الفصل الخامس منها يعنى قوما آخرين (منها فى المنافقين خ ل)
زرعوا الفجور، و سقوه الغرور، و حصدوا الثّبور
اللغة
(حصدت) الزّرع و غيره حصدا من بابي ضرب و قتل فهو محصود و حصيد و (الثبور) الهلاك و الخسران
المعنى
قيل: الاشارة بمفتتح كلامه عليه السّلام فى هذا الفصل إلى الخوارج و قيل: إلى المنافقين كما ورد مصرّحا به في بعض النسخ.
و قال البحراني: يحتمل أن يكون متناولا لكلّ من نابذه و خرج عن طاعته زاعما أنّه بذلك متعصّب الدّين و ناصر له و يدخل في ذلك القاسطون و هم أصحاب معاوية و المارقون و هم الخوارج و من في معناهم إذ زعم الكلّ أنّهم لقتاله طالبون للحقّ ناصرون له.
و قال الشّارح المعتزلي: و إشارته هذا ليست إلى المنافقين كما ذكره الرضيّ (ره) و إنّما هي إشارة إلى من تغلّب عليه و جحد حقّه كمعاوية و غيره، و لعلّ الرّضيّ (ره) عرف ذلك و كنّى عنه.
و كيف كان فقد استعار فجور هؤلاء و عدولهم عن الحقّ للحبّ الذي يبرز و قرنه بما يلايم المشبّه به ترشيحا للاستعارة، فقال عليه السّلام: (زرعوا الفجور) فانّ الزّرع لما كان عبارة عن إلقاء الحبّ في الأرض حسن استعارته لبذر الفجور في أراضى قلوبهم، و لأنّ انتشاره عنهم و نموّه فيهم يشبه نموّ الزرع و انتشاره في الأرض، هكذا قيل و الأظهر أنّه استعارة مكنيّة تخيّلية حيث شبه الفجور بالحبّ المزروع و أثبت الزّرع تخيّلا.
ثمّ لما كان استمرارهم على الفجور و الغيّ إنّما نشأ من غرورهم و من تماديهم في الغفلة قرنه بقوله عليه السّلام: (و سقوه الغرور) أى سقوه بماء الغرور و تشبيهه بالماء من حيث إنّ الماء كما أنّه سبب حياة الزّرع و نموّه و مادّة زيادته، فكذلك الغرور منشأ فجورهم و مادّة زيادة طغيانهم، و لأجل ذلك حسن استعارة لفظ السّقى الذي هو من خصائص الماء له و نسبته إليهم.
ثمّ لما كانت غاية ذلك الفجور هو الهلاك و العطب في الدّنيا بسيف الأولياء و في الآخرة بالنّار الحامية حسن اتباعه بقوله: (و حصدوا الثّبور) و جعله«» الثبور الذي هو الهلاك نتيجة لزراعة الفجور و ثمرة لها أى كانت نتيجة ذلك الزرع و السّقى حصادا هو الهلاك.
|