35 : مَنْ أَسْرَعَ إِلَى النَّاسِ بِمَا يَكْرَهُونَ- قَالُوا فِيهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ هذا المعنى كثير واسع- و لنقتصر هاهنا فيه على حكاية ذكرها المبرد في الكامل- قال لما فتح قتيبة بن مسلم سمرقند- أفضى إلى أثاث لم ير مثله و إلى آلات لم ير مثلها- فأراد أن يري الناس عظيم ما أنعم الله به عليه- و يعرفهم أقدار القوم الذين ظهر عليهم- فأمر بدار ففرشت- و في صحنها قدور يرتقى إليها بالسلالم- فإذا الحضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة الرقاشي- قد أقبل و الناس جلوس على مراتبهم- و الحضين شيخ كبير- فلما رآه عبد الله بن مسلم قال لأخيه قتيبة- ائذن لي في معاتبته قال لا ترده لأنه خبيث الجواب- فأبى عبد الله إلا أن يأذن له و كان عبد الله يضعف- و قد كان تسور حائطا إلى امرأة قبل ذلك- فأقبل على الحضين فقال أ من الباب دخلت يا أبا ساسان- قال أجل أسن عمك عن تسور الحيطان- قال أ رأيت هذه القدور قال هي أعظم من ألا ترى- قال ما أحسب بكر بن وائل رأى مثلها- قال أجل و لا غيلان- و لو كان رآها سمي شبعان و لم يسم غيلان- قال له عبد الله يا أبا ساسان أ تعرف الذي يقول-
عزلنا و أمرنا و بكر بن وائل تجر خصاها تبتغي من تحالفه
- . قال أجل أعرفه و أعرف الذي يقول-
بأدنى العزم قاد بني قشير و من كانت له أسرى كلاب
و خيبة من يخيب على غني
و باهلة بن يعصر و الركاب
- . يريد يا خيبة من يخيب- قال أ فتعرف الذي يقول-
كأن فقاح الأزد حول ابن مسمع إذا عرقت أفواه بكر بن وائل
- . قال نعم أعرفه و أعرف الذي يقول-
قوم قتيبة أمهم و أبوهم لو لا قتيبة أصبحوا في مجهل
- . قال أما الشعر فأراك ترويه- فهل تقرأ من القرآن شيئا- قال أقرأ منه الأكثر الأطيب- هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ- لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً- فأغضبه فقال و الله لقد بلغني- أن امرأة الحضين حملت إليه و هي حبلى من غيره-
قال فما تحرك الشيخ عن هيئته الأولى- ثم قال على رسله و ما يكون تلد غلاما على فراشي- فيقال فلان بن الحضين كما يقال عبد الله بن مسلم- فأقبل قتيبة على عبد الله و قال لا يبعد الله غيرك- . قلت هو الحضين بالضاد المعجمة- و ليس في العرب من اسمه الحضين بالضاد المعجمة غيره
( شرح نهج البلاغة(ابن أبي الحديد)، ج 18 ، صفحه ى 152-154)
|