أين المانع للذّمار، و الغائر عند نزول الحقائق من أهل الحفاظ العار (النّار خ ل) وراءكم و الجنّة أمامكم.
اللغة
(الذّمار) ما يلزمك حفظه من الأهل و المال و الولد و (غار) على امرأته و هي عليه تغار غيرة و غيرا و غارا و غيارا فهو غائر و غيران و هي غيرى.
المعنى
ثمّ أخذ في تحريض أصحابه على القتال بلفظ مهيج لهم على ايقاد نار الحرب و إضرامها فقال: (أين المانع للذّمار) اللّام للجنس و الاستفهام للالهاب (و الغائر عند نزول الحقائق من أهل الحفاظ) أي صاحب الغيرة و الحميّة من أهل المحافظة عند نزول الشدائد و النوازل الثابتة (العار وراءكم) و في بعض النسخ النار بدل العار (و الجنّة أمامكم) يعنى في الهرب و الادبار من الحرب عار في الأعقاب و نار يوم الحساب و في الاقبال و التقدم عليه الجنّة و حسن الماب، فمن تولّى عنه خسر و خاب و من سعى إليه نال عظيم الثواب.
تذييل
روى العلّامة المجلسيّ (ره) في البحار هذا الكلام له عليه السّلام من كتاب صفّين لنصر بن مزاحم قال: قال نصر حدّثنا عمر بن سعد عن عبد الرّحمان بن جندب عن أبيه قال: لما كان غداة الخميس لسبع خلون من صفر سنة سبع و ثلاثين و صلّى علىّ عليه السّلام الغداة فغلّس ما رأيت عليّا عليه السّلام غلّس بالغداة أشدّ من تغليسه يومئذ و خرج بالناس إلى أهل الشّام فزحف نحوهم و كان هو يبدئهم و يسير إليهم فاذا رأوه قد زحف استقبلوه بزحوفهم.
و عن عمر بن سعد عن مالك بن أعين عن زيد بن وهب قال لمّا خرج عليّ عليه السّلام إليهم غداة ذلك اليوم فاستقبلوه رفع يديه إلى السماء فقال: اللّهمّ ربّ هذا السقف المحفوظ المكفوف، الذي جعلته مغيضا للّيل و النّهار و جعلت فيه مجرى الشمس و القمر، و منازل الكواكب و النجوم، و جعلت سكّانه من الملائكة لا يسأمون العبادة.
و ربّ هذه الأرض التي جعلتها قرارا للأنام و الهوامّ و الأنعام، و ما لا يحصى ممّا يرى و ممّا لا يرى من خلقك العظيم.
و ربّ الفلك الّتي تجرى في البحر بما ينفع النّاس، و ربّ السّحاب المسخّر بين السّماء و الأرض و ربّ البحر المسجور المحيط بالعالمين و ربّ الجبال الرّواسى الّتي جعلها للأرض أوتادا و للخلق متاعا إن أظهرتنا على عدوّنا فجنّبنا البغي و سدّدنا للحقّ و إن أظهرتهم علينا فارزقنا الشّهادة و اعصم بقيّة أصحابي من الفتنة.
قال: فلمّا رأوه قد أقبل تقدّموا إليه بزحوفهم و كان على ميمنته يومئذ عبد اللّه بن بديل و النّاس على راياتهم و مراكزهم و عليّ عليه السّلام في القلب في أهل المدينة جمهورهم الأنصار و معه من خزاعة و كنانة عدد حسن.
قال نصر: و رفع معاوية قبّة عظيمة و ألقى عليه الكرابيس و جلس تحتها و كان لهم قبل هذا اليوم ثلاثة أيّام و هو اليوم الرّابع من صفر، فخرج في هذا اليوم محمّد ابن الحنفيّة في جمع من أهل العراق فأخرج إليه معاوية عبيد اللّه بن عمر بن الخطاب في جمع من أهل الشام فاقتتلوا فطلب عبيد اللّه محمّدا إلى المبارزة فلمّا خرج إليه دعاه عليّ عليه السّلام و خرج بنفسه راجلا بيده سيفه و قال أنا أبارزك فهلمّ فقال عبيد اللّه لا حاجة بي إلى مبارزتك فرجع عليه السّلام إلى صفّه هذا.
و قد تقدّم جمل وقايع صفين في شرح الكلام الخامس و الستّين و غيره ممّا نبّهناك عليه هناك.
|