موضوع

8 فلسفه و راه آورد حج

متن خطبه

وَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ«» حَجَّ بَيْتِهِ الَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلْأَنَامِ يَرِدُونَهُ وُرُودَ الْأَنْعَامِ وَ يَأْلَهُونَ إِلَيْهِ وُلُوهَ الْحَمَامِ جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلَامَةً لِتَوَاضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ وَ إِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ وَ اخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمَّاعاً أَجَابُوا إِلَيْهِ دَعْوَتَهُ وَ صَدَّقُوا كَلِمَتَهُ وَ وَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِيَائِهِ وَ تَشَبَّهُوا بِمَلَائِكَتِهِ الْمُطِيفِينَ بِعَرْشِهِ يُحْرِزُونَ الْأَرْبَاحَ فِي مَتْجَرِ عِبَادَتِهِ وَ يَتَبَادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعِدَ مَغْفِرَتِهِ«» جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى لِلْإِسْلَامِ عَلَماً وَ لِلْعَائِذِينَ حَرَماً فَرَضَ حجه«» وَ أَوْجَبَ حقه وَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفَادَتَهُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ

ترجمه مرحوم فیض

(45) و (اشاره به بعضى اسرار بناى كعبه و اعمال حجّ گزاران و اينكه زيارت آن براى كسيكه متمكّن به رفتن آنجا باشد واجب است) خداوند متعال حجّ بيت الحرام (حجّ خانه اى كه بر واردين به آنجا بسيارى از چيزها حرام شده) را بر شما واجب گردانيد، و آنرا قبله مردم قرار داد، حجّ گزاران در آنجا وارد ميشوند مانند ورود چهارپايان (ازدحام ايشان در آن خانه براى درك ثواب مانند ازدحام چهارپايان تشنه است بر سر آب) و اشتياق دارند آمدن به آنجا را مانند اشتياق كبوتران (به آشيانه خود) (46) خداوند سبحان آن خانه را براى فروتنى مردم در مقابل عظمت و بزرگيش و براى تصديق آنان به عزّت و سلطنتش علامت و نشانه قرار داد و برگزيد از بندگان خود شنوندگانى را كه اجابت كردند دعوت او را (براى رفتن به آنجا، چنانكه در قرآن كريم س 22 ى 27 مى فرمايد: وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يعنى اى ابراهيم در ميان مردم فرياد كن و ايشان را بحجّ كردن دعوت نما، به خانه اى كه تو بناء كرده اى مردمان پياده و سواره از هر راه دورى مى آيند و اگر چه مركب ايشان شتر ضعيف و لاغر باشد) و فرمان او را تصديق كرده انجام دادند و در جاى پيغمبران ايستاده خود را به ملائكه كه عرش خداى تعالى را طواف ميكنند تشبيه نمودند، سود بسيارى در بازرگانى بندگى و پرستش حقّ تعالى (بوسيله سرمايه ايمانى) بدست مى آورند، و مى شتابند و از همه پيشى مى گيرند (براى رسيدن) نزد وعده گاه آمرزش او، (47) خداوند سبحان آن خانه را علامت و نشانه اسلام و پناهگاه پناهندگان قرار داد و حجّ آنرا واجب كرد و احترامش را لازم دانست و رفتن به آنجا را امر كرد، پس (در قرآن كريم س 3 ى 97) فرمود: حجّ بيت الحرام حقّ خداى تعالى است بر مردم (و اداى آن حقّ واجب است) بر كسيكه رفتن آنجا را توانائى داشته باشد و هر كه كافر شود (در صورت استطاعت امر الّهى را انجام ندهد) به خداى تعالى زيانى وارد نياورده چون خداوند بى نياز است از همه جهانيان (به ايمان و عبادت بندگان حاجت ندارد، پس زيان را كسى برد كه نافرمانى كند).

ترجمه مرحوم شهیدی

از اين خطبه است كه حج را ياد كرده است

زيارت خانه اش را فريضه كرد بر شما مردمان كه قبله اش ساخت براى همگان، و آمدنگاه مسلمانان، تا بدان در آيند چون چارپايان و بدان پناه برند چون كبوتران، و دو نشانه براى دينداران: فروتنى برابر عظمت او، و اعتراف به عزّت او، و از آفريدگانش آن را گزيد كه چون دعوت او شنيد در گوش كشيد، و به جان و دل خريد. اينان به راه افتادند، و پا بر جاى پاى پيامبران نهادند، و چون فرشتگان گرد عرش بر پاى بندگى ايستادند. بر سودهاى روز بازار عبادت هر دم فزودند، و به هنگام تشريف، مغفرت او را از يكديگر ربودند. خدا كعبه را براى اسلام نشان، و براى پناهندگان خانه امان ساخت، رفتن به سوى خانه را واجب گرداند، و حقّ آن را بشناساند و بندگان را به زيارت آن خواند كه فرمود: «بر هركس كه تواند، زيارت خانه واجبى از سوى خداى بى انباز است، و آن كه سر باز زند خدا از جهانيان بى نياز است.»

ترجمه مرحوم خویی

الترجمة

و واجب گردانيد حق تعالى بر شما حج خانه خود را كه حرام است بر مشركين داخل شدن او، چنان خانه كه گردانيده است آنرا قبله خلقان در حالتى كه وارد ميشوند بر آن با ازدحام مثل وارد شدن حيوانات بر آب در وقت تشنگى، و شايق ميشوند بسوى آن مثل اشتياق كبوتران حرم بآشيان خودشان، گردانيد خداوند آن خانه را علامت و نشانه بجهت فروتنى و تواضع آنها مر بزرگوارى و عظمت خود را، و بجهة اعتقاد و يقين آنها مر عزّت و سلطنت او را، و پسنديد از خلق خود شنوندگان كه اجابت كردند بجهة او دعوت او را، و تصديق نمودند از براى او كلمه تامه او را، و بايستادند ايشان در جاى ايستادن انبياء مرسلين، و متشبه شدند بملائكه مقرّبين كه طواف كنندگانند بر عرش رب العالمين در حالتى كه جمع آورى ميكنند ايشان سودها و منفعتها در تجارتگاه پرستش او، و مى شتابند و سرعت ميكنند بر وعدگاه آمرزش او گردانيد آن خانه را خداوند نشانه و علامت از براى دين اسلام، و حرم و مأمن بجهه پناه برندگان، واجب نمود حج آنرا و لازم گردانيد حقّ آن را و متحتم فرمود آمدن آن را بجهة كسب فيض و سعادت پس فرمود، مر خداى راست بر بندگان حج بيت الحرام هر كسى كه تمكن داشته باشد بسوى او از حيثيت راه، و هر كس كافر باشد يعنى ترك حج نمايد پس به تحقيق خداوند ملك منّان غني و بى نياز است از همه عالميان يعنى امر فرمودن خداوند ايشان را بعبادت نيست بجهة افتقار و حاجت بلكه بجهة وجود مصلحتست در طاعات و عبادات.

شرح ابن میثم

الفصل الخامس منها. قوله: في ذكر الحج

وَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلْأَنَامِ يَرِدُونَهُ وُرُودَ الْأَنْعَامِ وَ يَأْلَهُونَ إِلَيْهِ وُلُوهَ الْحَمَامِ وَ جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلَامَةً لِتَوَاضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ وَ إِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ وَ اخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمَّاعاً أَجَابُوا إِلَيْهِ دَعْوَتَهُ وَ صَدَّقُوا كَلِمَتَهُ وَ وَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِيَائِهِ وَ تَشَبَّهُوا بِمَلَائِكَتِهِ الْمُطِيفِينَ بِعَرْشِهِ يُحْرِزُونَ الْأَرْبَاحَ فِي مَتْجَرِ عِبَادَتِهِ وَ يَتَبَادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعِدَ مَغْفِرَتِهِ جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى لِلْإِسْلَامِ عَلَماً وَ لِلْعَائِذِينَ حَرَماً فَرَضَ حَقَّهُ وَ أَوْجَبَ حَجَّهُ وَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفَادَتَهُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ

اللغة

أقول: يألهون إليه أي يشتدّ وجدهم و شوقهم إليه و أصل الهمزة هاهنا الواو من و له إذا تحيّر من شدّة الوجد، و السماع جمع سامع كسامر و سماع و المبادرة المسارعة، و الوفادة القدوم للاسترفاد و الانتفاع،

المعنى

و اعلم أنّا لمّا بيّنا وجوب العبادات و أشرنا إلى وجه الحكمة فيها فبالحريّ أن نشير إلى وجه الحكمة في خصوص الحجّ من جملتها، و نؤخّر تفصيل باقيها إلى مواضعه، و إنشاء اللّه فأمّا الحجّ فإنّك لمّا عرفت أنّ الغرض الأوّل من العبادات هو جذب الخلق إلى جناب الحقّ بالتذكير له و دوام إخطاره بالبال لتجلّى لك الأسرار على طول التذكار، و ينتهى في ذلك من أخذت العناية بيده إلى مقام المخلصين فمن جملة أسرار اللّه سبحانه المنزلة على لسان رسوله تعيين موضع من البلاد أنّه أصلح المواضع لعبادة اللّه، و أنّه خاصّ له و لا بدّ أنّ تبنى مثل هذه الأوضاع على إشارات و رموز إلى مقاصد حقيقيّة يتنبّه لها من أخذ التوفيق بزمام عقله إليها، و لا بدّ من تعيين أفعال تفعل في ذلك المكان و أنّها إنّما تفعل في ذات اللّه سبحانه، و أنفع المواضع المعيّنة في هذا الباب ما كان مأوى الشارع و مسكنه فإنّ ذلك مستلزم لذكره، و ذكره مستلزم لذكر اللّه سبحانه و ذكر ملائكته و اليوم الآخر، و لمّا لم يمكن في المأوى الواحد أن يكون مشاهدا لكلّ أحد من الامة فالواجب إذن أن يفرض إليه مهاجرة و سفر و إن كان فيه نوع مشقّة و كلفة من تعب الأسفار و إنفاق المال و مفارقة الأهل و الولد و الوطن و البلد، و نحن نذكر فضيلته من جهة السمع ثمّ نشير إلى ما ينبغي أن يوظّف فيه من الآداب الدقيقة و الاعمال الباطنة عند كلّ حركة و ركن من أركان الحجّ مما يجرى من تلك الأركان مجرى الأرواح للأبدان فإذن

هاهنا أبحاث.

البحث الأوّل أمّا الفضيلة

فمن وجوه: الأوّل قوله تعالى«وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ»«» قال قتادة: لمّا أمر اللّه عزّ و جلّ خليله إبراهيم عليه السّلام أن يؤذّن في الناس و نادى أيّها الناس إنّ للّه بيتا فحجوّه، و قال تعالى«لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ»«» قيل: التجارة في المواسم و الأجر في الآخرة، و لمّا سمع بعض السلف هذا قال غفر لهم و ربّ الكعبة، الثاني قال عليه السّلام: من حجّ و لم يرفث و لم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته امّه، و قد عرفت كيفيّة نفع العبادات في الخلاص من الذنوب. الثالث قال صلى اللّه عليه و آله: ما رأى الشيطان في يوم هو أصغر و لا أحقر و لا أغيض منه يوم عرفة، و ما ذلك إلّا لما يرى من نزول الرحمة و تجاوز اللّه عن الذنوب العظام إذ يقال من الذنوب ما لا يكفّرها إلّا الوقوف بعرفة. أسنده الصادق عليه السّلام إلى الرسول صلى اللّه عليه و آله و كان سرّ ذلك ما يحصل من رحمة اللّه و يفاض على أسرار العبادة الّتي قد صفت بشدّة الاستعداد الحاصل من ذلك الموقف العظيم الّذي يجتمع فيه العالم أشدّ اجتماع، فإنّ الاجتماع سبب عظيم في الانفعال و الخشية للّه و قبول أنواره كما سنبيّنه إنشاء اللّه. الرابع قال صلى اللّه عليه و آله: حجّة مبرورة خير من الدنيا و ما فيها، و حجّة مبرورة ليس لها أجر إلّا الجنّة قال صلى اللّه عليه و آله: الحجّاج و العمّار وفد اللّه و زوّاره إن سألوه أعطاهم، و إن استغفروه غفر لهم، و إن دعوه استجاب لهم، و إن شفعوا إليه شفّعهم. السادس روى عنه صلى اللّه عليه و آله من طرق أهل بيته عليهم السّلام أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفة و ظنّ أنّ اللّه لم يغفر له، و في فضل جزئيّات الحجّ أخبار كثيرة تطلب من مظانّها.

البحث الثاني في الآداب الدقيقة

و هي عشرة: الأوّل أن تكون النفقة حلالا و يخلو القلب عن تجارة تشغله سوى اللّه تعالى، و في الخبر من طريق أهل البيت إذا كان آخر الزمان خرج الناس إلى الحجّ على أربعة أصناف سلاطينهم للنزهة، و أغنيائهم للتجارة، و فقراؤهم للمسألة و قرّاؤهم للسمعة، و في الخبر إشارة إلى جملة أغراض الدنيا الّتي يتصوّر أن يتّصل بالحجّ، فكلّ ذلك مانع لفضيلة الحجّ و مقصود الشارع منه، الثاني أن لا يساعد الصادّين عن سبيل اللّه و المسجد الحرام بتسليم المكوس إليهم فإنّ ذلك إعانة على الظلم و تسهيل لأسبابه و جرأة على سائر السالكين إلى اللّه، و ليحتل في الخلاص فإن لم يقدر فالرجوع أولى من إعانة الظالمين على البدعة و جعلها سنّة، الثالث التوسّع في الزاد و طيب النفس في البذل، و الإنفاق بالعدل دون البخل و التبذير، فإنّ بذل الزاد في طريق مكّة إنفاق في سبيل اللّه قال صلى اللّه عليه و آله: الحجّ المبرور ليس له أجر إلّا الجنّة فقيل يا رسول اللّه ما برّ الحجّ قال: طيب الكلام و إطعام الطعام، الرابع ترك الرفث و الفسوق و الجدال كما قال تعالى«فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ»«» و الرفث كلّ لغو و فحش من الكلام،شرح نهج البلاغة(ابن ميثم)، ج 1 ، صفحه ى 225

و يدخل في ذلك محادثة النساء بشأن الجماع المحرّم فإنّها تهيّج داعيته و هي مقدّمة له فتحرم، و من لطف الشارع إقامة مظنّة الشي ء مقام الشي ء حسما لمادّته، و الفسوق الخروج عن طاعة اللّه، و الجدال هو المماراة و الخصومة الموجبة للضغائن و الأحقاد و افتراق كلمة الخلق (الحقّ)، و كلّ ذلك ضدّ مقصود الشارع من الحجّ و شغل عن ذكر اللّه، الخامس أن يحجّ ماشيا مع القدرة و نشاط النفس فإنّ ذلك أفضل و أدخل للنفس في الإذعان لعبوديّة اللّه، و قال بعض العلماء: الركوب أفضل لما فيه من مئونة الإنفاق، و لأنّه أبعد من الملال و أقلّ للأذى و أقرب إلى السلامة و أداء الحجّ، و هذا التحقيق غير مخالف لما قلناه، و الحقّ التفصيل، فيقال: من سهل عليه المشى فهو أفضل فإن أضعف و أدّى إلى سوء خلق و قصور عن العمل فالركوب أفضل لأنّ المقصود توفّر القوى على ذكر اللّه تعالى و عدم المشتغلات عنه. السادس أن يركب الزاملة دون المحمل لاشتماله على زىّ المترفين و المتكبّرين و لأنّه أخفّ على البعير اللهمّ إلّا لعذر. حجّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على راحلته و كان تحته رحل رثّ و قطيفة خلقة قيمته أربعة دراهم و طاف على الراحلة لينظر الناس إلى هيئته و شمائله، و قال: خذوا عنّي مناسككم. السابع أن بخرج رثّ الهيئة أقرب إلى الشعث غير مستكثر من الزينة و أسباب التفاخر فيخرج بذلك عن حزب السالكين و شعار الصالحين. و روى عنه صلى اللّه عليه و آله أنّه قال: إنّما الحاجّ الشعث التفث يقول اللّه تعالى لملائكته انظروا إلى زوّار بيتي قد جاءوني شعثا غيرا من كلّ فج. و قال تعالى«ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ» و التفث الشعث و الاغبرار و قضاؤه بالحلق و تقليم الأظفار. الثامن أن يرفق بالدابّة و لا يحملها ما لا تطيق كان أهل الورع لا ينامون على الدابّة إلّا عفوة من قعود قال صلى اللّه عليه و آله: لا تتّخذوا ظهور دوّابكم كرسيّ، و يستحبّ أن ينزل عن دابّته غدوّة و عشيّة يروّحها بذلك فهو سنّة، و سرّ ذلك مراعاة الرقّة و الرحمة و التخلّي عن القسوة و الظلم و لأنّه يخرج بالعسف عن قانون العدل و مراعاة عناية اللّه و شمولها فإنّها كما لحقت الإنسان لحقت سائر الحيوان التاسع أن يتقرّب بإراقه دم و يجتهد أن يكون سمينا ثمينا روى أنّ عمر أهدى نجيبة فطلبت منه بثلاثة مائة دينار فسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أن يبيعها و يشترى بثمنها بدنا فنهاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و قال: بل اهدها و ذلك لأنّ المقصود ليس تكثير اللحم و إنّما المقصود تزكية النفس و تطهيرها عن رذيلة البخل و تزيينها بجمال التعظيم للّه لن ينال اللّه لحومها و لا دماؤها و لكن يناله التقوى منكم قال صلى اللّه عليه و آله: ما من عمل آدميّ يوم النحر أحبّ إلى اللّه عزّ و جلّ من إهراقه دما و إنّها لتأتى يوم القيامة بقرونها و إطلافها و إنّ الدم ليقع من اللّه بمكان قبل أن يقع الأرض فطيّبوا بها نفسا. العاشر أن يكون طيّب النفس بما أنفقه من هدى و غيره، و بما أصابه من خسران و نقيصة مال إن أصابه ذلك فإنّه بذلك يكون مكتفيا إلى اللّه سبحانه عن كلّ ما أنفقه متعوّضا عنه ما عند اللّه و ذلك علامة لقبول حجّه.

البحث الثالث في الوظائف القلبيّة عند كلّ عمل من أعمال الحجّ.

اعلم أنّ أوّل الحجّ فهم موقع الحجّ في الدين ثمّ الشوق إليه ثمّ العزم عليه ثمّ قطع العلائق المانعة عنه ثمّ تهيئة أسباب الوصول إليه من الزاد و الراحلة ثمّ السير ثمّ الإحرام من الميقات بالتلبية ثمّ دخول مكّة ثمّ استتمام الأفعال المشهورة، و في كلّ حالة من هذه الحالات تذكرة للمتذكّر و عبرة للمعتبر و نيّة للمريد الصادق و إشارة للفطن الحاذق إلى أسرار يقف عليها بصفاء قلبه و طهارة باطنه إن ساعده التوفيق. أمّا الفهم فاعلم أنّه لا وصول إلى اللّه إلّا بتنحية ما عداه عن القصد من المشتهيات البدنيّة و اللذّات الدنيويّة و التجريد في جميع الحالات و الاقتصار على الضروريّات، و لهذا انفرد الرهبان في الأعصار السالفة عن الخلق في قلل الجبال توحّشا من الخلق و طلبا للانس بالخالق و اعرضوا عن جميع ما سواه، و لذلك مدحهم بقوله«ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَ رُهْباناً وَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ» فلمّا اندرس ذلك و أقبل الخلق على اتّباع الشهوات و الإقبال على الدنيا و الالتفات عن اللّه بعث نبيّه صلى اللّه عليه و آله لإحياء طريق الآخرة و تجديد سنّة المرسلين في سلوكها فسأله أهل الملل عن الرهبانيّة و السياحة في دينه فقال: أبدلنا بها الجهاد و التكبير على كلّ شرف يعنى الحجّ. و سئل عن السائحين فقال: هم الصائمون فجعل سبحانه الحجّ رهبانيّة لهذه الامة فشرّف البيت العتيق بإضافته إلى نفسه و نصبه مقصدا لعباده و جعل ما حوله حرما لبيته تفخيما لأمره و تعظيما لشأنه، و جعل عرفات كالميدان على باب حرمه و أكدّ حرمة الموضع بتحريم صيده و شجره، و وضعه على مثال حضرة الملوك يقصده الزوّار من كلّ فجّ عميق شعثا غبرا متواضعين لربّ البيت مستكينين له خضوعا بجلاله و استكانة لعزّته مع الاعتراف بتنزيهه عن أنشرح نهج البلاغة(ابن ميثم)، ج 1 ، صفحه ى 227

يحومه مكان ليكون ذلك أبلغ في رقّهم و عبوديّتهم، و لذلك وظّف عليهم فيها أعمالا لا تأنس بها النفوس و لا تهتدى إلى معانبها العقول كرمي الجمار بالأحجار و التردّد بين الصفا و المروة على سبيل التكرار، و بمثل هذه الأعمال يظهر كمال الرّق و العبوديّة بخلاف سائر العبادات كالزكاة الّتي هي إنفاق في وجه معلوم و للعقل إليه ميل، و الصوم الّذي هو كسر للشهوة الّتي هي عدوّ للّه و تفرّغ للعبادة بالكفّ عن الشواغل، و كالركوع و السجود في الصلاة الّذي هو تواضع للّه سبحانه بأفعال على هيئات التواضع و للنفوس انس بتعظيم اللّه تعالى. و أمّا أمثال هذه الأعمال فإنّه لا اهتداء للعقل إلى أسرارها فلا يكون للإقدام عليها باعث إلّا الأمر المجرّد و قصد امتثاله من حيث هو واجب الاتّباع فقط و فيه عزل للعقل عن تصرّفه و صرف النفس و الطبع عن محلّ انسه المعين على الفعل من حيث هو فإنّ كلّ ما أدرك العقل وجه الحكمة في فعله مال الطبع إليه ميلا تامّا فيكون ذلك الميل معينا للأمر و باعثا على الفعل فلا يكاد يظهر به كمال الرقّ و الانقياد، و لذلك قال صلى اللّه عليه و آله في الحجّ على الخصوص: لبّيك بحجّة حقّا تعبّدا و رقّا، و لم يقل ذلك في الصلاة و غيرها، و إذا اقتضت حكمة اللّه سبحانه ربط نجاة الخلق بكون أعمالهم على خلاف أهوية طباعهم و أن يكون أزّمتها بيد الشارع فيتردّدون في أعمالهم على سنن الانقياد و مقتضي الاستبعاد كان مالا يهتدى إلى معانيه أبلغ أنواع التعبّدات و صرفها عن مقتضي الطبع إلى مقتضي الاسترقاق، و لهذا كان مصدر تعجّب النفوس من الأفعال العجيبة هو الذهول عن أسرار التعبّدات، و أمّا الشوق فباعثه الفهم أنّ البيت بيت اللّه و أنّه وضع على مثال حضرة الملوك فقاصده قاصد اللّه تعالى و من قصد حضرة اللّه تعالى بالمثال المحسوس فجدير أن يترقّى منه بحسب سوق شوقه إلى الحضرة العلويّة و الكعبة الحقيقيّة الّتي هي في السماء و قد بنى هذا البيت على قصدها فيشاهد وجه ربّه الأعلى بحكم وعده الكريم، و أمّا العزم فليستحضر في ذهنه أنّه لعزمه مفارق للأهل و الولد، هاجر للشهوات و اللذّات مهاجر إلى ربّه، متوجّه إلى زيارة بيته و ليعظّم قدر البيت لقدر ربّ البيت و ليخلّص عزمه للّه و يبّعده عن شوائب الرياء و السمعة فإنّ ذلك شرك خفيّ، و ليتحقّق أنّه لا يقبل من عمله و قصده إلّا الخالص و أنّ من أقبح المقابح أن يقصد بيت الملك و حرمه مع اطّلاع ذلك الملك علىشرح نهج البلاغة(ابن ميثم)، ج 1 ، صفحه ى 228

خائنة الأعين و ما تخفى الصدور و يكون قصده غيره فإنّ ذلك استبدال للّذي هو أدنى بالّذي هو خير، أمّا قطع العلائق فحذف جميع الخواطر عن قلبه غير قصد عبادة اللّه و التوبة الخالصة له عن الظلم و أنواع المعاصي فكلّ مظلمة علاقة و كلّ علاقة خصم حاضر متعلّق به ينادى عليه و يقول أتقصد بيت الملوك و هو مطّلع على تضييع أمره لك في منزلك هذا و تستهين به و لا تلتفت إلى نواهيه و زواجره و لا تستحيى أن تقدم عليه قدوم العبد العاصي فيغلق دونك أبواب رحمته و يلقيك في مهاوي نقمته فإن كنت راغبا في قبول زيارتك فأبرز إليه من جميع معاصيك و أقطع علاقة قلبك عن الالتفات إلى ما وراءك لتتوجّه إليه بوجه قلبك كما أنت متوجّه إلى بيته بوجه ظاهرك، و ليذكر عند قطعه العلائق لسفر الحجّ قطع العلائق لسفر الآخرة فإنّ كلّ هذه أمثلة قريبة يترقّى منها إلى أسرارها، و أمّا الزاد فليطلبه من موضع حلال فإذا أحسّ من نفسه بالحرص على استكثاره و طيبه و طلب ما يبقى منه على طول السفر و لا يتغيّر قبل بلوغ المقصد فليذكر أنّ سفر الآخرة أطول من هذا السفر و أنّ زاده التقوى، و أمّا ما عداه لا يصلح زادا و لا يبقى معه إلّا رثيما هو في هذا المنزل و ليحذر أن يفسد أعماله الّتي هي زاده إلى الآخرة بشوائب الرياء و كدورات التقصير فيدخل في قوله تعالى«هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً»«» و كذلك فليلاحظ عند ركوب دابّته تسخير الحيوان له و حمله عنه الأذى، و يتذكّر منّته تعالى لشمول عنايته و رأفته حيث يقول «و تحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلّا بشقّ الأنفس إنّ ربّكم لرؤف رحيم»«» فيشكره سبحانه على جزيل هذه النعمة و عظيم هذه المنّة، و يستحضر نقلته من مركبه إلى منازل الآخرة الّتي لا شكّ فيه، و لعلّه أقرب من ركوبه الحاضر فتحتاط في أمره، و ليعلم أنّ هذه أمثلة محسوسة يترقّى منها إلى مراكب النجاة من الشقّة الكبرى و هي عذاب اللّه سبحانه، و أمّا ثوب الإحرام و شراؤه و لبسه فليتذكّر معه الكفن و درجه فيه و لعلّه أقرب إليه وليتذكّر منها التسربل بأنوار اللّه الّتي لا مخلص من عذابه إلّا بها فيجهدفي تحصيلها بقدر إمكانه، و أمّا الخروج من البلد فليستحضر عنده أنّه يفارق الأهل و الولد متوجّها إلى اللّه سبحانه في سفر غير أسفار الدنيا، و يستحضر أيضا غايته من ذلك السفر و أنّه متوجّه إلى ملك الملوك. و جبّار الجبابرة في جملة الزائرين الّذين نودوا فأجابوا و شوّقوا ما اشتاقوا و قطعوا العلائق و فارقوا الخلائق و أقبلوا على بيت اللّه طلبا لرضى اللّه و طمعا في النظر إلى وجهه الكريم و ليحضر أيضا في قلبه رجاء الوصول إلى الملك و القبول له بسعة فضله و ليعتقد أنّه إن مات دون الوصول إلى البيت لقى اللّه وافدا عليه لقوله تعالى«وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ»«» و ليتذكّر في أثناء طريقه من مشاهدة عقبات الطريق عقبات الآخرة و من السباع و الحيّات حشرات القبر، و من وحشة البرارى وحشة القبر و انفراده عن الانس فإنّ كلّ هذه الامور جاذبة إلى اللّه سبحانه و مذكّرة له أمر معاده، و أمّا الإحرام و التلبية من الميقات فليستحضر أنّه إجابة نداء اللّه تعالى و ليكن في قبول إجابته بين خوف و رجاء مفوّضا أمره إلى اللّه متوكّلا على فضله. قال سفيان بن عيينة حجّ زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام فلمّا أحرم و استوت به راحلته اصفرّ لونه و وقعت عليه الرعدة و لم يستطع أن يلبّي فقيل له ألا تلبّي فقال: أخشى أن يقول لا لبّيك و لا سعديك فلمّا لبّى غشى عليه و سقط عن راحلته فلم يزل يعتريه ذلك حتّى قضى حجّه فانظر رحمك اللّه إلى هذه النفس الطاهرة حيث بلغ بها الاستعداد لإفاضة أنوار اللّه لم تزل الغواشي الإلهيّة و النفخات الربّانيّة تغشيها فيغيب عن كلّ شي ء سوى جلال اللّه و عظمته، و ليتذّكر عند إجابته نداء اللّه سبحانه إجابة ندائه بالنفخ في الصور و حشر الخلق من القبور و ازدحامهم في عرصات القيامة مجيبين لندائه منقسمين إلى مقرّبين و ممقوتين و مقبولين و مردودين و مردّدين في أوّل الأمر بين الخوف و الرجاء تردّد الحاجّ في الميقات حيث لا يدرون أيتيسّر لهم إتمام الحجّ أم لا، أمّا دخول مكّة.

فليستحضر عنده أنّه قد انتهى إلى حرم اللّه الأمن و ليرج عنده أن يأمن بدخوله من عقاب اللّه و ليخش أن لا يكون من أهل القرب، و ليكن رجاؤه أغلب فإنّ الكريم عميم و شرف البيت عظيم و حقّ الزائر مرعيّ و ذمام اللائذ المستجير غير مضيّع خصوصا عند أكرم الأكرمين و أرحم الراحمين، و يستحضر أنّ هذا الحرم مثال للحرم الحقيقيّ لترقّي من الشوق إلى دخول هذا الحرم و الأمن بدخوله من العقاب إلى الشوق إلى دخول ذلك الحرم و المقام الأمين، و إذا وقع بصره على البيت فليستحضر عظمته في قلبه و ليترّق بفكره إلى مشاهدة حضرة ربّ البيت في جوار الملائكة المقرّبين و ليتشوّق أن يرزقه النظر إلى وجهه الكريم كما رزقه الوصول إلى بيته العظيم و ليتكثّر من الذكر و الشكر على تبليغ اللّه إيّاه هذه المرتبة، و بالجملة فلا يغفل عن تذكير أحوال الآخرة في كلّ ما يراه فإنّ كل أحوال الحجّ و منازله دليل يترقّي منه إلى مشاهدة أحوال الآخرة، و أما الطواف بالبيت. فليستحضر في قلبه التعظيم و الخوف و الخشية و المحبّة، و ليعلم أنّه بذلك متشبّه بالملائكة المقرّبين الحافيّن حول العرش الطائفين حوله و لا تظنّن أنّ المقصود طواف جسمك بالبيت بل طواف قلبك بذكر ربّ البيت حتّى لا تبتدى ء بالذكر إلّا منه و لا تختم إلّا به كما تبدأ بالبيت و تختم به، و اعلم أنّ الطواف المطلوب هو طواف القلب بحضرة الربوبيّة و أنّ البيت مثال ظاهر في عالم الشهادة لتلك الحضرة الّتي هي عالم الغيب كما أنّ الإنسان الظاهر مثال الظاهر في عالم الشهادة للإنسان الباطن الّذي لا يشاهد بالبصر و هو في عالم الغيب و أنّ عالم الملك و الشهادة مرقاة و مدرج إلى عالم الغيب و الملكوت لمن فتح له باب الرحمة و أخذت العناية الإلهيّة بيده لسلوك الصراط المستقيم، و إلى هذه الموازنة وقعت الإشارة الإلهيّة بأنّ البيت المعمور في السماء بإزاء الكعبة، و أنّ طواف الملائكة به كطواف الإنس بهذا البيت، و لمّا قصرت مرتبة أكثر الخلق عن مثل ذلك الطواف امروا بالتشبّه بهم بحسب الإمكان و وعدوا بأنّ من تشبّه بقوم فهو منهم ثمّ كثيرا ما يزداد ذلك التشبيه إلى أن يصير في قوّة المشبّه به و الّذي يبلغ تلك المرتبة فهو الّذي يقال إنّ الكعبة تزوره و تطوف به على ما رواه بعض المكاشفين لبعض أولياء اللّه، و أمّا الاستلام فليستحضر عنده أنّه مبائع للّه على طاعته مصمّم عزيمته على الوفاء ببيعته «فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه و من أوفي بما عاهد عليه اللّه فسيؤتيه أجرا عظيما»«» و لذلك قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: الحجر الأسود يمين اللّه في الأرض يصافح بها خلقه كما يصافح الرجل أخاه، و لمّا قبّله عمر قال: إنّي لأعلم أنّك حجر لا تضرّ و لا تنفع و لو لا أنّي رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقبّلك لما قبّلتك فقال له عليّ عليه السّلام مه يا عمر بل يضرّ و ينفع فإنّ اللّه سبحانه لمّا أخذ الميثاق على بني آدم حيث يقول «و إذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم و أشهدهم على أنفسهم»«» الآية ألقمه هذا الحجر ليكون شاهدا عليهم بأداء أمانتهم و ذلك معنى قول الإنسان عند استلامه أمانتي أدّيتها و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي عند ربّك بالموافاة، و أمّا التعلّق بأستار الكعبة و الالتصاق بالملتزم. فليستحضر فيه طلب القرب حبّا للّه و شوقا إلى لقائه تبرّكا بالمماسّة و رجاء للتحصّن من النار في كلّ جزء من البيت و لتكن النيّة في التعلّق بالستر الالحاح في طلب الراحة (الرحمة) و توجيه الذهن إلى الواحد الحقّ، و سؤال الأمان من عذابه كالمذنب المتعلّق بأذيال من عصاه المتضرّع إليه في عفوه عنه المعترف له بأنّه لا ملجاء إلّا إليه و لا مفزع له إلّا عفوه و كرمه، و أنّه لا يفارق ذيله إلّا بالعفو و بذل الطاعة في المستقبل، و أمّا السعي بين الصفا و المروة في فناء البيت فمثال التردّد العبد بفناء دار الملك جائيا و ذاهبا مرّة بعد اخرى إظهارا للخلوص في الخدمة و رجاء لملاحظته بعين الرحمة كالّذي دخل على الملك و خرج و هو لا يدري ما الّذي يقضي الملك في حقّه من قبول أوردّ فيكون تردّده رجاء أن يرحمه في الثانية إن لم يكن رحمه في الاولى، و ليتذّكر عند تردّده بين الصفا و المروة تردّده بين كفتّي الميزان في عرصة القيامة و ليمثّل الصفا بكفّه الحسنات و المروة بكفّه السيّئات و ليتذكّر تردّده بين الكفّتين ملاحظا للرجحان و النقصان متردّدا بين العذاب و الغفران، و أما الوقوف بعرفه.

فليتذكّر بما يرى من ازدحام الناس و ارتفاع الأصوات و اختلاف اللغات و اتّباع الفرق أئمتّهم في التردّدات على المشاعر اقتفاء لهم و سيرا بسيرتهم عرصات القيامة و اجتماع الامم مع الأنبياء و الأئمّة و اقتفاء كلّ امّة أثر نبيّها و طمعهم في شفاعتهم و تجرّهم في ذلك الصعيد الواحد بين الرّد و القبول، و إذا تذكّر ذلك فيلزم قلبه الضراعة و الابتهال إلى اللّه أن يحشره في زمرة الفائزين المرحومين، و لكن رجاؤه أغلب فإنّ الموقف شريف و الرحمة إنّما تصل من حضرة الجلال إلى كافّة الخلائق بواسطة النفوس الكاملة من أوتاد الأرض و لا يخلو الموقف عن طائفة من الأبدال و الأوتاد و طوائف من الصالحين و أرباب القلوب فإن اجتمعت همّهم و تجرّدت للضراعة نفوسهم، و ارتفعت إلى اللّه أيديهم و امتدّت إليه أعناقهم يرمقون بأبصارهم جهة الرحمة طالبين لها فلا تظنّن أنّه يخيّب سعيهم من رحمة تغمرهم و يلوح لك من اجتماعهم الامم بعرفات و الاستظهار بمجاورة الأبدال و الأوتاد المجتمعين من أقطار البلاد و هو السرّ الأعظم من الحجّ و مقاصده فلا طريق إلى استنزال رحمة اللّه و استدرارها أعظم من اجتماع الهمم و تعاون القلوب في وقت واحد على صعيد واحد، و أمّا رمي الجمار. فليقصد به الانقياد لأمر اللّه و إظهار الرقّ و العبودية ثمّ ليقصد به التشبّه بإبراهيم عليه السّلام حيث عرض له إبليس في ذلك الموضع ليدخل على حجّه شبهة أو يفتنه بمعصية فأمره اللّه تعالى أن يرميه بالحجارة طردا له و قطعا لأمله فإن خطر له أنّ الشيطان عرض لإبراهيم عليه السّلام و لم يعرض له فليعلم أنّ هذا الخاطر من الشيطان و هو الّذي ألقاه على قلبه ليخيّل إليه أنّه لا فائدة في الرمي، و أنّه يشبه اللعب و ليطرده عن نفسه بالجدّ و التشمير في الرمي فيه يرغم فيه برغم أنف الشيطان فإنّه و إن كان في الظاهر رميا للعقبة بالحصى فهو في الحقيقة رمي لوجه إبليس و قصم لظهره إذ لا يحصل إرغام أنفه إلّا بامتثال أمر اللّه تعظيما لمجرد الأمر، و أمّا ذبح الهدى.

فليعلم أنّه تقرب إلى اللّه تعالى بحكم الامتثال فليكمل الهدى و أجزاه و ليرج أن يعتق اللّه بكلّ جزء منه جزءا من النار. هكذا ورد الوعد فكلّما كان الهدى أكثر و أوفر كان الفداء به من النار أتمّ و أعمّ و هو يشبه التقرب إلى الملك بالذبح له و إتمام الضيافة و القرى و الغاية منه تذكّر المعبود الأوّل سبحانه عند النيّة في الذبح و اعتقاد أنّه متقرب به بأجزائه إلى اللّه فهذه هي الإشارة إلى أسرار الحجّ و أعماله الباطنة.

إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى المتن.

قوله و فرض عليكم حجّ بيته الحرام إشارة. إلى وجوب الحجّ على الخلق و هو معلوم بالضرورة من الدين و وصفه بالحرام لأنّه يحرم على الخلق أن يفعلوا فيه ما لا ينبغي من مناهي الشرع، و قوله الّذي جعله قبلة للأنام مستنده قوله تعالى«فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ»«» و قوله يردونه ورود الأنعام مبالغة في تشبيه ورود الخلق البيت بورود الأنعام، و وجه الشبه أنّ الخلق يردّون البيت بازدحام عن حرص و شوق إليه كحال الأنعام عند ورودها الماء، و قيل: إنّ وجه الشبه هو ما بيّناه من عدم اطّلاع الخلق على أسرار الحجّ و على ما يشتمل عليه المناسك من الحكمة الإلهيّة، و لمّا كان العقل الّذي به تميّز الإنسان عن الأنعام و سائر الحيوان معزولا عن إدراك هذه الأسرار كاد أن لا يكون بين الإنسان و بين مركوبه فرق في الورود إلى البيت و سائر المناسك و فيه بعد، و قوله و يألهون إليه ولوه الحمام إشارة إلى شوق الخلق في كلّ عام إلى ورود البيت كما يشتاق إليه الحمام الّذي يسكنه، و قد راعى عليه السّلام في هذه القرائن الأربع السجع. قوله جعله علامة لتواضعهم لعظمته و إذعانهم لعزّته إشارة إلى ما ذكرنا من أنّ العقل لمّا لم يكن ليهتدي إلى أسرار هذه الأعمال لم يكن الباعث عليها إلّا الأمر المجرّد و قصد امتثاله من حيث هو واجب الإتّباع فقط، و فيه كمال الرقّ و خلوص الانقياد فمن فعل ما أمر به من أعمال الحجّ كذلك فهو المخلص الّذي ظهرت عليه علامة المخلصين و المذعن المتواضع لجلال ربّ العالمين، و لمّا كان الحقّ سبحانه عالم الغيب و الشهادة لم يمكن أن يقال إنّ تلك العلامة ممّا يستفيد بها علما بأحوال عبيده من طاعتهم و معصيتهم فإذن يتعيّن أن يكون معناها راجعا إلى ما به تتميّز النفوس الكاملة الّتي انقادت لأوامر اللّه و أخلصت له العبادة عمّا عداها فإنّ هذه العبادة من أشرف ما استعدّت به النفس الإنسانيّة و إفادتها كمالا تميّزت به عن أبناء نوعها فهي إذن علامة بها تميّز من اتّسم بها عن غيره، و قوله و اختار من خلقه سماعا أجابوا إليه دعوته. إشارة إلى الحاج في قوله تعالى«وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ»«» و في الآثار أنّ إبراهيم عليه السّلام لمّا فرغ من بناء البيت جاءه جبرئيل عليه السّلام فأمره أن يؤذّن الناس بالحجّ فقال إبراهيم عليه السّلام: يا ربّ و ما يبلغ صوتى قال اللّه أذّن و عليّ البلاغ فعلا إبراهيم عليه السّلام المقام و أشرف به حتّى صار كأطول الجبال و أقبل بوجهه يمينا و شمالا و شرقا و غربا و نادى يا أيّها الناس كتب عليكم الحجّ إلى البيت العتيق فأجيبوا ربّكم فأجابه من كان في أصلاب الرجال و أرحام النساء لبيّك اللهمّ لبّيك، و في الأثر إشارات لطيفة فإنّه يحتمل أن يراد بقول إبراهيم و ما يبلغ صوتي إشارة إلى حكم الوهم الإنسانيّ باستبعاد عموم هذه الدعوة و انقياد الخلق لها و قصور الطبع عن ذلك، و بقول الحقّ سبحانه و علىّ البلاغ الإشارة إلى تأييد اللّه سبحانه بما أوحى إليه من العلم ببسط دعوته و إبلاغها إلى من علم بلوغها إليه، و بعلوّ إبراهيم المقام حتّى صار كأطول الجبال، و إقباله بوجهه يمينا و شمالا و شرقا و غربا و دعوته إشارة إلى اجتهاده في التبليغ للدعوة و جذب الخلق إلى هذه العبادة بحسب إمكانه و استعانته في ذلك بأولياء اللّه التابعين له، و أمّا إجابة من كان في أصلاب الرجال و أرحام النساء له فإشارة إلى ما كتبه اللّه سبحانه بقلم قضائه في اللوح المحفوظ من طاعة الخلق و إجابتهم لهذه الدعوة على لسان إبراهيم عليه السّلام و من بعده من الأنبياء و هم المراد بالسماع الّذين اختارهم اللّه سبحانه من خلقه حتّى أجابوا دعوته إلى بيته بحجّهم إليه بعد ما أهّلهم لذلك قرنا بعد قرن و امّة بعد اخرى، و قوله و صدّقوا كلمته إشاره إلى مطابقة أفعالهم لما جاءت به الأنبياء من كلام اللّه سبحانه و عدم مخالفتهم و تكذيبهم لهم، و قوله و وقفوا مواقف الأنبياء إشارة إلى متابعتهم لهم أيضا في مواقف الحجّ و في ذكر الأنبياء هاهنا استدراج حسن للطباع اللطيفة المتشوّقة إلى لقاء اللّه و التشبّه بأنبيائه عليهم السّلام و ملائكته و قوله و تشبّهوا بملائكته المطيفين بعرشه إشارة إلى ما ذكرناه من أنّ البيت المعمور بإزاء الكعبة في السماء و أنّ طواف الخلق بهذا البيت يشبه طواف الملائكة و إحداقهم بالبيت المعمور و العرش فهم متشبّهون بالملائكة في الطواف، و الغاية أن يترقّي من أخذ العناية بيده من هذا الطواف إلى أن يصير من الطائفين بالعرش و البيت المعمور، و قوله يحرزون الأرباح في متجر عبادته و يبادرون عنده موعد مغفرته شبّه عليه السّلام العبادة بالبضاعة الّتي يتّجر بها فالتاجر هو النفس و رأس المال هو العقل، و وجوه تصرّفاته حركاته و سكناته الحسيّة و العقليّة المطلوبة منه بالأوامر الشرعيّة و العقليّة و الأرباح هي ثواب اللّه و ما أعدّه للمحسنين في جنّات النعيم و أقبح بمملوك يعدّ تصرّفه في خدمة سيّده متجرا يطلب به التكسّب و الربح و أحسن به إذا نظر إلى أنّه أهل العبادة فحذف جميع الأعراض و الخواطر في خدمته عن درجة الاعتبار و جعلها خالصة له لأنّه هو فأمّا كلامه عليه السّلام بذكر الربح هاهنا فاستدراج حسن لطباع الخلق بما يفهمونه و يميلون إليه من حبّ الأرباح في الحركات ليشتاقوا فيعبدوا، و قوله و جعله للإسلام علما أي علما للطريق إلى اللّه و سلوك صراطه المستقيم، و هي الإسلام الحقيقيّ يهتدي عليها كما يهتدي بالعلم المرفوع للعسكر و المارّة على مقاصدهم، و قوله فرض عليكم حجّة و أوجب حقّه و كتب عليكم وفادته إلى آخره تأكيد لما سبق و ذكر للخطاب الموجب للحجّ و هو قوله«وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا»«» و باللّه العصمة و التوفيق.

ترجمه شرح ابن میثم

فصل پنجم

وَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلْأَنَامِ يَرِدُونَهُ وُرُودَ الْأَنْعَامِ وَ يَأْلَهُونَ إِلَيْهِ وُلُوهَ الْحَمَامِ وَ جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلَامَةً لِتَوَاضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ وَ إِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ وَ اخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمَّاعاً أَجَابُوا إِلَيْهِ دَعْوَتَهُ وَ صَدَّقُوا كَلِمَتَهُ وَ وَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِيَائِهِ وَ تَشَبَّهُوا بِمَلَائِكَتِهِ الْمُطِيفِينَ بِعَرْشِهِ يُحْرِزُونَ الْأَرْبَاحَ فِي مَتْجَرِ عِبَادَتِهِ وَ يَتَبَادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعِدَ مَغْفِرَتِهِ جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى لِلْإِسْلَامِ عَلَماً وَ لِلْعَائِذِينَ حَرَماً وَ فَرَضَ حَقَّهُ وَ أَوْجَبَ حَجَّهُ وَ كَتَبَ عَلَيْهِ عَلَيْكُمْ وِفَادَتَهُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ

لغات

يألهون اليه: وجد و شوق آنها به خانه شدّت مى يابد. اله در اصل و له بوده و به معناى از شدّت خوشحالى تحيّر پيدا كردن است.

سماع: جمع سامع و سامر به معناى شنوندگان مبادرت: شتاب كردن، سرعت داشتن وفادة: براى سود و منفعت، آمدن، زيارت

ترجمه

«خداوند حج خانه محترم خود را كه قبله مردم قرار داد بر شما واجب گردانيد، حج گزاران با عشق فراوان مانند چهار پايان تشنه بدان وارد مى شوند. و همچون اشتياق كبوتران به جايى كه آب و دانه خورده اند بدان پناه مى برند. خداوند سبحان آن خانه را علامت تواضع مردم و عظمت خود و اعتراف آنان به اين عظمت قرار داد.

از ميان مردم شنوندگانى را برگزيد كه دعوت او را اجابت و سخن و فرمان او را تصديق كردند و در جايگاه انبيا ايستادند و همچون فرشتگانى كه عرش خدا را طواف مى كنند به دور كعبه مى گردند در تجارتگاه عبادت خدا سود فراوان مى برند و به وعده گاه آمرزش خدا مى شتابند و از هم سبقت مى گيرند.

خداوند كعبه را نشانه اى براى اسلام و حرم براى پناه آورندگان قرار دارد، حج خانه را واجب و اداى حق خود را لازم گردانيد و انجام حج را مقرر كرده و فرمود: فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ«».

شرح

پس از آنكه وجوب عبادات را قبلًا يادآور شديم و به دليل حكمت آنها اشاره كرديم. اكنون سزاوار است به حكمت حج كه از عبادات است بپردازيم. و به خواست خدا تفصيل ديگر عبادات را به جاى خودش موكول مى كنيم.

حال در باره حج مى گوييم: پس از آن كه دانستى اوّلين مقصود از عبادات توجه دادن خلق به وسيله تذكّر و يادآورى مداوم به خداوند تعالى است تا در طىّ تذكّر اسرار حق متجلّى شود و آن را كه عنايت حق دستش را بگيرد به مقام مخلصين برسد. از جمله اسرارى كه خداوند بر زبان پيامبر جارى كرده است تعيين مكان معيّنى از بلاد است كه بهترين جايگاه براى عبادت خدا و مختص به اوست. و ناگزير بايد داراى خصوصيّات و رموزى باشد كه به مقصد حقيقى توجّه دهد، و آن را كه توفيق مهار، عقلش را گرفته باشد به آن سو بكشاند. و لازم است افعالى معيّن شده باشد كه در آن مكان صرفاً براى رضاى خدا انجام گيرد سودمندترين جايى كه در اين باب تعيين شده است مأوا و مسكن شارع مقدّس بوده است. زيرا انجام حج در آن مكان مستلزم ياد شارع و ياد شارع مستلزم ياد خداوند و فرشتگان و روز قيامت است چون ممكن نبوده است كه پيامبر در محل زندگى هر فردى از امّت مكان حج را قرار دهد واجب شده است كه همگان به سوى كعبه سفر كرده و مهاجرت كنند هر چند در اين سفر و مهاجرت مشقّت فراوان و سختيهايى از رنج سفر و خرج مال و دورى از زن فرزند و وطن و ديار وجود داشته باشد.

ما نخست فضيلت حج را از جهت نقل بيان مى كنيم و سپس اشاره خواهيم كرد به آنچه كه در حج وظيفه است و آداب دقيق، اعمال باطنى، مجموعه حركات و اركانى كه براى حج مقرّر شده است. و آنچه كه به منزله اركان به حساب مى آيد بررسى كنيم زيرا ويژگيهاى اين اعمال به منزله ابدان براى ارواح مى باشد. فضيلت و ويژگيهاى حج را طى بحثهايى به شرح زير بيان مى كنيم:

بحث اوّل فضيلت حج:

فضيلت حج از جنبه هاى مختلف است.

الف كلام حق تعالى: وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ«». قتاده در تفسير اين آيه گفته است وقتى كه خداوند ابراهيم خليل را امر كرد كه در ميان مردم اعلام حج كند، ابراهيم (ع) ندا در داد: اى مردم براى خداوند خانه اى است به سوى اين خانه بياييد. در تفسير اين كلام خداوند كه فرموده است: لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ«» گفته شده است كه منظور تجارت در موسم حج و پاداش در آخرت مى باشد وقتى كه يكى از علماى پيشين اين آيه را شنيد گفت قسم به پروردگار كعبه كه خداوند حاجيان را آمرزيد.

ب معصوم (ع) فرموده است: «هر كه حج بجا آورد و كار زشت و فسقى انجام ندهد از گناه پاك مى شود مانند روزى كه از مادر متولّد شده است«»» قبلًا چگونگى سودمند بودن عبادت را در رهايى از گناه توضيح داديم.

ج پيامبر (ص) فرمود: «هيچ روزى شيطان كوچكتر و حقيرتر و خشمگين تر از روز عرفه ديده نشده است«»». بيچارگى شيطان در آن روز به اين دليل است كه نزول رحمت خدا و عفو گناهان بزرگ را مى بيند، زيرا گفته شده است كه گناهانى هستند كه آمرزيده نمى شوند مگر به توقّف در عرفه. اين حقيقت را امام صادق (ع) از رسول خدا نقل كرده است و سرّ اين مطلب اين است كه توقف در عرفات با توجه به كثرت جمعيّت كه به درگاه خدا تضرع و زارى مى كنند در اشخاص تأثير مى گذارد و هر كس با تمام استعداد و ظرفيّتش مى تواند به فيض برسد زيرا زيادى جمعيت علّت بزرگى است در انفعال نفس و خشيت از خدا و نورانى شدن نفس چنان كه بزودى بيان خواهيم كرد انشاء اللّه.

د پيامبر خدا (ص) فرموده است: «يك حج نيك بهتر است از دنيا و آنچه در آن است، براى حجّ نيك پاداشى جز بهشت نيست«»».

ه رسول خدا (ص) فرمود: «حج گزاران و عمره كنندگان به خدا وارد مى شوند و زوّار او هستند، اگر از او چيزى بخواهند به آنها مى بخشد و اگر از او طلب آمرزش كنند آنها را مى آمرزد و اگر دعا كنند استجابت مى كند و اگر شفاعت كنند، شفاعت آنها را مى پذيرد«»».

و از طريق اهل بيت از پيامبر خدا (ص) روايت شده است كه فرمود: «بزرگترين گناهكار كسى است كه وقوف در عرفه داشته باشد و گمان كند كه خدا او را نيامرزيده است«»».

در فضيلت جزئيّات حج اخبار فراوانى است كه بايد از منابع خودش جستجو كرد.

بحث دوّم آداب دقيق حج

و آن ده چيز است: اول هزينه مسافرت حج، حلال و دل از تجارت غير خدا خالى باشد. در خبرى كه از طريق اهل بيت نقل شده آمده است كه هر گاه آخر الزّمان فرا رسد مردمى كه به حج مى روند چهار دسته خواهند بود: پادشاهان براى خوشگذرانى، ثروتمندان براى تجارت، فقرا براى گدايى و قاريان براى خودنمايى و ريا كارى.

آنچه در خبر آمده است اشاره دارد به بعضى از اغراض دنيوى كه ممكن است به نيّت حج افزوده شود همه اين اغراض مانع از فضيلت حج و مقصود شارع مى باشد.

دوّم حج گزار با افرادى كه مردم را از راه خدا و مسجد الحرام باز مى دارند همكارى و مساعدت نكند زيرا اين اعانت بر ظلم و فراهم آوردن اسباب تباهكارى و ايجاد جرأت بر عليه روندگان به سوى خداست كه اگر انجام حج اعانه بر ظلم باشد بايد در خلاصى از آن كوشيد و اگر قدرت بر رهايى يافتن از كمك به ظالمان نباشد نرفتن به حجّ از كمك كردن به ظالمان در بدعتگذارى كه منتهى به سنّت خواهد شد بهتر است.

سوّم فراهم بودن هزينه و احتياجات سفر و آمادگى نفسانى در خرج كردن مال و انفاق به حدّ اعتدال كه از بخل و تبذير دور باشد زيرا صرف مال در راه مكّه انفاق در راه خداست. پيامبر خدا (ص) فرموده است: «حج مبرور پاداشى جز بهشت ندارد. عرض كردند يا رسول اللّه حج مبرور يعنى چه فرمود خوشرويى در سخن و اطعام كردن».

چهارم دورى از پليدى و فسق و جدال چنان كه خداوند متعال فرموده است: فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ«». مقصود از رفث، هر حرف بيهوده و ناسزاست و در اين معنى ملاعبه با زنان (در حال احرام) داخل است زيرا ملاعبه و گفتگو با زنان هيجان ايجاد مى كند و مقدمه حرام مى شود و بدين سبب حرام است و شارع مقدّس چيزى كه زمينه حرام را فراهم آورد براى ريشه كن كردن حرام آن را به جاى حرام دانسته و نهى كرده است.

منظور از فسوق بيرون رفتن از طاعت خداست و مقصود از جدال كه نهى شده مجادله و خصومتى است كه موجب خصومت و دشمنى و تفرقه مسلمين شود. همه اينها ضدّ مقصود شارع از حج و دورى از ياد خداست.

پنجم با قدرت و نشاط نفس پياده به حج برود، زيرا پياده حج رفتن افضل، و اقرار به بندگى خدا در جان او نافذتر مى شود. بعضى از دانشمندان گفته اند سواره به حج رفتن بهتر است به اين دليل كه هزينه سفر بيشتر مى شود و علاوه بر اين اذيّت و خستگى ندارد و بنا بر اين به سلامت و اداى حج نزديكتر است. اين گفته علما با آنچه ما گفتيم مخالف نيست حق اين است كه به تفصيل معتقد شويم بدين معنى كه هر كس پياده رفتن برايش آسانتر است حج رفتن پياده براى او فضيلت بيشترى دارد و اگر پياده روى موجب ضعف و بدخلقى در عمل مى شود سواره افضل است، زيرا مقصود توانايى بيشتر بر ياد خداى تعالى و سرگرم نشدن به غير خداست.

ششم بر شتر بدون كجاوه سوار شود، زيرا كجاوه داشتن از ويژگيهاى مترفان و متكبّران است و علاوه بر اين كجاوه نداشتن، سبب سبكبارى شتر مى شود مگر عذر موجّهى براى وجود كجاوه موجود باشد. پيامبر خدا سواره حج انجام داد در حالى كه بر شترى سوار بود كه پالانش كهنه و قطيفه اى بود كه چهار درهم قيمت داشت و با همان وضع حج به جا آورد تا مردم به هيأت و شمايل پيامبر بنگرند و فرمود اعمال حجّتان را از من ياد بگيريد.

هفتم حاجى با هيأتى ساده كه نزديك به ژوليدگى است به قصد حج بيرون رود و از زينت و زيورى كه موجب فخر مى شود خوددارى كند، زيرا تجمّل، شخص را از زىّ صالحان و سالكان الى اللّه خارج مى كند. از پيامبر خدا روايت شده است كه فرمود: «خداى تعالى در مورد حاجيانى كه ظاهر ساده دارند به فرشتگان مى گويد به زوّار خانه من بنگريد كه از راههاى دورى خاك آلود و پريشان به سوى من آمدند«»» و خداوند تعالى فرموده است: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ، تَفَثْ در لغت به معناى ژوليدگى و خاك آلودگى است و خارج شدن از ژوليدگى به وسيله ناخن گرفتن و سر تراشيدن است.

لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ، تَفَثْ در لغت به معناى ژوليدگى و خاك آلودگى است و خارج شدن از ژوليدگى به وسيله ناخن گرفتن و سر تراشيدن است.

هشتم با چهار پاى خود مدارا كند و بيش از توانش بر او بار نكند، از اهل ورع و تقوا باشد و در حالى كه سواره است نخوابد مگر اين كه او را چرت فرا گيرد.

پيامبر خدا (ص) فرموده است «پشت چهار پايان خود كرسى قرار ندهيد» مستحب است كه صبح و شب براى آسايش و استراحت چهارپا از آن پياده شوند و سرّ اين كار، مراعات رقّت و رحمت و دورى از قساوت و ظلم است زيرا با ستم بر حيوان از قانون عدل خارج شده و عنايت خدا و شمول آن را رعايت نكرده است، چون حيوان نيز مانند انسان خسته مى شود.

نهم هنگام قربانى سعيش اين باشد كه قربانى چاق و گران قيمت باشد.

روايت شده كه عمر قربانى همراه داشت كه سيصد دينار مى خريدند از پيامبر سؤال كرد كه اين قربانى را بفروشد و با پول آن قربانى پست بخرد. پيغمبر او را از اين كار نهى فرمود و دستور داد كه همان اوّلى را قربانى كند، زيرا مقصود از قربانى فراوانى گوشت نيست بلكه منظور تزكيه نفس و پاكيزگى آن از پستى بخل و آراستن آن با تعظيم براى خداست. خداوند مى فرمايد: لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَ لا دِماؤُها وَ لكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ«». رسول خدا (ص) فرموده است «هيچ كار انسان نزد خدا دوست داشتنى تر از ريختن خون قربانى نيست«»». روز قيامت قربانى با ويژگيهاى خود حاضر مى شود. قبل از اين كه زمين آفريده شود مقرر شد خون حيوانى در جاى معيّنى از زمين ريخته شود و به وسيله آن نفس انسانى پاكيزه گردد.

دهم با انفاق مال و قربانى و با كمبود و هزينه سفرى كه برايش پيش مى آيد نفس خود را پاكيزه گرداند زيرا با صرف مال به خدا متكى شده و عوض آنها را از خدا مى خواهد و اين صرف مال و پاكيزگى نفس دليل قبولى حج اوست.

بحث سوّم وظايف قلبى حاجى در هر عمل از اعمال حج

نخست بايد موقعيّت حج را در دين شناخت، بعد شوق به آن پيدا كرد و بعد تصميم براى انجام حج گرفت و به دنبال اين تصميم علايقى كه مانع از انجام حج است قطع كرد و آن گاه زاد و توشه و مركبى كه وسايل رفتن به حج است تهيه كرده سپس به سوى مقصد حركت كند و بعد در ميقات احرام ببندد و تلبيه بگويد و وارد مكّه شود و اعمال لازم را تا پايان حج انجام دهد. در هر حالتى از اين احوال براى حج كننده يادآورى و براى عبرت گيرنده عبرت، و براى اراده صادق، نيّت و براى شخص با ذكاوت اشاره به اسرارى است كه اگر توفيق دست دهد صفاى قلب و طهارت باطن به آنها بستگى دارد.

منظور از شناخت و فهم موقعيّت حج اين است كه وصول به حق حاصل نمى شود مگر غير خدا را كه عبارتند از قصد خواستهاى بدنى و لذّات دنيوى از دل بزدايى و در همه حالات خود را از خواستهاى نابجا دورسازى و به ضروريّات اكتفا كنى و به همين دليل است كه راهبان در گذشته از خلق دورى مى جستند و به دليل ترس از آميزش با خلق و جهت انس با خالق در بلنديهاى كوه مسكن مى گزيدند و از هر چه غير خدا بوده است اعراض مى كرده اند و بدين لحاظ معصوم (ع) آنها را مدح كرده و در باره آنها فرموده است: «تقرّب افراد به خدا به اين دليل بوده است كه قسيّس و رهبان بوده اند و در عبادت خدا تكبّر نداشته اند«»».

هنگامى كه رسم كناره گيرى از دنيا و توجّه به خدا كهنه شد و مردم به پيروى از شهوات و علاقه به دنيا و عدم توجه به خدا روى آوردند، خداوند پيامبر (ص) را براى زنده كردن راه آخرت و تجديد راه انبيا براى پيمودن راه خدا مبعوث گردانيد.

طرفداران ملل مختلف از پيامبر در باره رهبانيّت و ملازم شدن در مسجد پرسيدند، فرمود: به جاى آن دو، جهاد و تكبير كه بالاترين شرف است مقرر شده است منظور از تكبير حج است و از ملازمان در مسجد پرسيده شد، فرمود ملازمان در مسجد روزه دارانند خداوند سبحان حج را رهبانيّت اين امت قرار داد و با نسبت دادن خانه به خود آن را شرافت بخشيد و جايگاه عبادت بندگان قرار داد. و اطراف خانه را براى عظمت و بزرگى امر، حرم قرار داد و عرفات را همچون مى دانى فرا روى حرم مقرر فرمود، و حرمت مكّه را با حرام كردن صيد و قطع درختان تأكيد فرمود و مكّه را بسان پيشگاه سلاطين قرار داد كه ديدار كنندگان از راه دور پريشان موى و متواضع به جانب آن مى آيند تا در پيشگاه پروردگار خانه حالت خضوع و نيازمندى نسبت به جلال او داشته باشند و در برابر عظمت و عزّت او آرامش خاطر بيابند و با توجّه به اين كه مكانى براى او نيست ولى اين مكان را براى انجام عبادت مقرر كرده است و توجّه به اين حقيقت در عبوديّت مردم مفيدتر است. براى همين است كه خداوند انسانها را به اعمالى در مكه موظّف كرده است كه با فهم ما انسى ندارد و عقل ما به آنها دست نمى يابد، مانند رمى جمرات، سعى ميان صفا و مروه به تكرار، و... در اين اعمالى كه فايده آنها براى ما آشكار نيست كمال بندگى و عبوديّت تحقّق مى يابد، بر خلاف ديگر عبادت مثل زكات كه انفاق است و جهت آن معلوم و عقل ما فايده آن را درك مى كند، و مانند روزه كه شهواتى را كه دشمنان خدايند در هم مى شكند و ما را از سرگرم شدن به امور دنيوى باز داشته و به خدا متوجّه مى سازد و مانند ركوع و سجود در نماز كه بيان كننده تواضع ما در برابر خداوند با آن هيأت خاص مى باشد، و نفوس به عظمت خدا انس پيدا مى كنند. ولى اعمالى مانند رمى جمره و... كه در حجّ واجب است عقل ما به رموز آنها دست نمى يابد و انجام دادن آنها به خاطر امر خدا و به قصد امتثال امر او مى باشد، از آن جهت كه تبعيّت آن واجب است. در انجام اين اعمال عقل ما نقشى ندارد، نفس و طبع ما براى انجام فعل از آن جهت كه فايده خاصى را داراست به دور مى باشد، زيرا آنچه را كه عقل ما درك كند و حكمت را در عمل بفهمد طبع ما به انجام آن ميل كامل پيدا مى كند و اين ميل در جهت فرمانبرى ما را كمك كرده و علّت انجام فعل مى شود چه بسا كه همين فهم علّت، كمال بندگى و خضوع را براى ما به وجود آورد و به همين دليل است كه پيامبر (ص) خصوصاً در باره حجّ فرموده است: لبيّك بحجّة حقّا تعبّدا ورقا. اين تعبّدا و رقّا را در نماز و غير آن نفرموده است زيرا اقتضاى حكمت الهى در رابطه با نجات مردم اين است كه اعمالشان بر خلاف هواى نفسشان باشد بلكه اختيار نفس و خواست آنها بايد به دست شارع باشد و در اعمالشان صرفا راه فرمانبردارى را بروند و مقتضاى عبوديّت اين است كه آنچه را از انواع عبادت كه عقلشان بدانها نمى رسد و از مقتضاى طبعشان به دور است به خاطر بندگى محض آن را انجام دهند و ريشه تعجّب مردم از اعمال عجيب فراموشى از اسرار آنهاست.

امّا شوق

فهميدن اين حقيقت كه خانه، خانه خداست و آن را به منزله پيشگاه سلاطين قرار داده است اشتياق برانگيز است، پس هر كس قصد خانه خدا كند قصد خدا را كرده است و هر كه به وسيله مثال محسوس (خانه كعبه) آهنگ حضرت بارى تعالى كند شايسته است به دليل شوق خويش به محضر حق و كعبه حقيقى كه در آسمان است و اين كعبه در زمين به منظور توجّه به كعبه حقيقى بنا شده حركت كند. و خانه حق را با همين هدف زيارت كند تا به حكم وعده خداوند كريم، وجه پروردگار متعال را مشاهده كند.

مقصود از عزم، حضور ذهنى است به اين كه تصميم بگيرد از زن و فرزند جدا شود

و با ترك شهوات و لذّات به پروردگار روى آورد و متوجّه زيارت خانه حق شود و از عظمت و شأن خانه، عظمت پروردگار را دريابد و تصميم خود را براى خدا خالص و آن را از آلودگى به ريا و نام و آوازه دور گرداند، زيرا شهرت طلبى، شرك خفّى است. و بايد اين حقيقت را بداند كه جز قصد و عمل خالص او پذيرفته نمى شود و از زشت ترين زشتيها اين است كه قصد خانه پادشاه و حرم او را بكنى و در دل ديگرى را در نظر داشته باشى در حالى كه او از چشم برهم زدن و انديشه درون تو مطّلع است اگر چنين باشد امور بهتر و والا را به امور پست و زشت تبديل كرده اى منظور از قطع علايق حذف همه خواستهاى قلبى غير از قصد عبادت و توبه خالص از ظلم و انواع معاصى است، زيرا هر مظلمه اى نوعى علاقه است و هر علاقه اى دشمن حاضرى است كه به انسان در آويخته و بر عليه او فرياد مى زند و مى گويد آيا قصد خانه پادشاه را كرده اى با اين كه او بر نافرمانى تو در منزلت آگاه است به او اهانت مى كنى و توجّه به نهى و منع او ندارى و شرم ندارى كه مانند يك بنده گناهكار بر او وارد شوى و او درهاى رحمتش را بر تو ببندد و تو را در بازداشتگاه خشمش گرفتار سازد پس اگر ميل به قبول زيارتت دارى از همه معاصى در آى و همه علايق قلبى خود را از غير خدا قطع كن تا با چهره دلت متوجّه خدا شوى همان گونه كه با چهره ظاهرت متوجّه او هستى. از قطع علايق در سفر حج ياد قطع علايق در سفر آخرت كن، زيرا تمام ويژگيهاى حج مثالهاى نزديكى براى سفر آخرت است كه از اسرار و رموز حج به اسرار و رموز آخرت انتقال پيدا مى شود.

امّا زاد و توشه سفر حجّ:

زاد و توشه را بايد از جاى حلالى تهيه كرد. هر گاه احساس كند كه زاد و توشه را از روى حرص و بيش از نياز فراهم كرده است و يا ناپاكى در آن وجود دارد و يا اسرافى در آن صورت گرفته است بايد پيش از رسيدن به مقصد آن را اصلاح كند و سفر آخرت را كه از اين سفر طولانى تر است و توشه آن تقواست به ياد آورد. به چيزهايى غير تقوا كه صلاحيّت زاد و توشه بودن براى آخرت را ندارند و يا در همين دنيا باقى مى مانند، توجّه نكند و بايد از آلوده ساختن امورى كه زاد و توشه آخرت قرار مى گيرند به ريا و تاريكيهاى گناه پرهيز كند و آنها را فاسد نكند كه در غير اين صورت مشمول قول خداوند متعال قرار مى گيرد: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ«». بايد چهارپايى را كه بر آن سوار است ملاحظه كند و آزارش ندهد و متذكّر منّت خداى تعالى و شمول عنايت و رأفت حقّ متعال باشد، آن جا كه مى فرمايد: وَ تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ«». بايد خداوند متعال را بر اين نعمت گرانبها و اين نيّت بزرگ سپاسگزار باشد و از نقل و انتقال با مركب سواريش به منزل آخرت كه شكى در آن نيست انتقال پيدا كند. و شايد كه سفر آخرت نزديكتر از سوار شدن بر چهارپا در سفر حجّ باشد. بنا بر اين بايد در باره سفر آخرتش احتياط لازم را داشته باشد. بايد دانست كه از اين مثلهاى محسوس بايد به وسايل نجات از سختيهاى بزرگ كه عذاب خداى تعالى است انتقال پيدا كنيم.

اما جامه احرام و خريدن و پوشيدن آن

بايد از پوشيدن لباس احرام به ياد كفن افتاد و شايد هم پوشيدن كفن نزديكتر از پوشيدن لباس احرام باشد. بنا بر اين از پوشيدن احرام بايد به ياد پوشش انوار الهى بود كه هيچ كس از عذاب خدا، جز با پوشش انوار الهى خلاصى ندارد. پس بايد به اندازه توان در كسب انوار الهى كوشيد.

امّا بيرون آمدن از شهر و ديار براى سفر به هنگام خروج بايد حضور ذهنى داشته باشد كه از زن و فرزند جدا مى شود و به سفرى غير از سفرهاى دنيا و رو به خدا مى رود و بايد توجّه داشته باشد كه نتيجه اين سفر اين است كه به پيشگاه پادشاه پادشاهان و بزرگ بزرگان و در زمره زائرينى است كه او را به طواف كعبه فرا خوانده اند و او اجابت كرده است، و شوق آن چيزى را در سر دارد كه مشتاق بود. و علايق را قطع كرده و از مردم جدا شده و روى به خانه خدا آورده است و اميدوار است كه به وجه خداوند كريم نظر افكند. در دل بايد اميد وصول به پيشگاه خداوند و قبولى اعمالش را از باب تفضّل خداوند داشته باشد.

بايد معتقد باشد كه اگر پيش از رسيدن به طواف خانه بميرد خدا را ملاقات كرده و بر او وارد شده است. چنان كه خداوند مى فرمايد: وَ مَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَ سَعَةً وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ«» بايد از مشاهده گردنه هايى كه در راه وجود دارد گردنه هاى آخرت را به ياد آورد. و از مشاهده درندگان و مارها، حشرات قبر را، و از ترس صحراها وحشت گور و تنهايى را به ياد آورد، همه اين مشكلات انسان را به سوى خدا سوق داده و امر معاد را به انسان تذكّر مى دهد.

امّا احرام و لبيك ميقات

حاجى بايد متوجّه باشد كه با لبيك گفتن نداى خداوند تعالى را اجابت كرده است ولى در اين كه اجابت او مورد قبول واقع مى شود يا خير بايد بين خوف و رجا باشد و در عين حال امر خود را به خدا واگذار و بر او توكّل كند.

سفيان بن عيينه نقل كرده است كه علىّ بن الحسين زين العابدين (ع) حجّ به جا آورد. هنگامى كه احرام پوشيد و بر مركبش نشست، رنگش زرد شد و رعشه اى بر بدنش افتاد و نتوانست لبّيك بگويد. از او سؤال شد آيا لبيك نمى گويى فرمود مى ترسم كه خداوند بگويد لا لبيك و لا سعديك. وقتى كه لبيك گفت بيهوش شد و از مركبش به زمين افتاد و همين وحشت و ترس بر حضرتش باقى بود تا حجّ را به پايان رساند.

خدا تو را بيامرزد. اكنون به اين نفس پاكيزه بنگر كه به دليل استعداد دريافت انوار الهى، رائحه الهى و نفخات ربّانى او را فرا مى گيرد و از هر چيزى بجز جلال و عظمت او فراموش مى كند. حاجى بايد به هنگام اجابت نداى خداوند سبحان متذكّر اجابت نداى خداوند در نفخ صور و حشر خلق از قبور و ازدحامشان در عرصه قيامت باشد، در حالى كه اجابت كنندگان نداى حقّ متعال در قيامت به مقرّبان و مغضوبان و مقبولان و مردودان و مردّدان تقسيم مى شوند و در خوف و رجا قرار دارند و حجّاج در ميقات نيز چنين اند كه نمى دانند اتمام حج براى آنها ممكن خواهد بود يا نه.

امّا ورود حاجى به مكّه

به هنگام ورود بايد توجّه داشته باشد كه به حرم امن خدا وارد مى شود و اميدوار باشد كه با ورود به خانه حق از عذاب خدا در امان خواهد بود و هم بترسد كه از اهل قرب نباشد، ولى اميدوارى او بايد غالب باشد، زيرا لطف خداوند كريم عميم است و شرف خانه او عظيم و حق زائر مورد توجّه و پناه بردن به خانه خداوند ضايع نمى شود، بخصوص در نزد اكرام الاكرمين و ارحم الراحمين. و در دل متوجّه باشد كه اين حرم تصويرى از حرم حقيقى است، تا از شوق داخل شدن به اين حرم و در امان بودن از عذاب، شوق ورود به حرم آخرت و مقام امن الهى ترقى كند. هر گاه نظر حاجى به كعبه بيفتد بايد در دل عظمت خدا را درك كند و فكرش را به مشاهده محضر صاحب خانه در جوار فرشتگان مقرّب به پرواز در آورد و علاقه مند شود كه خداوند نظر در وجه كريم خود را به او روزى فرمايد، چنان كه رسيدن به خانه كعبه را به او روزى كرده است و از اين كه خداوند او را به اين مرتبه رسانده است فراوان ياد خدا كند و شكرگزار او باشد. خلاصه آنچه از اعمال و افعال حجّ و منازل آن مى بيند نمونه اعمال و احوال آخرت قرار داده و از آن غفلت نكند و آنها را دليل بر مشاهده احوال آخرت بداند.

امّا طواف كعبه

حاجى بايد قلباً متوجه عظمت، خوف و خشيت، و محبّت خدا باشد و بداند كه با اين طواف شبيه فرشتگان مقرّبى است كه بر اطراف عرش طواف مى كنند و نبايد چنين پندارى كه هدف طواف مادّى و فيزيكى خانه است، بلكه دلت بايد به ذكر صاحب خانه مشغول باشد تا آنجا كه جز به ياد او كلام را آغاز نكنى و جز به ياد او ختم نكنى، چنان كه طواف كعبه نيز چنين است و بايد آگاه باشى كه طواف مطلوب همان طواف قلبى با حضرت ربوبى است و خانه مثال در عالم شهادت براى حضور در عالم غيب است، چنان كه انسان مادّى تصويرى آشكار براى انسان حقيقى است كه با چشم ديده نمى شود و در عالم غيب است و عالم دنيا براى كسى كه در رحمت حق به رويش گشوده شود و عنايت الهى در پيمودن راه او را دستگير و مددكار باشد نردبانى براى رفتن به عالم غيب است. اشاره الهى به اين كه بيت معمور در آسمان در مقابل كعبه قرار گرفته است براى بيان همين موازنه است و اين كه طواف فرشتگان بر بيت معمور مانند طواف انسانها بر كعبه است، توضيح اين مطلب است، ولى چون بيشتر مردم به اين مرتبه از طواف نمى رسند مأمورند كه حسب امكان تشبّه به آن كنند تا مشمول اين مضمون شوند كه: «هر كس به قومى شباهت پيدا كند از آنها شمرده مى شود».

در بسيارى از موارد تشبيه شدّت مى يابد تا آنجا كه در حكم مشبّه به قرار مى گيرد و كسى كه به اين مرتبه از كمال و مقام دست يابد كسى خواهد بود كه در حق او گفته شده «كعبه او را زيارت مى كند و بر او طواف مى نمايد» و اين معنى از بعضى اولياء اللّه كه داراى قدرت مكاشفه بوده اند روايت شده است.

اما استلام حجر

حاجى بايد به هنگام استلام حجر توجّه داشته باشد كه با خدا بيعت مى كند تا از او فرمان برد و تصميم قطعى داشته باشد كه به اين بيعت وفا كند و متوجّه اين آيه شريفه باشد: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ«» و به همين دليل پيامبر خدا (ص) فرموده است: «حجر الاسود دست خداست در زمين، مردم با او مصافحه مى كنند چنان كه با برادرانشان»«».

وقتى عمر حجر الاسود را بوسيد و گفت من مى دانم كه تو سنگى هستى كه سود و زيان ندارى و اگر نديده بودم كه رسول خدا تو را مى بوسد تو را نمى بوسيدم. على (ع) فرمود: ساكت باش اى عمر، حجر الاسود هم ضرر مى زند و هم نفع مى رساند، هنگامى كه خداوند سبحان از بنى آدم پيمان بر خداوندى خود گرفت چنين فرمود: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ. اين سنگ را مراقب آنها كرد تا برادرى امانتشان گواهى دهد و معناى گفته انسانها به هنگام استلام حجر كه: امانتم را ادا و به پيمانم وفا كردم تا در نزد پروردگارت به اين وفاى پيمان گواهى دهى همين است.

امّا آويختن به پرده كعبه و چسبيدن به آن

حاجى بايد با گرفتن پرده كعبه طالب قرب حق و محبّت الهى و شوق به ملاقات پروردگار باشد. و به منظور تبرّك يافتن و اميد رهايى از آتش، پرده خانه را بگيرد، بلكه در دست زدن به هر جزئى از اجزاى خانه بايد نيّتش اين باشد كه اصرار در طلب آمرزش و آسايش داشته و ذهنش را به سوى واحد حقيقى متوجه كند و رهايى از عذاب را بخواهد، مانند گناهكارى كه دست به دامن كسى مى زند كه از فرمانش سرپيچى كرده است و براى عفو، تضرّع و زارى كرده و به گناه خود اعتراف دارد و معتقد است كه پناهگاهى و اجابت كننده اى جز عفو و كرم او نيست و دامنش را جز با تحصيل بخشش رها نمى كند و جز طاعت و فرمانبرى در آينده عمر كارى انجام نمى دهد.

امّا سعى بين صفا و مروه در آستانه كعبه

اين مثال است براى رفت و آمد بنده خدا در اطراف خانه خدا به طور مكرّر تا خلوص در خدمت را اظهار كند و اميدوار باشد كه او را به ديده رحمت بنگرد، مانند كسى كه بر پادشاهى وارد شده است و خارج مى شود در حالى كه نمى داند پادشاه در باره او چه قضاوتى دارد آيا او را مى پذيرد يا ردّ مى كند رفت و آمد به اين اميد است كه اگر در مرتبه اوّل بر او رحمت نياورده است بار دوّم او را ببخشد و متذكر اين معنى باشد كه رفت و آمد او بين صفا و مروه مانند بالا و پايين آمدن دو كفّه ترازو در صحنه قيامت است و مثلًا صفا را به منزله كفّه حسنات و مروه را به منزله كفّه سيئات در نظر بگيرد و اين معنى را به ياد داشته باشد كه بالا و پايين آمدن دو كفّه، نشانه رجحان و نقصان و مردّد بين عذاب و غفران است.

امّا وقوف در عرفات

هنگامى كه حاجى سر و صداى اجتماع و گوناگونى زبانشان را مى بيند بايد متوجه باشد كه هر جمعيّتى در امور از پيشواى خود پيروى مى كنند و بر همين مبنا به مشعر و منى مى روند و بر ههمين مبنا روش آنها را پيروى مى كنند. از اين مجموعه بايد صحراى قيامت و اجتماع امّتها با پيامبران و پيشوايانشان و پيروى هر امّتى از پيامبرش و اميد به شفاعت آنها را در نظر بگيرد كه پيامبران آنها را در صحراى قيامت وارد مى كنند كه آيا مورد عفو واقع شوند يا نشوند.

چون حاجى اين مطلب را به ياد آورد، لازم است قلبا به پيشگاه خداوند تضرّع و زارى كند تا او را در شمار رستگاران و آمرزيده شدگان محشور كند ولى اميدوارى او بايد بيشتر باشد زيرا مكان، مكان شريفى است و بخشش از پيشگاه حضرت حق به واسطه نفوس كامل اوتاد زمين به همگان مى رسد و جايگاه حجّ هيچ گاه از ابدال و اوتاد و جمعى از شايستگان و صاحبدلان خالى نيست. اجتماع و همّت آنها صرفا تضرّع و زارى در پيشگاه خداست و دستها را به پيشگاه خدا بلند كرده و گردنها به جانب حق كشيده و چشم به رحمت حق دوخته و گذشت و آمرزش را خواهانند و نبايد اين گمان باشد كه خداوند سعى آنها را در طلب رحمت به يأس منجر مى كند، از اجتماع امّتها در عرفات و حضور در كنار ابدال و اوتاد كه از گوشه و كنار جهان اجتماع كرده اند سرّ عظيم حجّ برايت ظاهر مى شود. در نتيجه براى طلب نزول رحمت و استمرار آن هيچ راهى مهمتر از اجتماع امّت و همدلى آنها در يك سرزمين و در يك زمان نيست.

امّا رمى جمره

حاجى بايد از رمى جمره قصد اطاعت امر خدا و اظهار بندگى و عبوديّت كند و منظورش اين باشد كه به حضرت ابراهيم (ع) شباهت پيدا كند. هنگامى كه در همين مكان ابليس بر ابراهيم ظاهر شد تا در حج ابراهيم شبهه وارد كند و يا او را به معصيت خداى تعالى بفريبد ابراهيم (ع) او را با سنگ رمى كرد و از خود راند و اميدش را قطع نمود.

اگر حاجى چنين پندارد كه شيطان بر ابراهيم ظاهر شده است و بر او ظاهر نمى شود بايد بداند كه اين خود وسوسه شيطان است كه بر قلب او القا كرده است تا چنين پندارى كه رمى جمره فايده اى ندارد و به بازى شبيه است و بايد اين وسوسه را با جديّت از خود دور كند و با رمى جمره دماغ شيطان را به خاك بمالد. اين عمل هر چند در ظاهر رمى عقبه«» با سنگ ريزه است ولى در حقيقت سنگ انداختن به صورت شيطان و شكستن پشت اوست. زيرا به خاك ماليدن دماغ ابليس جز به امتثال امر خدا و بزرگ شمردن دستور حق متعال حاصل نمى شود.

امّا قربانى

حاجى بايد بداند كه غرض از قربانى تقرّب جستن به خداى تعالى و امتثال فرمان اوست و قربانى بايد كامل و صحيح الاعضا باشد و بدين اميد قربانى كند كه خداوند با هر جزئى از قربانى جزئى از بدن او را از آتش آزاد فرمايد. در لسان روايت نيز وعده شده است: «هر چه قربانى گرانتر و كاملتر باشد آزادى انسان از آتش بيشتر و كاملتر خواهد بود». و اين شباهت دارد به تقرّب به دربار سلطان به اين ترتيب كه برايش گوسفندى قربانى كنى و ضيافتش را كامل بجا آورى. فايده قربانى يادآورى خداوند متعال است به هنگام نيّت ذبح با اين اعتقاد كه قربانى انسان را به خدا نزديك مى كند.

اين بود آنچه از اسرار و اعمال باطنى حج كه بايد به آن اشاره مى كرديم.

حال كه به اين اسرار توجه پيدا كردى به شرح متن باز مى گرديم.

فرموده است: و فرض عليكم حجّ بيته

اين جمله به وجوب حج بر مردم اشاره دارد و اين كه حج از ضروريّات دين است. امام (ع) بيت را به حرام توصيف كرده است زيرا بر مردم انجام چيزهايى كه از نظر شرع نهى شده است در آن مكان حرام است.

كلام امام (ع) كه فرمود: الّذى جعله قبلة للانام به اين آيه شريفه استناد كرده است كه: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ«».

امام (ع) كه فرمود «مانند شتران تشنه آب به كعبه وارد مى شوند» ورود خلق را به كعبه به ورود شتران تشنه به آب تشبيه كرده است وجه شبهات اين است كه ورود مردم به خانه با حرص و شوق و ازدحام مانند ورود شتران تشنه بر آب است.

نظر ديگرى در وجه شباهت آن چيزى است كه ما توضيح داديم يعنى بى اطلاعى مردم از اسرار حج و حكمت الهى كه در اعمال حج منظور كرده است. چون عقل تنها چيزى است كه انسان را از ديگر حيوانات ممتاز مى كند و عقل از دريافت اسرار حج ناتوان است، ممكن است ميان انسان و مركب سواريش در وارد شدن به خانه و ديگر مناسك فرقى نباشد، امّا به نظر (شارح) اين تشبيه دور و نادرست است.

فرموده است: و يألهون اليه ولوه الحمام

اين سخن امام (ع) اشاره به اين دارد كه مردم هر سالى اشتياق دارند كه به مكّه بروند چنان كه كبوتران ساكن حرم بدان مكان انس دارند. امام (ع) در جمله هاى بيته الحرام، ورود الانعام، ولوه الحمام رعايت سجع را فرموده است.

فرموده است: جعله علامة لتواضعهم لعظمته و اذعانهم لعزّته.

اين فراز اشاره به آن دارد كه ما بيان كرديم و آن اين كه چون عقل قادر نيست اسرار اين اعمال را دريابد به ناچار علّت انجام اعمال حج فقط امر خداوند متعال و قصد امتثال فرمان اوست از آن جهت كه پيروى امر خدا واجب است و اين نهايت بندگى و فرمانبردارى را مى رساند. پس آن كه امر خدا را در اعمال حج اطاعت مى كند بدون آن كه فلسفه آن را بداند مخلصى است كه بر او علامت مخلصان آشكار است و معتقدى است كه تواضع او براى جلال و مرتبت پروردگار جهان روشن است. چون خداوند سبحان بر غيب و شهادت عالم است نمى توان گفت كه حج علامتى است كه خداوند به احوال بندگان خود از طاعت و معصيت آگاه مى شود. بنا بر اين معناى جمله و عبارت به جدا شدن نفوس كامل يعنى كسانى كه مطيع اوامر خدا هستند و خالصانه او را مى پرستند از ديگر نفوس باز مى گردد، زيرا اين عبادت از گرامى ترين چيزهايى است كه نفس انسانى به وسيله آن استعداد مى يابد و داراى كمال مى شود كه با آن استعداد و كمال از افراد نافرمان مشخص مى شود. با توضيح فوق روشن مى شود كه انجام حج نشانه اى است كه فرمانبرداران از نافرمانان جدا مى شوند.

فرموده است: و اختار من خلقه سماعا...

اين عبارت امام (ع) به حاجيانى اشاره دارد كه در آيه شريفه آمده است: وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ«».

در تاريخ آمده است ابراهيم (ع) چون از ساختن خانه كعبه فراغت يافت جبرائيل (ع) وارد شد و به ابراهيم (ع) امر كرد كه به مردم اعلان حج كند.

ابراهيم (ع) فرمود پروردگارا صداى من به جايى نمى رسد. خداوند به ابراهيم (ع) فرمود: اعلان حج با تو و رساندن پيام با ماست. حضرت ابراهيم (ع) بر بالاى مقام رفت. خداوند متعال مقام ابراهيم (ع) را چنان والا و اشرف قرار داد كه به مثابه كوههاى بلند قرار گرفت و آن گاه به راست و چپ، شرق و غرب رو كرده و ندا در داد اى مردم بر شما حج خانه خدا واجب شده است پروردگارتان را اجابت كنيد. آنها كه در صلب مردان و رحم زنان بودند اجابت كرده و گفتند لبيك اللّهم لبيك.

در عبارت فوق اشاره لطيفى است كه ذيلًا بدان مى پردازيم: احتمال دارد منظور از اين گفته ابراهيم (ع) كه «صدايم نمى رسد» اشاره به اين باشد كه وهم انسانى بعيد مى داند كه هر كس اين دعوت را بشنود آن را اجابت كرده و كوتاهى نكند و احتمال دارد كه مقصود از قول خداى سبحان كه: «رساندن آن ندا بر عهده من است»، اشاره به تأييد خداوند سبحان باشد كه به ابراهيم (ع) وحى كرده است گسترش دعوت او و رساندن پيام حج به همه كسانى كه از او تبعيّت مى كنند. و احتمال دارد مقصود از قرار گرفتن مقام ابراهيم (ع) به بلندى كوه و به راست و چپ و شرق و غرب روآوردن و دعوت كردن اشاره به كوشش ابراهيم (ع) در رساندن دعوت و جذب و هدايت مردم به عبادت حجّ به اندازه امكان و استمداد از اولياى خدا كه تابع او هستند مى باشد.

امّا پذيرفتن آنها كه در صلب مردان و رحم زنان بوده اند اشاره به اين است كه خداوند سبحان به قلم فضاى خود در لوح محفوظ اطاعت مردم و اجابت دعوت ابراهيم (ع) و انبياى پس از آن را نوشته است و مقصود امام (ع) از شنوندگان همانها هستند كه خداوند آنها را از ميان مخلوقش انتخاب كرده است و آنها دعوت حق را براى رفتن به خانه او اجابت كرده اند بعد از آن كه آنان را براى حج قرنى بعد از قرنى و امّتى پس از امّتى آفريد.

فرموده است: و صدّقوا كلمته

اين جمله اشاره به مطابقت افعال حاجيان با گفتار انبيا و سخن خدا و عدم مخالفت و تكذيب دستورات انبيا و خداست.

فرموده است: و وقفوا مواقف الانبياء

اشاره به متابعت مردم از انبيا در مواقف حجّ است، ذكر انبيا در اين جا ايجاد لطافتى در سرشت مردم است تا شوق به لقاى خدا يافته و به فرشتگان و انبيا شبهات پيدا كنند.

فرموده است: و تشبّهوا بملائكته المطيفين بعرشه

اشاره است به آنچه كه ما ذكر كرديم و آن اين كه بيت معمور در مقابل خانه كعبه در آسمان است و طواف كعبه به وسيله مردم شبيه طواف فرشتگان است به بيت معمور و عرش، به اين دليل حاجيان در طواف به فرشتگان شباهت پيدا مى كنند و در نتيجه هر كس كه در اين طواف عنايت خدا شامل حالش شود از طواف كنندگان عرش و بيت معمور محسوب مى شود.

فرموده است: و يحرزون الارباح فى متجر عبادته و يتبادرون عند موعد مغفرته.

امام (ع) در اين عبارت عبادت را به سرمايه اى كه با آن تجارت مى شود تشبيه كرده است. بنا بر اين تاجر در اين جا نفس و سرمايه عقل است و اقسام تصرّفاتى كه عقل انجام مى دهد حركات و سكنات حسّى و عقلى است كه از طريق اوامر عقلى و شرعى خواسته شده است.

سودها عبارت است از ثواب خدا و آنچه كه در بهشت نعيم براى نيكوكاران آماده كرده است. براى بنده حق زشت است كه تصرّف او در خدمت آقايش تجارتى باشد كه از آن صرفاً كسب سود مادّى باشد و بهترين نوع كار بنده اين است كه خداوند او را اهل عبادت ببيند كه همه خواستهاى مادى خود را در خدمت او از درجه اعتبار ساقط و همه اعمال خود را خالص گردانيده است. اين كه امام (ع) كلمه سود را در اين عبارت مطرح كرده است برداشت زيبايى است، زيرا مردم سود را خوب مى فهمند و در حركاتشان به آن ميل مى كنند. ذكر اين عبارت براى اين است كه عبادت حاجيان را از روى اشتياق نشان دهد.

فرموده است: و جعله للاسلام علما...

منظور از اسلام، اسلام حقيقى است كه مردم با آن هدايت مى يابند، آن چنان كه سپاهيان به وسيله پرچم برافراشته به مقصدشان راهنمايى مى شوند.

فرموده است: فرض عليكم حجّه...

اين عبارت تأكيدى است براى گفتار قبل امام و يادآورى خطابى است كه سبب و علّت حج مى باشد و آن گفته حق تعالى ست: فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً.

شرح مرحوم مغنیه

الحج فقرة 30 31:

و فرض عليكم حجّ بيته الحرام الّذي جعله قبلة للأنام يردونه ورود الأنعام و يألهون إليه و لوه الحمام جعله سبحانه علامة

لتواضعهم لعظمته و إذعانهم لعزّته. و اختار من خلقه سمّاعا أجابوا إليه دعوته. و صدّقوا كلمته، و وقفوا مواقف أنبيائه، و تشبّهوا بملائكته، المطيفين بعرشه يحرزون الأرباح في متجر عبادته، و يتبادرون عند موعد مغفرته. جعله سبحانه و تعالى للإسلام علما و للعائذين حرما. فرض حجّه و أوجب حقّه و كتب عليكم وفادته فقال سبحانه «و للّه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا و من كفر فإنّ اللّه غنيّ عن العالمين.

اللغة:

الحج لغة: القصد. و شرعا: المناسك المعروفة، و جاء في أقرب الموارد: «الحج بالكسر لغة في الحج، و قيل بالفتح الاسم، و بالكسر المصدر». و وصف بيت اللّه بالحرام حيث يجب تقديسه، و يحرم هتكه، و لمن لاذ به نوع من الحصانة.

حتى الطير يحرم صيده هناك على المحل و المحرم. ورود الأنعام أي كحال الأنعام تزاحما عند ورود الماء. و يألهون: من الوله، و هو لغة: الحزن و الوجد، و المراد به هنا الحنين و الشوق. و يتبادرون: يتسارعون. و العائذين: جمع عائذ، و هو المستجير و الملتجى ء. و الوفادة: الزيارة.

الإعراب:

الذي جعله: صفة لبيته. و من استطاع «من» بدل بعض من الناس. و من كفر «من» مبتدأ، و الجملة من أن و اسمها و خبرها خبر.

سر الحج:

معنى كلام الإمام (ع) واضح، و في غنى عن الشرح.. أجل، ان في الحج سرا عميق الدلالة، و هو وحده يفسر حقيقته، و يكشف عن كنهه، و قد أشار الإمام الى هذا السر بكلمة عابرة، و هي: «و يألهون اليه و لوه الحمام». و إليك ما استوحيناه من هذه الإشارة في البيان التالي: تكلم المسلمون عن الحج و غير المسلمين أيضا، و أطنبوا و كرروا فيما كرروا «ان الحج مؤتمر عالمي يعقده المسلمون على صعيد واحد، و فيه يتعارفون و يتشاورون».

و لا أدري ما ذا أنتج هذا المؤتمر و غيره من المؤتمرات التي تعقد هنا و هناك.

ثم أي مسلم ذهب الى مكة المكرمة، و هو يحمل في رأسه فكرة التعارف و التشاور و إذا صادف و تعرف على واحد أو اثنين فلا شي ء وراء هذه المعرفة إلا الرؤية تماما كما تلتقي أنت و إنسان في السيارة أو المطعم.

ان السر في الحج أبعد من هذا و أعمق، و يتضح من الجواب على هذا التساؤل: لما ذا يذهب المسلم الى الحج بهذا الوله و الحنين، و يدفع الأموال الطائلة، و يتحمل المشاق و الأخطار على الطريق، و في منى و عرفات، و في المسعى و الطواف.. و قبل سفره يحمل أوراقه، و ينتقل بها من دائرة الى دائرة، و من مكتب الى مكتب هل وضع محمد لونا من السحر في أحجار الكعبة لا تعرفه السحرة، و وضع في قبره نوعا من الجاذبية لم يهتد اليه نيوتن، و لا العلماء من بعده الجواب: ان في أحجار الكعبة، و في قبر محمد سرا و أي سر، سرا هو أعظم بكثير من السحر و الجاذبية النيوتنية.. انه الحب، حب اللّه و رسوله الذي لا سلطان عليه لانسان و لا شيطان.. و الى هذا الحب أشار الإمام (ع) بقوله: «يألهون اليه و لوه الحمام». و الحمام كما هو معلوم رمز الحب و السلام، و أشد الطيور و لها و حنينا.. و أيضا هذا الحب هو الذي أراده ابراهيم أبو الأنبياء (ع) يوم وقف الى جوار الكعبة يبتهل الى اللّه و يقول: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ 37 ابراهيم. قال: أفئدة من الناس، و لم يقل: تأتي، لأن الهوى أو الهوي يتضمن معنى الشوق و الوجد، و المحب المشتاق لا يسأل عن الأسرار، و لا يهتم «بالتشاور

و التذاكر».. أبدا لا يعرف إلا السمع و الطاعة لمن عشق و أحب، و قديما قيل: ان المحب لمن يحب مطيع.

ان المسلم حقا يحس، و هو ذاهب الى الحج، بأن دعوة نزلت عليه من السماء موقعة باسم اللّه و رسوله لكي يحضر الاحتفال بمكة في الوقت المعين، فيسرع رافعا صوته: «لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك».. فإذا واجه الكعبة خفق قلبه طربا، و تساقطت دموع الفرح من عينيه على ما وفق اليه من الاستجابة لخالقه، و الوقوف مواقف أنبيائه، و التشبيه بملائكته المصطفين بعرشه كما قال الإمام (ع).

و الأثر الأول الذي تتركه في النفس هذه الفرحة و الغبطة هو الشعور بالمسئولية أمام اللّه سبحانه رب هذا البيت. و هذا الشعور بالمسئولية أمام قوة قاهرة عالمة جديرة بالطاعة و العبادة هو الحكمة من الحج و تشريعه، و المبرر الوحيد لوصف الانسان بالتدين و الايمان عالما كان أم جاهلا.

و تسأل: ان كثيرا من أهل الحجيج لا يشعرون بهذه المسئولية على الاطلاق بدليل انهم يعودون من البيت الحرام الى ما كانوا عليه من قبل.

الجواب: ان الإمام (ع) تكلم عن الذين يشعرون، و يقصدون بيت اللّه الحرام استجابة لدعوته، و تواضعا لعظمته، و إذعانا لعزته، و من لا يشعر بشي ء من ذلك فلا يعد من حجاج بيت اللّه الحرام، و ان قصده في كل عام.. و كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع و الظمأ، و كم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر و العناء، كما قال الإمام (ع).

شرح منهاج البراعة خویی

الفصل الثامن عشر

و منها و فرض عليكم حجّ بيته الحرام الّذي جعله قبلة للأنام، يردونه ورود الأنعام، و يألهون إليه ولوه الحمام، جعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته، و إذعانهم لعزّته، و اختار من خلقه سمّاعا أجابوا له دعوته و صدّقوا له كلمته، و وقفوا مواقف أنبيائه، و تشبّهوا ملائكته المطيفين بعرشه، يحرزون الأرباح في متجر عبادته، و يتبادرون عنده موعد مغفرته، جعله سبحانه للإسلام علما، و للعائذين حرما، فرض حجّه، و أوجب حقّه، و كتب عليكم وفادته، فقال سبحانه: وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ.

اللغة

(الحجّ) بالفتح و الكسر هو القصد و في لسان الشرع أو المتشرعة قصد بيت اللّه الحرام تقرّبا إليه سبحانه بأفعال مخصوصة في زمان مخصوص في مواطن مخصوصة، و في المصباح حجّ حجّا من باب قتل قصد و الاسم الحجّ بالكسر و (الورود) هو الدّخول في الماء للشّرب منه (يألهون) إليه من وله«» يوله من باب ضرب و منع و حسب اذا ذهب عقله من فرح أو حزن، و معنى يألهون إليه يشتدّ شوقهم إليه حتّى يكاد يذهب عقولهم من شدّة الاشتياق و (الولوه) بالضمّ مصدر وله يوله من الباب الرّابع مثل الولوغ من ولغ يولغ، أو مصدر وله يوله من الباب السّادس مثل الولوغ أيضا من ولغ يولغ أو مصدر و له يوله من الباب الثّانى مثل الرجوع من رجع يرجع أو بالفتح مصدر وله يوله«» من الباب الرّابع أيضا مثل الولوع من ولع يولع، و على جميع الاحتمالات فالهمزة في يألهون مقلوبة من الواو.

و بما ذكرنا ظهر فساد ما توهّمه الشّارح المعتزلي حيث إنّه بعد ضبطه في المتن يولهون إليه و له الحمام اه قال: الوله شدّة الوجد حتّى يكاد العقل يذهب، و له الرّجل يوله ولها، و من روى يألهون إليه ولوه الحمام فسّره بشي ء آخر، و هو يعكفون عليه عكوف الحمام، و أصل أله عبد، و منه الاله أى المعبود، و لما كان العكوف على الشّي ء كالعبادة الملازمة له و الانقطاع إليه، يقال: أله فلان إلى كذا أى عكف عليه كأنّه يعبده.

ثمّ قال: و لا يجوز أن يقال: يألهون إليه في هذا الموضع بمعنى يولهون، و أن أصل الهمزة الواو كما فسّره الراوندي لأنّ فعولا لا يجوز أن يكون مصدرا من فعلت بالكسر و لو كان يألهون هو يولهون كان أصله أله بالكسر فلم يجز أن يقول: ولوه الحمام، و أمّا على ما فسّرناه نحن فلا يمتنع أن يكون الولوه مصدرا، لأنّ الأله مفتوح، فصار كقولك: دخل دخولا، انتهى.

وجه ظهور الفساد أوّلا أنّ المضبوط من كلامه عليه السّلام في النّسخ المتعدّدة يألهون إليه ولوه الحمام و لم نعثر بعد على ما ضبطه الشّارح أعني يولهون إليه وله الحمام في شي ء من النّسخ، و لعله غير كلامه لما زعم من عدم مطابقته للقواعد الصّرفيّة مع أنّ ذلك الزّعم فاسد حسبما تعرفه بعيد هذا.

و ثانيا أنّ ما ذكره من عدم مجي ء فعول مصدرا من فعل بالكسر لا يعرف وجه له بل اللغة يشهد بخلافه على ما يظهر من الكتب المدوّنة فيها، حيث إنّ المتحصّل منها أنّ فعولا بضمّ الفاء قد يجي ء مصدرا من فعل مفتوح العين، سواء كان مضارعه يفعل بالفتح أيضا كالرّكوع و الرّنوع«» و الولوغ«» و الهبوغ«» بالغين المعجمة في الأخيرين، أو يفعل بالضمّ كالسّجود و البلوغ و القعود و الدّخول، أو يفعل بالكسر كالرّجوع، و قد يكون مصدرا من فعل مكسور العين سواء كان مضارعه يفعل بالكسر كالولوع أيضا أو بالفتح كالولوغ أيضا، و قد ذكروا أنّ الفعول أيضا بفتح الفاء قد يكون مصدرا من فعل بكسر العين كالولوع«» بالعين المهملة.

و ثالثا أن ما ذكره أخيرا من قوله: و أمّا على ما فسّرناه نحن فلا يمتنع أن يكون الولوه مصدرا لأنّ أله مفتوح فصار كقولك دخل دخولا.

فيه أوّلا أنّه لم يسبق منه تفسير في ذلك، و إنّما روى تفسيرا من غيره بقوله و من روى يألهون اه فسّره هكذا، فقوله: و أمّا على ما فسّرناه نحن غير خال عن السّماجة.

و ثانيا بعد الاغماض و الحمل على التّسامح اللّفظي أنّ التّفسير المذكور لا يصحّح ما ذكره، إذ الهمزة في أله بمعنى عبد أصليّة و ليست مقلوبة من الواو، فكيف يكون الولوه مصدرا له، و إنّما مصدره إلاهة«» و الوهة حسبما مرّ في تفسير لفظ الجلالة في صدر الخطبة.

و ثالثا أنّ ظاهر تمثيله بقوله: دخل دخولا، يشعر بكون أله من هذا الباب أيضا أى من باب فعل يفعل بفتح عين الماضي حسبما صرّح به نفسه أيضا و ضمّ عين المضارع مع أنّ اللّغويّين صرّحوا بأنّ أله بمعنى عبد من باب فعل يفعل كفرح يفرح و (السّماع) لم أجده في كتب اللّغة و لعلّه بضمّ السّين و تشديد الميم جمع سامع كسّمار«» جمع سامر و هكذا ضبطه الشّارح البحراني و (يحرزون الأرباح) من قولهم أحرزت الشّي ء إحرازا ضممته، و منه قولهم: أحرز قصب السّبق إذا سبق إليها فضمّها دون غيره و (التّبادر) هو التّسارع، و يتعدّى بإلى كما أنّ التّسارع كذلك يقال: سارعوا إليه و تسارعوا و (العائذين) جمع عائذ بالياء المثنّاه و الذّال المعجمة و هو المستجير المعتصم الملتجي، و في بعض النّسخ: العابدين بالباء الموحّدة و الدّال المهملة و الأوّل أقرب و (الوفادة) كالافادة بقلب الواو همزة و الوفد و الوفود مصدر وفد كضرب يقال: وفد إلى الأمير و عليه وفدا و وفودا و وفادة و إفادة إذا قدم و ورد، و في الحديث حقّ الصّلاة أن تعلم أنّها وفادة إلى اللّه، أى قدوم إليه طلبا لفضله.

الاعراب

جملة يردونه في محلّ النّصب على الحاليّة، و الورود و الولوه منتصبان على المصدريّة مجازا، اى ورودا مثل ورود الأنعام، و ولوها مثل ورود «ولوه ظ» الحمام، و مواقف مفعول فيه، و موعد منصوب بنزع الخافض أى إلى موعد مغفرته و يحتمل الانتصاب على المفعول فيكون المعنى أنّهم يتسارعون عند الحجّ لوعد المغفرة، و من استطاع في محلّ الجرّ بدل من النّاس بدل بعض من الكلّ و الربط في الجملة الخبريّة أعني قوله: فانّ اللّه غني عن العالمين، العموم فيها الشّامل للمبتدأ إذا العالمين شامل لمن كفر و غيره و مثله قوله:«وَ الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ»

المعنى

قال الرّضي (ره) (و منها ذكر الحجّ) اعلم أنّ فاتحة كلامه عليه السّلام في هذا الفصل كخاتمته مشتملة على ذكر وجوب الحجّ و فرضه، و تالي الفاتحه و متلوّ الخاتمة متطابقان في وصف البيت الحرام و الواسطة بينهما واردة في أوصاف الحاج الكرام و مدايحهم و الثّناء لهم، فهو من أبلغ الكلام على أحسن نظام.

قال عليه السّلام: (و فرض عليكم حجّ بيته الحرام) أمّا فرض الحجّ و وجوبه فقد ثبت بالكتاب و السنّة و إجماع المسلمين بل الضّرورة من دين الاسلام حسبما يأتي في آخر الفصل إنشاء اللّه.

و أمّا البيت الحرام فهو أوّل بيت وضع للنّاس مباركا و هدى للعالمين، و موضعه أوّل بقعة خلقت من الأرض خلقها اللّه سبحانه من زبد الماء و دحى الأرض من تحتها و اختارها على أجزائها و جعلها مطاف الملائكة المقرّبين و الأنبياء المرسلين و العباد الصّالحين، كيف لا و قد بناه الخليل بأمر الجليل و المهندس جبرائيل و التلميذ اسماعيل كما قال:«وَ إِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَ طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْقائِمِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ» و ينبغي التّعرض فى المقام لأصل بناء البيت و مبناه و لبعض المشاعر و المناسك و الاشارة إلى جهة توصيف البيت بالحرام فالبحث فى مقاصد ثلاثة.

المقصد الاول

اعلم أنّ موضع البيت حسبما اشير إليه هو أوّل جزء من أجزاء الأرض في عالم الخلق كما روي في الفقيه عن أبي جعفر عليه السّلام لما أراد اللّه أن يخلق الأرض أمر الرّياح الأربع فضربن بهن الماء حتّى صار موجا، ثمّ أزبد فصار زبدا واحدا، فجمعه في موضع البيت، ثمّ جعله جبلا من زبد، ثمّ دحى الأرض«» من تحته، و هو قول اللّه:«إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً» فأوّل بقعة خلقت من الأرض الكعبة ثمّ بدت الأرض منها.

و أمّا البناء الأصلى ففى رواية الفقيه عن عليّ بن موسى بن جعفر عليهم السلام انّه قال في خمسة و عشرين من ذى القعدة أنزل اللّه عزّ و جلّ الكعبة البيت الحرام، فمن صام ذلك اليوم كان كفّارة سبعين سنة، و هو أوّل يوم انزل فيه الرّحمة من السّماء على آدم عليه السّلام.

و في رواية اخرى فيه أيضا عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ اللّه عزّ و جلّ أنزلة لآدم من الجنّة و كان درّة بيضاء فرفعه اللّه عزّ و جلّ إلى السّماء و بقي اسه«» و هو بحيال هذا البيت يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك و لا يرجعون إليه أبدا، فأمر اللّه عزّ و جلّ إبراهيم و اسماعيل عليهما السّلام ببنيان البيت على القواعد.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم عن الصّادق عليه السّلام في رواية طويلة، قال عليه السّلام: فلمّا بلغ يعني اسماعيل مبلغ الرّجال أمر اللّه تعالى إبراهيم عليه السّلام أن يبني البيت، فقال: يا ربّ في أيّ بقعة فقال: في البقعة التي انزلت على آدم القبة، فأضاء لها الحرم، فلم تزل القبة التي أنزلها اللّه على آدم قائمة حتّى كان أيّام الطوفان أيام نوح عليه السّلام فلمّا غرقت الدّنيا رفع اللّه تلك القبّة و غرقت الدّنيا إلّا موضع البيت فسمّيت البيت العتيق لأنّه اعتق من الغرق، فلما أمر اللّه إبراهيم أن يبني البيت لم يدر في أيّ مكان يبنيه، بعث اللّه جبرئيل فخطّ له موضع البيت فأنزل اللّه عليها القواعد من الجنّة، و لما كان الحجر الذي أنزله اللّه على آدم أشدّ بياضا من الثّلج، فلما مسّته أيدي الكفّار اسودّ فبنى ابراهيم البيت و نقل إسماعيل الحجر من ذي طوى فرفعه الى السّماء تسعة أذرع ثمّ دلّه على موضع الحجر فاستخرجه إبراهيم و وضعه في موضعه الحديث.

اقول: المستفاد من هاتين الرّوايتين و من بعض الرّوايات«» الآتية في المقصد الثّاني أنّ أصل البناء كان في زمن آدم، و يطابقهما بعض الرّوايات الدّالة على أنّ أوّل البناء كان من آدم، ثمّ انطمس في زمان نوح فبناه إبراهيم، ثمّ بناه العمالقة، ثمّ قريش، ثمّ الحجّاج اللّعين.

و في رواية أبي بصير المرويّة في الفقيه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إن آدم هو الذي بنى البنية و وضع أساسه و أوّل من كساه الشّعر و أوّل من حجّ إليه الحديث.

إلّا أنّ المستفاد من بعض الرّوايات الأخر أنّه كان قبل آدم هناك بيت يسمّى بيت الضّراح كان يطوف به الملائكة، فلمّا هبط آدم إلى الأرض أمر بطوافه.

و يؤيده ما رواه الصّدوق عن بكير بن أعين عن أخيه زرارة، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلنى اللّه فداك أسألك في الحجّ منذ أربعين عاما فتفتيني فقال: يا زرارة بيت يحجّ قبل آدم بألفي عام تريد أن يفتى مسائله في أربعين عاما، و سيأتي إنشاء اللّه عند شرح قوله: و وقفوا مواقف أنبيائه في حديث حجّ آدم«» ما يفيد ذلك أيضا.

و وجه الجمع بين هذه الرّوايات و الرّوايات الاولة غير خفيّ على أهل المعرفة.

المقصد الثاني

في الاشارة إلى بعض المشاعر العظام كالحجر و المقام، و هما من الآيات التي اشير إليها في قوله تعالى: فيه آيات بيّنات.

اما الحجر فقد أودع اللّه فيه مواثيق الخلق، قال الصّدوق في الفقيه: و إنّما يقبّل الحجر و يستلم ليؤدّي إلى اللّه العهد الذي أخذ عليهم في الميثاق، و إنّما وضع الحجر في الركن الذي هو فيه و لم يضعه في غيره، لأنّه تعالى حين أخذ الميثاق أخذه في ذلك المكان، و جرت السّنة بالتكبير و استقبال الرّكن الذي فيه الحجر من الصّفا، لأنّه لمّا نظر آدم و قد وضع الحجر في الرّكن كبّر اللّه و هلّله و مجدّه، و إنّما جعل الميثاق في الحجر لأنّ اللّه لمّا أخذ الميثاق له بالرّبوبية و لمحمد صلّى اللّه عليه و آله بالنّبوة و لعليّ عليه السّلام بالوصيّة، اصطكّت فرايص الملائكة، و أوّل من أسرع إلى الاقرار بذلك الحجر، فلذلك اختار اللّه و ألقمه الميثاق و هو يجي ء يوم القيامة و له لسان ناطق و عين ناظرة يشهد لكلّ من وافاه إلى ذلك المكان و حفظ الميثاق، و إنّما اخرج الحجر من الجنة ليذكر آدم ما نسى من العهد و الميثاق انتهى.

و تفصيل ما ذكره هنا و سنده ما رواه في علل الشّرايع باسناده عن بكير بن أعين، قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: هل تدري ما كان الحجر قال: قلت: لا قال: كان ملكا عظيما من عظماء الملائكة عند اللّه عزّ و جلّ، فلما أخذ اللّه من الملائكة الميثاق، كان أوّل من آمن به و أقرّ لذلك ذلك الملك فاتخذه اللّه أمينا على جميع خلقه فألقمه الميثاق و أودعه عنده و استعبد الخلق أن يجدّدوا عنده في كلّ سنة الاقرار بالميثاق و العهد الذي أخذه اللّه عليهم، ثمّ جعله اللّه مع آدم في الجنّة يذكر الميثاق و يجدّد عند الاقرار في كلّ سنة.

فلما عصى آدم فاخرج من الجنّة أنساه اللّه العهد و الميثاق الذي أخذ اللّه عليه و على ولده لمحمّد و وصيه صلوات اللّه و سلامه عليهما و جعله باهتا حيرانا، فلما تاب على آدم حوّل ذلك الملك في صورة ذرّة بيضاء، فرماه من الجنّة إلى آدم و هو بأرض الهند، فلمّا رآه آنس إليه و هو لا يعرفه بأكثر من أنّه جوهرة، فأنطقه اللّه عزّ و جلّ، فقال: يا آدم أ تعرفنى قال: لا قال: أجل استحوذ عليك الشّيطان فأنساك ذكر ربّك، و تحوّل إلى الصّورة التي كان بها في الجنّة مع آدم.

فقال لآدم: أين العهد و الميثاق فوثب إليه آدم و بكى ذكر الميثاق و بكى و خضع له و قبّله و جدّد الاقرار بالعهد و الميثاق، ثم حوّل اللّه عزّ و جلّ جوهر الحجر درّة بيضاء يضي ء، فحمله آدم على عاتقه إجلالا له و تعظيما، فكان إذا اعيا حمله جبرئيل عليه السّلام حتى وافى به مكّة، فما زال يأنس به بمكة و يجدّد الاقرار له كلّ يوم و ليلة، ثمّ إنّ اللّه عزّ و جلّ لمّا أهبط جبرئيل إلى أرضه و بنى الكعبة هبط إلى ذلك المكان بين الرّكن و المقام و الباب، و في ذلك المكان ترأى لآدم حين أخذ الميثاق، و في ذلك الموضع القم الملك الميثاق، فبتلك العلّة وضع في ذلك الرّكن و نحى آدم من مكان البيت إلى الصّفا و حوّا إلى المروة، و جعل الحجر في الرّكن فكبّر اللّه و هلّله و مجّده، فلذلك جرت السّنة بالتكبير في استقبال الرّكن الذي فيه الحجر من الصّفا.

و انّ اللّه عزّ و جلّ أودعه العهد و الميثاق و ألقمه إيّاه دون غيره من الملائكة لأنّ اللّه عزّ و جلّ لمّا أخذ الميثاق له بالرّبوبية و لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله بالنبوة و لعليّ عليه السّلام بالوصية اصطكت فرايص الملائكة، و أوّل من أسرع إلى الاقرار بذلك ذلك الملك، و لم يكن فيهم أشدّ حبّا لمحمّد و آل محمّد عليهم السّلام منه، فلذلك اختاره اللّه عزّ و جل من بينهم و ألقمه الميثاق فهو يجي ء يوم القيامة و له لسان ناطق و عين ناظرة يشهد لكل من وافاه الى ذلك المكان و حفظ الميثاق.

أقول: من كان علمه مقتبسا من نور النّبوة و الوحى الالهي يعلم سرّ استلام الحجر و تقبيله و أنّ أداء الامانة عنده من جهة اختصاصه بالتّقدم إلى الولاية من بين الملائكة، و يعرف أنّه يؤدّي الموافاة يوم القيامة و أمّا من أضلّ اللّه و أعمى قلبه فلا يظنه إلّا حجرا لا يضرّ و لا ينفع.

كما روى الفخر الرّازي عن عمر بن الخطاب انّه انتهى إلى الحجر الأسود فقال إنّي لأقبّلك و إنّي لأعلم أنّك حجر لا تضرّ و لا تنفع و أنّ اللّه ربّي و لولا أنّي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقبّلك ما قبّلتك.

و زاد الغزالي قال: ثمّ بكى حتّى على نشيجه فالتفت إلى ورائه فرأى عليّا كرم اللّه وجهه و رضي عنه، فقال: يا أبا الحسن هاهنا تسكب العبرات و تستجاب الدّعوات، فقال عليّ: بل هو يضرّ و ينفع، قال: و كيف قال إنّ اللّه تعالى لمّا أخذ الميثاق على الذّريّة كتب عليهم كتابا ثمّ ألقمه هذا الحجر فهو يشهد للمؤمن بالوفا و يشهد على الكافر بالجحود انتهى.

أقول: كما يمكن أن يكون قوله: إنّك حجر لا تضرّ و لا تنفع، من باب الجهالة و لا غرو فيها، لما ستطلع عليه إنشاء اللّه في تضاعيف ذلك الكتاب بجهالاته التي أعظم من هذه، كذلك يمكن أن يكون من باب التّجاهل باقتضاء خبثه الباطني و نفاقه الغريزي هذا.

و في بعض الأخبار أنّ الحجر لا يستقر مكانه إلّا أن يضعه نبيّ أو إمام كما مرّ أنّ أوّل وضعه في موضعه كان من آدم، ثمّ من إبراهيم، حيث إنّه لما بنى البيت و انتهى إلى موضع الحجر ناداه أبو قبيس يا إبراهيم إنّ لك عندى وديعة، فأعطاه الحجر فوضعه موضعه، رواه في الفقيه.

و عند ما هدمت قريش الكعبة من جهة السّيل الذي كان يأتيهم من أعلى مكة فيدخلها و انصدعت، وضعه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله موضعه.

و عند ما هدمها الحجّاج على ابن الزبير ثمّ بناها و فرغ من بناها سأل عليّ ابن الحسين عليهما السّلام أن يضعها في موضعه فأخذه و وضعه موضعه.

و في زمن القرامطة الاسماعيليّة خذ لهم اللّه و لعنهم حيثما نقلوا الحجر الى مسجد الكوفة ثمّ ردّ إلى مكة فوضعه الامام صاحب العصر عجل اللّه فرجه موضعه، و كان ذلك في الغيبة الكبرى، كلّ ذلك رويناه عن الأخبار الصحيحة.

و في الفقيه و كان أشد بياضا من اللّبن فاسود من خطا يا بني آدم، و لولا ما مسّه من أرجاس الجاهليّة ما مسّه ذو عاهة إلا برء، و في رواية عليّ بن إبراهيم القميّ و كان الحجر الذي أنزله اللّه على آدم أشدّ بياضا من الثّلج فلمّا مسّته أيدى الكفّار اسود.

و أما المقام فهو من أعظم الأعلام، قال في الفقيه: قال زرارة بن أعين لأبي جعفر عليه السّلام: قد أدركت الحسين عليه السّلام قال: نعم، أذكر و أنا معه في المسجد الحرام و قد دخل فيه السّيل و النّاس يقومون على المقام يخرج الخارج و يقول: قد ذهب به السّيل و يدخل الدّاخل و يقول: مكانه، قال: فقال يا فلان ما يصنع هؤلاء فقلت أصلحك اللّه يخافون أن يكون قد ذهب بالمقام، قال: انّ اللّه عزّ و جلّ جعله علما لم يكن ليذهب به فاستقرّوا و كان موضع المقام«» الذي وضعه إبراهيم عند جدار البيت، فلم يزل هناك حتّى حوّله أهل الجاهلية إلى المكان الذي هو فيه اليوم، فلما فتح النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مكة ردّه إلى الموضع الذي وضعه إبراهيم عليه السّلام فلم يزل هناك إلى أن ولى عمر، قال للنّاس: من فيكم يعرف المكان الذي كان فيه المقام فقال له رجل: أنا كنت قد أخذت مقداره بنسع«» فهو عندي قال: ايتني به، فأتاه فقاسه ثمّ ردّه إلى ذلك المكان هذا.

و لكون المقام من المشاعر العظام و أعظم البيّنات و الأعلام خصّ بالذكر في القرآن و طوى ذكر غيره، قال تعالى:«فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ» و فيه أثر قدم إبراهيم، و سبب هذا الأثر أنّه لمّا ارتفع بنيان الكعبة قام على هذا الحجر ليتمكن من رفع الحجارة، فغاصت فيه قدماه.

و قيل: إنّه لمّا جاء زائرا من الشّام إلى مكّة و كان قد عهد لامرأته أن لا ينزل بمكّة حتّى يرجع، فلمّا وصل إلى مكّة قالت له امّ إسماعيل أو امرأة إسماعيل: انزل حتّى نغسل رأسك، فلم ينزل فجاءته بهذا الحجر فوضعته على الجانب الأيمن فوضع قدمه عليه حتّى غسلت أحد جانبى رأسه، ثمّ حوّلته إلى الجانب الأيسر حتّى غسلت الجانب الآخر.

و غير خفيّ أنّ تأثّر الصّخرة الصّماء و غوص قدمه فيها إلى الكعبين و بقائها في الوف من السّنين مع كثرة الأعداء من اليهود و النّصارى و الملحدين، من أعظم آيات التّوحيد و أظهر براهين التّفريد.

المقصد الثالث في علّة وصف البيت بالحرام و الاشارة إلى بعض أسمائه:

أمّا الأوّل فلما قال في الفقيه من أنّه حرم على المشركين ان يدخلوه، و يحتمل أن يكون ذلك من جهة أنّه حرام فيه ما هو حلال في غيره من البيوت كالجماع و الملابسة لشي ء من الأقذار، أو أنّه حرام دخوله من غير احرام قال في الفقيه: و حرم المسجد لعلّة الكعبة، و حرم الحرام لعلّة المسجد، و وجب الاحرام لعلّة الحرم، و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم فتح مكّة: إنّ اللّه حرم مكّة يوم خلق السّماوات و الأرض فهي حرام إلى أن تقوم السّاعة لم تحلّ لأحد قبلي و لا تحلّ لأحد من بعدي و لم تحلّ لي إلّا ساعة من النّهار.

و أمّا وصفه بالعتيق في قوله:«وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» فإمّا من جهة أنّه عتيق من النّاس لم يملكه أحد غيره تعالى، و إمّا أنّه عتيق و قديم و قد بيّنا في المقصد الأوّل أنّه كان قبل آدم، و إمّا أنّه عتيق من الغرق و الطوفان حيث رفع إلى السّماء في طوفان نوح، و إمّا أنّه من عتق الطائر إذا قوى في و كره فلما بلغ في القوّة الى حيث ان قصد قاصد تخريبه أهلكه اللّه سمّى عتيقا.

و أمّا الثّاني ففي الصافي عن الخصال عن الصّادق عليه السّلام أسماء مكّة خمسة: أمّ القرى، و مكّة، و بكّة، و البساسة«» إذا ظلموا بها بستهم اى أخرجتهم و اهلكتهم و امّ رحم كانوا إذا الزموها رحموا.

ثمّ إنّه عليه السّلام بعد وصفه البيت بالحرام وصفه بأنّه (الذي جعله قبلة للأنام) و هذة العبارة صريحة في أنّ القبلة هي نفس البيت لجميع الخلق، و لما لم يتمكن النّائي من تحصيل التّوجه إلى العين اكتفى في حقّه بمراعاة الجهة، و هو مذهب المتأخرين من أصحابنا، خلافا للمتقدّمين حيث ذهبوا إلى أنّ البيت قبلة للمسجد و المسجد لأهل الحرم و الحرم لمن في الدنيا، و التّفصيل في الفقه و كونه قبلة للأنام صريح الكتاب مضافا إلى السّنة و الاجماع، قال تعالى:«قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ»

قال الصّدوق في الفقيه: و صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى بيت المقدّس بعد النّبوة ثلاث عشرة سنة، و تسعة عشر شهرا بالمدينة ثمّ عيرته اليهود، فقالوا له: إنّك تابع لقبلتنا، فاغتمّ لذلك غمّا شديدا فلما كان في بعض الليل خرج صلّى اللّه عليه و آله يقلّب وجهه في آفاق السّماء فلما أصبح صلّى الغداة، فلما صلى من الظهر ركعتين جاءه جبرئيل فقال له: قد نرى تقلّب وجهك في السّماء الآية، ثمّ أخذ بيد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فحوّل وجهه إلى الكعبة و حوّل من خلفه وجوههم حتّى قام الرّجال مقام النساء و النّساء مقام الرّجال، فكان أوّل صلاته إلى بيت المقدّس و آخرها إلى الكعبة و بلغ الخبر مسجدا بالمدينة و قد صلّى أهله من العصر ركعتين، فحوّلوا نحو الكعبة فكان أول صلاتهم إلى بيت المقدّس و آخرها إلى الكعبة، فسمّى ذلك المسجد مسجد القبلتين، فقال المسلمون صلاتنا إلى بيت المقدّس أتضيع يا رسول اللّه فأنزل اللّه تعالى:«وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ» أى صلاتكم الى بيت المقدّس، قال الصّدوق و قد اخرجت الخبر في ذلك على وجهه في كتاب النّبوة.

و في الاحتجاج للطبرسي قال أبو محمّد الحسن العسكرى صلوات اللّه عليه: لما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمكّة أمره اللّه عزّ و جلّ أن يتوجّه نحو البيت المقدّس في صلاته و يجعل الكعبة بينه و بينها إذا أمكن و إذا لم يمكن استقبل بيت المقدّس كيف كان، و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يفعل ذلك طول مقامه بها ثلاث عشرة سنة، فلما كان بالمدينة و كان متعبّدا باستقبال بيت المقدس استقبله و انحرف عن الكعبة سبعة عشر شهرا«» او ستة عشر شهرا و جعل قوم من مردة اليهود يقولون: و اللّه ما يدري كيف محمّد يصلي حتّى صار يتوجه إلى قبلتنا و يأخذ في صلاته بهدينا«»، فاشتدّ ذلك على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما اتّصل به عنهم و كره قبلتهم و أحبّ الكعبة، فجائه جبرئيل فقال له رسول اللّه: يا جبرئيل لوددت لو صرفني اللّه عن بيت المقدّس إلى الكعبة، فقد تأذّيت بما اتّصل إلىّ من قبل اليهود من قبلتهم فقال جبرئيل: فاسأل ربّك أن يحوّلك إليها فإنّه لا يردّك عن طلبتك و لا يخيبك عن بغيتك«»، فلما استتم«» دعائه صعد جبرئيل ثمّ عاد من ساعته فقال اقرء يا محمّد:«قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» الآية، فقال اليهود عند ذلك:«ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها»«» فأجابهم اللّه بأحسن جواب، فقال يا محمّد:«قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ» و هو يملكها و تكليفه التّحول إلى جانب كتحويله لكم إلى جانب آخر:«يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» و هو أعلم بمصلحتهم و تؤدّيهم طاعتهم إلى جنّات النّعيم «و هو مصلحهم و مؤدّيهم الى جنات النعيم، هكذا في تفسير الامام عليه السّلام» و قال أبو محمّد عليه السّلام: و جاء قوم من اليهود إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقالوا يا محمّد، هذه القبلة بيت المقدّس قد صليت إليها أربع عشرة سنة ثم تركته الآن أمحقّا كان ما كنت عليه فقد تركته إلى باطل، فان ما يخالف الحقّ باطل، أو كان باطلا فقد كنت عليه طول هذه المدّة فما يؤمننا أن تكون الآن على باطل فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بل ذلك كان حقّا و هذا حقّ يقول اللّه عزّ و جلّ:«قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» إذا عرف صلاحكم يا أيّها العباد في استقبال المشرق أمركم به، و إذا عرف صلاحكم في استقبال المغرب أمركم به، و إذا عرف صلاحكم في غيرهما أمركم به، فلا تنكروا تدبير اللّه في عباده و قصده إلى مصالحهم.

ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لقد تركتم العمل يوم السّبت ثمّ عملتم بعده ساير الأيام ثمّ تركتموه في السّبت ثمّ عملتم بعده أ فتركتم الحقّ إلى الباطل أو الباطل إلى حقّ أو الباطل إلى الباطل أو الحقّ إلى الحقّ قولوا كيف شئتم فهو قول محمّد و جوابه لكم، قالوا بل ترك العمل يوم السّبت حقّ و العمل بعده حقّ، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فكذلك قبلة بيت المقدس في وقته حقّ ثمّ قبلة الكعبة في وقته حقّ، فقالوا له يا محمّد: أفبدا لربّك فيما أمرك به بزعمك من الصّلاة إلى بيت المقدس حتّى نقلك إلى الكعبة قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما بدا له عن ذلك، فانّه العالم بالعواقب و القادر على المصالح، لا يستدرك على نفسه غلطا و لا يستحدث رأيا يخالف المقدم جلّ عن ذلك، و لا يقع عليه أيضا مانع يمنعه من مراده و ليس يبدو «إلاخ» لمن كان هذا وصفه، و هو جلّ و عزّ متعال عن هذه الصّفات علوّا كبيرا ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّها اليهود أخبروني عن اللّه عزّ و جلّ أليس يمرض«» ثمّ يصحّ و يصحّ ثمّ يمرض أبدا له في ذلك شي ء ليس يحيى و يميت أبدا له فيكل واحد من ذلك قالوا: لا، قال: كذلك عزّ و جلّ تعبّد نبيه محمّدا بالصّلاة إلى الكعبة بعد أن كان تعبّده بالصّلاة إلى بيت المقدس، و ما بدا له «للّه خ» في الأوّل.

ثمّ قال: أليس اللّه عزّ و جلّ تأتي بالشّتاء في أثر الصّيف و الصّيف في أثر الشّتاء أبدا له في كلّ واحد من ذلك قالوا: لا، قال: فكذلك لم يبدو له في القبلة.

قال: ثمّ قال صلّى اللّه عليه و آله: أليس قد ألزمكم في الشّتاء أن تحترزوا من البرد بالثياب الغليظة و ألزمكم في الصّيف أن تحترزوا من الحرّ فبداله في الصّيف حين أمركم بخلاف ما كان أمركم به في الشّتاء قالوا: لا، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فكذلكم اللّه تعبّدكم في وقت لصلاح يعلمه بشي ء ثمّ بعده في وقت آخر لصلاح يعلمه بشي ء آخر، فاذا أطعتم اللّه عزّ و جل في الحالتين استحققتم ثوابه، فأنزل اللّه تعالى:«وَ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ» يعنى إذا توجهتم بأمره فثمّ الوجه الذي تقصدون منه اللّه و تأملون ثوابه.

ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عباد اللّه أنتم كالمرضى و اللّه عزّ و جلّ كالطبيب فصلاح المرضى فيما يعلمه «يعمله خ» الطبيب و يدبّره به، لا فيما يشتهيه المريض و يقترحه الا فسلّموا للّه أمره تكونوا من الفائزين، فقيل يا رسول اللّه: فلم أمر بالقبلة الأولى قال: لما قال اللّه عزّ و جلّ:«وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها» و هي بيت المقدّس«إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ» الّا لنعلم ذلك وجودا بعد أن علمناه سيوجد و ذلك انّ هوى أهل مكّة كان في الكعبة فأراد اللّه أن يبين متبع محمّد صلّى اللّه عليه و آله ممّن خالف «متّبعي محمّد من مخالفيه خ» باتباع القبلة التي كرهها، و محمّد صلّى اللّه عليه و آله يأمر بها، و لما كان هوى أهل المدينة في بيت المقدس أمرهم بمخالفتها و التّوجه إلى الكعبة ليبيّن من يوافق محمّدا فيما يكرهه فهو مصدّقه و موافقه ثم قال:«وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ» و إن كان التّوجه إلى بيت المقدس في ذلك الوقت كبيرة إلّا على من يهدي اللّه، فعرف أنّ للّه عزّ و جلّ أن يتعبد بخلاف ما يريده المرء ليبتلي طاعته في مخالفة هواه.

قوله عليه السّلام (يردونه ورود الأنعام) شبّه عليه السّلام ورود الحاج على البيت الحرام بورود الأنعام على الماء للشّرب و وجه الشّبه الاجتماع و التزاحم، و من ذلك سمّي ببكة لأنّه من البكّ الذي هو عبارة عن دفع البعض بعضا، يقال: بكه يبكه بكا إذا دفعه و زاحمه.

كما قال الصّادق عليه السّلام في رواية العلل: إنّما سمّيت بكّة بكّة، لأنّ النّاس يباكون فيها أى يزدحمون.

و روى عطا قال: صلّى رجل في المسجد الحرام فمرّت به امرأة بين يديه فزجرها و كان الباقر عليه السّلام حاضرا، فمنع الرّجل و قال: لا تزجرها هذه بكة يبكّ بعضه بعضا أى يدقّ.

و في الفقيه روى أنّ الكعبة شكت إلى اللّه عزّ و جلّ في الفترة بين عيسى و محمّد عليهما السّلام فقالت يا ربّ مالي قلّ زوّاري مالي قلّ عوّادي، فأوحى اللّه إليها أنّي منزل نورا جديدا على قوم يحنّون إليك كما تحنّ الأنعام إلى أولادها، و يزّفون إليك كما تزفّ النسوان إلى أزواجها، يعنى أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، أى يشتاقون إليك كما تشتاق الأنعام، و يسرعون إليك كما تسرع النّسوان و هو معنى قوله عليه السّلام (يألهون) أى يسرعون (إليه ولوه الحمام) و كلّ ذلك كناية عن شدّة اشتياق الحجاج و فرط ميلهم إلى البيت الحرام (جعله سبحانه) أى الحجّ (علامة لتواضعهم لعظمته و) امارة (إذعانهم لعزته) إذ به يعرف المتواضع من المتكبر و يتميز المذعن من المتجبر، لما فيه من التواضع و الخضوع ما ليس في ساير العبادات، و من هجر البلدان و قطع العلاقات، و تعب الأبدان و ترك الشّهوات، و تحمل الأخطار بقطع الأسفار و ركوب الضّوامر في الجبال و القفار، و كشف الرأس و نزع اللباس و عدم التمكن من البلوغ إلا بشقّ الأنفس، و غير ذلك من النّسك العظام التي حارت الأفهام عن إدراك أسرارها، و قصرت الأوهام عن اقتباس أنوارها، إلا من أتى اللّه بقلب سليم، فهداه إلى صراط مستقيم، و أمّا من لم يجعل اللّه له نورا فماله من نور، و من لم يعط هدى و دليلا فأولئك هم كالأنعام بل أضل سبيلا.

كما روى في الفقيه أنّ ابن أبي العوجاء دخل تمرّدا و انكارا على من يحجّ و كان يكره العلماء مسائلته إيّاهم و مجالسته لهم، لخبث لسانه و فساد ضميره، فأتى جعفر بن محمّد الصّادق عليهما السلام، فجلس إليه في جماعة من نظرائه، ثمّ قال له: إنّ المجالس أمانات و لا بدّ لمن به سؤال أن يسأل أ فتأذن لي في الكلام فقال تكلّم، فقال: الى كم تدوسون«» هذا البيدر، و تلوذون بهذا الحجر، و تعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب و المدر، و تهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر، من فكر هذا أو قدر علم أنّ هذا فعل أسّسه غير حكيم و لا ذي نظر، فقل فانّك رأس هذا الأمر و سنامه، و اسّه و نظامه.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من أضلّه اللّه و أعمى قلبه استوخم«» الحقّ فلم يستعذبه«» و صار الشّيطان وليّه يورده مناهل الهلكة ثمّ لا يصدره، و هذا بيت استعبد اللّه به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثّهم على تعظيمه و زيارته، و جعله محل أنبياءه و قبلة للمصلين له، فهو شعبة من رضوانه، و طريق يؤدّي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال، و مجتمع العظمة و الجلال، خلقه اللّه تعالى قبل دحو الأرض بألفي عام، و أحق«» من اطيع فيما امر و انتهى عمّا نهى عنه و زجر اللّه المنشي ء للأرواح و الصّور الحديث.

ثمّ أشار عليه السّلام إلى وصف الحجّاج بقوله: (و اختار من خلقه سمّاعا) أى السّامعين الذين (أجابوا للّه دعوته) لهم إلى الحجّ (و صدّقوا كلمته) الجارية عن لسان ابراهيم عليه السّلام و هو الأذان به و الأمر باتيانه، و المراد بتصديقهم كلمته إتيانهم ما امروا به و قد اشير إلى ذلك في قوله سبحانه مخاطبا لابراهيم عليه السّلام:«وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ» قال: عليّ بن إبراهيم: و لمّا فرغ إبراهيم من بناء البيت أمره اللّه أن يؤذّن في النّاس بالحجّ، فقال: يا ربّ و ما يبلغ صوتي، فقال: أذّن عليك الأذان و علىّ البلاغ، و ارتفع على المقام و هو يومئذ ملصق بالبيت، فارتفع به المقام حتّى كان أطول من الجبال، فنادى و أدخل اصبعيه في اذنيه و أقبل بوجهه شرقا و غربا يقول: أيّها النّاس كتب عليكم الحجّ إلى البيت العتيق فأجيبوا ربّكم، فأجابوه من تحت البحور السّبعة و من بين المشرق و المغرب إلى منقطع التراب من أطراف الأرض كلها من أصلاب الرّجال و من أرحام النّساء بالتّلبية: لبّيك اللهم لبّيك، أ و لا ترونهم يأتون يلبّون، فمن حجّ يومئذ إلى يوم القيامة فهم ممّن استجاب اللّه و ذلك قوله:«فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ» يعنى بذلك نداء إبراهيم على المقام بالحجّ.

و عن الكافي و العلل عن الصّادق عليه السّلام قال: لمّا امر إبراهيم و إسماعيل ببناء البيت و تمّ بناؤه قعد إبراهيم على كلّ ركن ثمّ نادى هلمّ الحجّ، فلو«» نادى هلمّوا إلى الحجّ لم يحجّ إلّا من كان يومئذ إنسيا مخلوقا، و لكن نادى هلمّ هلمّ الحج الحج، فلبّى النّاس في أصلاب الرّجال، لبّيك داعي اللّه، لبيك داعي اللّه، فمن لبّى عشرا حجّ عشرا، و من لبّى خمسا حجّ خمسا، و من لبّى أكثر فبعدد ذلك، و من لبّى واحدة حجّ واحدة، و من لم يلبّ لم يحجّ، و نحو ذلك في الفقيه (و وقفوا مواقف أنبيائه) هذه الفقرة كالتّالية لها تحريص و ترغيب للحجاج على إتيان المناسك و تحملهم الأذى عند ذلك، لأنّهم لو تفكروا و تدبّروا فيما هم عليه من متابعة الأنبياء و تشبّههم بملائكة السّماء، لاستسهلوا احتمال الأذى في تحمل الضّيم القماء«»، بل يجدون الأذى لذّة و الذلّ عزّة.

و أما الأنبياء الواقفون في تلك المواقف.

فأوّلهم آدم عليه السّلام، و يدل عليه ما رواه عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: إنّ آدم بقى على الصّفا أربعين صباحا ساجدا يبكي على الجنّة و على خروجه منها من جوار اللّه عزّ و جلّ، فنزل جبرئيل فقال يا آدم مالك تبكي فقال: يا جبرئيل مالي لا أبكي و قد أخرجني اللّه من جواره و أهبطني إلى الدّنيا، فقال يا آدم: تب إليه قال: كيف أتوب فأنزل اللّه تعالى عليه قبّة من نور فيه موضع البيت فسطع نورها في حيال مكة فهو الحرم، فأمر اللّه جبرئيل أن يضع عليه الأعلام، قال: ثمّ يا آدم، فخرج به يوم التّروية و أمره أن يغتسل و يحرم و اخرج من الجنّة أول يوم من ذي القعدة فلما كان يوم الثّامن من ذي الحجّة أخرجه جبرئيل إلى منى فبات بها فلمّا أصبح أخرجه إلى عرفات، و قد كان علّمه حين أخرجه من مكة: الاحرام، و علّمه التّلبية، فلما زالت الشّمس يوم عرفة فقطع التّلبية و أمره أن يغتسل، فلما صلّى العصر أوقفه بعرفات و علّمه الكلمات التي تلقّى بها ربّه و هي: «سبحانك اللّهمّ و بحمدك لا إله إلّا أنت عملت سوء و ظلمت نفسي و اعترفت بذنبي فاغفر لي إنّك أنت خير الغافرين، سبحانك اللّهمّ و بحمدك لا إله إلّا أنت عملت سوء و ظلمت نفسي و اعترفت بذنبي فاغفر لي إنّك أنت التّوّاب الرّحيم» فبقي إلى أن غابت الشّمس، ردّه إلى المشعر فبات بها، فلما أصبح قام على المشعر الحرام فدعا اللّه بكلمات و تاب إليه ثمّ أفاض إلى منى و أمره جبرئيل أن يحلق الشعر الذي عليه، فحلقه«» ثمّ ردّه إلى مكة فأتى به إلى عند الجمرة الاولى فعرض إبليس عندها فقال يا آدم أين تريد فأمره جبرئيل أن يرميه بسبع حصيات و أن يكبر مع كلّ حصاة تكبيرة، ففعل، ثمّ ذهب فعرض له إبليس عند الجمرة الثّانية فأمره أن يرميه بسبع حصيات، فرمى و كبر مع كل حصاة تكبيرة ثمّ مضى به، فعرض له إبليس عند الجمرة الثّالثة، فأمره أن يرميه بسبع حصيات فرمى و كبّر مع كلّ حصاة تكبيرة، ثمّ مضى به فذهب إبليس لعنه اللّه فقال له جبرئيل: انّك لن تراه بعد هذا اليوم أبدا، فانطلق به إلى البيت الحرام و أمره أن يطوف به سبع مرّات، ففعل فقال له: إنّ اللّه قد قبل توبتك و حلل لك زوجتك، قال: فلما قضى آدم عليه السّلام حجته لقته الملائكة بالأبطح، فقالوا: يا آدم برّ حجك، أمّا انّا قد حججنا قبلك هذا البيت بألفي عام.

و في الفقيه قال أبو جعفر عليه السّلام أتى آدم هذا البيت ألف آتية«» على قدميه منها سبعمائة حجّة و ثلاثمأة عمرة و كان يأتيه من ناحية الشّام، و كان يحجّ على ثور«» و المكان الذي بنيت فيه الحطيم و هو ما بين باب البيت و الحجر الأسود و طاف آدم قبل أن ينظر إلى حواء مأئة عام، و قال له جبرئيل حيّاك اللّه و بيّاك«» يعنى أصلحك اللّه.

و فيه أيضا باسناده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: موضع الكعبة ربوة«» من الأرض بيضاء تضي ء كضوء الشّمس و القمر حتّى قتل ابنا آدم أحدهما صاحبه فاسودّت فلمّا نزل آدم رفع اللّه تعالى له الأرض كلّها حتّى رآها، ثمّ قال هذه لك كلها، قال يا ربّ ما هذه الأرض البيضاء المنيرة قال: هي حرمي في أرضي و قد جعلت عليك أن تطوف بها كلّ يوم سبعمائة طواف.

و منهم نوح النبي عليه السّلام قال الصّدوق في الفقيه: و روي انّه كان طول سفينة نوح ألفا و مأتي ذراع، و عرضها مأئة ذراع، و طولها في السّماء ثمانين ذراعا، فركب فيها فطافت بالبيت سبعة أشواط، وسعت بين الصّفا و المروة سبعا ثمّ استوت على الجودي و منهم إبراهيم و إسماعيل عليهما السّلام و اختصاص البيت بهما كاختصاصهما به من جهة تجديد البناء و وقوفهما فيها غني عن البيان.

و منهم موسى عليه السّلام قال الصّدوق و روى أنّ موسى عليه السّلام أحرم من زملة«» و انه مرّ فى سبعين نبيّا على صفايح«» الرّوحاء عليهم العباء القطوانية«»، يقول لبّيك عبدك و ابن عبديك لبّيك و روى في خبر آخر أنّ موسى عليه السّلام مرّ بصفايح الرّوحاء على جمل أحمر خطامه من ليف عليه عبائتان قطوانيّتان، و هو يقول: لبّيك يا كريم لبيك.

و قال الصّادق عليه السّلام: لما حجّ موسى عليه السّلام نزل جبرئيل عليه السّلام فقال له موسى: يا جبرئيل ما لمن حجّ هذا البيت بلانيّة صادقة و لا نفقة طيّبة قال لا أدري حتّى أرجع إلى ربّي، فلما رجع قال اللّه يا جبرئيل ما قال لك موسى و هو أعلم بما قال قال يا ربّ قال لي ما لمن حجّ هذا البيت بلانيّة صادقة و نفقة طيبة قال اللّه: ارجع إليه و قل عليه أهب له حقّي و أرضى عنه خلقي، قال فقال يا جبرئيل: ما لمن حجّ هذا البيت بنيّة صادقة و نفقة طيبة قال: فرجع إلى اللّه فأوحى اللّه إليه، قل له اجعله في الرفيق«» الأعلى مع النّبيين و الصّديقين و الشّهداء و الصّالحين و حسن اولئك رفيقا.

و منهم يونس بن متى كما في الفقيه فقد مرّ بصفايح الرّوحاء و هو يقول: لبيك كشاف الكرب العظام لبّيك.

و منهم عيسى بن مريم فقد مرّ بصفايح الرّوحاء و هو يقول: لبّيك ابن امتك لبّيك كما رواه الصّدوق أيضا.

و منهم سليمان بن داود، فقد روى الصّدوق أيضا عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ سليمان بن داود عليهما السّلام قد حجّ البيت في الجنّ و الانس و الطير و الرّياح، و كسا البيت القباطي«» و روى عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: إنّ آدم هو الذي بنى البنية و وضع أساسه و أول من كساه الشّعر و أوّل من حجّ إليه، ثمّ كساه تبع بعد آدم الانطاع«»، ثمّ كساه إبراهيم الخصف، و أوّل من كساه الثياب سليمان كساه القباطي.

و منهم النبي صلّى اللّه عليه و آله، فقد حجّ عشرين حجّة، و كذلك أولاده المعصومون سلام اللّه عليهم أجمعين فهنيئا للحجّاج الواقفين مواقف الأنبياء و المرسلين، و السّالكين مسالك الأولياء المرضيّين، و طوبى لهم و حسن مآب و أنا أسأل اللّه سبحانه أن يوفقني ثانيا للعكوف عليه بعد ما منحني في غابر الزمان الوقوف عليه بحقّ محمّد نبي الرحمة و آله أهل الصّلاة و الطهارة.

(و تشبّهوا ملائكته المطيفين بعرشه) قد عرفت في الفصل التّاسع عند شرح قوله عليه السّلام: و منهم الثّابتة في الأرضين السّفلى أقدامهم اه، عدد الملائكة المطيفين بالعرش، و أما صفوفهم فقد قال الشّارح البحراني: جاء في الخبر أن حول العرش سبعين ألف صف قيام قد وضعوا أيديهم على عوانقهم رافعين أصواتهم بالتّهليل و التكبير، و من ورائهم مأئة ألف صفّ قد وضعوا الأيمان على الشمائل ما منهم أحد إلّا و هو يسبّح.

و في رواية طويلة لعليّ بن إبراهيم باسناده عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام المسوقة لابتداء خلق آدم عليه السّلام بعد ما ذكر عليه السّلام قوله سبحانه للملائكة: إنّى جاعل في الأرض خليفة، و قولهم له أ تجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدّماء، و قوله لهم: إنّي أعلم ما لا تعلمون قال عليه السّلام فقالت يا ربّنا افعل ما شئت لا علم لنا إلّا ما علّمتنا إنّك أنت العليم الحكيم، قال عليه السّلام: فباعدهم اللّه من العرش مسيرة خمسمائة عام، قال عليه السّلام: فلا ذوا بالعرش و أشاروا بالأصابع، فنظر الرّبّ جلّ جلاله إليهم و نزلت الرحمة، فوضع لهم بيت المعمور، فقال طوفوا به و دعوا العرش، فانّه لي رضىّ فطافوا به و هو البيت الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه، فوضع اللّه البيت المعمور توبة لأهل السّماء و وضع الكعبة توبة لأهل الأرض الحديث.

قال الغزالي في إحياء العلوم: و أمّا الطواف بالبيت فاعلم أنه صلاة فاحضر في قلبك فيه من التعظيم و الخوف و الرّجاء و المحبة و اعلم أنّك بالطواف متشبّه بالملائكة المقرّبين الحافين حول العرش الطائفين حوله، و لا تظنن أن المقصود طواف جسمك بالبيت بل طواف قلبك ربّ البيت حتّى لا تبتدء بالذكر إلّا منه، و لا تختم إلّا به كما تبدء بالبيت و تختم به.

قال: و اعلم أنّ الطواف الشّريف هو طواف القلب بحضرة الرّبوبيّة، و انّ البيت مثال ظاهر في عالم الملك لتلك الحضرة التي لا تشاهد بالبصر و هي عالم الملكوت كما أنّ البدن مثال ظاهر في عالم الشّهادة للقلب الذي لا يشاهد بالبصر و هو في عالم الغيب و أن عالم الملك و الشّهادة مدرجة إلى عالم الغيب و الملكوت لمن فتح اللّه له الباب، و إلى هذه الموازنة وقعت الاشارة بأن البيت المعمور في السّماوات بازاء الكعبة، فانّ طواف الملائكة به كطواف الانس بهذا البيت، و لما قصرت رتبة اكثر الخلق عن مثل ذلك الطواف امروا بالتشبّه بهم بحسب الامكان، و وعدوا بأنّ من تشبّه بقوم فهو منهم، و الذي يقدر على مثل ذلك الطواف يقال: إنّ الكعبة تزوره و تطوف به انتهى.

أقول: هذا الطواف الحقيقي مختصّ بأولياء اللّه سلام اللّه عليهم، و في عالم المعنى الكعبة طائفة بهم و كاسبة من فيوضاتهم، و إلى هذا المعنى أشار الفرزدق في قصيدته الميميّة التي قالها في مدح عليّ بن الحسين عليهما السّلام على رغم هشام بن عبد الملك ابن مروان عليهم اللعنة و النيران، بقوله:

هذا الذي يعرف البطحاء وطأتهو البيت يعرفه و الحلّ و الحرم

يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم

لو يعلم الركن من قد جاء يلثمهلخرّ يلثم منه ما وطى القدم

ثمّ لما كان طباع الخلق مايلة إلى حبّ الأرباح و طلب المنافع في المكاسب شوّقهم بقوله عليه السّلام: (يحرزون الأرباح في متجر عبادته) تنبيها على أنّ قيامهم بالعبادة في هذه المواقف الشّريفة تجارة للآخرة و لا محالة مشتملة على الرّبح و المنفعة، فلا ينبغي للعاقل أن يفوتها على نفسه.

قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام في مرويّ الفقيه: الحجّ و العمرة سوقان من أسواق الآخرة اللّازم لهما من أضياف اللّه إن أبقاه ابقاه و لا ذنب له و إن اماته ادخله الجنّة، و لا يخفى ما في هذه العبارة من حسن الاستعارة، حيث شبّه الحجاج بالتّجار و شبّه عبادتهم ببضاعة التّجارة، و ذكر المتجر استعارة تخييلية، و ذكر الأرباح ترشيح، و المراد بالأرباح هو الثواب الجميل و الأجر الجزيل المبذول للحجاج و المعتمرين و الوفاد و الطائفين.

قال الصّادق عليه السّلام إنّ للّه تعالى حول الكعبة عشرين و مأئة رحمة منها ستون للطائفين و أربعون للمصلين و عشرون للنّاظرين.

و قال عليه السّلام أيضا من نظر إلى الكعبة و عرف من حقّنا و حرمتنا مثل الذي عرف من حقّها و حرمتها غفر اللّه له ذنوبه كلها و كفاه همّ الدّنيا و الآخرة.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما من مهلّ يهلّ في التّلبية إلّا أهلّ من عن يمينه من شي ء إلى مقطع التراب و من عن يساره إلى مقطع التراب و قال له الملكان: ابشر يا عبد اللّه و ما يبشّر اللّه عبدا إلّا بالجنّة، و من لبى في إحرامه سبعين مرّة ايمانا و احتسابا اشهد اللّه له الف ملائكة ببراءة من النّار و برائة من النّفاق، و من انتهى إلى الحرم فنزل و اغتسل و اخذ نعليه بيده ثم دخل الحرم حافيا تواضعا للّه محا اللّه عنه مأئة الف سيّئة و كتب اللّه له مأئة الف حسنة و بنى له مأئة الف درجة و قضى له مأئة الف حاجة، و من دخل مكة بسكينة غفر اللّه له ذنبه، و هو ان يدخلها غير متكبّر و لا متجبّر، و من دخل المسجد حافيا بسكينة و وقار و خشوع غفر اللّه له، و من نظر الكعبة عارفا بحقها غفر اللّه له ذنوبه و كفى ما أهمّه.

و روى الحسن بن محبوب عن عليّ بن رئاب عن محمّد بن قيس قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يحدّث النّاس بمكة، قال عليه السّلام: صلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأصحابه الفجر، ثمّ جلس معهم يحدّثهم حتّى طلعت الشّمس فجعل يقوم الرّجل بعد الرّجل حتى لم يبق معه إلّا رجلان: أنصاريّ و ثقيف، فقال لهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قد علمت أنّ لكما حاجة تريدان أن تسألاني عنها، فان شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني، و إن شئتما فاسألاني، فقالا، بل تخبرنا أنت يا رسول اللّه فانّ ذلك أجلى للعمى و أبعد من الارتياب و أثبت للايمان فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أما أنت يا أخا الانصار فانك من قوم يؤثرون على انفسهم و انت قرويّ و هذا الثقفيّ بدويّ أ فتؤثره بالمسألة قال: نعم قال صلّى اللّه عليه و آله: أما أنت يا أخا ثقيف جئتني تسألني عن وضوئك و صلاتك و مالك فيهما، فاعلم انك إذا ضربت يدك في الماء و قلت: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، تناثرت الذّنوب التي اكتسبتها يداك.

فاذا غسلت وجهك تناثرت الذّنوب التي اكتسبتها عيناك بنظرهما و فوك بلفظه فاذا غسلت ذراعيك تناثرت الذّنوب عن يمينك و شمالك فاذا مسحت رأسك و قدميك تناثرت الذّنوب التي مشيت إليها على قدميك، فهذا لك في وضوئك.

فاذا قمت إلى الصّلاة و توجّهت و قرأت أمّ الكتاب و ما تيسّر لك من السّور ثمّ ركعت فأتممت ركوعها و سجودها و تشهّدت و سلّمت غفر لك كلّ ذنب فيما بينك و بين الصّلاة قدّمتها إلى الصّلاة المؤخّرة، فهذا لك في صلاتك و وضوئك.

و أمّا أنت يا أخا الأنصار فانّك جئت تسألني عن حجّك و عمرتك و مالك فيهما من الثّواب، فاعلم أنّك إذا توجّهت إلى سبيل الحجّ ثمّ ركبت راحلتك لم تضع راحلتك خفّا و لم ترفع خفّا إلّا كتب اللّه لك حسنة و محا عنك سيّئة.

فاذا أحرمت و لبّيت كتب اللّه لك بكلّ تلبية عشر حسنات و محا عنك عشر سيئات.

فاذا طفت بالبيت اسبوعا كان لك بذلك عند اللّه عهد و ذكر يستحيي منك ربك أن يعذّبك بعده.

فاذا صلّيت عند المقام ركعتين كتب اللّه لك بهما ألفي ركعة مقبولة.

و إذا سعيت بين الصّفا و المروة سبعة أشواط كان لك بذلك عند اللّه مثل أجر من حجّ ماشيا من بلاده و مثل أجر من اعتق سبعين نسمة (رقبة خ).

و اذا وقفت بعرفات إلى غروب الشّمس فلو كان عليك من الذّنوب مثل رمل عالج و زبد البحر ليغفر اللّه لك.

فاذا رميت الجمار كتب اللّه لك لكلّ حصاة عشر حسنات فيما تستقبل من عمرك.

فاذا حلقت رأسك كان لك بكلّ شعرة حسنة يكتب لك فيما يستقبل من عمرك.

فاذا طفت بالبيت اسبوعا للزّيارة و صلّيت عند المقام ركعتين ضرب ملك كريم على كتفيك، فقال أمّا ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بينك و بين عشرين و مأئة يوم«» هذا.

و الأخبار في فضائل الحجّ كثيرة و قد جمع الصّدوق فيها بابا في الفقيه و أخرجت هذه الأخبار منه و فيها كفاية للمهتدى إنشاء اللّه.

(و يتبادرون عنده موعد مغفرته) أى يتسارعون و يستبق كل منهم الآخر عند الحجّ إلى وعدة المغفرة من اللّه سبحانه لهم، و يحتمل أن يكون اسم مكان (جعله سبحانه للاسلام علما) أى جعل البيت علامة للدّين و الاسلام الذين هما طريقان إلى الرّضوان، كما أنّ السّالكين و المسافرين يهتدون إلى مطالبهم و مآربهم بالأعلام المنصوبة و المناور«» المرفوعة (و للعائذين حرما) يعني جعله حرما للمعتصمين به و الملتجئين إليه لا يجوز ايذاؤهم فيه و إخراجهم منه.

قال في الفقيه: و روي أنّ من جنى جناية ثمّ لجأ إلى الحرم لم يقم عليه الحدّ و لا يطعم و لا يسقى و لا يؤذى حتّى يخرج من الحرم فيقام عليه الحدّ، فان أتى ما يوجب الحدّ في الحرم أخذ به في الحرم لأنّه لم ير للحرم حرمة.

و فيه أيضا و سأل عبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه:«وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً» قال من دخل الحرم مستجيرا به فهو آمن من سخط اللّه و ما دخل من الوحش و الطير كان آمنا من أن يهاج أو يؤذى حتّى يخرج من الحرم الحديث.

و مثله في الكافي عن العياشي عنه عليه السّلام و عنه عليه السّلام أيضا قال: إذا أحدث العبد في غير الحرم جناية ثمّ فرّ إلى الحرم لم يسع لأحد أن يأخذه في الحرم و لكن يمنع من السّوق و لا يبايع و لا يطعم و لا يسقى و لا يكلم فإنّه إذا فعل ذلك يوشك أن يخرج فيؤخذ، و إذا جنى في الحرم جناية اقيم عليه الحدّ في الحرم، و زاد في الكافي أنّه لم يدع للحرم حرمة.

و في الكافي عنه عليه السّلام أيضا و قد سأله سماعة عن رجل لي عليه مال فغاب عنّي بزمان فرأيته يطوف حول الكعبة أ فأتقاضاه مالي قال: لا تسلم عليه، و لا تردعه حتّى يخرج من الحرم هذا.

و من أجل كونه حرم اللّه سبحانه لم يقصده جبّار بسوء إلّا ابتلاه اللّه بشاغل أو رماه بقاتل.

و قد قصده أصحاب الفيل فأرسل سبحانه إليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجّيل فجعلهم كعصف مأكول على ما نطق به التّنزيل.

و قصده تبّع الملك«» و أراد قتل مقاتلته و سبي ذراريهم و هدمه بعد ذلك فسالت عيناه حتّى وقعتا على خدّيه فسأل عن ذلك، فقالوا: ما نرى الذي أصابك إلّا بما نويت في هذا البيت، لأنّ البلد حرم اللّه و البيت بيت اللّه و سكان مكة ذرّية إبراهيم خليل الرّحمن، فقال: صدقتم فما مخرجي ممّا وقعت فيه قالوا: تحدث نفسك بغير ذلك، فحدث نفسه بخير فرجعت حدقتاه حتّى ثبتتا في مكانهما، فدعا القوم الذين أشاروا اليه بهدمها، فقتلهم ثمّ أتى البيت فكساه الأنطاع و أطعم الطعام ثلاثين يوما كلّ يوم مأئة جزور، حتّى حملت الجفان إلى السّباع في رؤس الجبال، و نثرت الأعلاف للوحش، ثمّ انصرف من مكة إلى المدينة فأنزل بها قوما من أهل اليمن من غسان و هم الأنصار.

فان قيل: كيف لم يجر على الحجاج اللعين ما جرى على تبّع و أصحاب الفيل مع هدمه البيت قلنا: إنّ الحجاج لم يكن قصده إلى هدم البيت و إنّما كان قصده إلى ابن الزّبير و كان ضدّا للحقّ، فلما استجار بالكعبة أراد اللّه أن يبيّن للنّاس أنّه لم يجره، فأمهل من هدمها عليه و بذلك صرّح في الفقيه.

ثمّ أكد عليه السّلام وجوب الحجّ بقوله (فرض حجّه و أوجب) معرفة (حقه) و ملاحظة حرمته (و كتب عليكم) أى ألزم عليكم (وفادته) و القدوم إليه لكسب الفيوضات و تحصيل الكمالات.

روى الصّدوق بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: الحجاج و المعتمر وفد اللّه إن سألوه أعطاهم، و إن دعوه أجابهم و إن شفعوا شفعهم، و إن سكتوا ابتدئهم و يعوذون «يعوضون ظ» بالدّرهم ألف درهم (فقال و للّه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا و من كفر فانّ اللّه غنيّ عن العالمين).

قال الطبرسي معناه و للّه على من استطاع إلى حجّ البيت سبيلا من النّاس حجّ البيت، أى من وجد إليه طريقا بنفسه و ماله.

و اختلف في الاستطاعة، قيل: هي الزّاد و الرّاحلة عن ابن عبّاس و ابن عمر، و قيل: ما يمكنه معه بلوغ مكة بأىّ وجه يمكن عن الحسن و معناه القدرة على الوصول إليه، و المرويّ عن أئمتنا عليهم السلام أنّه وجود الزّاد و الرّاحلة و نفقة من يلزمه نفقته و الرّجوع إلى كفاية إمّا من مال أو ضياع أو حرفة مع الصّحة في النّفس و تخلية السّرب من الموانع و إمكان السّير.

أقول: أمّا اشتراط الزّاد و الرّاحلة في تحقّق الاستطاعة للبعيد فممّا أجمع عليه الأصحاب.

و أمّا القريب الغير المحتاج إلى قطع المسافة كأهل مكة و ما قاربها ممّن يمكنه السّعى من غير راحلة بحيث لا يشقّ عليه عادة فانّ الرّاحلة حينئذ غير شرط.

و أمّا البعيد المتمكن من المشي فهل هي شرط للوجوب في حقّه أم لا الظاهر من المنتهى الأوّل حيث قال: اتفق علمائنا على أنّ الزّاد و الرّاحلة شرطان في الوجوب فمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته لم يجب عليه الحجّ و إن تمكن من المشي و استشكل فيه بعض متأخري المتأخّرين كصاحب المدارك و نحوه من أجل قيام بعض الأخبار على الثّاني.

و أمّا الرّجوع إلى الكفاية فقد اشترطه الشّيخان و أبو الصّلاح و ابن البراج و ابن حمزة، و رواه الصّدوق في الفقيه عن أبي الرّبيع الشّامي قال سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: و للّه على النّاس حج البيت من استطاع اليه سبيلا، فقال: ما يقول النّاس فيها فقيل له: الزّاد و الرّاحلة، فقال عليه السّلام: قد سئل أبو جعفر عليه السّلام عن هذا فقال: هلك النّاس إذا لئن كان من كان له زاد و راحلة قدر ما يقوت عياله و استغنى به عن الناس ينطلق إليه فيسلبهم إياه لقد هلكوا إذا، فقيل له: فما السّبيل فقال: السّعة في المال إذا كان يحجّ ببعض و يبقى بعض لقوت عياله، أليس قد فرض اللّه عزّ و جلّ الزكاة فلم يجعلها إلّا على من يملك مأتي درهم.

و ذهب الأكثر و منهم المرتضى و ابن ادريس و ابن أبي عقيل و ابن الجنيد إلى عدم الاشتراط، استدلالا بعموم الاية و الأخبار الصّحيحة، و استضعافا لسند رواية أبي الرّبيع، و طعنا فيه بجهالة الرّاوي و بأنّ من جملة رجاله خالد بن جرير و لم يرد فيه توثيق بل و لا مدح يعتد به هذا.

و أمّا قوله تعالى: و من كفر، فقد قال الطبرسي: معناه، و من جحد فرض الحج و لم يره واجبا، عن ابن عباس و الحسن:«فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ» لم يتعبّدهم بالعبادة لحاجته إليها و إنّما تعبدهم بها لما علم فيها من مصالحهم.

و قيل: إنّ المعني به اليهود فانّه لما نزل قوله:«وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ» قالوا نحن مسلمون، فامروا بالحجّ فلم يحجّوا، و على هذا يكون معنى من كفر من ترك الحج من هؤلاء فهو كافر انتهى.

اقول: إطلاق الكافر على تارك الحجّ كما في الآية قد وقع في الأخبار الكثيرة و تفسيره بالجاحد بوجوبه حسبما فعله الطبرسي و تبعه غيره لا داعي إليه، و إنّما هو ناش عن حسبان أنّ الكفر له معنى واحد و هو المعنى المعروف بين الفقهاء و هو ما يوجب نجاسة المتّصف به و خلوده في النّار، و ليس كذلك بل له معان متعددة.

بيان ذلك أنّ الكفر في اللّغة هو السّتر، و منه سمّي الليل كافرا لأنّه يستر ما أظهره نور النّهار، و اطلاقه على الكافر من جهة ستره ما أنعم اللّه به عليه من المعارف الحقّة و الأنوار الالهية و النعم الجليّة و الخفيّة، و في لسان الفقهاء يطلق الكافر على جاحد الرّب و منكره، و على منكر ما علم ثبوته ضرورة من دين الاسلام.

و امّا في القرآن و الأخبار، فربّما اطلق على تارك بعض الواجبات و لو لم يكن عن جحود كما يطلق على فاعل بعض المحرمات، و يدلّ على عدم انحصار معناه في المعروف ما رواه الكليني عن عليّ بن ابراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن يزيد عن أبي عمر و الزّبيري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكفر في كتاب اللّه عزّ و جلّ على خمسة أوجه: فمنها كفر الجحود و الجحود على وجهين و الكفر بترك ما أمر اللّه و كفر البراءة و كفر النعم: فأمّا كفر الجحود فهو الجحود بالرّبوبيّة، و هو قول من يقول: لا ربّ و لا جنة و لا نار، و هو قول صنفين من الزنادقة لعنهم اللّه يقال لهم: الدّهريّة و هم الذين يقولون: و ما يهلكنا إلّا الدّهر الى أن قال و أمّا الوجه الآخر من الجحود على معرفته فهو أن يجحد الجاحد و هو يعلم أنّه حقّ قد استيقن عنده، و قد قال اللّه عزّ و جلّ.

«وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا» و قال اللّه تعالى:«وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ» فهذا تفسير وجهي الجحود، و الوجه الثّالث من الكفر كفر النعم، و ذلك قوله تعالى يحكي قول سليمان: «هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ» و قال:«لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ» و قال:«فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ» و الوجه الرّابع من الكفر ترك ما أمر اللّه به و هو قول اللّه تعالى:«وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ، ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَ تُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ إِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ» فكفرهم بترك ما أمر اللّه به و نسبهم إلى الايمان و لم يقبله منهم و لم ينفعهم عنده فقال:«فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» و الوجه الخامس من الكفر كفر البراءة، و ذلك قوله تعالى يحكي قول ابراهيم:«كَفَرْنا بِكُمْ وَ بَدا بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ» يعني تبرّأنا منكم الحديث، فقد ظهر منه أنّ إطلاق الكفر على ترك بعض الفرائض و إتيان بعض المناهي ليس من أجل اشتماله على الجحود و الانكار، حيث إنّه عليه السّلام جعل الكفر الجحودي قسيما للكفر بترك ما أمر اللّه به.

إذا عرفت ذلك فنقول: إنّ تارك الحجّ مع وجود الاستطاعة كافر حقيقة و إن لم يحكم بنجاسته، لأنّ الحكم بالنجاسة من خواصّ الكفر على وجه الجحود، و يدل على ذلك مضافا إلى ظهور الآية الشّريفة، ما رواه الصّدوق في آخر الفقيه في باب النّوادر في وصيّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعلي عليه السّلام يا علي، تارك الحجّ و هو مستطيع كافر قال اللّه تبارك و تعالى:«وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ» الآية.

يا عليّ من سوّف الحج حتّى يموت بعثه اللّه يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا، و في ذلك الباب أيضا يا علي كفر باللّه العظيم من هذه الامة عشرة: القتاة و السّاحر و الديوث و ناكح المرأة حراما في دبرها و ناكح البهيمة و من نكح ذات محرم و السّاعي في الفتنة و بايع السّلاح من أهل الحرب و مانع الزّكاة و من وجد سعة فمات و لم يحج هذا.

و الأخبار في عقوبة تارك الحجّ و مسوّفه و كونه كبيرة موبقة كثيرة، و من الآيات الدّالة على ذلك مضافة إلى الآية السّابقة قوله تعالى:«وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا» قال الصدوق روى محمّد بن الفضيل، قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن هذه الآية فقال: نزلت فيمن سوّف الحجّ حجة الاسلام و عنده ما يحجّ به فقال: العام أحجّ العام أحجّ حتى يموت قبل أن يحجّ و روى عن معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل لم يحجّ قط و له مال فقال هو ممّن قال اللّه عزّ و جلّ:«وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى » فقلت سبحان اللّه أعمى، فقال: أعماه اللّه عن طريق الخير.

تكميل

قد عرفت فضل البيت الحرام و فضائل المشاعر العظام و كونه حرم اللّه و أمنه و اختياره سبحانه على جميع أقطار أرضه من سهله و حزنه إلّا أنّه قد وردت أخبار مستفيضة دالة على تفضيل أرض كربلا عليه و كونه حرم اللّه سبحانه من قبله.

مثل ما رواه جعفر بن محمّد بن قولويه في المزار باسناده عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث ثواب زيارة الحسين عليه السّلام قال: و اللّه لو اني حدّثتكم في فضل زيارته لتركتم الحجّ رأسا و ما حجّ أحد ويحك أما علمت أنّ اللّه اتخذ كربلا حرما آمنا مباركا قبل أن يتخذ مكة حرما قال ابن أبي يعفور: قد فرض اللّه على النّاس حجّ البيت و لم يذكر زيارة قبر الحسين عليه السّلام، قال: و إن كان كذلك فانّ هذا شي ء جعله اللّه هكذا أما سمعت قول أمير المؤمنين عليه السّلام إنّ باطن القدم أحقّ بالمسح من ظاهر القدم و لكن اللّه فرض هذا على العباد، أما علمت أنّ الاحرام لو كان في الحرم كان أفضل لأجل الحرم و لكنّ اللّه صنع ذلك في غير الحرم.

و روى أيضا باسناده عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أن أرض الكعبة قالت من مثلي و قد بني بيت اللّه على ظهري يأتيني النّاس من كلّ فجّ عميق، و جعلت حرم اللّه و أمنه، فأوحى اللّه إليها كفي و قري ما فضل ما فضلت به فيما أعطيت أرض كربلا إلّا بمنزلة الابرة غمست في البحر فحملت من ماء البحر و لو لا تربة كربلا ما فضلتك و لولا من ضمنه كربلا لما خلقتك و لا خلقت الذي افتخرت به، فقرّي و استقرّي و كوني ذنبا«» متواضعا ذليلا مهينا غير مستنكف و لا مستكبر لأرض كربلا و إلّا مسختك و هويت بك في نار جهنم.

الابرة غمست في البحر فحملت من ماء البحر و لو لا تربة كربلا ما فضلتك و لولا من ضمنه كربلا لما خلقتك و لا خلقت الذي افتخرت به، فقرّي و استقرّي و كوني ذنبا«» متواضعا ذليلا مهينا غير مستنكف و لا مستكبر لأرض كربلا و إلّا مسختك و هويت بك في نار جهنم.

و باسناده عن أبي الجارود عن عليّ بن الحسين عليه السّلام قال: اتخذ اللّه أرض كربلا حرما قبل أن يتخذ مكة حرما بأربعة و عشرين ألف عام.

و باسناده عن صفوان الجمال قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ اللّه فضل الأرضين و المياه بعضها على بعض، فمنها ما تفاخرت و منها ما بغت، فما من أرض و لا ماء إلا عوقبت لترك التّواضع للّه حتى سلّط اللّه على الكعبة المشركين و أرسل إلى زمزم ماء مالحا فأفسد طعمه، و ان كربلا و ماء الفرات أول أرض و أول ماء قدس اللّه و بارك عليه، فقال لها تكلّمي ما فضلك اللّه، فقالت: أنا أرض اللّه المقدسة المباركة، الشّفاء في تربتي و مائي و لا فخر بل خاضعة ذليلة لمن فعل بي ذلك و لا فخر على من دونى بل شكر اللّه، فأكرمها و زادها بتواضعها و شكرها للّه بالحسين عليه السّلام و أصحابه، ثم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من تواضع للّه رفعه اللّه و من تكبّر وضعه اللّه.

و الحمد للّه على حسن توفيقه لشرح الخطبة الاولى و منه أسأل التّوفيق لشرح الخطبة الآتية بحقّ محمّد و عترته الطاهرة.

شرح لاهیجی

و منها فى ذكر الحجّ يعنى بعضى از آن خطبه در بيان حجّ است وَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الَّذى قِبْلَةً لِلَانام و چون در عبادات بدنيّه عبادتى كه بحسب صورت مذكّر حشر و نشر و روز جزا باشد منحصر بود در حجّ از براى تذكّر روز جزا ختم شد خطبه ببيان حجّ يعنى واجب كرده است بر شما عبادت شرعيّه معلومه متعلّقه بخانه او را انخانه كه گردانيده است آنرا قبله از براى مردمان يعنى كعبه يردونه ورود الانعام يعنى وارد ميشوند مردمان انخانه را مثل ورود گوسفندان و شتران و ساير چهارپايان باب چنانچه چهارپايان در ورود باب حريص و مزاحم يكديگر ميشوند مثل ان حاجيان وارد كعبه مى شوند و يألهون اليه ولوه الحمام و مشتاقند بسوى او مثل شوق كبوتران حرم كه هميشه در آنجا مقيم و در طوافند چنانچه اگر آنها را بپرانند بسرعت مراجعت ميكنند جعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته و اذعانهم لعزّته يعنى گردانيد حقّ سبحانه عبادت حجّ را نشانه از براى فروتنى و تذلّل بندگان از براى عظمت و بزرگى او و علامة از براى تصديق مر غلبه او بر خلايق چه در آنجا وضيع و شريف همسر و با خاك مذلّت برابرند يعنى كسى كه باخلاص مرتكب اين عبادت مى شود علامة و نشانه است كه در آن كس تواضع و خشوع واقعى هست و اختار من خلقه سمّاعا اجابوا اليه دعوته يعنى برگزيد از بندگان خود شنوندگانى را كه جواب دادند خواندن او را بسوى حجّ اشاره است بمضمون آيه وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ در حديث است كه چون ابراهيم ( ع ) از بناء بيت فارغ شد جبرئيل باو نازل شد و امر كرد او را كه اعلام كند مردمان را بحجّ گذاردن پس ابراهيم ( ع ) گفت پروردگارا صداء من نمى رسد بهمه كس خطاب شد كه اعلام بكن پس حضرت ابراهيم ( ع ) بلند شد بر مقام و مشرّف شد بان تا اين كه گرديد مقام مثل بلندترين كوهها و مقام سنك مقام ابراهيم است و رو كرد ابراهيم بجانب راست و چپ مشرق و مغرب و ندا كرد كه يا ايّها النّاس كتب عليكم الحجّ الى البيت العتيق فاجيبوا ربّكم يعنى اى مردمان واجب شده است بر شما قصد كردن بسوى خانه قديم خدا بجهة عبادت كردن پس جواب بگوئيد پروردگار شما را پس جواب گفتند هر كس كه در صلبهاى مردان و ارحام زنان بودند و گفتند اللّهمّ لبّيك يعنى بار خدايا اجابت كرديم و خدمت بندگى مى كنيم خدمت كردنى متوالى پياپى و مراد از جواب مردمان در اصلاب ظهور استعداد و قابليّت طينت انها است در وقتى كه در اصلاب اباء علوى موجود بودند و صدّقوا كلمته يعنى اذعان و قبول كردند كلمه امر او را بحجّ كردن و وقفوا مواقف انبيائه يعنى ايستادند در مكانى كه انبياء او ايستادند يعنى در مقام اطاعت و بندگى و تشبّهوا بملائكته المطيفين بعرشه يعنى و مانند شدند بملائكه كه دايم طواف عرش خدا ميكنند باعتبار اين كه بيت المعمور كه در آسمانست محاذى كعبه است و طواف كعبه طواف ما يحاذى انست تا بالاى عرش اعظم پس مثل ملائكه طواف بيت المعمور نيز كردند و يحرزون الارباح فى متجر عبادته و يبادرون عنده موعد مغفرته يعنى جمع ميكنند منافع بسيار را در تجارت عبادت خدا كه خداى ( تعالى ) آن منافع را بايشان در دنيا و اخرت مى رساند و پيشى مى گيرند در نزد خداى ( تعالى ) بوعده گاه مغفرت و بخشايش او كه در محلّ بخشش انها پيش روى ديگران مى ايستند جعله سبحانه للاسلام علما و للعائذين حرما يعنى گردانيد خداى ( تعالى ) ان خانه را از براى اسلام علامة و نشانه و از براى پناه برندگان حرم محترم و مأمن از عذاب قوله ( تعالى ) وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً فرض حجّه و اوجب حقّه و كتب عليكم وفادته يعنى واجب ساخت قصد كردن او را بجهة عبادت و لازم گردانيد حقّ او را كه عبادت در او باشد و نوشت بر شما و واجب گردانيد وارد شدن او را فقال سبحانه فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ يعنى پس گفت خداى ( تعالى ) كه و از براى خداى ( تعالى ) است واجب بر مردمان گذاردن حجّ بيت آن كسانى كه استطاعت و مؤنت راه بسوى بيت را داشته باشند و كسى كه استطاعت داشته باشد و نرود كافر شود پس بتحقيق كه خداى ( تعالى ) بى نياز است از جميع عالميان يعنى چنان نيست كه نقصانى عايد او شده باشد بلكه ضررش عايد آن كس مى شود و خدا بتقريب نافرمانى او او را عذاب ميكند زيرا خير و منفعت او را خواسته و او چنان دانست كه منفعت ندارد و ترك كند پس تكذيب خدا كرد و كافر شد

شرح ابن ابی الحدید

وَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلْأَنَامِ يَرِدُونَهُ وُرُودَ الْأَنْعَامِ وَ يَوْلَهُونَ إِلَيْهِ وَلَهَ الْحَمَامِ وَ جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلَامَةً لِتَوَاضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ وَ إِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ وَ اخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمَّاعاً أَجَابُوا إِلَيْهِ دَعْوَتَهُ وَ صَدَّقُوا كَلِمَتَهُ وَ وَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِيَائِهِ وَ تَشَبَّهُوا بِمَلَائِكَتِهِ الْمُطِيفِينَ بِعَرْشِهِ يُحْرِزُونَ الْأَرْبَاحَ فِي مَتْجَرِ عِبَادَتِهِ وَ يَتَبَادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعِدَ مَغْفِرَتِهِ جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى لِلْإِسْلَامِ عَلَماً وَ لِلْعَائِذِينَ حَرَماً وَ فَرَضَ حَقَّهُ وَ أَوْجَبَ حَجَّهُ وَ كَتَبَ عَلَيْهِ وِفَادَتَهُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ الوله شدة الوجد حتى يكاد العقل يذهب وله الرجل يوله ولها و من روى يألهون إليه ولوه الحمام فسره بشي ء آخر و هو يعكفون عليه عكوف الحمام و أصل أله عبد و منه الإله أي المعبود و لما كان العكوف على الشي ء كالعبادة له لملازمته و الانقطاع إليه قيل أله فلان إلى كذا أي عكف عليه كأنه يعبده و لا يجوز أن يقال يألهون إليه في هذا الموضع بمعنى يولهون و أن أصل الهمزة الواو

كما فسره الراوندي لأن فعولا لا يجوز أن يكون مصدرا من فعلت بالكسر و لو كان يألهون هو يولهون كان أصله أله بالكسر فلم يجز أن يقول ولوه الحمام و أما على ما فسرناه نحن فلا يمتنع أن يكون الولوه مصدرا لأن أله مفتوح فصار كقولك دخل دخولا و باقي الفصل غني عن التفسير

فصل في فضل البيت و الكعبة

جاء في الخبر الصحيح أن في السماء بيتا يطوف به الملائكة طواف البشر بهذا البيت اسمه الضراح و أن هذا البيت تحته على خط مستقيم و أنه المراد بقوله تعالى وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ أقسم سبحانه به لشرفه و منزلته عنده

و في الحديث أن آدم لما قضى مناسكه و طاف بالبيت لقيته الملائكة فقالت يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام

قال مجاهد إن الحاج إذا قدموا مكة استقبلتهم الملائكة فسلموا على ركبان الإبل و صافحوا ركبان الحمير و اعتنقوا المشاة اعتناقا . من سنة السلف أن يستقبلوا الحاج و يقبلوا بين أعينهم و يسألوهم الدعاء لهم و يبادروا ذلك قبل أن يتدنسوا بالذنوب و الآثام .

و في الحديث أن الله تعالى قد وعد هذا البيت أن يحجه في كل سنة ستمائة ألف فإن نقصوا أتمهم الله بالملائكة و أن الكعبة تحشر كالعروس المزفوفة و كل من حجها متعلق بأستارها يسعون حولها حتى تدخل الجنة فيدخلون معها

و في الحديث أن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها إلا الوقوف بعرفة و فيه أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفة فظن أن الله لا يغفر له

. عمر بن ذر الهمداني لما قضى مناسكه أسند ظهره إلى الكعبة و قال مودعا للبيت ما زلنا نحل إليك عروة و نشد إليك أخرى و نصعد لك أكمة و نهبط أخرى و تخفضنا أرض و ترفعنا أخرى حتى أتيناك فليت شعري بم يكون منصرفنا أ بذنب مغفور فأعظم بها من نعمة أم بعمل مردود فأعظم بها من مصيبة فيا من له خرجنا و إليه قصدنا و بحرمه أنخنا ارحم يا معطي الوفد بفنائك فقد أتيناك بها معراة جلودها ذابلة أسنمتها نقبة أخفافها و إن أعظم الرزية أن نرجع و قد اكتنفتنا الخيبة اللهم و إن للزائرين حقا فاجعل حقنا عليك غفران ذنوبنا فإنك جواد كريم ماجد لا ينقصك نائل و لا يبخلك سائل . ابن جريج ما ظننت أن الله ينفع أحدا بشعر عمر بن أبي ربيعة حتى كنت باليمن فسمعت منشدا ينشد قوله

بالله قولا له في غير معتبةما ذا أردت بطول المكث في اليمن

إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت بهافما أخذت بترك الحج من ثمن

. فحركني ذلك على ترك اليمن و الخروج إلى مكة فخرجت فحججت . سمع أبو حازم امرأة حاجة ترفث في كلامها فقال يا أمة الله أ لست حاجة أ لا تتقين الله فسفرت عن وجه صبيح ثم قالت له أنا من اللواتي قال فيهن العرجي

أماطت كساء الخز عن حر وجههاو ردت على الخدين بردا مهلهلا

من اللاء لم يحججن يبغين حسبةو لكن ليقتلن البري ء المغفلا

. فقال أبو حازم فأنا أسأل الله ألا يعذب هذا الوجه بالنار فبلغ ذلك سعيد بن المسيب فقال رحم الله أبا حازم لو كان من عباد العراق لقال لها اعزبي يا عدوة الله و لكنه ظرف نساك الحجاز

فصل في الكلام على السجع

و اعلم أن قوما من أرباب علم البيان عابوا السجع و أدخلوا خطب أمير المؤمنين ع في جملة ما عابوه لأنه يقصد فيها السجع و قالوا إن الخطب الخالية من السجع و القرائن و الفواصل هي خطب العرب و هي المستحسنة الخالية من التكلف

كخطبة النبي ص في حجة الوداع و هي الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نتوب إليه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له و من يضلل الله فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أوصيكم عباد الله بتقوى الله و أحثكم على العمل بطاعته و أستفتح الله بالذي هو خير أما بعد أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا أيها الناس إن دماءكم و أموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا أ هل بلغت اللهم اشهد من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها و إن ربا الجاهلية موضوع و أول ربا أبدأ به ربا العباس بن عبد المطلب و إن دماء الجاهلية موضوعة و أول دم أبدأ به دم آدم بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب و إن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة و السقاية و العمد قود و شبه العمد ما قتل بالعصا و الحجر فيه مائة بعير فمن ازداد فهو من الجاهلية أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه و لكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك فيما تحتقرون من أعمالكم أيها الناس إنما النسي ء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما و يحرمونه عاما و إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات و الأرض و إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات و الأرض منها أربعة حرم ثلاثة متواليات و واحد فرد ذو القعدة و ذو الحجة و محرم و رجب الذي بين جمادى و شعبان ألا هل بلغت أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقا و لكم عليهن حقا فعليهن ألا يوطئن فرشكم غيركم و لا يدخلن بيوتكم أحدا تكرهونه إلا بإذنكم و لا يأتين بفاحشة فإن فعلن فقد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع و تضربوهن فإن انتهين و أطعنكم فعليكم كسوتهن و رزقهن بالمعروف فإنما النساء عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا أخذتموهن بأمانة الله و استحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء و استوصوا بهن خيرا أيها الناس إنما المؤمنون إخوة و لا يحل لامرئ مال أخيه إلا على طيب نفس ألا هل بلغت اللهم اشهد ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لم تضلوا كتاب الله ربكم ألا هل بلغت اللهم اشهد أيها الناس إن ربكم واحد و إن أباكم واحد كلكم لآدم و آدم من تراب إن أكرمكم عند الله أتقاكم و ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى ألا فليبلغ الشاهد الغائب أيها الناس إن الله قسم لكل وارث نصيبه من الميراث و لا تجوز وصية في أكثر من الثلث و الولد للفراش و للعاهر الحجر من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فهو ملعون لا يقبل الله منه صرفا و لا عدلا و السلام عليكم و رحمة الله عليكم

. و اعلم أن السجع لو كان عيبا لكان كلام الله سبحانه معيبا لأنه مسجوع كله ذو فواصل و قرائن و يكفي هذا القدر وحده مبطلا لمذهب هؤلاء فأما خطبة رسول الله ص هذه فإنها و إن لم تكن ذات سجع فإن أكثر خطبه مسجوع

كقوله إن مع العز ذلا و إن مع الحياة موتا و إن مع الدنيا آخرة و إن لكل شي ء حسابا و لكل حسنة ثوابا و لكل سيئة عقابا و إن على كل شي ء رقيبا و إنه لا بد لك من قرين يدفن معك هو حي و أنت ميت فإن كان كريما أكرمك و إن كان لئيما أسلمك ثم لا يحشر إلا معك و لا تبعث إلا معه و لا تسأل إلا عنه فلا تجعله إلا صالحا فإنه إن صلح أنست به و إن فسد لم تستوحش إلا منه و هو عملك

. فأكثر هذا الكلام مسجوع كما تراه و كذلك خطبه الطوال كلها و أما كلامه القصير فإنه غير مسجوع لأنه لا يحتمل السجع و كذلك القصير من كلام أمير المؤمنين ع . فأما قولهم إن السجع يدل على التكلف فإن المذموم هو التكلف الذي تظهر سماجته و ثقله للسامعين فأما التكلف المستحسن فأي عيب فيه أ لا ترى أن الشعر نفسه لا بد فيه من تكلف إقامة الوزن و ليس لطاعن أن يطعن فيه بذلك . و احتج عائبو السجع بقوله ع لبعضهم منكرا عليه أ سجعا كسجع الكهان و لو لا أن السجع منكر لما أنكر ع سجع الكهان و أمثاله فيقال لهم إنما أنكر ع السجع الذي يسجع الكهان أمثاله لا السجع على الإطلاق و صورة الواقعة أنه ع أمر في الجنين بغرة فقال قائل أ أدي من لا شرب و لا أكل و لا نطق و لا استهل و مثل هذا يطل فأنكر ع ذلك لأن الكهان كانوا يحكمون في الجاهلية بألفاظ مسجوعة كقولهم حبة بر في إحليل مهر و قولهم عبد المسيح على جمل مشيح لرؤيا الموبذان و ارتجاس الإيوان و نحو ذلك من كلامهم و كان ع قد أبطل الكهانة و التنجيم و السحر و نهى عنها فلما سمع كلام ذلك القائل أعاد الإنكار و مراده به تأكيد تحريم العمل على أقوال الكهنة و لو كان ع قد أنكر السجع لما قاله و قد بينا أن كثيرا من كلامه مسجوع و ذكرنا خطبته . و من كلامه ع المسجوع

خبر ابن مسعود رحمه الله تعالى قال قال رسول الله ص استحيوا من الله حق الحياء فقلنا إنا لنستحيي يا رسول الله من الله تعالى فقال ليس ذلك ما أمرتكم به و إنما الاستحياء من الله أن تحفظ الرأس و ما وعى و البطن و ما حوى و تذكر الموت و البلى و من أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا

. و من ذلك

كلامه المشهور لما قدم المدينة ع أول قدومه إليها أيها الناس أفشوا السلام و أطعموا الطعام و صلوا الأرحام و صلوا بالليل و الناس نيام تدخلوا الجنة بسلام

و عوذ الحسن ع فقال أعيذك من الهامة و السامة و كل عين لامة

و إنما أراد ملمة فقال لامة لأجل السجع . و كذلك

قوله ارجعن مأزورات غير مأجورات

و إنما هو موزورات بالواو

شرح نهج البلاغه منظوم

القسم العاشر منها فى ذكر الحجّ

و فرض عليكم حجّ بيته الحرام، الّذى جعله قبلة للأنام، يردونه و رود الأنعام، و يألهون اليه ولوه الحمام، جعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته، و إذ عانهم لعزّته، و اختار من خلقه سمّاعا أجابوا إليه دعوته، و صدّقوا كلمته، و وقفوا مواقف أنبياءه، و تشبّهوا بملائكته المطيفين بعرشه، يحرزون الأرباح فى متجر عبادته و يتبادرون عند موعد مغفرته، جعله سبحانه و تعالى للأسلام علما، و للعائذين حرما، فرض حجّه، و أوجب حقّه، و كتب عليكم وفادته، فقال سبحانه: فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً، وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ

ترجمه قسمتى از خطبه شريفه در ذكر حجّ:

خداوند متعال حجّ بيت الحرام را بر شما واجب گردانيده و آنرا براى مردم قبله قرار داده حجّ گزاران در آن مانند چارپايان (تشنه كه بآبگاه وارد شوند) وارد ميشوند و همچون كبوتران مشتاق آرزومندان خانه مى باشند، خداوند متعال تواضع و فروتنى آنان و اذعان و اعترافشان را در آن خانه براى عظمت و بزرگوارى خود علامت و نشانه قرار داد، شنوندگان از خلق خود را برگزيد كه دعوتش را بسوى آن خانه اجابت كردند، كلمه او را تصديق نمودند، در موقفى كه پيمبران مى ايستادند ايستاده، و بملائكه طواف كنندگان گرد عرش الهى مانند شدند، در تجارت عبادت خدا سود فراوانى بچنگ آوردند، هنگام گذاردن حجّ براى درك موعد مغفرت مى شتابند، خدا آن خانه را در اسلام علم، و براى پناه برندگان حرم قرار داد، حجّ آنرا واجب و حقّ خود را لازم گردانيد، رفتن به آنجا را بشما امر كرده و فرمود: فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ بر مردمى كه توانائى رفتن بخانه دارند حتم و لازم است كه از براى خدا حجّ خانه كنند و هر كه بر خداى تعالى كافر شود پس خداوند از همه جهانيان بى نياز است.

نظم

  • بهر يك از شما خلّاق واهبنموده حجّ خانه خويش واجب
  • براى قبله مردم مقرّرچو كعبه كرده جائى حىّ داور
  • كه در آن حج گذاران همچو انعامهجوم آرند بهر فيض و انعام
  • و يا چون چارپا كاندر سراب نمايند ازدحام عطشان و بيتاب
  • و يا همچون كبوترهاى مشتاقكه طاقتشان براى آيشان طاق
  • بدينسان جانب كعبه شتابندمگر اجر و ثواب حجّ بيابند
  • به پيش پاى حق افتند بر خاككنند آن خاك ز آب ديده نمناك
  • فرود آرند سرها را به تعظيم خداى خانه را آرند تكريم
  • جلال و عزّتش اذعان نمايندبدشت بندگى جولان نمايند
  • بچشم لطف حق در بندگان ديدز خلق خود گروهى چند بگزيد
  • كه بنمودند اجابت دعوتش رابجان خود خريده طاعتش را
  • ز دلهاشان بزد سر نور تحقيق كلام اللّه را كردند تصديق
  • بجائى كه پيمبرها ستادندهم اينان جاى آنان پا نهادند
  • شده با انبيا همدوش و همسرملائك را شده همبال و همپر
  • فضاى قرب حق را كرده پروازمقام شامخى كردند احراز
  • در اين سودا بزرّ و سيم ايمان بچنگ افتادشان سودى فراوان
  • چو آن باز دلير آسمان تازكه از اقران گرو گيرد بپرواز
  • بدرك موعد آمرزش حق مر اين خواهد كه بر آن گردد اسبق
  • خدا اين خانه در اسلام علم كردپناه بى پناهان آن حرم كرد
  • مسلمان را است حجّ خانه واجب ز ما حقّ حقّ خود را هست طالب
  • كشيده گوهرى در سلك و رشتهچنين اندر كتاب خود نوشته
  • بشرط استطاعت دون وسواس كه حِجّ الْبَيْتِ لِلَّهِ عَلَى النّاسِ
  • طواف كعبه را هر كس توانا استببايد حج گذارد بى كم و كاست
  • هر آن كس تن زد از حج كرد كفران خداى خانه مستغنى است از آن
  • ز ترك حج براى حق چه باك استبجان او عذاب دردناك است