83: رَأْيُ الشَّيْخِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَلَدِ الْغُلَامِ- وَ يُرْوَى مِنْ مَشْهَدِ الْغُلَامِ إنما قال كذلك لأن الشيخ كثير التجربة- فيبلغ من العدو برأيه- ما لا يبلغ بشجاعته الغلام الحدث غير المجرب- لأنه قد يغرر بنفسه فيهلك و يهلك أصحابه- و لا ريب أن الرأي مقدم على الشجاعة- و لذلك قال أبو الطيب-
الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول و هي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفس مرة
بلغت من العلياء كل مكان
و لربما طعن الفتى أقرانه بالرأي قبل تطاعن الأقران
لو لا العقول لكان أدنى ضيغم
أدنى إلى شرف من الإنسان
و لما تفاضلت الرجال و دبرت أيدي الكماة عوالي المران
- . و من وصايا أبرويز إلى ابنه شيرويه- لا تستعمل على جيشك غلاما غمرا ترفا- قد كثر إعجابه بنفسه و قلت تجاربه في غيره- و لا هرما كبيرا مدبرا قد أخذ الدهر من عقله- كما أخذت السن من جسمه- و عليك بالكهول ذوي الرأي- .
و قال لقيط بن يعمر الإيادي في هذا المعنى-
و قلدوا أمركم لله دركم رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مترفا إن رخاء العيش ساعده
و لا إذا عض مكروه به خشعا
ما زال يحلب هذا الدهر أشطره يكون متبعا طورا و متبعا
حتى استمر على شزر مريرته
مستحكم الرأي لا قحما و لا ضرعا
( شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد)، ج 18 ، صفحه ى 237-238)
|