هذه النفوس البشريّة و الأرواح الإنسانيّة مختلفة بجواهرها، فبعضها خيّرة و بعضها شريرة، و كذا القول في البلادة و الزكاء و الفجور و العفّة و الحريّة و النذالة و الشرف و الدنائة، و غيرها من الهيئات، و لكلّ طائفة من هذه الأرواح السفليّة روح سماويّ هو لها كالأب المشفق و السيّد الرحيم يعينها على مهمّاتها في يقظتها و مناماتها تارة على سبيل الرؤيا و اخرى على سبيل الإلهامات، و هى مبدء لما يحدث فيها من خير و شرّ، و تعرف تلك المبادي ء في مصطلحهم بالطياع التامّ يعنى أنّ تلك الأرواح الفلكيّة في تلك الطباع و الأخلاق تامّة كاملة بالنسبة إلى هذه الأرواح السفليّة و هى الحافظة لها و عليها كما قال تعالى«فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ»«» الثالث قول بعضهم: إنّ للنفوس المتعلّقة بهذه الأجساد مشاكله و مشابهة مع النفوس المفارقة عن الأجساد فيكون لتلك المفارقة ميل إلى النفوس الّتي لم تفارق فيكون لها تعلّق أيضا بوجه ما بهذه الأبدان بسبب ما بينها و بين نفوسها من المشابهة و الموافقة فتصير معاونة لهذه النفوس على مقتضى طباعها، و شاهدة عليها كما قال تعالى: «ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ...- وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ»«»، و أمّا ملائكة الجنّة فاعلم أنّ الجنان المذكورة في القرآن ثمان، و هى جنّة النعيم و جنّة الفردوس و جنّة الخلد و جنّة المأوى و جنّة عدن و دار السلام و دار القرار و جنّة عرضها السماوات و الأرض اعدّت للمتّقين، و من وراء الكلّ عرش الرحمن ذى الجلال و الإكرام. إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ لهذه الجنان سكّانا و خزّانا من الملائكة، أمّا السكّان فهم الّذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته و لا يستحضرون يسبّحون الليل و النهار لا يفترون و هم الّذين يتلّقون عباد اللّه الصالحين المخلصين بالشفقة و البشارة بالجنّة، و ذلك أنّ الإنسان الطائع إذا اكملت طاعته و بلغ النهاية في الصورة الإنسانيّة و استحقّ بأعماله الصالحة و ما اكتسبه من الأفعال الزكيّة صورة ملكيّة و رتبة سماويّة تلقّيه الملائكة الطيّبون بالرأفة و الرحمة و الشفقة، و تقبّلوه بالروح و الريحان، و قبلوه كما تقبل القوابل و الدايات أولاد الملوك بفاخر امور الدنيا و طيّبات روائحها من مناديل السندس و الإستبرق، و بالفرح و السرور مرّوا به إلى الجنّة فيعاين من البهجة و السرور ما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر، و يبقي معهم عالما درّاكا ما شاء ربّك عطاء غير مجذوذ، و يتّصل بإخوانه المؤمنين في الدنيا أخباره و أحواله و يتراءى لهم في مناماتهم بالبشارة و السعادة و حسن المنقلب، و إذا كان يوم القيامة الكبرى عرجت به ملائكة الرحمة إلى جنان النعيم و السرور المقيم لا يذوقون فيها الموت إلّا الموتة الاولى في غرف من فوقها غرف مبنيّة تجري من تحتهم الأنهار و آخر دعويهم أن الحمد اللّه ربّ العالمين.

قال بعض حكماء الإسلام: إنّ تلك الملائكة المتلّقية له بالروح و الريحان هى روحانيّات الزهرة و المشتري و كأنّ القائل يقول: إنّ النفوس الإنسانيّة السعيدة إذا فارقت أبدانها و حملت القوّة المتوهّمه معها و الهيئات المتخيّلة الّتي حصلت من الوعد الكريم في دار الدنيا من الجنان و الحدائق و الأنهار و الأثمار و الحور العين و الكأس المعين و اللؤلؤ و المرجان و الولدان و الغلمان فإنّه يفاض عليها بحسب استعدادها و طهارتها و رجاء ثواب الآخرة صور عقليّة في غاية البهاء و الزينة مناسبة لما كانت متخيّلة من الامور المذكورة مناسبة ما، و لمّا كان لهذين الكوكبين أثر تامّ في إعداد النفوس للمتخيّلات البهيّة الحسنة و للفرح و السرور كما ينسب في المشهور إلى روحانيّتهما من الأفعال الحسنة نسب تلقّى الإنسان بعد المفارقة بالرأفة و الرحمة و الشفقة إلى روحانيّتهما، و اللّه أعلم، و أمّا الخزنة للجنان فيشبه أن يكون هم السكّان لها أيضا باعتبار آخر، و ذلك أنّه لمّا كان الخازن هو المتولّي لأحوال أبواب الخزانه بفتحها و تفريق ما فيها على مستحقّها بإذن ربّ الخزانة و مالكها و غلقها و منعها عن غير مستحقّها و كانت الملائكة هم المتولّون لإفاضة الكمالات و تفريق ضروب الإحسان و النعم على مستحقيّها و حفظها و منعها من غير مستحقّيها و المستعدّين بالطاعة لها بإذن اللّه و حكمته لا جرم صدق أنّهم خزّان الجنان بهذا الاعتبار، و هم الّذين يدخلون على المؤمنين من كلّ باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. قال بعض الفضلاء: إنّ العبد إذا راض نفسه حتّى استكمل مراتب القوّة النظرية و مراتب القوّة العمليّة فإنّه يستعدّ بكلّ مرتبة من تلك المراتب لكمال خاصّ يفاض عليه من اللّه تعالى و يأتيه الملائكة فيدخلون عليه من كلّ باب من تلك الأبواب فالملك الّذي يدخل على الإنسان منه رضاء اللّه كما قال تعالى«رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ» هو رضوان خازن الجنان و اللّه أعلم، و أمّا ملائكة النار فقال بعض الفضلاء: هي تسعة عشر نوعا من الزبانية لا يعصون اللّه ما أمرهم و هم الخمسة الّذين ذكرنا أنّهم يوردون عليه الأخبار من خارج، و رئيسهم و الخازنان و الحاجب و الملك المتصرّف بين يديه بإذن ربّه، و ملكا الغضب و الشهوة، و السبعة الموكّلون بأمر الغذاء و ذلك أنّه إذا كان يوم الطامّة الكبرى و كان الإنسان ممّن طغى و آثر الحياة الدنيا حتّى كانت الجحيم هي المأوى كانت اولئك التسعة عشر من الزبانية هم الناقلين له إلى الهاوية بسبب ما استكثر من المشتهيات، و اقترف من السيّئات و أعرض عن قوله تعالى«وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى » و اعلم وفّقك اللّه أنّ هؤلاء الّذين ذكر هذا القائل أنّهم ملائكة النار ربّما كانوا أيضا مع إنسان آخر من ملائكة الجنان و ذلك إذا استخدمهم ذلك الإنسان في دار الدنيا على وفق أوامر اللّه و أوفقهم على طاعة اللّه دون أن يطلب منهم فوق ما خلقو الأجله و امروا به من طاعته و يعبّر بهم إلى معصية اللّه و ارتكاب نواهيه و محارمه و باللّه التوفيق.

البحث الرابع- أنّه عليه السّلام ذكر من الملائكة أنواعا

و أشار بالسجود و الركوع و الصفّ و التسبيح إلى تفاوت مراتبهم في العبادة و الخشوع، و ذلك أنّ اللّه سبحانه قد خصّ كلّا منهم بمرتبة معيّنة من الكمال في العلم و القدرة لا يصل إليها من دونه، و كلّ من كانت نعمة اللّه عليه أكمل و أتمّ كانت عبادته أعلى و طاعته أو في ثمّ إنّ السجود و الركوع و الصفّ و التسبيح عبادات متعارفة بين الخلق و متفاوتة في استلزام كمال الخضوع و الخشوع، و لا يمكن حملها على ظواهرها المفهومة منها لأنّ وضع الجبهة على الأرض و انحناء الظهر و الوقوف في خطّ واحد و حركة اللسان بالتسبيح امور مبنيّة على وجود هذه الآلات الّتي هي خاصّة ببعض الحيوانات فبالحريّ أن يحمل تفاوت المراتب المذكورة لهم على تفاوت كمالاتهم في الخضوع و الخشوع لكبرياء اللّه و عظيمته إطلاقا للّفظ الملزوم على لازمه على أنّ السجود في اللغة هو الانقياد و الخضوع كما مرّ. إذا عرفت ذلك فنقول: يحتمل أن يكون قوله عليه السّلام منهم سجود إشارة إلى مرتبة الملائكة المقرّبين لأنّ درجتهم أكمل درجات الملائكة فكانت نسبة عبادتهم و خضوعهم إلى خضوع من دونهم كنسبة خضوع السجود إلى خضوع الركوع. فإن قلت إنّه قد تقدّم أنّ الملائكة المقرّبين مبرّؤن عن تدبير الأجسام و التعلّق بها فكيف يستقيم أن يكونوا من سكّان السماوات و من الأطوار الّذين ملئت بهم. قلت: إنّ علاقة الشي ء بالشي ء و إضافته إليه يكفي فيها أدنى مناسبة بينهما، و المناسبة هاهنا حاصلة بين الأجرام السماويّة و بين هذا الطور من الملائكة و هي مناسبة العلّة للمعلول أو الشرط للمشروط فكما جاز أن ينسب الباري جلّ جلاله إلى الاختصاص بالعرش و الاستواء عليه في لفظ القرآن الكريم مع تنزيهه تعالى و تقدّسه من هذا الظاهر و لم يجر في الحكمة أن يكشف للخلق من عظمة الحقّ سبحانه أكثر من هذا القدر فكذلك جاز أن ينسب الملائكة المقرّبون إلى الكون في السماوات بطريق الأولى و إن تنزّهوا عن الأجسام و تدبيرها لأنّ عليّا عليه السّلام قاصد قصد الرسول صلى اللّه عليه و آله و قصد القرآن الكريم و ناطق به فليس له أن يفصح بما تنبوا عنه الأفهام، و باللّه التوفيق.

قوله و ركوع يشبه أن يكون إشارة إلى حملة العرش إذا كانوا أكمل ممّن دونهم فكانت نسبة عبادتهم الى عبادة من دونهم كنسبة خضوع الركوع إلى خضوع الصفّ. قوله و صافّون يحتمل أن يكون إشارة إلى الملائكة الحافّين من حول العرش قيل: إنّهم يقفون صفوفا لأداء العبادة كما أخبر تعالى عنهم«وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ» و تحقيق ذلك أنّ لكلّ واحد منهم مرتبة معيّنة و درجة معيّنة من الكمال يخصّه و تلك الدرجات باقية غير متغيّرة و ذلك يشبه الصفوف، و ممّا يؤيّد القول بأنّهم الحافّون حول العرش ما جاء في الخبر أنّ حول العرش سبعين ألف صفّ قيام قد وضعوا أيديهم على عواتقهم رافعين أصواتهم بالتهليل و التكبير و من ورائهم مائة ألف صفّ قد وضعوا الأيمان على الشمائل ما منهم أحد إلّا و هو يسبّح. قوله و مسبّحون يحتمل أن يكون المراد بهم الصافّون و غيرهم من الملائكة، و الواو العاطفة و إن اقتضت المغائرة إلّا أن المغائرة حاصلة إذ هم من حيث هم صافّون غيرهم من حيث هم مسبّحون و تعدّد هذه الاعتبارات يسوّغ تعديد الأقسام بحسبها و عطف بعضها على بعض، و يؤيّد ذلك الجمع بين كونهم صافّين و بين كونهم مسبّحين في قوله تعالى«وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ» و يحتمل أن يريد نوعا و أنواعا اخر من ملائكة السماوات، فأمّا سلب الركوع عن الساجدين، و سلب الانتصاب عن الراكعين، و سلب المزائلة عن الصافّين، و سلب السأم عن المسبّحين فإشارة إلى كمال في مراتبهم المعينّة كلّ بالنسبة إلى من هو دونه و تأكيد لها بعدم النقصانات اللاحقة فإنّ الركوع و إن كان عبادة إلّا أنّه نقصان بالنسبة إلى السجود، و الانتصاب نقصان في درجة الراكع بالنسبة إلى ركوعه، و كذلك التزايل عن مرتبة الصفّ نقص فيها، و كذلك السأم في التسبيح نقصان فيه و إعراض عن الجهة المقصودة به و أيضا فالسأم و الملال عبارة عن إعراض النفس عن الشي ء بسبب كلال بعض القوى الطبيعيّة عن أفعالها، و ذلك غير متصوّر في حقّ الملائكة السماويّة، و أمّا سلب غشيان النوم عنهم في قوله لا يغشاهم نوم العيون فهو ظاهر الصدق، و بيانه أنّ غشيان النوم لهم مستلزم لصحّة النوم عليهم و اللازم باطل في حقّهم فالملزوم مثله أمّا الملازمة فظاهرة، و أمّا بطلان اللازم فلأنّ النوم عبارة عن تعطيل الحواسّ الظاهرة عن أفعالها لعدم انصباب الروح النفسانيّ إليها و رجوعها بعد الكلال و الضعف، و الملائكة السماويّة منزّهون عن هذه الأسباب و الآلات، فوجب أن يكون النوم غير صحيح في حقهم فوجب أن لا يغشاهم، و أمّا سلب سهو العقول و غفلة النسيان، فاعلم أنّ الغفلة عبارة عن عدم التفطّن للشي ء و عدم تعقّله بالفعل و هى أعمّ من السهو و النسيان و كالجنس لهما، بيان ذلك أنّ السهو هو الغفلة عن الشي ء مع بقاء صورته أو معناه في الحيال أو الذكر بسبب اشتغال النفس و التفاتها إلى بعض مهّماتها، و أمّا النسيان فهو الغفلة عنه مع انمحاء صورته أو معناه عن إحدى الخزانتين بالكلّية و لذلك يحتاج الناسي للشي ء إلى تجشّم كسب جديد و كلفة في تحصيله ثانيا، و بهذا يظهر الفرق بين الغفلة و السهو و النسيان، و إذا عرفت ذلك ظهر أنّ هذه الامور الثلاثة من لواحق القوى الإنسانيّة فوجب أن تكون مسلوبة عن الملائكة السماويّة لسلب معروضاتها عنهم، و لمّا ذكر سهو العقول و نفاه عنهم أردفه بسلب ما هو أعمّ منه و هو الغفلة لاستلزام سلبها سلب النسيان، و قد كان ذلك كافيا في سلب النسيان إلّا أنّه أضاف الغفلة إليه ليتأكّد سلبه بسلبها، و أمّا قوله و لا فترة الأبدان، فلأنّ الفترة هي وقوف الأعضاء البدنيّة عن العمل و قصورها بسبب تحلّل الأرواح البدنيّة و ضعفها و رجوعها للاستراحة، و كلّ ذلك من توابع المزاج الحيوانيّ فلا جرم صدق سلبها عنهم. قوله و منهم امناء على وحيه و ألسنة إلى رسله مختلفون بقضائه و أمره يشبه أن يكون هذا القسم داخلا في الأقسام السابقة من الملائكة، و إنّما ذكره ثانيا باعتبار وصف الأمانة على الوحي و الرسالة و الاختلاف بالأمر إلى الأنبياء عليهم السلام و غيرهم لأنّ من جملة الملائكة المرسلين جبرئيل عليه السلام و هو من الملائكة المقربّين، و اعلم أنّه لمّا ثبت أنّ الوحى و سائر الإفاضات من اللّه تعالى على عباده إنّما هو بواسطة الملائكة كما علمت كيفيّة ذلك لا جرم صدق أنّ منهم امناء على وحيه و ألسنة إلى رسله إذ كان الأمين هو الحافظ لما كلّف بحفظه على ما هو عليه ليؤدّيه إلى مستحقّه، و إفاضة الوحي النازل بواسطه الملائكة محفوظة نازلة كما هي مبرّاة عن الخلل الصادرة عن سهو لعدم معروضات السهو هناك أو عن عمد لعدم الداعي إليه و لقوله تعالى«يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ»«» و أمّا كونهم ألسنة إلى رسله فهي استعارة حسنة إذ يقال: فلان لسان قومه أي المفصح عن أحوالهم و المخاطب عنهم فيطلق عليه اسم اللسان لكونه مفصحا عمّا في النفس، و لمّا كانت الملائكة وسائط بين الحقّ سبحانه و بين رسله في تأدية خطابه الكريم إليهم لا جرم حسن استعارة

في سلب النسيان إلّا أنّه أضاف الغفلة إليه ليتأكّد سلبه بسلبها، و أمّا قوله و لا فترة الأبدان، فلأنّ الفترة هي وقوف الأعضاء البدنيّة عن العمل و قصورها بسبب تحلّل الأرواح البدنيّة و ضعفها و رجوعها للاستراحة، و كلّ ذلك من توابع المزاج الحيوانيّ فلا جرم صدق سلبها عنهم. قوله و منهم امناء على وحيه و ألسنة إلى رسله مختلفون بقضائه و أمره يشبه أن يكون هذا القسم داخلا في الأقسام السابقة من الملائكة، و إنّما ذكره ثانيا باعتبار وصف الأمانة على الوحي و الرسالة و الاختلاف بالأمر إلى الأنبياء عليهم السلام و غيرهم لأنّ من جملة الملائكة المرسلين جبرئيل عليه السلام و هو من الملائكة المقربّين، و اعلم أنّه لمّا ثبت أنّ الوحى و سائر الإفاضات من اللّه تعالى على عباده إنّما هو بواسطة الملائكة كما علمت كيفيّة ذلك لا جرم صدق أنّ منهم امناء على وحيه و ألسنة إلى رسله إذ كان الأمين هو الحافظ لما كلّف بحفظه على ما هو عليه ليؤدّيه إلى مستحقّه، و إفاضة الوحي النازل بواسطه الملائكة محفوظة نازلة كما هي مبرّاة عن الخلل الصادرة عن سهو لعدم معروضات السهو هناك أو عن عمد لعدم الداعي إليه و لقوله تعالى«يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ»«» و أمّا كونهم ألسنة إلى رسله فهي استعارة حسنة إذ يقال: فلان لسان قومه أي المفصح عن أحوالهم و المخاطب عنهم فيطلق عليه اسم اللسان لكونه مفصحا عمّا في النفس، و لمّا كانت الملائكة وسائط بين الحقّ سبحانه و بين رسله في تأدية خطابه الكريم إليهم لا جرم حسن استعارة هذا اللفظ لهم لمكان المشابهة، و المراد هاهنا بالاختلاف التردّد بأمر اللّه و ما قضى به مرّة بعد اخرى و بالقضاء الامور المقضيّة إذ يقال: هذا قضاء اللّه أي مقضيّ اللّه، و لا يراد به المصدر فإنّ معنى ذلك هو سطر ما كان و ما يكون في اللوح المحفوظ بالقلم الإلهي و ذلك أمر قد فرغ منه كما قال صلى اللّه عليه و آله: جفّ القلم بما هو كائن، فإن قلت: كيف يصحّ أن يكون هذا القسم داخلا في السجود لأنّ من كان أبدا ساجدا كيف يتصورّ أن يكون مع ذلك متردّدا في الرسالة و النزول و الصعود مختلفا بالأوامر و النواهي إلى الرسل عليهم السلام قلت: إنّا بيّنا أنّه ليس المراد بسجود الملائكة هو وضع الجبهة على الأرض بالكيّفية الّتي نحن عليها، و انّما هو عبارة عن كمال عبوديّتهم للّه تعالى و خضوعهم تحت قدرته و ذلّتهم في الإمكان و الحاجة تحت ملك وجوب وجوده، و معلوم أنّه ليس بين السجود بهذا المعنى و بين تردّدهم بأوامر اللّه تعالى و اختلافهم بقضائه على وفق مشيئته و أمره منافاة بل كلّ ذلك من كمال عبوديّتهم و خضوعهم لعزّته و اعترافهم بكمال عظمته. قوله و منهم الحفظة لعباده. فاعلم أنّ في هذا القسم مطلوبين أحدهما ما الحفظة، و الثاني ما المراد منهم ثمّ الحفظة منهم حفظة للعباد كما قال تعالى«لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ»«» و منهم حفظة على العباد كما قال تعالى«وَ يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً» و المراد من الأوّلين حفظ العباد بأمر اللّه تعالى من الآفات الّتي تعرض لهم و من الآخرين ضبط الأعمال و الأقوال من الطاعات و المعاصي كما قال«كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ» و كقوله«ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» قال ابن عبّاس: إنّ مع كلّ إنسان ملكين أحدهما على يمينه و الآخر على يساره فإذا تكلّم الإنسان بحسنة كتبها من على يمينه، و إذا تكلّم بسيّئة قال من على اليمين لمن على اليسار: انتظر لعلّه يتوب منها فإن لم يتب كتبت عليه قال المفسّرون: فائدة ذلك أنّ المكلّف إذا علم أنّ الملائكة موكلّون به يحضرون عليه أعماله و يكتبونها في صحائف تعرض على رؤس الأشهاد في موقف القيامة كان ذلك أزجر له عن القبائح، و اعلم أنّه يحتمل أن يكون التعدّد المذكور في الحفظة تعدّدا بحسب الذوات، و يحتمل أن يكون بحسب الاعتبار.

قال بعض من زعم أنّ الحفظة للعباد هي القوى الّتي أرسلها اللّه تعالى من سماء جوده على الأبدان البشريّة: يحتمل أن يكون الحفظة على العباد هي مبادئ تلك القوى، و يكون معنى كتبه السيّئات و الحسنات و ضبطهما على العباد إمّا باعتبار ما يصدر و يتعدّد عن العبد من السيّئات و الحسنات في علم تلك المبادي ء أو يكون معناها كتبه صور الأفعال الخيريّة و الشرية إلى العبد بقلم الإفاضة في لوح نفسه بحسب استعدادها لذلك قال: و يشبه أن تكون إشارة ابن عبّاس بانتظار ملك اليسار كاتب السيّئات توبة العبد إلى أنّه ما دامت السيّئة حالة غير ممكنة من جوهر نفس العبد فإنّ رحمة اللّه تعالى تسعه فإذا تاب من تلك السيّئة لم تكتب في لوح نفسه، و إن لم يتب حتّى صارت ملكة راسخة في نفسه كتبت و عذّب بها يوم تقوم الساعة. قال: و يحتمل أن يكون الحفظة على العباد هم بأعيانهم من الحفظة لهم فإنّ النفس تحفظ في جوهرها ما يفعله من خير و شرّ و تحصيه يوم البعث على نفسها إذا زالت عنها الغواشي البدنيّة و تجده مصوّرا مفصّلا لا تغيب عنها منه شي ء كما قال تعالى«يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً»«» و كما قال تعالى«وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً»«» و كما قال«إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ وَ حُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ»«» و قال: و أمّا معنى كونهم من ملائكة السماء فلأنّ أصلهم من ملائكة السماء ثمّ ارسلوا إلى الأرض، و اللّه اعلم، و أمّا السدنة لأبواب جنانه فقد عرفت ما قيل فيهم.

قوله فمنهم الثابتة في الأرضيين السفلى أقدامهم المارقة من السماء العليا أعناقهم و الخارجة من الأركان أقطارهم و المناسبة لقوائم العرش أكنافهم: فاعلم أنّ هذه الأوضاف وردت في صفة الملائكة الحاملين للعرش في كثير من الأخبار فيشبه أن يكونوا هم المقصودون بها هاهنا، و روى عن ميسرة أنّه قال: أرجلهم في الأرض السفلى رؤسهم قد خرقت العرش و هم خشوع لا يرفعون طرفهم و هم أشدّ خوفا من أهل السماء السابعة، و أهل السماء السابعة أشدّ خوفا من أهل السماء السادسة و هكذا إلى سماء الدنيا، و عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: لا تتفكرّوا في عظمة ربّكم و لكن تفكّروا فيما خلق من الملائكة فإنّ خلقا منهم يقال له إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله و قدماه في الأرض السفلى و قد مرق رأسه من سبع سماوات و أنّه ليتضاءل من عظمة اللّه حتّى يصير كأنّه الوصع، و الوصع طائر صغير، و عن ابن عبّاس أيضا أنّه قال: لمّا خلق اللّه تعالى حملة العرش قال لهم احملوا عرشي فلم يطيقوا فقال لهم: قولوا لا حول و لا قوّة إلّا باللّه فلمّا قالوا ذلك استقل فنفذت أقدامهم في الأرض السابعة على متن الثرى فلم تستقرّ فكتب في قدم كلّ ملك منهم اسما من أسمائه فاستّقرت أقدامهم، و وجه هذا الخبر أنّ وجودهم و بقائهم و حولهم و قوّتهم الّتي بها هم على ما هم إنّما هو من حوله و قوّته و هيبته فلو أنّه سبحانه خلقهم و قال لهم: احملوا عرشي و لم تكن لهم استعانة و لا مدد بحول اللّه و قوّته و معونة لم ينتهضوا بحمل ذرّة من ذرّاة مبدعاته و مكوّناته فضلا عن تدبير العرش الّذي هو أعظم الأجرام الموجودة في العام.

إذا عرفت ذلك فنقول: أمّا من قال بأنّ الملائكة أجسام كان حمل صفاتهم المذكورة في هذه الأخبار في كلامه عليه السلام على ظاهرها أمرا ممكنا و أنّه تعالى قادر على جميع الممكنات، و أمّا من نزههم عن الجسميّة فقال إنّ اللّه سبحانه لمّا خلق الملائكة السماويّة مسخّرين لأجرام السماوات مدبّرين لعالمنا عالم الكون و الفساد و أسبابا لما يحدث فيه كانوا محيطين بإذن اللّه علما بما في السماوات و الأرض فلا جرم كان منهم من ثبت في تخوم الأرض السفلى أقدام إدراكاتهم الّتي ثبتت و استقرّت باسم اللّه الأعظم و علمه الأعزّ الأكرم و نفذت في بواطن الوجودات الموجودات خبر او مرقت من السماء العليا أعناق عقولهم و خرجت من أقطارها أركان قواهم العقلّيّة، و قوله المناسبة لقوائم العرش أكتافهم يريد أنّهم مشبّهون و مناسبون لقوائم العرش في بقائهم و ثباتهم عن الزائل من تحته أبدا إلى ما شاء اللّه. فإن قلت: فهل هناك قوائم غير الحاملين للعرش الّذي أشار إليهم، و تكون هذه الطائفة من الملائكة مناسبة لتلك القوائم أم لا. قلت: قد جاء في الخبر أنّ العرش له قوائم، روى عن جعفر بن محمّد الصادق عن أبيه عليه السلام عن جدّه صلى اللّه عليه و آله أنّه قال: إنّ بين القائمين من قوائم العرش و القائمة الاخرى خفقان الطير المسرع ثمانين ألف عام قال بعض المحقّقين: إنّ هناك قوائم ثمان قد فوّض اللّه تعالى إلى كلّ ملك من الملائكة الثمانية الحاملين للعرش تدبير قائمة منها و حملها و وكلّه بها. إذا عرفت ذلك فنقول: يحتمل أن يكون قد أشار عليه السلام بقوله تلك القوائم و وجه المناسبة أنّ الكتف لمّا كان محلّ القوّة و الشدّة استعاره عليه السلام هاهنا للقوّة و القدرة الّتي يخصّ كلّ ملك من تلك الملائكة و بها يدبّر تلك القوائم من العرش، و لا شكّ أنّ بين كلّ قائمة من تلك القوائم و بين كلّ قدرة من تلك القدرة مناسبة ما لأجلها خصّ اللّه سبحانه ذلك الملك بحمل تلك القائمة و ذلك معنى قوله المناسبة لقوائم العرش أكتافهم و يحتمل أن يكون كما استعار لهم لفظ الأقدام استعار لهم أيضا لفظ الأكتاف ثمّ شبّه قيامهم بأمر اللّه في حملهم للعرش بقيام الأساطين الّتي يبني عليها الواحد منّا عرشه فهم مناسبون مشابهون لقوائم العرش الّتي يبنى عليها من غير أن يكون هناك تعرّض لإثبات قوائم بل ما يشبه القوائم.

قوله ناكسة دونه أبصارهم متلفعّون تحته بأجنحتهم: الضميران في دونه و تحته راجعان إلى العرش و قد جاء في الخبر عن وهب ابن منبّه قال: إنّ لكلّ ملك من حملة العرش و من حوله أربعة أجنحة أمّا جناحان فعلى وجهه مخافة أن ينظر إلى العرش فيصعق و أمّا جناحان فيفهوا بهما ليس لهم كلام إلّا التسبيح و التحميد، و كنى عليه السلام بنكس أبصارهم عن كمال خشيتهم للّه تعالى و اعترافهم بقصور أبصار عقولهم عن إدراك ما وراء كمالاتهم المقدّرة لهم و ضعفها عمّا لا يحتمله من أنوار اللّه و عظمته المشاهدة في خلق عرشه و ما فوقهم من مبدعاته فإنّ شعاع أبصارهم منته واقف دون حجب عزّة اللّه. و عن بريد الرقاشيّ أنّ للّه تعالى ملائكة حول العرش يسموّن المخلخلين تجري أعينهم مثل الأنهار إلى يوم القيامة يميدون كأنّما تنقضهم الرياح من خشية اللّه تعالى فيقول لهم الربّ جل جلاله ملائكتي ما الّذي يخيفكم فيقولون: ربّنا لو أنّ أهل الأرض اطّلعوا من عزّتك و عظمتك على ما اطّلعنا عليه ما ساغوا طعاما و لا شرابا و لا انبسطوا في فرشهم و لخرجوا إلى الصحراء يخورون كما يخور الثور، و اعلم أنّه لمّا كان الجناح من الطائر و الإنسان عبارة عن محل القوّة و القدرة و البطش صحّ أن يستعار للملائكة على سبيل الكناية عن كمالهم في قدرتهم و قوّتهم الّتي يطيرون في بيداء جلال اللّه و عظمته و تصدر بواسطتهم كمالات ما دونهم من مخلوقات اللّه، و صحّ أن توصف تلك الأجنحة بالقلّة و الكثرة في آحادهم، و يكون ذلك كناية عن تفاوت قرابتهم و زيادة كمال بعضهم على بعض، و لمّا استعار لفظ الأجنحة استلزم ذلك أن يكون قد شبّههم بالطائر ذي الجناح، ثمّ لمّا كان الطائر عند قبض جناحه يشبه المتلفّع بثوبه و الملتحف به و كانت أجنحة الملائكة الّتي هي عبارة عن كما لهم في قدرهم و علومهم مقبوضة قاصرة عن التعلّق بمثل مقدورات اللّه و مبدعاته واقفة دون جلاله و عظمته في صنعه لا جرم أشبه ذلك قبض الأجنحة المشبّه للتلفّع بالثوب فاستعار عليه السلام لفظ التلفّع أيضا و كنّى به عن كمال خضوعهم و انقهارهم تحت سلطان الله و قوّته و المشاهدة في صورة عرشه. فإن قلت: إنّك بيّنت أنّ المراد بالركوع هم حملة العرش فكيف يستقيم مع ذلك أن يقال إنّ هذا القسم هم حملة العرش أيضا فإنّ من كان أقدامهم في تخوم الأرضين، و أعناقهم خارجة من السماوات السبع و من الكرسيّ و العرش كيف يكون مع ذلك راكعا قلت: الجواب عنه قد سبق في قوله و منهم امناء على وحيه فإنّ الركوع أيضا المقصود منه الخشوع لعزّ اللّه و عظمته و ذلك غير مناف للأوصاف المذكورة هاهنا، و باللّه التوفيق. قوله مضروبة بينهم و بين من دونهم حجب العزّة و أستار القدرة إشارة إلى أنّ الآلات البشريّة قاصرة عن إدراكهم و الوصول إليهم، و ذلك لتنزّههم عن الجسميّة و الجهة و قربهم من عزّة مبدعهم الأوّل جلّ جلاله، و بعد القوى الإنسانيّة عن الوقوف على أطوارهم المختلفة و مراتبهم المتفاوتة، و إذا كان الحال في الملك العظيم من ملوك الدنيا إذا بلغ في التعزّز و التعظيم إلى حيث لا يراه إلّا أجلاء خواصّه، و كان الحال أيضا في بعض خواصّه كذلك كالوزير و الحاجب و النديم فإنّهم لا يصل إليهم كلّ الناس بل لا يصل إليهم إلّا من كانت له إليهم وسيلة تامّة و علاقة قويّة و كان منشأ ذلك إنّما هو عظمة الملك و هيبته و قربهم منه فكان الحائل بينهم و بين غيرهم إنّما هو حجب عزّة الملك و أستار قدرته و قهره، فكيف الحال في جبّار الجبابرة و مالك الدنيا و الآخرة، و حال ملائكته المقرّبين و من يليهم من حملة العرش الروحانييّن، فبالحريّ أن ينسب عدم وصول قوانا الضعيفة إليهم و إدراكها لمراتبهم إلى حجب عزّة اللّه و عظمته لهم و كمال ملكه و تمام قدرته و ما أهلّهم له من قربه و مطالعة أنوار كبريائه عزّ سلطانه و لا إله إلّا هو.

قوله و لا يتوهّمون ربّهم بالتصوير إشارة إلى تنزيههم عن الإدراكات الوهميّة و الخياليّة في حقّ مبدعهم عزّ سلطانه إذ كان الوهم إنّما يتعلّق بالامور المحسوسة ذات الصور و الأحياز و المحالّ الجسمانيّة فالوهم و إن أرسل طرفه إلى قبلة وجوب الوجود و بالغ في تقليب حدقه فلن يرجع إلّا بمعنى جزئيّ يتعلّق بمحسوس حتّى أنّه لا يقدر نفسه و لا يدركها إلّا ذات مقدار و حجم، و لمّا كان الوهم من خواصّ المزاج الحيوانيّ لا جرم سلب التوهّم عن هذا الطور من الملائكة لعدم قوّة الوهم هناك فإنّ هذه القوّة لمّا كانت موجودة للإنسان لا جرم كان يرى ربّه في جهة و يشير إليه متحيّزا ذا مقدار و صورة، و لذلك وردت الكتب الإلهيّة و النواميس الشرعيّة مشحونة بصفات التجسيم كالعين و اليد و الإصبع و الاستواء على العرش و نحو ذلك خطابا للخلق بما تدركه أوهامهم و توطينا لهم و إيناسا حتّى أنّ الشارع لو أخذ في مبدء الأمر بيّن لهم أنّ الصانع الحكيم ليس داخل العالم و لا خارجة و لا في جهة و ليس مجسم و لا عرض لاشتدّ نفار أكثرهم من قبول ذلك و عظم إنكارهم له فإنّ الوهم في طبيعته لا يثبت موجودا بهذه الصفة و لا يتصوّره، و من شأنه أن ينكر ما لا يتصوّر فكان منكرا لهذا القسم من الموجودات و الخطابات الشرعيّة و إن وردت بصفات التجسيم إلّا أنّ الألفاظ الموهمة لذلك لمّا كانت قابلة للتأويل محتملة له كانت وافية بالمقاصد إذ ال عاميّ المغمور في ظلمات الجهل يحمله على ظاهره و يحصل بذلك تقييده عن تشتّت اعتقاده و ذو البصيرة المترقّي عن تلك الدرجة يحمله على ما يحتمله عقله من التأويل، و كذلك حال من هو أعلى منه، و الناس في ذلك على مراتب فكان إيرادها حسنا و حكمة. قوله و لا يجرؤن عليه صفات المصنوعين. أقول: إجراء صفات المصنوعين عليه إنّما يكون بمناسبته و مما ثلثته مع مصنوعاته و مكوّناته و كلّ ذلك بقياس من الوهم و محاكاة من المتخيّلة له بصورة المصنوع، فكان الوهم يحكم أوّلا يكون الباري عزّ سلطانه مثلا لمصنوعاته الّتي يتعلّق إدراكه بها من المتحيّزات و ما يقوم بها و يخيّله بصورة منها ثمّ يساعده العقل في مقدّمة اخري هي أنّ حكم الشي ء حكم مثله فيجري حينئذ عليه صفات مصنوعاته التي حكم بمثليّته لها، و لما كانت الملائكة السماويّة منزّهين عن الوهم و الخيال لا جرم وجب تنزيههم عن أن يجروا عليه صفات مصنوعاته سبحانه و تعالى عمّا يقول الظالمون علوّا كبيرا، و كذلك قوله و لا يحدّونه بالأماكن و لا يشيرون إليه بالنظائر فإنّ الحاكم بحدّه في مكان و تحيّزه فيه و المشير إليه بالمثل المتصوّر له بالقياس إلى نظير يشاكله و يشابهه إنّما هو الوهم و الخيال، و لمّا عرفت أنّهما يخصّان للحيوان العنصريّ لا جرم كانت هذه الأحكام مسلوبة عن الملائكة السماويّة مطلقا و باللّه التوفيق.

ترجمه شرح ابن میثم

ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ الْعُلَا- فَمَلَأَهُنَّ أَطْوَاراً مِنْ مَلَائِكَتِهِ- مِنْهُمْ سُجُودٌ لَا يَرْكَعُونَ وَ رُكُوعٌ لَا يَنْتَصِبُونَ- وَ صَافُّونَ لَا يَتَزَايَلُونَ وَ مُسَبِّحُونَ لَا يَسْأَمُونَ- لَا يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ وَ لَا سَهْوُ الْعُقُولِ- وَ لَا فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ وَ لَا غَفْلَةُ النِّسْيَانِ- وَ مِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ وَ أَلْسِنَةٌ إِلَى رُسُلِهِ- وَ مُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَ أَمْرِهِ- وَ مِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ وَ السَّدَنَةُ لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ- وَ مِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فِي الْأَرَضِينَ السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ- وَ الْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا أَعْنَاقُهُمْ- وَ الْخَارِجَةُ مِنَ الْأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ- وَ الْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ- نَاكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصَارُهُمْ مُتَلَفِّعُونَ تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ- مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ- وَ أَسْتَارُ الْقُدْرَةِ- لَا يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْوِيرِ- وَ لَا يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعِينَ- وَ لَا يَحُدُّونَهُ بِالْأَمَاكِنِ وَ لَا يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ

معانی لغات

عبّ: بالا آمد و بشدّت خارج شد.

منفهق: وسيع.

مكفوف: چيزى كه پايين نمى آيد.

سمك البيت: سقف خانه.

عمد: جمع كثره است براى ستونهاى خانه.

سقاء: ظرف شير يا آب.

عباب: آب زياد.

زكام: آب انباشته.

تسويه: برابرى و تعديل.

سقف: اسم است براى آسمان.

سموك: ارتفاع و بلندا.

عامّة البيت: ستون خانه كه خانه بر آن استوار است.

دسار: هر چيزى كه براى محكم كردن چيزى بكار مى رود مانند ميخ و ريسمان و نظايرشان.

مستطر: پراكنده.

فلك: آسمان. گفته شده كه واژه فلك از چرخ ريسندگى دايره شكل گرفته شده است.

رقيم: اسم ديگر براى فلك است. و از رقم به معناى نوشتن و نقاشى گرفته شده است. چون ستارگان شبيه خطوط نقاشى هستند.

اطوار: حالات مختلف و انواع متباين. كسائى گفته است. ملائك در اصل مألك با تقديم همزه بر لام بوده و از الوك كه به معناى رسالت است گرفته شده سپس مقلوب شده و لام قبل از همزه آمده است. و گفته شده ملك در اصل ملئك بوده است و به خاطر كثرت استعمال همزه حذف شده و ملك تلفظ شده و هنگامى كه جمع مى بندند همزه را باز مى گردانند و ملائكه و ملائك مى گويند.

سأم: ملال، خستگى مرق السهم: به تيرى گفته مى شود كه از يك طرف وارد و از طرف ديگر خارج شود تلفع: به جامه پيچيده سدنه: جمع سادن به معناى دربان و نگهبان.

قطر: اطراف، ناحيه ركن: طرف، جانب نظائر: مانندها.

شرح

فرموده است: ثمّ فتق ما بين السّماوات... تا و لا يشيرون اليه بالنظائر

در توضيح مطالب فوق بحثهايى به شرح زير است:

بحث اوّل- اين فصل نيز در باره تفسير كلام امام (ع): فسوّى منه سبع سماوات مى باشد، زيرا آنچه كه امام (ع) در اين بحث اشاره فرموده است پيرامون طبقه طبقه شدن آسمانها و ساكن ساختن دسته هاى معيّنى از فرشتگان در هر طبقه است، زيرا دسته بندى آسمان و ساكنان آنها از تماميّت معناى تسويه و تعديل براى آسمانهاست. اگر اشكال شود كه چرا در كلام حضرت شكافتن آسمانها و سكنا دادن فرشتگان، از بيان جريان شمس و ماه در آسمان و آراسته شدن آن به ستارگان آخرتر قرار گرفته با آن كه شكافته شدن آسمان مقدّم بر اختصاص يافتن بعضى از آنها به ستارگان مى باشد.

در پاسخ مى گوييم: اشاره امام (ع) به تسويه آسمانها اشاره اجمالى است.

گويا امام (ع) در ابتدا چنين فرض كرده است كه خداوند تعالى آسمانها را به صورت كره واحدى آفريده است، چنان كه بعضى از مفسّران در تفسير آيه شريفه: أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا«» همين نظريّه را داده اند. سپس امام (ع) بالاى آسمان و پايين آن را به منزله دو سطح داخل و خارج براى آن كره در نظر گرفته است و پس از آن به بعضى ويژگيهاى آسمان كه ستارگان و خورشيد و ماه باشد اشاره كرده است. بعد از بيان اجمالى آسمان، ستارگان، ماه و خورشيد، تفصيل و تميز هر يك از ديگرى را با كلمه «فتق» داده و ساكنان هر يك از آسمانها را دسته معيّنى از فرشتگان دانسته و پس از آن به تفصيل انواع ملائكه پرداخته است. شك نيست كه تقدّم بحث اجمالى و سپس تفصيلى آن از نظر فصاحت و بلاغت در خطابه بهتر است. تقديم و تأخير در كلام (ع) به همين مناسبت انجام گرفته است.

با شناخت آنچه كه قبلًا ذكر شد بايد بدانيم كه هر يك از جملات امام (ع) به آيه اى از قرآن كريم اشاره دارد، مثلًا اين كلام حضرت: ثم فتق ما بين السموات العلى، مناسب اين سخن حق تعالى است: أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما. و اين جمله امام (ع): فملأ هنَّ اطوارا من ملائكته منهم سجود، لا يركعون، شبيه اين گفته حق تعالى است: وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ«» و نظاير اين آيه. اين كلام امام (ع): صّافّون لا يتزايلون مانند اين فرموده خداى سبحان است كه از فرشتگان نقل مى كند: وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا و اين جمله امام (ع): مسبّحون لا يسئمون، نظير اين آيه شريفه است: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ و فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ. و اين كلام حضرت: و لا فتراه الابدان، شبيه اين كلام حق است:«لا يَفْتُرُونَ». اين گفته حضرت: و منهم امناء على وحيه نظير اين كلام خداست در خطاب به پيغمبر اكرم: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ«».

اين گفته امام (ع): و السنة الى رسله، مانند اين آيه است: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا.

اين گفته حضرت: مختلفون بقضائه و امره مانند اين آيه است: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ«» و نيز نظير اين آيه است: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها... يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ.

اين سخن امام: و منهم الحفظة لعباده، مانند اين سخن خداست: يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً«» و نيز نظير اين آيه: وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ و نظير اين آيه: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ.

اين كلام امام (ع): و السّدنة لابواب جنانه، شبيه اين آيه است: وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها، و اين كلام حضرت: و المناسبة لقوائم العرش اكنافهم، مانند اين سخن خداست: وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ«» و كلام امام (ع): باجنحتهم، مانند اين فرموده خداوند متعال است: الْحَمْدُ لِلَّهِ.

بحث دوّم- در تفسير آيه: ا وَ لَمْ يَرَ الّذينَ كَفَرُوا انَّ السَّمواتَ وَ الَارَضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما

دانشمندان اقوال مختلفى به شرح زير دارند: 1- ابن عبّاس و ضحّاك و عطاء و قتاده گفته اند: آسمان و زمين شي ء واحدى بودند، خداوند ميان آنها در فضا فاصله انداخت.

2- كعب گفته است: خداوند آسمان و زمين را آفريده و بعضى را روى بعضى قرار داده بود، سپس بادى را آفريد و به وسيله آن آنها را از يكديگر جدا ساخت.

3- مجاهد و سدى گفته اند كه آسمانها طبقه واحدى بودند خداوند آنها را از هم گسيخت و هفت آسمان قرار داد و زمين را نيز چنان كرد.

4- عكرمه، عطيّه و ابن عبّاس به روايت ديگرى كه از او نقل شده است گفته اند: معناى اين كه آسمان بسته بود، اين است كه آسمان نمى باريد و معناى اين كه زمين بسته بود اين است كه گياه در آن نمى روييد. پس خداوند آسمانها را به وسيله باران و زمين را به وسيله گياه شكافت. اين نظر را دنباله آيه... أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ تاييد مى كند. نظير همين آيه است سخن حق تعالى: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ«» و آيه ديگر:«وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ» و كلام ديگر حق متعال: «أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا«»

5- بعضى از دانشمندان گفته اند: معناى كلام خداوند: كانتا رتقا، اين است كه امور به طور كلّى در علم خداوند و لوح محفوظ وجود داشت و اين كه فرموده است: ففتقناهما، اشاره به اين است كه در وجود تحقق يافتند و از يكديگر متمايز شدند. اين قول مناسب سه قول اول است و مى تواند تحقيقى براى آنها باشد. اين دانشمندان گفته كعب را كه معتقد بود خداوند بادى را ميان آسمانها آفريد، بر امر خدا حمل كرده و باد را از جهت مشابهت با امر خدا استعاره دانسته اند.

6- بعضى گفته اند كه معناى رتق در اين آيه منطبق شدن دايره معدل النهار بر بروج است، بنا بر اين فتق ميلى است كه بروج افلاك به آن دايرند. اينان در تأييد گفته خود قول ابن عبّاس و عكرمه را آورده اند. ابن عبّاس و عكرمه معتقد بودند كه معناى رتق آسمان اين بوده است كه نمى باريده، و معناى رتق زمين اين بوده است كه گياهى نمى رويانده. بنا بر اين معناى رتق و فتق به همين معنى كه ذكر كرديم اشاره به اسبابى دارد كه قول ششم از آن حكايت داشت، زيرا انطباق دو دايره كه همان رتق يا بسته بودن دو آسمان است موجب نباريدن باران و خراب شدن عالم پايين مى گرديد و آشكار شدن ميل كه همان فتق است موجب به وجود آمدن فصول، باريدن باران، روييدن گياهان و ساير انواع تركيبات مى شود.

با دانستن توضيحات فوق روشن مى شود كه سخن امام (ع) ثمّ فتق ما بين السّموات العلى، موافق سه قول اوّل و قول پنجم است، هر چند تحقيق براى فهميدن اين حقيقت بيشتر لازم است، امّا قول ششم هيچ مناسبتى با قول امام (ع) ندارد. به اين شرح كه سخن امام (ع) «ثمّ فتق...» در معرض بيان چگونگى خلق عالم بالاست و به همين دليل جمله بعد از اين كلام را با «فا» آورده و فرموده است: فملأ هنّ اطوارا من ملائكته. رتق و فتق در قول ششم متأخّر از بحث اجرام علوى آمده است. با اين كه ظهور ميل به هيچ وجه بر وجود فرشتگان آسمانى و سكنا يافتن آنها در آسمانها قبول تقدّم نمى كند.

بحث سوم- فرشتگان داراى انواع فراوان و مراتب متفاوتى به شرح زير مى باشند:

مرتبه اوّل- فرشتگان مقرّب اند، همچنان كه خداوند متعال مى فرمايد: لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ«».

مرتبه دوّم- فرشتگانى كه عرش الهى را حمل مى كنند خداوند متعال مى فرمايد: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ باز مى فرمايد: وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ.

مرتبه سوّم- فرشتگانى كه بر اطراف عرش مى چرخند چنان كه خداوند متعال مى فرمايد:«وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ»«».

مرتبه چهارم: فرشتگان آسمانها و كرسى هستند.

مرتبه پنجم- فرشتگان عناصر طبيعى قرار دارند.

مرتبه ششم- فرشتگان گماشته بر تركيبات نبات و معدن مى باشند.

مرتبه هفتم- فرشتگان حافظ و نويسندگان كرام اند. در اين باره خداوند متعال مى فرمايد: وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ و از جمله اين فرشتگان اند معقّبات كه در اين آيه شريفه خداوند متعال به آنها اشاره فرموده است: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ«».

مرتبه هشتم- فرشتگان بهشت و خزانه داران آنند. خداوند تعالى در اين باره فرموده است: وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ.

مرتبه نهم- فرشتگان گماشته بر آتش. حق متعال فرموده است: عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ و در جاى ديگر فرموده است: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ و باز فرموده است: وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً«» پس از دانستن مراتب فرشتگان مى گوييم همه دانشمندان بر اين اتفاق نظر دارند كه فرشتگان موجودات جسمانيى نيستند كه مانند انسان و چهار پايان رفت و آمد داشته باشند بلكه در باره فرشتگان دو قول است: اوّل قول متكلّمان كه معقتدند فرشتگان اجسام نوارنى و الهى هستند، وجودشان خير و سعادت است، بر انجام كارهاى سخت و توانايند، داراى عقل و فهم مى باشند، بعضى از آنها نزد خدا قرب و منزلت داشته و از نظر درجه كاملترند، خداوند متعال از آنها چنين حكايت مى كند: وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ«».

قول دوّم قول غير متكلّمان است، آنها معتقدند كه فرشتگان جسم نيستند، بعضى از آنها از جسميّت و دخالت در اجسام مجرّدند، بعضى از فرشتگان از جسميّت مجردند ولى از دخالت در اجسام مجرد نيستند و بعضى از آنها مجرد نيستند، جسمانى و حلول كننده در اجسام و قائم به اجسام هستند. براى غير متكلّمان در ترتيب درجات ياد شده تفصيلى به شرح زير است: امّا فرشتگان مقرّب اشاره است به ذوات مبرّا از جسميّت و جهت و نياز به غير و تصرّف در امور جسمانى.

فرشتگان حمل كننده عرش الهى ارواحى هستند كه به تنظيم كارهاى عرش گماشته شده اند، تنظيم كننده كار عرش هشت فرشته اى هستند كه در قرآن آمده است: وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ و اينان رؤساى فرشتگانى هستند كه تنظيم كارهاى كرسى و آسمانهاى هفتگانه را بر عهده دارند. توضيح اين كه كرسى و آسمانها به منزله بدن آن فرشتگان است و اينها اشخاصى هستند كه با بدنهايشان عرش را بالاتر از فرشتگان ديگر حمل مى كنند.

امّا فرشتگان گرداگرد عرش الهى ارواحى هستند كه حامل كرسى و گماشته و مسلّط بر آن مى باشند. فرشتگان آسمانها ارواحى هستند كه بر آسمانها گماشته شده اند و كارهاى آسمان از حركت و اراده به اذن خداوند متعال در اختيار آنهاست.

همچنين فرشتگان عناصر، كوهها، درياها، صحراها، خشكيها و ديگر تركيبات از معدن و نبات و حيوان هر يك با اختلافى كه دارند بر انجام فعل مخصوصى موكّل اند.

در باره فرشتگان حافظ و نويسندگان كرام چند قول آمده است به ترتيب زير: 1- بعضى گفته اند خداوند متعال طبايع متضاد را مخلوط و عناصر بيگانه با يكديگر را در هم آميخت و از اين آميزش و خلط، آمادگى فراهم شد كه نفس مدبّر و قواى حسّيه محرّكه را بپذيرد. بنا بر اين منظور از فرشتگان حافظى كه خداوند آنها را فرستاده است همين نفوس و قوايى است كه طبيعت را در آميختگى و ويژگى اعمالشان حفظ مى كنند و آنچه را كه در الواح خود مى نگارند صورت كارهايى است كه نفوس انجام مى دهند تا در روز قيامت بر عليه خود آنها شهادت دهند، چنان كه خداوند تعالى فرموده است: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَ يُنْذِرُونَكُمْ«».

معقّباتى كه از پيش رو و پشت سر حافظ انسانند همينها هستند. بنا به قولى حفظه براى بندگان غير از حفظه عليه آنها مى باشند و كاتبان نيز دو دسته اند.

بزودى توضيح بيشترى خواهيم داد.

2- بعضى از قدما گفته اند نفوس بشرى و ارواح انسانى باطناً مختلف اند.

بعضى نيكوكار و بعضى شرور، بعضى كند فهم و بعضى زيرك، بعضى بدكار و بعضى عفيف، بعضى آزاده و بعضى پست، بعضى شريف و بعضى دنىّ مى باشند. براى هر طايفه اى از اين ارواح زمينى، روحى آسمانى است كه نسبت به ارواح پست زمينى مانند پدرى مهربان و آقايى بخشنده در كارهاى مهم، آنها را يارى مى دهد، چه در خواب و چه در بيدارى، گاهى به طريق رؤيا و گاهى به گونه الهام. همان روح آسمانى مبدأ است براى آنچه كه از خير و شرّ در آن روح زمينى پديد مى آيد. اين مبادى در اصطلاح علما، طبيعت تامّ ناميده مى شود. يعنى آن ارواح فلكى در طبيعت، نسبت به ارواح زمينى كامل و تمام هستند و همان ارواح فلكى حافظ منافع انسان و ضرر و نيازهاى او مى باشند چنان كه خداوند متعال فرموده است: فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ«».

3- بعضى ديگر گفته اند كه براى نفوس وابسته به اين اجساد با نفوسى كه از بدن جدا شده اند همگونى و مشابهت مى باشد. پس نفوس جدا شده از بدن به گونه اى ميل و كشش به نفوسى دارند كه از بدن جدا نشده اند، زيرا ميان نفوس مشابهت و موافقتى وجود دارد. بنا بر اين نفوس مفارق از بدن نفوس مرتبط با بدن را مطابق طبعشان يارى مى دهند و بر آنها گواهند چنان كه خداوند تعالى فرموده است: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ... وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ«».

اما فرشتگان بهشت: بايد توجّه داشت كه هشت بهشت در قرآن نام برده شده است كه عبارتند از جنّت نعيم- جنّت فردوس- جنّت خلد- جنّت مأوا- جنّت عدن- جنّت دارالسلام- جنّت دار القرار و جنّتى كه پهناى آن به مساحت زمين و آسمانهاست كه براى پرهيزكاران آماده شده است و بر بالاى همه اينها عرش پروردگار صاحب جلال و اكرام قرار دارد.

پس از دانستن اين حقيقت، براى بهشتهاى نامبرده، ساكنان و نگهبانانى از فرشتگان وجود دارد. اما ساكنان بهشت فرشتگانى هستند كه از عبادت پروردگارشان تكبّر نمى ورزند، شب و روز آماده تسبيح گفتن اند و خستگى ندارند و همانها فرشتگانى هستند كه در بهشت با بندگان صالح و مخلص خدا با مهربانى و بشارت برخورد مى كنند. توضيح اين كه انسان مطيع، هر گاه در فرمانبردارى به كمال برسد و به آخرين درجه صورت انسانى نايل شود و به وسيله اعمال نيك و آنچه از كارهاى پاكيزه انجام مى دهد و مستحق صورت ملكى و رتبه آسمانى شود، فرشتگان پاكيزه با مهربانى و رحمت و شفقت او را ملاقات مى كنند و با روح و ريحان از او استقبال به عمل مى آورند، چنان كه قابله ها و دايه ها فرزندان پادشاهان را به بهترين جامه هاى دنيا و لباسهاى سندس و استبرق مى آرايند، و از بهترين عطرها استفاده مى كنند، اين فرشتگان نيز با بندگان صالح خدا با شادى و شادمانى برخورد مى كنند و آنها را به تماشاى بهشت مى برند از لذّتها و خوشيها امورى را به آنها نشان مى دهند كه در اين دنيا چشمى نديده، گوشى نشنيده و حتّى به قلب هيچ انسانى خطور نكرده است. با بندگان حضرت حق در بهشت تا وقتى خدا بخواهد با برخوردارى از بخشش غير قابل انقطاع مى مانند. و اخبار بهشتيان را به اهل دنيا در خواب مى نمايانند و هر گاه روز قيامت كبرا فرا رسد فرشتگان رحمت با بندگان صالح خدا به بهشت پر نعمت با شادى پايان ناپذير پرواز مى كنند. در آن بهشت مرگى وجود ندارد در غرفه هايى كه بالاى آنها نيز غرفه هايى وجود دارد و در پايين غرفه ها رودها جارى است اقامت مى كنند.

و سرانجام كلامشان اين است كه سپاس سزاوار پروردگار جهانيان است.

بعضى از حكماى اسلامى گفته اند: فرشتگانى كه با روح و ريحان بندگان صالح را ملاقات مى كنند موجودات روحانى كره زهره و مشترى هستند. گويا اينها مى خواهند بگويند نفوس پاك و سعادتمند انسانى هر گاه از بدن جدا شود قوّه واهمه را به همراه خود دارد و صور خيالى پديد آمده بر اساس وعده الهى در باره بهشت، باغها، نهرها، ميوه ها، حور العين، كأس معين، لؤلؤ و مرجان و ولدان و غلمان بر حسب استعداد و طهارت آن نفوس و اميدوارى ثواب آخرت به صورتهاى عقلى در نهايت ارزشمندى و زيبايى و متناسب صور خيالى امور ياد شده براى او ايجاد مى شود.

چون ستاره زهره و مشترى اثر كاملى در آماده كردن نفوس براى صور خيالى زيبا و شادى و شادمانى دارند. به همان گونه كه به جنبه روحانى اين دو ستاره كارهاى نيك نسبت داده شده است برخورد انسان نيز بعد از مفارقت از بدن با مهربانى و رحمت و شفقت به جنبه روحانى آن دو ستاره نسبت داده شده است.

امّا خزانه داران بهشت: بعيد نيست كه به اعتبارى همان ساكنان بهشت باشند ولى به لحاظ وظايفى كه دارند خازن نام گرفته اند. توضيح اين كه، خازن سرپرست درهاى خزانه براى گشودن در خزانه و تقسيم خزانه بين مستحقان به اذن پروردگار است، و همچنين بستن در آنها و بازداشتن غير مستحق از دسترسى به محتواى خزانه از جمله وظايف اوست. چون ملائكه خازن سرپرست افاضه كمالات، تقسيم نعمت و احسان به مستحقان، نگهبانى و باز داشتن غير مستحق از اموال خزانه، و نوازش مستعدان و فرمانبرداران به اذن خدا و حكمت او مى باشند. به اين اعتبار بر آنها خزانه دارى بهشت صدق مى كند. اينان همان كسانى هستند كه از هر درى بر مؤمنان وارد شده و مى گويند: درود بر شما به خاطر آنچه كه صبر كرديد چه زيباست خانه آخرت.

بعضى از دانشمندان گفته اند هر گاه بنده اى نفس خود را رياضت بدهد تا به كمال مرتبه قوّه نظرى و مراتب قوّه عملى برسد، او به وسيله هر مرتبه اى از آن مراتب براى كمال خاصى كه از جانب خدا به او افاضه مى شود آمادگى پيدا مى كند.

فرشتگان به نزد او مى آيند و از هر بابى با سلام و تحيّت و اكرام وارد مى شوند.

رضاى به قضاى خدا، خير باشد يا شر، باب بزرگى از آن ابواب است.

پس فرشته اى كه از اين در وارد شود به رضاى خدا وارد مى شود، چنان كه خداوند تعالى فرموده است: قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ و همان رضوان خازن جنان است.

امّا فرشته آتش، بعضى از فضلا گفته اند: آنها نوزده نوع فرشته مأمور زبانه آتش اند كه فرمان خدا را عصيان نمى كنند. پنج دسته آنها همانهايى هستند كه به اذن خدا اخبار را از خارج به داخل جهنم منتقل مى كنند. يك رئيس، دو خازن، يك دربان، و يك فرشته كارگر دارند. و دو فرشته غضب و شهوت و هفت نفر ديگر گماشته بر امر غذاى جهنّميان مى باشند. توضيح اين كه هر گاه روز قيامت كبرا فرا رسد و انسان از كسانى باشد كه زندگى دنيا را براى خود به آن حدّ انتخاب كرده كه جايگاهش جهنم شده باشد، اين نوزده فرشته عذاب او را به خاطر انجام زشتيها، و ارتكاب گناه و دورى از فرمان خدا به جهنم منتقل مى كنند. خداوند تعالى فرموده است: وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى «».

اين نوزده فرشته اى كه بعضى فضلا گفته اند، فرشتگان آتش اند. ولى با انسان فرشتگان ديگرى از فرشتگان بهشت همراهند، توضيح اين كه هر گاه انسان فرشتگان را در دنيا مطابق اوامر خدا به استخدام در آورد و در فرمانبردارى خدا با آنها موافقت كند بى آنكه از آنها چيزى كه خلاف خلقشان است بخواهد به وسيله آنها از ارتكاب محارم و نواهى خداوند به دور مى ماند. توفيق را از خدا آرزو مى كنم.

بحث چهارم- امام (ع) انواع ديگرى از فرشتگان را نام برده است و به تفاوت مرتبه شان

در عبادت و خشوع با عبارت سجود، ركوع، صّف و تسبيح اشاره كرده است. توضيح اين كه خداوند سبحان هر دسته از فرشتگان را به مرتبه معيّنى از كمال و علم و قدرت اختصاص داده است. كه هيچ مرتبه پايينى به مقام و مرتبه فوق نمى رسد. هر دسته اى كه نعمت خدا بر آن كاملتر باشد، عبادت او برتر و فرمانبردارى آن شايسته تر است.

سجود و ركوع و صفّ و تسبيح عباداتى هستند كه در ميان خلق رايج اند ولى از نظر بيان معناى خشوع و خضوع متفاوت هستند. و نمى توان آنها را در اينجا به معناى ظاهرى كه مردم مى فهمند گرفت زيرا نهادن پيشانى بر زمين براى سجده و خم كردن پشت براى ركوع و حركت دادن زبان براى تسبيح، امورى هستند كه دلالت بر ابزار و اسبابى دارند و مخصوص بعضى از حيوانات مى باشد، زيرا حيوانات داراى اعضا و جوارح اند. امّا در مورد فرشتگان سزاوار اين است كه تفاوت مراتب ياد شده به سجود و ركوع و صف و تسبيح بر تفاوت كمال فرشتگان در خضوع و خشوع براى كبريايى خدا و عظمت او حمل شود و به اصطلاح اطلاق كردن لفظ ملزوم است (خضوع) بر لازم آن (سجود) زيرا سجود در لغت به معناى انقياد و خضوع مى باشد.

با توضيح بالا احتمال دارد كه كلام امام (ع) در باره فرشتگان كه بعضى از آنها سجود مى كنند، اشاره به فرشتگان مقرّب باشد، زيرا درجه آنها كاملتر از درجات فرشتگان ديگر است. پس نسبت عبادت و خضوعشان نسبت به خضوع فرشتگانى كه در مرتبه پايين قرار دارند، مانند نسبت خضوع سجده به خضوع ركوع مى باشد، بديهى است كه سجده نسبت به ركوع بيان كننده خضوع بيشترى است.

اگر اشكال شود كه شما در گذشته گفتيد فرشتگان مقرّب نه مدبّر جسم اند و نه متعلّق به جسم، پس چگونه درست است كه از ساكنان آسمانها باشند و از فرشتگانى كه آسمانها از آنها پر شده است.

در پاسخ مى گوييم: در علاقه چيزى به چيزى و اضافه آن چيز به آن، كمترين مناسبت بين آن دو كفايت مى كند و اين مقدار مناسبت در اين جا ميان اجرام سماوى و اين دسته از فرشتگان وجود دارد. و آن مناسبت، يا مناسبت علت و معلول است يا شرط و مشروط. و چنان كه جايز است خداوند جلّ جلاله در لفظ قرآن كريم به عرش و تسلّط بر آن اختصاص يابد، با اين كه خداوند تعالى از داشتن اين مناسبت منزّه است، و در حكمت عظمتى كه براى خداوند ثابت شده است براى خلق وجود ندارد. پس به طريق اولى جايز است كه در آسمان بودن را به فرشتگان مقرّب نسبت دهيم. هر چند اين فرشتگان از داشتن جسم منزّه و از تدبير در جسم به دور باشند: چون امام (ع) بيان كننده و گوينده مطلبى است كه منظور رسول اكرم و قرآن كريم است و چيزى كه از ذهن و فهم به دور باشد بيان ندارد، بلكه كلام آن حضرت براى بالا بردن فهم و انديشه است.

قول امام (ع) در باره فرشتگان كه فرمود بعضى از آنها در حال ركوع اند احتمال دارد اشاره به حاملان عرش باشد زيرا آنها از فرشتگان ديگر كاملترند.

پس نسبت عبادت آنها به عبادت ديگران مانند نسبت خضوع ركوع به خضوع صفّ مى باشد و عبارت امام كه فرمود: و منهم صافّون احتمال دارد اشاره به فرشتگان طواف كننده اطراف عرش باشد. در تفسير اين كلام امام (ع) گفته اند: منظور فرشتگانى هستند كه براى اداى عبادت به صف ايستاده اند چنان كه خداوند متعال از آنها چنين خبر داده است: وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ.

تحقيق و توضيح اين كه هر يك از انواع فرشتگان داراى مرتبه معيّنى از كمال مى باشند كه به آن درجات اختصاص يافته اند و از حالتى كه دارند تغيير وضع نمى دهند و اين شباهت به صفهاى منظّمى دارد كه تغيير نمى كند. از چيزهايى كه تأييد مى كند منظور از فرشتگان

صفّ، طواف كنندگان اطراف عرش مى باشد مطلبى است كه در خبر آمده است و آن اين كه در اطراف عرش هفتاد هزار صف از فرشتگان تشكيل شده كه دستهايشان را بر شانه نهاده و صدايشان به تكبير و تهليل بلند است و در پشت سر آنها صد هزار صف ديگر از فرشتگان است كه دست راستشان را بر دست چپشان نهاده و تسبيح مى گويند.

احتمال دارد مقصود امام (ع) كه فرمود: و مسبّحون، فرشتگان در صفّ و غير آنها باشند و او عاطفه در و مسبّحون هر چند اقتضا دارد كه مسبّحون غير از فرشتگان در صفّ باشد، ولى اين مقدار مغايرت در اين جا حاصل است، زيرا آنها كه تسبيح مى گويند از جهت اين كه تسبيح گو هستند از فرشتگان اهل صف جدا محسوب مى شوند. بدين لحاظ جايز است كه فرشتگان را به دو نوع تقسيم كرده و بعضى را بر بعضى عطف بگيريم. اين جامعيت را كه به لحاظى صافّون و به لحاظى مسبّحون باشند، سخن حق تعالى تأييد مى كند وقتى كه از قول فرشتگان مى فرمايد: وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ. و احتمال دارد مسبحون نوعى يا انواعى ديگر از فرشتگان آسمانها باشند.

منظور امام (ع) از اين سخن كه فرمود: «دسته اى از فرشتگان ساجداند و ركوع انجام نمى دهند و دسته اى راكعند و از ركوع بلند نمى شوند و گروهى صفّ ايستاده اند و صف را به هم نمى زنند و دسته اى تسبيح گويند و از تسبيح گفتن خسته نمى شوند» اشاره به كمال فرشتگان در مرتبه هاى معيّنى است كه هر يك نسبت به مرتبه هاى پايين تر كاملترند و ضمناً تأكيدى است بر اين كه بر اين عبادات نقصانى عارض نمى شود، زيرا ركوع هر چند عبادت است و نسبت به سجود نقصان است و سر برداشتن از ركوع براى ركوع كننده نقصان ركوع محسوب مى شود و به همين ترتيب بهم زدن صفّ نقصانى است در آن و خستگى در تسبيح نقصان و اعراض از مقصود است. بعلاوه خستگى و ملال عبارت از دورى نفس از چيزى به سبب خستگى بعضى از قواى طبيعى است و اين در حق فرشتگان آسمانى كه قواى طبيعى ندارند قابل تصوّر نيست.

امّا فرموده امام (ع): «آنها را خواب فرا نمى گيرد» صدق آن بخوبى روشن است، بدين توضيح كه خواب رفتن آنها لازمه اش صحيح بودن خواب براى آنهاست. وقتى خواب براى آنها صادق نيست عارض شدن خواب بر آنها نيز باطل است. دليل صادق نبودن عروض خواب بر آنها اين است كه خواب عبارت است از تعطيل شدن حواس ظاهرى از كارهايى كه انجام مى يابد، به اين دليل كه روح كشش براى انجام كار ندارد. و پس از بر طرف شدن خستگى و ضعف، روح كشش انجام كار را پيدا مى كند. چون فرشتگان آسمانى از اين اسباب و ابزار منزّه و پاك اند خواب در حق آنها صحيح نبوده و آنها را فرا نمى گيرد.

امام (ع) سهو عقول و غفلت و نسيان را از فرشتگان به دور دانسته است.

در توضيح بايد گفت كه غفلت عبارت است از عدم دريافت و تعقّل چيزى در حال و اين معنى از سهو و نسيان عمومى تر و به منزله جنس است براى آن دو.

توضيح اين كه سهو بى خبر شدن از چيزى است به وسيله گرفتارى نفس و توجّه آن به امور مهم ديگر، با وجودى كه صورت يا معناى آن شي ء در قوّه خيال يا ذاكره انسان وجود دارد.

امّا فراموشى، غفلت از چيزى همراه با محو شدن صورت يا معناى آن از قوّه خيال و ذاكره به طور كلّى است، به همين دليل است كه فراموش كننده چيزى براى به دست آوردن مجدّد آن نيازمند تلاش است و بايد براى به دست آوردن دوباره آن خود را به زحمت اندازد. با توضيحى كه داده شد تفاوت ميان غفلت، سهو و نسيان روشن شد. با در نظر گرفتن معانى غفلت و سهو و نسيان معلوم شد كه اين سه امر از لواحق قواى انسانى هستند، پس لازم است كه از فرشتگان آسمانى سلب شود، زيرا مسلّم است كه فرشتگان آسمانى داراى قواى جسمانى نيستند.

امام (ع) پس از آن كه سهو عقول را از فرشتگان نفى كرده است معناى عمومى ترى را كه غفلت است از فرشتگان سلب فرموده است، زيرا سلب غفلت از فرشتگان لازمه اش سلب نسيان از آنها مى باشد هر چند نفى سهو از فرشتگان در سلب نسيان از آنها كافى بوده ولى سلب غفلت را براى تأكيد ذكر كرده است.

امّا سخن حضرت كه فرمودند: «فرشتگان فترت در ابدان ندارند»، براى اين است كه فترت توقف اعضاى بدن از عمل است و نقصان يافتن اعضا به سبب خستگى كه در روح بدن پديد مى آيد و پس از استراحت مجدداً اعضا آماده انجام كار مى شوند و همه اينها از توابع مزاج حيوانى است، بنا بر اين در سلب آنها از فرشتگان چاره اى نيست.

امام (ع) در باره بعضى ديگر از فرشتگان مى فرمايند: «آنان امين وحى خدا و به منزله زبان براى رسول خدا مى باشند و در رساندن احكام و اوامر الهى آمد و رفت مى كنند». بعيد نيست كه اين قسم از فرشتگان داخل در اقسام قبلى باشند، ذكر مجدّد آنها به اعتبار صفت امانت بر وحى و رسالت و رساندن امر خدا به انبيا و غير آنان مى باشد، زيرا از جمله فرشتگان مرسل جبرئيل (ع) است و او از فرشتگان مقرّب خداست.

چون ثابت شده است كه وحى و ساير افاضات از جانب خداوند تعالى بر بندگان به واسطه فرشتگان انجام مى گيرد و چگونگى آن را قبلًا دانستى، ناگزير صحيح است كه بعضى فرشتگان امناى به روحى و خبرگزاران نسبت به پيامبر باشند. زيرا امين نگهبانى است براى چيزى كه حفاظت آن را به عهده گرفته تا به مستحقش برساند. و علاوه بر آن وحيى كه به واسطه فرشتگان نازل شود از هر جهت محفوظ و به دور از خلل سهو مى باشد، چون لازمه سهو كه قواى جسمانى است در فرشتگان نيست. و به طور عمد نيز موجبى براى خلاف نيست، زيرا خداوند متعال مى فرمايد: يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ«» اين سخن امام (ع) كه آنها زبان گويايى به سوى رسولان هستند، استعاره زيبايى است. در مثل گفته مى شود فلان شخص زبان قومش مى باشد، يعنى احوال آنها را بروشنى بيان مى كند. پس بر چنين شخصى كلمه زبان اطلاق مى شود زيرا از هر چه در نفس وجود دارد پرده بر مى دارد و چون فرشتگان در اداى خطابات خداوند كريم ميان پيامبران و حق واسطه هستند و اوامر حق را براى آنها توضيح مى دهند، استعاره آوردن لفظ زبان گويا براى آنها به دليل وجه مشابهتى كه در اين مورد وجود دارد زيباست.

منظور امام (ع) در اين جا از اختلاف ملائكه و رفت و آمد آنها به فرمان خدا و رساندن احكام خدا به طور پياپى به مردم مى باشد و منظور از قضاى الهى امور حتمى است. در مثل گفته مى شود اين قضاى الهى است، يعنى حكم قطعى. بنا بر اين از كلمه قضا معناى مصدرى منظور نيست، بلكه معناى قضاى الهى نوشته لوح محفوظ به قلم الهى است در باره آنچه بوده و خواهد بود، و آن امرى است كه از تقدير خداوند گذشته است. چنان كه رسول خدا فرموده است: قلم از آنچه كه بايد بنويسد فراغت يافته و خشك شده است.

اگر گفته شود چگونه صحيح است فرشتگانى كه آمد و رفت مى كنند همان فرشتگان ساجد باشند چون كسانى كه همواره ساجدند چگونه تصوّر مى شود كه با اين وصف در انجام رسالت و نزول و صعود و اوامر و نواهى خدا به رسولان آمد و رفت داشته باشند در پاسخ مى گوييم: قبلًا توضيح داديم كه سجود فرشتگان به معناى نهادن پيشانى بر زمين، به گونه اى كه ما انجام مى دهيم نيست، بلكه سجود آنها كمال عبوديّتشان براى خداى تعالى و نهايت خضوعشان تحت فرمان قدرت او و نيازمند بودنشان در امكان و حاجت تحت سلطه وجوب وجود خداوند مى باشد.

بديهى است كه ميان سجود به اين معنى و رفت و آمدشان براى رساندن اوامر خداوند تعالى به منظور انجام احكام الهى طبق مشيّت و امر خدا منافاتى نيست بلكه انجام تمام اين امور كمال عبوديّت و خضوع آنها براى جلال خدا و اعترافشان براى كمال عظمت الهى است.

در باره اين جمله امام كه فرمود: «بعضى از فرشتگان حافظان بندگان هستند» مى گوييم كه دو چيز قبلًا بايد دانسته شود: يكى اين كه حفظه به چه معناست، دوّم آن كه مقصود از حفظه چه كسانى هستند در توضيح معناى حفظه بايد بدانيم كه بعضى از آنها حفظه براى عبادند چنان كه خداوند تعالى فرموده است: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ و بعضى از آنها حفظه بر عبادند چنان كه حق تعالى مى فرمايد: وَ يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً، مقصود از حفظه براى عباد فرشتگانى هستند كه به امر خداوند تعالى بندگان را از آفاتى كه بر آنها عارض شود حفظ مى كنند و مقصود از حفظه بر عباد فرشتگانى هستند كه اعمال انسان را از طاعت و معاصى ضبط مى كنند، چنان كه خداوند تعالى فرموده است:«كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ» و در جاى ديگر مى فرمايد:«ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» ابن عبّاس گفته است كه با هر انسانى دو فرشته است يكى در سمت راست و ديگرى در سمت چپ اوست هر گاه انسان حسنه اى را بر زبان بياورد آن كه بر دست راست است مى نويسد و هر گاه گناهى را بر زبان جارى كند فرشته سمت راست به فرشته سمت چپ مى گويد صبر كن شايد از اين گناه توبه كند و اگر توبه نكرد خود او نوشته مى شود.

مفسّران گفته اند فايده وجودى اين دو فرشته اين است كه شخص مكلّف هر گاه بداند كه فرشتگانى بر او گماشته شده اند و اعمال او را ناظرند و در كتابهايى مى نويسند و در موقف قيامت به طور علنى بر او عرضه مى كنند. چنين علم و اعتقادى انسان را از كارهاى زشت باز مى دارد.

احتمال دارد كه تعدّد مذكور در حفظه، تعدّد به حسب ذات باشد، بدين معنى كه فرشتگان دو دسته باشند. حافظان منافع و كاتبان اعمال بد انسان. و احتمال دارد كه به حسب ذات يك دسته و به حسب وظيفه دو دسته باشند.

بعضى كه تصوّر كرده اند كه حفظه منافع عباد همان قوايى مى باشند كه خداوند تعالى از آسمان جود خود بر جسم انسانها نازل فرموده است، ناگزير بايد حفظه بر عباد را زمينه همان قوا بدانند. با اين حساب معناى نوشتن سيّئات و حسنات و ضبط آنها بر له يا عليه عباد، يا به اين معناست كه آنچه از صفات و سيّئات از عبد صادر مى شود در علم آن مبادى وجود دارد و يا معناى كتابت اين است كه صورت افعال خير و شرّى كه انسان انجام مى دهد به قلم افاضه خداوند بر حسب استعداد انسان در لوح نفسش نوشته مى شود. نظر به معناى ياد شده، آنچه ابن عبّاس نقل كرد كه فرشته سمت چپ براى نوشتن گناه به خاطر توبه بنده صبر مى كند، بدين معنى خواهد بود كه ما دام كه گناه در جوهر نفس عبد قابل تغيير است ثبت نمى شود. زيرا رحمت خداوند تعالى وسيع است و هر گاه از آن گناه توبه كند در لوح نفسش نوشته نمى شود. و اگر توبه نكند تا ملكه راسخ در نفسش شود، نوشته مى شود و روز قيامت به خاطر آن عذاب خواهد شد.

بنا بر همين قول احتمال دارد حفظه بر عباد عيناً همان حفظه، براى عباد باشد. زيرا نفس در جوهريّت خود آنچه از خير و شرّ انجام مى دهد حفظ مى كند و در روز قيامت بر خود شماره مى كند، آن گاه كه عوارض بدن زايل شود آنچه را كه در جوهر نفس وجود دارد مفصّل و مصوّر مى بيند و از نفس چيزى غايب نخواهد بود چنان كه خداوند متعال فرموده است: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً«» و باز مى فرمايد: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً«» و باز فرموده است: أَ فَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ وَ حُصِّلَ«».

معناى اين كلام امام (ع) كه حافظان انسان از فرشتگان آسمانند اين است كه اصل آنها از فرشتگان آسمان است و بعد به زمين فرستاده مى شوند. در باره اين فرموده حضرت كه فرمود: امّا السدنة لابواب جنانه در گذشته توضيح داده شد.

فرموده است: و منهم الثّابتة في الارضين... تا لقوائم العرش اكنافهم.

چنان كه از بسيارى روايات استفاده مى شود اين صفات در وصف ملائكه حامل عرش بيان شده است. پس بى مناسبت نيست كه در كلام امام (ع) منظور همان فرشتگان باشند. اين موضوع از ميسره بدين عبارت روايت شده است: «پاى آن فرشتگان در زمين پايين و سرهايشان عرش را شكافته است. چنان خاشع اند كه چشمهايشان را بخوبى باز نمى كنند، از ساكنان آسمان هفتم خداترس ترند و باز ساكنان آسمان هفتم بيشتر از آسمان ششم از خدا مى ترسند و به همين ترتيب تا آسمان دنيا».

ابن عبّاس از پيامبر (ص) نقل كرده است كه «در عظمت پروردگار فكر نكنيد ولى در خلق فرشتگان فكر كنيد زيرا يكى از آنها كه اسرافيل نام دارد زاويه اى از زواياى عرش را بر دوش دارد، در حالى كه پاهاى او در زمين پايين است و سرش از آسمان هفتم بالاتر قرار دارد و در برابر عظمت خداوند چنان كوچك است كه گويا وصع است (وصع پرنده بسيار كوچكى است)».

باز از ابن عبّاس نقل شده است كه «وقتى خداوند حَمَله عرش را آفريد به آنها دستور داد كه عرش را حمل كنيد، آنها نتوانستند، سپس به آنها فرمود بگوييد: لا حَولَ وَ لا قوَةَ الّا باللَّه. وقتى كه اين جمله را ادا كردند پاهايشان توانايى يافت و تا زمين هفتم فرو رفت و استوار نمى شد. سپس بر پاى هر يك از فرشتگان اسمى از اسمهاى خداوند نوشته شد آن گاه پاهايشان استوار شد.

معناى صحيح اين خبر اين است كه وجود، بقا، حول و قوّه فرشتگان در وظيفه اى كه بر عهده دارند از حول و قوّه خداست. پس اگر خداوند سبحان آنها را آفريده و به آنها دستور حمل عرش را داده است بايد در آنها به حول و قوّه الهى، توانايى اين كار باشد و اگر حول و قوّه الهى نبود، قادر به حمل ذره اى از ذرات مخلوقات و آفريده ها نبودند چه رسد به اين كه كارگردانى عرش را كه از بزرگترين جرمهاى عالم است به عهده داشته باشند.

با توجّه به توضيح مطلب فوق مى گوييم: آنها كه معتقدند فرشتگان داراى جسم اند لزوماً بايد صفات مذكور در كلام امام (ع) را به صورت امرى ممكن حمل بر ظاهرشان كنند، در اين صورت معناى كلام اين خواهد بود كه خداوند بر همه ممكنات قادر است و امّا آنها كه فرشتگان را از جسميت منزه دانسته اند معتقدند كه خداوند سبحان فرشتگان را آفريد و آنها را مسلّط بر اجرام آسمانها و كارگردان عالم كون و فساد و وسيله براى آنچه كه در جهان به وجود مى آيد قرار داد. بنا بر اين با اجازه خدا از نظر علمى بر آنچه كه در آسمان و زمين است مسلطاند. بنا بر اين منظور از ثبوت قدمهايشان در بطن زمين كنايه است از ثبوت ادراكاتشان كه به اسم خداوند و دانشى كه عطا فرموده است در كارگردانى اين جهان استقرار يافته اند و در باطن موجودات نفوذ پيدا كرده اند و از آسمان بلند درگذشته اند، كنايه از برترى عقلى آنهاست و از كناره هاى آسمان برتر رفته اند كنايه از اين است كه انديشه عقلى آنها فراتر رفته است.

اين كه امام (ع) فرمود: «شانه هاى آنها با قوائم عرش مناسبت دارد مقصودش اين است كه در ثبات و بقا شبيه و مناسب قوائم عرش اند بدين معنى كه تا عرش برپاست آنها ثبات و بقا دارند.

اگر سؤال شود كه آيا براى عرش غير از فرشتگان مذكور پايه هايى وجود دارد كه اين دسته از ملائكه مناسب آن پايه هايى باشند يا خير در پاسخ مى گوييم كه مطابق اخبار رسيده براى عرش پايه هايى است. از امام صادق (ع) از پدرش از جدّش رسول خدا (ص) روايت شده كه فرمود: «ميان هر پايه اى از پايه هاى عرش تا پايه ديگر مسافتى است كه هشتاد هزار سال يك پرنده تيز پرواز بپيمايد».

بعضى از محققان گفته اند عرش داراى هشت پايه است و خداوند تعالى به هر يك از فرشتگان هشتگانه حامل عرش، حمل و اداره كردن يك پايه را سپرده است. پس از دانستن اين موضوع مى گوييم كه احتمال دارد سخن امام (ع) در باره پايه هاى عرش اشاره به اين باشد كه چون شانه محلّ شدّت و قوّت است امام (ع) كتف را براى قدرت و قوّتى كه خاصّ هر فرشته است استعاره آورده باشد كه با همان نيرو كارهاى قوائم عرش را عهده دار هستند. شكّى نيست كه ميان«» هر پايه اى از پايه هاى عرش و بين قدرتى كه آن را اداره مى كند مناسبتى برقرار است كه به آن لحاظ خداوند سبحان فرشته خاصّى را به حمل آن پايه گماشته است و همين است معناى جمله امام (ع) كه فرمود: المناسبة لقوائم العرش اكنافهم و بعيد نيست چنان كه لفظ اقدام را براى فرشتگان استعاره آورده است، لفظ اكناف را نيز استعاره آورده باشد، به دليل تشبيه قيام فرشتگان در انجام امر خدا براى حمل عرش، به قيام استوانه هايى كه هر يك از ما خانه خود را بر آن استوار مى داريم. بنا بر اين فرشتگان مناسب و مشابه پايه هايى هستند براى عرش كه بر آنها عرش استوار شده بى آنكه عرش به غير از آنها پايه اى داشته باشد يعنى آنها شبيه پايه هاى عرش اند.

فرموده است: ناكسة دونه ابصارهم متلفّعون تحته باجنحتهم

در عبارت بالا ضمير در كلمات دونه و تحته به عرش برمى گردد. در خبرى از وهب بن منبّه است: «براى هر ملكى از حاملان عرش و آنها كه در اطراف عرش هستند، چهار بال است، دو بال بر چهره دارند از ترس اين كه به عرش بنگرند و نابود شوند و دو بال بر دهان دارند كه كلامى جز تسبيح و تحميد بر زبان نياورند».

امام (ع) نكس ابصار را كنايه براى كمال خشيت آنها از خداوند تعالى آورده است و اين كه فرشتگان به ناتوان بودن چشم عقلشان از درك ماوراى كمالاتشان كه مقدّر است اعتراف دارند و چشم خرد خود را از اين كه انوار خدا و عظمت او را در آفرينش عرش و مخلوقات بديع تر از خودشان را درك كنند ناتوان مى بينند، زيرا منتهاى ديد آنها پايين تر از حجاب عزّت است.

از بريد رمّاشى نقل شده است كه براى خداوند تعالى در اطراف عرش فرشتگانى است كه مخلخلين ناميده مى شوند. از چشمان آنها تا روز قيامت چون جويبار اشك جارى است و از خوف خدا مانند شاخه هايى كه باد آنها را متمايل كرده باشد خم شده اند. خداوند تعالى به آنها مى فرمايد: «فرشتگان من چه چيز شما را مى ترساند» آنها در پاسخ مى گويند: «آفريدگارا اگر مردم روى زمين از عزّت و عظمت تو چنان كه ما آگاهيم آگاه باشند هيچ خوردنى و آشاميدنى براى آنها گوارا نخواهد بود و در بستر، آرام نمى گيرند و سر به صحرا مى گذارند و مانند گاو خروش برمى آورند».

چون بال براى پرندگان و انسان عبارت است از محل قوّت و قدرت و هيبت، صحيح است كه براى فرشتگان استعاره آورند و عبارت باشد از كمال قوّت و قدرتشان كه در حوزه قدرت و عظمت خداوند پرواز مى كنند و به واسطه آنها كمال مخلوقات پايين تأمين مى شود و صحيح است كه بالهاى فرشتگان به كثرت و قلّت توصيف شود، اين كنايه است از تفاوت نزديكى آنان به خدا و اين كه كمال بعضى از بعضى ديگر بيشتر است و چون لفظ اجنحه را براى فرشتگان كنايه آورده است. لازمه اش آن است كه آنها را به فرشتگان تشبيه كرده باشد، چون هنگامى كه پرندگان بالهاى خود را مى بندند شبيه انسان مى شوند كه در جامه خود پيچيده باشد و از طرفى بال فرشتگان كه عبارت از كمال ارزش و علومشان است و در رسيدن به راز و رمز مخلوقات ناتوان و از پرواز به سوى جلال و عظمت خداوند درمانده و مانند اين است كه بالشان بسته است، پس بسته بودن بال فرشتگان را امام (ع) به جامه پيچيده شده تشبيه و لفظ تلفّع را براى آن استعاره آورده است و همه اين مفاهيم را براى كمال خضوع فرشتگان و تحت امر بودنشان و ناتوانى آنان از نگريستن به عرش كنايه آورده است.

اگر سؤال شود كه شما گفتيد: مقصود از فرشتگان راكع حاملان عرش مى باشند. پس چگونه صحيح است كه اين دسته از فرشتگان نيز حاملان عرش باشند چون فرشتگانى كه پاهايشان در عمق زمين و گردنهايشان فراتر از آسمانهاى هفتگانه و كرسى و عرش باشد، با اين وصف چگونه مى توانند راكع هم باشند.

جواب اين اشكال در توضيح گفته ديگر امام (ع): و منهم امناء على وحيه گذشت، چون مقصود از ركوع، خشوع براى عزّت و عظمت خداست و اين منافات ندارد كه پاهايشان در عمق زمين و سرهايشان از آسمانهاى هفتگانه و عرش و كرسى فراتر باشد.

فرموده است: مضروبة بينهم و بين من دونهم حجب العزّة و استار القدرة

جمله فوق اشاره است به اين كه ابزار انسانى ناتوان از درك حقيقت فرشتگان و دسترسى به آنان مى باشد به اين دليل كه آنها از جسميّت و جهت داشتن به دوراند و به عزّت و جلال خداوندى نزديك. نيروى ادراك انسانى از تنوّع و مراتب متفاوت آنها به دور است. مثلًا هر گاه يكى از پادشاهان دنيا در بزرگوارى و عظمت چنان باشد كه جز بزرگان و خواصّ نتوانند او را ببينند، و يا بعضى از خواص پادشاهان مانند وزير و همدم و دربان كه همه مردم به آنها دسترسى ندارند، و جز افراد خصوصى و يا داراى واسطه هاى قوى نمى توانند با آنها ديدار داشته باشند و صرفاً اين فاصله بين آنها و مردم تقرّب و نزديكى آنها به پادشاه باشد. در باره فرشتگان نيز تصوّر همين است. چنان كه ميان مردم و وزراى سلطان پرده عزّت و عظمت پادشاه و قدرت و قهر او حايل مى باشد، حايل ميان مردم و فرشتگان نيز پرده عزّت و عظمت خداوند، پادشاه دنيا و آخرت است. و بدينسان است حال فرشتگان مقرّب و پايين تر از آنها حاملان عرش. و سزاوار نيست كه قواى ضعيف ما به آنها برسد و به دليل حجابهاى عزّت و عظمت خداوندى براى فرشتگان و به دليل كمال تسلّط و قدرت خداوند كه در باره فرشتگان اعمال شده است انسان نمى تواند آنها را درك كند و خدايى جز او نيست.

فرموده است: و لا يتوهمّون ربّهم بالتصوير.

اين فراز از فرموده امام (ع) اشاره به اين است كه فرشتگان در باره حق متعال هيچ نوع ادراكات وهمى و خيالى ندارند، يعنى در ذهن آنها صورتهاى وهمى و خيالى از خداوند وجود ندارد زيرا وهم و گمان به امور محسوسى كه داراى صورت و مكان و جسمانيّت باشد تعلق مى گيرد. پس قوّه واهمه هر چند به سوى وجوب و وجود سير كند و دقّت نظر داشته باشد كشش آن جز به معناى جزئى محسوس تعلّق نمى گيرد و حتّى درك خود را جز با تصوّر مقدار و حجم در نمى يابد، بنا بر اين در حق فرشتگان توهّم و خيال روا نيست. چون وهم از خواص مزاج حيوانى است و فرشتگان داراى قوّه وهم و خيال نبوده و تصوّرى به اين معنى از خداوند ندارند. امّا چون همين قوّه براى انسان وجود دارد و مايل است كه پروردگار خود را در جهتى ببيند به مكان او كه مقدارى داراى صورت است اشاره كند و به همين دليل است كه در كتب الهى و دستورات شرعى، خداوند به صفات جسمى مانند چشم و دست و انگشت و نشستن بر كرسى و مثل اينها براى مردم توصيف شده است تا وهم آنها چيزى را درك كند و مأنوس گشته و آرامش پيدا كند. زيرا اگر شارع مقدّس در آغاز امر به انسانها مى فرمود كه صانع حكيم نه در داخل عالم است و نه خارج از آن، نه جهت دارد و نه جسم است و عرض، مردم از پذيرش چنين خدايى بيشتر فرارى مى شدند و انكار آنها بيشتر شدّت مى يافت زيرا قوّه واهمه در طبيعت خود چنين وجودى را با اين ويژگى نمى تواند تصوّر و اثبات كند. بنا بر اين لازمه قوّه واهمه انسان اين است كه اين قسم از موضوعات و خطابات شرعى را كه تصور نمى كند منكر شود اگر چه با ذكر صفات جسمى كه در لسان شريعت آمده است بازهم انسان قادر به درك كامل آنها نيست.

الفاظى كه حكايت از جسمانيّت، مكان و جهت مى كنند قابل تأويل اند، و براى اداى مقصود كافى مى باشند. زيرا افراد عامى كه در ظلمت جهل غرق شده اند آن الفاظ را بر ظاهرشان حمل كرده، مقيّد به شريعت گشته و از پراكندگى اعتقاد و انديشه فكرى سالم مى مانند و اهل بينش كه از اين درجه بالاترند بر معنايى كه مورد قبول عقلشان باشد تأويل مى كنند و بدين طريق هر كس معرفتش بالاتر باشد معناى بالاترى را مى فهمد زيرا انسانها در فهم معانى داراى مراتبى هستند. فهم و انديشه هر يك از آنها نيكو و مطابق حكمت است.

فرموده است: و لا يجرءون عليه صفات المصنوعين

فرشتگان براى خداوند صفات مخلوقات را جارى نمى سازند، اجراى صفات مصنوعات بر خداوند وقتى رواست كه خداوند با مخلوقات خود مناسبت و مشابهتى داشته باشد و اين تناسب وقتى برقرار مى شود كه با قياس وهمى و برهان خيالى خداوند را به صورت مخلوق ببيند و حكم كند كه خداوند متعال نمونه مخلوقات خود مى باشد و مخلوقات در مكان قرار مى گيرند و در جهت واقع مى شوند و سپس قوّه خيال، خداوند را به شكل مخلوقات مى بيند. پس از ادراك وهمى و خيالى و اثبات مثليّت براى خدا، عقل مقدمه ديگرى را مى آورد و آن اين كه حكم هر چيزى حكم مانند آن است. پس صفات مصنوعات را بر خداوند جارى دانسته و حكم به مثليّت خداوند با مخلوقات مى كند، ولى چون فرشتگان آسمانى از قوّه وهم و خيال مبرّا و پاك اند بر خداوند صفات مصنوعات او را جارى نمى سازند و خداوند را از آنچه ظالمان در حق او مى گويند والاتر مى دانند.

همچنين فرشتگان خدا را در مكانها محدود ندانسته و مثل و مانند براى خداوند قائل نيستند، زيرا حكم كننده به حدّ شي ء در مكان و جا گرفتن آن در مكان و مثل و مانند قائل شدن مبناى تصوّرش قياس وهمى و خيالى است تا از طريق وهم و خيال، همشكلى و همانندى او را دريابد، سپس يكى را به ديگرى تشبيه كند و چون دانستيم كه قوّه وهم و خيال به حيوان عنصرى اختصاص دارد، ناگزير صدور اين احكام از فرشتگان آسمانى به طور مطلق منتفى است. با توضيح فوق روشن شد كه فرشتگان بر خداوند صفات مخلوقات را جارى نمى سازند.

شرح مرحوم مغنیه

ثمّ فتق ما بين السّموات العلا. فملأهنّ أطوارا من ملائكته منهم سجود لا يركعون، و ركوع لا ينتصبون، و صافّون لا يتزايلون و مسبّحون لا يسأمون. لا يغشاهم نوم العين. و لا سهو العقول. و لا فترة الأبدان. و لا غفلة النّسيان. و منهم أمناء على وحيه، و ألسنة إلى رسله، و مختلفون بقضائه و أمره. و منهم الحفظة لعباده و السّدنة لأبواب جنانه. و منهم الثّابتة في الأرضين السّفلى أقدامهم، و المارقة من السّماء العليا أعناقهم، و الخارجة من الأقطار أركانهم، و المناسبة لقوائم العرش أكتافهم. ناكسة دونه أبصارهم. متلفّعون تحته بأجنحتهم. مضروبة بينهم و بين من دونهم حجب العزّة و أستار القدرة. لا يتوهّمون ربّهم بالتّصوير. و لا يجرون عليه صفات المصنوعين. و لا يحدّونه بالأماكن. و لا يشيرون إليه بالنّظائر.

مشكل و شائك:

نحن نجهل تمام الجهل حقيقة الملائكة و صورهم و حياتهم و أحاسيسهم و حواسهم: أهم أجسام و أرواح، أو أرواح مجردة عن الأجسام و هل يفرحون و يحزنون اللّه أعلم.

و لو قدر لي أن أكون ملكا أو أي مخلوق آخر لآثرت أن تكون لي غرائز الأطفال و كفى.. و كل ما يتصوره الانسان عن الجن و الملائكة فهو حدس و تخمين لأنه غيب في غيب، حيث لا مكان لهذا الموضوع الشائك في العقل، و لا في الحس.. أجل، نحن كمؤمنين باللّه و كتابه و بالنبي و سنته يجب علينا أن نعتقد بوجود الجن و الملائكة، أما أين مكانهم و ما هي حقيقتهم، و هيئتهم و مهنتهم فلا يجب على المسلم أن يعرف أو يسأل عن شي ء من ذلك، لأنه لا يمت الى الحياة و أصول العقائد بسبب.

و تكلم رجال من الشيعة و السنة عن عصمة الملائكة بوجه العموم، و سودوا في ذلك العديد من الصفحات، بل تكلم بعضهم عن حقيقة الملائكة و شئونهم و أطوارهم، و مضوا فيه مع الخيال، و ما بينوا المقصود من بحثهم و تحقيقاتهم.. و إذا تكلم المعصوم عن الملائكة فإنما يتكلم بقصد التقديس و التعظيم لقدرة اللّه تعالى عن علم و يقين بالواقع، أما نحن فكما أشرت- لا نعلم من أمرهم شيئا، و لا نعرف أحدا تخصص بهذا الموضوع «الغيبي» كي نتبع أقواله و ننقل منها، بل لا نعرف مدرسة واحدة في العالم كله تدرس هذا الموضوع لطلابها.. و إذن كيف تخوض فيه. و العاقل يدع ما لا يستطيع الى ما يستطيع، و قد تواتر عن الرسول و آله (ص): ان حق اللّه على العباد أن يقولوا ما يعلمون، و يقفوا عند ما لا يعلمون.. و ان الأمور ثلاثة: أمر بين رشده فيتبع، و أمر بين غيه فيجتنب، و أمر مشكل فيرد الى اللّه و رسوله.

شرح منهاج البراعة خویی

«الفصل التاسع»

«ثمّ فتق سبحانه ما بين السّموات العلى، فملأهنّ أطوارا من ملائكته، فمنهم سجود لا يركعون، و ركوع لا ينتصبون، و صافّون لا يتزايلون، و مسبّحون لا يسأمون، لا يغشيهم نوم العيون، و لا سهو العقول، و لا فترة الأبدان، و لا غفلة النّسيان، و منهم أمناء على وحيه، و ألسنة إلى رسله، و مختلفون بقضائه و أمره، و منهم الحفظة لعباده، و السّدنة لأبواب جنانه، و منهم الثّابتة في الأرضين السفلى أقدامهم، و المارقة من السّماء العليا أعناقهم، و الخارجة من الأقطار أركانهم، و المناسبة لقوائم العرش أكتافهم، ناكسة دونه أبصارهم، متلفّعون تحته بأجنحتهم، مضروبة بينهم و بين من دونهم حجب العزّة و أستار القدرة، لا يتوهّمون ربّهم بالتّصوير، و لا يجرون عليه صفات المصنوعين، و لا يحدّونه بالأماكن، و لا يشيرون إليه بالنّظاير.»

اللغة

(أطوار) جمع طور كثوب و أثواب، و هو في الأصل التّارة يقال: أتيته طورا بعد طور، أى تارة بعد تارة، و يجي ء بمعنى الحالة، و المراد به هنا الأصناف المختلفة كما فسّر به قوله تعالى: «و قد خلقكم أطوارا».

أى مختلفين في الصّفات، أغنياء و فقراء، و زمناء و أصحاء، (و الملائكة) مأخوذة من الالوك و هو الرّسالة، يقال: ألك بين القوم ألكا من باب ضرب، و الألوك الرّسول، و واحدها ملك، و أصله على ما قاله الفيومي ملأك، و وزنه معفل، فنقلت حركة الهمزة إلى اللّام و سقطت لكثرة الاستعمال فوزنه معفل فانّ الفاء هى الهمزة و قد سقطت، و قيل: مأخوذ من لاك إذا ارسل، فملاءك مفعل فنقل الحركة و سقطت الهمزة و هى عين، فوزنه مفل و على كل تقدير فملك إمّا اسم مكان بمعنى محلّ الرّسالة، أو مصدر ميميّ بمعنى المفعول (و السّجود) و (الرّكوع) هنا جمع ساجد و راكع، و فاعل الصّفة يجمع على فعول إذا جاء مصدره عليه أيضا (و الانتصاب) القيام (و الصّف) من صففت الشي ء من باب نصر إذا نظمته طولا مستويا و منه صفّ الجماعة (و التزايل) التّفارق (و السّامة) الملالة و الضّجر (و يغشيهم) مضارع غشيته أى أتيته (و الفترة) الانكسار و الضّعف (و السّدنة) جمع سادن كخدمة و خادم لفظا و معنى (و المارقة) أى الخارجة يقال: مرق السّهم من الرّمية إذا خرج من الجانب الآخر (و الاقطار) الأطراف (و الأركان) جمع الرّكن كأقفال و قفل و هو جانب الشّي، و المراد هنا الأجزاء و الجوارح (و النّاكس) المتاطي ء رأسه (و تلفّع) بالثّوب تلحف و اشتمل به (و النظائر) جمع نظيرة و هي المثل و الشّبه في الأشكال و الأفعال و الأخلاق، و النّظير المثل في كلّ شي ء قيل«»: و في بعض النّسخ بالنّواظر، أى بالابصار، و في بعضها بالمواطن أى بالأمكنة.

الاعراب

كلمة ثمّ هنا للتّرتيب الحقيقي فيكون فتق السّماوات بعد خلق الشّمس و القمر بل بعد جعلها سبعا و خلق الكواكب فيها، و يحتمل أن يكون للتّرتيب الذكري، و ناكسة و تالياها مرفوعات على أنّها أوصاف للمناسبة المرفوعة بالابتداء أو معطوفات عليها أو على الثّابتة بحذف العاطف، و مسوغ الابتداء في المعطوفات مع نكارتها إمّا عطفها على ما يصح الابتداء، أو كون الخبر مجرورا، مثل و لكلّ أجل كتاب، أو كون الصفة عاملة عمل الرّفع، و هذه قواعد ثلاث من القواعد المصحّحة للابتداء بالنكرات، صرّح به ابن هشام في المغني، أو لقيام الصّفة مقام الموصوف و هو رابع القواعد المسوّغة للابتداء بالنكرة كما قرّر في الأدبيّة، مثل مؤمن خير من مشرك، أى رجل مؤمن خير، و يحتمل أن يكون ناكسة و المرفوعان بعدها خبرا لمبتدأ محذوف، و الجملة استينافا بيانيّا كأنّه سئل عن حال الملائكة المتّصفة بالأوصاف السّالفة و عن شأنهم، فقال عليه السّلام: هم ناكسة الأبصار دون العرش هذا و عن بعض النّسخ ناكسة و متلفعين و مضروبة بالنّصب على الحالية، و مثلها محلّ الجملات بعدها، أعني قوله لا يتوهّمون اه.

المعنى

لما ذكر عليه السّلام كيفيّة خلق السّماوات السّبع و تزيينها بزينة الشّمس و القمر و الكواكب، أشار بعد ذلك إلى سكّانها و حالات السّاكنين فيها و صفاتهم و أصنافهم المختلفة باختلاف الصّفات، و أقسامهم الكثيرة بكثرة الشّئون و الحالات فقال عليه السّلام: (ثم فتق ما بين السّماوات العلى) المستفاد من كلام الشّارح البحراني أن كلمة ثمّ هنا للتّرتيب الذّكري حيث قال: فان قلت: لم أخر ذكر فتق السّماوات و إسكان الملائكة لها عن ذكر إجراء الشّمس و القمر و تزيينها بالكواكب و معلوم أنّ فتقها متقدّم على اختصاص بعضها ببعض الكواكب قلت: إنّ إشارته إلى تسوية السماوات إشارة جمليّة، فكأنّه قدّر أوّلا أن خلق السّماوات كرة واحدة كما عليه بعض المفسرين، ثم ذكر علياهنّ و سفلاهن لجريانهما مجرى السّطحين الدّاخل و الخارج لتلك الكرة، ثم أشار إلى بعض كمالاتها و هي الكواكب و الشّمس و القمر جملة، ثم بعد ذلك أراد التّفصيل فأشار إلى تفصيلها و تمييز بعضها عن بعض بالفتق و إسكان كلّ واحدة منهنّ ملاء معيّنا من الملائكة، ثم عقب ذلك بتفصيل الملائكة، و لا شك أن تقديم الاجمال و تعقيبه بالتفصيل أولى في الفصاحة انتهى.

أقول: ظاهر كلمة ثمّ و ظاهر سياق كلامه عليه السّلام أنّها هنا للتّرتيب الحقيقي فيستفاد منهما أن خلق السّماوات بعد خلق الشّمس و القمر و الكواكب، و بعد جعلها سببا، و دعوى معلوميّة تقدّم الفتق على اختصاص بعضها ببعض الكواكب ممنوعة إذ لم يقم دليل على التقدّم، بل يمكن أن يكون السّماوات السّبع مرتتقة مطبقة مخلوقة فيها الكواكب، ثم فصّل بينها بالهواء و نحوه، كما روي نظيره في مجمع البيان عن ابن عبّاس في تفسير الآية الشّريفة:«أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما».

حيث قال: المعنى كما كانتا ملتزقتين منسدّتين ففصّلنا بينهما بالهواء، عن ابن عبّاس و غيره انتهى.

فان قيل: قد مضى في ثالث تنبيهات الفصل السّابق في حديث أبي جعفر عليه السّلام ما يدل على بطلان هذا التّفسير، حيث أمر الشامي بالاستغفار عن زعم كون المراد بالرّتق و الفتق الالتصاق و الانفصال إلى آخر ما مضى.

قلت: ما ذكرناه هنا من مجمع البيان إنّما هو على سبيل التّنظير، ضرورة أنّ كلامنا في فتق السّماوات، و تفسير ابن عبّاس كالحديث السّابق ناظران إلى فتق السّماء و الأرض، و أحدهما غير الآخر، و بطلان احتمال الالتصاق بين السّماء و الأرض بدليل خاص لا يوجب بطلان احتمال الالتصاق في السّماوات السّبع.

و الحاصل أنّه لا دليل على كون ثمّ في كلامه عليه السّلام للترتيب الذكري بخصوصه بل يحتمل ذلك و كونها للترتيب المعنوي، و على أى تقدير ففي كلامه عليه السّلام دلالة على بطلان مذهب الفلاسفة من تماس الأفلاك و عدم الفصل بينهما بهواء و نحوه.

و كيف كان فلما خلق اللّه سبحانه السّماوات و فصّل بعضها عن بعض (ملأهنّ أطوارا من ملائكته) و أسكنهم فيها على وفق ما يقتضيه تدبيره و حكمته، و للنّاس في ماهية الملائكة آراء متشتّة و أهواء مختلفة.

فمنهم من قال: إنّها أجسام لطيفة نورانية قادرة على التشكلات بأشكال مختلفة كاملة في العلم و القدرة على الأفعال الشّاقة، مسكنها السّماوات، رسل اللّه إلى أنبيائه و امناءه على وحيه يسبّحون اللّيل و النّهار لا يفترون، و لا يعصون اللّه ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون، نسبه في شرح المقاصد إلى أكثر الامة و الفخر الرّازي إلى أكثر المسلمين.

و منهم من قال: إنّها هي هذه الكواكب الموصوفة بالاسعاد و الانحاس، المسعدات ملائكة الرّحمة، و المنحسات ملائكة العذاب، و هو مذهب عبدة الأوثان.

و منهم من قال: إنّهم متولّدون من جوهر النّور لا على سبيل التناكح، بل على سبيل تولد الضوء من المضي ء، و الحكمة من الحكيم، كما أنّ الشّياطين متولدون من جوهر الظلمة حسب تولد السّفه من السّفيه، و هو رأى معظم المجوس و الثّنويّة المثبتين للأصلين حسب ما مر تفصيله في شرح الفصل السّابع من فصول الخطبة، و هذه الأقوال متّفقة في كون الملائكة أشياء متحيزة جسمانية.

و منهم من قال: إنّهم في الحقيقة هي الأنفس النّاطقة بذاتها المفارقة للأبدان على نعت الصّفا و الخيريّة، كما أنّ الشّياطين هي الأنفس النّاطقة على وصف الخباثة و الكدرة، و هو قول طائفة من النّصارى.

و منهم من ذهب إلى أنّها جواهر قائمة بأنفسها و مخالفة بنوع النّفوس النّاطقة البشريّة من حيث الماهيّة و أكمل منها قوة، و أكثر علما، و إنّما النفوس البشريّة جارية منها مجرى الأضواء بالنسبة إلى الشّمس، ثمّ إنّ هذه الجواهر على قسمين منها ما هي بالنّسبة إلى أجرام الأفلاك و الكواكب كنفوسنا النّاطقة بالنسبة إلى أبداننا و منها ما هي أعلى شأنا من تدبير أجرام الأفلاك، بل هي مستغرقة في معرفة اللّه و محبّته، و مشتغلة بطاعته، و هذا القسم هم الملائكة المقرّبون، و نسبتهم إلى الملائكة الذين يدبّرون السّماوات كنسبة أولئك المدبرين إلى نفوسنا الناطقة، و هذان القسمان اتّفقت الفلاسفة على إثباتهما.

و منهم من أثبت نوعا آخر و هي الملائكة المدبّرة لأحوال هذا العالم السفلي ثم قالوا: إنّ المدبرات إن كانت خيرات فهم الملائكة، و إن كانت شريرة فهم الشّياطين، و هذه الأقوال الأخيرة متّفقة في نفي التّحيز و الجسمية عنها هذا.

و قال المحدّث المجلسي طاب ثراه في البحار: اعلم أنه اجتمعت الاماميّة بل جميع المسلمين إلّا من شذّ منهم من المتفلسفين الذين أدخلوا أنفسهم بين المسلمين لتخريب اصولهم و تضييع عقايدهم: على وجود الملائكة، و أنّهم أجسام لطيفة نورانية اولي أجنحة مثنى و ثلاث و رباع و أكثر قادرون على التّشكل بالاشكال المختلفة، و أنّه سبحانه يورد عليهم بقدرته ما شاء من الأشكال و الصّور على حسب الحكم و المصالح، و لهم حركات صعودا و هبوطا، و كانوا يراهم الأنبياء و الاوصياء عليهم السّلام، و القول بتجرّدهم و تأويلهم بالعقول و النّفوس الفلكية و القوى و الطبايع و تأويل الآيات المتظافرة و الأخبار المتواترة تعويلا على شبهات واهية و استبعادات وهميّة، زيغ عن سبيل الهدى، و اتّباع لأهل الهوى و العمى انتهى.

ثمّ إنّ للملائكة أقساما لا تحصى حاصلة من اختلافهم في النّعوت و الصّفات، و تفاوتهم في المراتب و الدّرجات، فمنهم الكرّوبيون و منهم الرّوحانيون و منهم المدبّرون و منهم الحافظون و منهم المسبحون و منهم الصّافون و منهم أمناء الوحى و سفراء الرسل و منهم الخزنة للجنان و منهم الزّبانية للنيران إلى غير ذلك، و قد أشار إلى جملة منها الامام سيّد السّاجدين و زين العابدين عليه السّلام في دعاء الصّحيفة في الصلاة على حملة العرش و كل ملك مقرّب، و أمّا الامام عليه السّلام فقد قسمهم هنا إلى أقسام أربعة و فصّلهم بكلمة من، و الظاهر أنّ القسمة ليست حقيقية، بأن يكون بين الأقسام تباينا و انفصالا حقيقيا، ضرورة جواز اتّصاف بعض هذا الأقسام بالأوصاف الثّابتة لغيره، و جواز اجتماع اثنين منها، أو ثلاثة أو جميع الأربعة في نوع واحد أو فرد واحد كما قال عليه السّلام في الصّحيفة السّجادية: «أللّهم و حملة عرشك الّذين لا يفترون من تسبيحك، و لا يسأمون من تقديسك».

حيث أثبت لحملة العرش كونهم مسبحين و قد فصل«» هنا حيث قال عليه السّلام: و مسبّحون لا يسأمون، و منهم الثّابتة اه و قد علم ممّا ذكرنا أنّ هذه القسمة ليست أيضا بعنوان منع الجمع، فبقي كونها بعنوان منع الخلوّ، أو جميع أصناف الملائكة من المذكورين هنا و غيرهم يمكن دخوله في قوله عليه السّلام: و مسبّحون لا يسأمون، إذ ما من ملك إلّا و هو مسبّح له سبحانه كما قال سبحانه حكاية عنهم: و نحن نسبح بحمدك، غاية الأمر أنّ بعضا منهم متّصف مع ذلك بصفة اخرى أوجبت جعله قسما برأسه فافهم.

و ممّا ذكرنا يظهر ما في كلام القطب الرّاوندي على ما حكى عنه الشّارح المعتزلي من جعله حفظة العباد و السّدنة لأبواب الجنان مع امناء الوحى قسما واحدا و ارجاعه الأقسام الأربعة إلى الثلاثة، كما يظهر منه أيضا ما في كلام الشّارح البحراني من جعله امناء الوحى و ألسنة الرّسل و المختلفين بالقضاء و الأمر، داخلين في الأقسام السّابقة على هذا القسم في كلامه عليه السّلام، لما عرفت من أنّ تفصيله في الأقسام باعتبار اختلاف الصّفات، لا باعتبار القسمة الحقيقية، و معه لا داعى إلى تقليل الأقسام و إرجاع بعضها إلى بعض و إدخالها فيه، و إن كان المقصود بيان أن حفظة العباد و السدنة للأبواب كما أنّ فيهم وصف الحافظة و السدانة كذلك فيهم وصف الامانة.

فنقول: إنّ فيهم وصف المسبحية أيضا فما الدّاعى إلى جعلهم مع الامناء بخصوصهم قسما واحدا، و كذلك نقول: إنّ اتّصاف امناء الوحى و ألسنة الرّسل و المختلفين بالقضاء و الأمر، بكونهم مع ذلك أيضا سجودا لا يركعون مثلا لا يوجب إدخالهم في هذا القسم، لانّا نقول: إنّهم متّصفون مع ذلك بكونهم حفظة العباد أيضا فانّ جبرئيل مثلا مع كونه أمين الوحى كان حافظا لابراهيم عليه السّلام مثلا عند إلقاء النّار، و ليوسف عليه السّلام في غيابة الجبّ و نحو ذلك.

إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى شرح الكلام و توضيح الأقسام التي أشار إليها بقوله: (فمنهم) أى القسم الأوّل منهم (سجود لا يركعون، و ركوع لا ينتصبون، و صافّون لا يتزايلون، و مسبحون لا يسأمون) يعني أنّ بعضا منهم ساجد لا يرفع رأسه من السجود ليركع، و منهم من هو راكع لا يقوم من ركوعه، و منهم صافّون للعبادة لا يتفارقون من مكانهم، و منهم مسبحون لا يملّون من تسبيحهم، كما قال سبحانه حكاية عنهم:«وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ، وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ، وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ».

إشارة إلى تفاوت مراتبهم و درجاتهم في العبادة، أى ما منّا أحد الّا له مقام معلوم في العبادة و المعرفة و الانتهاء إلى أمر اللّه في تدبير العالم، و إنّا لنحن الصافّون في اداء الطاعة و منازل الخدمة، و إنّا لنحن المسبحون المنزّهون اللّه عمّا لا يليق به.

و قيل: إنّ المراد بالصّافين القائمون صفوفا في الصلاة، و عن الكلبي صفوف الملائكة في السماء كصفوف أهل الدّنيا في الأرض، و عن الجبائي المعنى صافون بأجنحتنا في الهواء للعبادة و التّسبيح، و المراد بالمسبحين القائلون سبحان اللّه على وجه التعظيم للّه هذا.

و ينبغي أن يعلم أنّ المراد بالسجود و الرّكوع و الصّف و التسبيح في كلامه عليه السّلام ما هو المتبادر منها، أعني وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه في الأوّل، و الانحناء في الثّاني، و القيام في خط مستطيل في الثّالث، و قول سبحان اللّه و نحوه في الرابع، و أنكر الشّارح البحراني ذلك و لا بأس بنقل عبارته لتوضيح ما رامه.

قال: ثمّ إنّ السّجود و الرّكوع و الصّف و التسبيح عبادات متعارفة من الحقّ و متفاوتة في استلزام كمال الخشوع و الخضوع، و لا يمكن حملها على ظواهرها المفهومة منها، لأنّ وضع الجبهة على الأرض و انحناء الظهر و الوقوف في خط واحد و حركة اللّسان بالتسبيح امور مبنيّة على وجود هذه الآلات التي هي خاصة ببعض الحيوانات، و بالحري أن يحمل تفاوت المراتب المذكورة لهم على تفاوت كمالاتهم في الخضوع و الخشوع لكبرياء اللّه و عظمته، إطلاقا للفظ الملزوم على لازمه على أنّ السجود في اللّغة هو الانقياد و الخضوع كما مر.

إذا عرفت ذلك فنقول: يحتمل أن يكون قوله منهم سجود إشارة إلى مرتبة الملائكة المقربين، لأن درجتهم أكمل درجات الملائكة، فكانت نسبة عبادتهم و خضوعهم إلى خضوع من دونهم كنسبة خضوع السجود إلى خضوع الرّكوع.

فان قلت: إنّه قد تقدّم أنّ الملائكة المقرّبين مبرءون عن تدبير الأجسام و التعلّق بها، فكيف يستقيم أن يكونوا من سكّان السّماوات و من الأطوار الذين ملئت بهم.

قلت: إنّ علاقة الشّي ء بالشّي ء و إضافته إليه يكفي فيها أدنى مناسبة بينهما، و المناسبة هنا حاصلة بين الأجرام السّماويّة و بين هذا الطور من الملائكة، و هي مناسبة العلّة للمعلول، و الشّرط للمشروط انتهى، و أشار بقوله: فان قلت: إنه قد تقدّم اه، إلى ما ذكره سابقا من أن المقرّبين هم الذّوات المقدّسة عن الجسمية و الجهة، و عن حاجتها إلى القيام بها و عن تدبيرها اه.

أقول: و أنت خبير بما فيه.

أما اولا فلأنّ صرف الألفاظ المذكورة عن معانيها الظاهرة فيها حسب ما اعترف به«» لا وجه له، بل قد قام الأخبار المتواترة على المعنى الظاهر، مثل ما رواه في البحار عن أبي ذر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّي أرى ما لا ترون، و أسمع ما لا تسمعون إنّ السّماء أطت«» و حقّ لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلّا و ملك واضع جبهته ساجد اللّه.

و عن ابن جبير أنّ عمر سأل النبي صلّى اللّه عليه و آله عن صلاة الملائكة فلم يرد عليه شي ء فأتاه جبرئيل فقال إنّ أهل سماء الدّنيا سجود إلى يوم القيامة يقولون: سبحان ذي الملك و الملكوت، و أهل السّماء الثّانية ركوع إلى يوم القيامة يقولون: سبحان ذي العزة و الجبروت، و أهل السّماء الثّالثة قيام إلى يوم القيامة يقولون: سبحان الحيّ الذى لا يموت.

و في الأنوار عن الصّادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مررنا ليلة المعراج بملائكة من ملائكة اللّه عزّ و جل، خلقهم اللّه كيف شاء، و وضع وجوههم كيف شاء ليس شي ء من أطباق وجوههم إلّا و هو يسبح اللّه و يحمده من كلّ ناحية بأصوات مختلفة أصواتهم مرتفعة بالتّسبيح و البكاء من خشية اللّه، فسألت جبرئيل عنهم، فقال: كما ترى خلقوا إنّ الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلّمه قط: و لا رفعوا رؤوسهم إلى ما فوقهم، و لا خفضوا رؤوسهم إلى ما تحتهم، خوفا من اللّه و خشوعا، فسلّمت عليهم فردّوا علىّ ايماء برءوسهم، و لا ينظرون إلىّ من الخشوع، فقال لهم جبرئيل: هذا محمّد نبيّ الرحمة أرسله اللّه إلى العباد رسولا و نبيّا، و هو خاتم الأنبياء و سيّدهم، قال: فلمّا سمعوا ذلك من جبرئيل أقبلوا علىّ بالسّلام، و بشّروني و أكرموني بالخير لي و لامّتي.

قال الشّارح: إنّه جاء في الخبر أنّ حول العرش سبعين ألف صفّ قيام قد وضعوا أيديهم على عواتقهم رافعين أصواتهم بالتّهليل و التكبير، و من ورائهم مأئة ألف صفّ قد وضعوا الايمان على الشّمائل ما منهم أحد إلّا و هو يسبّح إلى غير ذلك، ممّا يقف عليه المتتبّع، فانّ نصّ الرّواية الأولى أنّ سجود الملائكة إنّما هو بوضع الجبهة، و المستفاد من تخصيص السّاجدين بالسّماء الدّنيا و الرّاكعين بالثّانية، و القائمين بالثّالثة، في الرّواية الثّانية أنّ المراد من كلّ من الألفاظ المذكورة معانيها المتعارفة، إذ لو اريد المعنى الذي ذكره الشّارح لزم أن يكون السّاجدون الذين هم أكمل خشوعا، أدنى درجة و أسفل مكانا من الرّاكعين الذين هم أدنى خشوعا منهم، و هكذا و هو كما ترى.

و منه يظهر أيضا فساد ما ذكره الشّارح في شرحه من جعل السّاجدين عبارة عن المقرّبين، و الراكعين عبارة عن حملة العرش، و الصّافين عبارة عن الحافّين حول العرش، بملاحظة أنّ زيادة الخشوع يوجب ارتفاع الدّرجة، و السّاجد أعلى خشية من الرّاكع فيكون أعلى درجة منه، و الرّاكع أكمل خشوعا من الصّافين فيكون أعلى مقاما منهم.

وجه ظهور الفساد أنّ ما ذكره من قبيل الاستدلال بالعقل، و لا عبرة به في مقابل النصّ الدّال على الخلاف، و أمّا الرّواية الثّالثة فقد استفيد منها أنّ تسبيح الملائكة إنّما هو برفع الأصوات و تكلّمهم بحركة اللّسان، حيث إنّهم ردّوا السّلام أوّلا على النّبي بالايماء، ثم تعرض عليهم جبرئيل بالتكلّم فسلّموا عليه صلّى اللّه عليه و آله و بشروه، و أمّا الرّواية الرّابعة فقد دلت على أنّ صفّ الملائكة إنّما هو بالقيام، كما دلّت على تسبيحهم برفع الأصوات هذا.

و ممّا ذكرناه عرفت أيضا ما في تخصيص الجوارح و الآلات ببعض الحيوات، و إنكار ثبوتها في حقّ الملائكة على ما هو المستفاد من ظاهر كلامه، فانّ هذا عجب غاية العجب، ضرورة أنّ الملائكة لهم أيد و أرجل و عواتق و أبصار و وجوه و أجنحة إلى غير ذلك من الجوارح المثبتة لهم في الآيات و الأخبار و الآثار، بل كان أن يكون ضروريا، غاية الأمر أنّ جوارحهم ليس من قبيل جوارحنا كثيفة، بل نورانية لطيفة، و الظاهر أنّ ما ذكره من فروعات مذهب الفلاسفة المستندة إلى الأوهام السخيفة و العقول النّاقصة و الاستبعادات الوهميّة حسبما عرفت سابقا، و لا يعبأ بها قبال الأدلّة القاطعة و البراهين السّاطعة.

و أما ثانيا فلأنّه لقائل أن يقول: إنّه إذا لم يكن خضوع الملائكة و خشوعهم بعنوان السّجدة و الرّكوع و القيام و التّسبيح و نحو ذلك من العناوين المتصوّرة في عبادات البشر ففي ضمن أىّ عنوان يخضعون و يخشعون و إن كان المراد بالخضوع التكويني، ففيه أنّ الخضوع التكويني عامّ لجميع الموجودات، و لا اختصاص له بالملائكة، إذ كلّ شي ء خاضع له و مقهور تحت قدرته، قال: «و إن من شي ء إلّا يسبّح بحمده» و إن اريد الخضوع التكليفي كما هو الظاهر فلا بدّ و أن يكون التكليف في ضمن عنوان من العناوين، و الثّابت في الأخبار أنّ عبادتهم إنّما هو في ضمن واحد من العناوين المذكورة، و لم يثبت عنوان آخر وراء تلك العناوين من الأدلّة النّقلية و العقل لا مسرح له فيها.

هذا كلّه مضافا إلى قوله سبحانه:«فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ».

فانّ ذلك مقيد للعموم من جهات عديدة، فيدلّ على سجود جميع أصناف الملائكة و آحادهم و حينئذ نقول: إنّ سجدتهم لآدم إمّا أن يكون بالعنوان المتعارف الذي هو وضع الجبهة كما هو الظاهر، ففيه دلالة على هدم جميع ما قاله الشّارح، و إمّا أن يكون عبارة عن مجرّد إظهار التّواضع فهو خلاف الظاهر أولا من حيث إنّهم أظهروا التّواضع لآدم، و اعترفوا بفضيلته حين أنبأهم بالأسماء و ثانيا من حيث إن حكاية حال قوم لقوم بألفاظ مخصوصة يوجب إرادة المعاني المتعارفة عند المحكيّ لهم من هذه الألفاظ، و لا ريب أنّ المتبادر من السّجدة هو المعنى الشرعي، هذا كلّه مضافا إلى إفادة بعض الأخبار«» كون سجودهم بالعنوان المتعارف، و بعد التّنزل نقول: إنّ أكثر المفسرين احتملوا إرادة كلّ من المعنيين، فلو لم يتصوّر في حقهم وضع الجبهة لما احتملوا ذلك بل جعلوا الآية نصّا في المعنى الآخر.

و أما ثالثا فانّ احتماله كون المراد بالسّجود الملائكة المقرّبون نظرا إلى كون درجتهم أكمل الدّرجات كما أنّ خضوع السّجودي أفضل الخضوعات ممنوع، لما قد مرّ في الرّواية السّابقة من أنّ أهل السّماء الدّنيا هم السّاجدون، و أنّه ليس في السّماء موضع أربع أصابع إلّا و فيها ملك ساجد، مع أنّ المقرّبين عنده أرفع درجة من حملة العرش الذين هم أعلى درجة من أهل السّماء الدّنيا بمراتب، و من أهل ساير السّماوات أيضا.

و أما رابعا فانّ المستفاد من الايراد الذي أورده على نفسه من كون المقرّبين منزّهين عن تدبير الأجسام اه، و تقريره في الجواب ذلك حيث لم يتعرّض لردّه مضافا إلى تصريحه سابقا بما ذكره في الايراد حسب ما حكيناه عنه: انّ المقربين عنده منزّهون عن الجهة و الجسميّة و تدبير الأجسام و التعلّق بها كما هو رأى الفلاسفة الذي بيّناه سابقا، و على ذلك فنقول إنّ جبرئيل هل هو ملك مقرّب أم لا فان قال: لا، و لا أظنّه قائلا به، فقد ردّ قوله سبحانه في وصفه:

«إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ».

فانّ المكانة هو القرب كما صرّح به المفسّرون، و قوله عليه السّلام في الصحيفة السجادية: و جبرئيل الأمين على وحيك، المطاع في أهل سمواتك، المكين لديك المقرّب عندك».

و الأخبار الكثيرة الدالة على ذلك، مثل ما راه عليّ بن ابراهيم في حديث المعراج قال جبرئيل: أقرب الخلق إلى اللّه أنا و إسرافيل إلى غير ذلك ممّا لا حاجة إلى ذكره.

و إن قال نعم و هو الظاهر من كلامه بل صريحه في ذيل قوله: و منهم امناء على وحيه، فنقول: إنّه كيف لا يكون في جهة و مكان و لقد قال سبحانه:«وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى ».

و قال:«وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ».

و كيف يمكن انكار جسميّته و قد ملاء ما بين الخافقين بأجنحته، و كيف ينكر تدبيره الأجسام مع أنّه كان ناصرا للنبي صلّى اللّه عليه و آله في غزواته، و مصاحبا معه في خلواته، و قالعا لبلاد قوم لوط، و مهلكا بصيحته لثمود، و قد وصفه اللّه بكونه مطاعا في السّماوات و معناه أن يطاع له في الأمر و النّهى، و معلوم أن الأمر و النّهي إنّما يكونان لتدبير الامور.

و أما خامسا فانّ ما ذكره من كفاية أدنى الملابسة في صحّة الاضافة مسلّم، إلّا أنّ هذا الجواب يدفعه ما مرّ في الرواية، من أنّه ليس في السّماء موضع أربع أصابع إلّا و فيها ملك ساجد، و مثله، الرّواية الاخرى، فانّهما صريحتان في سكون الملائكة السّاجدين في السّماء بعنوان الحقيقة لا بعنوان المجاز.

و أما سادسا فانّ قوله: و المناسبة حاصلة بين الأجرام السّماوية و بين هذا الطور من الملائكة، و هي مناسبة العلّة للمعلول، و الشرط للمشروط، ممّا لا يفهم معناه. إذ العلّة الفاعلي للسّماوات هو اللّه سبحانه، و العلة المادّي هو الماء أو الدّخان أو الزّبد أو نور محمّد صلّى اللّه عليه و آله على ما مرّ، و لا عليّة للملائكة في شي ء منها، و القول بأنّه سبحانه علّة العلل و إنّ العلّة للسّماوات العقول المجرّدة، هو مذهب الفلاسفة الباطل عند الاماميّة.

و كيف كان فقد وضح و ظهر أنّ الملائكة المشغولين بطاعة اللّه على أصناف أربعة: منهم سجود، و منهم ركوع، و منهم صفوف لا يتفارقون عن صفّهم و منهم مسبحون لا يملّون من تسبيحهم بل يتقوّون به، كما قال سبحانه:«فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ هُمْ لا يَسْأَمُونَ».

(لا يغشيهم نوم العيون) الظاهر رجوع الضمير إلى الصّنف السّابق، و الظاهر اطراد الأوصاف في الجميع.

ثمّ مفاد كلامه عليه السّلام عدم غشيان النّوم للملائكة و علّله الشّارح البحراني (ره) بأنّ غشيان النّوم لهم مستلزم لصحة النّوم عليهم، و اللازم باطل في حقهم، فالملزوم مثله، أمّا الملازمة فظاهرة، و أمّا بطلان اللازم فلأنّ النّوم عبارة عن تعطيل الحواسّ الظاهرة عن أفعالها، لعدم انصباب الرّوح النّفساني اليها، أو رجوعها بعد الكلال و الضعف، و الملائكة السّماويّة منزّهون عن هذه الأسباب و الآلات، فوجب أن يكون النّوم غير صحيح في حقهم فوجب أن لا يغشيهم.

و عن القطب الرّاوندي أنّ معنى قولهم لا يغشيهم نوم العيون يقتضي أنّ لهم نوما قليلا لا يغفلهم عن ذكر اللّه، فامّا الباري سبحانه فانّه لا تأخذه سنة و لا نوم أصلا مع أنّه حيّ، و هذه هي المدحة العظمى.

و أورد عليه الشّارح المعتزلي بقوله: و لقائل أن يقول: لو ناموا قليلا لكانوا زمان النّوم و إن قلّ غافلين عن ذكر اللّه، لأنّ الجمع بين النّوم و بين الذّكر «ج 1» يستحيل، ثمّ قال، و الصّحيح أنّ الملك لا يجوز عليه النّوم كما لا يجوز عليه الأكل و الشّرب، لأنّ النّوم من توابع المزاج و الملك لا مزاج له، و أمّا مدح الباري بأنّه لا تأخذه سنة و لا نوم فخارج عن هذا الباب، لأنّه يستحيل عليه النّوم استحالة ذاتية لا يجوز تبدّلها، و الملك يجوز أن يخرج عن كونه ملكا بأن يخلق في أجزاء جسميّة رطوبة و يبوسة و حرارة و برودة يحصل من اجتماعها مزاج و يتبع ذلك المزاج النّوم، فاستحالة النّوم عليه إنّما هي ما دام ملكا، فهو كقولك: الماء بارد، أى ما دام ماء لأنّه يمكن أن يستحيل هواء ثم نارا فلا يكون باردا لأنّه ليس حينئذ ماء، و الباري جلّت عظمته يستحيل على ذاته أن يتغير، فاستحال عليه النّوم استحالة مطلقة مع أنّه حيّ، و من هذا نشأ التمدّح انتهى.

و ظاهره كما ترى إنكار صحة النّوم عليه مطلقا و استحالته في حقّه، لأنّ تجويزه له مع الخروج عن حقيقته الملكية ممّا لا يقابل بالانكار و خارج عن محلّ الكلام، و أمّا المستفاد من الكلام المحكي عن الرّاوندي فهو أنّه يعرضهم حالة السنة و هو أوّل النّعاس و لا يعرضهم النوم الموجب للغفلة.

و يمكن الاستشهاد عليه بما رواه الصدوق باسناده عن داود العطار، قال: قال لي بعض أصحابي: أخبرني عن الملائكة أ ينامون فقلت: لا أدري، فقال: يقول اللّه عزّ و جلّ:«يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ».

ثم قال: ألا اطرقك عن أبي عبد اللّه عليه السّلام فيه بشي ء قلت: بلى، فقال: سئل عن ذلك فقال: ما من حيّ إلّا و هو ينام ما خلا اللّه وحده عزّ و جلّ: فقلت: يقول اللّه عزّ و جل يسبّحون اللّيل و النّهار لا يفترون، فقال: أنفاسهم تسبيح هذا.

و به ظهر الجواب عمّا أورده الشّارح المعتزلي بأنّهم لو ناموا قليلا لكانوا زمان النّوم غافلين، كما ظهر به وجه الجمع بين قوله عليه السّلام: لا يغشيهم نوم العيون، و بين الرّواية المرويّة في العلل لمحمد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الملائكة يأكلون و يشربون و ينكحون، فقال: لا، إنهم يعيشون بنسيم العرش، فقيل له: ما العلّة في نومهم فقال: فرقا بينهم و بين اللّه عزّ و جلّ، لأنّ الذي لا تأخذه سنة و لا نوم هو اللّه.

و حاصل الجمع أن يحمل النوم في هذه الرّواية و ما شابهها من الأخبار المثبتة له، على النوم القليل المعبر عنه بالسنة الغير المانعة عن الذكر و التسبيح.

و في قوله لا يغشيهم نوم العيون على النوم الغالب الموجب للغفلة، و لا يبعد استفادة هذا المعنى من قوله: لا يغشيهم، كما ذكره الرّاوندي بأخذه من الغشي الموجب لتعطيل القوى المحركة، إلّا أنه خلاف الظاهر، و الظاهر أنه مأخوذ من غشيته إذا أتيته، فلا دلالة فيه من حيث الوضع، و إنما الدّلالة باقتضاء الجمع الذي ذكرناه، و عليه فالمعنى أنه لا يأتيهم نوم العيون الموجب للغفلة، كما يأتي غيرهم.

و هذا نظير ما روي في خواص النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، من أنه كان ينام عينه و لا ينام قلبه انتظار اللوحى الالهي، فالنوم و إن اعتراه، لكنه لا يعطله عن مراقبة ربه سبحانه كما يعطل غيره و اللّه العالم (و لا سهو العقول، و لا فترة الأبدان، و لا غفلة النسيان) الفرق بين السهو و النسيان و الغفلة: أن السهو هو عزوب الشي ء و انمحاؤه عن القوّة الذاكرة مع ثبوته في الحافظة بحيث يلحظ الذّهن عند الالتفات إليه، و النسيان هو ذهابه عنهما معا بحيث يحتاج في تحصيله إلى كسب جديد، و الغفلة أعمّ منهما، و لما كان هذه الامور الثلاثة من عوارض القوى الانسانية صحّ سلبها عن الملائكة، لعدم وجود تلك المعروضات فيهم كما في الانسان، و سلب الأعمّ و إن كان مستلزما لسلب الأخص إلّا أنّه عليه السّلام جمع فيهما لزيادة التّوكيد.

و أمّا سلب فتور الأبدان فلأنّ الفتور هو وقوف الأعضاء البدنية عن العمل بسبب تحلّل الأرواح البدنية و ضعفها و رجوعها للاستراحة، و كلّ ذلك من توابع المزاج الحيواني، فلا جرم صحّ سلبه عنهم، وفاقا لقوله سبحانه: يسبّحون الليل و النّهار لا يفترون.

(و) القسم الثّاني (منهم امناء على وحيه) الحافظون له مؤدّين إيّاه إلى رسله جمع الأمين و هو الحافظ لما كلّف بحفظه على ما هو عليه ليؤدّيه إلى مستحقّه، قال سبحانه:«ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ» روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لجبرئيل: ما أحسن ما أثنى عليك ربّك: ذي قوّة عند ذي العرش اه فما كانت قوّتك و ما كانت أمانتك فقال: و أمّا قوّتي فانّي بعثت إلى مداين لوط و هي أربع مداين في كلّ مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذّراري، فحملتهم من الأرض السّفلى حتّى سمع أهل السّماوات أصوات الدّجاج و نباح الكلاب، ثمّ هويت بهنّ. و أمّا أمانتي فانّي لم اومر بشي ء فعدلت إلى غيره، و في رواية اخرى فعدوته إلى غيره.

و امّا امناء الوحى فقد اشير إليهم في جملة من الأخبار.

مثل ما رواه في الاختصاص باسناده عن ابن عبّاس، قال عبد اللّه بن سلام للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيما سأله: من أخبرك قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله: جبرئيل، قال: عمّن قال: عن ميكائيل، قال: عمّن قال عن إسرافيل، قال: عمّن قال: عن اللّوح المحفوظ، قال: عمّن قال: عن القلم، قال: عمّن قال: عن ربّ العالمين، قال: صدقت.

و نظيره ما رواه الصّدوق في العيون باسناده عن علي بن هلال، عن عليّ بن موسى الرّضا، عن موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن عليّ، عن عليّ بن أبي طالب، عن النّبي عليهم السّلام، عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن اللّوح، عن القلم، قال اللّه عزّ و جلّ: ولاية عليّ بن أبي طالب حصني، و من دخل حصني أمن من عذابي.

و في بعض الأخبار أنّ جبرئيل قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في وصف إسرافيل: هذا حاجب الرّبّ، و أقرب خلق اللّه منه، و اللّوح بين عينيه من ياقوتة حمراء، فاذا تكلّم الرّبّ بالوحى ضرب اللّوح جبينه، فنظر فيه ثمّ ألقى إلينا نسعى به في السّماوات و الأرض.

و لعلّ الاختلاف فيها محمول على اختلاف الكيفيات، أو بحسب اختلاف المقامات، و المستفاد من الرّواية الأخيرة كظاهر الاولى كون اللوح ورقا، كما أنّ مفاد الثّانية كونه ملكا، و كلاهما ممّا ورد في الأخبار كالقلم، و قد ظهر من هذه الأخبار كيفيّة تلقّي الوحي.

و في رواية اخرى بنحو آخر، و هو ما روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لجبرئيل: من أين تأخذ الوحى قال: آخذه من اسرافيل، قال: من أين يأخذه إسرافيل قال: يأخذه من ملك فوقه من الرّوحانيّين، قال: ممّن يأخذه ذلك الملك قال: يقذف في قلبه قذفا هذا.

و قال الشّارح البحراني: يشبه أن يكون هذا القسم«» داخلا في الأقسام السّابقة من الملائكة، و إنّما ذكره ثانيا باعتبار وصف الامانة على الوحى و الرسالة ثم أورد على نفسه بقوله فان قلت: كيف يصحّ أن يكون هذا القسم داخلا في السّجود، لأنّ من كان أبدا ساجدا كيف يتصوّر أن يكون مع ذلك متردّدا في الرّسالة و النّزول و الصّعود، مختلفا بالأوامر و النّواهي إلى الرّسل، و أجاب بقوله قلت: انّا بيّنا أنّه ليس المراد بسجود الملائكة هو وضع الجبهة على الأرض بالكيفيّة التي نحن عليها، و إنّما هو عبارة عن كمال عبوديتهم للّه و خضوعهم تحت قدر قدرته، و الامكان و الحاجة تحت ملك وجوب وجوده، و معلوم أنّه ليس بين السّجود بهذا المعنى و بين تردّدهم بأوامر اللّه و اختلافهم بقضائه على وفق مشيّته و أمره منافاة، بل كلّ ذلك من كمال عبوديتهم و خضوعهم لعزّته و اعترافهم بكمال عظمته انتهى.

أقول: و فيه بعد الغضّ عمّا أوردنا عليه سابقا في إدخال هذا القسم في القسم السّابق، مضافا إلى ما ذكرناه أيضا من منع كون السّجود بمعنى الخضوع المطلق حسبما مرّ تفصيلا بما لا مزيد عليه، أنّه جعل السّاجدين عبارة عن المقرّبين الذين حكم فيهم بكونهم منزّهين عن الجسميّة و الجهة و سكون السّماوات و تدبير الأجسام و على ذلك فنقول له: هب أنّ السّجود بالمعنى الذي ذكرت لا ينافي الرّسالة و التردّد صعودا و هبوطا، و الوساطة بين الحقّ و الرّسل و الاختلاف بالقضاء و الامور، إلّا أنّ تنزّههم عن الأصاف المذكورة ينافي هذه الأمور قطعا كما هو ظاهر لا يخفى.

(و) لما كان الملائكة وسايط بين الحقّ سبحانه و بين رسله في تأدية خطاباته إليهم مفصحين لهم عن مكنون علمه حسن التّعبير عنهم بأنّهم (ألسنة إلى رسله) تشبيها لهم باللّسان المفصح عمّا في الضّمير و إنّما احتيج الى الواسطة في تبليغ الخطابات و تأديتها، لأنّ التّخاطب يقتضي التّناسب بين المتخاطبين، فاقتضت الحكمة توسط الملك ليتلقّف الوحى بوجهه الذي في عالم الملكوت تلقّفا روحانيّا، و يبلغه بوجهه الذي في عالم الملك و الحكمة إلى النبي، لأن من خواص الملك أن يتمثل للبشر فيراه جسما، فربّما ينزل الملك إلى الصورة البشرية، و ربّما يترقى النّبيّ إلى رتبة الملكيّة و يتعرّى عن كثرة البشريّة فيأخذ عنه الوحى (و مختلفون لقضائه و أمره) من الاختلاف بمعنى التردّد، و في وصف الأئمة في بعض الخطب الآتية و في الزّيارة الجامعة: و مختلف الملائكة، اى محل تردّدهم و يأتي توضيح ذلك في الفصل الآخر من فصول الخطبة المأة و الثامنة إن شاء اللّه.

و المراد بالقضاء إمّا الحكم و هو أحد معانيه العشرة، فيكون عطف الأمر عليه من قبيل عطف الخاصّ على العامّ و إمّا بمعنى الأمر كما فسّر به قوله:«وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً» و على ذلك فالعطف للتّفسير و التّبيين، و على التّقديرين فالمراد بالأمر الأمر التكليفي هذا.

و لكن الأظهر أنّ المراد بالقضاء هو ما يساوق القدر، و بالأمر الامورات المقدّرة الحادثة في العالم السّفلي، فيكون المعنى و مختلفون بمقتضياته و مقدراته، و إنّما جعلنا المصدر بمعنى المفعول، لأنّ القضاء بمعنى المصدري عبارة عن إبداع الحقّ سبحانه صور الموجودات و جميع الأشياء معقولة مفصّلة محفوظة عن التّغير في اللّوح المحفوظ، و هو امّ الكتاب و يسمّى بالعلم الملزم، و معلوم أنّ هذا المعنى ممّا قد فرغ عنه، و لا يتصوّر تردّد الملائكة و تدبيرهم فيه، و إنّما تدبيرهم في المقتضيات الموجودة على طبق ما في اللّوح المحفوظ.

توضيحه أنّ القضاء كما عرفت عبارة عن إبداعه سبحانه لصور الموجودات الكلّية و الجزئية التي لا نهاية لها من حيث هي معقولة في العالم العقلي و هو امّ الكتاب ثمّ لمّا كان ايجاد ما يتعلّق منها بموادّ الأجسام في موادها و إخراج المادّة من القوة إلى الفعل غير ممكن إلّا على سبيل التّعاقب و التدرّج، لامتناع قبولها لتلك الكثرة دفعة، و كان الجود الالهي مقتضيا لايجادها و لتكميل المادّة بابداعها فيها و إخراج ما فيها من قبول تلك الصّور من القوّة إلى الفعل، قدّر بلطيف حكمته وجوده زمانا لا ينقطع ليخرج فيه تلك الامور من القوّة إلى الفعل واحدا بعد واحد، فيصير في جميع ذلك موجودة في موادّها و المادّة كاملة بها، فالمقتضيات عبارة عن وجود هذه الأشياء مفصلة واحدا بعد واحد في موادها السّفلية الخارجية بعد أن كانت ثابتة في صحايفها العلوية بأيدي«» المدبّرات، و إلى هذا أشار سبحانه في قوله:«وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ» و إلى هذا القسم من الملائكة أشار في قوله سبحانه:«فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً» روى في مجمع البيان عن عبد الرحمن بن سابط أنّ المراد بالمدبّرات جبرئيل و ميكائيل و ملك الموت و إسرافيل يدبرون أمور الدّنيا فأما جبرئيل فموكل بالرّياح و الجنود و أما ميكائيل فموكل بالقطر و النّبات و أما ملك الموت بقبض الأنفس و أما اسرافيل فهو يتنزّل بالأمر عليهم، و التدبير ليس منحصر في الأربعة حسبما تعرفه في الأخبار الآتية، و إنّما ذكرناه لتوضيح معنى الآية، كما أنّ الامور الواقعة فيها التّدبير لا تنحصر فيما ذكر و ستعرفه أيضا و قد ظهر بما ذكرنا معنى القضاء و المقتضيات و الملائكة المختلفون بالقضاء.

و أما القدر فهو دون مرتبة القضاء، إذ هو عبارة عن صور جميع الموجودات في لوح المحو و الاثبات على الوجه القابل للتّغيير، و إلى ذلك الاشارة في قوله سبحانه:«يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ» قال الصّادق عليه السّلام بعد ما سئل عنه عن هذه الآية: إن ذلك الكتاب كتاب يمحو اللّه فيه ما يشاء و يثبت فمن ذلك«» الذي يردّ الدّعاء القضاء، و ذلك الدّعاء مكتوب عليه الذي يردّ به القضاء حتّى إذا صار إلى أم الكتاب لم يغن الدّعاء فيه شيئا.

و حاصل ما ذكرنا كله يرجع إلى جعل المراد بالقضاء في كلامه عليه السّلام الامور المحتومة، و بالأمر الأمور الموقوفة و نظيره ما روى عن الصادق عليه السّلام، قال: هما أمر ان موقوف و محتوم، فما كان من محتوم أمضاه، و ما كان من موقوف فله فيه المشيّة يقضي فيه ما يشاء هذا.

و يحتمل أن يكون المقصود من قوله عليه السّلام: بقضائه و أمره، أنّهم مختلفون باظهار قضائه و أمره إلى النّبي و الائمة عليهم السّلام، و إلى ذلك وقع الاشارة في وصف الأئمة عليه السّلام بأنّهم مختلف الملائكة، أى محلّ اختلافهم كما في الأخبار المتظافرة، و قد عقد في الكافي بابا في ذلك، و هو باب أن الأئمة معدن العلم و شجرة النّبوة و مختلف الملائكة، و إليه الاشارة في قوله سبحانه:«تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ»

قال الصّادق عليه السّلام: إذا كان ليلة القدر نزلت الملائكة و الرّوح و الكتبة إلى السّماء الدّنيا فيكتبون ما يكون من قضاء اللّه في تلك السّنة فاذا أراد اللّه أن يقدّم شيئا أو يؤخّره أمر الملك أن يمحو ما يشاء، ثمّ أثبت الذي أراد.

قال القمي تنزّل الملائكة و روح القدس على إمام الزّمان و يدفعون اليه ما قد كتبوه.

و يشهد به ما رواه في الكافي عن الباقر عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ في ليلة القدر:«فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» يقول: ينزل فيها كلّ أمر حكيم، و المحكم ليس بشيئين إنّما هو شي ء واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم اللّه عزّ و جلّ، و من حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت إنّه لينزل في ليلة القدر إلى وليّ الأمر تفسير الامور سنة سنة يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا و كذا، و في أمر النّاس بكذا و كذا، و أنّه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كلّ يوم علم اللّه عز ذكره الخاصّ و المكنون و العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك اللّيلة من الأمر ثم قرء.

«وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» و فيه أيضا عن حمران، عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال: يقدّر في ليلة القدر كلّ شي ء يكون في تلك السّنة إلى مثلها من قابل من خير و شرّ و طاعة و معصية و مولود و أجل و رزق، فما قدر في تلك السّنة و قضي فهو المحتوم، و للّه عزّ و جلّ فيه المشيّة.

و المراد حسبما ذكرنا إظهار تلك المقادير للملائكة، و إظهارهم لها إلى النّبي و الأئمة عليهم السلام في تلك الليلة، و إلّا فالمقادير كما عرفت من الأزل إلى الأبد ثابتة في أم الكتاب هذا و بقي الكلام في أنّ المختلفين بالقضاء و الأمرهم بعض الملائكة أو جميعهم، قال النّيسابوري: قوله تعالى: تنزّل الملائكة، يقتضي نزول كلّ الملائكة إما إلى السّماء الدّنيا و إمّا إلى الأرض، و هو قول الأكثرين، و على التّقديرين فانّ المكان لا يسعهم إلّا على سبيل التّفاوت و النّزول فوجا فوجا كأهل الحجّ، فانّهم على كثرتهم يدخلون الكعبة أفواجا انتهى كلامه على ما حكي عنه.

و لكن الظاهر من كلمة منهم في كلام الامام عليه السّلام هو أنّ المتّصفين بهذا الوصف بعض الملائكة، و هو الظاهر ممّا روي عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث طويل قال: إذا أتت ليلة القدر فيهبط من الملائكة إلى وليّ الأمراه، و المستفاد من الأخبار الكثيرة أنّ جبرئيل من هذه الجملة، و نصّ الآية الشريفة كون روح القدس منها أيضا، و قد يفسّر بالرّوح الأمين و هو جبرئيل، و لكن الظاهر أنّه غيره كما يدلّ عليه ما روي عن الصّادق عليه السّلام، قال: إنّ الرّوح أعظم من جبرئيل إنّ جبرئيل من الملائكة و الرّوح هو خلق أعظم من الملائكة، أليس يقول اللّه تبارك و تعالى: تنزّل الملائكة و الروح.

و في شرح الصّحيفة قال: أتى رجل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام يسأله عن الرّوح أليس هو جبرئيل فقال له: جبرئيل من الملائكة و الرّوح غير جبرئيل، فقال له: لقد قلت عظيما من القول، ما أحد يزعم أن الرّوح غير جبرئيل، فقال له علي عليه السّلام: إنك ضال تروي عن أهل الضّلال، يقول اللّه تبارك و تعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله:«أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ» و الرّوح غير جبرئيل.

و عنه عليه السّلام أيضا انّ له سبعين ألف وجه، و لكلّ وجه سبعون ألف لسان، لكلّ لسان سبعون لغة يسبّح اللّه تعالى بتلك اللغات كلّها، و يخلق اللّه تعالى من تسبيحه ملكا يطير مع الملائكة، و لم يخلق اللّه أعظم من الرّوح غير العرش، و لو شاء أن يبلغ السّماوات السّبع و الأرضين السّبع بلقمة واحدة لفعل، فسبحان من هو على كلّ شي ء قدير، و مثلهما في البحار.

(و) القسم الثّالث (منهم الحفظة لعباده) ظاهر العبارة أنّ المراد بهم حفظة العباد من المعاطب و المهالك لا الحفظة عليهم يحفظون على العبد عمله، فهم من اشير اليهم في قوله:«لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ» روى في المجمع عن علي عليه السّلام أنّهم ملائكة يحفظونه من المهالك حتّى ينتهوا به إلى المقادير.

و في الصّافي عن عليّ بن إبراهيم، عن الصّادق عليه السّلام إنّ هذه الآية قرئت عنده، فقال لقاريها: ألستم عربا فكيف يكون المعقّبات من بين يديه و إنّما المعقّب من خلفه، فقال الرّجل جعلت فداك: كيف هذا فقال: إنّما نزلت له: معقّبات من خلفه، و رقيب من بين يديه يحفظونه بأمر اللّه، و من ذا الذي يقدر أن يحفظ لشي ء من أمر اللّه و هم الملائكة الموكلون بالنّاس، و مثله عن العيّاشي.

و عنه أيضا عن الباقر عليه السّلام من أمر اللّه يقول بأمر اللّه من أن يقع في ركي«»، أو يقع عليه حايط، أو يصيبه شي ء حتّى إذا نزل القدر خلوا بينه و بينه يدفعونه إلى المقادير و هما ملكان يحفظانه بالليل، و ملكان يحفظانه بالنّهار يتعاقبانه (و السّدنة لأبواب جنانه) أى المتولون لأبواب الجنان بفتحها و إغلاقها و إدخال من اذن لهم بالدّخول.

أقول: أمّا الجنان فعلى ما اشير إليه في القرآن ثمان: جنة النّعيم و جنة الفردوس و جنة الخلد و جنة الماوى و جنة عدن و دار السّلام و دار القرار و جنة عرضها السّماوات و الأرض، و في بعض كتب الأخبار تسمية الأخيرة بالوسيلة.

و أمّا أبوابها فثمانية أيضا على ما في بعض كتب الأخبار: الباب الاول اسمه التّوبة و الثاني الزكاة و الثالث الصّلاة و الرابع الأمر و النهى و الخامس الحجّ و السادس الورع و السابع الجهاد و الثامن الصّبر.

و في الصّافي عن الخصال، عن الصّادق عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ عليهم السّلام قال: إنّ للجنّة ثمانية أبواب: باب يدخل منه النّبيّون و الصّديقون، و باب يدخل منه الشّهداء و الصّالحون، و خمسة أبواب يدخل منها شيعتنا و محبّونا، فلا أزال واقفا على الصّراط أدعو و أقول ربّ سلّم شيعتي و محبّي و أنصاري و أوليائي و من تولّاني في دار الدّنيا، فاذا النداء من بطنان«» العرش قد اجيبت دعوتك، و شفعت في شيعتك و يشفع كلّ رجل من شيعتي و من تولاني و نصرني و حارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألفا من جيرانه و أقربائه، و باب يدخل منه ساير المسلمين ممّن يشهد أن لا إله إلّا اللّه و لم يكن في قلبه مثقال ذرة من بغضنا أهل البيت.

و عن الباقر عليه السّلام أحسنوا الظنّ باللّه و اعلموا أنّ للجنّة ثمانية أبواب عرض كلّ باب منها مسيرة أربعمائة سنة.

و أمّا سدنتها و خزّانها فقد اشير إليه في سورة الزّمر، قال سبحانه:«وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ» و في الأنوار في حديث المحشر فاذا أتوا إلى رضوان اللّه و هو جالس على باب الجنّة و معه سبعون ألف ملك، مع كلّ ملك سبعون ألف ملك فينظر إليهم و هم في أقبح صورة من سواد البدن و طول الشّعر و كونهم عزلا«» بلا ختان، فقال لهم: كيف تدخلون الجنّة و تعانقون الحور العين على هذه الهيئة فيأمر جماعة من الملائكة الواقفين أمامه فيذهبون بالمؤمنين إلى عين ماء عند جدار الجنّة، و هي عين الحياة فاذا اغتسلوا فيها صار وجه كلّ واحد منهم كالبدر في تمامه و تسقط شعورهم و غلفهم«» و تبيضّ قلوبهم من النّفاق و الحسد و الكذب و الرّذائل و الأوصاف الذّميمة حتّى لا يتحاسدوا في الجنّة بعلوّ الدّرجات و التّفاوت في المراتب، فيصير كلّ واحد منهم بصورة ابن أربعة عشر سنة، و يعطى حسن يوسف، و صوت داود، و صبر أيوب، فاذا أتوا إلى باب الجنّة وجدوا على بابها حلقة تطنّ«» عند كلّ من يدخلها و يقول في طنينها: يا علي، لكنها تطنّ عند كلّ داخل بطنين خاصّ ليس كالطنين الآخر، فيعرف بذلك الطنين أهل المؤمن في منازله و خدمه و حور العين إن هذا فلان فيأتون لاستقباله هذا.

و قد اشير إلى طايفة من السّدنة و الأبواب في حديث الجنان و النوق من روضة الكافي، و هو ما رواه الكليني عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب عن محمّد بن اسحاق المدني عن أبي جعفر عليه السّلام، قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سئل عن قول اللّه:«يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً» فقال: يا عليّ إنّ الوفد لا يكونون إلّا ركبانا، اولئك رجال اتّقوا اللّه فأحبّهم اللّه عزّ ذكره و اختصهم و رضي أعمالهم فسمّاهم المتّقين.

ثم قال له: يا علي أما و الذي فلق الحبّة و برى ء النّسمة إنّهم ليخرجون من قبورهم، و إنّ الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق العزّ عليها رحائل الذّهب مكلّلة بالدّر و الياقوت و جلائلها«» الاستبرق و السّندس و خطمها«» جندل الأرجوان، تطير بهم إلى المحشر مع كلّ رجل منهم ألف ملك من قدامه و عن يمينه و عن شماله يزفونهم«» زفّا حتّى ينتهوا بهم الى باب الجنّة الأعظم و على باب الجنّة شجرة إنّ الورقة منها ليستظلّ تحتها ألف رجل من النّاس، و عن يمين الشّجرة عين مطهرة مزكية، قال: فيسقون منها فيطهر اللّه بها قلوبهم من الحسد، و يسقط عن أبشارهم الشّعر و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ:«وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً» من تلك العين المطهرة.

قال: ثم يصرفون إلى عين أخرى عن يسار الشّجرة فيغتسلون فيها و هى عين الحياة فلا يموتون أبدا.

قال: ثمّ يوقف بهم قدام العرش و قد سلموا من الآفات و الأسقام و الحرّ و البرد أبدا، قال: فيقول الجبار جلّ ذكره للملائكة الذين معهم: احشروا أوليائي إلى الجنّة و لا توقفوهم مع الخلايق، فقد سبق رضائي عنهم و وجبت رحمتي لهم و كيف اريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات و السيّئات.

قال، فتسوقهم الملائكة إلى الجنّة، فاذا انتهوا إلى باب الجنّة الأعظم ضرب الملائكة ضربة تصرّ صريرا يبلغ صوت صريرها كلّ حوراء أعدّها اللّه عزّ و جلّ لأوليائه في الجنان، فيتباشرون بهم إذا سمعوا صرير الحلقة، فيقول بعضهم لبعض: قد جاءنا أولياء اللّه، فيفتح لهم الباب فيدخلون الجنّة، و تشرف عليهم أزواجهم من الحور العين و الآدميّين، فيقلن: مرحبا بكم، فما كان أشدّ شوقنا إليكم و يقول لهنّ أولياء اللّه: مثل ذلك.

فقال علي عليه السّلام: يا رسول اللّه أخبرنا عن قول اللّه عزّ و جلّ:(غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ) بماذا بنيت يا رسول اللّه فقال صلّى اللّه عليه و آله: يا علي تلك غرف بناها اللّه عزّ و جلّ لاوليائه بالدّر و الياقوت و الزّبرجد، سقوفها الذّهب، محبوكة بالفضة، لكلّ غرفة منها ألف باب من ذهب، على كلّ باب منها ملك موكل به، فيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير و الدّيباج بألوان مختلفة، و حشوها المسك و الكافور و العنبر، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ.

(وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) إذا دخل المؤمن إلى منازله في الجنّة و وضع على رأسه تاج الملك و الكرامة البس حلل الذّهب و الفضة و الياقوت و الدّر المنظومة في الاكليل«» تحت التاج.

قال: و البس سبعين حلّة حريرا بألوان مختلفة و ضرب مختلفة منسوجة بالذّهب و الفضّة و اللّؤلؤ و الياقوت الأحمر، فذلك قول اللّه عزّ و جلّ:(يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) فاذا جلس المؤمن على سريره اهتزّ سريره فرحا، فاذا استقر لوليّ اللّه عزّ و جلّ منازل له في الجنان استاذن عليه الملك الموكل بجناته ليهنّيه بكرامة اللّه عزّ و جلّ اياه، فيقول له خدّام المؤمن من الوصفاء و الوصايف: مكانك«»، فانّ وليّ اللّه قد اتّكأ على أريكته«» و زوجته الحوراء تهيّأ له فاصبر لولي اللّه.

قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمة لها تمشى مقبلة و حولها و صايفها و عليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت و اللؤلؤ و الزّبرجد هي من مسك و عنبر و على رأسها تاج الكرامة، و عليها نعلان من ذهب مكلّلتان بالياقوت و اللؤلؤ، شراكهما ياقوت أحمر، فاذا دنت من وليّ اللّه فهمّ أن يقوم إليها شوقا، فتقول له: يا وليّ اللّه ليس هذا يوم تعب و لا نصب و أنت لي.

قال: فيعتنقان مقدار خمسمائة عام من أعوام الدّنيا لا يملّها و لا تملّه.

قال: فاذا فتر بعض الفتور من غير ملالة نظر إلى عنقها، فاذا عليها قلائد من قصب من ياقوت أحمر، وسطها لوح صفحته درّة مكتوب بها: أنت يا وليّ اللّه حبيبى و أنا الحوراء حبيبتك إليك تناهت نفسي و إلىّ تناهت نفسك، ثمّ يبعث اللّه إليه الف ملك يهنّونه بالجنّة و يزوّجونه بالحوراء.

قال: فينتهون إلى أوّل باب من جنانه «جناته خ ل»، فيقولون للملك الموكل بأبواب جنانه: استاذن لنا على وليّ اللّه فان اللّه بعثنا إليه تهنية، فيقول لهم الملك: حتّى أقول للحاجب فيعلّمه مكانكم.

قال: فيدخل الملك إلى الحاجب و بينه و بين الحاجب ثلاث جنان حتّى ينتهي إلى أوّل باب، فيقول للحاجب: إنّ على باب العرصة ألف ملك أرسلهم ربّ العالمين ليهنّئوا وليّ اللّه، و قد سألوني أن آذن لهم، فيقول الحاجب: إنّه ليعظم علىّ أن أستأذن لأحد على ولي اللّه و هو مع زوجته الحوراء.

قال: و بين الحاجب و بين وليّ اللّه جنّتان.

قال: فيدخل الحاجب إلى القيم، فيقول: له إنّ على باب العرصة ألف ملك، أرسلهم ربّ العزّة يهنّون وليّ اللّه فاستأذن لهم فيقدم القيم إلى الخدّام، فيقول لهم: إنّ رسل الجبار على باب العرصة، و هم ألف ملك، أرسلهم يهنّون وليّ اللّه فأعلموه بمكانهم، فيعلمونه فيؤذن للملائكة فيدخلون على ولي اللّه، و هو في الغرفة و لها ألف باب، و على كلّ باب من أبوابها ملك موكل به، فاذا أذن للملائكة بالدخول على ولي اللّه فتح كلّ ملك بابه الموكل به.

قال: فيدخل القيم كلّ ملك من باب من أبواب الغرفة، فيبلّغون رسالة الجبار جلّ و عزّ، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ:(وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) من أبواب الغرفة،(سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) قال: و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ:(وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً) يعني بذلك ولي اللّه و ما هو فيه من الكرامة و النّعيم و الملك العظيم الكبير، إنّ الملائكة من رسل اللّه عزّ ذكره يستأذنون عليه فلا يدخلون إلّا باذنه فذلك الملك العظيم الكبير الحديث.

(و) القسم الرّابع (منهم الثابتة في الأرضين السّفلى أقدامهم) و عن بعض النّسخ في الارض السّفلى اقدامهم قال في البحار: و هو أظهر، و الجمع على الأوّل إمّا باعتبار القطعات و البقاع، أو لأن كلّا من الأرضين السّبع موضع قدم بعضهم و الوصف على الأوّل بالقياس إلى ساير الطبقات، و على الثّاني بالقياس إلى السّماء (و المارقة) أى الخارجة (من السّماء العليا) و هي السّابعة (أعناقهم و الخارجة من الأقطار) اى من جوانب الأرض أو جوانب السّماء (أركانهم) و هذا إشارة إلى ضخامتهم و عرضهم (و المناسبة لقوايم العرش أكتافهم) و المراد بالتّناسب إمّا القرب أو الشّباهة في العظم، فان العرش على عظمه حسبما تعرفه في الأخبار الآتية و كفى بذلك كونه محيطا بجميع المخلوقات و كون الأرضين و السّماوات جميعا و ما فيها عنده كحلقة في فلاة، له أربع قوائم.

كما رواه في البحار، عن الدّرّ المنثور، عن حماد قال: خلق اللّه العرش من زمرّدة خضراء، و له أربع قوائم من ياقوتة حمراء، و خلق له ألف لسان، و خلق في الأرض ألف أمة يسبّح اللّه بلسان العرش.

«ج 2» و فيه أيضا من روضة الواعظين، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده عليهم السّلام أنّه قال: في العرش تمثال ما خلق اللّه من البرّ و البحر، و هذا تأويل قوله:(وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) و إنّ بين القائمة من قوائم العرش و القائمة الثّانية خفقان الطير المسرع مسير ألف عام، و العرش يكسى كلّ يوم سبعين ألف لون من النّور لا يستطيع أن ينظر إليه خلق من خلق اللّه، و الأشياء كلّها في العرش كحلقة في فلاة، و إنّ للّه تعالى ملكا يقال له: خرقائيل له ثمانية عشر ألف جناح، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام، فخطر له خاطر هل فوق العرش شي ء، فزاده اللّه تعالى مثلها أجنحة اخرى، فكان له ستّ و ثلاثون ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام، ثمّ أوحى اللّه اليه أيّها الملك طر، فطار مقدار عشرين ألف عام لم ينل رأسه قائمة من قوائم العرش، ثم ضاعف اللّه له في الجناح و القوة و أمره أن يطير، فطار مقدار ثلاثين ألف عام لم ينل أيضا فاوحى اللّه إليه أيّها الملك لو طرت إلى نفخ الصّور مع أجنحتك و قوّتك لم تبلغ إلى ساق عرشي فقال الملك: سبحان ربّي الأعلى و بحمده، فأنزل اللّه عزّ و جلّ:(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) فقال النّبي صلّى اللّه عليه و آله: اجعلوها في سجودكم.

و من إكمال الدين باسناده عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، قال: قال ابن عبّاس: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ للّه تبارك و تعالى ملكا يقال له: دردائيل، كان له ستّة عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح هواء، و الهواء كما بين السّماء و الأرض، فجعل يوما يقول في نفسه«»: أ فوق ربّنا جلّ جلاله شي ء فعلم اللّه تبارك و تعالى ما قال، فزاده أجنحة مثلها، فصار له اثنان و ثلاثون الف جناح، ثم أوحى اللّه عزّ و جل إليه، فطار مقدار خمسمائة عام فلم ينل رأسه قائمة من قوائم العرش، فلما علم اللّه عزّ و جلّ اتعابه أوحى إليه أيّها الملك عد إلى مكانك، فأنا عظيم فوق كل عظيم، و ليس فوقي شي ء و لا أوصف بمكان، فسلبه اللّه عزّ و جلّ أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة، فلمّا ولد الحسين عليه السّلام هبط جبرئيل في ألف قبيل من الملائكة لتهنية النبي صلّى اللّه عليه و آله فمرّ بدردائيل، فقال له: سل النبيّ بحق مولوده أن يشفع لي عند ربّي، فدعا له النّبي صلّى اللّه عليه و آله بحق الحسين عليه السّلام فاستجاب اللّه دعائه و ردّ عليه أجنحته و رده إلى مكانه هذا.

و يحتمل أن يكون المراد بالمناسبة في كلامه عليه السّلام التّماسّ، فالمراد بهم حملة العرش، بل هذا هو الظاهر بملاحظة أنّ الأوصاف المذكورة في كلامه عليه السّلام قد اثبتت في الأخبار الكثيرة على هؤلاء الطائفة.

مثل ما روي عن ابن عبّاس في تفسير قوله تعالى:(وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) قال: يقال: ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدّتهم إلّا اللّه، و يقال ثمانية أملاك رؤسهم تحت العرش في السّماء السّابعة، و أقدامهم في الأرض السّفلى، و لهم قرون كقرون الوعلة، ما بين أصل قرن أحدهم إلى منتهاه خمسمائة عام.

و عن الخصال باسناده عن حفص بن غياث، قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ حملة العرش ثمانية، لكل واحد منهم ثمانية أعين، كلّ عين طباق الدّنيا.

و عن تفسير الامام عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: انّ اللّه لمّا خلق العرش خلق له ثلاثمأة و ستين ألف ركن، و خلق عند كلّ ركن ثلاثمأة الف و ستين الف ملك لو أذن اللّه لأصغرهم فالتقم السّماوات السبع و الأرضين السّبع ما كان بين لهواته إلّا كالرملة في المفازة الفصفاصة«»، فقال لهم اللّه: يا عبادي احملوا عرشي هذا فتعاطوه فلم يطيقوا حمله و لا تحريكه، فخلق اللّه عزّ و جلّ مع كلّ واحد منهم واحدا فلم يقدروا أن يزعزعوه، فخلق اللّه مع كلّ واحد منهم عشرة فلم يقدروا أن يحرّكوه، فخلق اللّه بعدد كلّ واحد منهم مثل جماعتهم فلم يقدروا أن يحرّكوه، فقال اللّه عزّ و جل لجميعهم: خلوه علىّ امسكه بقدرتي، فخلوه فأمسكه اللّه عزّ و جلّ بقدرته، ثم قال لثمانية منهم احملوه أنتم، فقالوا: يا ربّنا لم نطقه نحن و هذا الخلق الكثير و الجمّ الغفير فكيف نطيقه الآن دونهم فقال عزّ و جل: لانّي أنا اللّه المقرب للبعيد و المذلل للعبيد و المخفف للشّديد و المسهّل للعسير أفعل ما أشاء و أحكم ما أريد أعلمكم كلمات تقولونها يخف بها عليكم، قالوا و ما هي قال: تقولون: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم و صلى اللّه على محمّد و آله الطيبين فقالوها، فحملوه، فخفّ على كواهلهم كشعرة نابتة على كاهل رجل جلد قوي فقال اللّه عزّ و جلّ لساير تلك الأملاك: خلوا على هؤلاء الثمانية و طوفوا أنتم حوله و سبّحوني و مجدوني و قد سوني، فأنا اللّه القادر على ما رأيتم و على كلّ شي ء قدير و عن وهب قال حملة العرش اليوم أربعة فاذا كان يوم القيامة أيدوا بأربعة آخرين ملك منهم في صورة إنسان يشفع لبني آدم في ارزاقهم و ملك في صورة نسر يشفع للطير في أرزاقهم و ملك في صورة ثور يشفع للبهائم في أرزاقها«» و ملك في صورة الأسد يشفع للسّباع في أرزاقها، فلمّا حملوا العرش وقعوا على ركبهم«» من عظمة اللّه، فلقّنوا لا حول و لا قوة إلّا باللّه، فاستووا قياما على أرجلهم.

و عن ابن زيد قال لم يسمّ من حملة العرش إلّا إسرافيل.

و عن هارون بن رئاب، قال: حملة العرش ثمانية يتجاوبون بصوت ضخيم، يقول أربعة منهم: سبحانك و بحمدك على حلمك بعد علمك، و أربعة منهم يقولون: سبحانك و بحمدك على عفوك بعد قدرتك. هذا و لا ينافي هذه الأخبار ما وردت في الأخبار الأخر من أنّ حملة العرش ثمانية أربعة من الأولين، و هم نوح و إبراهيم و موسى و عيسى عليهم السّلام، و أربعة من الآخرين، و هم محمّد و عليّ و الحسن و الحسين صلوات اللّه عليهم. لأنّ العرش في الأخبار الأولة الجسم المحيط بالمخلوقات، و في هذه الأخبار هو العلم لانّه أحد معانيه كما عرفته في شرح الفصل الخامس من فصول هذه الخطبة و صرّح بما ذكرناه الصّدوق في اعتقاداته حيث قال: و إنّما صارت هؤلاء حملة العرش الذي هو العلم، لأنّ الانبياء الذين كانوا قبل نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله على شرايع الاربعة من الاولين: نوح و إبراهيم و موسى و عيسى، و من قبل هؤلاء الأربعة صارت العلوم إليهم، و كذلك صار العلم بعد محمّد و عليّ و الحسن و الحسين إلى من بعد الحسين من الأئمة عليهم السّلام.

(ناكسة دونه) أى دون العرش (أبصارهم) إما لكثرة نور العرش كما يدلّ عليه ما روي عن ميسرة، قال: ثمانية أرجلهم في التخوم«» و رؤوسهم عند العرش لا يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم من شعاع النّور، و إما لزيادة الخوف كما روي عنه أيضا قال: حملة العرش أرجلهم في الأرض السّفلى و رؤوسهم قد خرقت العرش و هم خشوع لا يرفعون طرفهم و هم أشدّ خوفا من أهل السّماء السّابعة و أهل السّماء السّابعة أشدّ خوفا من السّماء التي تليها و السّماء التي تليها أشدّ خوفا من التي تليها، و في دعاء الصحيفة السّجادية على داعيه أفضل السّلام و التحيّة في وصف الملائكة: «الخشّع الأبصار فلا يرومون النّظر إليك، النّواكس الأذقان الّذين قد طالت رغبتهم فيما لديك».

و في التّوحيد باسناده عن وهب عن ابن عباس عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ للّه تبارك و تعالى ملائكة ليس شي ء من أطباق أجسادهم إلّا و هو يسبّح اللّه عزّ و جلّ و يحمده بأصوات مختلفة لا يرفعون رؤوسهم إلى السّماء و لا يخفضونها إلى أقدامهم من البكاء و الخشية (متلفعون تحته) أى تحت العرش (بأجنحتهم) روى الشّارح البحراني عن وهب قال: إنّ لكلّ ملك من حملة العرش و من حوله أربعة أجنحة امّا جناحان فعلى وجهه مخافة أن ينظر الى العرش فيصعق و امّا جناحان فيلفون (فيهفون خ ل)«» بهما ليس لهم كلام إلّا التسبيح و التّحميد.

و في الأنوار روى أنّ صنفا من الملائكة لهم ستّة أجنحة فجناحان يلفّون بهما أجسادهم و جناحان يطيرون بهما في أمر من أمور اللّه و جناحان مرخيان على وجوههم حياء من اللّه و حينئذ فكلّ جناحين لغرض مخصوص، و به يظهر فائدة الجناح الثّالث المشار اليه في قوله سبحانه:«أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ».

ثمّ إن هذا في جانب القلّة، و أمّا في جانب الكثرة فيزيد اللّه سبحانه فيهم ما يشاء و هو على كلّ شي ء قدير (مضروبة بينهم و بين من دونهم) من الملائكة أو البشر أو الجنّ أو الأعمّ (حجب العزّة و أستار القدرة) المانعة عن إدراك ذواتهم و الاطلاع على شئوناتهم.

و توضيحه بالتّمثيل انّ ملوك الدّنيا إذا بلغوا في العزّ و العظمة مرتبة الغاية القصوى لا يصل إلى حضور خواصّه فضلا عن ذاته إلّا الأوحدي من النّاس، و لا يراهم إلّا من كان له معهم علقة شديدة و وسيلة قوية، و الحاجب عن ذلك ليس الا هيبة السّلطنة و قدرة الملك و عظمته و إذا كان هذا حال خواص السّلطنة العارية و الملوك الذين هم في الحقيقة مملوك، فشأن خواص الحضرة الرّبوبيّة و ملك الملوك أعلى و استناد الحايل عن إدراك مقاماتهم و درجاتهم إلى حجب العزّة و أستار القدرة أحرى (و لا يتوهمون ربّهم بالتّصوير) لكونهم منزّهين عن الادراكات الوهميّة و الخيالية فى حق مبدئهم و خالقهم جلّت عظمته، لأنّ عقولهم صافية غير مشوبة بالتّوهمات و التخيّلات (و لا يجرون عليه صفات المصنوعين، و لا يحدّونه بالاماكن، و لا يشيرون اليه بالنظاير) لأنّ إجراء الصّفات و التّحديد بالأماكن و الاشارة بالنّظاير إنما هو من مخترعات الواهمة و المتخيّلة المختصّتين بذوات الأمزجة العنصرية الغير الجائزتين في حقّ الملائكة السّماوية و مقرّبي الحضرة الرّبوبيّة، هذا تمام الكلام في شرح حال الملائكة حسبما اقتضاه المقام و يأتي شطر منه عند شرح بعض الخطب الآتية المقتضية لذلك كخطبة الأشباح و غيرها، و اللّه الموفّق و المعين.

شرح لاهیجی

ثمّ فتق ما بين السّموات العلى يعنى پس واكرد و ابداع كرد آن مخلوقاتى را كه در بين و ميان و جوف آسمانهاى بلندند يعنى در جوف و در مكان خالى آنها كه باطن آنها باشند متوطّنند كه ملائكه علل وجوديّه و مقوّمات تحقّق آنها باشند فملاهنّ اطوارا من ملائكته يعنى پس پر ساخت آن آسمانها را بانواع ملائكه خود و انتساب بذات مقدّس بتقريب تشريف ملائكه است مثل بيتى و روحى يعنى پر ساخت جاهاى خالى آنها را چه ملا در خالى مى شود و آن جاى خالى بواطن آنها است زيرا كه علل وجوديّه بواطن معلول و معلول ظواهر عللند و هر معلولى ممكن و هر ممكن در ذات خود مجوّف و ميان تهى است و پر است بعلّت خود و هر يك از مكوّنات را چه سمويّات و چه ارضيّات عقلى و روحى و نفسى و جسمى هست و جسم آنها ظاهر و عقل و روح و نفس آنها باطن است و هر يك از بواطن اگر چه واحدند بطورى امّا متعدّدند بطورى ديگر و از براى هر يك آنها جنوديست غير محصور بعدد خلايق و اسماء آنها ملائكه است چنانچه مرويست كه خداى عزّ و جلّ را ملكى است كه از براى او سرها است بعدد سرهاى خلايق از خلق شده و خلق نشده تا روز قيامت و بر هر سرى وجهى و روئى است از براى هر شخصى از بنى آدم يكسرى از سرهاى آن ملك مقرّر است و اسم آن شخص از بنى آدم بر روى آن سر نوشته شده است و بر هر يك از ان روها پرده انداخته شده است كه برچيده نمى شود آن پردها تا آن وقتيكه متولّد شود در دنيا و برسد بحدّ بلوغ و بعد از آنكه بالغ شد پرده برداشته مى شود پس مى افتد در دل آن ادم نورى كه مى فهمد بان نور واجبات و مستحبّات و خوب و بد و مثال آن نور مثل چراغ است در خانه و باين مضمون روايات متعدّده وارد شده است و اصل ملائكه بر چهار صنف مى باشند كه در هر مقامى بمناسب آن مقام اسامى مختلفه از براى آنها است چنانچه گاهى سجّد و گاهى ركّع و گاهى صاقون و گاهى مسبّحون گفته شده و گاهى بعضى از آنها را امناء وحى و گاهى السنه رسل گفته شده و بعضى ديگر آنها را حفظه عباد خوانده شده و بعضى ديگر را سد نه ابواب جنان و بعضى از آنها حمله عرش نام برده شده و هكذا امّا آن چهار صنف از ملائكه صنفى از عالم نفوس و صنفى از عالم ارواح و صنفى از عالم عقول و صنفى از عالم ابداع و مشيّت باشند و باين چهار صنف كليّه ملائكه اشاره فرموده اند كه منهم سجود لا يركعون يعنى بعضى از آن ملائكه ساجدين باشند و راكع نشوند و آن ملائكه عالم نفوس اند كه جبهه همّت آنها هميشه بر زمين طبيعت گذاشته است و دقيقه از شغل طبيعة جسميّه بازنايستند و صورت آنها در ميان حروف صورت ب مبسوطست و چون از بواطن نفس اقرب از همه بود باين تقريب بعد از ذكر اجسام در ذكر ملائكه اين قسم را مقدّم داشت و همچنين در تتمّه بترتيب الاقرب فالاقرب و ركوع لا ينتصبون يعنى بعضى از آن ملائكه راكع باشند و راست نشوند و سر برندارند و اين قسم از ملائكه از عالم ارواح باشند كه مثل نوريّه و ارباب اصنام و بواطن نفوسند و آنها از عالم عقل ميل كرده اند امّا بعالم نفس نپيوسته اند يك چشم انها بعالى است و چشم ديگرى بسافل و عالم انها برزخى است ميان عقل و نفس و صورت آنها در ميان حروف صورت دوالست و صافّون لا يتزايلون قوله (- تعالى- ) وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ يعنى بعضى از آنها صافّون باشند كه در برابر عظمت و جلال كبريا باستقامت صف كشيده اند و بهيچ سمت طرف نظر را حركت نمى دهند و از مقام خود هرگز دقيقه زايل نمى شوند و مفارقت نمى كنند و پيوسته در تماشاء جمال حقّ مستغرقند و التفاتى بچيزى ندارند و اين قسم از ملائكه از عالم عقولند و بواطن ارواح كه دائم بر استقامت وجود قائم باشند و انحناء و اعوجاجى بهيچ وجه از براى آنها نيست و مطلقا التفاتى بسافل ندارند اگر چه اثار اضاءه از ايشان ناشى شود و اقدم بر ديگران باشند در وساطة فيض و صورت آنها در ميان حروف الف قائم است و مسبّحون لا يسامون قوله (- تعالى- ) وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ يعنى بعضى از آنها تسبيح كنندگانند كه دل تنگ نمى شوند بتقريب اين كه لم يخرج منه الّا اليه باشند چنانچه در ادعيّه مأثوره است و اينقسم از ملائكه از عالم ابداع و مشيّت و عالم قدس و ملائكه مهيمنين و مقدّسين باشند كه بالمرّه از جميع غافلند حتّى از ذوات نوريّه و عشق خودشان و خودى در ميان نمى بينند و اينها الف اعلى باشند و نسبة ايشان با سابق مثل نسبت الف ساكن است با متحرّك و در حديث نبويست كه زمين سفيد نورانى است از خدا كه مملوّ است بخلقى كه نمى دانند كه خداى (- تعالى- ) خلق كرده است آدم و ابليس را و مسبّح بجهة آن گويند كه چون از شدّة نوريّت بمرتبه باشند كه گويا صرفند و بوى از مهيّت هم ندارند پس دلالت آنها بر تقدّس و تنزّه جناب مقدّس بشير است لا يغشيهم نوم العيون يعنى هرگز فرو نميگرد اصناف ملائكه را خواب چشمها زيرا كه خواب چشم عبارتست از تعطيل حواس و الات ادراكات ظاهره و ملائكه لا يعصون ما امر اللّه اندو بحسب جبلّت از ادراكات و لوازم آن غافل نمى توانند بود و چشم و گوش و هوش باطن ايشان بتقريب تجرّد باز است و خواب عيون باين جهة فرمودند كه خواب مستى و مدهوشى عقلى از براى آنها هست چنانچه از ملاحظه جمال حقّ مست و مدهوشند اگر چه تمام هوشند و لا سهو العقول و لا فترة الابدان و لا غفلة النّسيان يعنى فرو نمى گيرد انملائكه را سهو عقول بشرى كه عبارت از عدم التفات بمدركات با محفوظ بودن در خزانه باشد و نه سستى در بدنهاى بشرى كه عبارت از كلال قواى جسمانيّه حالّه در بدن باشد و نه غفلت نسيان بشرى كه عبارت از نبودن ادراك با نبودن صور علميّه در خزانه باشد زيرا كه ملائكه من حيث انّها ملائكه قواى ادراكيّه و الات فعليّه آنها قائم بخودشانست و از آن حيثيّت الات و ادوات جسميّه ندارند زيرا كه مجرّدند از موادّ اگر چه مدبّر و كارفرماى قواى جسمانيّه باشند و از ادراكات خود هرگز غافل نيستند و بتقريب نداشتن الات جسميّه هرگز سستى عارض آنها نمى شود بلكه از افعال خودشان قوّة مى يابند و قيد عقول و ابدان و نسيان بتقريب آنستكه غفلت مستى شهودى البتّه از براى آنها هست كه از شدّت مشاهده غافلند از مشهود و حال آن كه نفس شهودند و منهم امناء على وحيه و السنة الى رسله و مختلفون بقضائه و امره يعنى بعضى از ملائكه كه از چهار صنف مذكور بيرون نيستند اگر چه در بعضى از مقامات اسامى مختلفه داشته باشند و از آن جمله در اين مقام است امناء بر وحى خدايند و زبانان و ترجمانانند بسوى پيغمبران خدا و تردّدكنندگانند باحكام و اوامر خدا و اين قسم از ملائكه از حزب عقل فعّالند كه جبرئيل امين و روح الامين و حامل وحى و زبان و مبيّن كلام اللّه و متمثّل بصورت دحيه كلبى است و در وقايع و غزوات متردّد و آينده و رونده است با احكام و اوامر بسوى پيغمبر (- ص- ) و وصف امانت ايشان عبارت از حفظ ايشانست مر كلمات اللّه (- تعالى- ) را بدون تغيير و تبديل چه لازم امين است حافظ بودن و تردّد و امد شد بتقريب صلاح وقت است و زبان بتقريب بيانست و منهم الحفظة لعباده و السّدنة لابواب جنانه يعنى بعضى از ملائكه حفاظ و نگاهدارنده هاى بندگان اويند يعنى حافظند و نگاه مى دارند عباد را از رسيدن امورى كه مستعدّ و مستحقّ او نيستند اعمّ از آنكه خير باشد يا شرّ و سدنه و خدمه دروازهاى بهشت خداى تعالى اند و اين سدنه و دربانهاى بهشت نيز حفظه اند در حقيقت لكن حفظه علوم و اعمال زيرا كه بهشت را هشت دروازه باز است در بندگان كه از آن دروازه ها داخل رضوان و جنان ميشوند و آن هشت قواى مدركه است پنج حواسّ ظاهره كه ظاهر است و سه مدركه باطنه كه حسّ مشترك و قوّه واهمه و قوّه عاقله باشند و در قوّه شهويّه و غضبيّه كه قواى عمليّه اند از جنود و تبع حسّ مشترك و واهمه باشند و انسان بواسطه اين هشت قوّه هر ادراك حق و عمل خيرى كه تحصيل مى كند مستحقّ رضوان و جنّت خدا مى شود پس دروازه بهشت باشند و ملائكه موكّله باين هشت قوّه حفظه علوم و اعمال آنها باشند پس اگر حقّ و خير است خدمه و دروازبان بهشت نيز باشند و هفت قوّه از قواى هشتگانه كه غير قوّه عاقله باشد بعينها سدنه و دربانهاى جهنّم نيز باشند در صورتى كه ادراكات خلاف واقع و اعمال شرّ تحصيل كنند و ملائكه موكّله بانها در انوقت بعينه خدمه ابواب جهنّم باشند و چون صدور خلاف واقع و شرّ از قوّه عاقله ممكن نيست پس دروازه جهنّم هرگز نشود و اينست كه بهشت را هشت در است و جهنّم را هفت در و متعرّض نشدن سدنه جهنّم بتقريب ظهور تقابلست و اين قسم از ملائكه از عالم مثل و ارباب اصنامند كه جميع قوا و حواسّ افراد انواع اين عالم در تحت تصرّف ايشانست و جنود ايشان باشند و منهم الثّابتة فى الارضين السّفلى اقدامهم يعنى بعضى از آنها ملائكه باشند كه پاهاى آنها ثابتست در زمينهاى پست و المارقة من السّماء العليا اعناقهم يعنى گردنهاى آنها بيرون رفته و درگذشته است از آسمانهاى بلند و الخارجة من الاقطار اركانهم يعنى بيرون رفته است از اطراف عالم اركان و اصول اعضاء آنها و المناسبة لقوائم العرش اكتافهم يعنى موافق است مر پايهاى عرش را دوشهاى آنها و اين ملائكه حمله عرش باشند كه موصوف باين اوصاف اند پس لابدّ است از بيان عرش در اين مقام و بيان حمله آن امّا بيان عرش پس در خبر است كه جناب اقدس الهى خلق كرده است عرش را از چهار نور نور احمر سرخ و نور اخضر سبز و نور اصفر زرد و نور ابيض سفيد و آن نور علم است كه حمله عرش حامل آن نورند انتهى

الحديث پس عرش را چهار ركن باشد در يمين و در يسار و نور ابيض اعلى يمين و نور اصفر اسفل يمين است و نور اخضر اعلى يسار و نور احمر اسفل يسار است و باين انوار اشاره است تسبيحات اربعه سبحان اللّه و الحمد للّه و لا اله الّا اللّه و اللّه اكبر سبحان اللّه نور ابيض است و الحمد للّه نور اصفر است و لا اله الّا اللّه نور اخضر است و اللّه اكبر نور احمر است و اين اركان اربعه جميع وجودات مقيّده اند كه اوّل آن عقل پاك و آخر آن كره خاكست و امّا بيان حمله حقّ سبحانه و تعالى بازاء اين اركان اربعه چهار ملك خلق كرده كه حمله عرش ايشانند و آن جبرئيل و ميكائيل و عزرائيل و اسرافيل قوله (- تعالى- ) خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ و معنى حمله بودن آنستكه در هر ركن هر يك مشغول بشغل مختصّ بخود باشند و از براى هر ملكى از اين ملائكه اربعه جنود و اعوانى است غير متناهى و احصاى عدد آنها نمى كند غير از خداى (- تعالى- ) و موكّل آثار خلق جبرئيل است در هر يك از اركان و موكّل آثار رزق ميكائيل است در هر يك از اركان و موكّل آثار موت عزرائيل است در هر يك از اركان و موكّل آثار حيات اسرافيل است در هر يك از اركان و نور ابيض عقل كلّ است و نور اصفر روح كلّ است و نور اخضر نفس كليّه است و نور احمر طبيعت كليّه است و نور اصفر برزخ است ميانه ابيض و اخضر و در هر يك از كانيات اين چهار نور مدخليّت دارند و اين چهار ملك متحمّل شغل خود مى باشند در هر يك از اركان مثلا در اثار ركن نور ابيض جبرئيل متحمّل خلق است و ميكائيل متحمّل رزقست و عزرائيل متحمّل مماتست و اسرافيل متحمّل حيات و همچنين در اركان ديگر از انوار پس صحيح است كه اقدام ايشان ثابت در ارضين سفلى و گردنهاى ايشان بيرونست از آسمانهاى عليا و دوشهاى آنها موافق قوائم و اركان عرش است و در اطراف و جوانب عالم اركان آنها باشند ناكسة دونه ابصارهم يعنى نگونسار است در نزد عرش چشمهاى ايشان متلفّعون تحته باجنحتهم يعنى لحاف خود كرده اند و بر خود پيچيده اند پرهايشان را در تحت و زير عرش و پر در مرغ عبارت از آلت پريدن او است در هوا و در ملائكه عبارت از قوّة علوم و معارف آنها است كه بانها سير در ملكوت و ملك ميكنند و ملائكه حمله عرش منتهاى علم و معرفت و سير علمى آنها در عرش است كه همين انوار اربعه باشد و بالاتر از آن راه معرفت و سير علمى را ندارند پس چشم بينائى آنها رو بپائين است يعنى ببالا نمى رود و پرهاى آنها بر خود انها پيچيده است و باز نيست كه پرواز بكنند يعنى پرواز ببالاتر از عرش كردن را قادر نيستند زيرا كه بالاتر از آن مقامات ديگر هست كه حمله عرش را در رسيدن بان راه نيست و چشم ديدن و پر پريدن بسوى انها ندارند قوله (- تعالى- ) وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ يعنى از براى هر ملكى مقامى و رتبه معيّن است كه در سير علمى از او تجاوز نتواند كرد چنانچه از حديث معراج معلوم مى شود كه حضرت پيغمبر ختمى (- ص- ) بجاى رسيد كه خطاب بجبرئيل امين شد كه قف يعنى بايست پس بايستاد و حضرت رفتند و آن مقام او ادنى است و در خبر است كه لم يخلق قبله يعنى عرش الّا ثلثة اشياء الهواء و القلم و النّور ثمّ خلقه من انوار مختلفة فمن ذلك النّور نور اخضر و نور اصفر و نور احمر و نور ابيض پس معلوم شد كه از خلقت انوار اربعه عرش و بالاتر از آن باز مراتب چند است و آن مراتب جاى ملائكه مسبّحين است چنانچه گذشت و حمله عرش را در آن راه نيست و از آن مراتب تعبير شده بنقطه رحمت و الف اعلى و نفس رحمانى و رياح مثيره و سحاب مزجى و بعد از نقطه و الف و رياح مثيره و سحاب مزجى سحاب متراكم است قوله (- تعالى- ) يُرْسِلُ الرِّياحَ يعنى الف اعلى بشرى بين يدي رحمته يعنى نقطه حتّى اذا اقلّت سحابا ثقالا كه متراكم باشد و در آيه ديگر اشاره شد بسحاب مزجى أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ و ركام سحاب ثقالست كه سقناه لبلد ميّت اشاره باو است و سخن بسيار است و ميدان تنگ پس سكوت اولى است مضروبة بينهم و من دونهم حجب العزّة و استار القدرة كلمه دون چنانچه بمعنى نقيض فوق آمده بمعنى قبل و قدام و بمعنى اقرب نيز آمده است چنانچه در اين مقام است يعنى زده شده ميان اين ملائكه حمله و ميانه ملائكه پيش از اين و قدام و اقرب از ايشان حجابهاى عزّت و پردهاى قدرت كه اين حمله راه علمى به پشت آن حجابها و پردها ندارند چنانچه در حديث معراج است كه لو دنوت انملة لاحترقت كه اگر يكسر انگشت نزديك مى شد مى سوخت لا يتوهّمون ربّهم بالتّصوير و لا يجرون عليه صفات المصنوعين و لا يحدّونه بالاماكن و لا يشيرون اليه بالنّظائر يعنى انملائكه متوهّم پروردگارشان نيستند بمصوّر ساختن او بصورت علميّه و توهّم بجهت آن فرموده كه عقل هر ذى عقلى در ادراك او وهم است چنانچه در حديث است و لا توهّمه و لا تتّهمه يعنى موهوم و متّهم نسازيد خدا را و در حديث ديگر است كلّما ميّزتموه باوهامكم بادقّ معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم يعنى هر وقت كه تميز بدهيد خدا را بعقول خودتان كه در جنب ادراك او وهم است بباريكترين معانى عقليّه پس آن مدرك شما مخلوقست مثل شما و مردود و راجع است بشما و خدا نيست زيرا كه محيط محاط نشود بالبديهة و ملائكه اجراى اوصاف مصنوعات بر صانع نمى كنند كه تشبيه و تهمت بر اوست چنانچه در حديث سابق گذشت كه و لا تتهمه و محدود و محصور بهيچ مكانى نمى كنند او را نه عقلى مهيّتى و نه حسّى بعدى و اشاره بسوى او نمى كنند بنظائر و امثال و اشباه يعنى تصوّر كنند كه مثل يكى از مخلوقاتست در ذات و صفات و يا اشاره بنظر مطلقا عقلا و حسّا بسوى او نمى اندازند كه حدّ و تعريف از براى او قرار دهند و يا اشاره حسّى بسوى او نمايند و او را مشار اليه باشاره حسّى بدانند خلاصه معنى كه عارفند و جاهل نيستند

شرح ابن ابی الحدید

ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ الْعُلَا- فَمَلَأَهُنَّ أَطْوَاراً مِنْ مَلَائِكَتِهِ- مِنْهُمْ سُجُودٌ لَا يَرْكَعُونَ وَ رُكُوعٌ لَا يَنْتَصِبُونَ- وَ صَافُّونَ لَا يَتَزَايَلُونَ وَ مُسَبِّحُونَ لَا يَسْأَمُونَ- لَا يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ وَ لَا سَهْوُ الْعُقُولِ- وَ لَا فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ وَ لَا غَفْلَةُ النِّسْيَانِ- وَ مِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ وَ أَلْسِنَةٌ إِلَى رُسُلِهِ- وَ مُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَ أَمْرِهِ- وَ مِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ وَ السَّدَنَةُ لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ- وَ مِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فِي الْأَرَضِينَ السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ- وَ الْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا أَعْنَاقُهُمْ- وَ الْخَارِجَةُ مِنَ الْأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ- وَ الْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ- نَاكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصَارُهُمْ مُتَلَفِّعُونَ تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ- مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ- وَ أَسْتَارُ الْقُدْرَةِ- لَا يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْوِيرِ- وَ لَا يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعِينَ- وَ لَا يَحُدُّونَهُ بِالْأَمَاكِنِ وَ لَا يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ

القول في إالملائكة و أقسامهم

الملك عند المعتزلة حيوان نوري- فمنه شفاف عادم اللون كالهواء و منه ملون بلون الشمس- و الملائكة عندهم قادرون عالمون- أحياء بعلوم و قدر و حياة كالواحد منا- و مكلفون كالواحد منا إلا أنهم معصومون- و لهم في كيفية تكليفهم كلام- لأن التكليف مبني على الشهوة- . و في كيفية خلق الشهوة فيهم نظر- و ليس هذا الكتاب موضوعا للبحث في ذلك- و قد جعلهم ع في هذا الفصل أربعة أقسام- القسم الأول أرباب العبادة- فمنهم من هو ساجد أبدا لم يقم من سجوده ليركع- و منهم من هو راكع أبدا لم ينتصب قط- و منهم الصافون في الصلاة- بين يدي خالقهم لا يتزايلون- و منهم المسبحون- الذين لا يملون التسبيح و التحميد له سبحانه- . و القسم الثاني- السفراء بينه تعالى و بين المكلفين من البشر- بتحمل الوحي الإلهي إلى الرسل- و المختلفون بقضائه و أمره إلى أهل الأرض- . و القسم الثالث ضربان- أحدهما حفظة العباد كالكرام الكاتبين- و كالملائكة الذين يحفظون البشر من المهالك و الورطات- و لو لا ذلك لكان العطب أكثر من السلامة- و ثانيهما سدنة الجنان- . القسم الرابع حملة العرش

- . و يجب أن يكون الضمير في دونه و هو الهاء- راجعا إلى العرش لا إلى البارئ سبحانه- و كذلك الهاء في قوله تحته- و يجب أن تكون الإشارة بقوله و بين من دونهم- إلى الملائكة الذين دون هؤلاء في الرتبة- . فأما ألفاظ الفصل فكلها غنية عن التفسير إلا يسيرا- كالسدنة جمع سادن و هو الخادم- و المارق الخارج و تلفعت بالثوب أي التحفت به- . و أما القطب الراوندي فجعل الأمناء على الوحي- و حفظة العباد و سدنة الجنان- قسما واحدا- فأعاد الأقسام الأربعة إلى ثلاثة و ليس بجيد- لأنه قال و منهم الحفظة- فلفظة و منهم تقتضي كون الأقسام أربعة- لأنه بها فصل بين الأقسام- . و قال أيضا معنى قوله ع لا يغشاهم نوم العيون- يقتضي أن لهم نوما قليلا لا يغفلهم عن ذكر الله سبحانه- فأما البارئ سبحانه فإنه لا تأخذه سنة و لا نوم أصلا- مع أنه حي و هذه هي المدحة العظمى- . و لقائل أن يقول لو ناموا قليلا- لكانوا زمان ذلك النوم و إن قل- غافلين عن ذكر الله سبحانه- لأن الجمع بين النوم و بين الذكر مستحيل- . و الصحيح أن الملك لا يجوز عليه النوم- كما لا يجوز عليه الأكل و الشرب- لأن النوم من توابع المزاج و الملك لا مزاج له- و أما مدح البارئ بأنه لا تأخذه سنة و لا نوم- فخارج عن هذا الباب- لأنه تعالى يستحيل عليه النوم استحالة ذاتية- لا يجوز تبدلها و الملك يجوز أن يخرج عن كونه ملكا- بأن يخلق في أجزاء جسمه رطوبة و يبوسة- و حرارة و برودة- يحصل من اجتماعها مزاج و يتبع ذلك المزاج النوم- فاستحالة النوم عليه إنما هي ما دام ملكا- فهو كقولك الماء بارد أي ما دام ماء- لأنه يمكن أن يستحيل هواء ثم نارا فلا يكون باردا- لأنه ليس حينئذ ماء- و البارئ جلت عظمته يستحيل على ذاته أن يتغير- فاستحال عليه النوم استحالة مطلقة مع أنه حي- و من هذا إنشاء التمدح-

و روى أبو هريرة عن النبي ص أن الله خلق الخلق أربعة أصناف- الملائكة و الشياطين و الجن و الإنس- ثم جعل الأصناف الأربعة عشرة أجزاء- فتسعة منها الملائكة- و جزء واحد الشياطين و الجن و الإنس- ثم جعل هؤلاء الثلاثة عشرة أجزاء- فتسعة منها الشياطين و جزء واحد الجن و الإنس- ثم جعل الجن و الإنس عشرة أجزاء- فتسعة منها الجن و جزء واحد الإنس و في الحديث الصحيح أن الملائكة كانت تصافح عمران بن الحصين و تزوره- ثم افتقدها- فقال يا رسول الله إن رجالا كانوا يأتونني- لم أر أحسن وجوها و لا أطيب أرواحا منهم- ثم انقطعوا- فقال ع أصابك جرح فكنت تكتمه- فقال أجل قال ثم أظهرته قال أجل- قال أما لو أقمت على كتمانه- لزارتك الملائكة إلى أن تموت

- و كان هذا الجرح أصابه في سبيل الله- . و قال سعيد بن المسيب و غيره- الملائكة ليسوا بذكور و لا إناث- و لا يتوالدون و لا يأكلون و لا يشربون- و الجن يتوالدون و فيهم ذكور و إناث و يموتون- و الشياطين ذكور و إناث و يتوالدون- و لا يموتون حتى يموت إبليس- .

و قال النبي ص في رواية أبي ذر إني أرى ما لا ترون و أسمع ما لا تسمعون- أطت السماء و حق لها أن تئط- فما فيها موضع شبر إلا و فيه ملك- قائم أو راكع أو ساجد واضع جبهته لله- و الله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا- و لبكيتم كثيرا- و ما تلذذتم بالنساء على الفرش- و لخرجتم إلى الفلوات تجأرون إلى الله- و الله لوددت أني كنت شجرة تعضد

قلت و يوشك هذه الكلمة الأخيرة أن تكون قول أبي ذر- . و اتفق أهل الكتب- على أن رؤساء الملائكة و أعيانهم أربعة- جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل و عزرائيل- و هو ملك الموت- و قالوا إن إسرافيل صاحب الصور و إليه النفخة- و إن ميكائيل صاحب النبات و المطر- و إن عزرائيل على أرواح الحيوانات- و إن جبرائيل على جنود السموات و الأرض كلها- و إليه تدبير الرياح- و هو ينزل إليهم كلهم بما يؤمرون به- .

و روى أنس بن مالك أنه قيل لرسول الله ص- ما هؤلاء الذين استثني بهم في قوله تعالى- فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ- فقال جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل و عزرائيل- فيقول الله عز و جل لعزرائيل يا ملك الموت من بقي- و هو سبحانه أعلم- فيقول سبحانك ربي ذا الجلال و الإكرام- بقي جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل و ملك الموت- فيقول يا ملك الموت خذ نفس إسرافيل- فيقع في صورته التي خلق عليها- كأعظم ما يكون من الأطواد- ثم يقول و هو أعلم من بقي يا ملك الموت- فيقول سبحانك ربي يا ذا الجلال و الإكرام- جبرائيل و ميكائيل و ملك الموت- فيقول خذ نفس ميكائيل- فيقع في صورته التي خلق عليها- و هي أعظم ما يكون من خلق إسرافيل بأضعاف مضاعفة- ثم يقول سبحانه يا ملك الموت من بقي- فيقول سبحانك ربي ذا الجلال و الإكرام- جبرائيل و ملك الموت- فيقول تعالى يا ملك الموت مت فيموت- و يبقى جبرائيل و هو من الله تعالى بالمكان الذي ذكر لكم- فيقول الله يا جبرائيل إنه لا بد من أن يموت أحدنا- فيقع جبرائيل ساجدا يخفق بجناحيه- يقول سبحانك ربي و بحمدك- أنت الدائم القائم الذي لا يموت- و جبرائيل الهالك الميت الفاني- فيقبض الله روحه فيقع على ميكائيل و إسرافيل- و أن فضل خلقه على خلقهما كفضل الطود العظيم- على الظرب من الظراب

و في الأحاديث الصحيحة- أن جبرائيل كان يأتي رسول الله ص- على صورة دحية الكلبي- و أنه كان يوم بدر على فرس اسمه حيزوم- و أنه سمع ذلك اليوم صوته أقدم حيزوم- .

و الكروبيون عند أهل الملة سادة الملائكة- كجبرائيل و ميكائيل- و عند الفلاسفة أن سادة الملائكة هم الروحانيون- يعنون العقول الفعالة- و هي المفارقة للعالم الجسماني المسلوبة التعلق به- لا بالحول و لا بالتدبير- و أما الكروبيون فدون الروحانيين في المرتبة- و هي أنفس الأفلاك المدبرة لها- الجارية منها مجرى نفوسنا مع أجسامنا- . ثم هي على قسمين قسم أشرف و أعلى من القسم الآخر- فالقسم الأشرف ما كان نفسا ناطقة- غير حالة في جرم الفلك- كأنفسنا بالنسبة إلى أبداننا- و القسم الثاني ما كان حالا في جرم الفلك- و يجري ذلك مجرى القوى التي في أبداننا- كالحس المشترك و القوة الباصرة

شرح نهج البلاغه منظوم

القسم الخامس

ثمّ فتق ما بين السّموات العلى، فملأهنّ أطوارا مّن ملائكته، منهم سجود لّا يركعون، و ركوع لّا ينتصبون، و صافّون لا يتزايلون، و مسبّحون لّا يسأمون، لا يغشاهم نوم العيون، و لا سهو العقول، و لا فترة الأبدان، و لا غفلة النّسيان، و منهم أمناء على وحيه و ألسنة إلى رسوله، و مختلفون بقضائه و أمره، و منهم الحفظة لعباده، و السّدنة لأبواب جنانه، و منهم الثّابتة فى الأرضين السّفلى أقدامهم و المارقة من السّمآء العليا أعناقهم، و الخارجة من الأقطار أركانهم و المناسبة لقوائم العرش أكتافهم، ناكسة دونه أبصارهم، متلفّعون تحته بأجنحتهم، مضروبة بينهم و بين من دونهم حجب العزّة و أستار القدرة، لا يتوهّمون ربّهم بالتّصوير، و لا يجرون عليه صفات المصنوعين، و لا يحدّونه بالأماكن، و لا يشيرون إليه بالنّظائر،

ترجمه

آن گاه خداوند تبارك و تعالى ميان آسمانهاى بلند را از هم بگشود و پر كرد از ملائكه مختلفه كه بعضى ساجدند و راكع نيستند، برخى راكعند و قائم نمى باشند، گروهى قائم و قدم از جاى خود فراتر نمى نهند، دسته تسبيح گويانند كه خسته نمى شوند، از خواب در چشمها و شهوت در عقلها و سستى در جسمها و غفلت و فراموشيها بيرونند، از اينان دسته امين بر وحى خدا و مترجم آن وحى بزبان پيغمبران مى باشند، عدّه ديگرى براى رساندن امر و فرمان خدا در ميان خلق آمد و شد كنند، بعضى ناظر و نگهبان بندگان و بر بهشتها دربانند، گروهى ديگر را قدمها از طبقه زيرين زمين و گردنها از طبقه زبرين آسمانها در گذشته، اعضا و جوارحشان از اطراف و اكناف جهان بيرون رفته دوشهايشان با قوائم عرش الهى مساوى شده، جشمها را در برابر انوار خيره كننده جمال و جلال خدائى فرو خوابانده اند، و از غايت انكسار در زير عرش خود را ببالهاى عجز خويش در پيچيده اند، حجابهاى عزّت و پرده هاى قدرت حق تعالى بين آنها و طبقه فرودتر آنها زده شده هيچگاه در عالم خيال پروردگارشان را بصورتى در نياورند، و اوصاف مخلوق را بر او جارى نسازند، و او را بحدّ و مكانى محدود ومنتهى ننمايند، و بامثال و نظاير بسويش اشارتى نكنند.

نظم

پس از اينها خداى فرد اعلمميان آسمان بشكافت از هم

بانواع فرشته داد منزل

كه بگذارند طاعت جمله از دل

ادا خيل ملك حقّ عبادتنمايند از ره فوز و سعادت

يكى در سجده بر محراب ابروشيكى گرديده محو روى نيكوش

يكى با ياد قدّش بسته قامت

يكى اندر ركوعش تا قيامت

يكى حمد و ثنايش كرده تصريحزبان آن يكى گويا به تسبيح

ز قيد مادّيت جمله رسته

نگردند هيچيك از كار خسته

نيابد خواب در چشمانشان راهبرى از سهوشان شد قلب آگاه

بدنهاشان ز سستيها بدور است

بشر را رخوت و سستى ضرور است

يكى دسته امين وحى حقّندكه بر اين كار نيكو مستحقّند

شده بعضى زبان حىّ داور

بهر عصرى بسوى يك پيمبر

از آن يك دسته همدم با بشر شدبشر را كاتب از هر خير و شر شد

دگر بعضى جنان را گشته دربان

يكى خازن شد آن يك گشت رضوان

وز آنان خلقشان بعضى عظيم استكه دل از فكر خلقتشان دو نيم است

دو پايش در زمين هفتمين است

سرش بالاتر از عرش برين است

دو دوش از مشرق و مغرب گذشتهبدين هيبت ز بيمش گل سرشته

بزير افكنده سر از هيبت حق

شده محو جمال حقّ مطلق

ببال عجز پيچيده بدن راچو ديده است او جلال ذو المنن را

مر اين افرشتگان با خيل ديگر

نباشندى بيك مرآ و منظر

حجاب عزّت و استار قدرتكشيده بين آنان حق ز سطوت

خداى خويشتن را در تصور

نيارند و بدورند از تدبر

ز فرط علم بر ذات خداوندبخاطر مثلى از بهرش نيارند

صفات ممكنى بر ذات واجب

نمى سازند جارى از مواهب

كه در حدّ و مكان حق نيست محدودنظير و مثل بهرش نيست موجود