297: وَ قَالَ ع لِلْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ وَ قَدْ عَزَّاهُ عَنِ ابْنٍ لَهُ- يَا أَشْعَثُ إِنْ تَحْزَنْ عَلَى ابْنِكَ- فَقَدِ اسْتَحَقَّتْ ذَلِكَ مِنْكَ الرَّحِمُ- وَ إِنْ تَصْبِرْ فَفِي اللَّهِ مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ خَلَفٌ- يَا أَشْعَثُ إِنْ صَبَرْتَ- جَرَى عَلَيْكَ الْقَدَرُ وَ أَنْتَ مَأْجُورٌ- وَ إِنْ جَزِعْتَ جَرَى عَلَيْكَ الْقَدَرُ وَ أَنْتَ مَأْزُورٌ- يَا أَشْعَثُ ابْنُكَ سَرَّكَ وَ هُوَ بَلَاءٌ وَ فِتْنَةٌ- وَ حَزَنَكَ وَ هُوَ ثَوَابٌ وَ رَحْمَةٌ قد روي هذا الكلام عنه ع- على وجوه مختلفة و روايات متنوعة- هذا الوجه أحدها- و أخذ أبو العتاهية ألفاظه ع- فقال لمن يعزيه عن ولد-
و لا بد من جريان القضاء إما مثابا و إما أثيما
- . و من كلامهم في التعازي- إذا استأثر الله بشي ء فاله عنه- و تنسب هذه الكلمة إلى عمر بن عبد العزيز- . و ذكر أبو العباس في الكامل- أن عقبة بن عياض بن تميم أحد بني عامر بن لؤي- استشهد فعزى أباه معز- فقال احتسبه و لا تجزع عليه فقد مات شهيدا- فقال عياض أ تراني كنت أسر به- و هو من زينة الحياة الدنيا- و أساء به و هو من الباقيات الصالحات- .
و هذا الكلام مأخوذ من كلام أمير المؤمنين ع- . و من التعازي الجيدة قول القائل-
و من لم يزل غرضا للمنون يتركه كل يوم عميدا
فإن هن أخطأنه مرة
فيوشك مخطئها أن يعودا
فبينا يحيد و أخطأنه قصدن فأعجلنه أن يحيدا
- . و قال آخر
هو الدهر قد جربته و عرفته فصبرا على مكروهه و تجلدا
و ما الناس إلا سابق ثم لاحق
و فائت موت سوف يلحقه غدا
- . و قال آخر
أينا قدمت صروف الليالي فالذي أخرت سريع اللحاق
غدرات الأيام منتزعات
عنقينا من أنس هذا العناق
- . ابن نباتة السعدي-
نعلل بالدواء إذا مرضنا و هل يشفي من الموت الدواء
و نختار الطبيب و هل طبيب
يؤخر ما يقدمه القضاء
و ما أنفاسنا إلا حساب و ما حركاتنا إلا فناء
- . البحتري
إن الرزية في الفقيد فإن هفا جزع بلبك فالرزية فيكا
و متى وجدت الناس إلا تاركا
لحميمه في الترب أو متروكا
لو ينجلي لك ذخرها من نكبة جلل لأضحكك الذي يبكيكا
- .و كتب بعضهم إلى صديق له مات ابنه- كيف شكرك لله تعالى- على ما أخذ من وديعته و عوض من مثوبته- . و عزى عمر بن الخطاب أبا بكر عن طفل- فقال عوضك الله منه ما عوضه منك- فإن الطفل يعوض من أبويه الجنة- . و
في الحديث المرفوع من عزى مصابا كان له مثل أجره
و قال ع من كنوز السر كتمان المصائب- و كتمان الأمراض و كتمان الصدقة
- و قال شاعر في رثاء ولده-
و سميته يحيى ليحيا و لم يكن إلى رد أمر الله فيه سبيل
تخيرت فيه الفأل حين رزقته
و لم أدر أن الفأل فيه يفيل
- . و قال آخر
و هون وجدي بعد فقدك أنني إذا شئت لاقيت امرأ مات صاحبه
- . آخر
و قد كنت أرجو لو تمليت عيشة عليك الليالي مرها و انتقالها
فأما و قد أصبحت في قبضة الردى
فقل لليالي فلتصب من بدا لها
- أخذه المتنبئ فقال-
قد كنت أشفق من دمعي على بصري فاليوم كل عزيز بعدكم هانا
- و مثله لغيره
فراقك كنت أخشى فافترقنا فمن فارقت بعدك لا أبالي
( . شرح نهج البلاغه (ابن ابی الحدید) ج 19، ص 192 - 194)
|