298: وَ قَالَ ع عِنْدَ وقُوُفِهِ عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص- سَاعَةَ دُفِنَ رَسُولُ اللَّهِ ص- إِنَّ الصَّبْرَ لَجَمِيلٌ إِلَّا عَنْكَ- وَ إِنَّ الْجَزَعَ لَقَبِيحٌ إِلَّا عَلَيْكَ- وَ إِنَّ الْمُصَابَ بِكَ لَجَلِيلٌ وَ إِنَّهُ بَعْدَكَ لَقَلِيلٌ قد أخذت هذا المعنى الشعراء فقال بعضهم-
أمست بجفني للدموع كلوم حزنا عليك و في الخدود رسوم
و الصبر يحمد في المواطن كلها
إلا عليك فإنه مذموم
- و قال أبو تمام-
و قد كان يدعى لابس الصبر حازما فقد صار يدعى حازما حين يجزع
- و قال أبو الطيب-
أجد الجفاء على سواك مروءة و الصبر إلا في نواك جميلا
- و قال أبو تمام أيضا-
الصبر أجمل غير أن تلذذا في الحب أولى أن يكون جميلا
- .و قالت خنساء أخت عمرو بن الشريد-
أ لا يا صخر إن أبكيت عيني لقد أضحكتني دهرا طويلا
بكيتك في نساء معولات
و كنت أحق من أبدى العويلا
دفعت بك الجليل و أنت حي فمن ذا يدفع الخطب الجليلا
إذا قبح البكاء على قتيل
رأيت بكاءك الحسن الجميلا
- . و مثل قوله ع و إنه بعدك لقليل يعني المصاب- أي لا مبالاة بالمصائب بعد المصيبة بك- قول بعضهم
قد قلت للموت حين نازله و الموت مقدامة على البهم
اذهب بمن شئت إذ ظفرت به
ما بعد يحيى للموت من ألم
- . و قال الشمردل اليروعي يرثي أخاه-
إذا ما أتى يوم من الدهر بيننا فحياك عنا شرقه و أصائله
أبى الصبر أن العين بعدك لم تزل
يحالف جفنيها قذى ما تزايله
و كنت أعير الدمع قبلك من بكى فأنت على من مات بعدك شاغله
أ عيني إذ أبكاكما الدهر فابكيا
لمن نصره قد بان عنا و نائله
و كنت به أغشى القتال فعزني عليه من المقدار من لا أقاتله
لعمرك إن الموت منا لمولع
بمن كان يرجى نفعه و فواضله
- قوله فأنت على من مات بعدك شاغله- هو المعنى الذي نحن فيه- و ذكرنا سائر الأبيات لأنها فائقة بعيدة النظير- .
و قال آخر يرثي رجلا اسمه جارية-
أ جاري ما أزداد إلا صبابة عليك و ما تزداد إلا تنائيا
أ جاري لو نفس فدت نفس ميت
فديتك مسرورا بنفسي و ماليا
و قد كنت أرجو أن أراك حقيقة فحال قضاء الله دون قضائيا
ألا فليمت من شاء بعدك إنما
عليك من الأقدار كان حذاريا
- . و من الشعر المنسوب إلى علي ع- و يقال إنه قاله يوم مات رسول الله ص
كنت السواد لناظري فبكى عليك الناظر
من شاء بعدك فليمت
فعليك كنت أحاذر
- . و من شعر الحماسة-
سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض فحسبك مني ما تجن الجوانح
كأن لم يمت حي سواك و لم تقم
على أحد إلا عليك النوائح
لئن حسنت فيك المراثي بوصفها لقد حسنت من قبل فيك المدائح
فما أنا من رزء و إن جل جازع
و لا بسرور بعد موتك فارح
( . شرح نهج البلاغه (ابن ابی الحدید) ج 19، ص 195 - 197)
|