20- قرنت الهيبة بالخيبة، و الحياء بالحرمان. و الفرصة تمرّ مرّ السّحاب فانتهزوا فرص الخير.
المعنى
الخوف من اللّه حتم، و هو مقام الربانيين، و الخوف من القول و الفعل بلا علم حسن و جميل، و هو من صفات العلماء و المتقين، و كل خوف ما عدا هذين فهو جبن و خور.
فأقدم على ما يطمئن اليه قلبك، و ان قال الناس و قالوا.. و ان أحجمت خوفا من قيلهم و قالهم عشت حياتك سلبيا فاشلا.. على أنك لا تسلم من ألسنة الناس و ان حذرت منها و منهم.. و أحمد اللّه سبحانه الذي عافاني من هذا الداء، و لو شاء لفعل. و تقدم الكلام عن ذلك في الحكمة رقم 2 عند شرح قوله: «الجبن منقصة».
(و الحياء بالحرمان). الحياء من فعل ما لا يقره عقل و لا دين، و تأباه الكرامة و المروءة هو من الدين في الصميم، و سنّة من سنن الأنبياء و المرسلين، و خلق من خلق الأباة و السراة، أما الحياء من الحلال، و بخاصة ما ينفع الناس فهو عجز و خوف، و خنوع و استكانة، و خلق من خلق الضعفاء و الجبناء.
و هذا النوع من الخوف هو مراد الإمام، و من أقواله: «تكلموا تعرفوا» و من الأمثال العامة: «لا ينجب أولادا من يستحي من زوجته».
و بهذه المناسبة نشير الى ما قيل في تفسير هذا الحديث: «مما ادرك الناس من كلام النبوة: إذا لم تستح فافعل ما شئت». قيل في تفسيره: إذا لم تستح من اللّه و الناس فافعل ما بدا لك من حلال و حرام، و حسن و قبيح. و هذا المعنى معروف بين الناس. و قيل: معناه إذا لم يكن في الفعل ما تستحي منه فافعله، و لا بأس عليك. و كل من المعنيين صحيح يتحمله لفظ الحديث.
أما فرص الخير فإنها تمر من السحاب، كما قال الإمام، و اغتنامها سعادة و كرامة، و فواتها حسرة و ندامة. و لا أرى مثيلا لمن أضاع الفرصة إلا منكر الجميل. هذا أخذ و لم يشكر، و ذاك رفض ما يستوجب الشكر، و كل مقصر. و تقدم الكلام عن ذلك في الرسالة 30.
( فی ضلال نهج البلاغه، ج 4 ص 228 و 229)
|