موضوع

4- فلسفه بعثت پيامبران (نبوّت عامّه)

متن خطبه

وَ اصْطَفَى سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدِهِ أَنْبِيَاءَ أَخَذَ عَلَى الْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ وَ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ فَجَهِلُوا حَقَّهُ وَ اتَّخَذُوا الْأَنْدَادَ مَعَهُ وَ اجتبالتهم الشَّيَاطِينُ«» عَنْ مَعْرِفَتِهِ وَ اقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ وَ وَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ وَ يُذَكِّرُوهُمْ«» مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ وَ يَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ وَ يُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ وَ يُرُوهُمْ آيَاتِ المقدرة«» مِنْ سَقْفٍ فَوْقَهُمْ مَرْفُوعٍ وَ مِهَادٍ تَحْتَهُمْ مَوْضُوعٍ وَ مَعَايِشَ تُحْيِيهِمْ وَ آجَالٍ تُفْنِيهِمْ وَ أَوْصَابٍ تُهْرِمُهُمْ وَ أَحْدَاثٍ تَتَابَعُ عَلَيْهِمْ وَ لَمْ يُخْلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ«» خَلْقَهُ مِنْ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ أَوْ كِتَابٍ مُنْزَلٍ أَوْ حُجَّةٍ لَازِمَةٍ أَوْ مَحَجَّةٍ قَائِمَةٍ رُسُلٌ لَا تُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ وَ لَا كَثْرَةُ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ مِنْ سَابِقٍ سُمِّيَ لَهُ مَنْ بَعْدَهُ أَوْ غَابِرٍ عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ عَلَى ذَلِكَ نَسَلَتِ الْقُرُونُ وَ مَضَتِ الدُّهُورُ وَ سَلَفَتِ الْآبَاءُ وَ خَلَفَتِ الْأَبْنَاءُ

ترجمه مرحوم فیض

(34) و (بعد از آنكه حضرت آدم در دنيا سكنى گرفت و از آن بزرگوار فرزندان و فرزند زادگان بسيارى بوجود آمد) خداوند متعال از ميان اولادش پيغمبرانى برگزيد، و از ايشان بر وحى و تبليغ رسالت عهد و پيمان گرفت (تا آنچه را كه از جانب خداى تعالى بآنان برسد انجام دهند و مردم را بخدا شناسى دعوت كرده هيچ گونه كوتاهى ننمايند، چنانكه در قرآن كريم س 33 ى 7 مى فرمايد:وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً يعنى ياد كن هنگامى را كه از پيغمبران عهد و پيمانشان را بر وحى و تبليغ رسالت گرفتيم و همچنين از تو و نوح و ابراهيم و موسى و عيسى ابن مريم، و پيمان محكم از آنان گرفتيم) در وقتى كه بيشتر خلائق عهد و پيمان الهىّ را (كه فطرى آنان بود) شكستند (چنانكه در قرآن كريم س 7 ى 172 مى فرمايد:وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا يعنى ياد كن هنگامى را كه پروردگار تو از فرزندان آدم در وقتى كه در صلب پدرانشان بودند پيمان گرفت و ايشان را بر خودشان گواه گردانيد تا بتوحيد و خداشناسى كه فطرى آنان است اعتراف نمايند، پس گفت آيا من پروردگار شما نيستم گفتند آرى شهادت مى دهيم كه تو پروردگار ما هستى. ليكن باين عهد و پيمان فطريشان وفاء نكردند) پس بحقّ او نادان شدند (و او را بيگانگى نشناختند) و براى او مانندها و شريكها قرار دادند، و شياطين آنان را از معرفت خدا (كه مقصود اصلى و جبلّيشان بود) منصرف نمودند (فريبشان دادند) و ايشان را از پرستش او باز داشتند، (35) پس خداى تعالى پيغمبران خود را در بين آنان بر انگيخت و ايشان را پى در پى مى فرستاد

تا عهد و پيمان خداوند را كه جبلّى آنان بود بطلبند و بنعمت فراموش شده (توحيد فطرى) ياد آوريشان كنند، و از راه تبليغ با ايشان گفتگو نمايند (با برهان، سخن بگويند) و عقلهاى پنهان شده را (كه در زير غبار كفر پوشيده و بر اثر تاريكى ضلالت و گمراهى مستور گرديده) بيرون آورده بكار اندازند، و آيات قدرت را بايشان نشان دهند (و آن آيات عبارتست): از آسمان افراشته بالاى سرشان و زمين گسترده زير پايشان و معيشتها و چيزهائى كه زنده شان مى دارد و اجلهائى كه نابودشان مى نمايد و بيمارى هايى كه پيرو فرسوده شان ميكند و حوادث روزگار و پيش آمدهاى پى در پى كه بر آنها وارد ميشود (37)، و خداى تعالى بندگان را از پيغمبر فرستاده يا كتاب نازل شده يا برهان حتمى يا راه استوار محروم ننموده (و پيغمبران) رسولانى بودند كه كمى ياران و زيادتى مخالفين آنان را (از تبليغ رسالت) باز نداشت: پيغمبرانى بودند از پيش كه نام پيغمبر آينده بآنان گفته شده، و يا از بعد كه پيغمبر قبلى او را معرّفى كرده (بامّت خود مبعوث شدن او را بشارت داده، چنانكه در قرآن كريم س 61 ى 6 مى فرمايد:وَ إِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ يعنى ياد كن هنگامى را كه عيسى ابن مريم گفت اى بنى اسرائيل من بسوى شما فرستاده خدا هستم در حالتى كه تورية را كه پيش من است تصديق ميكنم و به پيغمبرى كه پس از من مى آيد و نامش احمد «صلّى اللَّه عليه و آله» است مژده مى دهم).

(چون شيطان بيشتر مردم را فريب داد كه بعهد و پيمان فطريشان وفا نكردند و بحقّ حقّ نادان شدند، خداوند متعال هم از جهت اتمام حجّت پى در پى پيغمبران براى آنان فرستاد تا ايشان را براه راست دلالت كنند)

ترجمه مرحوم شهیدی

و از آنان بزبان وحى پيمان ستد- و هر پيامبر آنرا شنيد- ، كه امانت او نگاه دارد و حكم خدا را به ديگران برساند، و اين هنگامى بود كه بيشتر آفريدگان از فطرت خويش بگرديدند و طومار عهد در نورديدند، حقّ او را نشناختند و برابر او خدايانى ساختند. شيطانها آنان را از خداشناسى به گمراهى كشيدند، و پيوندشان را با پرستش خدا بريدند. پس هر چند گاه پيامبرانى فرستاد و به وسيله آنان به بندگان هشدار داد تا حقّ ميثاق الست بگزارند، و نعمت فراموش كرده را به يادشان آرند. با حجّت و تبليغ، چراغ معرفتشان را بيفروزند تا به آيتهاى خدا چشم دوزند. از آسمانى بالا برده و زمينى زيرشان گسترده، و آنچه بدان زنده اند و چسان مى ميرند و ناپاينده اند، و بيماريهاى پير كننده و بلاهاى پياپى رسنده، و هيچگاه نبود كه خدا آفريدگان را بى پيامبر بدارد، يا كتابى در دسترس آنان نگذارد، يا حجّتى بر آنان نگمارد، يا از نشان دادن راه راست دريغ دارد. پيامبران كه اندك بودند و مخالفشان بسيار، و در دام شيطان گرفتار، در كار خويش درنماندند و دعوت حق را به مردم رساندند- . گاه پيامبر پيشين نام پيامبر پس از خود را شنفته، و گاه وصف پيامبر پسين را به امّت خويش گفته. زمان اين چنين گذرى شد، و روزگار سپرى. پدران رفتند و پسران جاى آنان را گرفتند

ترجمه مرحوم خویی

و خالى نگذاشت حق سبحانه و تعالى مخلوقان خود را از پيغمبر مرسلى يا از كتاب منزلى يا برهانى لازم كه عبارتست از امام معصوم يا طريقه مستقيمه كه عبارتست از شريعت قويمه آنها، رسولانى هستند كه قاصر نمى كند يا مقصر نمى كند آنها را كمى عدد ايشان از تبليغ رسالت، و نه بسيارى تكذيب كنندگان ايشان از اداء وحى و امانت، طايفه از ايشان سابق بودند كه نام مى بردند بجهت خود آن كسى را كه بعد از اوست، يا اين كه خداوند عالم نام برد آن كسى را كه بعد از او بود، و طايفه ديگر لاحق بودند كه تعريف كرده بود او را آن كسى كه پيش از او بود

شرح ابن میثم

الفصل الرابع قوله و اصطفى سبحانه...

وَاصْطَفَى سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدِهِ أَنْبِيَاءَ-أَخَذَ عَلَى الْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ-وَ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ-لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ-فَجَهِلُوا حَقَّهُ وَ اتَّخَذُوا الْأَنْدَادَ مَعَهُ-وَ اجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ-وَ اقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ-وَ وَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ-وَ يُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ-وَ يَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ-وَ يُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ-وَ يُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ-مِنْ سَقْفٍ فَوْقَهُمْ مَرْفُوعٍ وَ مِهَادٍ تَحْتَهُمْ مَوْضُوعٍ-وَ مَعَايِشَ تُحْيِيهِمْ وَ آجَالٍ تُفْنِيهِمْ وَ أَوْصَابٍ تُهْرِمُهُمْ-وَ أَحْدَاثٍ تَتَابَعُ عَلَيْهِمْ-وَ لَمْ يُخْلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ-أَوْ كِتَابٍ مُنْزَلٍ أَوْ حُجَّةٍ لَازِمَةٍ أَوْ مَحَجَّةٍ قَائِمَةٍ-رُسُلٌ لَا تُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ-وَ لَا كَثْرَةُ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ-مِنْ سَابِقٍ سُمِّيَ لَهُ مَنْ بَعْدَهُ أَوْ غَابِرٍ عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ عَلَى ذَلِكَ نَسَلَتِ الْقُرُونُ وَ مَضَتِ الدُّهُورُ-وَ سَلَفَتِ الْآبَاءُ وَ خَلَفَتِ الْأَبْنَاءُ

اللغة

أقول: الاصطفاء الاستخلاص، و الأنداد الأمثال، و اجتالتهم أي أدارتهم و اجتذبتهم، و واتر أي أرسل وترا بعد وتر أي واحدا بعد آخر، و الفطرة الخلقة، و المهاد الفراش، و الأوصاب الأمراض، و الأحداث المصائب و تخصيصها بذلك عرفيّ، و الحجّة ما يحجّ به الإنسان غيره أي يغلبه به، و المحجّة جادّة الطريق، و الغابر الباقي و الماضي أيضا و هو من الأضداد، و القرن الامّة، و نسلت أي درجت و مضت مأخوذ من نسل ريش الطائر و نسل الوبر إذا وقع،

المعنى

و هاهنا أبحاث.

البحث الأوّل

- الضمير في ولده راجع إلى آدم عليه السّلام ثمّ إن كانت الإشارة بآدم إلى النوع الإنساني فنسبة الولادة إليه في العرف ظاهرة صادقة فإنّ كلّ أشخاص نوع هم أبناء ذلك النوع في اصطلاح أهل التأويل و كذلك إن كان المراد به أوّل شخص وجد، و اعلم أنّ اصطفاء اللّه للأنبياء يعود إلى إفاضة الكمال النبويّ عليهم بحسب ما وهبت لهم العناية الإلهيّة من القبول و الاستعداد، و أخذه على الوحي ميثاقهم و على تبليغ الرسالة أمانتهم هو حكم الحكمة الإلهيّة عليهم بالقوّة على ما كلّفوا به من ضبط الوحي في ألواح قواهم و جذب سائر النفوس الناقصة إلى جناب عزّته بحسب ما أفاضهم من القوّة على ذلك الاستعداد، له و ما منحهم من الكمال الّذي يقتدرون معه على تكميل الناقصين من أبناء نوعهم، و لمّا كانت صورة العهد و أخذ الأمانة في العرف أن يوغر إلى الإنسان بأمر و يؤكّد عليه القيام به بالإيمان و إشهاد الحقّ سبحانه، و كان الحكم الإلهيّ جاريا بإرسال النفوس الإنسانيّة إلى هذا العالم و كان مراد العناية الإلهيّة من ذلك البعث أن يظهر ما في قوّة كلّ نفس من كمال أو تكميل إلى الفعل، و كان ذلك لا يتمّ إلّا بواسطة بعضها للبعض كان الوجه الّذي بعثت عليه مشبّها للعهد و الميثاق المأخوذ و الأمانة المودعة كلّ لما في قوّته و ما أعدّ له فحسن إطلاق هذه الألفاظ و استعارتها هاهنا. قوله لمّا بدّل أكثر خلق اللّه عهدهم إليهم فجهلوا حقّه و اتّخذوا الأنداد معه و اجتالتهم الشياطين عن معرفته و اقتطعتهم عن عبادته إلى آخره إشارة إلى وجه الحكمة الإلهيّة في وجود الأنبياء عليهم السّلام و لوازمه و هي شرطيّة متصّلة قدّم فيها التالي لتعلّق ذكر الأنبياء عليهم السّلام بذكر آدم، و التقدير لمّا بدّل أكثر خلق اللّه عهده إليهم اصطفى سبحانه من ولده أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم فبعثهم في الخلق، و ذلك العهد هو المشار إليه بقوله تعالى«وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ»«» الآية قال ابن عبّاس: لمّا خلق اللّه آدم مسح على ظهره فأخرج منه كلّ نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة فقال: أ لست بربّكم قالوا: بلى، فنودى يومئذ جفّ القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، و اعلم أنّ أخذ الذريّة يعود إلى إحاطة اللوح المحفوظ بما يكون من وجود النوع الإنساني بأشخاصه، و انتقاشه بذلك عن قلم القضاء الإلهي، و لمّا كان بالإنسان تمام العالمين في الوجود الخارجيّ فكذلك هو في التقدير القضائي المطابق له، و به يكون تمام التقدير و جفاف القلم، و أمّا إشهادهم على نفسهم فيعود إلى إنطاق إمكانهم بلسان الحاجة إليه و أنّه الإله المطلق الّذي لا إله غيره، و أمّا بيان ملازمة الشرطيّة فلأنّه لمّا كان الغالب على الخلق حبّ الدنيا، و الإعراض عن مقتضي الفطرة الأصليّة الّتي فطرهم عليها، و الالتفات عن القبلة الحقيقيّة الّتي امروا بالتوجّه إليها، و ذلك بحسب ما ركبّ فيهم من القوى البدنيّة المتنازعة إلى كمالاتها لا جرم كان من شأن كونهم على هذا التركيب المخصوص أن يبدّل أكثرهم عهد اللّه سبحانه إليهم من الدوام على عبادته و الاستقامة على صراطه المستقيم و عدم الانقياد لعبادة الشيطان كما قال سبحانه«أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ»«» الآية، و أن يجهلوا حقّه للغفلة بحاضر لذّاتهم عمّا يستحقّه من دوام الشكر، و أن يتّخذوا الأنداد معه لنسيانهم العهد القديم، و أن تجتذبهم الشياطين عن معرفته الّتي هي ألذّ ثمار الجنة، و أن تقتطعهم عن عبادته الّتي هي المرقاة إلى اقتطاف تلك الثمرة، و لمّا كان من شأنهم ذلك وجب في الحكمة الإلهيّة أن يختصّ صنفا منهم بكمال أشرف يقتدر معه أبناء ذلك الصنف على ضبط الجوانب المتجاذبة، و على تكميل الناقصين ممّن دونهم، و هم صنف الأنبياء عليهم السلام و الغاية منهم ما أشار إليه ليستأدوهم ميثاق فطرته أي ليبعثوهم على أداء ما خلقوا لأجله و فطروا عليه من الإقرار بالعبوديّة للّه، و يجذبوهم عمّا التفتوا إليه من اتّباع الشهوات الباطنة، و افتناء اللذّات الوهميّة الزائلة، و ذلك البعث و الجذب تارة يكون بتذكيرهم نعم اللّه الجسميّة و تنبيههم على شكر ما أولاهم به من مننه العظيمة، و تارة يكون بالترغيب فيما عقده سبحانه ممّا أعدّه لأوليائه الأبرار، و تارة بالترهيب ممّا أعدّه لأعدائه الظالمين من عذاب النار، و تارة بالتنفير عن خسائس هذه الدار، و بيان وجوه الاستهانة بها و الاستحقار، و إلى ذلك أشار بقوله، و يذكّروهم منسيّ نعمته، و لا بدّ للمجادلة و المخاطبة من احتجاج مقنع و مفحم فيحتجّوا عليهم بتبليغ رسالات ربّهم و إنذارهم لقاء يومهم الّذي يوعدون، و يشيروا لهم وجوه الأدلّة على وحدانيّة المبدع الأوّل، و تفرّده باستحقاق العبادة، و هو المراد بدفائن العقول و كنوزها، و استعمال الدفائن هاهنا استعارة لطيفة فإنّه لمّا كانت جواهر العقول و نتائج الأفكار، موجودة في النفوس بالقوّة أشبهت الدفائن فحسن استعارة لفظ الدفينة لها، و لمّا كانت الأنبياء هم الأصل في استخراج تلك الجواهر لإعداد النفوس لإظهارها حسنت إضافة إثارتها إليهم، و كذلك ليرشدهم إلى تحصيل مقدّمات تلك الأدلّة و البراهين و موادّها و هي آيات القدرة الإلهيّة و آثارها من سقف فوقهم محفوظ مرفوع مشتمل على بدائع الصنع و غرائب الحكم، و مهاد تحتهم موضوع فيه ينتشرون و عليه يتصرّفون، و معائش بها يكون قوام حياتهم الدنيا، و بلاغا لمدّة بقائهم لما خلقوا له، و إجال مقدرة بها يكون فناؤهم و رجوعهم إلى بارئهم، و أعظم بالأجل آية رادعة و تقديرا جاذبا إلى اللّه تعالى، و لذلك قال صلى اللّه عليه و آله: أكثروا من ذكر هادم اللذّات إلى غير ذلك من الأمراض الّتي تضعف قواهم و تهرمهم، و المصائب الّتي تتتابع عليهم فإنّ كلّ هذه الآثار موادّ احتجاج الأنبياء على الخلق لينبّونهم بصدورها عن العزيز الجبّار عزّ سلطانه على أنّه هو الملك المطلق الّذي له الخلق و الأمر، و ليقرّروا في أذهانهم صورة ما نسوه من العهد المأخوذ عليهم في الفطرة الأصليّة من أنّه سبحانه هو الواحد الحقّ المتفرّد باستحقاق العبادة، و إلى ذلك أشار القرآن الكريم «و جعلنا السماء سقفا محفوظا و هم عن آياتها معرضون»«» و قوله«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها»«» الآية و قوله تعالى«وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ وَ الْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ وَ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ»«» إلى غير ذلك من الآيات الدالّة على احتجاج الخالق سبحانه على خلقه بألسنة رسله و تراجمة وحيه و جذبهم بهذه الألطاف إلى القرب من ساحل عزّته و الوصول إلى حضرة قدسه سبحانه و تعالى عمّا يشركون «و إن تعدّوا نعمت اللّه لا تحصوها إنّ الإنسان لظلوم كفّار»«» قوله و لم يخل اللّه سبحانه خلقه إلى قوله و خلقت الأبناء. أقول: المقصود الإشارة إلى بيان عناية اللّه سبحانه بالخلق حيث لم يخل امّة منهم من نبيّ مرسل يجذبهم إلى جناب عزّته كما قال تعالى«وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ»«» و كتاب منزل يدعوهم إلى عبادته و يذكّرهم فيه منسىّ عهده و يتلى عليهم فيه أخبار الماضين و العبر اللاحقة للأوّلين و يحتجّ عليهم فيه بالحجج البالغة و الدلائل القاطعة، و يوضح لهم فيه امور نظامهم و ينبّههم على مبدئهم و معادهم، و الانفصال هاهنا انفصال مانع من الخلوّ كما هو مصرّح به.

قوله رسل لا تقصّر بهم قلّة عددهم و لا كثرة المكذّبين لهم أي هم رسل كذلك، و المراد الإشارة إلى أنّهم و إن كانوا قليلي العدد بالنسبة إلى كثرة الخلق، و كان عدد المكذّبين لهم كثيرا كما هو المعلوم من أنّ كلّ نبيّ بعث إلى امّة فلا بدّ فيهم فرقه تنابذه و تعانده، و تكذّب مقاله فإنّ ذلك لا يولّيهم قصورا عن أداء ما كلّفوا القيام به من حمل الخلق على ما يكرهون ممّا هو مصلحة لهم في معاشهم و معادهم، بل يقوم أحدهم وحده و يدعو إلى طاعة بارئه و يتحمّل إعباء المشقّة التامّة في مجاهدة أعداء الدين، و ينشر دعوته في أطراف الأرض بحسب العناية الأزليّة و الحكمة الإلهيّة، و تبقي آثارها محفوظة و سنتّها قائمة إلى أن يقتضى الحمكمة وجود شخص آخر منهم يقوم ذلك المقام «رسلا مبشّرين و منذرين لئلّا يكون للناس على اللّه حجّة بعد الرسل»«» قوله من سابق سمّى له من بعده تفضيل للأنبياء، و من هاهنا للتمييز و التبيين، و المراد أنّ السابق منهم قد اطّلعه اللّه تعالى على العلم بوجود اللاحق له بعده فبعضهم كالمقدّمة لتصديق البعض كعيسى عليه السّلام حيث قال«وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ«»» و بين لاحق سمّاه من قبله كمحمّد صلى اللّه عليه و آله و على ذلك أي على هذه الوتيرة و الاسلوب و النظام الإلهي.

ترجمه شرح ابن میثم

فصل چهارم

وَاصْطَفَى سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدِهِ أَنْبِيَاءَ-أَخَذَ عَلَى الْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ-وَ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ-لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ-فَجَهِلُوا حَقَّهُ وَ اتَّخَذُوا الْأَنْدَادَ مَعَهُ-وَ اجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ-وَ اقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ-وَ وَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ-وَ يُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ-وَ يَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ-وَ يُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ-وَ يُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ-مِنْ سَقْفٍ فَوْقَهُمْ مَرْفُوعٍ وَ مِهَادٍ تَحْتَهُمْ مَوْضُوعٍ-وَ مَعَايِشَ تُحْيِيهِمْ وَ آجَالٍ تُفْنِيهِمْ وَ أَوْصَابٍ تُهْرِمُهُمْ-وَ أَحْدَاثٍ تَتَتَابَعُ تَتَابَعُ عَلَيْهِمْ-وَ لَمْ يُخْلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ-أَوْ كِتَابٍ مُنْزَلٍ أَوْ حُجَّةٍ لَازِمَةٍ 114أَوْ مَحَجَّةٍ قَائِمَةٍ-رُسُلٌ لَا تُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ-وَ لَا كَثْرَةُ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ-مِنْ سَابِقٍ سُمِّيَ لَهُ مَنْ بَعْدَهُ أَوْ غَابِرٍ عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ عَلَى ذَلِكَ نَسَلَتِ الْقُرُونُ وَ مَضَتِ الدُّهُورُ-وَ سَلَفَتِ الْآبَاءُ وَ خَلَفَتِ الْأَبْنَاءُ

لغات

اصطفاء: برگزيدن اجتالتهم: آنها را از قصدشان برگردانيد فطرة: خلقت مهاد: زمين احداث: سختيها. اختصاص احداث به سختيها اختصاص عرفى است.

محجّة: راه استوار و روشن قرن: امّت عده: وعده انجاز: قطعى شدن سمه: علامت، نشان ملحد: برگشتن از حق بعد از روى آوردن به آن انداد: امثال (برگزيدن مثل و مانند خدا از مخلوقين) واتر: پياپى فرستاد اوصاب:، امراض حجة: دليلى كه انسان با آن بر غير غلبه كند.

غابر: پايدار- ناپدار (از اضداد) نسلت: پشت سر هم گذشتند. از ريزش پر، پرنده و افتادن كرك و پشم حيوان گرفته شده است.

ترجمه

«سپس خداوند سبحان از ميان فرزندان آدم انبيا را برگزيد و از آنان بر رساندن وحى و تبليغ رسالت و اداى امانت پيمان گرفت و اين زمانى بود كه بيشتر مردم دين خدا را تغيير داده و با حق بيگانه شده و براى خدا شريكانى قرار دادند و شياطين آنها را از معرفت خدا دور و از پرستش او باز داشتند. پس از اين خداوند فرستادگان خويش را در ميان آنان برانگيخت و آنها را پياپى به سوى مردم فرستاد تا آن عهد فطرى و پيمان الستى را از آنان بخواهند و نعمت فراموش شده را يادآورشان شوند و با تبليغ، حجّت را بر آنان تمام و استعدادهاى عقلانى آنها را شكوفا كنند. آيات و نشانه هاى قدرت خداوندى را به ايشان نشان دهند. آن آيات عبارت است از سقف آسمانى كه بالاى سرشان افراشته شده و گهواره زمينى كه زير پايشان گسترانيده و وسايل حيات كه با آن زندگى مى كنند و اجلهايى كه با آن نابود مى شوند و بيماريهايى كه با آن پير مى شوند و از پيشامدهاى پياپى كه بر آنها وارد مى شود.

خداوند متعال بندگان خود را از وجود پيامبرى مرسل و كتابى منزل و برهانى حتمى و راه و دينى استوار محروم نساخت. كمى ياور و بسيارى دشمنان انبيا را از انجام وظيفه باز نداشت. به پيامبران پيشين نام پيامبر آينده گفته شد و پيامبر قبلى پيامبر بعدى را معرّفى كرده است.

به اين ترتيب قرنها و روزگاران بسيار گذشت، پدران رفتند و فرزندان جاى آنها را گرفتند.

شرح

بحث اوّل- ضمير در كلمه «فى ولده» به آدم (ع) باز مى گردد. يعنى خداوند از نژاد آدم (ع) انبيايى را برگزيد.

حال اگر اين كلام اشاره به آدمى كه نوع انسانى است باشد، نسبت تولّد يافتن از او عرفا روشن است. زيرا هر يك از اشخاص در اصطلاح اهل تأويل فرزندان همين نوع هستند و باز در معنى فرقى نمى كند كه مقصود از آدم، اوّل شخص باشد كه در روى زمين پديد آمده است.

برگزيدن انبيا به وسيله خدا به معناى افاضه كمال نبوّت به آنها بر حسب آنچه كه عنايت الهى از قبول و استعداد انبياست مى باشد. و مراد از اخذ ميثاق وحى و اداى امانت تبليغ رسالت، حكم حكمت الهى بر آنها به لحاظ وظيفه اى كه در ضبط وحى در لوح وجود خود دارند مى باشد، كه نفوس ناقصه را به وسيله قدرت استعدادى كه خداوند به آنها داده است، به خداوند جذب كنند و با كمالى كه خداوند به آنها بخشيده قدرت دارند كه ابناى ناقص نوع خود را كمال ببخشند.

چون در عرف عهد و پيمان گرفتن به معناى الزام انسان به امرى و تأكيد بر قيام آن است. و التزام عملى به آن بستگى به درجه ايمان و ناظر دانستن خدا دارد، و از طرفى حكم الهى بر ارسال نفوس انسانى به اين عالم مقرر شده و مقصود عنايت الهى از اين بعث و انگيزش اين بوده است كه آنچه در نفس انسانها بالقوّه وجود دارد به كمال فعلى برسد و اين هدف حاصل نمى شده است مگر اين كه بعضى از راهنماى بعضى قرار دهد. از راهنمايان بشرى عهد و پيمان گرفته است كه وظيفه خود را در ارشاد خلق به انجام برسانند. و بدين لحاظ كار انبيا و تعهّد آنها در مقابل رساندن دين خدا به مردم و ارشاد آنها، شباهت يافته است به امانتى كه مردم در نزد هم مى گذارند. پس اطلاق اين الفاظ بر وحى الهى كه در نزد انبياست و استعاره آوردن براى آن معانى زيباست.

كلام امام (ع) كه فرمود: لمّا بدّل اكثر خلق اللّه عهدهم... الى آخره به حكمت الهى در وجود انبيا و لوازم آن اشاره دارد.

اين كلام امام (ع) يك قضيّه شرطيّه متّصله اى است كه تالى آن به دليل پيوستگى داستان انبيا به داستان آدم، مقدّم بيان شده است. تقدير كلام امام (ع) چنين بوده است: لمّا بدّل اكثر خلق اللّه عهده اليهم [جمله شرطيّه ] اصطفى سبحانه من ولده انبياء اخذ على الوحى ميثاقهم فبعثهم فى الخلق (جواب شرط).

عهدى كه آدم (ع) بدان اشاره كرده است همان معنايى است كه در آيه شريفه قرآن آمده است:وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ«». در تفسير اين آيه ابن عبّاس گفته است هنگامى كه خداوند آدم (ع) را آفريد بر پشت او دست كشيد و تمام انسانهايى را كه تا روز قيامت آفريده مى شوند از پشت آدم خارج ساخت و به آنها گفت آيا من پروردگار شما نيستم گفتند چرا. آن گاه ندا دادند كه امروز قلم از آنچه كه بايد تا روز قيامت تحقق بيابد رقم زد.

مقصود از پديد آوردن ذريّه آدم از پشت آدم اين است كه وجود نوع انسانى به وسيله قلم قضاى الهى نيز همه افراد مورد نظراند. بدين معنى كه آنچه تا روز قيامت از بنى آدم پديد آيد در علم الهى وجود دارد. مقصود از تقدير الهى و به پايان رسيدن كار قلم همين است.

مقصود از شهادت بنى آدم بر نفس خود اين است كه به زبان نياز به خداوند عرضه داشتند كه او معبود مطلق است و خدايى جز او نيست.

به صورت قضيّه شرطيّه از كلام امام (ع) استفاده مى شود كه بيشتر فرزندان آدم از پيمان اطاعت خدا و پايدارى بر صراط مستقيم و عدم اطاعت از شيطان سر بر تافتند، زيرا كه حبّ دنيا بر آنها غلبه دارد و موجب دور شدن از مقتضاى فطرت اصلى كه بر آنها آفريده شده اند مى شود و توجّه آنها را از قبله حقيقى كه بايد به آن توجّه كنند برمى گرداند. اين انحراف از فطرت اصلى بدين سبب است كه از نيروهاى بدنى ويژه اى كه به طرف كمال مى روند تركيب شده اند و ناگزير بيشترشان پيمان شكنى كردند. و به عبادت خداوند ادامه ندادند و بر راه راست حق پايدار نماندند و به خاطر اطاعت و پرستش شيطان از خدا فرمان نبردند چنان كه خداى سبحان مى فرمايد:أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ«».

انسان به صورت همان تركيب عنصرى، لذّتهاى زودگذر زندگى موجب مى شود در باره حق جاهل و از شكر مداوم كه شايسته خداوند است غافل بماند.

و چون پيمان ديرينه را فراموش كرده اند براى خداوند شبه و مثل برگرفته اند و شياطين آنها را از گواراترين ميوه هاى بهشتى كه معرفت خداست باز دارند و از پرستش خداوند كه نردبان و وسيله براى چيدن ميوه هاى بهشتى است، باز داشت.

چون شأن انسانها پيمان شكنى و ديگر مطالب بوده است، در حكمت الهى واجب شده است كه دسته اى از آنها را به كمال والايى اختصاص دهد كه بدان وسيله ابناى نوع را از مسيرهاى انحرافى باز دارد و افراد ناقص يعنى فروتر از خودشان را كمال ببخشند. اين دسته گروه انبيا (ع) مى باشند و به نتيجه كار آنها در كلام امام (ع) چنين اشاره شده است: ليستادوهم ميثاق فطرته يعنى خدا انبيا را براى آن هدفى كه آفريده شده و بر آن سرشته شده اند برانگيخت تا به عبوديّت خداوند اقرار كنند و انسانها را كه پيرو شهوات باطنى و سرگرم لذّات وهمى زودگذر شده اند، باز دارند و به خدا هدايت كنند. اين بعث و جذب انبيا گاهى به تذكّر دادن نعمتهاى مادّى خداوند و آگاه كردن آنان بر لزوم شكرگزارى بخششهاى بزرگ خداست، و گاهى با ترغيب و تشويق به درجاتى كه خداوند براى اولياى خود فراهم آورده است، و گاهى به ترساندن از عذاب جهنّم كه خداوند براى دشمنان ستمگرش آماده ساخته است، و گاهى به ايجاد تنفّر از امور پست دنيا و خوار شمردن آنها مى باشد.

امام (ع) به موارد فوق با جمله: يذكّروهم منسىّ نعمته اشاره فرموده است.

چون اثبات هر موضوعى نياز به استدلال قانع كننده و برهان اثباتى دارد انبيا در تبليغ رسالت پروردگار بر عليه منحرفان استدلال كرده و آنها را از روز ملاقات پروردگار كه وعده داده شده ترسانده و به دلايلى چند بر يگانگى خدا و اين كه او به تنهايى شايسته پرستش است اشاره كرده اند و اين مقصود امام (ع) از جمله: دفائن العقول و كنوزها. استعمال دفائن در كلام امام (ع) استعاره لطيفى است. چون گوهرهاى خرد و نتايج انديشه در وجود انسانها بالقوّه موجود بوده است، به گنجينه هاى نهفته شباهت پيدا كرده و استعاره آوردن دفينه براى آنها شكلى زيبا يافته است.

چون انبيا براى آماده ساختن نفوس و استخراج و اظهار جواهر انديشه انسانها اساس و اصل هستند، نسبت برانگيختن افكار به آنها زيباست و براى اين كه انسانها را ارشاد كنند نياز به ادلّه و براهين و زمينه هايى دارند كه عبارت از نشانه هاى قدرت الهى است كه در عبارت امام (ع) به شرح زير آمده است: آسمان برافراشته اى كه داراى تازگيهاى صنع الهى و عجايب حكمت خداوندى است و زمينى كه در زير پاى انسانها گسترده شده كه در آن تصرّف مى كنند و نيازمنديهاى زندگى را به دست مى آورند و قوام حياتشان را تأمين مى كنند و تا پايان عمر از نعمتهاى زمين بهره مند مى شوند، و زمانى كه براى زندگى آنها مقدّر شده است كه پس از آن از اين دنيا رخت برمى بندند و به سوى پروردگارشان باز مى گردند، بزرگترين دليلى است كه انسان را از كارهاى زشت باز مى دارد و به حق تعالى توجّه مى دهد ياد مرگ و رجوع به خداست. لذا پيامبر اسلام فرموده اند «از آنچه كه لذّات را نابود مى كند فراوان ياد كنيد» همچنين ياد بيماريهايى كه قواى انسان را به تحليل مى برد و او را پير مى كند، و مصيبتهايى كه پياپى به انسان عارض مى شود، همه اينها زمينه هاى استدلال انبيا براى مردم است تا آنها را توجّه دهند كه مصائب از طرف خداوند قدرتمندى به وجود آمده اند كه داراى سلطه و سيطره است. و او پادشاه مطلقى است، كه خلق و امر به فرمان اوست تا در ذهن انسانها پيمانى را كه در فطرت اصلى شان بوده و با خدا در روز الست بسته بودند كه او واحد و حق و شايسته پرستش است و اينك فراموش كرده اند كه دوباره برقرار و تثبيت كنند. قرآن كريم به اين آيات و نشانه هاى اشاره كرده و مى فرمايد:وَ جَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَ هُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ«». و باز مى فرمايد:إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها«».

و باز مى فرمايد:وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ وَ الْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ وَ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ«».

علاوه بر اينها نشانه هايى كه بر ذات مقدّس حق دلالت دارند و استدلال خداوند متعال به زبان انبيا كه ترجمان وحى بر خلق مى باشند تا آنها را با توجه به اين الطاف به قرب خدا ارشاد و به كرانه اقيانوس عزّت حق و رسيدن به محضر قدس ربوبى هدايت كنند، بالاتر است خداوند از آنچه را كه مشركان مى گويند:وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ.

فرموده است: و لم يخل سبحانه... الى قوله خلفت الابناء

اين سخن امام (ع) به عنايت خاص خداوند نسبت به خلق اشاره دارد به اين شرح كه هيچ امّتى را بدون پيامبرى كه آنها را به سوى خداوند راهنمايى كند نگذاشته است. خداوند متعال مى فرمايد:إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً وَ إِنْ«».

خداوند هيچ امّتى را بدون كتابى كه آنها را به عبادت خود فرا خواند و عهد فراموش شده را به يادشان آورد و اخبار و عبرت گذشتگان را بر ايشان بازگويد، وا نگذاشت، كتاب را راهنماى آنها قرار داد و ادلّه قاطع و براهين قانع كننده اى كه در قرآن آمده است استدلال كرد و نظام امورشان را توضيح داد و آنها را به مبدأ و معاد متوجّه ساخت.

قضيه منفصله اى كه در كلام فوق الذكر آمده است قضيّه منفصله مانعة الخلو است«».

فرموده است: رسل لا تقصّر بهم قلّة عددهم و لا كثرة المكذّبين لهم

سخن امام (ع) اشاره به اين است كه هر چند عدد انبيا نسبت به جمعيّت اندك است و تعداد تكذيب كنندگان فراوان، همچنان كه هر پيامبرى كه در ميان امّتى مبعوث شد گروهى با او به مخالفت برخاسته، دشمنى كرده و سخن او را تكذيب كردند ولى هيچ يك از اين تكذيبها قصورى در اداى تكليف به وجود نياورد و از اقدام براى ارشاد مردم به آنچه مصلحت معاش و معادشان بود و در عين حال ناخوشايند بود باز نداشت. بلكه هر يك به تنهايى بپا خواست و مردم را به طاعت پروردگار دعوت كرد و در پيكار با دشمنان دين متحمل رنجهاى بى شمارى شد. و دعوت خداوند را با عنايت و توجّه او در اطراف زمين نشر داد، تا اين كه آثار دين محفوظ و سنّتهاى الهى استوار گرديد تا زمانى كه حكمت الهى اقتضا كرد به جاى پيامبر قبلى پيامبر بعدى مبعوث شود. در اين باره خداوند متعال مى فرمايد:رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ«».

فرموده است: من سابق سمّى له من بعده

در اين عبارت امام (ع) «مِنْ» براى بيان تميز و تبيين فضيلت انبياست.

مقصود اين است كه خداوند پيامبران سابق را از وجود پيامبران آينده آگاه ساخته بود. بنا بر اين بعضى از آنها مقدمه تصديق بعضى ديگر بودند، همانند عيسى (ع) براى پيامبر اسلام، چنان كه خداوند از قول عيسى نقل مى كند:وَ إِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي«» و پيامبران بعد پيامبران قبل را تأييد كرده اند چنان كه پيامبر اسلام پيامبران گذشته را مورد تأييد قرار داد به اين ترتيب كار ادامه يافت و نظام الهى پا برجا شد.

فرموده است: مضت الامم و سلفت الآباء.... الى قوله من الجهالة.

امام (ع) سير نبوت را در اين خطبه از آدم شروع و به پيامبر اسلام پايان مى دهد. ترتيب طبيعى نيز همين است. زيرا هدف از طينت نبوت خاتم الانبيا مى باشد چنان قرآن كريم به اين حقيقت گوياست:ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ«».

شرح مرحوم مغنیه

الأنبياء فقرة 22- 25:

و اصطفى سبحانه من ولده أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم، و على تبليغ الرّسالة أمانتهم لمّا بدّل أكثر خلقه عهد اللّه إليهم فجهلوا حقّه، و اتّخذوا الأنداد معه. و اجتالتهم الشّياطين عن معرفته، و اقتطعتهم عن عبادته. فبعث فيهم رسله و واتر إليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته. و يذكّروهم منسيّ نعمته. و يحتجّوا عليهم يالتّبليغ. و يثيروا لهم دفائن العقول و يروهم الآيات المقدّرة من سقف فوقهم مرفوع، و مهاد تحتهم موضوع. و معايش تحييهم و آجال تفنيهم. و أوصاب تهرمهم. و أحداث تتابع عليهم. و لم هذه بعض العبر و العظات في قصة ابليس مع آدم، و علينا أن نقرأها، و نكرر قراءتها بتدبر و إمعان، و العاقل من اتعظ بالغير، و انتفع بالعبر.

(ثم أسكن سبحانه آدم دارا أرغد فيها عيشه، و آمن فيها محلته). و كل نعيم دون الجنة فهو محقور (و حذره ابليس و عداوته). إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا- 6 فاطر.

(فاغتره عدوه). أي ان ابليس غرر بآدم. و قال الشيخ محمد عبده: انتهز ابليس من آدم غرة فأغواه، و كل من التفسيرين صحيح. و الغرة- بكسر الغين- الغفلة (نفاسة عليه بدار المقام). أي حسدا لآدم على الخلود في الجنة (و مرافقة الأبرار). و هم الملائكة.

(فباع اليقين بشكه). أي نقض اليقين بالشك. و المراد باليقين هنا علم آدم بالنهي عن الشجرة. و المراد بالشك ان آدم بعد أن كان على يقين من ان النهي حتم و إلزام- احتمل ان هذا النهي لغير الحتم و الإلزام، و ابليس هو الذي أوحى اليه بهذا الاحتمال.. هذا ما يدل عليه سياق الكلام و ظاهره، أو ما نفهمه نحن (و العزيمة بوهنه). أي ضعفه الذي أدى به الى نقض اليقين بالشك، و هو تفسير لقوله تعالى:وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً- 115 طه.

(و استبدل بالجذل) الفرح (وجلا) الخوف (و بالاغترار ندما). و هكذا عاقبة التفريط (ثم بسط سبحانه له في توبته). و فتح باب التوبة حتم، و سده ظلم ما دام الانسان بطبعه غير معصوم (و لقاه كلمة رحمته، و وعده المرد الى جنته). و لكن جعل الطريق اليها محفوفا بالمكاره:أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ الصَّابِرِينَ- 142 آل عمران.

(و أهبطه الى دار البلية، و تناسل الذرية). و عملية التناسل سهلة جدا، بل و لذيذة أيضا، و لكن عاقبتها كارثة بخاصة في هذا العصر الذي نعيش فيه.. و نشير الى هذه النكتة التي تخلط الجد بالهزل، قالها فيلسوف ظريف: أكل آدم من الشجرة عن قصد و عمد، لأنه مل حياة الفراغ و البطالة، و آثر المتاعب و الآلام مع الجد و العمل على الدعة و الرفاهية مع البطالة و الكسل.. و لما ذا العضلات و المقدرة على الأعمال ما دام الانسان بلا عمل. و هل هو في حاجة الى أكثر من معدة تمتلئ و تهضم، و لسان يهذر و يثرثر.

الإنسان و الخطيئة:

تتفق الأديان السماوية على أن آدم لم يستمع للّه في نهيه عن الأكل من الشجرة.. و تولد من فكرة هذه الخطيئة أو هذه المخالفة آراء مختلفة عن طبيعة الانسان أو عن الجنس البشري بالنظر الى أن آدم أبا البشر هو المثل لهذه الطبيعة أو لهذا الجنس.. فمن قائل: ان الانسان خيّر بطبعه. و قائل: هو شرير و ذئب.. و قال الماركسيون: لا يتصف الانسان بخير أو شر، لأنه صنيعة الطبيعة، و خاضع لقانون التطور كغيره من الكائنات الحية، و ليس هناك ما يمنع من أن يتحول في المستقبل الى شي ء آخر يبعد كل البعد عن مفهوم الانسان الحالي، و إذن، ليس ثمة طبيعة بشرية ثابتة كي نصفها بخير أو بشر.

و وقفت المسيحية في الجانب المقابل حيث اعتبرت الانسان مذنبا و مخطئا بطبعه، و انه لا خلاص له من الذنب و الخطيئة إلا بقوة عظمى خارجة عن طبيعته و ارادته، و تولد من هذه الفكرة فكرة الفداء أو القربان، و ان اللّه قد تمثل في صورة انسان، و أنه صلب و عذّب ليخلّص البشر، و يكفّر عنهم سيئاتهم.. و من أجل هذا يطلق المسيحيون على السيد المسيح (ع) لقب «المخلّص» و يعتبرون الخطيئة و الفداء من صميم الدين و العقيدة.. و قد وصف أحدهم هذا الوضع بقوله: «لقد أصبح الدين عندنا- أي عند المسيحيين- مجسدا في الخطيئة». و قال آخر: ان الكنيسة اخترعت فكرة الخطيئة، و فكرة الخلاص منها بالفداء كي تقنع من تسعى الى تحويلهم عن دينهم، تقنعم بأن الخلاص و العلاج موجود في جيبها.. و هو اعتناق المسيحية فقط لا غير.

و وجد المستعمرون و الصهاينة الشفيع و المبرر لطغيانهم و عدوانهم على الانسانية و قيمها، وجدوا هذا الشفيع عند الكنيسة التي تقول: ان الخطيئة غريزة في طينة الانسان و جبلته.. فإذا ما اعترض معترض على بغيهم و آثامهم قالوا: هذا من صنع اللّه، لا من صنعنا.. و كل من ملك استأثر، و ما كفّ أحد إلا لعلة العجز، و من أجل هذا ساندت قوى الشر و العدوان الكنيسة بكل ما تملك، بل و سخّرت لهذه الغاية بعض العمائم التي تقلبت في البلاد، و أكثرت فيها الفساد.

فمنذ عهد قريب خطب معمم، و نشر في الصحف: ان الأنبياء كغيرهم في الميول و الأهواء مستندا الى ما يظهر من بعض الآيات، و ما تنبه لأهدافه المأجورة إلا قليل.

و روي- و لا أستبعد هذه الرواية- ان إرساليات التبشير المسيحي أغرت دارا للنشر بإعادة طبع و نشر كتاب تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى، و اشترت من صاحب الدار العديد من النسخ، و وزعتها بطريق أو بآخر.. و القصد أن يتنبه الناس لقوله تعالى:وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى . و قوله:لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ و ما الى ذلك.. أما تأويل الشريف بخلاف الأولى، و بأن الأمر و النهي منه تعالى في هذا الباب هما للإرشاد فقط، أما هذا التأويل و نحوه فيتعقله، و يقتنع به الخاصة المؤمنون دون العامة الذين لا يفهمون من كلمة المعصية إلا المعنى الحقيقي الأصيل.

و الخلاصة ان الماركسية وقفت في أقصى اليسار حين نفت الطبيعة البشرية الثابتة من الأساس، و وقفت المسيحية في أقصى اليمين حين اعتبرت الخطيئة طبيعة و عقيدة، أما الاسلام فقد وقف موقفا وسطا بين الماركسية و المسيحية: و لم يربط العقيدة بهذه المسألة من قريب أو بعيد، بل أشار الى طبيعة الانسان من باب التعريف و الإرشاد الى الواقع، و ان كل مولود يولد على الفطرة الصافية، و التربية هي التي تكدره و تلوثه.. أما قوله تعالى:وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ- 34 ابراهيم. و نحوه من الآيات فقد أجابوا عنه بأن هذا الحكم على الانسان إنما هو بالنظر الى بعض أفراده، لا بالنظر الى طبيعته و جنسه، و قلنا في «التفسير الكاشف» ج 4 ص 213: ان الإسلام ينظر الى الانسان من خلال عقيدته و سلوكه بصرف النظر عن طبيعته، و على هذا الأساس وحده يحكم عليه بأنه صالح أو طالح، طيب أو خبيث.

و تسأل: إذا كان إبليس قد تولى غواية آدم، فمن، الذي تولى غواية إبليس.

الجواب: الحسد تولى غواية إبليس، و إلى ذلك أشار الإمام (ع) بقوله: «نفاسة عليه». و الحسد لا يحتاج الى من يتولاه.. حتى الأطفال يتحاسدون و يتغايرون.. و من هنا قال الرسول الأعظم (ص): «و إذا حسدت فلا تبغ» نهى عن آثار الحسد، و إظهارها في قول أو فعل، و لم ينه عن الحسد بالذات، لأنه تكليف بغير المقدور.

الأنبياء فقرة 22- 25:

و اصطفى سبحانه من ولده أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم، و على تبليغ الرّسالة أمانتهم لمّا بدّل أكثر خلقه عهد اللّه إليهم فجهلوا حقّه، و اتّخذوا الأنداد معه. و اجتالتهم الشّياطين عن معرفته، و اقتطعتهم عن عبادته. فبعث فيهم رسله و واتر إليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته. و يذكّروهم منسيّ نعمته. و يحتجّوا عليهم يالتّبليغ. و يثيروا لهم دفائن العقول و يروهم الآيات المقدّرة من سقف فوقهم مرفوع، و مهاد تحتهم موضوع. و معايش تحييهم و آجال تفنيهم. و أوصاب تهرمهم. و أحداث تتابع عليهم. و لم يخل سبحانه خلقه من نبيّ مرسل، أو كتاب منزل. أو حجّة لازمة، أو محجّة قائمة. رسل لا تقصّر بهم قلّة عددهم. و لا كثرة المكذّبين لهم. من سابق سمّي له من بعده، أو عرّفه من قبله. على ذلك نسلت القرون. و مضت الدّهور. و سلفت الآباء. و خلفت الأبناء.

اللغة:

الميثاق: العهد. و الأنداد: جمع ند، و هو المثيل. و المراد بالاجتلاء هنا الصرف. و واتر: تابع مع التراخي و الفصل بين نبي و نبي. ليستأدوهم: ليطلبوا منهم الاداء و الوفاء. و السقف المرفوع: السماء، و المهاد الموضوع: الأرض.

و الأوصاب: المتاعب. و تهرمهم: تجعلهم هرمين. و الغابر: الباقي. و نسلت: ولدت.

الإعراب:

لما بدل «لما» هنا بمعنى حين أو إذ، لأنها دخلت على الماضي. ليستأدوهم مضارع منصوب بأن مضمرة، و يذكروهم و ما بعده عطف على ليستأدوهم.

و معايش ممنوع من الصرف. و على ذلك متعلق بنسلت.

المعنى:

(و اصطفى سبحانه من ولده أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم، و على تبليغ الرسالة أمانتهم). بعثة الأنبياء في جوهرها وساطة بين الخالق و المخلوق، و هدفها هداية الخلق الى الحق، و تعاونهم على ما يكفل الأمن و العيش للجميع، و هذا هو أمل الطيبين الأحرار منذ وجد الانسان على سطح الأرض، و من هذا الأمل انطلقت النظريات، و وضعت المؤلفات لتحققه و بلوغه، و منها جمهورية افلاطون و المدينة الفاضلة للفارابي.

و لكن افلاطون مزج الواقع بالخيال عملا بنظريته في المثل، و قال «دي بور» في كتاب «تاريخ الفلسفة في الاسلام»: ان آراء الفارابي في المدينة الفاضلة تقترب في فسادها من فلسفة «نيتشه» القائمة على بقاء الأقوى.. و اذا كانت هذه هي فلسفة افلاطون استاذ المعلم الأول، و آراء الفارابي المعلم الثاني فما هي حال غيرها من النظريات الهادفة الى خير الانسان.. ان كل نظرية، أو نظام وضع لخير الانسان يستحيل أن يتم و يكمل من كل وجه إلا اذا قام على أساس المبادي ء التي أقرها الوحي من اللّه سبحانه.. و من هنا كثر النسخ و التقليم و التطعيم في الأنظمة الوضعية.. و اذا اتفق العلماء على كثير من النظريات الطبيعية المحسوسة فإنهم حتى الآن لم يتفقوا على نظرية سياسية أو اجتماعية على الرغم من مواصلة الدراسات، و عقد المؤتمرات.. أبدا لا أحد أعلم بخير الانسان و هدايته الى سعادته الخالدة إلا خالق الانسان، و أي عاقل يشك في ان مخترع الآلة هو أعلم بها من غيره.

(لما بدل أكثر خلقه عهد اللّه اليهم). المراد بعهد اللّه هنا ميثاق الفطرة الذي أشار اليه الإمام (ع) بقوله: «ليستأدوهم ميثاق فطرته». و بعد أسطر نتكلم عن هذا الميثاق بفقرة خاصة، و قوله: «لما بدل أكثر خلقه» يومئ الى ان البعض من عباد اللّه ثبتوا على ميثاق الفطرة، و استطاعوا بثباتهم هذا أن يعرفوا حق اللّه و يعملوا به، و يسمى هؤلاء بالحنفاء، و كان منهم قبل بعثة رسول اللّه (ص)، أفراد و هم ورقة بن نوفل، و عبد اللّه بن جحش، و عثمان بن الحويرث، و زيد ابن نوفل. و تكلمنا عنهم في ج 5 من التفسير الكاشف ص 96.. و قال بعض الفلاسفة: لو كانت كل العقول من النوع النبيل لكان جميع الناس عقلانيين، لا يخطئون و لا يتميز أحدهم عن الآخر في حسن التصرف أو سوئه.

(فجهلوا حقه، و اتخذوا الأنداد معه، و اجتالتهم الشياطين عن معرفته، و اقتطعتهم عن عبادته). الشرك باللّه، و الانصراف عنه نتيجة حتمية للجهل بحقه تعالى، و الجاهل العوبة الشيطان.. و في بعض الروايات: أدنى العلم باللّه الإقرار بأنه لا إله غيره، و انه ليس كمثله شي ء (فبعث فيهم رسله) مبشرين و منذرين لكيلا يكون للناس على اللّه الحجة (و واتر اليهم أنبياءه). أي جعل بين نبي و نبي فترة قصيرة أو طويلة، يقال: واتر ما عليه من الصوم أي أتى بالصوم وترا، فصام يوما، و أفطر يوما أو يومين.

ما هي الفطرة

(ليستأدوهم). أي ليطلب الأنبياء من الناس الأداء و العمل بموجب (ميثاق فطرته). و في الآية 30 من سورة الروم:فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.

و تسأل: ما هو المراد بالفطرة في هذه الآية الكريمة، و في قول الإمام (ع).

هل المراد العقلية البدائية مع العلم بأن هذه العقلية تقبل التناقضات، و الإيمان بالأساطير و الخرافات- كما ثبت في علم الاجتماع- أم المراد بالفطرة ان هناك قوة غامضة تفرض الحق على قلب الانسان و شعوره.. و هذا خلاف الحس و الوجدان.. و لو صح ما اختلف في الحق اثنان.. أو المراد بالفطرة الشعور الذاتي الذي يحسه الانسان من نفسه، و لا يعرف له مصدرا و لا تفسيرا كالواخز الذي يشعر به حين يفعل أو يحاول أن يفعل قبيحا مع علمه و يقينه بأن ما من أحد يطلع عليه، أو يمكن أن يطلع.. و نحن نعلم ان وخز الضمير يكون- في الغالب- انعكاسا عن تقاليد المجتمع و مقاييسه، أو عن الايمان باللّه و اليوم الآخر.. أو المقصود بالفطرة مجرد استعداد الانسان لأن يقبل الخير حين يعلم بأنه خير، و يرفض الشر حين يعلم بأنه شر.

الجواب: كل هذه المعاني غير مقصودة من الآية، و لا من قول الإمام، و لا من حديث «كل مولود يولد على الفطرة».. و كنت قد اخترت المعنى الأخير للفطرة أي الاستعداد، و قرّبته بنحو من الوضوح و التفصيل في «التفسير الكاشف» ج 6 ص 141.. و الآن، و أنا أشرح «النهج» عدت الى دراسة الموضوع من جديد، و بعد النظر و التأمل عدلت عنه، لأن استعداد الانسان للشر تماما كاستعداده للخير أو أكثر بدليل ان أهل الشر و الضلالة أكثر بكثير من أهل الخير و الهداية.

و الذي أراه الآن و في هذه اللحظة بالذات ان المقصود بالفطرة في الآية الكريمة، و في قول الإمام (ع) و في حديث «كل مولود» هو ان نفس الانسان خلقت صحيفة بيضاء لا شي ء فيها، و لا توحي بشي ء على الاطلاق، و لكنها تقبل كل ما يكتب فيها و يرسم سواء أ كان وحيا من الرحمن، أم كان تضليلا من الشيطان..

و بالبداهة ان الوحي من خالق الفطرة و هو وحده الذي يجب أن يرسم فيها ما يرسم، و أن تؤمن به و تعمل.

و يدلنا على صحة هذا التفسير ان الانسان يولد، و لا يولد معه شي ء إلا حواسه الخمس، و معدة تطلب الطعام و الشراب- كما هو المشاهد- بالحس و الوجدان، ثم يكتسب معارفه مما يحيط به شيئا فشيئا عن طريق هذه الحواس.. و في أقوال أهل البيت (ع) ما يعزز ذلك و يدل عليه، قال صاحب مجمع البيان: روى أصحابنا عن الإمام الباقر: «ان الناس كانوا قبل نوح أمة واحدة على فطرة اللّه، لا مهتدين و لا ضالين، فبعث اللّه النبيين».

و سياق الآية يدل على صحة التفسير الذي اخترناه للفطرة، بل و يفرضه، لأن الآية الكريمة وردت بعد قوله تعالى:وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ.. وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً.. وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ- الى قوله-وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ.. وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى .. بعد هذا البيان الطويل عن انشاء الخلق و إعادته، و بعد ذكر الفطرة- قال سبحانه:ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ أي ان الدين الحنيف القيّم الذي يجب أن تأخذ به فطرة الانسان هو الايمان باللّه الذي يبدأ الخلق ثم يعيده، لا الشرك أو اليهودية أو النصرانية، و ما الى ذلك مما لا مصدر له إلا تضليل الأبوين، و فساد المجتمع، و لكن أكثر الناس يجهلون الدين الحنيف، و يدينون بغير الحق، دين الآباء و الأجداد.

و هذا المعنى هو المراد أيضا من حديث «كل مولود». و عليه يحمل قول الإمام. «ليستأدوهم ميثاق فطرته» أي ان الأنبياء طلبوا من الناس أن يؤمنوا و يعملوا بما أوحاه سبحانه الى الفطرة على لسان أنبيائه، و ليس معناه- كما يظن- ان الأنبياء طلبوا من الناس أن يؤمنوا بما توحيه الفطرة نفسها.. كلا، لأنها صحيفة بيضاء لا توحي بشي ء على الإطلاق.

(و يذكروهم منسي نعمته، و يحتجوا عليهم بالتبليغ، و يثيروا لهم دفائن العقول، و يروهم الآيات المقدرة من سقف فوقهم مرفوع، و مهاد تحتهم موضوع).

هذا تحديد لمهمة الأنبياء و وظيفتهم، و هي التذكير بأنعم اللّه على عباده، و الاحتجاج عليهم بإرشاده الى أن يفكروا و يتأملوا في خلق اللّه و آثاره الدالة على قدرته و عظمته

(و معايش تحييهم، و أوصاب تهرمهم، و أحداث تتابع عليهم). و أيضا من وظيفة الأنبياء أن يرشدوا الناس الى مذاهب الحياة المشروعة، و يحذروهم من الحرام، لأن الدنيا- على آلامها و أحزانها- ماضية بهم الى الزوال.

و بهذا يتبين معنا ان وظيفة الأنبياء هي الانذار و التبشير، و انهم لا يملكون لأحد نفعا و لا ضرا، و ما زاد على ذلك من غرائب الأوصاف، و عجائب الصور فليس من الدين في شي ء.

(و لم يخل سبحانه خلقه من نبي مرسل، أو كتاب منزل، أو حجة لازمة، أو محجة قائمة). لا تقوم الحجة للّه على خلقه إلا بعد البيان منه تعالى، و المعصية من العبد، و ليس من الضروري أن يكون البيان من رسول اللّه مشافهة و وجها لوجه، بل يكون أيضا بكتاب اللّه كالقرآن، و بالسنة الثابتة عن رسول اللّه، و هي المراد من المحجة القائمة، أما المقصود من قوله (ع): الحجة اللازمة فهو العقل، أو المعصوم الذي أشار اليه فيما يأتي من كلامه: «لا تخلو الأرض من قائم بحجة، إما ظاهرا مشهورا، و اما خائفا مغمورا».

(رسل لا تقصر بهم قلة عددهم). أي ان عدد الرسل، و إن كان قليلا فإنهم قاموا بمهمة التبليغ على وجهها، و العبرة بالكيفية، لا بالكمية. و هناك بعض الروايات في عدد الأنبياء، و لكن لا نعرف مكانها من الصحة، بل لا تهمنا معرفتها ما دام القرآن أهمل الاشارة الى العدد:وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ- 164 النساء. و اذن فعلام الفضول (و لا كثرة المكذبين لهم). لاقى الأنبياء الكثير من المترفين الطغاة، و ما أكثرهم في كل عصر.. و لكن الأنبياء صبروا صبر الأحرار في سبيل التبليغ و القيام بواجبه، و من أقوال الإمام: لا يزيدني كثرة الناس حولي عزة، و لا تفرّقهم عني وحشة.

(من سابق سمى له من بعده). أي ان اللّه سبحانه أخبر و سمى للنبي السابق الذي ذهب بذهاب زمانه، سمى له النبي الذي يأتي بعده (أو غابر) الباقي الموجود بالفعل، قال تعالى:فَأَنْجَيْناهُ وَ أَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ- 83 الأعراف أي من الذين بقوا في ديارهم فهلكوا (عرفه من قبله). بشّر السابق به، كما بشّر عيسى (ع) بمحمد (ص): «و إذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل اني رسول اللّه اليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة و مبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد- 6 الصف».

(على ذلك نسلت القرون، و مضت الدهور، و سلفت الآباء، و خلفت الأبناء).

ذلك اشارة الى ما تقدم من قوله: «لم يخل سبحانه خلقه من نبي» إلخ. و في هذا المعنى قوله تعالى:سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا- 77 الإسراء.

شرح منهاج البراعة خویی

الفصل الرابع عشر

فأهبطه إلى دار البليّة و تناسل الذّرّيّة، و اصطفى من ولده أنبياء أخذ على الوحى ميثاقهم، و على تبلغ الرّسالة أمانتهم، لمّا بدّل أكثر خلقه عهد اللّه إليهم، فجهلوا حقّه، و اتّخذوا الأنداد معه، و اجتالتهم الشّياطين عن معرفته، و اقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله، و واتر إليهم أنبيائه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، و يذكّروهم منسيّ نعمته، و يحتجّوا عليهم بالتّبلغ، و يثيروا لهم دفاين العقول، و يروهم آيات المقدرة من سقف فوقهم مرفوع، و مهاد تحتهم موضوع، و معايش تحييهم، و اجال تفنيهم، و أوصاب تهرمهم، و أحداث تتتابع عليهم.

اللغة

(هبط) الماء و غيره هبطا من باب ضرب نزل و في لغة قليلة يهبط هبوطا من باب قعد و هبطته أنزلته يتعدى و لا يتعدى و (البليّة) كالبلاء و البلوى اسم من الابتلاء بمعنى الامتحان و (التّناسل) التّوالد و (الذّريّة) و النّسل و الولد نظائر و تكون الذّرية واحدا و جمعا و فيها ثلاث لغات أفصحها ضمّ الذّال و بها قرء السّبعة في الآيات القرآنية، و الثّانية كسرها، و يروى عن زيد بن ثابت، و الثّالثة فتح الذّال مع تخفيف الرّاء وزان كريمة و بها قرء أبان بن عثمان و تجمع على ذرّيات و الذّراري و في أصلها أربعة مذاهب: من الذّرء بالهمز من ذرء اللّه الخلق، و من الذّر و الذّرو و الذّري، فعلى الأوّل وزنها فعيلة أبدلت الهمزة ياء كبريّة، و على الثّاني وزنها فعلية كقمريّة أو فعّيلة نحو ذرّيرة، فلمّا كثرت الرّاآت أبدلت الأخيرة ياء و ادغم الياء الاولى فيها، نحو سريّة فيمن أخذها من السرّ، و هو النّكاح، أو فعّولة نحو ذرورة فابدلوا الرّاء الأخيرة لما ذكرناه فصار ذروية ثمّ ادغمت الواو في الياء فصار ذريّة، و على الثالث فوزنها فعولة، و على الرّابع فعيلة و (الأنداد) جمع النّد و هو المثل و (اجتالتهم) من الجولان أى ادارتهم و (الشّياطين) جمع الشّيطان من الشّطن و هو البعد، قال الزمخشري في محكى كلامه: قد جعل سيبويه نون الشّيطان في موضع من كتابه أصليّة و في آخر زائدة، و الدّليل على أصالتها قولهم: تشيطن، و اشتقاقه من شطن اذا بعد لبعده عن الصّلاح و الخير، و من شاط إذا بطل إذا جعلت نونه زائدة و (واتر) من المواترة و هي المتابعة، قيل: و لا يكون المواترة بين الأشياء إلّا إذا وقعت بينها فترة، و إلّا فهي مداركة و مواصلة و (أثار) الغبار يثيره هيجه و أثاروا الأرض في الاية الشريفة أى قلّبوها للزّراعة و (المقدرة) بفتح الميم و حركات الدّال كالقدرة مصدر من قدر عليه إذا قوى و (المهاد) الفراش و البساط و (الأوصاب) جمع الوصب و هو المرض و الوجع و (أهرمه) إذا أضعفه من هرم هرما من باب تعب كبر و ضعف و رجل هرم ككتف و امراة هرمة و (الاحداث) جمع الحدث بفتحتين و هو الامور الحادثة، و خصّت في العرف بالنّوايب المتجددة و المصايب الحادثة

الاعراب

و تناسل الذّريّة بالجرّ عطف على البليّة، و جملة أخذ على الوحى اه في محلّ النّصب على الحاليّة من فاعل أخذ أو مفعوله، و لما في قوله عليه السّلام: لمّا بدّل، ظرفيّة بمعنى حين أو بمعنى إذ و تختصّ بالماضي و بالاضافة إلى الجملة فتقتضي جملتين وجدت ثانيتهما عند وجود اوليهما و تقدير الكلام: لمّا بدل أكثر خلقه عهد اللّه اصطفى من ولده أنبياء، و العامل فيها الجواب المقدّم، و آيات المقدرة بالاضافة و في بعض النّسخ الايات المقدرة بالتّوصيف، و من سقف بيان للايات

المعنى

ثمّ انّ آدم لمّا أكل من الشّجرة أخرجه اللّه سبحانه من الجنّة (فاهبطه) أى أنزله (إلى دار البليّة) و المراد بالاهباط على تقدير كون آدم عليه السّلام في جنّة السّماء واضح، و أمّا على تقدير كونه في جنّة الدّنيا كما هو الأظهر لما قد مرّ، فالمراد بالاهباط هو الانتقال من بقعة إلى بقعة كما في قوله تعالى: اهبطوا مصرا، و المراد بدار البليّة هو دار الدّنيا، لأنّ اللّه سبحانه قد جعل فيه البلاء أدبا للظالم و امتحانا للمؤمن و درجة للأنبياء و كرامة للأولياء على ما ورد في الخبر ثمّ إنّ أوّل بقعة هبط إليها آدم هي الصّفا على ما مرّ فى الأخبار، و في بعض الأخبار هي جبل سرانديب كما مرّ أيضا و هو جبل بأعلى الصّين في أرض الهند يراه البحريّون من مسافة أيّام، و فيه على ما نقل أثر قدم آدم مغموسة، و نقل أنّ الياقوت الأحمر موجود في هذا الجبل تحدرها السيول و الأمطار من ذروته الى الحضيض و به يوجد الماس أيضا و يوجد العود.

و قد كان هبوط آدم بعد غروب الشّمس على ما رواه عليّ بن ابراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن أبي جعفر عليه السّلام، قال: كان عمر آدم عليه السّلام من يوم خلقه اللّه إلى يوم قبضه تسعمائة و ثلاثين سنة، و دفن بمكة و نفخ فيه يوم الجمعة بعد الزّوال، ثم برء زوجه من أسفل أضلاعه«» و أسكنه جنّته من يومه ذلك، فما استقرّ فيها إلّا ست ساعات من يومه ذلك حتى عصى اللّه و أخرجهما من الجنّة بعد غروب الشّمس و ما بات فيها.

و في الفقيه عن الحسين بن العلاء عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّه لمّا اهبط آدم من الجنّة ظهرت به شامة سوداء«» من قرنه إلى قدمه فطال حزنه و بكاؤه لما ظهر به فأتاه جبرئيل فقال: له ما يبكيك يا آدم فقال: لهذه الشّامة التي ظهرت بي قال: قم يا آدم فصل فهذا وقت الصّلاة الاولى، فقام فصلى فانحطت الشّامة إلى عنقه، فجائه في الصّلاة الثّانية فقال: يا آدم قم فصل فهذا وقت الصّلاة الثّانية، فقام فصلى فانحطت الشّامة إلى سرّته، فجائه في الصّلاة الثّالثة فقال: يا آدم قم فصل فهذا وقت الصّلاة الثّالثة، فقام فصلى فانحطت الشّامة إلى ركبتيه، فجائه في الصّلاة الرّابعة فقال: يا آدم قم فصل فهذا وقت الصّلاة الرّابعة، فقام فصلى فانحطت الشّامة إلى قدميه، فجائه في الصّلاة الخامسة فقال: يا آدم قم فصل فهذا وقت الصّلاة الخامسة، فقام فصلى فخرج منها، فحمد اللّه و أثنى عليه فقال جبرئيل: يا آدم مثل ولدك في هذه الصّلاة كمثلك في هذه الشّامة، من صلّى من ولدك في كلّ يوم و ليلة خمس صلوات خرج من ذنوبه كما خرجت من هذه الشّامة.

و في الوسائل في باب تحريم العصير العنبي باسناده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه لما أهبط آدم أمره بالحرث و الزّرع و طرح غرسا عليه من غرس الجنّة فأعطاه النّخل و العنب و الزّيتون و الرّمان فغرسها لعقبه و ذرّيته، فأكل هو من ثمارها فقال إبليس: ائذن لي ان آكل منه شيئا فأبى أن يطعمه فجاء عند آخر عمر آدم، فقال لحوّاء: قد أجهدني الجوع و العطش اريدان تذيقني من هذه الثّمار، فقالت له: إنّ آدم عهد إلىّ أن لا أطعمك شيئا من هذا الغرس و أنّه من الجنّة و لا ينبغي لك أن تأكل منه، فقال لها: فاعصري منه في كفي شيئا، فأبت عليه، فقال: ذريني أمصّه و لا آكله، فأخذت عنقودا من عنب فأعطته فمصّه و لم يأكل منه لما كانت حوّاء قد اكدت عليه، فلمّا ذهب يعض عليه اجتذبته حوّاء من فيه، فأوحى اللّه إلى آدم إنّ العنب قد مصّه عدوّي و عدوّك إبليس و قد حرّمت عليك من عصيره الخمر ما خالطه نفس ابليس فحرمت الخمر، لأنّ عدوّ اللّه إبليس مكر بحواء حتّى أمصّته العنبة، و لو أكلها لحرّمت الكرمة من أوّلها إلى آخرها و جميع ثمارها و ما يخرج منه، ثم إنّه قال لحوّاء: لو أمصصتني شيئا من التمر كما أمصصتني من العنب، فأعطته تمرة فمصّها إلى أن قال«» ثم إن ابليس ذهب بعد وفاة آدم فبال في أصل الكرمة و النّخلة، فجرى الماء في عودهما ببول عدوّ اللّه، فمن ثم يختمر العنب و الكرم، فحرّم اللّه على ذرّية آدم كل مسكر، لأنّ الماء جرى ببول عدوّ اللّه في النّخلة و العنب و صار كلّ مختمر خمرا لأنّ الماء اختمرت في النّخلة و الكرمة من رائحة بول عدوّ اللّه هذا.

و قد استطرفت هذه الأخبار لكونها غير خالية عن المناسبة للمقام مع ما فيها من الاشارة إلى بعض ما ابتلى به آدم عليه السّلام بعد إهباطه إلى دار البلية.

و من أعظم ما ابتلي به قتل هابيل و لقد رثى له بما رواه في العيون باسناده عن الرّضا عن آبائه عليهم السّلام في حديث الشّامي مع أمير المؤمنين عليه السّلام و سأله عن أوّل من قال الشّعر: فقال عليه السّلام: آدم عليه السّلام، فقال: و ما كان شعره قال عليه السّلام:

لمّا انزل من السّماء إلى الأرض فرأى تربتها و سعتها و هواها، و قتل قابيل هابيل قال آدم عليه السّلام:

تغيّرت البلاد و من عليهافوجه الارض مغبّر قبيح

تغيّر كل ذي لون و طعم و قلّ بشاشة الوجه المليح

و ما لي لا اجود بسكب دمعو هابيل تضمّنه الضّريح

ارى طول الحياة علىّ غماو هل انا من حياتي مستريح

قتل قابيل هابيل أخاهفوا حزنا لقد فقد المليح

فأجابه ابليس لعنه اللّه

تنحّ عن البلاد و ساكنيهافبي في الخلد ضاق بك الفسيح

و كنت بها و زوجك في قرارو قلبك من أذى الدّنيا مريح

فلم تنفكّ من كيدي و مكريالى ان فاتك الثّمن الربيح

و بدّل أهلها أثلا و خمطابجنّات و أبواب متيح

«» فلو لا رحمة الجبار أضحىبكفّك من جنان الخلد ريح

هذا و قوله عليه السّلام (و تناسل الذرّية) أى أهبطه إلى دار توالد الاولاد من البنات و البنين.

و قد اختلف في ابتداء التّناسل فذهب المجوس المجوّزون لنكاح المحارم إلى أنّ آدم زوّج البنات للبنين فحصل التّناسل و كثر الخلق.

و في الآثار أنّهم كان لهم ملك فسكر ليلة فوقع على اخته و امّه فلما أفاق ندم و شقّ ذلك عليه و أراد رفع التّعيير عنه، فقال للنّاس: هذا حلال، فامتنعوا عليه فجعل يقتلهم و حفر لهم الاخدود.

الاخدود.

و في خبر آخر عن امير المؤمنين عليه السّلام يأتي في شرح الخطبة الثّانية و التّسعين أنه احتجّ لهم على جوازه بتزويج أولاد آدم و أنّهم قد كانوا ينكحون أخواتهم فقبله جماعة و بقوا عليه إلى الآن.

و وافقهم على ذلك الاعتقاد الفاسد جمهور المخالفين، فانّهم قالوا: إنّ حواء امرأة آدم كانت تلد في كلّ بطن غلاما و جارية، فولدت أوّل بطن قابيل و توأمته اقليميا، و البطن الثّاني هابيل و توأمته ليوذا، فلما أدركوا جميعا أمر اللّه تعالى أن ينكح قابيل اخت هابيل و هابيل اخت قابيل، فرضي هابيل و أبى قابيل، لأنّ اخته كانت حسناء، و قال: ما أمر اللّه سبحانه بهذا و لكن هذا من رأيك فأمرهما آدم أن يقربا قربانا فرضيا بذلك، فانطلق هابيل إلى أفضل كبش من غنمه و قربه التماسا لوجه اللّه تعالى و مرضاة أبيه، و أمّا قابيل فانّه قرّب الزّوان الذي يبقى في البيدر الذي لا يستطيع أن يدسه، فقرّب ضغثا منه لا يريد به وجه اللّه و لا مرضاة أبيه، فقبل اللّه قربان هابيل و أتت نار بيضاء من السّماء فأخذته، ورد على قابيل قربانه، فقال ابليس لعنه اللّه لقابيل: إنّه يكون لهابيل عقب يفتخرون على عقبك، بأن قبل قربان أبيهم فاقتله حتّى لا يكون له عقب، فقتله، و هذا مقالة المخالفين الموافقة لمذهب المجوس لعنهم اللّه.

و أمّا الحقّ الحقيق الذي ينبغي أن يدان به فهو ما ذهب إليه أصحابنا أخذا عن الأخبار المأثورة عن أهل بيت العصمة و الطهارة سلام اللّه عليهم.

منها ما رواه الصّدوق في الفقيه عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام إنّ آدم ولد له شيث و أنّ اسمه هبة اللّه، و هو أوّل وصي اللّه من الادميين في الأرض، ثم ولد له بعد شيث يافث، فلمّا أدركا أراد اللّه أن يبدء بالنّسل ما ترون و أن يكون ما قد جرى به القلم من تحريم ما حرّم اللّه عزّ و جلّ من الاخوات على الاخوة، أنزل بعد العصر في يوم الخميس حوراء من الجنّة اسمها نزلة، فأمر اللّه عزّ و جلّ أن يزوجها من شيث، فزوجها منه، ثم أنزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنّة اسمها منزلة فأمر اللّه عزّ و جلّ أن يزوجها من يافث، فزوّجها منه، فولد لشيث غلام، و ولد ليافث جارية، فأمر اللّه عزّ و جلّ آدم عليه السّلام حين أدركا أن يزوّج ابنة يافث من ابن شيث، ففعل، فولد الصّفوة من النّبيين و المرسلين من نسلهما، و معاذ اللّه أن يكون ذلك على ما قالوا من أمر الاخوة و الأخوات.

و منها ما فيه عن القاسم بن عروة عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السّلام، قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى انزل على آدم حوراء من الجنّة فزوّجها أحد ابنيه و زوّج الأخر ابنة الجان، فما كان في النّاس من جمال كثير أو حسن خلق فهو من الحوراء، و ما كان فيهم من سوء الخلق فهو من ابنة الجانّ و منها ما رواه ابو بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال: لى ما يقول الناس في تزويج آدم ولده قال: قلت يقولون: إنّ حوّاء كانت تلد لآدم في كلّ بطن غلاما و جارية، فتزوّج الغلام الجارية التي من البطن الآخر الثّاني و تزوّج الجارية الغلام الذي من البطن الاخر الثّاني حتى توالدوا، فقال أبو جعفر عليه السّلام: و ليس هذا كذاك، أيحجّكم المجوس، و لكنّه لمّا ولد آدم هبة اللّه و كبر سأل اللّه أن يزوّجه، فأنزل اللّه حوراء من الجنّة فزوّجها إيّاه فولدت له أربعة بنين، ثم ولد آدم ابنا آخر فلما كبر أمره فتزوّج إلى الجان فولد أربع بنات فتزوّج بنو هذا بنات هذا، فما كان من جمال فمن قبل الحور، و ما كان من حلم فمن قبل آدم، و ما كان من حقد فمن قبل الجان، فلما توالدوا صعد الحوراء إلى السّماء.

و منها ما رواه الصّدوق أيضا باسناده عن مسمع عن زرارة قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن بدء النّسل من آدم كيف كان هو و عن بدء النّسل من ذرّية آدم فانّ أناسا عندنا يقولون: إنّ اللّه تبارك و تعالى أوحى إلى آدم أن يزوّج بناته بنيه و انّ هذا كلّه أصله من الاخوة و الأخوات، فقال ابو عبد اللّه عليه السّلام: تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا، يقول من قال هذا: بأنّ اللّه عزّ و جلّ خلق صفوة خلقه و أحبّائه و أنبيائه و رسله و المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات من حرام، و لم يكن له من القدرة ما يخلقهم من حلال، و قد أخذ ميثاقهم على الحلال الطهر الطاهر الطيب، فو اللّه لقد نبئت (بينت خ) أن بعض البهائم تنكرت له اخته، فلما نزا عليها و نزل كشف له عنها، فعلم أنّها اخته أخرج عزموله ثمّ قبض عليه بأسنانه حتّى قطعه فخر ميّتا، و آخر تنكرت له امّه ففعل هذا بعينه، فكيف الانسان في فضله و علمه، غير أنّ جيلا من هذا الخلق الذي ترون رغبوا عن علم أهل بيوتات أنبيائهم و أخذوا من حيث لم يؤمروا بأخذه فصاروا إلى ما ترون من الضّلال و الجهل إلى أن قال عليه السّلام: و حقّا أقول: ما أراد من يقول هذا و شبهه إلّا تقوية حجج المجوس، فما لهم قاتلهم اللّه.

ثمّ أنشأ عليه السّلام يحدّثنا كيف بدء النسل من آدم و كيف كان بدء النّسل من ذريته، فقال: إنّ آدم صلوات اللّه عليه ولد له سبعون بطنا في كلّ بطن غلام و جارية إلى أن قتل هابيل، فلما قتل هابيل جزع آدم جزعا شديدا قطعه عن إتيان النّساء فبقى لا يستطيع أن يغشي حوّاء خمسمائة عام، ثم تجلى ما به من الجزع عليه فغشى حوّاء، فوهب اللّه شيثا وحده ليس معه ثان، و اسم شيث هبة اللّه، و هو أوّل ما أوصى إليه من الآدميّين في الأرض، ثمّ ولد له من بعد شيث يافث ليس معه ثان، فلمّا أدركا و أراد اللّه أن يبلغ النّسل ما ترون و أن يكون ما جرى به القلم من تحريم ما حرم اللّه عزّ و جلّ من الاخوات على الاخوة، أنزل اللّه بعد العصر في يوم الخميس حوراء من الجنّة اسمها نزلة فأمر اللّه أن يزوّجها من شيث إلى آخر ما مرّ في الحديث الأوّل.

و يمكن الجمع بين هذه الأخبار المختلفة ظاهرا بأن يكون ليافث زوجتان: إحداهما حوراء، و الاخرى جنيّة، أو يكون الولد المتزوّج بالجنّية غير شيث و يافث هذا.

و لم يستفد من الرّوايات أحوال بنات آدم فلا بدّ إمّا من بقائهن بلا زوج، و إمّا من جواز تزويج العمات دون الأخوات، و هو بعيد أيضا و اللّه العالم (و) كيف كان فانّ اللّه سبحانه لمّا أهبط آدم إلى دار الدّنيا و بدء بالنّسل و الأولاد (اصطفى من ولده أنبياء أخذ على الوحى ميثاقهم و على تبليغ الرّسالة أمانتهم) أى أخذ منهم العهد و الميثاق على أداء الوحى اليهم من الاصول و الفروع، و أخذ الأمانة منهم على تبليغ الرّسالة و نشر الشّرايع و الأحكام و ابلاغها إلى امتهم كما قال سبحانه:«وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ- الآية».

و توضيح هذا الأخذ ما رواه في الكافي كالبحار من تفسير العياشي باسنادهما عن أبي حمزة الثّمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال لمّا أكل آدم من الشّجرة اهبط إلى الأرض فولد له هابيل و اخته توام، ثمّ إنّ آدم أمر هابيل و قابيل أن يقرّبا قربانا، و كان هابيل صاحب غنم و كان قابيل صاحب زرع، فقرّب هابيل كبشا من أفاضل غنمه، و قرّب قابيل من زرعه ما لم ينق، فتقبل قربان هابيل و لم يتقبل قربان قابيل و هو قول اللّه عزّ و جلّ:«وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ- الآية».

و كان القربان تأكله النّار، فعمد قابيل إلى النّار فبنى لها بيتا و هو أوّل من بنى بيوت النّار، فقال: لأعبدنّ هذه النّار حتّى يتقبل منّي قرباني، ثمّ إنّ ابليس لعنه اللّه أتاه و هو يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق، فقال له: يا قابيل قد تقبل قربان هابيل و لم يتقبل قربانك، و إنك إن تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك و يقولون نحن أبناء الذي تقبل قربانه، و أنتم أبناء الذي ترك قربانه، فاقتله كيلا يكون له عقب يفتخرون على عقبك، فقتله، فلما رجع قابيل إلى آدم عليه السّلام قال له: يا قابيل أين هابيل قال: اطلب (اطلبوه خ ل) حيث قرّبنا القربان، فانطلق آدم فوجد هابيل مقتولا، فقال آدم: لعنت من أرض«» كما قبلت دم هابيل و بكى آدم صلى اللّه عليه على هابيل أربعين ليلة، ثمّ إنّ آدم سأل ربّه ولدا فولد له غلام فسمّاه هبة اللّه لأنّ اللّه عزّ و جلّ وهبه له، و اخته«» توأم فلما انقضت نبوة آدم و استكمل أيّامه أوحى اللّه عزّ و جلّ إليه يا آدم قد قضيت نبوتك و استكملت أيّامك فاجعل العلم الذي عندك و الايمان و الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة في العقب من ذرّيتك عند هبة اللّه ابنك، فاني لم أقطع العلم و الايمان و الاسم الأكبر و آثار علم النّبوة من العقب من ذرّيتك إلى يوم القيامة و لن أدع الأرض إلّا و فيها عالم يعرف به ديني و يعرف به طاعتي، و يكون نجاة لما يولد فيما بينك و بين نوح.

و بشر آدم بنوح، و قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى باعث نبيّا اسمه نوح و أنّه يدعو إلى اللّه عزّ ذكره، و يكذبه قومه، فيهلكهم اللّه بالطوفان، و كان بين آدم و بين نوح عشرة آباء أنبياء و أوصياء كلهم، و أوصى آدم إلى هبة اللّه أن من أدركه منكم فليؤمن به و ليتبعه و ليصدق به فانّه ينجو من الغرق.

ثمّ إنّ آدم مرض المرضة التي مات فيها فأرسل هبة اللّه، و قال له إن لقيت جبرئيل أو من لقيت من الملائكة فاقرأه مني السّلام و قل له: يا جبرئيل إنّ أبي يستهديك من ثمار الجنّة، فقال له جبرئيل: يا هبة اللّه إن أباك قد قبض و إنا نزلنا للصلاة عليه «و ما نزلنا الا للصّلاة عليه خ»، فارجع، فرجع فوجد آدم قد قبض فأراه جبرئيل كيف يغسله حتّى إذا بلغ للصّلاة قال هبة اللّه: يا جبرئيل تقدّم فصل على آدم، فقال له جبرئيل: إن اللّه عزّ و جلّ أمرنا أن نسجد لابيك آدم و هو في الجنّة فليس لنا أن نؤمّ شيئا من ولده فتقدم هبة اللّه و صلى على أبيه و جبرئيل خلفه و جنود الملائكة، و كبر عليه ثلاثين تكبيرة، فأمره جبرئيل فرفع من ذلك خمسا و عشرين تكبيرة و السنة اليوم فينا خمس تكبيرات، و قد كان يكبر على أهل بدر تسعا و سبعا.

ثمّ إن هبة اللّه لمّا دفن آدم أتاه قابيل فقال: يا هبة اللّه إنّي قد رأيت أبي آدم قد خصّك من العلم بما لم اخصّ به أنا، و هو العلم الذي دعا به أخوك هابيل فتقبل به قربانه، و إنّما قتلته لكيلا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي فيقولون نحن أبناء الذي تقبّل منه قربانه و أنتم أبناء الذي ترك قربانه، و إنّك إن أظهرت من العلم الذي اختصك به أبوك شيئا قتلتك كما قتلت أخاك هابيل.

فلبث هبة اللّه و العقب من بعده مستخفين بما عندهم من العلم و الايمان و الاسم الاكبر و ميراث النّبوة و آثار علم النّبوة حتّى بعث اللّه نوحا، و ظهرت وصية هبة اللّه حين نظروا في وصيّة آدم، فوجدوا نوحا نبيّا قد بشّر به أبوهم آدم، فآمنوا به و اتّبعوه و صدّقوه، و قد كان آدم أوصى إلى هبة اللّه أن يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة فيكون يوم عيدهم فيتعاهدون بعث نوح و زمانه الذي يخرج فيه، و كذلك في وصية كلّ نبيّ حتّى بعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله، و إنّما عرفوا نوحا بالعلم الذي عندهم، و هو قول اللّه عزّ و جلّ:«وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ- الآية» و كان من بين آدم و نوح من الأنبياء مستخفين، و لذلك خفي ذكرهم في القرآن فلم يسمّوا كما سمّي من استعلن من الأنبياء صلوات اللّه عليهم أجمعين، و هو قول اللّه عزّ و جلّ:«وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ» يعنى لم اسم المستخفين كما سمّيت المستعلنين من الأنبياء عليهم السّلام، فمكث نوح صلّى اللّه عليه في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما لم يشاركه في نبوّته أحد، و لكنه قدم على قوم مكذّبين للأنبياء عليهم السّلام الذين كانوا بينه و بين آدم صلى اللّه عليه و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ:«كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ» يعنى من كان بينه و بين آدم إلى أن انتهى إلى قوله عزّ و جل:«وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ» ثمّ إنّ نوحا لما انقضت نبوّته و استكمل أيّامه، أوحى اللّه عزّ و جلّ إليه أن يا نوح قد قضيت نبوّتك و استكملت أيّامك فاجعل العلم الذي عندك و الايمان و الاسم الاكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوّة في العقب من ذريتك، فانّي لن أقطعها كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء صلوات اللّه عليهم التي بينك و بين آدم عليه السّلام و لن أدع الأرض إلّا و فيها عالم يعرف به ديني و يعرف به طاعتي و يكون نجاة لمن يولد فيها بين قبض النّبيّ إلى خروج النبيّ الآخر.

و بشّر نوح ساما بهود، فكان فيما بين نوح و هود من الأنبياء عليهم السّلام و قال نوح: إنّ اللّه باعث نبيا يقال له: هود و انّه يدعو قومه الى اللّه عزّ و جل فيكذّبونه و اللّه عزّ و جلّ مهلكهم بالرّيح، فمن أدركه منكم فليؤمن به و ليتبعه فان اللّه عزّ و جلّ ينجيه من عذاب الرّيح. و أمر نوح عليه السّلام ابنه ساما أن يتعاهد هذه الوصيّة عند رأس كلّ سنة، فيكون يومئذ عيدا لهم فيتعاهدون و فيه ما عندهم من العلم و الايمان و الاسم الأكبر و مواريث العلم و آثار علم النّبوة، فوجدوا هودا نبيا و قد بشّر به أبوهم نوح عليه السّلام فآمنوا به و اتّبعوه و صدّقوه فنجوا من عذاب الرّيح، و هو قول اللّه عزّ و جلّ.

«وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً» و قوله عزّ و جلّ:«كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَ لا تَتَّقُونَ» و قال تبارك و تعالى:«وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ» و قوله:«وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا» لنجعلها في أهل بيته«وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ» لنجعلها في أهل بيته.

و أمر العقب من ذرّيته الأنبياء عليهم السّلام من كان قبل ابراهيم لابراهيم عليه السّلام، فكان بين إبراهيم و هود من الأنبياء صلوات اللّه عليهم و هو قول اللّه عزّ و جلّ.

«وَ ما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ» و قوله عز ذكره:«فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَ قالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي» و قوله عزّ و جلّ:«وَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ» فجرى بين كلّ نبيّين عشرة أنبياء و تسعة و ثمانية أنبياء كلهم أنبياء، و جرى لكل نبيّ كما جرى لنوح عليه السّلام، و كما جرى لآدم و هود و صالح و شعيب و ابراهيم صلوات اللّه عليهم.

حتّى انتهت إلى يوسف بن يعقوب عليه السّلام، ثم صارت من بعد يوسف في أسباط اخوته.

حتّى انتهت إلى موسى عليه السّلام فكان بين يوسف و بين موسى من الأنبياء، فأرسل اللّه موسى و هارون الى فرعون و هامان و قارون، ثم ارسل الرّسل:«تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَ جَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ» و كانت بنو إسرائيل يقتل نبيّ... اثنان قائمان و يقتلون اثنين و أربعة قيام، حتّى أنّه كان ربّما قتلوا في اليوم الواحد سبعين نبيّا، و يقوم سوق قتلهم آخر النهار، فلمّا نزلت التّوراة على موسى عليه السّلام، بشّر بمحمد صلّى اللّه عليه و آله، و كان بين يوسف و موسى من الأنبياء، و كان وصيّ موسى يوشع بن نون عليهما السّلام، و هو فتاه الذي ذكره اللّه في كتابه.

فلم تزل الأنبياء تبشّر بمحمد صلّى اللّه عليه و آله، حتّى بعث اللّه تبارك و تعالى المسيح عيسى بن مريم فبشر بمحمد صلّى اللّه عليه و آله، و ذلك قوله تعالى «يجدونه» يعني اليهود و النّصارى «مكتوبا» يعني صفة محمّد صلّى اللّه عليه و آله «عندهم» يعني في التّوراة و الإنجيل «يأمرهم بالمعروف و ينهيهم عن المنكر» و هو قول اللّه عزّ و جلّ يخبر عن عيسى عليه السّلام:«وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ» و بشّر موسى و عيسى بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله، كما بشّر الأنبياء بعضهم ببعض، حتّى بلغت محمّدا.

فلما قضى محمّد صلّى اللّه عليه و آله نبوّته و استكمل أيامه أوحى اللّه تبارك و تعالى إليه أن يا محمّد قد قضيت نبوتك و استكملت أيّامك، فاجعل العلم الذي عندك و الايمان و الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النّبوة في أهل بيتك، عند عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فانّي لم أقطع العلم و الايمان و الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النّبوة من العقب من ذريّتك، كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك و بين أبيك آدم، و ذلك قول اللّه تعالى:(إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) و انّ اللّه تبارك و تعالى لم يجعل العلم جهلا، و لم يكل أمره إلى أحد من خلقه، لا إلى ملك مقرّب و لا إلى نبيّ مرسل، و لكنّه أرسل رسولا من ملائكته، فقال له: قل كذا و كذا، فأمرهم بما يحبّ و نهيهم عمّا يكره، فقص عليهم امر خلقه بعلم، فعلم ذلك العلم و علم أنبيائه و أصفيائه من الأنبياء و الأخوان و الذّرية التي بعضها من بعض، فذلك قوله عزّ و جل:(فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) فأمّا الكتاب فهو النّبوة، و أمّا الحكمة فهم الحكماء من الأنبياء من الصفوة و أمّا الملك العظيم فهم الأئمة من الصّفوة، و كلّ هؤلاء من الذرية التي بعضها من بعض، و العلماء الذين جعل فيهم البقية و فيهم الباقية و حفظ الميثاق حتّى تنقضي الدّنيا، و العلماء و لولاة الامر استنباط العلم و للهداة فهذا شأن الفضل من الصفوة و الرسل و الأنبياء و الحكماء و أئمه الهدى و الخلفاء الذين هم ولاة أمر اللّه عز و جل، و استنباط علم اللّه و أهل آثار علم اللّه من الذّريّة التي بعضها من بعض من الصّفوة بعد الأنبياء عليهم السّلام من الآباء و الاخوان و الذّريّة من الأنبياء.

فمن اعتصم بالفضل انتهى بعلمهم و نجا بنصرتهم، و من وضع ولاة أمر اللّه تبارك و تعالى في غير الصّفوة من بيوتات الأنبياء صلوات اللّه عليهم، فقد خالف أمر اللّه جلّ و عزّ و جعل الجهّال ولاة أمر اللّه و المتكلّفين بغير هدى من اللّه عزّ و جلّ، و زعموا أنّهم أهل استنباط علم اللّه، فقد كذّبوا على اللّه تبارك و تعالى و رسوله، و رغبوا عن وصيّته و طاعته، و لم يضعوا فضل اللّه حيث وضعه اللّه تبارك و تعالى، فضلّوا و أضلّوا أتباعهم و لم يكن لهم حجّة يوم القيامة إنّما الحجّة في آل إبراهيم عليه السّلام، لقول اللّه عزّ ذكره:(فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) فالحجّة الأنبياء صلوات اللّه عليهم و أهل بيوتات الأنبياء عليهم السّلام حتّى يقوم السّاعة، لأنّ كتاب اللّه ينطق بذلك وصيّة اللّه بعضها من بعض الذي وضعها على النّاس، فقال جلّ و عزّ:(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ) و هي بيوت الأنبياء و الرّسل و الحكماء و أئمة الهدى، فهذا بيان عروة الايمان التي نجا بها من نجا قبلكم و بها ينجو من يتبع الأئمة، و قال اللّه عزّ و جلّ في كتابه:(وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى وَ إِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ يُونُسَ وَ لُوطاً وَ كلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ، وَ مِنْ آبائِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ إِخْوانِهِمْ وَ اجْتَبَيْناهُمْ وَ هَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ...،أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ)

فانّه و كل بالفضل من أهل بيته و الأخوان و الذّرية، و هو قول اللّه تبارك و تعالى: إن يكفر به امّتك فقد وكلنا أهل بيتك بالايمان الذي أرسلتك به، فلا يكفرون به أبدا و لا اضيع الايمان الذي أرسلتك به من أهل بيتك من بعدك علماء امّتك و ولاة امرى بعدك و أهل استنباط العلم الذي ليس فيه كذب و لا إثم و لا زور و لا بطر و لا رياء، فهذا بيان ما ينتهى إليه أمر هذه الامة إنّ اللّه عزّ و جلّ طهر أهل بيت نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سألهم أجر المودة و أجرى لهم الولاية و جعلهم أوصيائه و أحبائه ثانية بعده في امّته، فاعتبروا أيّها النّاس فيما قلت: حيث وضع اللّه عزّ و جل ولايته و طاعته و مودته و استنباط علمه و حججه، فايّاه فتقبلوا به، و به فاستمسكوا تنجوا به، و يكون لهم الحجّة يوم القيامة و طريق ربّكم جلّ و عز، لا يصل ولاية إلى اللّه عزّ و جلّ إلا بهم، فمن فعل ذلك كان حقا على اللّه أن يكرمه و لا يعذّبه، و من يأت اللّه عزّ و جلّ بغير ما أمره كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يذله و أن يعذّبه.

أقول: لا يخفى على الفطن العارف ما في هذه الرّواية الشريفة من النّكات الرّايقة و الأسرار الفايقة و المطالب المهمة و المسائل المعظمة، و بالغور فيها يمكن استخراج بعض ما تضمنته من كنوز الاسرار، و بالتّوسل بها يمكن الوصول إلى رموز المعارف و حقائق الأنوار، و إنّما ذلك في حقّ من امتحن قلبه بنور العرفان و الايمان، و صفى ذهنه من كدورات الشبهات و ظلمات الأوهام، و ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء و اللّه ذو الفضل العظيم و قوله عليه السّلام (لما بدّل أكثر خلقه عهد اللّه اليهم) يعني إذ بدّل أكثر الخلق عهد اللّه و ميثاقه الماخوذ عليهم في باب التوحيد و المعرفة و النّبوة و الولاية حسبما اشير إليه في الاية الشريفة و الأخبار المتواترة قال سبحانه:«وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَ كُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ».

قال أكثر المفسّرين و أهل الأثر: إنّ اللّه أخرج ذريّة آدم من صلبه كهيئة الذّر«» فعرضهم على آدم و قال: إنّي آخذ على ذريّتك ميثاقهم أن يعبدوني و لا يشركوا بي شيئا و علىّ أرزاقهم، ثمّ قال: أ لست بربّكم قالوا: بلى شهدنا أنّك ربّنا، فقال للملائكة: اشهدوا، فقالوا: شهدنا.

و قيل: إنّ اللّه جعلهم فهماء عقلاء يسمعون خطابه و يفهمونه، ثمّ ردّهم إلى صلب آدم و النّاس محبوسون بأجمعهم حتّى يخرج كلّ من أخرجه في ذلك الوقت و كلّ من ثبت على الإسلام فهو على الفطرة الأولى، و من كفر و جحد فقد تغيّر على الفطرة الأولى.

و ردّ المحقّقون هذا التّفسير بوجوه«» كثيرة تنيف على عشرة.

و منهم المرتضى رضي اللّه عنه، و قد شدد النكير على ذلك في كتاب الغرر و الدّرر، قال بعد ذكر الآية: و قد ظن بعض من لا بصيرة له و لا فطنة عنده أنّ تأويل هذه الآية أن اللّه استخرج من ظهر آدم عليه السّلام جميع ذريته و هم في خلق الذّر، فقرّرهم بمعرفته و أشهدهم على أنفسهم، و هذا التّأويل مع أنّ العقل يبطله و يحيله، ممّا يشهد ظاهر القرآن بخلافه، لأنّ اللّه قال:«وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ».

و لم يقل من آدم، و قال«مِنْ ظُهُورِهِمْ» و لم يقل من ظهره و قال:«ذُرِّيَّتَهُمْ» و لم يقل ذريّته، ثمّ أخبر تعالى بأنّه فعل ذلك لئلّا يقولوا يوم القيامة إنّهم كانوا عن هذا غافلين أو يعتذروا بشرك آبائهم و أنّهم نشأوا على دينهم و سنّتهم و هذا يقتضي أنّ الآية لم تتناول ولد آدم لصلبه و أنّها تناولت من كان له آباء مشركون، و هذا يدلّ على اختصاصها ببعض ذريّة آدم، فهذا شهادة الظاهر ببطلان تأويلهم.

فأمّا شهادة العقل فمن حيث لا تخلو هذه الذريّة التّي استخرجت من ظهر آدم فخوطبت و قرّرت من أن تكون كاملة العقل مستوفية الشروط أو لا تكون كذلك.

فان كانت بالصّفة الاولى وجب أن يذكر هؤلاء بعد خلقهم و إنشائهم و إكمال عقولهم ما كانوا عليه في تلك الحال و ما قرّروا به و استشهدوا عليه لأنّ العاقل لا ينسى ما جرى هذا المجرى و إن بعد العهد و طال الزّمان، و لهذا لا يجوز أن يتصرف أحدنا في بلد من البلدان و هو عاقل كامل، فينسى مع بعد العهد جميع تصرّفه المتقدم و ساير أحواله، و ليس أيضا لتخلّل الموت بين الحالين تأثير لأنّه لو كان تخلّل الموت يزيل الذكر لكان تخلّل النّوم و السّكر و الجنون و الاغماء بين أحوال العقلاء يزيل الذكر، لما مضى من أحوالهم، لأن ساير ما عددناه ممّا ينفي العلوم يجري مجرى الموت في هذا الباب، و ليس لهم أن يقولوا إذا جاز في العاقل الكامل أن ينسي ما كان عليه في حال الطفوليّة جاز ما ذكرناه، و ذلك انّا إنّما أوجبنا ذكر العقلاء لما ادعوه إذا كملت عقولهم من حيث جرى عليهم و هم كاملوا العقل، و لو كانوا بصفة الأطفال في تلك الحال لم نوجب عليهم ما أوجبناه، على أنّ تجويز النّسيان عليهم ينقض الغرض في الآية، و ذلك إنّ اللّه تعالى أخبر بأنّه إنّما قرّرهم و أشهدهم لئلّا يدّعوا يوم القيامة الغفلة عن ذلك، و سقوط الحجّة عنهم فيه، فاذا جاز نسيانهم له عاد الأمر إلى سقوط الحجّة عنهم و زوالها.

و إن كانوا على الصّفة الثّانية من فقد العلم «العقل خ» و شرايط التّكليف قبح خطابهم و تقريرهم و إشهادهم و صار ذلك عبثا قبيحا تعالى اللّه عنه.

ثمّ قال: فان قيل: قد أبطلتم تأويل مخالفيكم فما تأويلها الصّحيح عندكم قلنا في الاية وجهان أحدهما أن يكون تعالى إنّما عنى بها جماعة من ذريّة بني آدم خلقهم و بلغهم و أكمل عقولهم و قرّرهم على ألسن رسله بمعرفته و ما يجب من طاعته، فأقرّوا بذلك و أشهدهم على أنفسهم به لئلا يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو يعتذروا بشرك آبائهم إلى أن قال: و الجواب الثّاني و هو أحسن أنّه تعالى لما خلقهم و ركبهم تركيبا يدلّ على معرفته و يشهد بقدرته و وجوب عبادته، و أراهم العبر و الايات و الدلايل في غيرهم و في أنفسهم، كان بمنزلة المستشهد لهم على أنفسهم و كانوا في مشاهدة ذلك و معرفته و ظهوره على الوجه الذي أراد اللّه تعالى و تعذّر امتناعهم منه و انفكاكهم من دلالته بمنزلة المقرّ المعترف، و إن لم يكن هناك شهادة و لا اعتراف على الحقيقة إلى آخر ما ذكره، و قد وافقه على الجواب الأخير الزّمخشري في الكشّاف و غيره من المفسّرين.

و اقول: أمّا ما ذكره السّيد (ره) من عدم انطباق ظاهر الاية بما حملوها عليه من وجود عالم أخذ الميثاق و إخراج ذريّة آدم من صلبه كالذر فمسلّم، لكن يتوجّه عليه أنّ ما ذكره من الوجهين في تأويل الاية أيضا كذلك، بل مخالفة الظاهر فيهما أزيد منها في الوجه الذي ذكروه مع عدم شاهد على واحد منهما في شي ء من الأخبار.

و أمّا إنكار أصل هذه القضيّة و الحكم باستحالته بما ذكره من دليل العقل، فلا وجه له و لا يعبأ بالدّليل المذكور قبال الأخبار المتواترة المفيدة لوجود ذلك العالم، بل قد وقع في الأخبار الكثيرة تفسير الاية به أيضا، و الاستقصاء فيها موجب للاطناب الممل إلّا أنّا نذكر شطرا منها تبركا و توضيحا و استشهادا.

منها ما رواه عليّ بن إبراهيم القمي في تفسيره عن ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: و إذ أخذ ربّك، إلى قوله: قالوا بلى، قلت: معاينة كان هذا قال: نعم، فثبتت المعرفة و نسوا الموقف و سيذكرونه فلولا ذلك لم يدر أحد من خالقه و رازقه، فمنهم من أقرّ بلسانه في الذّرّ و لم يؤمن بقلبه، فقال اللّه:

«فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ» و منها ما رواه أيضا عنه عليه السّلام، قال: كان الميثاق مأخوذا عليهم للّه بالرّبوبية و لرسوله بالنّبوة و لامير المؤمنين و الأئمة عليهم السّلام بالامامة، فقال: أ لست بربّكم، و محمّد نبيّكم، و عليّ امامكم، و الائمة الهادون أئمتكم فقالوا: بلى.

و منها ما في البحار عن أمالي الشّيخ عن المفيد باسناده عن جابر عن أبي جعفر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال لعليّ عليه السّلام: أنت الذي احتجّ اللّه بك في ابتدائه الخلق حيث أقامهم أشباحا، فقال لهم: أ لست بربّكم قالوا: بلى، قال: و محمّد رسول اللّه قالوا: بلى، قال: و عليّ أمير المؤمنين فأبى الخلق جميعا استكبارا و عتوّا عن ولايتك إلّا نفر قليل، و هم أقلّ القليل و هم أصحاب اليمين.

و منها ما فيه أيضا من بصائر الدّرجات باسناده عن عبد الرّحمان بن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: و إذ اخذ ربك من بني آدم الاية، قال: أخرج اللّه من ظهر آدم ذريّته إلى يوم القيامة كالذّر فعرفهم نفسه، و لولا ذلك لم يعرف أحد ربّه و قال: أ لست بربّكم قالوا: بلى و أنّ محمّدا رسول اللّه و عليا أمير المؤمنين و منها ما فيه أيضا من كشف الغمة من كتاب الامامة عن الحسن بن الحسين الأنصاري عن يحيى بن العلا عن معروف بن خربوز المكي عن أبي جعفر عليه السّلام، قال: لو يعلم النّاس متى سمّي عليّ أمير المؤمنين لم ينكروا حقّه، فقيل له: متى سمّي فقرأ: و إذ أخذ ربّك إلى قوله أ لست بربّكم قالوا: بلى قال: محمّد رسول اللّه و عليّ أمير المؤمنين.

و منها ما فيه أيضا من تفسير فرات بن إبراهيم عن ابن القاسم معنعنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: و إذ اخذ ربّك من بني آدم إلى آخر الآية، قال: أخرج اللّه من ظهر آدم ذريّته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذّر و عرّفهم نفسه و أراهم نفسه، و لولا ذلك لم يعرف أحد ربّه، قال: أ لست بربكم قالوا: بلى، قال: فانّ محمّدا عبدي و رسولي و أنّ عليّا أمير المؤمنين خليفتي و أميني، و قال النّبي صلّى اللّه عليه و آله: كل مولود يولد على المعرفة بأنّ اللّه تعالى خالقه، و ذلك قوله تعالى:«وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ» إلى غير هذه من الأخبار الكثيرة، و قد عقد المجلسي طاب ثراه بابا فيها في مجلّد الامامة من البحار.

و بالجملة فقد تلخص ممّا ذكرنا أنّ المراد من العهد المأخوذ عن الخلق الذي بدّلوه هو الميثاق المأخوذ عليهم للّه بالرّبوبية و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله بالنبوة و للائمة عليهم السّلام بالولاية، و كذلك المراد بالحق في قوله عليه السّلام (فجهلوا حقّه) هو الحق اللازم على العباد من المعرفة و التّوحيد كما يشهد به رواية معاذ بن جبل التي مضت في ثاني التّذنيبات من رابع فصول الخطبة، قال كنت رفقت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال يا معاذ هل تدري ما حق اللّه على العباد يقولها ثلاثا، قلت: اللّه و رسوله أعلم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حق اللّه عزّ و جل على العباد أن لا يشركوا به شيئا إلى آخر ما مرّ هناك، و يحتمل أن يكون المراد به«» الاعمّ ممّا ذكرنا و من الفروعات، و يشعر به ثالث الجملات المعطوفة«» من قوله: (و اتخذوا الانداد) أى الأمثال (معه و اجتالتهم) أى أدارتهم و صرفتهم (الشّياطين عن معرفته، و اقتطعتهم عن عبادته) أى أقطعتهم كما في بعض النّسخ كذلك، فهم قطاع طريق العباد عن عبادة اللّه سبحانه و تعالى (ف) لمّا كان الحال بهذا المنوال (بعث فيهم) أى أرسل إليهم (رسله، و واتر اليهم أنبيائه) أى أرسلهم متواترا و بين كلّ نبيّين فترة، قال سبحانه:«ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً«»وَ جَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ»

قال الطبرسي في تفسير الاية أى متواترة تتبع بعضهم بعضا، عن ابن عبّاس و مجاهد، و قيل متقاربة الأوقات، و أصله الاتّصال و منه الوتر لاتّصاله بمكانه من القوس و منه الوتر، و هو الفرد عن الجمع المتّصل، قال الأصمعي يقال: و اترت الخبر أتبعت بعضه بعضا و بين الخبرين هنيهة انتهى، و قوله: (ليستأدوهم ميثاق فطرته) إلى قوله: و يروهم آيات المقدرة إشارة إلى الغاية من بعث الرّسل و الثمرة المترتبة على ذلك، و هي على ما ذكره عليه السّلام خمس، و المراد من ميثاق الفطرة هو ميثاق التّوحيد و النّبوة و الولاية.

كما يشهد به ما رواه الصّدوق في التّوحيد باسناده عن عبد الرّحمان بن كثير مولى أبي جعفر عليه السّلام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:«فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها» قال: التّوحيد و محمّد رسول اللّه و عليّ أمير المؤمنين.

و عن ابن مسكان عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام أصلحك اللّه، قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه:«فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها» قال: فطرهم على التّوحيد عند الميثاق على معرفته أنّه ربّهم، قلت: و خاطبوه قال: فطأطأ رأسه ثم قال: لو لا ذلك لم يعلموا من ربّهم و لا من رازقهم.

و عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: فطرة اللّه التي فطر النّاس عليها، ما تلك الفطرة قال: هي الاسلام، فطرهم اللّه حين أخذ ميثاقهم على التّوحيد فقال: أ لست بربّكم و فيهم المؤمن و الكافر، و المراد بالنّعمة في قوله عليه السّلام: (و يذكروهم منسيّ نعمته) إمّا النّعمة التي من بها على العباد في عالم الذّرّ و الميثاق حسبما مرّ، أو جميع النّعم المغفول عنها، و الأوّل هو الظاهر نظرا إلى ظاهر لفظ النّسيان (و يحتجّوا عليهم) أى في يوم القيامة (بالتّبليغ) أى تبليغ الأحكام و نشر الشّرايع و الأديان:

«لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ، وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً» (و يثيروا) أى يهيجوا (لهم دفائن العقول) من شواهد التّوحيد و أدلة الرّبوبيّة كما قال سبحانه:«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ بَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» (و يروهم آيات المقدرة) أى علامات القدرة و شواهدها حتّى ينظروا إليها بنظر الدّقة و الاعتبار و إلّا فالامارات المذكورة ممّا هي بمرئى و مسمع من كلّ أحد لا حاجة فيها إلى الارائة كما هو ظاهر.

ثمّ أشار عليه السّلام إلى ستّ آيات من تلك الآيات و بيّنها بقوله: (من سقف فوقهم مرفوع، و مهاد تحتهم موضوع) كما قال سبحانه:«وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ» و قال:«أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً وَ الْجِبالَ أَوْتاداً» إلى أن قال:«وَ بَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً» و قد مضى في التّذييل الثّاني من تذييلات الفصل الثّامن من فصول هذه الخطبة ما يوجب زيادة البصيرة في المقام فتذكر (و معايش تحييهم، و آجال تفنيهم، و أوصاب تهرمهم) نسبة الاحياء إلى المعايش أى المطعومات و المشروبات التي بها قوام الحياة، و الافناء إلى الآجال، و الاهرام إلى الأوصاب و الامراض من قبيل الاسناد إلى السبب مجازا على حدّ أنبت الرّبيع البقل (و أحداث) أى نوائب حادثة و مصائب متجدّدة (تتتابع عليهم) و في كلّ واحدة من الآيات المذكورة دلالة على أنّ للعالم صانعا قادرا يفعل فيه ما يشاء و يحكم ما يريد، لا رادّ لقضائه و لا دافع عن بلائه.

الترجمة

پس فرو فرستاد او را بسراى محنت و امتحان و بخانه تناسل نسل و زائيدن اولاد، و برگزيد او سبحانه از اولاد او پيغمبران را در حالتى كه اخذ فرمود بر ابلاغ وحى عهد و پيمان ايشان را، و بر رساندن رسالت أمانت آنها را در حينى كه تبديل كردند بيشتر خلايق پيمان خدا را كه بسوى ايشان است، پس جاهل و نادان شدند حقّ او را و فرا گرفتند شريكان و أمثال مر او را، و برگردانيدند ايشان را شياطين از شناخت او، و بريدند ايشان را از پرستش او، پس مبعوث و برانگيخته فرمود در ميان ايشان فرستادگان خود را، و پى در پى فرستاد بسوى ايشان پيغمبران خود را، تا طلب أدا كنند از ايشان عهد فطرت و پيمان خلقت خود را كه مخلوق شده بودند بر آن كه عبارتست از توحيد و معرفت، و تا اين كه ياد آورى نمايند ايشان را نعمتهاى فراموش شده او را و اتمام حجت بكنند بر ايشان با تبليغ و رساندن أحكام، و برانگيزانند از براى ايشان دفينه هاى عقلها و خزاين فهمها، و بنمايند ايشان را علامات قدرت خداوندى را كه آن امارات قدرت عبارتست از آسمانى كه در بالاى ايشان برافراشته و فراشي است كه در زير آنها نگاهداشته، و معيشتهائى است كه زنده مى دارد ايشان را، و اجلهائى كه فانى مى سازد ايشان را، و بيماريهائى كه پير فانى مى گرداند ايشان را، و مصيبتهائيكه پى در پى مى آيد بر ايشان.

الفصل الخامس عشر

و لم يخل اللّه سبحانه خلقه من نبيّ مرسل، أو كتاب منزل، أو حجّة لازمة، أو محجّة قائمة، رسل لا يقصّر بهم قلّة عددهم، و لا كثرة المكذّبين لهم من سابق سمّي له من بعده، أو غابر عرّفه من قبله.

اللغة

(النّبيّ) فعيل بمعنى الفاعل و هو مشتقّ من النّبأ و هو الخبر و نبأ و نبّأ و أنبأ كلّها بمعنى أخبر، و النّبيّ مخبر عن اللّه تعالى، و قلبوا فيه الهمزة كما في الذريّة حسبما مرّ في الفصل السّابق.

و عن شارح المقاصد النّبوة هو كون الانسان مبعوثا من الحقّ إلى الخلق، فان كان النّبيّ مأخوذا من النّباوة و هو الارتفاع لعلوّ شأنه و ارتفاع مكانه، أو من النبيّ بمعنى الطريق لكونه وسيلة إلى الحقّ، فالنبوّة على الأصل كالابوّة، و إن كان من النّبأ بمعنى الخبر لانبائه عن اللّه تعالى فعلى قلب الهمزة واوا ثمّ الادغام كالمروّة.

و قال في المحكيّ عنه: النّبيّ هو إنسان بعثه اللّه لتبليغ ما أوحى إليه، و كذا الرّسول، و قد يخصّ بمن له شريعة و كتاب فيكون أخصّ من النّبيّ، و اعترض عليه بزيادة عدد الرّسل على الكتب، و ربّما يفرق بأنّ الرّسول من له كتاب أو نسخ لبعض أحكام الشّريعة السّابقة، و النّبي قد يخلو عن ذلك كيوشع عليه السّلام.

و في كلام بعض المعتزلة أنّ الرّسول صاحب الوحى بواسطة الملك، و النّبي هو المخبر عن اللّه بكتاب أو الهام أو تنبيه في منام، و التّفصيل في ذلك المقام موكول إلى الكتب الكلاميّة، و من أراد اقتباس النّور في هذا الباب من كلام الأئمة فعليه بالرّجوع إلى باب الفرق بين الرّسول و النّبي و المحدّث، و هو ثالث أبواب كتاب الحجّة من الكافي و (الحجّة) بالضمّ ما يحجّ به الانسان غيره أى يغلب به و (المحجة) بفتح الميم جادّة الطريق و (الغابر) هو الباقي و قد يطلق على الماضي فهو من الأضداد.

الاعراب

الظاهر أنّ كلمة أو في قوله عليه السّلام أو كتاب أو حجّة أو محجّة لمنع الخلوّ إذ الانفصال الحقيقي كمنع الجمع لا يمكن إرادته، و سياق الكلام هو منع الخلو كما يدلّ عليه قوله: و لم يخل اللّه صريحا، و يمكن جعلها بمعنى الواو نظرا إلى دلالة و لم يخل صراحة على منع الخلوّ، فلا حاجة إلى جعلها لذلك فافهم، و (رسل) مرفوع على الخبريّة، يعني أنّهم رسل، و الجملة هذه لا محلّ لها من الاعراب، لكونها مستأنفة فكأنّه قيل هؤلاء المرسلون الذين لم يخل الخلق منهم هل بلّغوا ما أرسلوا به أم قصّروا فيه لوجود التّقية، فقال عليه السّلام: إنّهم رسل لا يقصّر اه، فهي من قبيل الاستيناف البياني، و متعلق لا يقصّر محذوف، أى لا يقصّر بهم عن أداء الرّسالة و إبلاغ التكليف و كلمة (من) في قوله عليه السّلام من سابق بيان للرّسل و تفصيل لهم.

المعنى

اعلم أنّه عليه السّلام بعد ما نبّه بخلقة آدم عليه السّلام و تفصيل ما جرى عليه من إسجاد الملائكة له و إسكانه في الجنّة و اجتنائه من الثمرة المنهيّة و إهباطه إلى الأرض و اصطفاء الأنبياء من ولده لارشاد الخلق و هداية الأنام، أشار عليه السّلام إلى العناية الكاملة للّه سبحانه بالخلق من عدم إخلائه أمّة منهم من نبيّ هاد لهم إلى المصالح و رادع لهم عن المفاسد، أو كتاب مرشد إلى الخيرات و الحسنات و مانع عن الشّرور و السّيئات، و ذلك كلّه لاكمال اللطف و إتمام العناية فقال عليه السّلام: (و لم يخل اللّه سبحانه خلقه من نبيّ مرسل أو كتاب منزل) و هذا ممّا لا ريب فيه، و لا بدّ من بيان الحاجة إلى بعث الرّسل و إقامة البرهان على اضطرار النّاس إليه و أنّه لا بدّ في كلّ زمان من حجة معصوم عالم بما يحتاج إليه الخلق، و قد دللوا على ذلك في الكتب الكلاميّة بالبراهين العقلية و النقلية و نحن نذكر منها هنا وجها واحدا لاقتضاء المقام، و ذلك موقوف على رسم مقدمات.

الاولى انّ لنا خالقا صانعا قادرا على كلّ شي ء.

الثانية أنّه سبحانه منزّه عن التجسّم و التعلّق بالموادّ و الأجسام و عن أن يكون مبصرا أو محسوسا باحدى الحواس.

الثّالثة أنّه تعالى حكيم عالم بوجوه الخير و المنفعة في النظام و سبيل المصلحة للخلايق في المعيشة و القوام و البقاء و الدّوام الرّابعة أنّ النّاس على كثرتهم محتاجون في معاشهم و معادهم إلى من يدبّر أمورهم و يعلمهم طريق المعيشة في الدّنيا و النّجاة من العذاب في العقبى، و ذلك لأنّ من المعلوم أنّ نوع الانسان مدني بالطبع، بمعنى أنّه لا بدّ في بقاء النوع إلى اجتماع كلّ واحد من الأفراد مع الآخر يستغني به فيما يحتاج إليه من المآكل و المشارب و الملابس و المساكن و نحوها، فيكون هذا يطحن لهذا، و ذلك يبني لذلك، و ذلك يخيط لآخر، و هكذا، فمن ذلك احتاجوا إلى بناء البلاد و اجتماع الآحاد، و اضطرّوا إلى عقد المعاملات.

و بالجملة لا بدّ في بقاء الانسان من الاجتماع و المعاونة، و التّعاون لا يتمّ إلّا بالمعاملة و لا بدّ في المعاملة من قانون عدل، إذ لو ترك النّاس و آراؤهم في ذلك لاختلفوا فيه، فيرى كلّ أحد منهم ماله عدلا ما عليه ظلما و جورا نظرا إلى أنّ كلّ أحد بالذّات و الطبع طالب لجلب المنفعة لنفسه و دفع المضرّة عن نفسه كما هو واضح، فعلم وجه الحاجة في المعاملات إلى القانون العدل.

و لا بدّ لذلك القانون من مقنّن و معدّل و لا يجوز أن يكون ذلك المعدّل ملكا، بل لا بدّ و أن يكون بشرا، ضرورة أنّ الملك لا يمكن رؤية اكثر النّاس له لأنّ قواهم لا يقوى على رؤية الملك على صورته الأصلية، و إنّما رآهم الأفراد من الانبياء بقوتهم القدسيّة، و لو فرض أن يتشكّل بحيث يراه جميع الخلق كان ملتبسا عليهم كالبشر كجبرئيل في صورة دحية، و لذلك قال سبحانه:

«وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ» و لا بدّ أن يكون المعدّل له خصوصيّة ليست لساير النّاس حتّى يستشعر النّاس فيه أمرا لا يوجد لهم فيتميز به منهم، فيكون له المعجزات التي أخبرنا بها، و الحاجة إلى هذا الانسان في بقاء نوع البشر أشدّ من كثير من المنافع التي لا ضرورة فيها للبقاء، كانبات الشّعر على الحاجبين و تقعير الأخمص للقدمين و ما يجرى مجراهما من منافع الأعضاء التي بعضها للزّينة و بعضها للسّهولة في الأفعال و الحركات، و وجود هذا الانسان الصّالح لأن يشرع و يعدل ممكن، و تأييده بالمعجزات الموجبة لاذعان الخلق له أيضا ممكن، فلا يجوز أن تكون العناية الاولى تقتضي تلك المنافع و لا تقتضي هذه التي هي أصلها و عمدتها.

يكون بشرا، ضرورة أنّ الملك لا يمكن رؤية اكثر النّاس له لأنّ قواهم لا يقوى على رؤية الملك على صورته الأصلية، و إنّما رآهم الأفراد من الانبياء بقوتهم القدسيّة، و لو فرض أن يتشكّل بحيث يراه جميع الخلق كان ملتبسا عليهم كالبشر كجبرئيل في صورة دحية، و لذلك قال سبحانه:

«وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ» و لا بدّ أن يكون المعدّل له خصوصيّة ليست لساير النّاس حتّى يستشعر النّاس فيه أمرا لا يوجد لهم فيتميز به منهم، فيكون له المعجزات التي أخبرنا بها، و الحاجة إلى هذا الانسان في بقاء نوع البشر أشدّ من كثير من المنافع التي لا ضرورة فيها للبقاء، كانبات الشّعر على الحاجبين و تقعير الأخمص للقدمين و ما يجرى مجراهما من منافع الأعضاء التي بعضها للزّينة و بعضها للسّهولة في الأفعال و الحركات، و وجود هذا الانسان الصّالح لأن يشرع و يعدل ممكن، و تأييده بالمعجزات الموجبة لاذعان الخلق له أيضا ممكن، فلا يجوز أن تكون العناية الاولى تقتضي تلك المنافع و لا تقتضي هذه التي هي أصلها و عمدتها.

فاذا تمهدت هذه المقدّمات فثبت و تبين أنّه واجب أن يوجد نبيّ و أن يكون إنسانا و أن يكون له خصوصية ليست لساير النّاس، و هي الامور الخارقة للعادات، و يجب أن يسنّ للناس سننا باذن اللّه و أمره و وحيه و إنزال الملك اليه، و يكون الأصل الأول فيما يسنّه تعريفه إيّاهم أنّ لهم صانعا قادرا واحدا لا شريك له، و أنّ النبيّ عبده و رسوله، و أنّه عالم بالسّر و العلانية، و أنّه من حقّه أن يطاع أمره، و أنّه قد أعدّ للمطيعين الجنّة و للعاصين النّار حتّى يتلقى الجمهور أحكامه المنزلة على لسانه من اللّه و الملائكة بالسّمع و الطاعة.

و الى هذا البرهان أشار الصّادق عليه السّلام فيما رواه في الكافي باسناده عن هشام بن الحكم عنه عليه السّلام أنّه قال للزّنديق الذي سأله من أين اثبت الأنبياء و الرّسل قال: إنّا لما أثبتنا أنّ لنا خالقا صانعا متعاليا عنّا و عن جميع ما خلق، و كان ذلك الصّانع حكيما متعاليا لم يجز أن يشاهده خلقه و لا يلامسوه فيباشرهم و يباشرونه و يحاجوهم و يحاجونه، ثبت أنّ له سفراء في خلقه يعبرون عنه إلى خلقه و عباده، و يدلّونهم على مصالحهم و ما به بقاؤهم، و في تركه فناؤهم، فثبت الآمرون و الناهون عن الحكيم العليم في خلقه، و المعبّرون عنه جلّ و عزّهم الأنبياء و صفوته من خلقه حكماء مؤدّين بالحكمة مبعوثين بها غير مشاركين للنّاس على مشاركتهم لهم في الخلق و التركيب في شي ء«» من أحوالهم، مؤيّدين عند الحكيم العليم بالحكمة، ثمّ ثبت ذلك في كلّ دهر و زمان ممّا أتت به الرّسل و الأنبياء من الدّلائل و البراهين لكيلا يخلو أرض اللّه من حجة يكون معه علم يدلّ على صدق مقالته و جواز عدالته هذا.

و قال بعض شرّاح الكافي في شرح قوله عليه السّلام: ثمّ ثبت ذلك في كلّ دهر و زمان ممّا أتت به الرّسل و الأنبياء من الدلائل و البراهين: يعني أنّه ثبت وجود النبيّ في كلّ وقت من جهة ما أتوابه من المعجزات و خوارق العادات، كأنّ قائلا يقول: إنّ الذي ذكرته من البرهان قد دلّ على حاجة النّاس في كلّ زمان بوجود النبيّ، و أنّه يجب من اللّه بعثه الرّسل و الأنبياء و إرسالهم، و لكن من أى سبيل تعلم النّاس النبي و يصدق بنبوّته و رسالته، فأجيب بأنّه ثبت ذلك عليهم بمشاهدة ما أتت به الرّسل و النّبيون من الدّلائل و البراهين، يعني المعجزات الظاهرة منهم، و هي المراد هاهنا بالدّلائل و البراهين إذ النّاس لا يذعنون إلّا بما يشاهدونه و قوله عليه السّلام: لكيلا يخلو أرض اللّه من حجة يكون معه علم يدلّ على صدق مقالته و جواز عدالته تعليل متعلق بقوله: ثمّ ثبت ذلك فيكلّ دهر، و وجه التعليل أنّ ما دامت الأرض باقية و النّاس موجودون فيها فلا بدّ لهم من حجّة للّه عليهم يقوم بأمرهم و يهديهم إلى سبيل الرّشاد و حسن المعاد، و هو الحجة الظاهرة و لا بدّ أن يكون معه علم باللّه و آياته يدل على صدق مقالته و دعوته للنّاس و على جريان حكمه عليهم و جواز عدالته فيهم، و هو الحجة الباطنة انتهى.

و به ظهر الوجه في عدم إخلائه سبحانه خلقه من نبيّ مرسل على ما صرّح به الامام عليه السّلام، كما ظهر وجه قوله عليه السّلام: (أو حجّة لازمة) أى لازمة على الخلق (أو محجّة قائمة) أى طريقة عدل يقفون عليها و لا يميلون عنها يمينا و يسارا، و المراد بها هنا هي الشريعة كما قال سبحانه:

«لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً» و قال:«شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً» ثمّ إنّ الحجة قد تطلق و يراد بها الكتاب، و قد تطلق على الامام المعصوم الذي يكون مقتدى للخلائق يأتمّون به و يتعلّمون منه سبيل الهدى و طريق التقوى، نبيّا كان أو وصيّا، و هو المراد منها فيما رواه في الكافي باسناده عن أبي اسحاق عمّن يثق به من أصحاب أمير المؤمنين، أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال: اللّهمّ إنّك لا تخلي أرضك من حجّة لك على خلقك، يعني أنّك بلطفك و جودك على عبادك لا تخلي أرضك من حجّة لك عليهم ليهتدوا به سبيلك، و يسلكوا به سبيل قربك و رحمتك، و ينجو به عن معصيتك و عقابك.

و قد تطلق و يراد بها العقل، فانّه حجة للّه على النّاس في الباطن كما أن النبي و الامام حجة في الظاهر، و قد وردت به الأخبار المستفيضة عن أئمّتنا عليهم السلام.

إذا عرفت ذلك فنقول: الظاهر بل المتعين أنّ المراد بهاهنا هو الامام المعصوم أعني الوصيّ بخصوصه، لعدم إمكان إرادة النبيّ و الكتاب لسبق ذكرهما و عدم امكان إرادة العقل لأنّ حجّيته منحصرة في المستقلّات العقليّة لا مجال له في غيرها، فلا يعرف الحقّ من الباطل في الامور الّتي عجزت عن إدراكها عقول البشر بأفكارها، و إنّما يعرفها الامام بنور الالهام فلا يتمّ اللّطف منه تعالى على خلقه بعد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلّا بوجوده عليه السّلام فيهم.

و بذلك ظهر فساد ما توهّمه الشّارح المعتزلي من جعله الحجة في العبارة حجة العقل حيث قال: و منها أن يقال إلى ما ذا يشير عليه السّلام بقوله أو حجّة لازمة، هل هو إشارة إلى ما يقوله الاماميّة من أنّه لا بدّ في كلّ زمان من وجود إمام معصوم، الجواب أنهم يفسرون هذه اللّفظة بذلك، و يمكن أن يكون المراد بها حجة العقل انتهى.

وجه الفساد ما ذكرنا، و نزيد توضيحا و نقول: إنّ للّه سبحانه حجّتين:

داخليّة و خارجيّة، و النّاس إمّا أهل بصيرة عقلية أم أهل حجاب، فالحجّة على أهل البصيرة إنّما هي عقولهم الكلية العارفين بها بالمصالح و المفاسد الكامنة الواقعية، فلا حاجة لهم إلى اتباع الحجة الخارجية، بل حجّة اللّه عليهم بصيرتهم و نور عقلهم و هداهم، و أما أهل الحجاب و ذو العقول الناقصة فالحجّة عليهم إنّما هي الخارجيّة، لعدم إحاطة عقولهم بالجهات المحسّنة و المقبحة، فلا يكمل اللّطف في حقهم إلّا بقائد خارجيّ يتبعون به، إذ الأعمى يحتاج في قطع السّبيل إلى قائد خارجي يتبعه تقليدا في كل قدم و هو واضح.

فقد تحصّل ممّا ذكرنا أنّ المراد بالحجّة في كلامه عليه السّلام هو الامام المعصوم كما قد ظهر ممّا بيّناه هنا و فيما سبق في شرح قوله من نبيّ مرسل: لزوم وجود الحجّة في الخلق، لمكان الحاجة، و ملخّص ما ذكرناه هنا و سابقا أنّ نظام الدّنيا و الدّين لا يحصل إلّا بوجود إمام يقتدي به النّاس و يأتمّون به و يتعلّمون منه سبيل هداهم و تقواهم، و الحاجة إليه في كلّ عصر و زمان أعظم و أهمّ من الحاجة إلى غذاهم و كساهم و ما يجرى مجراهما من المنافع و الضرورات، فوجب في العناية الرّبانية أن لا يترك الأرض و لا يدع الخلق بغير إمام نبيّا كان أو وصيّا، و إلّا لزم أحد الامور الثّلاثة: إمّا الجهل و عدم العلم بتلك الحاجة، أو النّقص و عدم القدرة على خلقه، أو البخل و الضّنة بوجوده و الكلّ محال على اللّه سبحانه هذا، و يطابق كلام الامام عليه السّلام ما رواه في الكافي عن عليّ بن إبراهيم عن محمّد ابن عيسى عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال: و اللّه ما ترك اللّه أرضا منذ قبض اللّه آدم إلا فيها إمام يهتدى به إلى اللّه، و هو حجّة على عباده و لا تبقى الأرض بغير امام حجّة للّه على عباده، و عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: إنّ اللّه أجلّ و أعظم من أن يترك الأرض بغير إمام عادل.

و أيضا عن أبي بصير عن أحدهما عليه السّلام، قال: قال: إنّ اللّه لم يدع الأرض بغير عالم، و لو لا ذلك لم يعرف الحقّ من الباطل، يعني في الامور التي تعجز عن إدراكها العقول حسبما مرّ سابقا.

و في الأخبار الكثيرة المستفيضة بل القريبة من التواتر المعنوي المرويّة في الكافي و علل الشّرايع و إكمال الدّين و رجال الكشي و غيرها أنّ الأرض لو بقيت بغير إمام لساخت، يقال: ساخت الأرض بهم انخسفت، و المراد به في الأخبار إمّا غوصها في الماء حقيقة أو كناية عن هلاك البشر و ذهاب نظامها كما نبّه عليه المحدّث المجلسى طاب ثراه في مرآة العقول ثمّ إنّه عليه السّلام وصف المرسلين بأنّهم رسل (لا يقصر«» بهم قلّة عددهم) أى عن نشر التكليف و حمل إعباء الرّسالة (و لا كثرة المكذّبين لهم) أى عن تبليغ الأحكام و اداء الامانة، و هذا الكلام صريح في عدم جواز التقيّة على الأنبياء.

و منه يظهر فساد ما نسبه الفخر الرّازي إلى الاماميّة من تجويزهم الكفر على الأنبياء تقية حسبما مرّ في تذييلات الفصل الثّاني عشر في باب عصمة الأنبياء عليهم السّلام، ضرورة أنّ اقتداء الاماميّة رضوان اللّه عليهم إنّما هو على إمامهم عليه السّلام، و مع تصريحه عليه السّلام بما ذكر كيف يمكن لهم المصير إلى خلاف قوله عليه السّلام هذا.

مضافا إلى ما أوردناه عليه سابقا بل و مع الغضّ عن تصريحه عليه السّلام، بذلك أيضا نقول: كيف يمكن أن يتفوّه ذو عقل بصدور كلمة الكفر عن نبيّ مع أنّ بعث النبي ليس إلّا لحسم مادة الكفر، نعوذ باللّه من هذه الفرية البيّنة و ذلك البهتان العظيم، ثم إنّه عليه السّلام بين الرّسل و ميّزهم بقوله: (من سابق سمّي له من بعده أو غابر) أى لاحق (عرفه من قبله) يعني أنّهم بين سابق سمى«» لنفسه من بعده، بمعنى أنّه عين من يقوم مقامه من بعده، أو أنّ السّابق«» سمّى اللّه له من يأتي بعده و اطلعه عليه، و بين لاحق عرّفه من قبله و بشّر به، كتعريف عيسى عليه السّلام و بشارته بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله كما قال سبحانه حكاية عنه:«وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ».

و قد مرّ في حديث الكافي عند شرح قوله: و اصطفى من ولده أنبياء اه، تفصيل بشارة الأنبياء السّلف للخلف سلام اللّه عليهم أجمعين فتذكر.

شرح لاهیجی

و اصطفى من ولده انبياء اخذ على الوحى ميثاقهم و على تبليغ الرّسالة امانتهم باز در اين مقام حذف و ايصالست يعنى بعد از آن كه ادم در دار بليّه سكنى كرد و تناسل و توالد كرد و اولاد و احفاد متكثّره بهمرسانيد و از دار بليّه بجنّت موعود رقت برگزيد از اولاد ادم (- ع- ) پيغمبر انرا كه گرفت عهد و پيمان انها را بر وحى و امانت انها را بر تبليغ رسالت يعنى بسبب قوّت قوّه علميّه و عمليّه آنها را موثوق و مؤتمن گردانيد از براى تحمّل وحى و تبليغ رسالت يعنى آنها را محلّ وثوق وحى و امانت تبليغ ساخت بتقريب كمال قوّه علميّه و عمليّه كه در انها خلق كرد لمّا بدّل اكثر خلقه عهد اللّه اليهم يعنى در زمانى كه بيشترين خلق خداى (- تعالى- ) تبديل كردند عهد خدا را بسوى ايشان كه در عالم ذرّ گرفته شده بود و خطاب شده بايشان در اصلاب اباء علوى در عالم نفس كلّ و دعوت كرده آنها را بسوى اقرار بربوبيّة و بنبوّت از براى هر نبىّ و ولايت هر وصىّ و اوّل انها اقرار بنبوّت خاتم النّبيّين و ولايت خاتم الوصيّين و اولادش بود و تمامى اقرار كردند و گفتند بلى و شهدنا و بعد در دار دنيا غافل شدند از انعهد و تبديل پيمان كردند بعضى اقرار بربوبيّت را تبديل كردند و برخى بنبوّت را و جمعى ولايت را قال اللّه (- تعالى- )وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى مرويست از ابا جعفر (- ع- ) مى گفت كه خداى عزّ و جلّ زمانى كه بيرون آورد ذريّه ادم (- ع- ) را از ظهر او تا اين كه بگيرد بر ايشان ميثاق و پيمان بربوبيّت از براى خود و بنبوّت از براى هر پيغمبرى پس اوّل كسى كه اخذ كرد از براى او بر ايشان ميثاق بنبوّت آن كس را محمّد بن عبد اللّه (- ص- ) بود پس گفت خداى عزّ و جلّ مر ادم را كه نگاه كن چه چيز مى بينى پس نگاه كرد ادم (- ع- ) بسوى ذريّه خود و حال آن كه آنها ذر بودند يعنى مثل مورچه كوچك بودند كه پر كرده بودند آسمان را حديث طولى دارد نقل شد بقدر احتياج و مراد از بودن ذريّه در ظهر ادم وجود ذريّه ادم است در نفس كلّ كه از اباء علوى مخلوقاتست و در نفس كلّ جميع مخلوقات موجودند بصورت حاصله در نفس كلّ و موجودند در او و اطلاق ظهور بر او بتقريب مظهر بودن از براى طوائف ذريّه است پس نسبة بهر طايفه ظهر و مظهريست و اضافه بادم بتقريب عليّت او است نسبة باو زيرا كه هر علّت ظهر و ظهير معلولست امّا تخصيص بوجود نفسى بتقريب آنست كه خلايق در عقل موجودند من حيث المعنى نه بصورت و مصوّر بصورت بودن در نفس است و اوّل تصوير در عالم نفس كلّست امّا فهم آنها و جواب گفتن بتقريب آنست كه موجودات آن عالم كلّا صاحب ادراك و صاحب نطقند بزبان ملكوتى و ادراك و نطق و زبان هر عالمى موافق آن عالمست قوله (- تعالى- )تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَ الْأَرْضُ وَ گواه صدقى است بر اين مطلب با بودن براهين قطعيّه عقليه و نقليّه و مراد از پهن بودن آنست كه هر يك هر يك از ذريّه مصوّر بودند بصورت علميّه عليحدّه مثل اين كه كسى تصوّر كند ولد خود را و ولد ولد را و همچنين تا هزار ولد و هر قدر كه مقدورش باشد لكن در خيال ماها وجوديست كه منشأ اثار خارجى نيست و وجود در آن عالم بتقريب شدّت نورانيّه با وجود بودن در نفس اشدّ از وجود خارجى اين عالمست امّا بودن ذريّه ذرّ مورچه بتقريب آنست كه نفس اگر چه مجرّد است از مادّه فى نفسها امّا بوجهى مقارن مادّه است مثل عقول نيست كه بالمرّه مفارق باشد و باين جهت است كه موجودات در او صاحب صورتند بدون موجودات در عقل و انقدر از مقارنت هرگاه مقدّر شود و مجسّم گردد بقدر جسم مورچه كوچك خواهد بود امّا اقرار در ان عالم پس باختيار صور انها است و انكار در اين عالم بتقريب شهوت مادّه انها و اكتفاء بهمين قدر از بيان در اين ميان لائق بيانست فجهلوا حقّه و اتّخذوا الانداد معه و اجتالهم الشّياطين عن معرفته و اقتطعتهم عن عبادته يعنى بعد از آن كه تبديل كردند عهد خدا را پس جاهل شدند حقّ خدا را كه معرفت خداى (- تعالى- ) باشد و گرفتند امثال را با او و شركا را با او و جولان و حركة دادند شياطين آنها را از معرفت خداى (- تعالى- ) و نگذاشتند كه مقيم در معرفت باشند يا حيله ور ايشان گشتند شياطين از جهة تجاوز از معرفت خدا و بريدند ايشان را از عبادت خدا فبعث فيهم رسله و واتر اليهم انبيائه يعنى در وقتى كه تبديل عهد كردند بسيارى از خلق و جاهل شدند و شريك گرفتند پس مبعوث ساخت خداى (- تعالى- ) بفضل و كرم خود در ايشان رسولان خود را كه اماده و اراسته تبليغ رسالت بودند و پى در پى فرستاد بسوى ايشان پيغمبران خود را كه برگزيده و شايسته بودند تحمّل وحى الهى را ليستادّوهم ميثاق فطرته يعنى از براى اين كه طلب كند از ايشان اداء عهد خلقى و جبلّى انها را يعنى برانگيزد انها را بر اداء آن چيزى را كه بر او مفطورند كه اقرار بعبوديّت از براى خداى (- تعالى- ) و برسالت انبياء (- ع- ) باشد و يذكّروهم منسىّ نعمته يعنى بياد بياورد ايشان را نعمت فراموش كرده خداى را يعنى شكران نعمت را قوله (- تعالى- )يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ يعنى نعمتهاى حاصله از حيات و صحّت و اموال و بنين را كه فراموش كرده اند شكر انرا بتقريب غرور شهوات دنيويّه و ايفاء عهد بايمان و طاعت خداى (- تعالى- ) را و يحتجّوا عليهم بالتّبليغ يعنى احتجاج كنند بر ايشان بتبليغ رسالت پروردگار بوعد و وعيد ايشان و ينشروا لهم دفائن العقول يعنى و پهن و بيان كنند از براى آنها آن چيزهائى را كه مدفون و مركوز در عقولست از اقرار بعبوديّت و وحدانيّت و يروهم آيات القدرة يعنى و بنمايند بايشان و آگاه كنند ايشان را بعلامات قدرت كامله خدا تا يقين كنند بر انجاز و وعد و وعيد و هدايت يابند من سقف فوقهم مرفوع يعنى از ان آيات قدرت سقف و بام بلند بالاى سر ايشانست كه اسمان باشد و مهاد تحتهم موضوع يعنى و خوابگاهى است در تحت ايشانست يعنى زمين كه بسهولت در ان آرميده اند و معايش تحييهم يعنى اسباب معيشت و زندگانى ايشان كه احياء ايشان ميكند و زنده مى دارد ايشان را از ابر و باد و اب و عيون و انهار و امطار و كشت و زرع و اسفار بر و بحر و سفن و جمالات و دواب و انواع مأكولات و مطعومات و ملبوسات كه تعيّش و حيات بدون جمع امدن ان اسباب ممكن نيست الّا بقدرت كامله خداى (- تعالى- ) و اين خود بديهى اوّل اگر چه منبّه بخواهد و اجال تفنيهم يعنى و مدّتهاى عمرى كه منقضى مى شود و بانقضاء آن ايشان را نيست در دنيا مى سازد تا مفتون بدنيا نشوند و اوصاب تهرمهم يعنى و مشقّتهائى كه پير مى كند ايشان را از امراض و بيمارى و فقر و درماندگى و امثال اينها و احداث تتابع عليهم يعنى وقايع و نوازلى كه پى در پى بر انها وارد مى شود از نقص در اموال و انفس بتقريب موت و فوت نفوس و اموال و لم يخل اللّه سبحانه خلقه من نبىّ مرسل او كتاب منزل او حجّة لازمة او محجّة قائمة يعنى و هرگز خالى در نگذاشت خداى (- تعالى- ) خلق خود را از پيغمبرى كه ارسال شده بود از جانب او و يا كتابى كه منزل بود از قبيل صحف و تورية و انجيل و قران يا حجة لازمه مر رسالت كه وصايت باشد زيرا كه رسول بى وصىّ نمى شود و يا راه جادّه عقل كه برپا است در هر كس رسل لا تقصر بهم قلّة عددهم يعنى رسلى كه كم نبود ايشان را قلّة عدد انها يعنى وفاى بهدايت ايشان مى كردند با قلّت عدد چه هر يك اراسته بودند بانواع علم و حكمت و در اسباب هدايت خلق كوتاهى و كمى نداشتند و لا كثرة المكذّبين لهم يعنى و نه كثرت مكذّبين از براى ايشان يعنى بسيارى انها اصلا موجب كمى ارشاد و هدايت ايشان نمى گرديد بلكه رسل در هدايت و ارشاد خلق وافى و كافى و شافى بودند اگر چه مكذّبين و منكرين بسيار بودند چه نور آفتاب به بسيارى هباء مبثوثه در هوا خفاء نخواهد يافت من سابق سمّى له من بعده يعنى از پيغمبر سابقى كه نام برده بود از براى او پيغمبرى كه بعد از او ميايد يعنى بوحى باو رسانده شده بود و او نيز بخلق مى رساند مثل قول عيسى (- ع- ) يأتي من بعدى اسمه احمد و غابر عرّفه من قبله يعنى و پيغمبر باقى مانده لاحقى كه باو شناسانده شده بود پيغمبران گذشته پيشين يعنى رسل سابق مخبر بلاحق بودند و لاحق مصدّق سابق باخبار شرايع و اوضاع و حقّيت آنها على ذلك نسل القرون و مضت الدّهور يعنى بر همان نسق بسرعت رفت عصرهاى و گذشت زمانها و سلفت الاباء و خلفت الابناء يعنى رفتند پدران و جانشين شدند پسران

شرح ابن ابی الحدید

وَاصْطَفَى سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدِهِ أَنْبِيَاءَ-أَخَذَ عَلَى الْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ-وَ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ-لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ-فَجَهِلُوا حَقَّهُ وَ اتَّخَذُوا الْأَنْدَادَ مَعَهُ-وَ اجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ-وَ اقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ-وَ وَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ-وَ يُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ-وَ يَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ-وَ يُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ-وَ يُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ-مِنْ سَقْفٍ فَوْقَهُمْ مَرْفُوعٍ وَ مِهَادٍ تَحْتَهُمْ مَوْضُوعٍ-وَ مَعَايِشَ تُحْيِيهِمْ وَ آجَالٍ تُفْنِيهِمْ وَ أَوْصَابٍ تُهْرِمُهُمْ-وَ أَحْدَاثٍ تَتَتَابَعُ عَلَيْهِمْ-وَ لَمْ يُخْلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ-أَوْ كِتَابٍ مُنْزَلٍ أَوْ حُجَّةٍ لَازِمَةٍ أَوْ مَحَجَّةٍ قَائِمَةٍ-رُسُلٌ لَا تُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ-وَ لَا كَثْرَةُ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ-مِنْ سَابِقٍ سُمِّيَ لَهُ مَنْ بَعْدَهُ أَوْ غَابِرٍ عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ اجتالتهم الشياطين أدارتهم- تقول اجتال

فلان فلانا- و اجتاله عن كذا و على كذا أي أداره عليه- كأنه يصرفه تارة هكذا و تارة هكذا- يحسن له فعله و يغريه به- . و قال الراوندي اجتالتهم عدلت بهم و ليس بشي ء- . و قوله ع واتر إليهم أنبياءه- أي بعثهم و بين كل نبيين فترة- و هذا مما تغلط فيه العامة فتظنه كما ظن الراوندي- أن المراد به المرادفة و المتابعة- و الأوصاب الأمراض و الغابر الباقي- . و يسأل في هذا الفصل عن أشياء- منها عن قوله ع أخذ على الوحي ميثاقهم- . و الجواب أن المراد أخذ على أداء الوحي ميثاقهم- و ذلك أن كل رسول أرسل فمأخوذ عليه أداء الرسالة- كقوله تعالىيا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ-وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ- . و منها أن يقال ما معنى قوله ع ليستأدوهم ميثاق فطرته- هل هذا إشارة إلى ما يقوله أهل الحديث- في تفسير قوله تعالىوَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ-مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ-وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى - . و الجواب أنه لا حاجة في تفسير هذه اللفظة- إلى تصحيح ذلك الخبر- و مراده ع بهذا اللفظ- أنه لما كانت المعرفة به تعالى و أدلة التوحيد و العدل- مركوزة في العقول- أرسل سبحانه الأنبياء أو بعضهم- ليؤكدوا ذلك المركوز في العقول- و هذه هي الفطرة المشار إليها

بقوله ع كل مولود يولد على الفطرة

- . و منها أن يقال إلى ما ذا يشير بقوله أو حجة لازمة- هل هو إشارة إلى ما يقوله الإمامية- من أنه لا بد في كل زمان من وجود إمام معصوم- . الجواب أنهم يفسرون هذه اللفظة بذلك- و يمكن أن يكون المراد بها حجة العقل- . و أما القطب الراوندي فقال في قوله ع- و اصطفى سبحانه من ولده أنبياء- الولد يقال على الواحد و الجمع لأنه مصدر في الأصل- و ليس بصحيح لأن الماضي فعل بالفتح- و المفتوح لا يأتي مصدره بالفتح- و لكن فعلا مصدر فعل بالكسر- كقولك ولهت عليه ولها و وحمت المرأة وحما- . ثم قال إن الله تعالى بعث يونس قبل نوح- و هذا خلاف إجماع المفسرين و أصحاب السير- . ثم قال و كل واحد من الرسل و الأئمة كان يقوم بالأمر- و لا يردعه عن ذلك قلة عدد أوليائه و لا كثرة عدد أعدائه- فيقال له هذا خلاف قولك في الأئمة المعصومين- فإنك تجيز عليهم التقية و ترك القيام بالأمر- إذا كثرت أعداؤهم- . و قال في تفسير قوله ع- من سابق سمي له من بعده أو غابر عرفه من قبله- كان من ألطاف الأنبياء المتقدمين و أوصيائهم- أن يعرفوا الأنبياء المتأخرين و أوصياءهم- فعرفهم الله تعالى ذلك- و كان من اللطف بالمتأخرين و أوصيائهم- أن يعرفوا أحوال المتقدمين من الأنبياء و الأوصياء- فعرفهم الله تعالى ذلك أيضا فتم اللطف لجميعهم- . و لقائل أن يقول لو كان ع قال- أو غابر عرف من قبله- لكان هذا التفسير مطابقا- و لكنه ع لم يقل ذلك- و إنما قال عرفه من قبله- و ليس هذا التفسير مطابقا لقوله عرفه- و الصحيح أن المراد به- من نبي سابق عرف من يأتي بعده من الأنبياء- أي عرفه الله تعالى ذلك- أو نبي غابر نص عليه من قبله- و بشر به كبشارة الأنبياء بمحمد ع

عَلَىذَلِكَ نَسَلَتِ الْقُرُونُ وَ مَضَتِ الدُّهُورُ-وَ سَلَفَتِ الآْبَاءُ وَ خَلَفَتِ الْأَبْنَاءُ-

قوله ع نسلت القرون ولدت-

شرح نهج البلاغه منظوم

القسم الثامن

و اصطفى سبحانه من وّلده أنبياء أخذ على الوحى ميثاقهم، و على تبليغ الرّسالة أمانتهم، لمّا بدّل أكثر خلقه عهد اللّه إليهم، فجهلوا حقّه، و اتّخذوا الأنداد معه، و احتالتهم الشّياطين عن معرفته، و اقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله، و واتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، و يذكّروهم منسىّ نعمته، و يحتجّوا عليهم بالتّبليغ، و يثيروا لهم دفائن العقول، و يروهم الآيات المقدّرة: من سقف فوقهم مرّفوع، و مهاد تحتهم موضوع، و معايش تحييهم، و اجال تفنيهم، و أوصاب تهرمهم، و أحداث تتابع عليهم، و لم يخل سبحانه خلقه من نبىّ مرسل، أو كتاب مّنزل، أو حجّة لازمة، أو محجّة قائمة، رسل لا تقصّرهم قلّة عددهم، و لا كثرة المكذّبين لهم، مّن سابق سمّي له من بعده، أو غابر عرّفه من قبله.

ترجمه

همين كه مركز آدم ابو البشر دنيا و فرزندان بسيارى پيدا كرد خداوند از ميان اولاد او پيمبرانى برگزيد و از آنان برساندن وحى و تبليغ رسالت و اداء امانت عهد و پيمان گرفت، و اين هنگامى بود كه بيشتر مردم عهد خدا را شكسته و حق او را ضايع، شريكها برايش گرفته بودند، شياطين با مكرو حيل آنانرا فريفته و از پرستش او بازشان مى داشتند. پس خداوند فرستادگان خويش را برانگيخت و پيمبران را پياپى بسويشان بفرستاد، تا آن عهد فطرى و پيمان الستى را از آنان طلبيده، و نعمت فراموش شده را بايشان ياد آورى كرده بوسيله تبليغ بر آنان اتمام حجّت نمايند، گوهرهاى عقولى كه در خزائن فطرتشان پنهان مانده استخراج كنند، آيات نشانه هاى قدرت خداوندى را از سقف آسمانى كه بالاى سرشان افراشته شده و گهواره زمينى كه زير پايشان گسترانيده گرديده، و معيشتها كه بدان زندگانى ميكنند اجلهائيكه از آنان نابود ميشوند، امراضى كه از آنها پير مى گردند و از پيش آمدهاى پياپى كه بر آنها وارد مى شود آگاهشان سازند، و خداوند بندگان خود را از پيمبر فرستاده، كتاب نازل شده، برهان لازم، نشانه محكم و استوار، خالى نگذاشته و محروم ننموده، رسولانى بودند كه كمى ياور و بسيارى دشمن كوتاهى در كارشان پديد نياورده هر سابقى از آنان لاحق خود را كه از بعد او مى آيد بنام و نشان معرّفى كرده و يا لاحق سابق خود را نشان داده بود،

نظم

  • چو فرزندان آدم گشت بسيارو ز آنان كفرها آمد پديدار
  • شياطين برزد از آنان ره هوش خدا گرديد از دلها فراموش
  • تمامى حقّ حق در زير پا رفتبزير پاى احكام خدا رفت
  • شدند اندر پى مشروب و مستى گرائيدند سوى بت پرستى
  • درخت دين ز ريشه گشت مقطوعز طاعت مردمان گشتند ممنوع
  • خدا پيغمبران از صلب آدم بسى آورد بهر خلق عالم
  • كه آن پيغمبران از اهل آفاقبطاعت بهر حق گيرند ميثاق
  • مبرّا ذات حق سازند ز اندادكشانندى بشر را سوى ارشاد
  • ز پيمان الستى يادش آرندبدلها بذر علم و دين بكارند
  • كه تبليغ با برهان و حجّت زبان نرم و قلبى پر محبّت
  • خزينه عقل آن درّ نسفتهكه اندر كوه كفران شد نهفته
  • هم اين آيات بى پايان قدرت امانات و وديعتهاى فطرت
  • ببالاى سر از اين سقف مرفوعبزير پاى از اين مهد موضوع
  • ز اسبابى كه باعث برحيات است ز اشيائى كه مورث بر ممات است
  • ز نور و روشنى و ز تيرگيها;ز پيريها و از افسردگيها
  • ز بد پيش آمدنهاى حوادث گهى معدوم گشتن گاه حادث
  • بشر آگاه از اين جمله سازندلواى حق پرستى بر فرازند
  • مگر مردم شوند از راه كج بازبتوحيد خدا گردند دمساز
  • نبوده خلق خالى از پيمبرز بدو آفرينش تا بمحشر
  • كتابى بوده در هر وقت منزل رسولى بوده در هر عصر مرسل
  • هميشه حجّتى چون مهر رخشانبشر را رهنما بوده است از جان
  • رسولان كه نفرمودند تقصيرنترسيدند از تكذيب و تكفير
  • نه بيمى داشتند از ملّت خويشنه باكى داشتند از قلّت خويش
  • براه حق هميشه بوده پويابگفت حق هميشه بوده گويا
  • همه با رمز و تصريح و اشارترسول بعد را داده بشارت
  • ز ابراهيم و اسماعيل مذبوح خبر بر امّت خود داده بد نوح
  • باسرائيليان فرمود موسىكه بعد از من شود مبعوث عيسى
  • هويدا گشت چون عيسى بن مريم حواريين خود را گفت او هم
  • پس از انجيل با قرآن سرمدرسول يأتي من بعد اسمه أحمد

القسم التاسع

على ذلك نسلت القرون، و مضت الدّهور، و سلفت الأباء، و خلفت الأبناء،

ترجمه

بدين منوال قرنها گذشت، روزگارها سپرى شد، پدرهائى رفتند، پسرهائى آمدند،

نظم

چو بگذشت از جهان عيسى بن مريمجهان گرديد همچون ليل مظلم

عيان فسق و فجور اندر جهان شدديانت رفت و در كنجى نهان شد

بشر افتاد در تيه ضلالتشناور شد بدرياى جهالت

همه روى زمين با هم مخالف بدستورات شيطانى مؤالف

تمامى پيرو نفس و هواهابدست خود تراشيده خداها

يكى ذات خداوند از سفاهت به سنگ و چوب مى كردى بشاهت

بخود ننگ جهالت مى پسنديدهمان مصنوع خود را مى پرستيد

گروهى شمس رخشان را ستودندگروهى سجده بر آتش نمودند

يكى سرگرم كار بت پرستىيكى در عيش و نوش و كفر و مستى

قرونى چند اينسان ماه و خورشيدبا قوامى چنين از چرخ تابيد

پدرها زندگى كردند و مردندپسرها زان پدرها ارث بردند