الثالثة و السبعون من حكمه عليه السّلام
(73) و من خبر ضرار بن ضمرة الضّبابي عند دخوله على معاوية و مسألته له عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه و قد أرخى اللّيل سدوله و هو قائم في محرابه، قابض على لحيته، يتململ تململ السليم، و يبكى بكاء الحزين، و يقول: يا دنيا يا دنيا، إليك عنّي، أبي تعرّضت أم إليّ تشوّفت لا حان حينك، هيهات غرّي غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعيشك قصير، و خطرك يسير، و أملك حقير. آه من قلّة الزّاد، و طول الطّريق، و بعد السّفر، و عظيم المورد.
اللغة
(السدل) ج: أسدال و سدول و أسدل: السّتر، يقال: أرخى الليل سدوله أى أرسل أستار ظلمته (سلمته) الحيّة: لدغته فهو سليم ج: سلمى- المنجد.
و (التململ) عدم الاستقرار من المرض كأنه على ملة، و هي الرّماد الحارّ
(لا حان حينك) أي لا حضر وقتك، (تشوّفت) الجارية أي تزيّنت- صحاح.
الاعراب
و قد أرخى اللّيل سدوله، جملة حاليّة عن فاعل رأيته، و هو قائم يصلّي- إلخ حاليّة اخرى عن المفعول الأوّل له و هو الضمير الثاني، قائم في محرابه، خبر هو، قابض، خبر ثان له، يتململ- إلخ، حال عنه، يا دنيا، من باب المنادى المعرفة لا حان حينك، دعاء عليها أي لا حضر وقتك كما تقول: لا كنت.
المعنى
(ضرار بن ضمرة) قال في التنقيح: من خلّص أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام حسن الحال، فصيح المقال، انتهى.
و ننقل هذه الرّواية عن شرح المعتزلي بسند ثان فهو أوفى و أكمل قال: و ذكر أبو عمر بن عبد البرّ في كتاب الاستيعاب، هذا الخبر، فقال: حدّثنا عبد اللَّه بن محمّد بن يوسف، قال: حدّثنا يحيي بن مالك بن عائد، قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن محمّد بن مقلة البغدادي بمصر. و حدّثنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن دريد، قال: حدّثنا العكلي، عن الحرمازى، عن رجل من همدان، قال: قال معاوية لضرار الضبائي: يا ضرار صف لي عليّا، قال: اعفني يا أمير المؤمنين، قال: لتصفّنه، قال: أمّا إذا لا بدّ من وصفه، فكان و اللَّه بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، و يحكم عدلا، يتفجّر العلم من جوانبه، و تنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدّنيا و زهرتها، و يأنس بالليل و وحشتها، و كان غزيرة العبرة، طويل الفكرة، يعجبه من اللّباس ما قصر، و من الطعام ما خشن، كان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه، و ينبئنا إذا استفتيناه، و نحن و اللَّه مع تقريبه إيّانا و قربه منّا، لا نكاد نكلّمه هيبة له، يعظم أهل الدين، و يقرب المساكين، لا يطمع القويّ في باطله، و لا ييأس الضعيف من عدله، و أشهد لقد رأيته في بعض مواقفه و قد أرخى الليل سدوله، و غارت نجومه، قابضا على لحيته، يتململ تململ السّليم، و يبكي بكاء الحزين، و يقول: يا دنيا غرّي غيرى، أبى تعرّضت أم إلىّ تشوّقت هيهات هيهات، قد باينتك ثلاثا لا رجعة لى فيها، فعمرك قصير، و خطرك حقير آه من قلّة الزاد، و بعد السّفر، و وحشة الطريق، فبكى معاوية و قال: رحم اللَّه أبا حسن، كان و اللَّه كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار قال: حزن من ذبح ولدها في حجرها.
أقول: من أخبث مكائد معاوية بعد تسلّطه على الكوفة و سيطرته على أصحاب أمير المؤمنين أن يجلبهم إلى الشّام بشتّى الوسائل من دعوة وديّة أو تهريب من ظلم عمّاله أو تهديد أو غير ذلك من الوسائل ثمّ يحضرهم في حفلته الغاصّة بالرّجال و يسألهم عن وصف عليّ عليه السّلام حتّى يذكروا له عيبا بحضرة الناس و يتّهموه فيستفيد من كلامهم لتأييد سياسته.
و ممّن وقع في حبالته ضرار بن ضمرة و كان من خواصّ عليّ و من أهل الزهد و العبادة فأمره بتوصيف عليّ عليه السّلام، و قد وصفه ضرار بهذا الوصف البالغ في الخطورة من نواح شتّى، معرضا بذلك على معاوية و ناصحا و واعظا له، و نشير إلى بعض ما ذكره رضوان اللَّه عليه: افتتح ضرار رضوان اللَّه عليه توصيفه لعليّ عليه السّلام بأنّه (كان بعيد المدى) أي عالي الهمّة ناظر إلى المعالي القدسيّة، و تارك للأهواء الخسيسة المادّية مع شدّة قواه المعنوية، و نواياه الملكوتية، و كأنه إشارة إلى قوله تعالى في سورة النجم «علّمه شديد القوى» و هو وصف جبرئيل حامل الوحي إلى النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله (يقول: فصلا) أي ينطق بما هو الحقّ الصّريح، مأخوذا من الوحي الصحيح و كأنه إشارة إلى قوله تعالى في سورة الطّارق «إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ» و كان يحكم بالعدل لا يخالطه جور و باطل، منبع ذخّار للعلم قولا و عملا و بحر ضخم للحكمة من كلّ ناحية، زاهد في الدّنيا متنفّر عنها، يطلب الخلوة و الانعزال عن أهل الدّنيا فيأوي إلى اللّيل و وحشته، هذه صفاته المعنوية العقليّة و الوجدانيّة.
ثمّ شرع في وصفه الظاهر فقال: يبكي و يسيل الدّموع الغزيرة من خوف اللَّه
و من ترحّمه على الضعفاء و الفقراء، و يتفكر طويلا في اصلاح الامور.
ثمّ وصفه عليه السّلام في زيّه و لباسه و مأكله فقال: يعيش عيش الفقراء و المساكين حتّى يعجبه اللباس القصير و الطعام الخشن لم يلاحظ لنفسه امتيازا و لا مثارة و امارة للرياسة، بل كان فينا كأحدنا يجيب مسائلنا و يفتينا، و ليكن له هيبة معنوية في قلوبنا، ثمّ يبين معاملته مع عموم الناس و رعايته للعدل الاجتماعي في هذه الفصول: 1- يعظم أهل الدّين فلا حرمة عنده إلّا للدّين و أهله.
2- يقرّب المساكين و لا يلتفت إلى زبرجة الأغنياء و المثرين.
3- لا نفوذ فيه لأهل القوّة و الثروة فيستميلونه لأغراضهم، بل لا طمع لهم في ذلك.
4- لا يقطع رجاء الضعيف من عدله و أخذه له بحقّه و إن كان خصمه قويّا ذا مال و جاه و ثروة.
ثمّ شرع بعد ذلك في بيان خوفه عن اللَّه و زهده في الدّنيا و صوّره لمعاوية بما لا مزيد عليه
حتّى أثّر في هذه الصّخرة الصمّاء و القلب القاسى الأعمى فبكى.
و أظنّ أنّ بكاء معاوية لم يكن عن خوف من اللَّه و إذعان للحقّ، بل كان كما يبكى الصبىّ من ألم الابرة إذا نفذت في جسمه حيث إنّ كلّ جملة ألقاها إليه هذا البطل المجاهد في فضيلة عليّ عليه السّلام تكون أوقع من السّهم على قلبه و كبده فهو مع كمال تجلّده و تحلّمه الذي كان الركن الوثيق لسياسته العوجاء، لم يقدر على المقاومة تجاه هذه الضربات البطولية النافذة على قلبه القاسي، فلم يحر جوابا و لم يجترى على إسكات القائل لما اخذ منه العهد ضمنا بقوله أو تعفيني، فتحلّم ألم هذه الرّميات المتتابعات حتّى نفد صبره و شرع يبكي من الألم و الغمّ الّذي دخله من مشاهدة هذا البطل الّذي يجاهده بسيف لسانه في عقر داره، و هو يرى نفسه متّكأ على سرير الملك و السّطوة، ثمّ أخبره هذا البطل في آخر كلامه عن مقدار حبّه لعليّ عليه السّلام و بغضه له حيث أجابه بأنّ حزني على عليّ عليه السّلام كحزن أمّ ذبح ولدها في حجرها، هذا تصريح بحبّه لعليّ عليه السّلام بما لا مزيد عليه و تلويح لبغضه له، و هل قتل عليّ عليه السّلام إلّا بمخالفة معاوية معه و بكيده و مكره
الترجمة
متن كامل خبر بروايت مندرجه در شرح معتزلى ترجمه مى شود: معاويه بضرار ضبابى گفت: أى ضرار علي را براى من وصف كن، در پاسخ گفت: يا أمير المؤمنين مرا معاف دار، گفت: البته بايد او را وصف كنى، در پاسخ گفت: چون ناچارم مى گويم: بخدا، والا همت بود، شديد القوى بود، صرحى و قاطع سخن مى گفت، بدادگرى حكومت ميكرد، دانش از همه سويش فرو مى ريخت و در پيرامونش حكمت گويا بود، از دنيا و شكوفانيش گريزان بود، بشب پر هراس انس داشت، اشكش فراوان، انديشه اش طولانى بود، جامه كوتاه درويشانه را خوش مى داشت و خوراك ناهموار را، در ميان جمع ما چون يكى از ما بود هر پرسشى داشتيم جواب مى داد، و چون از او فتوى مى خواستيم ما را آگاه ميكرد بخدا با اين كه ما را بخود بسيار نزديك ميكرد و با او همنشين بوديم، بسا كه از هيبت الهية او جرئت سخن با او را نداشتيم، اهل دين را بزرگ مى داشت، و مساكين را بخود نزديك ميكرد، هيچ نيرومندى طمع نداشت كه ناحقى بسود خود از او بخواهد، و هيچ بينوائى از دادگرى او نوميد نبود.
من خود گواهم كه در يكي از مواقفش وى را ديدم در حالى كه شب از نيمه گذشته، و پرده هاى تاريكى خود را بر جهان گسترده بود، و أخترانش در چاه مغرب فرو شده بودند، دست بر ريش داشت و چون مار گزيده بر خود پيچ و تاب مى خورد و بمانند مصيبت زده اى مى گريست و مى گفت: أى دنيا ديگرى را فريب بده، خود را بمن عرضه مى دارى براى من زيور نمائى و كرشمه ميكنى هيهات هيهات، من تو را سه طلاقه كردم كه رجوع ندارد، عمرت كوتاه است، و قدرت اندك، آه و افسوس از توشه كم، و دورى سفر. و راه پر خطر.
معاويه گريست و گفت: خدا ابو الحسن را رحمت كناد، بخدا همچنين بود
أى ضرار اندوه تو بر وى چونست گفت: چون اندوه مادرى كه فرزندش را در دامنش سر بريده باشند.
- على را يكى يار همگام بود ضرار بن ضمره ورا نام بود
- بچرخيد چرخ و كشاندش بزوربدرگاه بن حرب نيرنگ پور
- از او خواست وصف على را بجد بپاسخ برآمد، يل و مستعد
- بگفتا گواهم كه خود ديدمشبيك ايستگاهى و سنجيدمش
- شب افكنده صد پرده نيلگون سراسر جهان در سكوت و سكون
- على بر سر پا بمحراب خويشنظر سوى حق است پاكش بريش
- چنان در تلاطم كه مارش زده سرشكش رخ غمگسارش زده
- بدنيا همي گفت از من بدورمكن عرضه خود را بمن اي شرور
- كرشمه بمن مى فروشي برو نيايد چنين روزت اندر گرو
- بدورى ز من ديگري را فريبنخواهم ز تو حاجت و نى نصيب
- طلاق تو دادم سه بار و ديگر ندارم رجوعى برايت بسر
- كه عيش تو كوتاه و قدرت زبونتو را آرزو كوچك و سرنگون
- صد افسوس زين توشه كم مرا و زين راه پر طول و پر خم مرا
- سفر بس دراز است و پر ترس و بيمورودم بدرگاه حق بس عظيم
( منهاج البراعه فی شرح نهج البلاغه(الخوئی) ج 21 ص111-116)
|