20: أَقِيلُوا ذَوِي الْمُرُوءَاتِ عَثَرَاتِهِمْ- فَمَا يَعْثُرُ مِنْهُمْ عَاثِرٌ إِلَّا وَ يَدُهُ بِيَدِ اللَّهِ يَرْفَعُهُ
نبذ مما قيل في المروءة
قد رويت هذه الكلمة مرفوعة- ذكر ذلك ابن قتيبة في عيون الأخبار- و أحسن ما قيل في المروءة قولهم- اللذة ترك المروءة و المروءة ترك اللذة- . و
في الحديث أن رجلا قام إلى رسول الله ص فقال يا رسول الله- أ لست أفضل قومي فقال إن كان لك عقل فلك فضل- و إن كان لك خلق فلك مروءة- و إن كان لك مال فلك حسب- و إن كان لك تقى فلك دين
- . و سئل الحسن عن المروءة فقال-
جاء في الحديث المرفوع أن الله تعالى يحب معالي الأمور و يكره سفسافها
- . و كان يقال من مروءة الرجل جلوسه بباب داره- . و قال الحسن لا دين إلا بمروءة- و قيل لابن هبيرة ما المروءة فقال إصلاح المال- و الرزانة في المجلس و الغداء و العشاء بالفناء- . و جاء أيضا في الحديث المرفوع حسب الرجل ماله و كرمه دينه و مروءته خلقه
- و كان يقال ليس من المروءة كثرة الالتفات في الطريق- . و يقال سرعة المشي تذهب بمروءة الرجل- . و قال معاوية لعمرو ما ألذ الأشياء- قال مر فتيان قريش أن يقوموا فلما قاموا- قال إسقاط المروءة- . و كان عروة بن الزبير يقول لبنيه يا بني العبوا- فإن المروءة لا تكون إلا بعد اللعب- و قيل للأحنف ما المروءة قال العفة و الحرفة- تعف عما حرم الله و تحترف فيما أحل الله- . و قال محمد بن عمران التيمي لا أشد من المروءة- و هي ألا تعمل في السر شيئا تستحيي منه في العلانية- و سئل النظام عن المروءة فأنشد بيت زهير-
الستر دون الفاحشات و لا يلقاك دون الخير من ستر
- . و قال عمر تعلموا العربية فإنها تزيد في المروءة- و تعلموا النسب فرب رحم مجهولة قد وصلت به- . و قال ميمون بن مهران أول المروءة طلاقة الوجه- و الثاني التودد إلى الناس و الثالث قضاء الحوائج- . و قال مسلمة بن عبد الملك- مروءتان ظاهرتان الرياش و الفصاحة- . و كان يقال تعرف مروءة الرجل بكثرة ديونه- . و كان يقال العقل يأمرك بالأنفع- و المروءة تأمرك بالأجمل- . لام معاوية يزيد ابنه على سماع الغناء و حب القيان- و قال له أسقطت مروءتك- فقال يزيد أتكلم بلساني كلمة قال نعم- و بلسان أبي سفيان بن حرب و هند بنت عتبة مع لسانك- قال و الله لقد حدثني عمرو بن العاص- و استشهد على ذلك ابنه عبد الله بصدقه- أن أبا سفيان كان يخلع على المغني- الفاضل و المضاعف من ثيابه- و لقد حدثني أن جاريتي عبد الله بن جدعان- غنتاه يوما فأطربتاه- فجعل يخلع عليهما أثوابه ثوبا ثوبا- حتى تجرد تجرد العير- و لقد كان هو و عفان بن أبي العاص- ربما حملا جارية العاص بن وائل على أعناقهما- فمرا بها على الأبطح و جلة قريش ينظرون إليهما- مرة على ظهر أبيك و مرة على ظهر عفان- فما الذي تنكر مني فقال معاوية اسكت لحاك الله- و الله ما أحد ألحق بأبيك هذا إلا ليغرك و يفضحك- و إن كان أبو سفيان ما علمت لثقيل الحلم- يقظان الرأي عازب الهوى- طويل الأناة بعيد القعر- و ما سودته قريش إلا لفضله
( شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد)، ج 18 ، صفحه ى 128-130)
|