(283) و قد سئل عن مسافة ما بين المشرق و المغرب، فقال عليه السّلام: مسيرة يوم للشّمس.
المعنى
الأوزان و المقائيس امور وضعيّة و ليست امورا واقعيّة، و الغرض منها تقريب الأشياء إلى الذهن من جهة الكمّ أو الكيف، فاذا قيل: بين هذا البلد و ذاك البلد فرسخان، فلا يفيد هذا التقدير إلّا ما وضعه الواضع من الاصطلاح في معنى الفرسخ و أنه ثلاثة أميال، و الميل كذا و كذا إلى أن يصل إلى أصغر حجم محسوس كالشعيرة أو حجم الشعر مثلا.
و من هنا قالوا: إنّ المسافة اعتبر من مدّ البصر، فجعل مدّ البصر ميلا و اخذ منه الذراع و الباع و غيره، و اعتبر عليه الفرسخ و ما زاد، فاذا توجّه إلى مسافات بعيدة لا يحيط بها نطاق المقائيس المعمولة فلا بدّ من وضع مقياس مناسب لها، و قد تعلّق سؤال السائل بمسافة ما بين المشرق و المغرب، و هذا السؤال مبهم من وجهين: 1- أنّ المشرق و المغرب ليسا نقطتين معيّنتين بل في كلّ افق لكلّ يوم مشرق و مغرب، و لكلّ مكان مشارق و مغارب، فلا يمكن التّعبير عمّا بينهما بأىّ مقياس متعارف للتحديد، مثل كذا و كذا فراسخ مثلا.
2- أنّ المشرق و المغرب تارة يعتبر نقطتين من كرة الأرض، و اخرى نقطتين متقابلتين من الجوّ المقارب لها، و اخرى نقطتين متقابلتين من مكان الشمس عند طلوعها و مكانها عند غروبها، و لهما اعتبارات اخر بهذا النظر غير محصورة فلا يمكن التعبير عمّا بينهما بمقياس عرفي مصطلح.
و الحقّ في الجواب ما أفاده عليه السّلام من أنّ المسافة بينهما مسيرة يوم للشمس فهو مقياس صحيح اعتبره و ابتكره لقياس هذه المسافة، و لم يعبّر عليه السّلام إقناعا كما ذكره ابن ميثم، و لا عدولا عمّا أراده السائل حذرا من المستمعين كما ذكره الشارح المعتزلي، فتدبّر.
الترجمة
از او پرسش شد مسافت ميان مشرق و مغرب چند است فرمود: باندازه يك روز سير خورشيد.
( . منهاج البراعه فی شرح نهج البلاغه، ج 21، ص 386 و 387)
|